اليوم المشكلة الأساسية للبشرية عدم الاهتمام بالدين
09 ربیع الاول 1445
09:16
۳۴۹
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
إلى الأساتذة الكرام ومسؤولي مركز فقه الائمة الاطهار أهدي سلامي وأشكر الله الذي وفقني لخدمتكم ولو لدقائق قليلة في بداية العام الدراسي .
سأبدأ كلامي بالإشارة إلى الآية 30 من سورة مباركة الروم.؛ «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ».
وهذه الآية تتضمن الموضوعات الأساسية في الدين. لقد كلَّف الله تعالى النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) بمهمة عظيمة وهي أن توجه وجهك للدين، «أقم وجهک للدین» أي أن توجه كل اهتمامك إلى الدين. مرة نقول «انظر إلی الدین» أو«واعطف وجهک إلی الدین» وجه وجهك نحو الدين، ولكن هنا عندما يقول الله «أقم وجهک للدین»، فالأمر هو إقامة الدين. الوجه وذلك أيضاً على أكمل وجه وحسن، وبما أن إقامة كل شيء هو تحقيق ذلك الشيء بكل تفاصيله وخصائصه وأبعاده، فإن إقامة الوجه تجاه الدين تعني تركيز انتباهك على جميع جوانب الدين. في سورة الشورى يتم الحديث عن مسألة إقامة الدين، وفي هذه الآية يتم الحديث عن إقامة الوجه للدين.
المعنى الواضح للآية هو أن توجه كل اهتمامك إلى الدين وتركز عليه. لماذا؟ لان التعبيرات التي تلي الآية هذه الاية بمنزلة التعليل والتمييز، لأن هذا الدين حنيف، فعليك أن تهتم به كل الاهتمام.
وهذا الواجب تجاه النبي وتجاهنا جميعاً، لا أنه من واجبات النبي صلى الله عليه واله فقط. هذا الدين حنيف، حنيف يعني أن كل رغبته وميله إلى الحق، لا ترى في هذا الدين إلا الحق، كل شيء حق وليس فيه باطل، ليس في هذا الدين ظلمة، كل شيء نور ، يميل إلى النور، أي أن معتقداته وأحكامه وأخلاقه وسياسته كلها حق ونور.
كما يمكن استخدام كلمة (حنيف) لشمولية الدين. يعني لا تجد قضية سكت عنها الدين او لم يتحدث عنها! فإذا لم يكن للدين موقف تجاه شيء ما فهذا يعني ان ذلك الشيء ليس باطلا وليس حقا، بينما عندما نقول أن الدين حق فهذا يعني أن له وجهة نظر، وحل لاي شيء او قضية.
إن المشكلة الأساسية للبشرية اليوم هي عدم الاهتمام بالدين، فاليوم كل الأهداف الشريرة للذين يسعون إلى إفساد العالم والإنسانية هي اجتثاث الدين وتدمير الدين.
الثورة الإسلامية بهذه العظمة، كل ما تقوله أنها تريد تطبيق الدين، نريد أن يكون الدين في الميدان في ظل هذا النظام، نريد أن يزيد وعي الناس بالدين، نريد أن يجد الناس الكمال في النور الدين، العقل البشري بدون دين لا يصل إلى الكمال والتكامل، بالطبع، دين صادق، دين صحيح تمامًا حسب تفسير القرآن، يحكي كيف نعيش، ما هي الطريقة والمنط المتبع في الأكل والشرب، في الملابس، كيف يمشي، كيف ينام، كيف ينظر، كيف يتفاعل اجتماعيا في المجتمع، الأسرة، في الحكومة. الدين يتحدث في كل مكان، وكلماته صحيحة، لديه أدق محتوى، والحقيقة هي أن العقل يقول أنه بدون مثل هذا المصباح أعني الدين، فإن الإنسان لا يمكن الوصول إلى الكمال والتكامل، بدون هذا النظام الذي يحمل الصراط المستقيم، بحسب تعبير الروايات، ان الدين هو الصراط المستقيم ويوضح الطريق، ولا يمكن للبشرية أن تسير في الطريق الصحيح في الحياة. وهذا أمر يجب علينا نحن أنفسنا أن نوليه المزيد من الاهتمام، والمجتمع في حاجة ماسة إليه، ويجب أن يكون الدين هو الأولوية الأولى والحاكم على كل شؤون الإنسان.
وفي نفس الآية يقول الله: «أقم وجهك الدين حنيفا»، ثم يقول إن هذا الدين الحنيف، وهو دين الإسلام، هو على حسب طبيعتك، "إن كل مولود يولد على الفطرة"، أي. إن سبيل ازدهار هذه الفطرة التي أعطيتكم إياها وبلورتها وتحقيقها هو الدين، ولا يمكن للإنسان أن يصل إلى نتيجة بطبيعته وعقله وحدهما! بالطبع يدعي البعض أن الله أعطانا الطبيعة والعقل ونستطيع التمييز بين الخير والشر وإيجاد الطريق، لكنهم لا يدركون أن الطبيعة البشرية والعقل يحتاجان إلى الدين. "لا تبديل لخلق الله"، طبيعة الإنسان لا يمكن أن تتغير، كل إنسان يسعى إلى الكمال.
وبعد بيان هذه الأمور يقول الله تعالى: «ذلک الدین القیّم» أي ان الدين القيم هو هذا الدين.
الدين القيم فسر بالثابت والرصين إي الدين الثابت والباقي في حين القيم بمعنى المتولي والمدير، يعني ان الله عز وجل يريد ان يقول ان الدين يعني المتولي والمدير الذي يستطيع ان يدير حياة الإنسان وأما الدين الحنيف فيعني ان كل ما فيه حق فاذا قال هذا حلال فهو حق وان قال هذا حرام فهو حق واذا قال هذا واجب وذاك مستحب وهذا مباح فكل كلامه حق. فالدين الحنيف هو الدين المطابق للفطرة ويجب ان يحكم الانسان ويدير شؤونه.
وهذه الآية احد ادلة مساوقة الدين للحكومة، وهذه الجملة من الأدلة التي تكون قياساتها معها، فلا تحتاج الى قياس منطقي فاذا كان الدين كله حق فمن الواضح انه يجب ان تطبق أحكامه، وهذا من قبيل الطبيب الذي يكون تشخيصه صحيحا دائما وكذلك يحدد الأدوية التي توجب شفاء المريض بشكل صحيح فالجميع يقول يجب مراجعة هذا الطبيب وجعله القيم على سلامة الإنسان. فالدين الذي كله حق يجب ان يكون هو القيم على الإنسان ويقول له كيف يعبد الله عز وجل وكيف يعتقد بالله تعالى وما هو الحرام وما هو الحلال وكيف ينبغي ان يكون نكاحه وطلاقه وإجارته وحلاله وحرامه.
ففقهنا هو وليد هذا الدين الحق، فهذا الفقه الذي نحن نصر عليه بهذا المقدار وهذا النظام المقدس قائم على اساس هذا الدين فهو وليد الدين الحنيف، فهذا الدين يجب ان يحكم فببركة الثورة الاسلامية يتم بحث هذه الابحاث المهمة والاساسية في الدين.
اليوم، سؤال هل الدين يحكم أم لا هو سؤال غير مناسب على الإطلاق لأنه من الأمور التي إجابتها واضحة جداً، الدين يجب أن يحكم، والحقيقة أن ادعاء الإمام الخميني المستند إلى آيات قرآنية عديدة هو أن الدين يحكم. أساس الدين هو الحكم، وأساس الدين الولاية، وكل الأمور تحت ظل الولاية وفرع من الولاية. وفي رأيي أن الطالب أو المسلم إذا لم ينتبه لهذا الأمر أو لم يتقبله فهو بعيد عن حقيقة الدين.
ولذلك فإن اقتراحي في بداية العام الدراسي هو هذا؛ لقد تشكلت الحوزات العلمية لفهم الدين وفهمه والوصول إلى الدين والتعبير عنه للناس، وليس علينا واجب آخر غير هذا، وهذه أعظم خدمة للإنسانية، خدمة الحوزات العلمية هي تقديم الدين الصحيح للبشرية. عندما نفهم الدين الصحيح من خلال الاجتهاد القوي، من خلال الفهم الاجتهادي، كما قلت مرارا وتكرارا، لا يصبح أحد عالما دينيا من خلال دراسة حديث واحد وآية واحدة، ذلك الشخص هو عالم دين لديه فهم اجتهادي في الدين، نستخرجه بشكل صحيح من مصادره وإتاحته للبشرية، فالهدف الأساسي للحوزات العلمية هو خدمة الدين والعباد، ويجب أن نظهر الدين للناس، لئلا يكون هناك من يريد تفريق الناس عن طريق الحق. الدين الذي اليوم للأسف أسباب ذلك كثيرة، وكلما زادت، زادت المسؤولية علينا وعلى عاتقك.
فعلينا بالسعي وبذل الجهود في الدراسة احيانا في الفضاء الالكتروني يتكلم الطالب كلاما غير صحيح لم يقله أي عالم فقيه ونفس هذا الكلام له تبعات واثار كثيرة في اذهان الناس والشباب.
ومن الفرائض الدينية الواضحة مسألة دفع الخمس مثل الزكاة، والآن إذا قال شخص ما على المنبر أن على الناس واجب نفقتنا، أولا هل الخمس للجماعات فقط؟ ويجب إنفاق الخمس في الحالات التي أقرها الإمام الزمان (عليه السلام) وأولويته المجال أيضاً، وهذه الكلمة مثل كلمة ولد يجب عليه نفقة أبيه، فيقول: والده أنه من الواجب عليك أن تدفع نفقتي! هذه الطريقة في التعبير خاطئة جدًا، يجب عليه أن يعطي ولكن ليس من حقك أن تطلب مثل هذا، هذه الطريقة في التعامل وهذه الطريقة في التعبير عن الأحكام قاتلة.
هذا الزمان زمن غريب ويجب علينا نحن الطلاب أن نكون حذرين في كلماتنا. أولا، دعونا نرى ما إذا كان ما نقوله يوافق الدين أم لا. وإذا كان لدينا شك في توافقه مع الدين فلا ينبغي لنا أن نقول ذلك، وإذا كان لدينا سبب واضح يجب أن نقوله مع سبب واضح. فلا نضيع الدين من أعين الناس. لا تستهينوا بعظمة الدين .
المشكلة أن بعض الناس باسم المثقفين يحطون من الدين إلى درجة أنه يصبح شيئاً بلا معالم، إلى درجة أن له سمة مختصرة للتربية الشخصية للإنسان. ومن ناحية أخرى، يظهر بعض الناس أن الدين قاس للغاية، بينما يصبح البعض الآخر عرفانيين، ويجعلون مسألة رحمة الله تظهر بشكل كبير لدرجة أن الناس لا يؤمنون بعذاب الله على الإطلاق.
عليكم ان تفهموا الدين بصورة صحيحة والاعتدال في فهمه فان جميع الدين قائم على اساس المنطق الدليل فان الالية تقول: «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا» فالدين الذي يوضحه لنا أهل البيت عليهم السلام كل اوامره مطابقة للفطرة الانسان حتى الحجاب، واكل الحلال والحرام كله مطاب لفطرة الانسان، هؤلاء الذين يواجهون الاسلام ومكتب اهل البيت عليهم السلام يريدون ان يبعدوا البشرية عن فطرتهم.
ويجب علينا أن نفهم الأمور كلها كما قال الله عز وجل: «تلک حدود الله» فالله تعالى رحيم وفي نفس الوقت شديد ذو انتقام! ولكن سبقت رحمته غضبه، وكأن بعض الناس يسيسون الدين لدرجة أن الدين ليس له أخلاق، لا يظهرون من الدين إلا السلطة والعنف والسياسة بمفهوم اليوم، فالإسلام دين شامل وفيه كل شيء. فلنتعرف على الدين جيداً ونعبر عنه جيداً، فهذه أعظم خدمة للدين. إن أعظم عبادة في عصرنا هذا هي المعرفة الدينية والتعريف الصحيح بالدين للمجتمع البشري المتعطش لفهم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته