السبب الرئيسي لتهديم مراقد ائمة البقيع، عدم الفهم الصحيح للدين
09 شوال 1445
19:12
۱۷۰
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
اليوم هو الثامن من شوال ويوافق ذكرى هدم مراقد ائمة البقيع (عليهم السلام).
إن هذا الفعل غير العقلاني وغير القانوني وغير المنطقي الذي حدث منذ حوالي مائة عام في 3 من شهر ابريل لعام 1920 م، له أبعاد مختلفة، أحدها هو لماذا حدثت هذه الحادثة؟ فهل كان سعي الوهابية وآل سعود للسلطة والأهداف الدنيوية هو السبب في هذه الحالة أم أن السبب الرئيسي لهذه الحادثة هو عدم الفهم الصحيح للدين؟
وبطبيعة الحال، فإن هذا النقص في الفهم الصحيح للدين وتكوين المذهب الوهابي الزائف له أيضا عوامل خارج الإسلام.
إن أساس المذهب الوهابي الباطل هو غرس الدين في المجتمع بطريقة مختلفة، على عكس ما يقترحه الكتاب والسنة. يعود أصل هذا التهديم للمراقد أيضًا إلى هذه المشكلة.
أولاً، أصدروا فتوى بتحريم البناء على المراقد أو أن زيارة القبور شرك، وبناءً على تلك الفتوى خلقوا هذه الحادثة المفجعة للغاية.
هذا تدنيس مرقد الأئمة المعصومين الذين منذ بداية الخليقة إلى آخر الخليقة لم ولن يكون لدينا مخلوق أثمن وأعز منهم لو وضع كل علماء وفقهاء العالم على عاتقهم مثله، لا يساوي شعر أحد أئمتنا المعصومين. لقد ارتكبوا هذا التدنيس الكبير وجعلونا جميعا نحزن حتى الآن.
إن العثور على جذور هذا الحادث المأساوي ينبغي أن يكون شاغلنا جميعا.
ولا ينبغي أن نرى أن أعداء الإسلام خلقوا هذه الطائفة الوهابية المزيفة والمضللة ليرتكبوا جرائمهم ضد المسلمين والشيعة باسم الإسلام، كما خلقت أمريكا وإسرائيل تنظيم داعش المجرم على أساس هذه الأفكار الوهابية المنحرفة. يجعلنا نفكر ما هو جذر هؤلاء؟
ومن الممكن أن يتكوّن فينا نفس الجذر، وهو عدم الفهم الصحيح للدين، بدرجة محدودة، ويؤدي إلى انحرافنا عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) والإلحاد في الدين.
ولذلك ينبغي أن نكون منتبهين للغاية لهذه المسألة.
وفي سورة المباركة الأعراف يقول الله تعالى «فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ» يطلق العرب كلمة خلف على الابن الصالح وغير الصالح العلماء غير الصالحين جاؤوا وورثوا الانجيل «يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى» أخذوا متاع الدنيا وباعوا وتركوا الدين وكتاب الله، «وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا» ثم يقولون أننا سوف يغفر لنا قريبا «وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ» ومن ناحية أخرى، إذا حصلوا على اموال وامتعة كثيرة وزينة ، على الرغم من أنهم تابوا عن سلوكهم الماضي، فإنهم يعودون مرة اخرى ليطمعوا بالحياة الدنيا.
وحينئذ يعاتبهم الله عز وجل ويقول لهم: «أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ» بالدلالة الالتزامية او بنحو الاقتضاء أو بأية طريقة أخرى، او من باب «تعلیق الحکم علی البعث مشعرٌ بالعلیة»، معنى الآية أنه قد أخذ الميثاق من كل عالم ديني أي من يدعي الدين ويقول: أنا عالم دين فلا تدعي وهذا كل شيء. وبهذا الادعاء ينشأ له مصداقية، فمن جلس على طاولة الدين وقع عهد بينه وبين الكتاب الإلهي، وهذا لا يقتصر على علماء اليهود، فكذلك علماء الإسلام، الذين على رأسهم عن النبي الكريم (صلى الله عليه واله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) ثم علماء الدين.
أشخاص يقدمون أنفسهم كخبراء دينيين في الإذاعة والإعلام، حتى لو لم يكن لديهم هذا المؤهل! وعليهم أن يعلموا مدى العبء الثقيل الذي وضعوه على أكتافهم بهذا اللقب. هناك عهد بين عالم الدين والكتاب الإلهي، هنا لا يفسر على أنه عهد بين العالم والله، بل هو عهد بين العالم وكتاب الله، أي أن كل عالم قد قطع عهدا مع ما في كتاب الله ومع كل حكم من احكام وأوامر الله، وكل أمر وآيات الله عهد معه، فما ثقل هذا الواجب؟
الميثاق الذي في الكتاب يعني اني عاهدت الله وملتزم بكل ما جاء في الكتاب من اوله الى اخره ولا ينبغي ترك ولو بمقدار الابرة أنا ملتزم بالترويج للكتاب الإلهي، وليس رغباتي الشخصية، ولا ما يتوقعه الناس مني، وهذا التوقع سيجبر الناس على تشويه دين الله.
وللأسف هذا العمل يتم كثيرا في عصرنا هذا، انظر كيف يقوم بعض الأشخاص الذين يرتدون العمائم على رؤوسهم بإعادة تفسير الحجاب وآيات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على عكس ما قال الله؟ ويسمونها أيضًا القراءة الجديدة، فمنذ متى تم تحريف القراءة الجديدة؟ وهذا مذكور بوضوح في القرآن «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»، ومن أجل فعل المعروف والنهي عن المنكر، جعل الله ولاية عامة على الناس، وقال إن لكل فرد ولاية على غيره في هذا الأمر. الأب بالنسبة الى الابن، والابن بالنسبة الى الأب، والمرأة بالنسبة الى الرجل، والرجل بالنسبة الى المرأة، والشيخ بالنسبة الى الصغير، والشاب بالنسبة الكبير.
ومن رأى أن أحداً لا يفعل خيراً، فعليه أن يأمره. أنظر كيف يحرفون معاني آيات الله؟ يقولون إن الأمر بالمعروف يعني الترويج للمشهور، وليس من حقك أن تأمر أو تنهى عن شخص آخر! وهذه إهانة له وتعني أنني أفهم وأنت لا. هذا هو التدخل في عمل الآخرين. وينبغي أن يقال لهذا الشخص: هل نأمر وننهي عن هوانا الشخصي؟ لقد أوجب الله علينا أن نأمر وننهى عن القول بما يعلمه الله والدين، فإذا طلبنا من أحد أن يصلي، فهل يكون ذلك تدخلا في عمل الآخرين؟
وللأسف فإنهم يطرحون هذا المحتوى الذي هو أسوأ تحريف ويسمونه قراءة. منذ متى أصبح التحريف قراءة جديدة ؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن كل مزوري التاريخ قد قاموا بقراءة جديدة.
جاء في القرآن الكريم «أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ» ألم يؤخذ عهد على علماء الدين أن لا يقولوا غير الحق ولا يحق لهم أن يقولوا خلاف كتاب الله، إذا كنت عالم دين فعليك أن تنظر ماذا يقول القرآن قبل أن تقول أي شيء؟ ماذا يقول الحديث النبوي والأئمة المعصومون؟
ان الله تبارك وتعالى جعل متعلة الميثاق عنوانا كليا في هذه الاية الكريمة: «أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ» فما تريدون ان تقولوه بشان الله تعالى لا ينبغي ان يكون غير الحق، وهذا يعني لا ينبغي ان يقال الا ما قاله الله عز وجل والنبي محمد صلى الله عيه واله واهل بيته المعصومين ولا ينبغي ان يكون شيئا غير هذا.
ان قضية تهديم القبور السبب فيها يعود الى ترك العمل بهذه الاية الكريمة وامثالها والتوجه نحو متاع الدنيا وطلب السلطة والقوة او اي عنوان اخر والتوجه نحو الدنيا هو السبب وراء وقوع مثل هذه المصائب. وهذا المعيار المهم في تشخيص الحق والباطل، فكل من يسير في طريق العلم ويقول انا عالم قبل ان يتكلم بكلمة واحدة بعنوان الدين يجب عليه ان يدرسها وينظر هل ان هذه الكلمة صحيحة او خاطئة؟ وهل هذا الكلام قاله الله عز وجل او لا؟
ثم قال الله عز وجل: «أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ» احد معاني الدرس هو التكرار وترديد الشيء مرة بعد اخرى نفس هذه المطالعة والكتابة والدرس، والمعنى الاخر للدرس هو الاندراس بمعنى القدم واندرس الشيء اصبح قديما، فيطلق على الشيء الذي بسبب سقوط الامطار او كثرة وقوع اشعة الشمس عليه مندرس، فالقرآن الكريم يصف العلماء غير الصالحين الذين يقولون غير الحق بانهم يدرسون الدين ويجعلون الدين مندرسا. ويندرس الدين بسببهم.
يقول البعض انه لا يوجد لدينا امر بالمعروف ونهي عن المنكر، ولا يوجد تكليف اسمه الحجاب! ولا جهاد، الا يوجد تكليف على عاتق المسلمين بان يقفوا امام عدوهم لا سيما الكيان الاسرائيلي الذي يسعى للقضاء على جميع الديان السماوية؟ بل حتى اليهود يقول بعضهم يسعى الصهاينة للقضاء حتى على اليهودية. الا يكلفنا القران الكريم بالوقوف امام جمع هذا الظلم والجور والعمليات الاجرامية التي يرتكبونها حيث يقتلون في يوم واحد قرية باكملها؟ الا يامرنا القرآن الكريم بعدم السكوت؟ الا يامرنا القرآن بان نقف امام هذا النوع من الظلم؟ ان بيان عدم مواجهة العدو والسكوت في مقابل الظالم هو نوع من انواع تحريف الدين.
فصل الدين عن السياسة ايضا بهذا المعنى ان الاسلام لا علاقة له بالحكومة ولا علاقة له بانه من سيكون حاكما على المسلمين، وهذا نوع من انواع تحريف الدين. وهذه الاية الكريمة تحذير جاد من قبل الله عز وجل لعلماء الدين وانه سوف يحاسبهم حسابا عسيرا على نقضهم الميثاق الذي عقدوه مع الله.
وقد وردت رواية عن الامام الصادق عليه السلام توضيحا وتفسيرا لهذه الاية الكريمة حث قال فيها « إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَيَّرَ عِبَادَهُ بِآيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ أَنْ لَا يَقُولُوا حَتَّى يَعْلَمُوا وَ لَا يَرُدُّوا مَا لَمْ يَعْلَمُوا»
من المواضع التي تم الاستدلال فيها بهذه الاية الكريمة في روايات الائمة المعصومين عليهم السلام هي رواية الامام السجاد عليه السلام حيث يقول: «فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ لاَ يَنْظُرُ لَهَا غَيْرُكَ» اي حاسب نفسك ولا يصلح لاحد ان ينظر فيها ويحاسبها غيرك لان الله عز وجل يقول: «بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ» فانت انظر الى نفسك وحاسبها حساب الانسان المسؤول عن نفسه «وَ حَاسِبْهَا حِسَابَ رَجُلٍ مَسْئُولٍ وَ اُنْظُرْ كَيْفَ شُكْرُكَ لِمَنْ غَذَّاكَ بِنِعَمِهِ صَغِيراً وَ كَبِيراً»، وانظر كيف تشكر النعم الكثيرة التي حباك الله بها؟ واخش ان تكون من المشمولين بهذه الاية الكريمة«فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا اَلْكِتابَ».
اي احد موارد تضييع النعمة وعدم شكرها ان يكون الانسان طالب حوزة ورجل دين ويعلم بان الله ماذا يقول لكن من اجل الطمع بالدنيا والاطماع الدنيوية والاغراض السياسية لا يشكر هذه النعمة ويضيع هذا الحق.
ان التلاعب بدين الله له اثار سيئة وخيمة ويترتب عليه عقوبة اخروية. فليس كما يتوهم ان الانسان يبيع دين الله ويتلاعب بدين الله ويستهزئ بدين الله ولا يترتب على ذلك اي اثر. فيقول ان الحجاب من عند الله ولكن يقول اي اية من القران الكريم او رواية اشارت الى عقوبة ترك الحجاب؟
للاسف الشديد ان هذا الكلام قد صدر من احد رجال الدين وهو منشور على الفضاء الالكتروي وهو في الحقيقة نوع من الاستهزاء والسخرية باحكام الله عز وجل.
حينما يحكم الله عز وجل ويصدر حكما الا يحكم العقل بوجوب اطاعة حكم الله وامر الله؟ فلو كان هذا الشخص لديه اطلاع على اوليات علم الاصول لعرف ان العقل يحكم بقبح مخالفة حكم الله عز وجل. قال الله تعالى في الاية 13 و14 من سورة النساء بعد بيان الاحكام«تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»، وهذه الاحكام هي حدود الله ومن يطيع الله ورسوله يدخل الله عز وجل الجنة وهذا هو الفوز العظيم.
وفي الطرف المقابل ماذا؟ «وَمَنْ يعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيتَعَدَّ حُدُودَهُ يدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ»، فمن يخال الله ورسوله ويتعدى حدود الله بلا فرق بين احكام الله سواء كانت احكام الارث او النكاح او الطلاق او المعاملات وواحدة من احكام الله عز وجل الحجاب. العبادات والمعاملات كلها حدود الله فاذا خالفها الانسان يستحق الخلود في نار جهنم ولعل الله يعفو عنه يوم القيام لكن هو مستحق الخلود في النار ولذا اكد الله عز وجل ذلك بقوله: «وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ».
لأي سبب في الفضاء الافتراضي، حيث يسمع ملايين الشباب والشابات، أن المعمم يقول الحجاب واجب، ولكن لا يوجد ما يدل على ان من ترك الحجاب فهو في جهنم ، او ان من لم يلتزم بالحجاب سيعاقب؟ هذه آية قرآنية واضحة، فإذا لم تكن هذه الآية فهذا مقتضى القواعد.
هذه المسألة مهمة جداً، ينبغي أن نعتبر أنفسنا ملتزمين بهذا العهد الذي بين كل واحد منا مع القرآن والنبي والدين، ألا نقول غير ما قاله الدين، ولا نزيد من أنفسنا شيئاً. كدين وتسليمه للمجتمع مما له آثار سيئة للغاية في الآخرة والدنيا.
ونسأل الله تعالى أن يرشدنا إلى الدين وأن يلزمنا بأداء أوامر الدين وعدم مخالفتها.
و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته