التدبر والتفكر هو الغاية الاساسية من نزول القرآن الكريم

13 شعبان 1444

20:14

۴۲۸

خلاصة الخبر :
تصريحات آية الله الشيخ فاضل اللنكراني لدى جمع من الطلاب في مركز القراءات المقارنة للفرق والمذاهب في مشهد المقدسة.
آخرین رویداد ها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

قال الله تبارک و تعالی فی کتابه العزیز اعوذ بالله من الشیطان الرجیم
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (نحل / 44).

يقول الله تعالى في هذه الاية 44 من سورة النحل: نحن انزلنا القران الكريم عليك لكي تبين للناس الذي انزل اليهم وتفسره لهم فان الله عز وجل لم يقل «لتقرأ علي الناس» وانما يقول: «لتبیّن»، وهذا يعني انك تبين لهم وتوضح وتفسر لهم ثم يقول بعد ذلك «وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»
بالرغم من ان الله تعالى قال لعلهم ولم يقل يتفكرون بل قال لعلهم يتفكرون الا ان المطلوب الاساسي من نزول القران الكريم هو «التدبّر» و «التفکر» في آيات القرآن الكريم. التفكر في  «ما نزّل إلیهم» يعني التفكر في مجموع ما بين الدفتين من اول القرآن الكريم الى اخره. 

وجاء في الاية 64 من سورة النحل: «وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَينَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يؤْمِنُونَ» ففي تلك الاية قال الله تعالى وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ واما هنا في هذه الاية يقول أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ وفي تلك الاية قال لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ وما في هذه الاية فيقول: «لتبيّن لهم».

بحسب الضوابط والمباحث الاصولية يمكن ان يقال ان احد غايات انزال القران الكريم هو التبين طبقا للاية 44 ولعل هناك غاية اخرى ولكن حينما يقول هنا في هذه الاية الكريمة:  «وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»، فهذه الاية تدل على الحصر اي انما انزلنا القران الكريم لتبين للناس لا غير، حتى يمكن من خلال بيان القران تحل المسائل الخلافية بين الناس، اذن فالقرآن الكريم هو مفتاح لحل المشاكل وحلّال المشكلات والخلافات والاختلافات، في جميع المجالات الاعتقادية والفقهية والاجتماعية والسيااسية والاخلاقية كل شيء يوجب الاختلاف واي امر مختلف فيه يجب ان نرجع الى القرآن لحله. 

في المرحلة الاولى نحن الطلاب مكلفون من ناحيتين الاولى اننا ندعي اننا نسير على وفق القران الكريم وجئنا لنفهم القرآن ونتأمل فيه ونتدبر فيه حتى نجسده ونطبقه وليس فقط نقرأه بالرغم من ان تلاوته ايضا لها اجر وثواب اذن يجب ان ندرس جيدا حتى نتمكن من الربط بين الايات القرانية والعلاقة بين الايات المتشابهات والايات المحكمات وطريقة ارجاع المتشابه الى المحكم. 

وبطبيعة الحال ان هذا الامر لم يتم اعطاء الناس الاختيار فيه بشكل طبيعي وانما اعطاه الله تعالى الى فئة خاصة ولذلك ورد في اية من ايات سورة ال عمران ان هذا القران الكريم فيه ايات متشابه وايات محكمة ولا يعلم تأويله الا الراسخون في العلم ولذا قال الله عز وجل: «‌وَمَا يعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»

قبل ان ندخل في النزاع المعروف حول ان الراسخين معطوف على الله عز وجل او لا ؟ لا بد ان نتكلم حول ان القران الكريم فيه آيات متشابهات وايات محكمات فمن الذي لديه الصلاحية في تشخيص المتشابه من المحكم ويقول هذا المتشابه يرجع الى هذا المحكم والمحكم يفسر بهذا التفسير؟ الجواب انه ليس لاحد صلاحية ذلك غير الائمة المعصومين عليهم السلام. نعم هناك بعض المفسرين مثل المرحوم العلامة الطباطبائي(رضوان الله عليه) حيث لديه وجهة نظر في هذا المجال واستطاع ان يستخرج 20 اية الى 30 اية مرتبط بعضها ببعض من القرآن الكريم ولكن مع ذلك فانه محدود بمقدار من الايات ولا يمكنه صنع ذلك بالنسبة الى جميع الايات خصوصا المتشابهة ولو اجتمع جميع العلماء والفقهاء والفلاسفة لا يتمكنون من ذلك ومن وجهة نظر ان احد الادالة الدالة على امامة الائمة عليهم السلام هو الايات الواردة في اوائل سورة آل عمران. 

واما نحن الطلاب فنحن نسير في طريق فهم القران الكريم فالاية تقول:«‌لَعَلَّهُمْ يتَفَكَّرُونَ»، اذن فيجب ان نتفكر في القران الكريم فما معنى هذه الآية؟ وما هو تأويلها وتفسيرها؟ اي نفهم 1ـ ظاهر الاية  الكريمة، 2ـ تفسير الاية الكريمة 3ـ فهم تأويل الاية الكريمة 4ـ ارجاع المتشابه الى المحكم. فهذه مراحل فهم الاية الكريمة من جملة الادعية التي ادعوها دائما وكذلك انتم هو التوفيق لفهم الارتباط بين الايات الكريمة، ان من يريد ان يفهم البناية فيجب عليه اولا ان يعرف اجزاء تلك البناية وما هو الارتباط بينها؟ واما اذا لم يكن للانسان اطلاع حتى عن جانب منها فلا يمكنه ان يفهم البناية ولا يمكنه ان يدركها ابدا، والقران الكريم كذلك. 

من وجهة نظري ان عبارة «القرآن یفسّر بعضه بعضاً» ليست بحاجة الى حديث ينص على ذلك فانه يستفاد من هذه الاية الكريمة «مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ» فقوله: «هنّ امّ الکتاب» وهذا يعني انه لا بد من ارجاع المتشابهات الى المحكمات حيث ان المحكمات يفسرن المتشابهات ونحن من هذه الاية الكريمة نستفيد تفسير القرآن بالقرآن الكريم وبناء على هذا فلا حاجة الى الحديث سواء كان فيه سند معتبر ام لم يكن. 
وفي هذا الطريق حينما تمرون على المباحث الكلامية نجد ان مسير الفقه والاصول له ارتباط بالقرآن وارتباطه وثيق جدا لكن حلقة ارتباط البحوث العقائدية والسياسية والاخلاقية والاجتماعية وغيرها بالقران الكريم اكبر بكثير. وحاولوا ان ترسموا لكم هدفا راقيا وساميا، وبالتالي نحن ندعي اننا نقوم بحفظ الدين في زمن نفتقد فيه نبينا وامامنا، وهذه المسؤولية كبيرة جداً. 

هذه المسؤولية يرتعد منها خوفاً بدن الانسان! بالرغم من ان الانسان من جانب اخر يشعر بالبهجة تجاها، وتعطي الانسان طاقة ودافعا وتجعله يشعر بالامل لكن من جانب اخر يرتعد الانسان خوفا من هذه المسؤولة حيث يكون الانسان فيها نائبا عن الامام المعصوم (عليه السلام) ونريد ان نبين للناس القرآن الكريم وهذه مسؤولية كبيرة جدا، ولكنها في الوقت نفسه لها قيمة كبيرة ولا يوجد مسؤولية اكثر قيمة منها في العالم.

والخلاصة ان الاية تدل بكل وضوح على أن الله عز وجل بعث النبي الكريم بالرسالة وانزل عليه القران الكريم لبين للناس هذا القران الكريم لعل الناس يتفكرون «لعلهم يتفكرون» حتى بعد تبيين الايات يستطيع الناس الرجوع الى القرآن حينما يختلفون في أمر. وقد ورد في الروايات انه اذا اختلف في امر فارجوعوا الى القران الكريم لحل الاختلاف.

لذلك ، استفد من هذه الفرصة بشكل كامل، فهناك العديد من الأشياء التي لم تذكر ولم يتم إجراء البحوث عليها. هناك العديد من الأبحاث غير المعلنة، كما أن المجال جاهز جدًا للبحث.
حاول في كل عام يمضي من عمركم الشريف ان تقدموا شيئا مفيدا للحوزة العلمية والعلماء والمحققين، فما هو مقدار مساهماتنا في القطار العلمي السريع؟ فهل نملأ أذهاننا بكلمات الاخرين او نحاول ان نقدم ونبتكر، وقد ورد في الحديث العروف«ما أخْلَصَ عَبْدٌ لِلّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أرْبَعِينَ صَباحَاً إلَّا جَرَتْ يَنابِيعُ الحِكْمَةِ» ان ينابيع الحكمة هذه هي حكم رصينة جدا لا توجد في كلمات الأخرين ولكنها تصدر من قبل الانسان المخلص فيجب ان يكون لديكم هذا الهدف. 

أطلب منكم الاستفادة من برامج المركزعلى احسن وجه. لا تشك في أن الشيعة ستتوسع كثيرًا في المستقبل وستزداد الحاجة إلى عالم قوي على دراية جيدة بالموضوعات العلمية. حاول أن تكون علم للإسلام ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بإذن الله.
والسلام علیکم و رحمة الله و برکاته

https://fazellankarani.com/persian/lecture/24887/

الملصقات :

القرآن الكريم التدبر التفكر