كلمة سماحة اية الله الشيخ محمد فاضل اللنكراني ايده الله على القناة الثالثة لتلفزيون الجمهورية الاسلامية بشان شخصية السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.
28 جمادی الاول 1430
19:34
۵,۸۵۷
خلاصة الخبر :
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
نعزي جميع الشيعة والموالين بمناسبة حلول ايام شهادة اعظم امراة في عالم الخلق والانسانية، ولا سيما نعزي بهذا المصاب الجلیل مولانا بقية الله الاعظم صاحب الزمان (عج).
ان الحديث حول حقيقة هذا الدر المكنون في عالم الوجود في غاية الصعوبة، بل مستحيل، يستفاد من مجموع الروايات المعتبرة ان تلك الحقيقة التي خصها الله برعايته واهتمامه المتمثل بوجودها الشريف حقيقة قد اعتنى بها الله عز وجل قبل خلق البشر بل قبل خلق العالم باسره.
فقد ورد في بعض الروايات عن الامام الصادق انه قال: «سمّيت فاطمة فاطمة لأن الخلق فطموا عن كنه معرفتها»
ان الله سمى فاطمة بفاطمة، لان الناس قد عجزوا عن معرفة هذه الذات، ان هذه الرواية ونظائرها تنبهنا على امر هام وهو: انه لا ينبغي ان نتصور ان منزلة الزهراء ع امر نسبي وبالتبع، فلا ينبغي ان نقتصر في معرفتها على نطاق ضيق ككونها بنت رسول الله او زوجة امير المؤمنين او ام الحسن والحسين او ام الائمة، وليس من المناسب ان يتخيل ان تعظيمنا لها في موروثنا الثقافي نابع من جهة انها بنت رسول الله فحسب، او انها زوجة امام التشيع امير المؤمنين علي (ع)، فللزهراء منزلة وراء هذه العناوين و الصفات وبتبع تلك المنزلة اصبحت بنت رسول الله وزوجة امير المؤمنين وام الائمة(ع)
فمن هي فاطمة وما هي حقيقتها؟
لاجل الجواب على هذا السؤال علينا بالبحث و دراسة كلمات العلماء وملاحظة احاديث الائمة المعصومين.
ورد في رواية ان الامام الصادق قال بشان فاطمة ع: هي صديقة كبرى وعلى معرفتها دارت القرون الاولى فالزهراء صديقة وفي مقام الصديقين الا انها اختصت من بين الصديقين بمرتبة عالية.
الا ان النكتة المهمة هي ان جملة وعلى معرفتها دارت القرون الاولى ان جميع القرون الاولى من الاولين والاخرين والانبياء والناس اجمعين قد اقروا بمعرفتها، و ان محور كيان الجميع منوط بمعرفة الزهراء .
ولدينا في بعض الروايات الاخرى انه ما من نبي الا واقر بمعرفة السيدة الزهراء او كان مكلفا بمعرفة الصديقة الكبرى، وفي الواقع نحن عاجزون جدا عن معرفة بعد هذه الحقيقة، هناك بعض التعبيرات التي صدرت من الائمة ترشدنا الى بعض المطالب.
ولا باس بالاشارة الى بعض الملاحظات الهامة:
ان هذا التعبير الذي صدر من الامام العسكري وهو « فاطمة حجة الله على الخلق وفاطمة حجة علينا» لو تعاملنا معه بحسب القواعد الحوزوية والاستدلالية بحيث نعتمد على ظاهر هذه الرواية فنستطيع ان نستفيد من هذه الرواية ان منزلة الزهراء ومرتبتها اعلى حتى من الائمة الطاهرين ع فهي وان لم تكن اماما الا ان قولها وفعلها وجميع حركاتها وسكناتها حجة علينا.
فعلى المفكرين ان يتاملوا بهذه الرواية تاملا تاما فانه الائمة المعصومين مع انهم اوصياء النبي الاكرم وهذه الوصاية ثابتة لهم بتصريح من الله تبارك وتعالى، الا ان نفس الائمة يقرون بان فاطمة حجة علينا.
يمكن ان يتصور البعض: ان الائمة انما قالوا ان الزهراء حجة علينا من باب ان لفاطمة مصحفا محفوظا عند الائمة. فهي حجة عليهم من هذه الجهة. باعتبار ان ذلك المصحف من جملة الادلة على احقية الائمة ع.
الا ان هذه المطلب لا يمكن قبوله. وذلك لان مصحف امير المؤمنين(ع) كان عند الائمة(ع) ايضا الا ان الائمة لم ع لم يعبروا بهذا التعبير بشان امير المؤمنين فلم يرد ( علي ابن ابي طالب حجة علينا) ( هذا ما وقفت عليه).
وان كانت قضية مصحف السيدة الزهراء بحد ذاتها من المسائل المهمة جدا، والتي له تاثير كبير في معرفة ابعاد شخصية الزهراء.
و بحسب تعبير الرواية المعتبرة الواردة في الكتاب القيم( الكافي): انه قد نزل جبرئل بعد وفاة النبي ص وتكلم مع الزهراء ع الا ان ذلك الكلام لم يكن بعنوان الوحي، فان الوحي انقطع بعد ارتحال النبي ص، وسيبقى الناس محرومين منه الى يوم القيامة.
وان كان الوحي يتمثل في القران الكريم بعنوان المعجزة الخالدة وان كانت حقيقة الوحي المتجسدة بالقران الكريم تمثل المعجزة الخالدة والباقية دائماً.
جاء في بعض الروايات بشان المصحف: ليس فيه شيء من القران ويحتمل ليس فيه شيء من الحلال والحرام .
ان المصيبة العظمي التي جرت على فاطمة الزهراء بفقد النبي(ص) كانت بشكل بحيث فقدت تحملها، فكانت تقضي اكثر اوقاتها بالبكاء، فانه وان كان بعض بكائها لاجل ما قاسته من الظلم والجور والاذى، والتعامل الذي في غاية البعد عن الانسانية فضلا عن الدين، الا ان حزنها وبكاءها على فقدان اشرف المخلوقات النبي(ص) لم يكن يسيرا.
فكان جبرائيل ينزل ويذكر اخبار مستقبل الاسلام، وان ما جرى على النبي ص من الاذى في سبيل تبليغ الرسالة لم يذهب سدى بل ستظهر نتائجة الجيدة في مستقبل الاسلام فكان جبرائيل يسلي السيدة الزهراء بهذه الاخبار وكانت الزهراء تذكر ذلك وامير المؤمنين يكتبه.
ان مصحف السيدة الزهراء وان لم يكن وحيا وقرانا اعجازيا الا انه ليس امرا هينا. فان فيه اخبار الاولين والاخرين. و هذه المسالة بحد ذاتها في غاية الاهمية. باعتبارها لم تحصل لاحد لا في الماضي ولا في المستقبل.
وفي حدود فهمي ان في هذا التعبير (فاطمة حجة علينا) معنا اعلى من مسالة ان لفاطمة مصحفا، فعلى اهل التحقيق والنظر ان يتابعوا هذه المسالة اكثر، حتى يصلوا الى حقيقة هذا الامر.
وجدير بالذكر ما ورد في بعض الروايات من التبجيل والتعظيم من قبل الله تعالى بشان السيدة الزهراء يوم القيامة
فقد روي في سفينة البحار: انه جاء سلمان ورسول الله في جمع من الحاضرين فوثب على رجل النبي ص وقبلها، فانزعج النبي وقال: لماذا تتعامل معي كما يتعامل الاعاجم والفرس مع ملوكهم، فلما راى سلمان انزعاج النبي فكر في شي يفرح النبي وقد كان الاصحاب اذا راوا النبي ص مغتما ذكروا له شيئا بشان فاطمة، فقال سلمان يا رسول الله ما لفاطمة من المنزلة والشان يوم القيامة، فلما قال سلمان ذلك اقبل النبي ص عليه ضاحك، مستبشرا، بذكر فاطمةع.
فقال(ص): ان المراة التي تركب الناقة وجبرائيل عن يمينها وميكائيل عن شمالها و علي بين يديها والحسين والحسين يمشون خلفها فاطمة الزهراء(ع).
فلاحظوا أي منزلة جعلها الله تعالى لفاطمة ع في يوم الحشر. وحينئذ ياتي نداء الله تعالى مخاطبا الخلائق غضوا ابصاركم و طاطاوا رؤوسكم فهذه فاطمة بنت محمد نبيكم وزوجة علي امامكم وام الحسن والحسين تجوز على السراط لترد الجنة فتقرا السيدة الزهراء ع هذه الاية:« بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن» نحمد الله على انقضاء الحزن والبلاء .
انا اريد ان اكد في هذه الرواية امر هام: وهو ان الله يقول لفاطمة( يا فاطمة سليني اعطك) اطلبي مني فاعطيك كل ما تطلبي، فاي منزلة اختصت بها الزهراء بحيث يخاطبها الله تعالى بهذا اللون من الخطاب، وتتجلى عظمة الزهراء في جوابها، فان قيمة كل انسان في المجتمع تتجلى في اهتمامه بالاخرين قبل ان يهتم بنفسه، فهو يفكر في نجاة المجتمع قبل ان يفكر في نجاة نفسه. ويفكر في تقدم المجتمع، فالمسؤول انما يكون ذا قيمة في المجتمع اذا كان يهتم في تقدم المجتمع وارتقائه، فالزهراء (ع) قالت: الهي انت المنى وفوق المنى اسئلك ان لا تعذب محبي ومحب عترتي بالنار فهي تريد من الله تعالى ان لا يدخل شيعتها ومحبي شيعتها في النار، لاحظوا التفكير الذي احاط بكيان هذه المراة، والله تعالى الذي كتب على نفسه الرحمة قد اجاب سؤلها واقسم لها، ان لا اعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار. هذه هي منزلة الزهراء عند الله تعالى فمعرفتها صعبة جدا.
وفي الختام لا باس بذكر كلمة: في الحقيقة ان هذا المطلب في غاية الاهمية وهو ان الجميع رجالنا نسائنا شبابنا الاعزاء بحاجة الى معرفة هذه السيدة الزهراء (ع). ولا بد ان نعرف ما هي الصفات التي خصها الله تعالى بها بحيث نالت هذه المنزلة العظمة يوم القيامة. فمن هي فاطمة التي عجز عن معرفتها الخلق؟ فهي هي مجرد انسان خلقه الله تعالى وجعلها بشكل لا يمكن التعرف على حقيقتها، او ان هذه المنزلة والمرتبة لاجل وجود بعض الخصوصيات فيها، يتحير كل من يلاحظ جانب العبادة في الزهراء وخشيتها وقربها من الله تعالى .
وقد جاء في العوالم رواية مهمة جدا:
عندما نزلت هذه الاية الكريمة «وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِين لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ» (الحجر : 44 ) بكى رسول الله ص بكاءً شديدا بحيث ابكى كل من كان معه من اصحابه، وتحول المجلس الى مجلس حزن وبكاء ولم يجرا احد ان يتكلم فذهب سلمان او احد اصحاب النبي الى الزهراء فوجدها تطحن الحنطة في بيتها وهي تتلوا هذه الاية فذكر سلمان لفاطمة بكاء رسول الله عند قراءة تلك الاية فاخرجت الزهراء ع قطعة من القماش مرقعة وجاءت الى رسول الله ص فقال رسول الله ص: ان بنات الملوك باي صورة ياتين وانظر فاطمة بنت رسول الله باي حالة وهذه مطالب مهمة لعلنا نشير اليها في وقت اخر فجاءت السيدة فاطمة لرسول الله وقالت: فديتك من الذي ابكاك، وهذا التعبير يدلنا حقيقة على مدى علاقة السيدة الزهراء برسول الله، فقال رسول الله: نزل جبرئيل وقرا علي ايتان، فلما قرا النبي ص تلك الايتين «وما عند الله خير وابقى»( سقطت فاطمة على وجهها) ونحن كم مرة قرنا هذه الاية ومررنا عليها وكم سمعنا جهنم ولكن للاسف لم نتاثر بهذه الايات، وهذا يعني ان الزهراء لها منزلة قريبة من منزلة الرسول ص بحيث عندما سمعت هذه الايات وقعت على الارض وهي تقول: الويل ثم الويل لمن دخل النار، اي على الناس ان لا يستهينوا بجهنم. وليعلم ان رحمة الله وان كانت واسعة الا انه شديد العقاب، فلا يتصور ان عقاب الله هين او انه اشد من عذاب الدنيا بقليل، واني المحت قبل قليل في الرواية التي تقدمت ان تلك الاية التي قراها النبي كم كانت مؤثرة في نفس النبي ص مع ما يمتلك من سعة الصدر، ونجد ان نفس هذه الحالة تحصل لفاطمة ع فهذا ان دل على شي فانما يدل على المنزلة العظيمة لفاطمة الزهراء ع.
فعلينا ان نتعلم من الزهراء ع الخوف الخشية من الله تعالى، فلماذا لا تتعب من الصلاة ؟ ولماذا كانت تقف في صلاتها بهذا المقدار بحيث تتورم قدماها، فهل ياترى ان الزهراء قد خصها الله بكل هذه الفضائل تفضلا ومن دون مقابل؟ كلا ان فاطمة انما اكتسبت هذه المنزلة لانه كانت عندما يتلى القران « وان جهنم لموعدهم اجمعين لها سبعة ابواب » تسقط على الارض، فقد كانت تخشى الله تعالى في عبادته بنحو يباهي الله بها ملائكة السماء، فعلينا ان نعرف فاطمة من جديد ونتجه نحو ادراك حقيقتها، فعندما يقال «وعليها دارت القرون الاولى» فهذا يعني من لا يعرف الزهراء فهو ضال في الدنيا والاخرة ومن لا يعرف الزهراء لا ملجا له، ومن لا يعرف الزهراء لا يمكنه ان يعرف الله فعلينا ان ندرك حقيقة الزهراء بقطع النظر عن انها بنت رسول الله وزوجة سيد الوصيين وكف امير المؤمنين ومع قطع النظر عن باقي الخصوصيات، هذا ونسال الله عز وجل ان يشملنا وجميع المحبين بشفاعة هذه السيدة التي لها منزلة عظيمة عنده يوم القيامة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.