نقد شبهة ان العلم حجاب مانع عن السير والسلوك
06 صفر 1443
21:31
۶۶۸
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ العام الدراسي الجديد بالتوكل على الله تعالى وبالاستعانة بالله سبحانه. وأملنا بالباري تعالى ان يقدر لنا في هذا العام الدراسي الجديد ما هو خير لنا في الدنيا والآخرة ويرزقنا العلم والمعنوية.
وبالرغم من وجود جميع المشاكل التي حصلت مؤخرا استطاعت الحوزة العلمية بحمد الله الاستمرار بمسيرتها العلمية والجهادية فنشكر الله عز وجل على هذا التوفيق.
الدارس لتاريخ الحوزة العلمية الشيعية يلاحظ اكتنافها بالوان المصاعب والحوادث وليس هذا الامر شيئا جديدا على الحوزة العلمية.
ومنذ زمن الشيخ الطوسي وحتى الان لم تخل الحوزة العلمية من الوان المصاعب والابتلاءات المختلفة. احيانا تكون هذه التحديات والمشاكل من جهة الحكام واخرى من ناحية الحروب واخرى من ناحية الفق والمرض وغيرها. ولكن المسألة المهمة ان الحركة العلمية للشيعة لم تتوقف سواء في حوزة قم العلمية أو في حوزة النجف الاشرف بتاريخها القديم فلم تتوقف رغم الموانع والتحديات بل استمرت هذه الحوزات العلمية بمسيرتها العلمية بكل قوة وجدية.
وفي العام الدراسي الماضي قد عطلت جميع الدروس بشكل حضوري وتم الاقتصار على الدراسة عن طريق الانترنيت وربما تكون الدروس في هذا العام ايضا عن طريق الانترنيت والعالم الافتراضي ولكن ينبغي للطلاب ان يشمروا عن ساعد الجد ويغتنموا أوقاتهم على أحسن وجه.
ويجب الاستمرار في طلب العلم والدراسة وينبغي أن نعلم اننا لا يمكن ان نصل الى مرتبة من دون العلم. وحتى السير والسلوك العرفاني لا يمكن من دون العلم. غاية الامر ان المقصود من العلم هو حقيقته، لا ان نتعرف على بعض المصطلحات والقواعد بل ان حقيقة العلم هي الحالة النورانية في صدورنا: «أَلْعِلْمُ نُورٌ يَقْذِفُهُ الله فی قلبِ مَن یَشَاء
الاية الكريمة«إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ»[1] تدل على الحصر، والمراد من خشية الله عز وجل طبقا لما ورد في الروايات ذيل الاية الكريمة هو الخوف الشديد المصاحب للاضطراب او طبقا لما ذكره البعض هو الخوف مع التعظيم وبالطبع ان هذين المعنيين يمكن الجمع بينهما وطريق تحقق الخشية من الله عز وجل منحصر بالعلم الحقيقي.
وقد ورد في بعض الروايات عن الامام الصادق عليه السلام ذيل الاية الكريمة ان الشخص الذي يصل الى حقيقة العلم هو من يصدق فعله قوله. فاذا لم يطابق عمل الانسان قوله مثلا يقول انا موحد ولكنه غير موحد من الناحية العملية وهو مشرك او مثلاً ينصح الناس بالامانة ولكنه ليس اميناً او يكون ماهرا في وعض الناس وتكون موعظته مؤثرة في الناس ولكنه ليس كذلك على المستوى العملي فهذا النوع من الناس ليسوا بعلماء.
ان العالم حينما يرى آيات الله عز وجل لا يمكنه ان يكون غافلا عن ذكر الله عز وجل فبالمقدار الذي يمكنه ان يحصي ايات الله في الافاق والانفس يجب ان يرى نفسه في محضر الله عز وجل في جميع افعاله وحالاته في الكلام في السماع وفي الاكل والاتيان باعماله اليومية كالتدريس والدرس فاذا رأى نفسه حقيقة في محضر الله تعالى حينئذ سيكون مصداق لقول الامام الصادق عليه السلام: يعني بالعلماء من صدّق قوله فعله و من لم يصدّق فعله قوله فليس بعالم[2]
المرحوم العلامة الطباطبائي(قدس سره) قال في تفسيره القيم: العالم هو من يعلم بالله تعالى ويتحلى باسمائه وصفاته ومصداق هذا المعنى منحصر بالائمة المعصومين (عليهم السلام) والحال انه طبقا للروايات المذكورة ذيل الاية محل البحث هو ان العالم هو > من يصدق قوله فعله< وهذا المعنى لا يختص بالدين وهذا يعني ان كل شخص اينما وصل في مجال من مجال حقيقة العلم يجب ان تكون لديه خشية من الله عز وجل. [3]
وفي هذه الايام الاخيرة تم تناقل بحثا في مواقع الانترنيت نقلا عن بعض من كان لديه اهتمام بالسير والسلوك انه ينقل عن بعض العلماء انه قال: هذه العلوم تعد حجابا بل مانعا عن السلوك.
وبقطع النظر عن ذلك العالم الذي نقل عنه لكن على فرض صحة هذا الكلام وانتسابه اليه فمن وجهة نظري ان هذا الكلام لا يطابق القران ولا السنة ومن الايات قول الله عز وجل: «وَ الَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجات»[4]
فالقران الكريم دائما يشجعنا على سلوك طريق العلم ومن نتائج العلم الخشية وهي ترفع الانسان درجات. اما الشطب على العلم والغائه بذريعة السير والسلوك لا يطابق القران الكريم ولا يوافق الروايات فلا توجد مدة معينة في طلب العلم فلا يقال 10 سنوات كافية وبعدها يتوجه الانسان الى السير والسلوك.
نعم ان السير والسلوك ضروري في محله لكن علماءنا لم يتركوا العلم حتى اللحظات الاخيرة من عمرهم فكانوا مشتغلين بالعلم والتحقيق المطالعة والكتابة والى جانب ذلك كانوا مواضبين على العبادة كصلاة الليل وقراءة القران والنوافل وغيرها.
ان الكلام الباطل يمكن ان يزلزل الناس عن مسيرة العلم نعم ان ما يقال ان العلم حجاب صحيح الا انه حجاب نوراني وما لم نصل اليه لا نصل الى الخشية فليس معنى الحجاب ان لا نتعلم ولا ندرس العلم فهناك بعض الحجب التي ما لم نتوجه اليها ونسير نحوها لا نتستطيع ان نصل الى المرحلة التي بعدها وما لم يتوجه الانسان نحوه فلا معنى للحجاب وينتفي موضوعه.
إن احد مكائد الشيطان هو ان يقول كم تدرس ؟ فالدرس الذي يكون بمقدار العبادة كافي، بينما يجب ان لا نعرف التعب حينما ندخل الى العلم ويجب مضاعفة الاهتمام بالعلم والدرس.
ان الله تعالى يقول لنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) : «قُلْ رَبِّ زِدْني عِلْما.»[5] فيامره ان يدعو الله عز وجل بزيادة العلم فان العلم لا نهاية له ولا يقبل النهاية. كما قال الله عز وجل في هذه الاية الكريمة: «قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي»[6] فيفهم من هذا ان العلم الحقيقي بحر لا ساحل له ولا نهاية له فلا ينبغي ان نشعر بالملل والتوقف ويجب ان نزيل الموانع عن العلم.
نعم قد يصدر من ظريح الامام الحسين (ع) الطاف الهية بحيث لا يبتلى الزائر بالمرض ولا يوجد شك في هذا، لكن بحسب الظاهر ان هذا ليس دائماً، وهذا من قبيل ما كان يقال ان الاسلحة لا تعمل في ضرب ظريح الامام الحسين (ع) والحال ان صدام وجلاوزته المعلونين هجموا على ظريح الامام الحسين(ع) واطلقوا الرصاص على الحرم الشريف والى الان توجد آثار ذلك في جدران الظريح، وينقل لنا التاريخ ان اعداء الحسين عليه السلام قد منعوه الماء وما اكثر الجرائم التي ارتكبت بحقه وقد وقع ذلك. ومن الطبيعي ان لا يختلف الحال في قضية الفيروس فانه يمكن ان يوجد في كل مكان من خلال الانتقال.
والظاهر ان مدعي هذه المسائل بصدد اثبات ان ولايتهم ومعرفتهم اشد من غيرهم وان غيرهم ليس لديهم تولي واعتقاد باهل البيت(ع)، والحال ان هذه المدعيات فيها حط من مقام ولاية الائمة المعصومين عليهم السلام وحصرها بامر جزئي جداً، ما اخبث هولاء وما ارذلهم حيث يتهمون عدة كثيرة من العلماء والفقهاء بانهم بعيدون عن حقيقة الولاية وكلام هولاء عين الجهل والولاية ليس كما فهم هؤلاء.
ولو ان الانسان يدرس قليلا فان جميع زوايا وابعاد هذا الموضوع والمحموع تتضح ولا يوجد اي ترديد في هذه المسألة وبناء على هذا فيجب ان ندرس جيدا قدر الامكان ونسعى لتحصيل العلم. وقد ذكرت في احدى المحاضرات انه بالرغم من ان الاعلام ضد طلاب الحوزة العلمية ولكن في الوقت الحاضر ان النظام الاسلامي والناس وحتى غير المسلمين بحاجة ماسة الى الطالب الفاضل والمتقي والبصير ومن لديه الاهلية لذلك.
وخلال العام الدراسي الجديد يجب رفع مستوى الاخلاص وقصد القربة ويجب ان نتوسل بالامام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف واننا نفتخر ان نكون من اصغر جنود الامام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وان الافتخار بهذا المقام هو اكبر بكثير من الثروة والمال والمنصب ولو ان الاف المناصب تعطى للانسان لا يمكن تساوي هذا المنصب الشريف.
وبطبيعة الحال بهذا الشرط ان لا يكون فقط بالاسم بل يجب ان نكون جنودا حقيقين بحيث نرى انفسنا في مرأى الامم صاحب الزمان (عج) وهو ينظر الى اعمالنا.
ونساله ان يدعو لنا عند الله عز وجل لحظ وتقوية الحوزات العلمية واستمرار هذه الدروس.
------------
[1]. سورة فاطر، الآية، 28.
[2]. التفسير الصافي، المجلد4، صفحه۲۳۷.
[3]. الميزان فى تفسير القرآن، ج17، ص: 43.
[4]. سورة المجادلة، الآية، 11.
[5]. سورة طه، الآية، 114.
[6]. الکهف، الآية 109.