البدعة في الدين منشا الفتن

12 ربیع الاول 1446

19:16

۴۴

خلاصة الخبر :
تصريحات اية الله محمد جواد الفاضل اللنكراني حفظه الله في درس بحث خارج الاصول
آخرین رویداد ها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

بما ان هذا هو اليوم الاول للبحث سانقل كلاما لامير المؤمنين (عليه السلام) تيمنا وتبركا. 
وفي الخطبة الخمسين من نهج البلاغة، التي أوردها المرحوم الكليني أيضاً في كتابه فضل العلم، باب بدء الرأي والمقاييس، إسناد صحيح عن محمد بن مسلم  عن الامام الباقر (عليه السلام) عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال:
«أیها الناس إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللهِ وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالًا عَلَى غَيْرِ دِينِ اللَّهِ. فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ، وَ لَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ، وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ، فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ يَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنى».
وصدر كلام الامام عليه السلام لعله كثرا ما سمعتموه ولكن ذيل هذه الخطبة قلما سمعتمونه ونريد ان نركز على الذيل: 
يقول الامام عليه السلام ان جذور جميع الفتن هو الأهواء والنزعات والشهوات النفسية التي يتبعها الانسان، او الاحكام التي تبتدع فإذا اتبع الناس الشهوات والملذات الدنوية والجاه والمال والمنصب، أصبح هذا باعث على الفتنة. أي أن هوى النفس يخلق أرضاً للفتن والمشاجرات والصراعات.
والأمر الثاني الذي يسبب الفتنة هو الأحكام التي تبتدع، أي أن الأحكام المختلقة التي يطرحها الإنسان من جيبه باسم الدين تصبح مصدر الفتنة. وقد فسره بعض شراح نهج البلاغة يبتدع في الدين لما يناسب اهواءه النفسية ، وهذا مخالف لظاهر العبارة. وظاهر العبارة أن كل واحد من من الامور المذكرة هو سبب للفتنة مستقلا به.
وأنا أعني بهذا الجزء الثاني، أي: (احكام تبتدع)، وقد أورد المرحوم الكليني (عليه السلام) أيضاً هذا القول لأمير المؤمنين (ع) بهذه المناسبة في الجزء الثاني من كتابه. وبطبيعة الحال ان جميع انصاف المجتمع يبتلون بالاهواء النفسيرة سواء كانوا رجال الدين او غير رجال الدين والعلماء وغير العلماء الغني والفقير، ولكن العامل الثاني فدائرته محدودة بعلماء الدين وهي ابتداع الاحكام وادخالها في الدين.
نفكر أحياناً ماذا سيحدث لو غيرنا أمر الله؟ والنتيجة النهائية هي أن يغضب الله علينا، وننتهك حرمات الله ونتجاوز حدوده، في حين تصبح البدعة مصدر فتنة بين البشر، لأن الأحكام الإلهية، إذا وضعت كل واحدة في مكانها بالضبط، ستجلب السلام للمجتمع والإنسان. ، السلام يخلق للمجتمع. أما إذا ظهرت البدعة، وحرم حلال الله، وحل حرام الله، أصبح هذا مصدر نزاع وفتنة.

ثم قال (يخالف فيها كتاب الله) بمعنى يبتدع الاحكام من اجل اتباع الاهواء النفسية ماذا تعني البدعة؟ وخلافاً، كما ترى، في بحث الحجاب هذا، لو أن الناس أطاعوا حقاً ما قاله الله تعالى، فهل كانت الأزمة التي حدثت عام 1401 قد حدثت؟ ما حجم المشكلة التي سببتها؟ كم تكلفت من نفقات؟ كم عدد الجرحى وكم عدد القتلى والآثار لا تزال موجودة. معارضة الحكم لها هذه الآثار. «إنه مخالف لكتاب الله».
ومن خصائص البدعة الأخرى أن بعض الناس يجعلون غيرهم أئمة وأولياء لهم، مثل الطوائف المبتدعة من البهائية، والوهابية، والبابية، والعرفان الجديد، والصوفية...
وفي مقطع فيديو كنت أستمع إلى أحد كلام الصوفية في الفضاء الافتراضي وهو يقول بوضوح أنك أثناء الصلاة إذا رأيت نفسك في بين بيدي الله عز وجل فإن صلاتك صحيحة فهذا الكلام بدعة. وينسبونه إلى الإمام المعصوم (عليه السلام). أين الإمام المعصوم وأين المخطئ من رأسه إلى أخمص قدميه؟ كل البشر ما عدا المعصومين معرضون للخطأ.
لا ينبغي أن نحصر مفهوم الفتنة بالنزاع والخلاف، احيانا تستعمل كلمة الفتنة في القرآن بمعنى الشرك «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ» أي يجب ان لا يوجد المشرك والكافر على الأرض. يريدون أن يخلقوا طريقا لفصل الإنسان عن الصراط المستقيم، ويقولون إننا الصراط المستقيم، وليس كذلك محور الصقلين هو الصراط المستقيم، من هذا المحور الذي تم حذفه انحراف، لا أريد أن أخوض في هذا النقاش، يجب أن ترى بنفسك ما قالته هذه الطوائف في الفضاء الافتراضي وتضليل الشباب، كل هذا فتنة. وإذا قبل الإنسان نفس حكم الله، فلن يسعى إلى تضليل الناس.

ثم قال الامام علیه السلام:  «فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ» إذا جاء الباطل الخالص إلى الميدان سيفهم الإنسان أنه باطل، وإذا جاء الباطل نفسه إلى الميدان عارياً سيفهم العاقل أين يوجد الباطل، «وَ لَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ، وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ»،

وأكثر اعتمادي على هذا الجزء الأخير من کلام أمير المؤمنين (عليه السلام). وهو قوله «یخالف فیها کتاب الله» وقوله: «احکام یبتدع» وخلط الحق والباطل كلها تتعلق بقواعد البدعة. يقول الامام علیه السلام: «فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِه»ِ متى سيسيطر الشيطان على أتباعه؟ عندما نرى أن الإنسان قد خلط بين الحق والباطل، فهذا يجب أن يهمنا. ينبغي أن نرى ما هو الصواب في المناقشات العلمية. لنرى ماذا قال الله؟ الله هو أصل الحق وجوهره، كل ما يتعلق بالله فهو حق، وكل ما يتعلق بغير الله فهو باطل.
وينبغي أن نضع هذا محورا ومبدأ في المباحث العلمية للبحث عن الحقيقة ومعرفة ما عبر عنه الدين. ودعونا نبین الأمر نفسه للناس، دعونا لا نحاول أن نصنع شيئًا من أنفسنا ونزيفه ونعطيه للناس.
وهذا من افختارات رجال الدين، الذين بنوا اساسهم على الثقلين والقرآن والعترة، وهو مبني على فهم الحق. لسوء الحظ، بعض الناس الذين لا يمكن أن يقال أنهم ضد رجال الدين فقط، ولكن قبل كل شيء، هم ضد الدين، يقولون ما الذي قدمه رجال الدين للناس؟ هل جاء بشيء غير الخرافات؟ ولکن هؤلاء لا يعلمون ان مرد كلامهم الد أن القرآن والسنة خرافات، والصوم والحج والزكاة والجهاد وكل هذه خرافات، هل قال رجال الدين للناس غير ذلك؟ إنهم لا يجرؤون على القول بأن الدين خرافة، بل يقولون ذلك.

ويتساءل المرء حقًا، رجال الدين الذين تركوا وراءهم الكثير من الأعمال العلمية، من الذي كتب كل هذه الكتب العلمية والتعليقات والأخلاق والتاريخ؟ من هو مؤلف الكتب المتوفرة في المكتبات اليوم؟ هی الحوزة العلمية، ومصدر الحوزة العلمية إما القرآن أو العترة.

فكيف يسمح أحد لنفسه أن يعقد مثل هذه المقارنة غير العادلة في هذا الوقت وبعد هذه الثورة العظيمة، وقد تجلت عظمة الدين بهذا الشكل؟ بالطبع، نحن لا نقول أن كل من فعل كل شيء كان على حق، كان هناك الكثير من الأخطاء، وكان هناك الكثير من الأشياء المخيبة للآمال، ولكن لماذا يجب أن ندمر الأساس؟ هل نقول أن رجال الدين جلبوا الخرافات للشعب فقط؟ لا أستطيع أن أقول إن هذا ظلم، لكن هذا الموقف يدل على ضغينة لاصل الدين. دعونا نتحدث بعقلانية، نرى أين جاء رجال الدين جاءوا بخرافة؟

رجال الدين هم أقوى عائق أمام الخرافات، لولا رجال الدين لسيطرت الخرافات على البلاد اليوم. كما ترى، في هذه الدول الأوروبية، أقوى الخرافات هي خرافات يفهمها حتى أطفالهم الصغار أنها خرافات، أما كبار السن من الرجال فهم یفهمون ذلک. ومن المدهش أن يقول من يحمل لقب أستاذ جامعي إن رجال الدين يبحثون عن الخرافات.
نستفيد من كلام امير المؤمنين عليه السلام حيث يقول اياكم ان تخلطوا الحق بالباطل، فاذا اختلط الحق بالباطل فقد استولى الشيطان عليكم، فاذا كنا نقول ان هذا الحكم بما ان الناس يحبونه نؤكد عليه كل هذا من قبل خلط الحق بالباطل ونحن مكلفون ان نبلغ للناس نفس ما هو موجود في النصوص الدينية من دون زيادة او نقيصة .

ومن بداية العام الدراسي انتبهوا لهذه الجملة ما استطعتم واسألوا الله أن يحقق معنى هذه الجملة لكم ولنا. «‌وَ يَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنى» سيتم إنقاذ مجموعة واحدة، التي قدرها الله لحسني، أنثى حسني هي الأفضل.وقد فسره البعض بأنه الوعد بالجنة، ومع أن الوعد بالجنة من أمثلة الخير، فإن الخير يعني أن تكون سعيدا، ويقول الزمخشري في الكشاف إن منتهى الخير ينبغي أن يكون إنسانا، «إما السعادة و إما البشری بالثواب و إما توفیق الطاعة»، في حسني كل شيء إجمالي، أي أن كل الخير في ذلك المجموع، أي أن الله قد كتب لبعض الناس أن يسعدوا، وإن شاء الله سنكون من هذه المجموعة.

اقرأ آيات الشفاعة هذه في القرآن بعناية «‌وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ»، یا «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ»، ولعل الاهم من الکل هذه الاية «‌وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ»  لو لاحظنا هذه الايات وجعلنها جنبا الى جنب سنفهمها تماما والظاهر ان الامام عليه السلام كلامه مقتبس من هذه الايات الكريمات. 

وفي بداية السنة الدراسية ينبغي ان يكون دعاؤها ان يجعلنا ضمن هذه المجموعة وان لايجعلنا ضمن مجموعة الذين«‌اسْتَحْوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ»، نحن نسير في طريق صعب للغاية، أحيانًا لإظهار قوتنا العلمية ندمر حقيقة ما، ونعلم أن المادة صحيحة، ونفهم أن المادة حقيقية، ولكن لأن شخصًا آخر قالها، تلك الغطرسة الموجودة في البشر يقول لا، لا بد لي على الأقل من إفساد ركن هذا الأمر، فهذا أصل الفتنة، لكن إذا استباق الإنسان على الحسني فإنه يخضع للحق، لا يقف أبداً ويقاوم الحق.

ونأمل من الله عز وجل أن يمن علينا بعام خير جداً، مليئ بالروحانية والعلم، ويفتح لنا أبواب علمه، وتكون سنة مثمرة جداً إن شاء الله.

الملصقات :

الدين البدعة الفتنة