بیانات سماحة آية الله الشيخ محمدجواد الفاضل اللنکراني(مد ظله) بمناسبة عیدغدیر خم برنامج خاص عرض في قناة القرآن
19 ذیحجه 1433
09:24
۶,۵۵۴
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
نبارك ونقدم أزكی التهاني والتبریکات لکافة المسلمین بمناسبة حلول عید الأضحی المبارک وکذلک عید الله الأکبر، عید الغدیر السعید، وللشيعة کافة في شتی بقاع العالم.
یصادف في شهر ذي الحجة الحرام عیدان هما من أکبر الأعیاد الإسلامیة، وکل منهما یحمل في طیاته وجنبانه أعظم الأسرار والآداب الکثیرة، فمن هذین العیدین،عید الغدیر الأغرّ الذي له أهمیة خاصة أیضاً، ویمکن أن نعتبر هذه الأعیاد، وتحدیداً عید الغدیر السعید هو یوم خاص لزیارة الله تبارک وتعالی، یعني الیوم الذي وسع الله تعالی بفضله علی المسلمین بفضل وجوده، فکان له به عنایة واهتمام خاص.
روي أن الله تبارك و تعالى يغفر لكل مؤمن و مؤمنة و مسلم و مسلمة من الذنوب ضعف ما يغفره في شهر رمضان و ليلة القدر .لذا علینا أن نولي ونعیر هذین الیومین أهمیة فائقة، وعنایة خاصة، ولا نتصور أن عید الأضحی المبارک هو یوم خاص بالحجاج في منی، وأن آدابه وشعائره مختصة بهم وحدهم، فقد وردت روایات وأخبار کثیرة في کتب الأدعیة الکثیر من المستحبات في لیلة عید الأضحی ویومه، هذا أولاً، وأکدت هذه الروایات أیضاً علی إحیاء لیلة عید الأضحی بالمناجاة مع الله والذکر، والصیام في یوم عید الغدیر، فإن الله یغفر له في هذا الیوم ستین ذنباً، ویرزقه ثواب صیام ستین شهراً، في طول حیاته، وهناک آداب کثیرة دونت في کتب الأدعیة المأثورة، وکتب الأجلاء من العلماء، ارتأینا من المناسب هنا أن نذکر روایة عن الإمام الرضا علیه السلام في هذا الخصوص.
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الرِّضَا ع وَ الْمَجْلِسُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ فَتَذَاكَرُوا يَوْمَ الْغَدِيرِ فَأَنْكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ الرِّضَا ع حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ إِنَّ يَوْمَ الْغَدِيرِ فِي السَّمَاءِ أَشْهَرُ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ – یعني یا أهل الأرض لا تعتقدوا أن یوم الغدیر هو لکم أنتم فقط، بل لیوم الغدیر حقیقة وملکوت، فهو أشهر في السماء منه في الأرض، إذ لها ضجیج ودوي کدوي النحل-ثم قال علیه السلام (إن لله عزوجل فی الفردوس الأعلی قصراً لبنة منه من فضّة و لبنة من ذهب، فيه مائة ألف قبّة من ياقوتة حمراء، و مائة ألف خيمة من ياقوت أخضر، ترابه المشک و العنبر، فیه أربعةً أنهار نهرٌ من خمر و نهرٌ من ماءٍ و نهرٌ من لبن و نهرٌ من عسل، حوالیه اشجار جمیع الفواکه، وعليه طيور أبدانها من لؤلؤ و أجنحتها من ياقوت، تصوت بألوان الأصوات، فإذا کان یوم الغدیر ورد إلی ذلک القصر أهل السموات، یسبّحون الله و یقدّسونه و یهلّلونه، فتتطایر تلک الطیور، فتقع في ذلک الماء، وَتَمَرَّغُ عَلَى ذَلِكَ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْمَلَائِكَةُ طَارَتْ فَتَنْفُضُ ذَلِكَ عَلَيْهِم، إنّهم فی ذلک الیوم لیتهادّون نثار فاطمة علیها السلام(تتهادی أوراق شجرة طوبی بیمن زواج السیدة الزهراء مع امیر المومنین علیهما السلام في لیلة زفافهما إلی اهل السماء).
ثم قال الإمام الرضا (ع) «یابن أبی نصر أینما کنت فاحضر یوم الغدیر عند أمیرالمؤمنین(ع)، فإنّ الله تبارک و تعالی یغفر لکل مؤمنةٍ و مؤمنٍ و مسلمٍ و مسلمةٍ ذنوب ستّین سنة، و یعتق من النار ضعف ما أعتق من شهر رمضان،وَ الدِّرْهَمُ فِيهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِإِخْوَانِكَ الْعَارِفِينَ وَ أَفْضِلْ عَلَى إِخْوَانِكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ سُرَّ فِيهِ كُلَّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَة» .
تتضمن هذه الروایة نقاطا هي في غایة من الأهمیة، علینا أن ننتبه إلیها. لکن الأهم من کل ذلک، هو تصریح القرآن الکریم بالإمامة التي هي أصل من أصول الدین، قال الله في محکم کتابه المجید: « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَه »، لقد بذل النبي صلی الله علیه وآله أقصی جهوده، وجاهد في سبیل الله، وقاتل، لکنه أخبر عن الولایة في مناسبات عدیدة کیوم الإنذار، منذ البدأ بالرسالة، وتحدث في مناسبات عدیدة عن أمیر المؤمنین علیه السلام، إلا أن لهذا الاجتماع خصوصیة، وهي أن الناس أنهوا وأتموا شعائر الحج، وهم یعودون منه، لکن النبي صلی الله علیه وآله یأمرهم أن یتوقفوا جمیعاً، ویجتمعوا.
وهنا ألقی النبي صلی الله علیه وآله علیهم خطبته الغراء، وأنا من هذا المنبر: أوصي إخوتي بمطالعة تلک الحطبة التي ألقاها النبي صلی الله علیه وآله في یوم الغدیر الأغرّ، فإذا طالعها المسلم،واطلع علی محتواها ومضامینها، فسوف لن یبق له مجال من الشک في ولایة أمیر المؤمین علي علیه السلام، إلا إذا أراد أن یترک الإنصاف والعدل والمنطق جانباً.
من مقاطع هذه الخطبة: قوله صلی الله علیه وآله: « من کنت مولاه فهذا علیٌ مولاه »، في هذه الآیة أیضا یقول الله عزوجل: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَه»، فعدم أداء هذه المهمة، یعني ضیاع کل أتعابک هدراً، وقیامک بأمر الرسالة عبثاً، ونحن الشیعة نعتقد أن الصلاة لا تقبل من دون الولایة لأمیر المؤمنین علیه السلام، وکذلک الصوم، والحج وسائر العبادات، فالعبادة لا تقبل أصلاً من دون الولایة لأمیر المؤمنین علیه السلام وذریته المعصومین علیهم آلاف التحیة وأزکی السلام.
ولعل بعض أهل المذاهب الأخری یقولون لنا: ما هو دلیلکم علی صحة هذا الکلام؟ فهل عندکم دلیل من القرآن علی ذلک؟ فنجیب: نعم، هذه الآیة من سورة المائدة، فعندما لا یعتني الله بما قام به الرسول من مهام في طول رسالته، ویعدها لا شيء، في مقابل أن یقوم بتبلیغ هذا الأمر و هو في غایة الأهمیة، ألا وهو التبلیغ للإمامة، فبطریق أولی الصلاة بلا ولایة کالعدم، وکأنها لم تصل، وهي عاریة من الأثر، فهل الصلاة أهم أم الرسالة؟ وهل الصیام أهم أم الرسالة؟ فیمکننا أن نستنتج من هذه الآیة الشریفة إذاً، أن الولایة هي رأس الدین وروحه، وجوهره وحقیقته وعصارته، فعلینا أن نتعرف في یوم عید الغدیر علی الولایة أکثر وأفضل، وأن نفهم حقیقة الولایة ونتمسک بها أکثر، فالعید هو في الحقیقة بتجلي حقیقة الولایة وسطوع إشراقاتها في قلب المسلم أکثر فأکثر، وعلینا أن نردد هذا الدعاء کثیراً ونقول: «اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ، لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلِلْتُ عَنْ دِينِي»، ونخاطب الله في یوم عید الغدیر فنقول: «اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ، واجعل الولایة في قلوبنا، وأعماق وجودنا».
والعجیب هو أن النبي صلی الله علیه وآله أمر علیاً علیه السلام أن یجعل یوم الغدیر عیداً. وقد روي أیضاً أن کافة الأنبیاء والرسل ممن سلف أوصوا أوصیائهم أن یعدوا یوم الغدیر یوم عید لهم، مع أن النبي صلی الله علیه وآله وعلي علیه السلام لم یولدا بعد حسب الظاهر.
إن یوم الأضحی المبارک مهم أیضاً، فهو عید العبودیة لله، وعلینا أن نعید النظر في حساباتنا بالنسبة لعید الأضحی المبارک حتماً، ونعمل علی تقویته، ولا ندعه یتنزل إلی أدنی رتبة وأقل شأن، إذ لا یختص عید الأضحی المبارک بحجاج بیت الله الحرام حصراً، فإحیاء لیلة عید الأضحی المبارک، وأعمال یوم العید، والأدعیة الواردة فیه، إنما جاءت لکل المؤمنین.
ومن هذا المنبر الشریف أقول لکافة الأخوة وشعبنا العزیز، إنه وإن کان کتاب مفاتیح الجنان للشیخ عباس القمي هي ثروتنا الحقیقیة في الدعاء، ولکن لا تتصوروا أن أدعیتنا منحصرة بکتاب المفاتیح هذا، فعندنا کتاب الاقبال للمرحوم السیّد ابن طاووس، الذي هو أضعاف کتاب مفاتیح الجنان الزاخر بالأدعیة، فلنقرأ هذه الأدعیة، ونستلهم من روحها وجوهرها، لنضاعف في عید یوم الأضحی المبارک من مراتب عبودیتنا لله، ومن یوم عید الغدیر مراتب ولاءنا لصاحب الولایة الکبری امیرالمؤمنین(ع)، فالولایة والعبودیة کلاهما جوهران یرتبط کل منهما بالآخر، فلا تکون العبودیة لله من دون الولایة لأمیر المؤمنین علیه السلام، نسأل الله العلي المتعال أن لا یحرمنا من برکات هذین العیدین السعیدین، إن شاء الله.
والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته.