کلمة لسماحة آية الله الفاضل اللنكراني(دامت بركاته) ألقاها بمناسبة تکریم صانعي الحماسة الحسينية
18 ربیع الثانی 1433
18:08
۵,۵۳۰
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
«ذلک ومن یعظم شعائر الله فإنها من تقوی القلوب».
إنه احتفال مفعم بالروحانیة والمعنویة،حسیني،ورشحة من رشحات کربلاء،یقام هنا لتکریم الهیئات الدینیة المحترمة في مدینة قم المقدسة، ویضم مداحین، شعراء، خطباء، ووعاظ، وأعزاء، وسادة أفاضل، ساهموا في إحیاء شعائر هذه الخیمة الحسینیة،واتسموا بعناوین وحیثیات في هذه المحافظة بسبب انتمائهم وولائهم لها.
إن الأخوة الأعزاء المشارکون في هذا الحفل الکریم، قبل أن یکون لهم عنوان آخر،فإن اعتزازهم الکبیر هو أنهم من خدمة أبي عبد الله الحسین علیه السلام ، ومن المعزین الحسینیین الحقیقیین. بدوري، أشکرکم أیها الأخوة الأعزاء والسادة الأفاضل علی هذا الحضور والمشارکة الفاعلة في هذا
الحفل الکریم .
أقیم هذا الحفل الکبیر في أحد مخیمات أبي عبد الله الحسین علیه السلام ،لأن هذا المرکز قد نور و زهی بالأسماء المبارکة للأئمة الأطهار علیهم السلام ،ومن هذه الناحیة،فهي خیمة الأئمة علیهم السلام،ومختصة بإمام العصر«عج»،ولهذا لاقی هذا الحفل الکریم مزیداً من الاهتمام. استمعنا إلی الأشعار الجیدة جداً والملیئة بالمحتوی والمعبرة،والنابعة من أعماق قلوب عشاق أهل البیت علیهم السلام. إن من دواعي الاعتزاز والفخر أن یکون في هذا الحفل الکریم من بین الأخوة الأعزاء مجامیع من الشباب الغیاری في قم، ربطوا أحداث الغدیر بتاریخ کربلاء ، ومن کربلاء إلی ظهور الحجة«عج».
الحقیقة هي أنه متی أقبل محرم وصفر،تتفتح روافد ونوافذ من عاشوراء،فیوجه الله تبارک وتعالی هذه القلوب والأفکار نحو حقیقة من حقائق عاشوراء.أنا أعتقد أن الجمیع حفظ هذه الروایة المشهورة:«إن لقتل الحسین«ع»حرارة في قلوب المؤمنین لا تبرد أبداً»، فأساس هذه الإرادة إلهي،یعني في الوقت الذي وقعت هذه الحادثة العجیبة،نزلت هذه المصیبة العظمی علی السماوات والأرضین والانسان وکافة المخلوقات في العالم ، وسمعتم في خصوص الأربعین: «ما بكت السماوات والأرض إلا علي الحسين بن علي و يحيي بن زكريا أربعين صباحا»،فمنذ أن وقعت تلک الحادثة الألیمة،تعلقت إرادة الله بإحیاء هذه الحادثة . یعني قبل أن یتبع البشر تعازي الإمام الحسین علیه السلام، فقد أعد الله تلک القلوب، وتوجهت نحوه علیه السلام.
نحن نقطع بأن من کان في الأعوام الأولی من هذه الحادثة،لم یکونوا بهذا المستوی من الوعي لإدراک عمق حادثة عاشوراء کما هم علیه شعبنا وشیعة العالم!. صحیح أنه وقعت ثورة المختار والتوابین، وظهرت حرکات أخری،إلا أن المعرفة التي ظهرت الیوم بالنسبة للإمام الحسین بن علي علیه السلام،لا تقارن بالمعارف في العصور والأزمنة الغابرة . فعلی الناشطین في مجال التعازي خاصة أن یدرکوا هذه الحقیقة جداً،من خلال تزاید المعرفة الیوم في الأوساط الشیعیة،کهذه الحرکات الملیونیة،والمشي علی الأقدام من أقصی نقاط العراق والتوجه نحو کربلاء،فکلها تکشف عن أن الله یعلن عن اتساع هذه الظاهرة ، واستمرار هذا العطاء للإمام الحسین علیه السلام وتلک الحقیقة أکثر فأکثر. أرید أن أقول:إن باب الحسین علیه السلام یفتح أکثر فأکثر أمام قلوب الملایین من الناس وعشاق الحسین علیه السلام یوماً بعد یوم، فما معنی هذا؟ وما هي نتیجته؟ نتیجته تعود إلی أنه صحیح أن الله تبارک وتعالی کان قد أرسل کتباً سماویة لهدایة البشر،وأرسل الأنبیاء والرسل،إلا أن السر الحقیقي لهدایة البشر إلی یوم القیامة هي قضیة عاشوراء وکربلاء . فإذا قارن الانسان نفسه وما حصل،فبإمکاننا القول حتی الآن:إن هناک حجباً وغموضاً یلف کثیراً من حقائق عاشوراء،وستتکشف کثیراً من حقائق تلک الواقعة للبشر أثناء ظهور الإمام علیه السلام .
إننا ولحد الآن لم نفهم عمق فاجعة عاشوراء ولا یمکننا أن نفهم، لکن کلما قرب الانسان نفسه إلی هذه الحادثة، فسیزداد قربه إلی الله أکثر. وکلما تعرف الانسان علی هذه الحادثة أکثر،ازدادت معرفته أکثر. وأقول أکثر من هذا أصلاً:لا معنی للهدایة من دون الأئمة الطاهرین علیهم السلام علی ضوء مبانینا الاعتقادیة. إن هذا العدد الهائل من البلدان الاسلامیة،هم لیسوا شیعة، وبعیدون عن هذه الحقیقة، وهم مدعون للاسلام والقرب من الله فقط، مع أن القرب إلی الله لا معنی له من دون الإمام الحسین بن علي علیه السلام.
«إن لقتل الحسين حرارةً في قلوب المؤمنين لا تبرد ابداً»، فمن الذي لا یدع غلیلها یبرد؟ ومن الذي یضاعف حب الناس للحسین بن علي علیه السلام في کل عام وزمان في قلوبهم؟ إن الله هو الذي یرید ذلک،ولکن لماذا یرید الله ذلک؟هل هذا هو العشق الظاهري وعرض الارادة الظاهریة،وتتریب هذا الباب؟ کلا، فلا إمکان لذلک دون هدایة البشر. وبدون هذه، فلا معنی لفلسفة الخلقة «وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون»بنص العبادة من دون هذه المعرفة . فإذا أردنا البحث عن فلسفة الخلقة، فسنشاهد کل هذه الصفحة في قضیة عاشوراء مرة واحدة.
ولنری کم الاسلام عزیز؟وکم الدین عزیز؟ وکم حکم الله محترم؟ وکم أن حدود الله مهمة، إلی درجة أن حجة الله یضحي بنفسه من أجلها. وکم الظلم والذل قبیح، ینبغي أن یواجهه حجة الله وأهل بیته وأصحابه؟ إن محک إنسانیة کل فرد هو أن کل عام یمضي،یسأل نفسه:هل أنه اقترب إلی الامام الحسین علیه السلام وأهدافه أم لا؟ ویری کم هي سعة الدین الذي شغل قلبه؟ وکم اقترب من الدین؟ وکم عشق من الصلاة؟ وکم ازداد اهتمامه للدفاع عن الاسلام؟ هذه هي نتیجة السرّ الالهي، وهذه أیضاً نتیجة ما قاله الامام الحسین في هذه الروایة، ویعد فهمه صعباً للغایة وهو قوله علیه السلام: «والله ما خلق الله شيئاً إلا وقد أمره بالطاعة لنا»، فالطاعة لحجّة الله، ووليّ الله، هي غاية کل الغایات، وهو الدفاع عن الدين، وعن القرآن، وأحكام الله ،وتطبیق الأوامر الالهیة في المجتمع، ویمکن اعتبارها نتیجة للعلاقة بالامام الحسین علیه السلام.
النقطة الاخری التي أرید أن أبیّنها هي: أن جذور کل صحوة تحدث في العالم، یعود سببها إلی حادثة کربلاء، یعني أن الله عزوجل جعل الهدایة والصحوة وکل شيء مرتبط بهذه الواقعة،فبدون هذه لا إمکان لها، وبدون القرب إلی أعماق قضیة الامام الحسین علیه السلام، لا یمکن حصول الهدایة للانسان. لقد سعی أعداء أبي عبد الله الحسین علیه السلام منذ البدایة إلی إطفاء هذا النور،فدخلوا من نوافذ الیقظة والوعي مرة من المرات، وقالوا: مامعنی البکاء؟ فإذا کان الامام الحسین علیه السلام قد قتل من أجل الاسلام،فهو فخروعزة،فما معنی هذا البکاء؟حتی أن بعض أهل السنة جاءوا ووضعوا بعض الأحادیث، ونسبوها الی الخلیفة الثاني، وقالوا: إن النبي صلی الله علیه وآله قال: لا ینبغي البکاء علی المیت، فإنه یؤذیه،ولسذاجة وسطحیة فهمهم قالوا:لنسلب البکاء عن الشیعة،لکنهم جهلة بعقائدنا: فالبکاء وذرف الدموع علی الإمام الحسین علیه السلام إنما هو في عداد الخوف من الله،وإن ما نعتقده في البکاء هو أن قطرة منه تطهر ذنوب الانسان کلها، فتمحیها تماماً. لقد جاء هؤلاء لسلب البکاء من الشیعة، فألفوا الکتب والمصنفات، وتحدثوا کثیراً، لکنهم عجزوا عن محو ذکر الحسین علیه السلام، ولن یقدروا علی محوه وإزالته من القلوب. رووا روایة، بدی حجمها بقدر صرخة عائشة، لکن هذه الروایة موضوعة وغیر صحیحة، ولم یقلها النبي صلی الله علیه وآله!کیف یأتي شخص ویذرف الدموع ویبکي، فإن الله یعذب المیت في قبره! وتتعارض هذه الروایات مع قوله تعالی: « ولا تزر وازرة وزر اُخری »!.
وتسعي الوهابیة الیوم بکل ثقلها وخیلها وخیلائها بإطفاء هذه الجذوة والقبس،ولکنهم جهلة، ولا یعرفون شیئا! إن هذه الحرکة لیست بإرادتي ولا إرادة أحد!بل هي إرادة الله علی أن یزداد عدد هذه المجالس والتعازي یوماً بعد یوم،ویضاعف وهجها وتألقها. یؤلف هؤلاء ملایین المصنفات والکتب،ویرسلونها هنا وهناک، ولکنها تخمد کلها في أربعین واحدة، ویجاب علیها بإقامة مجلس عزاء واحد، یمضي الشیخ والشاب حفاة سیراً علی الأقدام التي تشققت من أثر المشي، وأصیبت بالبثور متجهة نحو مرقد أبي عبد الله الحسین علیه السلام لزیارته،فما هو هذا السرّ؟ وما السرالخفي في ذلک؟إذ لیس هناک عقل یفسره في دائرة اختیارات البشر! بل هو في دائرة إرادة الله تبارک وتعالی وحده!. إن الصحوات التي تفجرت في عالمنا الیوم، اعتقادنا فیها أننا لو بحثنا عن جذورها، فسنری أنه تعود إلی هذه المسألة. وأشیر هنا إلی بعض النقاط،وأنهي حدیثي. لا یمکن حصول الهدایة من دون الامام الحسین علیه السلام، وکل من کان حسینیاً أکثر، قویت هدایته، وکل صحوة، وحرکة لتحررالانسان فهي علی أثر الارتباط بهذه الحادثة.
النقطة الاولی: علی الهیئات الدینیة في قم بکافة خصائصها ، وتواجد الأشخاص المحترمین في کل هیئة،أن یکونوا مثالاً وأسوة في الاقتداء،فقم هي «عش آل محمد صلی الله علیه وآله» وحرم أهل البیت علیهم السلام،فعلی هذه الهیئات الدینیة رفض کل عمل ومطلب تحتمل أنه لیس فیه رضا لأهل البیت علیهم السلام،واستنکاره،والتصدي لکل هذه الأعمال،ولا تسمح لهؤلاء القیام بها لتسيء إلی حریمهم،ونحن نعتقد أن هذه إرادة الله،وأن الله قد لطف بنا،وقد روي روایة جیدة جداً عن أمیر المؤمنین علي علیه السلام أنه قال: «إنّ الله تبارك و تعالي إطلع إلي الأرض فاختارنا» «یعني نحن الاثنا عشر إماماً والأربعة عشر معصوماً»، ولکن ما یهمنا هنا هو أنه قال: «واختار لنا شيعةً ينصروننا»،یعني أن کل هیئة وفئة ینصروننا، ولو کانت النصرة بهذا الحد وهو أن لا نسمح لأحد الافتراء والتقول بالأقاویل والکذب والغیبة والاتهامات التي لا علاقة لها بالدین، أن تقال في هذه المجالس والهیئات، لما روي أن الکلام والحدیث في الدنیا مکروه.
وعلینا أن ننطلق في قضیة الامام الحسین علیه السلام ومجالس عاشوراء من هذا المنطلق،فإذا شکلت جماعة مجالس لإقامة العزاء للإمام الحسین علیه السلام،فسیزداد إخلاصنا،ولا نسمح لأي شيء یتعلق بالدنیا أن یدخل بینا، وإن کان أمراً جزئیاً وصغیراً جداً، لأن القضیة مهمة جداً، فهي سرّ وإرادة الله، وثأر الله. هذه هي النقطة الاولی کان التذکیر بها لازماً ، فکل ما اهتممنا بهذه الجهات، کانت رعایة الله لنا أکثر.
أما النقطة الثانیة: علی الهیئات أن تتضاعف وتزداد یوماً بعد آخر،فالتعاون أمر جید جداً. علیکم أن تتعاونوا، وأن یکون إقامة مجالس العزاء بقوة وحماسة أکثر من السنوات الماضیة، فإذا کانت مجالس هذا العام أکثر حماساً من العام الماضي،فهو مدعاة للشکر،وعلینا أن نشکر الله ،وخاصة الهیئات التي یدیرها الشباب والمضحین . إنها حماسة لا توصف!،ولکن علینا أن لا نقول إن الهیئات بهذا العدد کاف، فأبو عبد الله الحسين(ع) هو خیمة لا یحق لأي أحد وأینما یرید أن یدخلها، ولیس لأحد أن یمنعه،وإن کان في بیت أو مدرسة، أو مکان فیه هیئة،فلا نقول إن هذه الهیئة لم یکن لها اسم في العام الماضي،وأن هذا الشخص لم یدرج اسمه في عداد قائمة أسماء المداحین والخطباء. فنستصحب کما نقول نحن الطلبة العدم! کلا،فهذه الهیئات،وخاصة في خارج قم،والمدن والقری الأخری،کلما حاولنا أن نوسع نطاقها،لإبقاء الدین، وتحقق الإرادة الالهیة الربانیة، کان له أثر کبیر.
وأخیراً آمل من الله أن یکون هذا الحفل العظیم محل عنایة أبي عبد الله الحسین علیه السلام. فنحن نعتقد أن کل ما نبذله من جهود تتعلق بالامام الحسین علیه السلام، فهو سعي منا لإبقاء نظام الجمهوریة الاسلامیة المقدس،وحفظ هذا النظام،لأننا نعتقد أن هذا النظام جانب ورشحة من حرکة ابي عبد الله علیه السلام،وهي الحرکة التي قام بها الامام رضوان الله تعالی عليه،مستوحاة من محرّم و عاشوراء الحسین علیه السلام،وهي الهدایة التي عثر علیها الامام في الدرجة الاولی،ومن ثم هدایة المجتمع علی ضوء حادثة عاشوراء .
ونحن نأمل أن تکون کل خطوة نقوم بها في درب ابي عبد الله الحسين علیه السلام،برعایته علیه السلام، وصیانة هذا النظام،وحفظه من شر الأعداء من الإساءة له أو العمل علی تخریبه.
اللهم وفق وأید کل خدمة الاسلام والثورة،وخاصة قائد الثورة الاسلامیة،وخدمة الدین، ومراجع التقلید العظام، والحوزات العلمية،وخدمة خیمة أبي عبد الله الحسين(ع)،وکافة المعزین الحسینیین في هذا العالم.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته