درس بعد

الدرس الواحد والتسعون:جواز البقاء على تقليد الميت

درس قبل

الدرس الواحد والتسعون:جواز البقاء على تقليد الميت

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٨


شماره جلسه : ۹۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • ثلاث نظريات في آراء كلمات الفقهاء حول البقاء على تقليد الميت و عدمه

الجلسات الاخرى

الدرس الواحد والتسعون

نعم، لقد أذعن الأكابر من الفقهاء لهذه النظرية، مثلاً، أنّ المرحوم الشيخ كاشف الغطاء ـ وهو من أكابر الفقهاء ـ ذكر في حاشية العروة قائلاً: «في خصوص المسائل التي عمل بها»(1)، حيث جاء في هذا القيد أنّ جواز البقاء مقيد بالعمل بالمسائل التي عمل بها المكلّف، وكذلك المرحوم السيد عبدالهادي الشيرازي ـ وهو أيضاً كان من أعاظم الفقهاء ومن مراجع الشيعة ـ ذكر في حاشية العروة: المسائل التي عمل بها المقلِّد .

والمرحوم السيد البروجردي (قدس سره) قال: في المسائل التي عمل بها المقلِّد.

قلنا عند دراستنا لأدلة جواز البقاء: لم نلحظ هذا القيد كما قال المرحوم السيد الخوئي في كتاب (التنقيح) وكذلك الوالد المعظم (دام ظلّه) في كتاب (تفصيل الشريعة): أنّه لا فرق في حقيقة التقليد بين العمل والالتزام، وإذا سألناهما لماذا ليس هناك فرق بينهما؟ لقالوا: إنّ هذه الحقيقة لم ترد في الآيات القرآنية والروايات الشريفة، مثلاً ورد في باب التيمم «فتيمموا صعيداً طيباً» فعندما يتحقق السامع من حقيقة كلمة الصعيد الواردة في الآية يدرك أنّ لها دليلاً ومستنداً قرآنياً، ولكن حقيقة التقليد لم ترد لا في آية ولا في رواية، ونحن استفدنا الجواز من إحدى أدلّة جواز البقاء على التقليد، وكان نظر الإمام الراحل (قدس سره) جواز البقاء على التقليد ولو في العمل ببعض المسائل، فحينئذ يستطيع العمل بسائر المسائل.

وهناك ثلاث نظريات في آراء كلمات الفقهاء حول هذه المسألة:

الأولى: العمل ليس شرطاً بأي وجه من الوجوه، كما يظهر من كلام السيد الخوئي (قدس سره) في كتابه (التنقيح).

الثانية: يجوز البقاء في المسائل التي عمل بها، وأمّا المسائل التي لم يعمل بها

1 ـ لا شك في أنّ الحواشي العشرة على العروة تعتبر من الحواشي المهمة التي يحتاج الطلاّب إليها في فهم ودرك المطالب، حيث طبعت من قبل جماعة المدرسين بصورة جيدة ودقيقة.

صفحه 282

فلا يجوز له البقاء.

الثالثة: لا يعتبر العمل بكل المسائل فلو عمل ببعض المسائل كان له البقاء على سائر المسائل أيضاً، وهذا ما ذهب إليه الإمام الراحل (قدس سره) وعدّة من الفقهاء.

ندرك من جميع ما سلف أنّ الأمر يدور بين العمل بكل المسائل أو العمل ببعض المسائل بعد أن أثبتنا أنّ الأدلّة الأربعة لا تقوم حجّة على المراد من جواز البقاء وشرطية العمل.

وهنا نسأل الإمام الراحل (قدس سره) : لماذا اخترت العمل ببعض المسائل وسريانه إلى جميع المسائل وإن لم يعمل بها، وكذلك السيد البروجردي (قدس سره) لماذا يجوز له البقاء في المسائل التي عمل بها فقط، فما هو دليلكما.

بيان الاستاذ المعظم:

يجب علينا أولاً أن نطرح عدّة اُمور لتبيان مبانيهم وفتاواهم ثم البحث في أدلتهم:

الأول: إذا كان المكلّف يعيش في زمن أحد المراجع ولم يعمل حتى بمسألة من فتاواه، ثم توفي ذلك المرجع، فإذا أردنا أن نعمل بفتواه بعد موته يكون تقليدنا تقليداً ابتدائياً، وذكروا لذلك دليل الإجماع الذي ناقشناه وأبطلناه وقلنا: لو عمل بمسألة واحدة من فتاواه يكون مقلِّداً له، ولا يكون تقليده تقليداً ابتدائياً، وإن بقيت هناك عشرات بل مئات وآلاف المسائل الأخرى التي لم يعمل بها.

توضيح ذلك: قلتم إنّ التقليد الابتدائي باطل أساساً، ويمكن أن نذكر لذلك مصاديق مثلاً، تارة: أنّ زيد لم يكن في زمن هذا المجتهد أصلاً، وأخرى: كان، ولكن لم يكن بالغاً، وثالثة: كان بالغاً ولم يرجع إلى هذا المجتهد أصلاً، انطلاقاً من هذه الصور الثلاث، نقول: لو مات المجتهد، وأراد زيد الرجوع إليه، فمما لا شك فيه يعتبر هذا من التقليد الابتدائي، حينئذ هل يجب علينا أن ندرس التقليد في

صفحه 283

المجموع من حيث المجموع، أو ندرسه كل مسألة على حدة؟ فإذا قلنا كل مسألة على حدة فأكون في المسألة التي عملت بها مقلِّداً دون التي لم أعمل بها، هذا يشبه الذي يبعّض في التقليد مثلاً يكون في العبادات مقلِّداً لزيد وفي المعاملات لعمرو، أو يبعّض في باب العبادات مثلاً يكون مقلِّد لزيد في باب الصلاة ولعمرو في باب الحج، وهذا النوع من التقليد لا إشكال فيه، وذلك إذا كان المجتهدان متساويين أو كل واحد منهما أعلم في باب من أبواب الفقه، ولكن لو درسنا التقليد من باب كل مسألة على حدة أو بالنسبة لكل باب فتكون النتيجة في المسألة أو الباب الذي عملت به أنا مقلِّد، وبالنسبة إلى المسائل أو الأبواب الأخرى لم أكن مقلِّداً، في هذه الصورة لو مات المجتهد وأردت الرجوع إليه في تلك المسألة التي عملت بها فأكون باقياً على تقليده في تلك المسائل وحينئذ أعتبر مقلِّداً له، وإذا أردت الرجوع إليه في بقية المسائل لا يكون تقليدي تقليداً ابتدائياً.

فعليه إذا قلنا بهذا المبنى، لا يكون التقليد الابتدائي أمراً نسبياً بالنسبة إلى كل مسألة دون مسألة، بل يكون شاملاً بالنسبة إلى مجموع المسائل، وانطلاقاً من هذا المبنى نقول: بعد موت المجتهد يجوز له البقاء على تقليده وإن عمل ببعض المسائل ولم يعمل ببعضها استناداً إلى الأدلّة القائلة بعدم شرطية العمل، فمن مجموع الأدلة والدليل القائل بعدم جواز التقليد الابتدائي يمكن أن نخرج بهذه النتيجة، إذا عمل زيد بمسألة واحدة فيجوز له البقاء على سائر المسائل، لقد ارتأى هذه النظرية الإمام الراحل (قدس سره) وكذلك الوالد المعظم (دام ظلّه) وكذلك ارتآها كثير من أكابر المتأخرين.

إن قلت: لماذا يجوز له البقاء على سائر المسائل وما هو مستندهم؟

قلت: أولاً: إنّ أدلّة جواز البقاء لا تعتبر العمل.

وثانياً: أن لا نجعل التقليد الابتدائي أمراً نسبياً، بل عملاً بالمجموع من حيث المجموع.

صفحه 284

وثالثاً: نضم عدم جواز التقليد الابتدائي إلى أدلة جواز البقاء.

النتيجة: إذا عمل المقلِّد بمسألة واحدة يجوز له البقاء على سائر المسائل، وبعد ذلك نتساءل هل هناك فرق في الوصول إلى هذه الفتوى واعتبار حقيقة التقليد العمل أو الالتزام أم لا؟

فذلكة البحث:

ما ذهب إليه المرحوم السيد الخوئي في كتابه (التنقيح) وتبعاً له الوالد المعظم (دام ظلّه) في كتابه (تفصيل الشريعة)، لا يمكن القول بها هنا، وإذا جعلنا حقيقة التقليد العمل يكفي أن يقوم بعمل يخرجه من كون تقليده تقليداً ابتدائياً، وكيف يقال إنّ تقليده ليس تقليداً ابتدائياً؟ عندما يكون عاملاً بقول المجتهد، وأمّا إذا جعلنا حقيقة التقليد عبارة عن الالتزام حيث تعرضنا إليه في البحوث السابقة وارتأينا النظرية التي قال بها المرحوم الآخوند في الكفاية وكذا المرحوم السيد في العروة وكذا عدّة من الأكابر أنّ التقليد هو الالتزام، ولكن متى يصدق أنّ تقليده ليس تقليداً ابتدائياً، حيث يلتزم في زمن حياة مرجعه بفتاواه، فعليه إذا اعتبرنا حقيقة التقليد العمل فيجب العمل بمسألة كي يتحاشى التقليد الابتدائي، وإذا اعتبرناها الالتزام يجب عليه الالتزام في زمن حياة المجتهد كي يتخلص من التقليد الابتدائي، هذا بالنسبة إلى مستند هذه الفتوى.

أمّا بالنسبة إلى مستند القائلين بجواز البقاء على المسائل التي عمل بها فقط، مثل المرحوم كاشف الغطاء، والمرحوم البروجردي، والمرحوم السيد عبد الهادي الشيرازي(قدس سرهم)، كما ارتأى بعض المعاصرين هذه النظرية، فما هو دليلهم ومستندهم على هذا القول؟ فليس أمامهم سوى القول إنّ مسألة التقليد أمر نسبي، يعني أنّ المقلِّد إذا عمل بهذه المسألة على فتوى زيد فهو مقلد له وإذا لم يعمل بسائر المسائل وإن كانت ألف مسألة، ليس مقلداً له، وإذا رجع إليه في المسألة التي لم

صفحه 285

يعمل بها بعد موته يكون تقليده تقليداً ابتدائياً بالنسبة إلى تلك المسائل المتبقية. ونفس هؤلاء أحياناً يتمسكون بالاحتياط وإن لم يكن له مستند قوي.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .