درس بعد

الدرس المائة أربعة وخمسون

درس قبل

الدرس المائة أربعة وخمسون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٧/٥


شماره جلسه : ۱۵۴

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الأمر الثالث، يمكن الاستفادة من الرواية، لو سلّمنا أنّ الرواية في صدد بيان حقيقة العدالة، وسلّمنا، أن الفقرة القائلة «أن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان» تدلّ على الملكة، على فرضنا لو قبلنا بهذين الأمرين، ولكن هناك في ذيل الرواية عنوان حاكم على صدر الرواية، لأنّ ذيل الرواية «الدلالة على ذلك كله» لا يرجع إلى اجتناب الكبائر فقط، لأنّ الآخرين قالوا: إنّ

الجلسات الاخرى

الدرس المائة أربعة وخمسون

الأمر الثالث، يمكن الاستفادة من الرواية، لو سلّمنا أنّ الرواية في صدد بيان حقيقة العدالة، وسلّمنا، أن الفقرة القائلة «أن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان» تدلّ على الملكة، على فرضنا لو قبلنا بهذين الأمرين، ولكن هناك في ذيل الرواية عنوان حاكم على صدر الرواية، لأنّ ذيل الرواية «الدلالة على ذلك كله» لا يرجع إلى اجتناب الكبائر فقط، لأنّ الآخرين قالوا: إنّ

صفحه 571

الإمام(عليه السلام) حينما قال: «أن تعرفوه بالستر والعفاف» ثم أشار إلى طريق أخر لبيان هذا الأمر وهو من أين نعرف أنّه ساتر وعفيف، باجتناب الكبائر، ثم والدلالة على ذلك كله، فأرجعوا الفقرة الأخيرة على الفقرة الثانية اجتناب الكبائر، وهذا ما أشار إليه المرحوم الحائري في ذكر الفروض الثلاثة.

نظر الاستاذ المعظم:

يظهر عدم الحاجة إلى هذه التفاسير الجانبية، بل إنّ الفقرة الأخيرة «والدلالة على ذلك كله» حاكمة في مقام البيان على جميع ما قبلها، يعني أنّ الإمام(عليه السلام) قال: «أن تعرفوه بالستر والعفاف»، و«يعرف باجتناب الكبائر» فتكون جميع هذه الصفات «ساتراً لجميع عيوبه»، من الأولى أن نقرأ عين العبارة الواردة في الرواية: «والدلالة على ذلك كله» أو كما ورد في بعض النسخ «والدال على ذلك كله»، ما هو مرجع ضمير جملة «ذلك كله»؟ ومن هو المشار إليه في «ذلك»؟ هل يرجع إلى جملة «اجتناب الكبائر» أو إلى جميع ما ذكرناه إلى الآن، فإذا لم ترد «كل» في الجملة مع ذلك نفهم من «كل» أن الضمير يرجع إلى الجميع حيث «أن يكون ساتراً لجميع عيوبه»، مضافاً إلى ذلك إنّ متعلق الجملة «والدلالة على ذلك كله» لا تتناسب مع جملة «اجتناب الكبائر»، بل إنّ الجملة «أن يكون ساتراً لجميع عيوبه» قرينة على أنّ الإمام(عليه السلام) يرمي في كلامه إلى بيان الأمور من الأول.

يظهر أنّ «الدلالة» حاكمة على جميع ما قبلها، ونجعل جميع الملاك في «ساتراً لجميع عيوبه»، يعني بين الناس، وكلمة العيب هنا ليست بمعناها اللغوي، بل بمعناها الديني وعدم اجهر بالمعصية، «حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك»، يعني لا يجوز للمسلمين البحث والتفتيش عمّا وراء ذلك من عيوبه، وتظهر جملة «ما وراء ذلك» في التجسس في الأمور المكتومة والمخفية على الناس ولا شك في حرمتها، بمعنى إذا كان الشخص لا يرتكب معصية أمام أنظار الناس فهل

صفحه 572

يجوز البحث عن عيوبه الباطنية والتفتيش عنها مثلاً هل يشرب الخمر أم لا؟ هل يرتكب الزنا أم لا؟ وهل يتجاوز على أموال الناس وحقوقهم أم لا؟، فهذا التفتيش حرام، وهذه الرواية دليل على هذه الحرمة، بل يجب عليهم اظهار تزكيته وعدالته بين الناس، وقال(عليه السلام) أيضاً: «أن يكون منه التعاهد للصلوات الخمس وأن يواظب عليهن ويحفظ مواقيتهن بحضور جماعة المسلمين وأنّ لا يتخلف عن جماعتهم» طبعاً إلاّ عن علّة تمنعه من الحضور ثم قال(عليه السلام): «فإذا كان كذلك لازماً لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيلته قالوا: ما رأينا منه إلاّ خيراً مواظباً على الصلوات ومتعاهداً لأوقاتها في المصلى، فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين».

فعليه لو كنّا نحن وذيل الرواية فلا يمكن استفادة الملكة من ذيلها، فجميع الفقرات لا توحي أنّ المراد من ذلك الملكة النفسانية بل أمور خارجية متعارفة بين الناس مثل «ساتراً بجميع عيوبه» يعني عدم ارتكاب الذنب بصورة علنية بين الناس، و«حضوره في جماعة المسلمين في أوقات الصلوات الخمس» يعني كونه مقيداً بهذا الحضور وغير مفرّط فيه ولا متماهل في الواجبات، فهذا المقدار يجيز شهادته ويثبت عدالته بين المسلمين، وهذا تعبير أخر عن حسن الظاهر، لأنّ البعض قالوا: تعتبر الملكة في العدالة، وأحد الطرق للوصول إلى العدالة حسن الظاهر.

قلنا في جوابهم، لا حاجة إلى ذكر عنوانين للعدالة وحسن الظاهر، لأنّ الشارع المقدّس جعل حسن الظاهر بمنزلة العدالة، فعليه أنّ قولكم إنّ العدالة بمعنى الملكة يدفعكم إلى هذا التفسير، وأنّ جملة «والدلالة على ذلك كله» ليست في مقام التنزيل، لأنّ الرواية ليست في صدد بيان أنّ حسن الظاهر شرعاً وتعبداً بمنزلة الملكة، أنّ حقيقة العدالة الملكة النفسانية، وأنزل الشارع حسن الظاهر بمنزلة الملكة، لأنّ هذا التفسير للرواية لا يتلائم مع الرواية أبداً، لأنّ الرواية في

صفحه 573

مقام بيان أنّ ذيل الرواية حاكم على صدرها ومفسر له. فعليه لا يشم من الرواية رائحة التنزيل أبداً حيث نقول إنّ حسن الظاهر منزل بمنزلة الملكة للعدالة، هذا أولاً، وثانياً، في ذيل الرواية «فإنّ ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين» هو نفس العدالة لا منزل بمنزلة العدالة بل هو أمر آخر.

على أيّة حال، فإنّ العدالة ليست ملكة في الشارع المقدّس بل هي حسن الظاهر، وما ذكره الفقهاء من أنّ العدالة ملكة نفسانية باعثة على التقوى طرحت في عصر المرحوم العلاّمة (قدس سره) ، ولكن نحن لا نستفيد من الرواية المذكورة هذا المعنى، وأهم دليل تمسك به القائلون بالملكة هو صحيحة ابن أبي يعفور حيث قلنا أولاً: إنّ الرواية ليست في مقام بيان حقيقة العدالة، وثانياً: إن كانت في مقام بيان حقيقة العدالة ولكن لا يستفاد منها الملكة، وثالثاً: إذا استفدنا من صدر الرواية معنى الملكة يكون ذيل الرواية حاكماً على الصدر وذيل الرواية يشير إلى حسن الظاهر فقط.

إنّ أهل السنة حينما يتحدثون عن العدالة يمرّون عليها مرّ الكرام، ولذا إذا علموا أنّ هذا الشخص متلزم بأوقات الصلوات الخمس ومجتنب المعاصي يقتدون به ويصلون خلفه، وصحيحة ابن أبي يعفور تشير إلى هذا المعنى في العدالة، فمن أين أتى العلاّمة بهذا المعنى وجعل مسألة العدالة مسألة صعبة مستصعبة، وهناك اشكالات عدّة ذكرها المرحوم الشيخ الأنصاري في كتاب «رسالة العدالة» سيأتي بيانها.

وردت طائفة من الروايات في باب العدالة تحكي جميعها عن حسن الظاهر، منها:

1 ـ ما رواه أبو أيوب الخزار، عن حريز، عن أبي عبدالله(عليه السلام)... قال: «إذا كان أربعة من المسلمين لا يعرفون بشهادة الزور أُجيزت شهادتهم جميعاً»(1)،

1 ـ وسائل الشيعة، ج27، الباب 41 من أبواب الشهادات، ح 18.

صفحه 574

يعني إذا شهد أربعة أشخاص على شخص أنّه لا يكذب ولا يدلي بشهادة الزور فذلك يكفي في عدالته، ولا نلمس في هذه الرواية معنى الملكة أصلاً فحاله حال من كان ساتراً لجميع عيوبه وما رأينا منه إلاّ خيراً.

2 ـ ما رواه عبدالله بن المغيرة، قال: قلت للرضا(عليه السلام) ... قال: «كلّ من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته»(1)، وهذه الرواية مثل سابقتها لا تشم منها رائحة الملكة.

3 ـ ما رواه يونس بن عبدالرحمن، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «... فإذا كان ظاهر الرجل ظاهراً مأموناً، جازت شهادته، ولا يسأل عن باطنه»(2)، يعني إذا كان إنساناً أميناً وظاهره يحكي عن صلاح فذلك يكفي في قبول شهادته، ولا يجب السؤال والبحث عن باطنه وسريرته وهل أنّه شرب الخمر وارتكب المعاصي أم لا؟، فعدم السؤال دليل على عدم اعتبار الملكة.

4 ـ ما رواه عن علقمة قال: قال الصادق(عليه السلام)...«فمن لم تره بعينك يرتكب ذنباً أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر»، يعني إذا لم يره أحد أنّه يرتكب المعصية فهو من أهل الستر والعدالة، فلا يفهم من عدم ارتكابه للعمصية أو عدم مجيء الشاهدان للشهادة عليه أعم من أن يكون له الملكة وعدمها، والرواية لا تشير إلى أنّ نفي الرواية دليل على الملكة، لأنّ عدم رؤيته على المعصية أمر خارج لا يتحكم في الأمور النفسانية للإنسان، والنقطة المهمّة في الرواية تقول: «فهو من أهل الستر والعدالة وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنباً»، وإن كان في الباطن مذنباً لا علاقة له بالظاهر الذي يحكي عن صلاحه وعدالته.

على أيّة حال فإنّ العدالة المذكورة لإمام الجماعة والشاهد في نظر الشارع

1 ـ المصدر السابق، ح 21.
2 ـ المصدر السابق، ح3.

صفحه 575

المقدّس، هي أمر ظاهر لا يمكن الاستفادة منها معنى الملكة خلافاً للعلاّمة (قدس سره) ، وأنّ العدالة لا دخل لها بالأمور النفسانية والباطنية، الروايات المذكورة غير متعارضة مع صحيحة ابن أبي يعفور ولا يستفاد منها جميعاً حسن الظاهر وإن كان في نفسه مذنباً، وإلاّ إذا كانت هناك رواية في أبواب الشهادات معارضة لهذا المعنى فعند التعارض تتساقط.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .