اطرح سؤالك

27 ذیحجه 1441 الساعة 15:41

لماذا لم ترد في روايات أهل البيت (ع) لا من قريب ولا من بعيد رواية واحدة تتحدث عن (طاعون عمواس) أو (عام الرمادة)...؟ حيث يعتبر عام الرمادة هو العام الذي وقع فيه طاعون عمواس في ولاية الشام ايام خلافة عمر بن الخطاب سنة (18 هـ - 639 م). بعد فتح بيت المقدس... وسبب تسمية هذه السنة بـ (عام الرمادة) لما حدث بها من المجاعة في المدينة المنورة. او كما قيل لعدة اسباب منها: 1-اسوداد الأرض من قلة المطر حتى عاد لونها شبيهاً بالرماد. 2-لأن الريح كانت تسفي تراباً كالرماد. 3-لأن ألوان الناس أضحت مثل الرماد.4- قله الأمطار لعام كامل. وقد يكون العام سُمِّي بهذا الاسم لتلك الأسباب المجتمعة. وتقع قرية (عمواس) قرب بيت المقدس لذا سمي الطاعون بإسمها لأنه بدأ فيها واستمر لمدة شهر. وعدد المسلمين الذين ماتوا بسبب هذا الطاعون هو خمسة وعشرين ألف. وأشهر من توفي في هذا الطاعون: ابو عبيدة بن الجراح ومعه أبنه عبد الرحمن. ويزيد بن ابي سفيان وشرحبيل بن حسنة والفضل بن العباس بن عبد المطلب وابو جندل بن سهيل. وقيل إن الطاعون أصاب البصرة ايضاً فمات فيها بشرٌ كثير. السؤال إذاً بما أن أمير المؤمنين(ع) كان حاضر في تلك الفترة، فلماذا لم نجد عنهُ رواية واحدة على الأقل تتحدث عن ذلك الطاعون وبما اصاب المسلمين وما خلفه من اضرار وصل تأثيرها للمدينة المنورة؟ بمعنى لم ترد رواية واحدة تذكر علة الطاعون او كيف يتفاداه الناس ببركة امير المؤمنين(ع) وبركة دعائه. إذ وصل القحط بهم الى حدوث مجاعة سن عمر على إثرهاحكماً مفاده (سقوط حد السرقة أيام المجاعة) كما ورد في كتب أهل الخلاف مثل المصنف لعبد الرزاق (18799)، و الموطأ (1321)، وبصورة مفصلة في كتاب (أعلام الموقعين عن رب العالمين) لإبن القيم الجوزية ج3، ص18 ، فصل بعنوان "من أسباب سقوط الحد عام المجاعة- المثال الثالث: أن عمر أسقط القطع عن السارق في عام المجاعة..." فلماذا لم يبدر اي فعل من الإمام (ع) تجاه هذه الأحداث ، حتى على مستوى رد مثل هذه الفتاوى المعطلة للاحكام التي اصدرها عمر بدعوى المجاعة ولو رواية واحدة قال فيها الامام شيئاً حتى لخلص أصحابه . نلاحظ ان كل ذلك غير موجود أصلاً سوى في روايات اهل السنة حصراً ومن مؤرخيهم فقط كالبداية والنهاية وغيرها. أفيدونا حفظكم الله تعالى بحفظه بحق محمد وآله الأطهار.

الجواب :

المقالة المعروفة (عدم الوجدان لا يدل  على عدم الوجود) فاذا لم نجد شيئاً فلا يكون هذا دليلاً على عدم وجود ذلك الأصل، ونحن نعلم أنَّ كثيرا من كلمات أمير المؤمنين (ع) وأيضا روايات المعصومين (ع) لم تصلنا لظروف مختلفة، بل كثير من كلامات أمير المؤمنين (ع) وخطبه التي القاها في زمن خلافته قد ضاعت ولم تصلنا.

والمقدار الذي وصلنا من روايات اهل البيت (ع) انما وصلنا من خلال جهاد وتضحية كثير من الرواة، وان مجموعة كبيرة من الرواة بسبب حفظهم للروايات تعرضوا لألوان التعذيب من قبل خلفاء الجور واعداء اهل البيت(ع) وكان خلفاء الجور حينما يقبضون على رواي يقضون عليه.

ولما وصل عمر بن الخطاب الى دفة الحكم بعد مدة من الزمن من اجل المنع عن نشر فضائل امير المؤمنين(ع) منع رواية الحديث عن النبي(ص) وايضا تفسير القران الكريم بذرائع واهية من اجل ان لا يترك الناس اصل كلام الله عز وجل.وكانوا يفرضون الاقامة الجبرية على الرواة المعروفين.

وروى ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) عن صالح بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف عن أبيه قال : والله ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله (ص) فجمعهم من الآفاق عبدالله وحذيفة وأبي الدرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر، فقال: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله (ص) في الآفاق ؟ فقالوا : أتنهانا ؟! قال: لا ، أقيموا عندي ،لا والله لا تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم ما نأخذ ونرد عليكم ، فما فارقوه حتى مات، وما خرج ابن مسعود إلى الكوفة ( … ) عثمان إلا من حبس عمر في هذا السبب.

وقال ابو بكر بن عياش انه سمعت ابا حصين يقول: ان عمر حينما كان يرسل عماله كان يصاحبهم ويأمرهم بالاهتمام بالقران فحسب ويمنعهم عن رواية الحديث عن رسول الله (ص)
 
وورد عن جعفر الطبري في تاريخ: ان عمر كان يقول اتركوا تفسير القران الكريم وأقلوا من نقل حديث رسول الله وانا معكم. 

ولم يكتف عمر بالنهي عن رواية الحديث بل كان احيانا يوبخ رواة الحديث وقد روي عن ذاذان: خرج عمر من المسجد فوجد جماعة ملتفين حول رجل فسأل من هذا الرجل فقالوا ابي بن كعب يروي حديث رسول الله للناس وخرجت الناس ليسألونه  عن ذلك فضرب عمر رأس ابي بن بن كعب بالسوط فقال ابي بن كعب يا امير المؤمنين ما هذا؟  فقال عمر: افعل هذا عن عمد واضربك، الم تعلم ان هذا العمر فتنة لك وتذل به هذه الجماعة؟

ولم يكتف عمر بالنهي عن الحديث بل كان ينهى عن السؤال عن علة الحكم وحكمة الاحكام، بحيث انه لم يكن الناس يجرؤون عن السؤال من اهل الحديث واذا سأل احد الاصحاب لا يجرؤون على بيان فلسفة الاحكام. فكان الوضع متأزم الى حد اذا سأل احد عن حكمة الاحكام، فانهم يخاطبونه خارجي(حروري).
واستمرت هذه السيرة والبدعة والانحراف بعد موت عمر وفي زمن خلفاء الجور وفي زمن الائمة عليهم السلام فكانوا يمعنون عن روايات اهل البيت منعا شدادا وكانوا يحرقون كتب الرواة. 

ان رواة الشيعة كانوا يستنسخون الكتب الروائية ويخبؤونها تحت التراب وكانوا يبذلون جهودا كبيرة من اجل الحفاظ عليها لكي لا تتلف، وكثير من خطب أمير المؤمنين قد تعرض الى التلف والضياع. 
وحتى  في زمن عائشة كان ابوها قد حرق احاديث النبي الاكرم (ص). 

وقالت عائشة : جمع أبي الحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكانت خمسمائة حديث فبات ليلة يتقلب كثيرا . قالت : فغمني فقلت : أتتقلب لشكوى أو لشئ بلغك ؟ فلما أصبح قال : أي بنية ! هلمي بالأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها . فقلت : لم أحرقتها ؟ قال : خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذلك.

وقد استمر منع الحديث حتى زمن معاوية: قال رجاء بن مسلم: > قال معاوية  اعملوا بالحديث كما تعامل معه في عصر  عمر بن الخطاب وكان قد خوف الناس من بيان حديث رسول الله. 
وبالإضافة الى هذا ان قد معاوية قد امر اهل الحديث ان يضعوا ويجعلوا مناقب للخلفاء ليست فيهم وينشروه بين الناس.

وفي فترة خلفاء بني امية وبني العباس: لم يكتف خلفاء بني امية وبني العباس بالمنع عن نقل السنة الصحيحة وروايات اهل البيت عليهم السلام، بل كانوا يعاقبون الرواة الحديث الصحيح ويراقبونه ويعاقبونه ويمارسون معه اشكال التعذيب، ونشير هنا الى واحدة من ذلك من باب المثال: 

محمد بن ابي  عمير احد رواة الشيعة كان قد اعتقل في عصر هارون الرشيد، وكان يمارس معه الوان التعذيب في السجن كي يعترف على مكان اختفاء الرواة وموضع كتب الحديث، ولكنه تحمل التعذيب، فزداد التعذيب والجلد الى ان اقترب ابن عمير من الموت فناداه الراوي السجين الاخر محمد بن يونس بن عبد الرحمن فقال يا محمد خف واصبر لعل الله يفرج عنك، لهذا كان صامدا امام التعذيب ثم خرج من السجن بعد أربعة سنوات فرأى ان الاحاديث التي دفنها قد تلفت فكتبها ابن عمير عن فحظه مرة ثانية. 
وبناء على هذا من الممكن ان لأمير المؤمنين عليه السلام بشأن عام الرمادة إرشادات ونصائح وكلمات وحكم لكنها لم تصلنا وتلفت وضاعت. 

الكلمات الرئيسية :

طاعون عمواس عام الرمادة

۱,۶۸۲