درس بعد

الدرس المائة وخمسة وأربعون

درس قبل

الدرس المائة وخمسة وأربعون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٧/٥


شماره جلسه : ۱۴۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تعريف العدالة:

  • ما هو تعريف العدالة وما هي حقيقتها؟ ذكر الفقهاء جميعاً في كلماتهم تعاريف خمسة للعدالة، فلابدّ من التعرض لها لنرى الصحيح منها والسقيم، وهل أنّ

  • العدالة التي هي موضوع لكثير من الأحكام الشرعية من الأوصاف النفسانية أم الأفعال الخارجية، وهل بين العدالة والفسق حد وسط؟ يعني أن يقال لا هو عادل ولا فاسق، أو يقال إذا لم يكن عادلاً فهو فاسق وإذا كان فاسقاً فليس بعادل، وهذه هي التعاريف الخمسة:

الجلسات الاخرى

الدرس المائة وخمسة وأربعون

تعريف العدالة:

ما هو تعريف العدالة وما هي حقيقتها؟ ذكر الفقهاء جميعاً في كلماتهم تعاريف خمسة للعدالة، فلابدّ من التعرض لها لنرى الصحيح منها والسقيم، وهل أنّ

صفحه 537

العدالة التي هي موضوع لكثير من الأحكام الشرعية من الأوصاف النفسانية أم الأفعال الخارجية، وهل بين العدالة والفسق حد وسط؟ يعني أن يقال لا هو عادل ولا فاسق، أو يقال إذا لم يكن عادلاً فهو فاسق وإذا كان فاسقاً فليس بعادل، وهذه هي التعاريف الخمسة:

التعريف الأول: عرّف مشهور من المتأخرين ـ ومنهم الإمام الراحل (قدس سره) ، بل الظاهر من عصر المرحوم العلاّمة (قدس سره) ـ العدالة هي عبارة عن: كيفية نفسانية راسخة في النفس، وقد جاءت في بعض كلماتهم أنّها: حالة نفسانية أو ملكة نفسانية أو هيئة نفسانية، فتكون النتيجة: أنّ العدالة من الأوصاف النفسانية لا ربط لها بالعمل الخارجي.

التعريف الثاني: قال المرحوم ابن ادريس في كتابه «السرائر»: العدالة هي عبارة عن اجتناب المحرمات ـ عن مجموعة من المعاصي أو لا أقل اجتناب المعاصي الكبيرة ـ والاتيان بالواجبات،، فعبارة ابن ادريس هي بيان لحد العادل هو الذي لا يخل بواجب ولا يرتكب قبيحاً، ولذا ورد هذا التعريف بصورتين: قيل: اجتناب المعاصي والإتيان بالواجبات الناشئة عن ملكة نفسانية، ولم يذكر الآخرون الجملة الأخيرة «ناشئة عن ملكة نفسانية»، وقيل: الإتيان بالواجبات واجتناب المعاصي، وورد هذا الثاني عن المرحوم المجلسي والمرحوم المحقق السبزواري (قدس سرهما) في كتابه (كفاية الأحكام) ونسباه إلى الأشهر، والأول منسوب إلى المشهور حيث قولهم إنّ العدالة ملكة نفسانية راسخة في النفس. وهناك طبعاً فرق بين الأشهر والمشهور، والمشهور أقوى في الاستدلال من الأشهر.

فإذا عرّفنا العدالة بالتعريف الثاني يكون للعدالة عنوان عملي، يعني أنّ العدالة هي الاتيان بالواجبات واجتناب المحرمات، فيكون التعريف الأول: كيفية نفسانية سبباً، والثاني، مسبباً، فيكون التعريف بالمسبب والمقتضى.

فأيّا كان التعريف في النتيجة تكون لدينا ثلاثة تعاريف، فنقول بعودة الثاني

صفحه 538

والثالث إلى الأول، لأننا على يقين أنّه لا دور لملكة بما هي ملكة، ولا كيفية بما هي كيفية، في الشريعة، بل الموجود الملكة المتلبسة بالعمل والمقترنة بالإتيان وبالواجبات وترك المحرمات، وإلاّ يلزم اجتماع العدالة والفسق في محل واحد، بمعنى إذا قلنا إنّ هذا الشخص له ملكة بما هي ملكة ثم ظهر منه في العمل الخارجي فسق، فعليه بما أنّ له ملكة فهو عادل، وبما أنّ الفسق ظهر منه فهو فاسق في مرتبة من مراتب الفسق، ثم هناك فرق بين العدالة والعصمة، لأنّ العصمة هي ملكة راسخة تمنع صاحبها من ارتكاب الذنب كبيراً كان أو صغيراً مع قدرته على ارتكابه، وليس الأمر كذلك في العدالة، فيمكن أن يكون الشخص عادلاً مع عدم امتناع صدور الذنب منه، مثل (نعوذ بالله) الكذب والغيبة وأمثالهما، فعليه لو عرّفنا العدالة بكيفية نفسانية محضة فقط فيجب أن يقال إنّ الذي صدر منه فسق عادل وفاسق فيأتي هذا المحضور. فعليه أن الكيفية بما هي كيفية لا دور لها في الشارع المقدّس، ومن هنا نقول يجب أن تكون العدالة عملاً خارجياً دون أنّ نجعل العمل الخارجي ملاكاً. ولذا عبّر الإمام الراحل في (تحرير الوسيلة) بأنّ العدالة كيفية نفسانية باعثة على ملازمة التقوى يظهر في العمل، دون أن تكون أمراً نفسانياً.

التعريف الرابع: ادعى المرحوم الشيخ الطوسي في المبسوط والخلاف،الاجماع، وكذلك ابن الجنيد والشيخ المفيد، وأبوحنيفة من علماء العامة حيث قالوا: العدالة، يعني الإسلام وعدم ظهور الفسق، ولازم هذا التعريف أنّ أكثر الناس يتصفون بالعدالة، لأنّ أغلب الناس لا يظهرون ولا يجهرون بالفسق وإن كانوا في الباطن فساقاً، فيكون تعريف العدالة هو عدم ظهور الفسق لا عدم الفسق الباطني.

التعريف الخامس: العدالة تعني حسن الظاهر، بمعنى أن يقال لفرد في المجتمع إنّه انسان ظاهر الصلاح، فعلى التعريفين الرابع والخامس ليس هناك في تعريف العدالة شيء تحت عنوان «الكيفية النفسانية» وبالأخص في التعريف الخامس،

صفحه 539

والفرق بين التعريفين، ففي التعريف الخامس بدون معاشرة الإنسان لا يفهم أنّ له حسن الظاهر أو لا، يعني حينما نراه عاملاً بالواجبات وتاركاً للمحرمات ندرك أنّ له حسن الظاهر، وأمّا على التعريف الرابع، عدم ظهور الفسق دون ملازمة ذلك بالمعاشرة، فهل أنّ هذين التعريفين هما تعريفان للعدالة أم معرفان في باب للعدالة؟ وهل هما مفسران أم طريقان للعدالة.

قال بعض الأكابر كالسيد الخوئي في كتابه (التنقيح(1)): ليسا تعريفين للعدالة بل معرفين وطريقين لثبوت العدالة، لأنّ القرآن الكريم الذين يرتكبون المعصية من الناس في الباطن بالفسق وقال: (أُولئك هم الفاسقون) ، وكذلك السنّة النبوية الشريفة فيستفاد من المفهوم القرآني أنّ للفاسق معنىً واقعياً سواء كان ظاهراً أم لا، والحال أنّ الناس لا ينسبونهم إلى الفسق، فعليه لو عرفنا العدالة بمعنى عدم ظهور الفسق كان مخالفاً للفهوم القرآني.

بيان الاستاذ المعظم:

ما ذكره السيد الخوئي (قدس سره) صحيح بالنسبة إلى البيان الأول يعني بالنسبة إلى الآية الشريفة: (أُولئك هم الفاسقون) بأنّ الفسق له معنى الواقع سواء كان ظاهراً أو باطناً، ولكنّه لم يأتِ سماحته (قدس سره) بدليل على أنّ حسن الظاهر يدل على العدالة، لأنّ حسن الظاهر طريق للعدالة وليس تعريفاً للعدالة، فلو سلّمنا بأنّ البيان الأول صحيح فهذا إثبات للبيان الرابع وهو العنواني الطريقي.

إن قلت: إذا عرّفنا العدالة بحسن الظاهر، فما هي العدالة؟ يعني حسن الظاهر ليس بملكة وليس له ارتباط بالتقوى بل يمكن اعتباره درجة من درجات التقوى.

قلت: سوف نتعرض لبيان ذلك في البحوث القادمة.

بقي شيء: هناك عبارة للمرحوم الشيخ الطوسي (قدس سره) في كتابه «الخلاف» في

1 ـ التنقيح، ج 1، ص 212.

صفحه 540

مسألة الخصومة بين الشخصين، مثلاً إذا شهد شاهد مسلم كامل اسلامه ولم يعرف عنه الجرح من قبل القاضي ولا أخبر بفسقه، فهل يجب على القاضي أن يفحص عن حاله وجرحه أم لا؟ أي عن جرحه الظاهري، قال الشيخ (قدس سره) : كلا، لا يجب عليه الفحص، وقال في مقابل ما ذكره العامة كالشافعي الذي يقول بوجوب الفحص: لأنّ الأصل في الإسلام العدالة والفسق طارىء عليه» يعنى أصل العدالة يحتاج إلى دليل، ثم قال: «نحن نعلم أنّه ما كان البحث في أيام النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ولا أيّام الصحابة ولا أيّام التابعين، وإنّما أحدثه شريك بن عبدالله القاضي.

نفهم من بيان الشيخ أنّ التعريف الرابع يعني الاسلام وعدم ظهور الفسق هو طريق إلى العدالة وليس تعريفاً للعدالة، فلا يدلّ بيان السيد الخوئي والشيخ الطوسي (قدس سرهما) على أنّ التعريف الخامس هو حسن الظاهر خارج عن تعريف العدالة.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .