بحث وتحقیق حول السیدة رقیة بنت الحسین علیه السلام

01 جمادی الاول 1434

17:41

۸,۹۰۴

خلاصة الخبر :
بحث وتحقیق حول السیدة رقیة بنت الحسین علیه السلام للخطیب البارع فضیلة حجة الإسلام والمسلمین سماحة الشيخ النظري المنفرد ولحجة الإسلام والمسلمین السید محمد أمین پور أمیني أستاذ دروس الکلام في المرکز الفقهي للأئمة الأطهار علیهم السلام
آخرین رویداد ها
بسم الله الرحمن الرحیم

بحث وتحقیق حول السیدة رقیة بنت الحسین علیه السلام للخطیب البارع فضیلة حجة الإسلام والمسلمین سماحة الشيخ النظري المنفرد في مراسم عزاء أقیمت في بیت سماحة آیة الله فاضل لنکراني رضوان الله تعالی علیه.

سأتناول في الدقائق المتبقیة من حدیثي مطالب تتعلق بالسیدة رقیة«سلام الله علیه»، فمع الأسف بثّت وسائل الإعلام مطالب ترکت أثراً سیئاً في النفوس، وقد التفتنا إلی هذه الآثار المضرة والسیئة عبر ما ینشره الناس من أسئلة «إما من خلال الحضور هنا، أو عبرالاتصال الهاتفي، و...».

وینبغي الأخذ بنظر الاعتبار عدة أمور:

أولاً: ما وصل إلینا من السلف إما یتعلق بالفقه أحیاناً، ویتضمن ما یجب وما لا یجب فعله أو ترکه، وقد أتعب الفقهاء أنفسهم وبذلوا جهوداً حثیثة ومظنیة في ذلک، من خلال مراجعتهم للروایات وأسنادها، لإثبات صحتها وسقمها، وعامها وخاصها، وموارد التعارض فیها، کل ذلک فحصوا عنه وحللوه وفسروه، وکأنهم یریدون أن یقولوا  للناس: اعملوا العمل الفلاني، أو اجتنبوا الفعل قبیح، وهذا بحاجة إلی عمل متواصل ودقیق.

المجموعة الأخری التي وصلتنا هي المسائل الأخلاقیة، فهذه الروایات الأخلاقیة التي نقرؤها، لا یذهب أحد لیری سندها، لأن الروایات الأخلاقیة إما أن تکون مدعومة بالعقل أوسیرة العقلاء، فالعقل مثلاً یحکم بقبح الظلم، وحسن العدل، وحسن رد الأمانة، وقبح الخیانة، ولهذا، فهم لا یذهبون لیفتشوا عن أسناد هذه الروایات الأخلاقیة.

وهناک من الأمور تتعلق بالمسائل العقائدیة، ففي المسائل العقائدیة، لیس الأصل فیها روائیاً، بل عقلیاً «کوجود الله، النبي، المعاد، و...» نعم، تثبت جزئیات هذه الأمور بالخبر الصحیح، فجاءوا بخبر صحیح في المسائل العقائدیة، ومؤید هذا الشيء ما یفهمه العقل، وهذا أیضاً مهم بالنسبة للمسائل العقائدیة.

أما بالنسبة إلی الفضائل والرذائل، ونحن في هذا القسم، فنفتش عن السند، لماذا؟ لاحتمال الوضع والجعل في مثل هذه الأمور، فمثلاً قال فلان شخص من صحابة رسول الله صلی الله علیه وآله کذا وکذا، هل هذا صحیح؟ وهل کان کذلک حقیقة؟ فینبغي مشاهدة السند، والتدقیق فیه، لاحتمال الجعل في الفضائل والرذائل، ولهذا هم یبحثون عن السند، ونحن في مسائل الفضائل نفتش عن السند حقیقة، فلو قال النبي مثلاً: «أنا مدینة العلم وعي بابها»، فنذهب لإثبات صحة سند هذا الحدیث.

فعلی سبیل المثال: روی المرحوم السید الأمیني «رضوان الله تعالی علیه» في الغدیر في ما یتعلق بحدیث العامة فقط مائة واثنین وأربعین مصدراً. وهذا بنفسه یورد نوعاً من الثقة، إذ إن هذه المسألة کانت موجودة، وقد یریدون أحیاناً أن یصححوا شیئاً، لکي یعظّموا شخصاً مثلاً، أو یسقّطوا أحداً، وقد لایکون کذلک أحیاناً أخری، وکثیر من قضایا کربلاء هي کذلک، فلا داعي لجعل قضایا کربلاء.

أردت أن أذکر هذا بشکل عام، لیکون مدخلاً إلی هذه المسألة. أما بالنسبة لمسألة عاشوراء والحوادث التي تلتها، فأنا أؤکد علی هذه النقطة، وهي أن أحداث کربلاء لم ینقلها شخص واحد فقط، والقدر الذي یسعفني به من محفوظاتي هو أن بعض أحداث کربلاء رواها بعض من کان في جیش عمر بن سعد، کحمید بن مسلم، وقرة بن قیس التمیمي، الذي روی حادثة القتل والاستشهاد علی ید هؤلاء الأفراد.

وقد روی الضحاک بن قیس بعض القضایا أیضاً، وهو ممن التحق بالإمام الحسن علیه السلام في الطریق، لکنه اتفق مع الإمام الحسین علیه السلام أنه: «مادمت حیاً، سأدافع عنک، وسأذهب إن رأیت أنک قد استشهدت»، فجاء إلی کربلاء، وبقي مع الإمام الحسین علیه السلام إلی عصر عاشوراء، وقال: أرید أن أذهب، فقال له الإمام علیه السلام: کیف ترید أن تذهب؟ فقال: أعرف ذلک.

وقد کان ترک فرسه في الخیمة، لکي لا یصاب بسهم، وعندما حوصر الإمام علیه السلام، رأی أن هناک مفراً وطریقاً للهروب، فرکب علی فرسه، وهرب من الجهة الأخری، فانطلق کثیر بن عبد الله الشعبي مع عشرة فرسان من جیش عمر بن سعد، فکان یجري وهم یجرون خلفه، حتی أخذهم التعب والإرهاق، فوصلوا إلی مکان ونزلوا عن خیولهم، فوصل کثیر بن الشعبي وقال: من أنت؟ فکشف عن وجهه ورأی أنه صاحبهم، فترکوه، فبعض القضایا في لیلة عاشوراء قد رویت عنه.

وقد رویت بعض القضایا عن الإمام السجاد علیه السلام، کخطبة الإمام الحسین علیه السلام في لیلة عاشوراء وهي مرویة عنه علیه السلام، والبعض الآخر روتها فاطمة بنت الإمام الحسین علیه السلام، وروی البعض الآخر عقبة بن سمعان، وقد روی الطبري عنه عدة مرات، وقد کان غلاماً للسیدة رباب زوجة الإمام الحسین علیه السلام، فبعد انتهاء الحرب، ألقوا القبض علیه، وأخذوه أسیراً إلی عمر بن سعد، فأطلق سراحه لأنهم لم یکونوا یقتلوا الغلمان، وروی زید بن أرقم بعض أحداث الکوفة، وروی بشیر بن حذلم خطب السیدة زینب علیها السلام.

أتلاحظون کم أن قضایا کربلاء مختلفة ولم یکن یروها شخص واحد فقط. النقطة الأخری التي أرید بیانها، ومن ثم أذکر بعض المطالب حول السیدة رقیة«س»، فهي: رحم الله العلامة المرحوم الشعراني، فلهذا العالم حواشي جیدة علی مجمع البیان والصحیفة السجادیة، وهناک بعض الأمور قد ذکرها في مصنفاته وکتبه، وهناک قضیتان تاریخیتان لو وضعنا کل منهما إلی جانب الأخری، سنری أن هناک اختلافات ومشترکات بینهما حول تلک القضایا، وما یمکن أن ننتزعه من هاتین القضیتین التاریخیتین هو أن أصل هذه القضیة قد کان صحیحاً. نعم هناك اختلافات في الجزئیات، فهذه الحرب المفروضة علینا مثلاً مع توفر کافة الإمکانات، قد یقع اختلافاً في سرد أحداثها أیضاً، وهذا أمر طبیعي طبعاً.

فقد ینظر الراوي المسألة من زاویة معینة، و راو آخر من زاویة أخری، وهذا هو ما حدث في نقل وقائع کربلاء والإمام الحسین علیه السلام، لتعلق مشیئة الله أن تبقی کربلاء خالدة، ولهذا یری الإنسان هذا النظم والترتیب في واقعة الإمام الحسین علیه السلام، ولا یراهما في محل آخر، حتی في حروب النبي صلی الله علیه وآله. فلاحظوا مثلا: الشعارات التي رفعها أصحاب الإمام الحسین علیه السلام هي کلها مدونة ومسجلة في التاریخ، أسماء الشهداء، وتحرکاتهم، مثل حنظلة بن أسعد الشمامي، قالوا عنه: قاتل قتال الأبطال، والآخر: قاتل قتال المشتاقین. هذه الجزئیات کلها قد رویت في التاریخ. کانت هذه بعض النقاط أردت أن أبینها إجمالاً وهي تتعلق بعاشوراء.

 أما في ما یتعلق بالسیدة رقیة(س): لو أردنا أن ننکر قصتها، فعلینا أن نقبّل المقتل، ونضعه جانباً، فقد یجيء شخص أحیاناً ویقول: إن قصة السیدة رقیة(س) ذکرها الملا حسین الکاشفي في روضة الشهداء، ولا سند لها في هذا الأثر مثلاً، نعم، لکن هذه القصة رواها أحد الفقهاء الکبار وهو من أصحاب النظر.

عماد الدین الطبري وهو من علماء القرن السابع الهجري قمري، وتاریخ وفاته ظاهراً في عام 675ه ق، وهو عالم وفقیه جلیل، ذکر المرحوم الشهید الأول کلامه في صلاة الجمعة، وکتاب «الکامل» المشهور «بکامل البهائي»، وقد تم تألیفه في القرن السابع، حیث صرح في المجلد الثاني صفحة 179: أن هذه البنت هي ابنة الإمام الحسین علیه السلام، فقال: إن هذه الطفلة أفاقت من نومها، وقالت: أین أبي؟ فسمع یزید«لعنه الله» صوت بکاء هذه الطفلة، وقال: خذوا الرأس إلیها، فلما شاهدت هذه الطفلة رأس أبیها، فارقت روحها الدنیا، ویقول: کان عمرها أربع سنین.

ثم یقول بعد ذلک: أنه نقل ذلک من کتاب الحاویة، ولیس هذا الکتاب موجود عندنا الیوم، کسائر الکثیر المفقودة مع الأسف، وفي کتاب البحار، وهو مجموعة قیمة من الأحادیث جمعها المرحوم العلامة المجلسي، له بعض البیانات والشروح في ذیل بعض الأبحاث، وهي مطالب قیّمة حقیقة، وقد ذکر في مقدمة الکتاب: شاهدت أن بعض الکتب معرضة للتلف، فقلت: أن أجمعها في مجموعة لتبقی. ونحن نفقد الکثیر من المصادر المذکورة في البحار الیوم، لکن المرحوم المجلسي کان یمتلک تلک المصادر قبل ثلاثمائة عام، فلیس عندنا الیوم کتاب الموفقیات للزبیر بن بکار، إلا أن ابن أبي الحدید کان عنده هذا الکتاب قبل ثمانمائة عام،وروی عنه.

ولیس عندنا الیوم أیضاً کتاب «السقیفة وفدك» لأبي بکر الجوهري، ویعد هذا الکتاب من الکتب الأصیلة في القرن الرابع ه.ق، وقد نقل عنه ابن أبي الحدید، ویقول: من الثقاة بین أهل السنة والعامة. وعلی کل حال، قصة السیدة رقیة(س) وردت في کتاب «کامل البهائي»، وقد صرح هناك بأنها ابنة للإمام الحسین علیه السلام، وقد روینا قصتها.

أما أن یأتي الإنسان هکذا، ویبین مطلباً ویقول: أنها ابنة أحد الشهداء، ولکن بأي دلیل وسند؟ وهکذا، قالوا مثل هذا الکلام، فأصیب البعض بالحیرة والدهشة، وهذا لیس من المصلحة طبعاً، فلماذا نفعل هکذا؟

وقال البعض أیضاً: أن للإمام الحسین علیه السلام ابنتین، أحدهما فاطمة، والأخری سکینة، فالسیدة «رقیة» ابنة من إذاً؟ ونقول في الجواب: ذکر علي بن عیسی الأربلي أن للإمام الحسین علیه السلام أربع بنات، وعلی هذا، لیس هناک مشکلة إذاً من هذه الجهة أبداً، وقد ورد اسم «رقیة» في أشعار سیف بن عمیرة أیضاً.

ذکر لي حجة الإسلام والمسلمین قرباني إمام جمعة «ساوه» المؤقت، وهو من رجال الدین الجیدین جدا، مطلباً نقلاً عن المرحوم المیرزا علي محدث زاده «ابن صاحب مفاتیح الشیخ عباس»، وقد کان یرتقي المنبر في طهران أنني واعدته في بعض السنوات قبل أیام من بدایة شهر محرم الحرام أن یقرأ لي بعض المجالس، فأصیبت أوتاري الصوتیة ببعض الإشکالات، راجعت علی إثرها الطبیب، فقال لي: لا ینبغي لک أن تتحدث أبداً، والکلام لي مضر کالسم القاتل.

لکنني واعدت علی المجالس. عقد هؤلاء المجلس بناء علی کلامي لهم، فقلت مع نفسي: إلهي ما ذا سیحصل؟ غداً الأول من محرم، وأنا لا أستطیع بهذه الحالة أن أرتقي المنبر، فتوسلت بالإمام الحسین علیه السلام، فرأیت في عالم الرؤیا، أنني في أحد المجالس، وکأن الإمام الحسین علیه السلام حاضراً في المجلس، وقد حضره عدد کبیر معه، لم أکن أعرفهم، لکنني أعرف الإمام الحسین علیه السلام، فالتفت الإمام علیه السلام إلی أحد الحاضرین في المجلس ولم أکن أعرفه وقال: اقرأ المصیبة فقال: وأي مصیبة أقرأ؟ فقال الإمام الحسین علیه السلام: اقرأ مصیبة ابنتي رقیة(س) فأخذ ذلک الرجل یقرأ مصیبة السیدة رقیة(س)، فبکی الإمام الحسین علیه السلام کثیراً، وأهل المجلس وأنا أیضاً، وعندما استیقظت من المنام، رأیت أن أوتاري الصوتیة قد تحسنت ولیس بها شيء، وکنت أرتقي المنبر في ذلک العام ببرکة ما رأیته في عالم الرؤیا .

بحث وتحقیق حول السیدة رقیة بنت الحسین علیه السلام

تحقیق حول السیدة رقیة بنت الحسین علیه السلام لحجة الإسلام والمسلمین السید محمد أمین پور أمیني، أستاذ دروس الکلام في المرکز الفقهي للأئمة الأطهار علیهم السلام

کان لي عدة کتابات باللغة العربیة والفارسیة حول السیدة رقیة بنت الحسین علیه السلام، وقد بذلت أقصی جهودي لتحقیق ذلک، وأجبت عن کل شبهة وسؤال حول هذه الشخصیة، التي تعتبر وثیقة حیة لمظلومیة النهضة الحسینیة، إلی أن عثرت علی مصدر مهم وقیم، أرتأیت أن أضیفه لإکمال البحث.

ذکرت الکثیر من المطالب من کتاب «الکامل للبهائي» باعتباره من أقدم المصادر في هذا المجال، کتاب «الکامل للبهائي» اثر الشيخ عماد الدين حسن بن علي بن محمد بن علي الطبرى الآملي. و هو من معاصري الخواجه نصير الطوسي، کتبه بأمر الوزير بهاء الدّين محمد، ابن  الوزير شمس الدين الجويني صاحب الديوان و حاکم اصفهان  في حکومة هولاکوخان، و من هنا، جاءت تسمیته  ب«کامل البهائي».

الاسم الآخر لهذا الکتاب هو «کامل السّقيفة». وهذا الکتاب في مجلدین، کتبه في مدة اثني عشر عاماً، و تاريخ الانتهاء من تأليف الکتاب، عام 675 ق. ولمؤلّف هذا الکتاب آثار أخری مثل: مناقب الطّاهرين، معارف الحقائق و أربعين البهائي. ویعلم من مجموعة هذه الآثار جیداً أنه عالم شيعي و مؤرخ ملتزم ومتدین. و ینقل عماد الدّين الطبري أيضاً الحادثة نقلاً عن کتاب «الحاوية»، و مع الأسف لا أثر لهذا الکتاب.

فیقول: «وفي كامل البهائيّ نقلاً من كتاب الحاوية أنّ نساء أهل بيت النّبوّة أخفين على الأطفال شهادة آبائهم ويقلن لهم إنّ آباءكم قد سافروا إلى كذا وكذا، وكان الحال على ذلك المنوال حتّى أمر يزيد بأن يدخلن داره، وكان للحسين (عليه السلام) بنت صغيرة لها أربع سنين قامت ليلة من منامها وقالت: أين أبي الحسين (عليه السلام) فإنّي رأيته السّاعة في المنام مضطرباً شديداً، فلمّا سمع النّسوة ذلك بكين وبكى معهن سائر الأطفال وارتفع العويل، فانتبه يزيد من نومه وقال: ما الخبر؟ ففحّصوا عن الواقعة وقصّوها عليه، فأمر اللعين بأن يذهبوا برأس أبيها إليها، فأتوا بالرّأس الشّريف وجعلوه في حجرها ، فقالت: ما هذا ؟ قالوا: رأس أبيك. ففزعت الصّبيّة وصاحت فمرضت وتوفّيت في أيّامها بالشّام».

ویفهم من نقل عماد الدین الطبري أن الامام الحسين‏(ع) کان له ابنة عمرها أربع سنوات، توفیت في الشام حزناً علی أبیها، ولکن لم یذکر اسمها، وتناقل المؤرخون هذه الحادثة المؤلمة باختلاف ضئیل، وبعض الإضافات وردت بلسان الحال في کتبهم، مثل:

1. الملا حسين الکاشفي السبزواري(م910ق) في کتاب روضة الشهداء ، نقلاً عن کتاب کنزالغرائب.
2. الشيخ فخرالدّين الطريحي النجفي(م1085ق) في کتاب المنتخب .
3. السيد محمد علي شاه ‏عبد العظیمى‏‌‌(م1334ق.) في کتاب الايقاد .
4. الشيخ محمد هاشم بن محمد علي الخراساني(م1352ق) في کتاب منتخب ‏التّواريخ .
5. الشيخ عباس القمي‏‌‌(م1359ق) في  کتاب نفس ‏المهموم،و منتهى ‏الآمال .
6. الشيخ محمد مهدي الحائري المازندراني في کتاب معالي‏ السبطين .
و صرح البعض منهم باسم السیدة"رقية" أیضاً.

قال الشيخ محمد هاشم الخراساني في عده أسماء النساء الأسیرات: "التاسعة: البنت التي توفیت في خرابة الشام، لعل اسمها الشریف «رقیة» من بنات سيد الشّهداء(ع)، ولها مزار في خربة الشام، ینسب إلی هذه المخدّرة، و معروف بمزار "الست رقيّة".

وذکر السيد محمد علي شاه ‏عبد العظیمي‏‌‌ في الايقاد: "کان للإمام الحسین علیه السلام طفلة یحبها وکانت هي أیضاً تعشق الحسین علیه السلام، قیل إن اسمها: رقیة، وعمرها ثلاث سنوات، وکانت مع الأسری في الشام، وکانت تبکي لفراق أبیها لیلاً ونهاراً، وکانو یقولون لها: إن أباک في سفر.

فرأته في منامها في لیلة من اللیالي، وعندما استیقظت، أخذت تبکي بکاء شدیداً، وأخذت تقول: ائتوني بأبي ونور عیني، فعل اهل‏ البيت‏(ع)کل شيءلیهدئوها، فلم تهدأ، وأخذت تزداد في بکائها، وکان ألم وحزن اهل‏ البيت‏(ع) یزداد لبکائها، وکانوا هم یبکون أیضاً، لطموا وجوههم، ونشروا التراب علی رؤوسهم وشعورهم، وتعالی البکاء والصیحة من کل مکان، فسمع یزید أصوات بکائهم، وقال: ماالخبر؟ قالوا له: إن ابنة صغیرة للحسین علیه السلام رأت أباها في المنام، فاستیقضت وهي تطلبه، وهي تضج بالعویل والبکاء، فأمر یزید بأن یؤخذ الیها رأس أبیها، وضعوه أمامها، لتهدأ، فعلوا ذلک،فوضعوا رأس المولی غلی طبق وهو مغطی أمامها، فلما رأت الطبق، قالت: أرید أبي، لاأرید الطعام، قالوا: أبوك هنا، فرفعت المندیل عن وجهه، فرأت رأساً، قالت: لمن هذا الرأس؟ قالوا: هذا رأس أبوک فأخذت الرأس ووضعته علی صدرها، وقالت: أبه یا أبه، من الذي أیتمني علی صغر سني!... فوضعت شفتیها علی شفتي أبیها، ثم أنّت أنّة وسکتت، وغشي علیها، فحرکوها، فإذا هي میتة. فعلی صراخ وبکاء أهل البیت من کل جهة ...  .

تناقلت الألسن هذه القصة بهذا الشکل، ونقلها السید شاه عبد العظیمي من کتاب العوالم، والشیخ الطریحي أیضاً بهذا المضمون، وحکاها الشیخ مهدي المازندراني عنه،وهذا المطلب وإن لم یوجد في عوالم البحراني، لکن لعل المقصود بالعوالم هو کتاب آخر.

وعلی کل حال، تطرح هنا عدة أسئلة
1)کم للإمام الحسین علیه السلام من البنات؟
2)هل کان للإمام الحسین علیه السلام ابنة اسمها رقیة؟
3)هل تکلم الإمام الحسین علیه السلام باسم رقیة؟
4)کم رقیة کانت في کربلاء؟وکم هي احتمالات المسألة؟
5)هل هناک دلیل آخر غیر النقل والروایة؟
واستمراراً في هذا البحث، نجیب عن السؤالین الأولین فقط، والباقي قد ذکرناه في محله.

1)کم للإمام الحسین علیه السلام من البنات؟

في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

الف) ابنتان: ذکر الشيخ المفيد أن له علیه السلام ابنتان فقط، هما فاطمة وسکينة. ووافقه مجموعة  من العلماء علی ذلک.

ب) ثلاث بنات: ذکرت بعض الکتب له علیه السلام ثلاث بنات. قال الطبري الشیعي الإمامي: «و له من البنات زينب، و سکينة و فاطمة». وذکر ابن شهرآشوب،الخصيبي‏ ، ابن الخشّاب‏ والشيخ محمد الصبّان أیضاً مثله.

ج) أربع بنات: صرح الشيخ کمال الدين محمد بن طلحة الشافعي(م652 ق 18) في  کتاب مطالب السّؤول فى مناقب آل ‏الرّسول بوجود أربع بنات للإمام الحسین علیه السلام. وادعی علی ذلک الشهرة أیضاً، فقال: « کان له ـ أي للحسين(ع) ـ من الاولاد ذکور و اناث عشرة، ستّة ذکور، و أربع اناث، فالذّکور: علي ‏الاکبر، علي الاوسط و هو سيّد العابدين...، و علي ‏الاصغر، محمد، عبداللّه و جعفر. فامّا علي الاکبر فانّه قاتل بين يدي أبيه حتّى قتل شهيداً. و امّا عليّ الاصغر جاءه سهم و هو طفل فقتله... و قيل: انّ عبداللّه ايضاً قتل مع ابيه شهيداً. و امّا البنات: فزينب، سکينة و فاطمة. هذا هو المشهور، و قيل: بل کان له اربع بنين و بنتان، و الاوّل أشهر».

و قال ابن الصبّاغ المالکي أیضاً: "قال الشيخ کمال الدين بن طلحة: کان للحسين‏(ع) من الاولاد ذکوراً و اناثاً عشرة، ستّة ذکور وأربع اناث، فالذّکور عليّ الاکبر، عليّ الاوسط و هو زين العابدين، و عليّ ‏الاصغر، محمد، عبد الله و جعفر... و اما البنات فزينب و سکينة و فاطمة، هذا قول مشهور .

وقال الشيخ کمال الدين بن طلحه: للحسین ‏(ع) عشرة أولاد ذکوراً و إناثاً،ستة منهم ذکور،وأربعة إناث. والأولاد هم: علي ‏الاکبر، علي الاوسط ـ وهو زين‏ العابدين‏(ع) ـ علي الاصغر، محمد، عبد الله و جعفر...، والبنات: زينب، سکينة و فاطمة، و هذا هو قول المشهور. وذکر العلامة الاربلي مثله".

ومطابقاً لهذا القول الذي ادعی علیه الشهرة،و رواه عدة من کبار المؤرخین کالعلامة الاربلي في کشف الغمّة وابن الصباغ المالکي في الفصول المهمّة أیضاً، و لم یردوه، أن له علیه السلام أربعة بنات، فصرّحوا بأسماء ثلاثة منهن، ولم یذکروا الرابعة منهن،وبقي مجهولاً.

2)هل کان للإمام الحسین علیه السلام ابنة اسمها رقیة؟

قلنا في الجواب عن السؤال الأول: عندما لم ینحصر عدد بناته علیه السلام باثنین، وبناء علی قول من ادعی فیه الشهرة، فقد صرحوا بأن له علیه السلام أربعة من البنات، هن (زينب، سکينة و فاطمة)، ویحتمل أن الرابعة هو ما تلهج به الألسن  وهي السیدة المعروفة «رقیة».

فبناء علی هذا، لا وجه لإنکاره من الناحیة التاریخیة، والأهم من ذلک وقوع الأحداث التاریخیة المستمرة، تشهد أیضاً علی أن في هذا القبر الشریف ابنة من سلالة النبیین، والذریة الطاهرة لأهل البیت من ذریة الحسین علیه السلام. ومسألة غرق القبر، وفتحه، ووجود الجسد سالماً، هي کلها من المشهورات المسلمات عند أهل الشام، ومعروفاً مشتهراً لدی السنة والشیعة، وحتی الشبلنجي ذکره في نور الابصار أیضاً، وکبار علماء الشیعة، کالملا هاشم الخراساني في منتخب التواريخ و السيد ميرزا هادي الخراساني في کتاب کراماته، فاشتهار المکان، مع بذل العدو أقصی جهوده لأطفاء الجذوة الحسینیة وإقصائهم، یکشف عن صحة المطلب.والیوم یسطع ویشع هذا النور لقبر السیدة رقية بنت الحسين(ع) من قلب بلد بني أمیة، ولم یبق لخبر لظلم معاویة وابنه یزید سوی اللعنة التي باتت تلاحقهم.

أما استاذنا الکبیر المرحوم آية الله العظمی الحاج ميرزا جواد التبريزي (أعلی الله مقامه الشريف) فقد کان له قلب یتأجج حرقة ویتفجر حزناً لأهل بیت العصمة والطهارة، و ملیئاً بالولاء والعشق لهذه الذریة الطاهرة، لما مرض، تشرف بزيارة المرقد الشريف للسیدة رقية(س) في  الشام، و ألقی هناك کلمة باللغة العربیة، وهي کما یلي: «إن تعلم الاحکام الشرعية والمسائل الفقهية یعد من أفضل الأعمال، وأنتم تعلمون أن هناک حدوداً تتعلق بثبوت الموضوعات الخارجیة، وفیها کلها أو معظمها، ینبغي إقامة البینة، إلا هناک بعض الأمور، یکفي فیها مجرد الشهرة، ولا حاجة لإقامة البینة، أو شيء  آخر، بل یکفي مجرد دعوی الشهرة.

 فلو اشتری شخص أرضاً، وبعد ذلک یقال له: إن هذه الأرض وقفاً، فسألوا الإمام علیه السلام عن حکم هذه المسألة، فأجابهم علیه السلام: إذا اشتهر بین الناس أن هذه الأرض وقفاً، فلا یجوز شراؤها، وعلی المشتري أن یعیدها، ومن هذا القبیل حدود أراضي منی والمشعر الحرام «التي تثبت بالشهرة»، وکذلک المقابر، فقد یدفن فیها شخص قبل مائتي عام، ولیس الیوم من أحد  یری محل قبر ذلک المیت، ولکنه اشتهر أنه دفن في هذا المکان، فهذه الشهرة کافیة.

 وهکذا مقام ومزار السیدة رقية بنت الحسين(ع)، إذ کان مشهوراً اولاً، وکأن الإمام الحسين(ع) قد ترک منه في الشام علامة، لکي لا یأتي غداً من ینکر أسر الذریة الطاهرة وما جری لها. وهذه الطفلة الصغیرة هي أکبر شاهد علی أن أطفالاً صغاراً أیضاً کانوا في قید الأسر، ونحن متمسکون بالشهرة علی دفن رقية بنت الحسين(ع) في هذا المکان، وأنها توفیت هنا. فذهبنا مسرعین لزیارتها، وینبغي احترامها وإجلالها.

«لا تقولوا: إنها لم تبلغ الحلم وصغیرة» فعبد الله أیضاً کان طفلاً صغیراً، وله ذلک المقام أن یدفن عند رأس أبیه الحسین علیه السلام في کربلاء،قالوا: إن دفنه في هذا المکان علامة علی أن سيد الشهداء(ع) سیحتضن هذا الطفل الرضیع بیدیه، ویریه إلی أهل المحشر، وکذلك دفن هذه الطفلة الصغیرة في الشام علامة کبیرة وقویة علی أسر الذریة الطاهرة، والظلم الذي حلّ بهم، هذا الظلم الذي بکی علیه الأنبیاء کلهم من آدم إلی الخاتم علیهم السلام، وأن الله قد قرأ العزاء علی آدم علیه السلام منذ بدایة الخلقة.

ولهذا، یجب احترام هذا المکان، فلاتصغوا إلی الکلام الفاسد، والی الکلام الباطل الذي یقول: إنها مجرد طفلة لم تبلغ الحلم، ألیس عبد الله کان طفلاً رضیعاً، یکون شاهداً یوم الحشر؟ وسیکون سبباً لقبول توبة الشیعة والمغفرة لذنوبهم ومعاصیهم إن شاء الله. فیجب علی الجمیع أن یحترموا ویجلّوا هذا المکان، ولا یصغوا إلی الکلام الفاسد وعدیم الجدوی الذي یصدر من مضلي الشیاطین، و لا یعیروه أهمیة. ونحن نتقرب إلی الله عزوجل بزیارة ابنة الإمام الحسین علیه السلام، تلك البنت المظلومة، وأهلها کلهم مظلومون».

و مع کل هذا،لو أصرّ أحد أن یقول: إن ذکر الاسم والتصریح به مهم جداً في علم التاریخ والأنساب، فنجیبه:

لقد صرّح باسمها في بعض کتب الأنساب المهمة والمعتبرة. ابو الحسن علي بن ابی القاسم بن زید البیهقي المعروف بابن فندق ولد عام 493 هجري قمري وتوفي عام 565 هجري قمري، له کتاب قیّم في الانساب هو (لباب الأنساب والألقاب والأعقاب) وقد أعید طبعه من قبل مکتبة المرحوم آیة الله العظمی المرعشی النجفي(ره).

المولی عبد الله افندي وهو من  أجلّة مشایخ ابن شهراشوب ومن  کبار اصحابنا (ریاض العلماء6/448). وعده المحدث النوري أحد مشایخ الاجازة وأنه عالم متبحر فاضل متکلم جلیل(خاتمة مستدرک الوسائل3/99). و اعتبره المرحوم آیة الله السید محسن الامین أنه أحد مشایخ الشیعة، ومن أجلّة مشایخ ابن شهر اشوب (اعیان الشیعة8/243).

أما المرحوم الشیخ آغا بزرگ الطهراني فقد عدّه اماماً للبیهقي (الذریعه26/43). أما المرحوم آیة الله المرعشي النجفي الذي کان له تبحر وآثار في علم الانساب، فله تقریظ مفصل علی هذا الکتاب، ما یقرب من150 صفحة، وقد مدح وأثنی علی الکتاب والمؤلف کثیراً، ووصفه بالعلاّمة، المدرس، الخطیب، القاضي، الموالي لاهل البیت علیهم السلام.

فاتضحت بهذا الوصف الشخصیة اللامعة «لابن فندق». وجهة تقدمه مهمه أیضاً، فهو من کبار علماء القرن السادس الهجري. و بهذه المقدمة نقول: إن شخصیة مهمة و بهذه العظمة ذکرت السیدة رقیة بنت الحسین(ع). فقال في الکتاب القیم لباب الانساب ج1، ص355 أثناء حدیثه عن السادات الحسینیة: «أما الحسینیة فهم من أولاد الحسین بن علي علیهما السلام، ولم یبق من آولاده الا زین العابدین علیه السلام، وفاطمة، وسکینة، ورقیة، فأولاد الحسین علیه السلام من قبل الأب هم من صلب زین العابدین علیه السلام».

وبهذا التصریح،یمکن حل اشکال عدم ذکر اسمها المبارک في الکتب التاریخیة و الأنساب،هذا من ناحیة. ومن ناحیة أخری: ورد اسم هذا الکتاب في علم الانساب، و هو مقدم في الرتبة الزمانیة أیضاً علی کتاب «کامل البهائي».

والحمد لله رب العالمین

     

  


الملصقات :