صيام شهر رمضان أحد المنازل المهمة في السير و السلوك الى الله
20 رمضان 1441
14:07
۲,۷۹۱
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ان نبدأ بالبحث ونحن الآن في أيام شهر رمضان المبارك ومن أجل ان نستفيد من بركات هذا الشهر العظيم لا بأس ان نتيمن برواية بهذا الصدد.
روى المرحوم الصدوق (عليه الرحمة في كتاب فضائل الاشهر الثلاثة حديث عن الامام المجتبى (عليه السلام) حيث جاء فيه: «جَاءَ نَفَرٌ مِنَ اَلْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اَللهِ(صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ»، من جملة المسائل التي طرحها اليهودي:
قال: «لِأَيِّ شَيْءٍ فَرَضَ اَللهُ عَزَّوَجَلَّ اَلصَّوْمَ عَلَى أُمَّتِكَ بِالنَّهَارِ ثَلاَثِينَ يَوْماً وَ فَرَضَ اَللَّهُ عَلَى اَلْأُمَمِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؟»
فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ آدَمَ لَمَّا أَكَلَ مِنَ اَلشَّجَرَةِ بَقِيَ فِي بَطْنِهِ ثَلاَثِينَ يَوْماً فَفَرَضَ اَللهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثَلاَثِينَ يَوْماً اَلْجُوعَ وَ اَلْعَطَشَ وَ اَلَّذِي يَأْكُلُونَهُ بِاللَّيْلِ تَفَضُّلٌ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ»
وَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى آدَمَ فَفَرَضَ اَللهُ ذَلِكَ عَلَى أُمَّتِي ثُمَّ تَلاَ رَسُولُ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَذِهِ اَلْآيَةَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
ولم يرد في الآية الكريمة عدد الأيام التي أوجب الله فيها الصيام والاستشهاد بالآية من باب اثبات اصل وجوب الصيام على الامة الاسلامية كما كان الصيام مفروضاً على الأُمم السابقة .
ومن هنا ينبثق سؤال هل ان جواب النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) في هذه الرواية يتناسب مع السؤال أو لا؟ اذا كان السبب في وجوب الصيام ثلاثين يوما هو ان الطعام الذي اكله آدم من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما فبناء على ينبغي ان يجب على الامم السالفة ايضا ثلاثين يوما لان الملاك واحد اذن فلماذا وجب على الامم السالفة أكثر من ذلك؟ ولكن بقطع النظر عن هذه النقطة يفهم من الرواية ان هناك علاقة بين وجوب الصوم وترك الاولى الذي ارتكبه النبي الاكرم (صلى الله عليه واله).
وقد قال ذلك الشخص اليهودي: «صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَهَا»؟. «فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ اِحْتِسَاباً إِلاَّ أَوْجَبَ اَللهُ عَزَّوَجَلَّ لَهُ سَبْعَ خِصَالٍ»؛ فاذا صام المؤمن شهر رمضان المبارك باعتقاد واخلاص سيهبه الله تعالى سبعة خصال:
الخصلة الاولى: «أَوَّلُهَا يَذُوبُ اَلْحَرَامُ فِي جَسَدِهِ»، من تلك الخصال ان تعالى يذيب الحرام من جسده فان جوارح الانسان كاليد واللسان والعين والبطن قد ابتلت بالمحرمات والصوم هو الذي يطهر هذا الجسد ويطهر جسم الانسان من الناحية المعنوية.
الخصلة الثانية: «وَ اَلثَّانِيَةُ يَقْرُبُ مِنْ رَحْمَةِ اَللهِ عَزَّ وَ جَلَّ»،فان الصيام يقرب الانسان من رحمة الله تعالى.
الخصلة الثالثة: «وَ اَلثَّالِثَةُ يَكُونُ قَدْ كَفَّرَ خَطِيئَةَ أَبِيهِ آدَمَ» ان الصيام هو كفارة خطأ آدم وان كان على اساس قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ} يكون وبال وعقاب ذنب كل انسان على عاتق نفس ذلك الانسان الذي ارتكبه، ولكن بما ان آدم جد البشرية فهو له حق على البشرية، وبالطبع ان الوزر الذي نشأ من ترك الأولى للنبي آدم (عليه السلام) ليس على البشرية ولكن البشرية يمكنهم ان يدفعوا عنه كفارة هذا الخطأ لانه أبوهم، من قبيل الام والاب اللذان يفارقان الحياة، ويقوم اولادهما بأعمال الخير والزيارة والدعاء وختم القران ويهدونها، لهما وينتفعان بهما، وبناء على هذا فلا ينبغي للانسان ان يقول ان آدم ابي البشر هو الذي ارتكب الخطأ فما ربط ذلك الخطأ بنا؟ ثم يستشهد بقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}.
الخصلة الرابعة: «وَ اَلرَّابِعَةُ يَهُونُ عَلَيْهِ سَكَرَاتُ اَلْمَوْتِ»، ان الصيام تؤدي الى تسهيل صعوبات وسكرات الموت نسال الله عز وجل ان لا يأتنا الموت الا ونحن صيام لله عز وجل.
الخصلة الخامسة: «وَ اَلْخَامِسَةُ أَمَانٌ مِنَ اَلْجُوعِ وَ اَلْعَطَشِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ»، فالصيام ينقذ الانسان في ذلك اليوم يوم القيامة يجوع فيه الانسان ويعطش.
الخصلة السادسة: «وَ اَلسَّادِسَةُ يُعْطِيهِ اللهُ بَرَاءَةً مِنَ اَلنَّارِ»، وهذا يعني ان الصيام ينجي الانسان من نار جهنم يوم القيامة.
الخصلة السابعة: «وَ اَلسَّابِعَةُ يُطْعِمُهُ اللهُ عَزَّوَجَلَّ مِنْ طَيِّبَاتِ اَلْجَنَّةِ»، فحينما يتحرز الانسان ويترك الطيبات في الدنيا فان الله تعالى يعطيه الطيبات في الجنة. وبحسب هذه الرواية فان الصيام له هذه الآثار السبعة.
توجد نقطة في باب الصيام اذا توجهنا لها وعرفناها سنستمتع بالصيام ، فنحن نتصور ان الصيام هو تكليف قد وكتبه الله تعالى علينا مع ان الصيام اعمق من هذا العنوان فان الصيام من اهم وسائل السير والسلوك كالصلاة.
ولا يوجد تكليف ليس له دخل في السير والسلوك لان السير والسلوك محال من دون ال عمل بهذه التكاليف الظاهرية، فان هؤلاء الذين يقولون اجعل قلبقك طاهرا فحسب وليس من المهم ان تصلي او تصوم لم يفهموا حقائق هذه التكاليف.
ولا يمكن معرفة الله تعالى من دون اداء هذه التكاليف ولذا الائمة عليهم السلام يعدون على رأس العرفاء بالله تعالى فكانوا قبل الجميع كانوا مواضبين على الصيام والقيام واداء الواجبات، فان هذه هي احد الخصوصيات التي وردت بشأن النبي الاكرم(ص) والائمة المعصومين عليهم السلام فمثلا كانوا يصلون في اليوم والليلة الف ركعة وصيام اكثر الايام والحج ماشيا، وهذا يدل على ان الله عز وجل جعل في هذه التكاليف اسرار وحقائق تكون سببا في سير وسلوك الانسان.
ان بعض الروايات ترى ان الطريق والسبيل لمواجهة الشيطان هو الجوع والعطش وقد نسب الى النبي الاكرم(ص) هذه الرواية: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيَهُ بِالْجُوعِ وَ الْعَطَش» فان الشيطان كالدم يجري في عروق الانسان فلا بد من تضييق مجاري نفوذ الشيطان من خلال الجوع والعطش وهذا يعني انه من خلال الجوع والعطيش نستطيع ان نقيد ايدي الشياطين.
وقد ورد عن امير المؤمنين عليه السلام: «نِعمَ العَونُ عَلى أسرِ النَّفسِ وَ كَسرِ عادَتِهَا التَّجَوُّعُ» وهذا يعني ان التجوع من خير معين للانسان لان يخلص نفسه من لذات الدنيا، ويحسب نفسه وهواه ويجعله اسيرا ويقضى على عاداته الرذيلة ويكسرها، كثير من الناس يسألون كيف يمكن ان نقضي على العادات السيئة ؟ احد هذه الطرق هو الجوع فان الانسان حينما يصبح جائعا تترك نفسه بالتدريج الرذائل والادران.
وبطبيعة الحال اذا اكل الانسان في سحوره كثيرا او تخير انواع الاطعمة بحيث لا يشتهي الطعام حتى الفطور فمثل هذا الانسان لم يشعر بطعم الجوع وحينئذ لا يكون للصيام تأثرا على تهذيب نفسه وعلى الانسان التقليل من الطعام في السحور والفطور كي يذوق طعم الجوع والعطش.
وقد ورد في روايات كثيرة «أحيوا قُلُوبَكُم بِقِلَّةِ الضِّحكِ و قِلَّةِ الشَّبَعِ، وَ طَهِروها بِالجُوعِ» ان الجوع يؤدي الى طهارة القلب، لذا فان صيام شهر رمضان المبارك يعد احد المنازل المهمة في السير والسلوك العرفاني، فمن اراد حقيقة ان يتقرب من الله تعالى فانه يستطيع الاستعانة بالصيام جيدا.
نأمل من الله عز وجل ان ويفقنا في هذا الشهر شهر رمضان المبارك لصيام لكي نوفق من خلال الصيام وتلاوة القرآن الكريم لادراك محبة الله عز وجل ان شاء الله تعالى.
والسلام عليکم و رحمة الله و برکاته