كلمة اية الله الشيخ فاضل لنكراني( دامت بركاته) التي القاها في مؤتمر دراسة التراث المشترك بين ايران والعراق بتاريخ 14/ 12/ 93
16 جمادی الثانی 1436
11:38
۵,۳۳۵
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله رب العالمين و صلی الله علی سيدنا و نبينا محمد و آله الطاهرين
قال الله تبارک و تعالی فی کتابه العزيز:
«وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا»
اقدم سلامي و تحياتي لكم ايها الدارسون و العلماء والفنانون والمثقفون، واصحاب الفكر والحكمة، حيث تحضرون لدراسة المباحث المشتركة بين البلدين الشقيقين (ايران والعراق).
ومن الواضح أن العلاقة بين مجموعتين او مجتمعين ليست ممكنة إلا من خلال التواصل بين العلماء والقادة والنخب، واهل الادب، والفكر، واساتذة الحوزات العلمية، واساتذة الجامعات والاكاديميين، وطلاب الحوزة العلمية و الباحثين والعلماء ويجب في المرحلة الاولى ان تقام امثال هذه المؤتمرات، ويتم من خلالها دراسة، الأفكار، والتاريخ، والتاريخ القديم، والحضارات بين البلدين، والعلاقات التي كانت موجودة منذ القدم، ويتم القيام بالاعمال المهمة والاساسية للمستقبل من خلال تلك النقاط المشتركة.
ان الاية الكريمة التي تلوناها على مسامعكم تتناسب مع البحث من هذه الجهة وهي انه يجب ان نتذكر نعم الله تعالى علينا، فانه منذ زمن بعيد وحتى الان كانت هناك علاقات تربط بين العراق وايران من جميع الجهات، العلمية، والادبية، والسياسية، والتجارية، والاقتصادية الى ان جعل الله تبارك وتعالى الالفة والمودة الوثيقة بين القلوب. ومن الواضح لدينا ان الاجانب يسعون حثيثاً لاجل ايجاد الفرقة بين المسلمين، واليوم نلاحظ قد ظهر ذلك السعي بشكل جديد، فيجب على اهل العلم وكذلك يجب عليكم انتم النخب واهل النظر (بحكم العقل والشرع) إحباط مخططات الاعداء.
وقد كان السبب في حصول الفرقة بين المسلمين، هو انه لم يكن لدى النخب حذر وانتباه، فلو كان نخب المجتمع وخواصه في كل وقت على مستوى من الحذر والإنتباه بحيث لا يسمحوا للاجانب ان تتلاعب بثروة المجتمع الاسلامي والامة الاسلامية فستحبط مخططات الاعداء بلا ريب.
و بقطع النظر عن الجرائم الوحشية التي يرتكبها جماعات امثال داعش التي يذوب لها من شدة الالم قلب كل انسان، من قبيل حرق المكتبة التأريخية في الموصل، وحرق الكتب الكثيرة والتي تعد من الكتب النادرة، فان ذلك خسارة لا يمكن جبرانها ابداً، وهي موجبة للتخلف على المستوى الثقافي، و بناء على ذلك يجب توطيد العلاقات و تطويرها بين البلدين كي يتم القضاء على ما يمهد الارضية لوجود مثل هذه الهجمات.
و اذكر لكم بشكل خاطف ما يتعلق باختصاصنا، ان ايران والعراق لديهما حوزتان عظيمتان في العالم الاسلامي، وقد تم تأليف الكتب الكثيرة في هذه الحوزات العلمية، وقد قام المحققون والفقهاء والحكماء والمفسرون بتقديمها الى العالم الانساني. وان الانتاج العلمي وجهود الحوزات العلمية لا تنحصر بالتشيع او المسلمين فحسب.
و إن اراد العالم اليوم اقتصاداً صحيحاً، فيجب عليه التوجه الى الفقه الاسلامي، فان كان العالم اليوم يبحث حول دراسة قانونية واضحة وعلى جميع المستويات، فيجب عليه ان يذهب الى الحوزات العلمية، وهذا المطلب ليس من باب التعصب الى المهنة التي انتمي اليها، بل هو مطلب قد اعترف به القانونيون الكبار في العالم.
ان السنهوري الذي كتب شرحاً مفصلا على القانون المدني لمصر قال بعد الانتهاء من عمله ليتني رأيت كتاب الشيخ الانصاري قبل تأليفي الكتاب، ان الادلة التي ذكرها الشيخ الانصاري في كتاب المكاسب على المسائل الاقتصادية والقانونية قلما لها من نظير.
وانا اعتقد ان المجتمع البشري اليوم يحتاج في كثير من ابعاده الى الحوزات العلمية الموجودة في ايران والعراق.
ولا يمكن لاحد ان يقول ان الانتاج العلمي للحوزات العلمية غير مفيد للبشرية، فان اصل كثير من العلوم الأساسية نظير الاخلاق، معرفة النفس، معرفة المجتمع، والقانون... موجودة في المصادر الدينية للحوزات العلمية، وهذا احد الامور الضرورية لتوطيد و توثيق العلاقات بين الحوزات العلمية والجامعات الاكاديمية في ايران والعراق، فيجب علينا ان نوجد العلاقة الوثيقة والعامة بين المجاميع العلمية، ولا سيما هناك مسائل مهمة تطرح اليوم في العالم البشري.
واما بحث الاستنساخ الذي توصل اليه الطب وطبقه على بعض الحيوانات ويدعي انه يمكن ان يتحقق ذلك بالنسبة الى الانسان، فهو موضوع حساس جداً في ميدان العلم والبشرية، وقد كتبت الحوزة العلمية في هذا الموضوع افضل التحقيقات العلمية، ان العالم المسيحي والمذاهب الاخرى في الدول الاوربية قد قدموا نظرياتهم واراءهم ولكنها ليست معتمدة على ادلة قوية كما هو الموجود في الحوزات العلمية في قم المقدسة، والذي يثير قلقنا و تأسفنا هو انه قد تم اجراء التحقيقات الكثيرة بعد انتصار الثورة في قم المقدسة ولكن وللاسف لم تنشر الى خارج قم المقدسة.
قد قمنا في هذا المركز الفقهي للائمة الاطهار(ع) الذي انتم حاضرون فيه الان قبل ما يقرب من 15 سنة بانشاء موسوعة فيما يتعلق بموضوع احكام الاطفال، وتحتوي الموسوعة على ثمان مجلدات باللغة العربية باسم موسوعة احكام الاطفال، وقمنا بتأليفها وطبعاً تم اجراء المقارنة بين الامامية وبقية المذاهب الاربعة وكان يحتوي كل مجلد منها على اكثر من 600 صفحة، وقد جاء ممثل اليونسكو من منظمة الامم المتحدة الى هنا عندي وقال اننا منذ سنين طلبنا من علماء الازهر ان يكتبوا لنا فيما يتعلق بقوانين الاطفال، وبعد مدة من الزمن اصدروا كتاباً يحتوي على100 صفحة ويحتوي معضمه على الصور بحيث لم يكن على المستوى المطلوب.
الا ان هذه الموسوعة لحقوق الاطفال التي قدمتموها فهي عندنا رائعة و مفاجأة مما يثير تعجبنا فكيف أن الإسلام تعرض لكل هذه الامور المتعلقة بالطفل، قبل عام من ولادته و حتى سن البلوغ، لو رجعنا الى جميع المراكز الجامعية للغرب لم نجد اثراً لهذه التفاصيل التي يطرحها الاسلام في قوانين الطفل، فالطفل هو الذي يصنع مستقبل المجتمع.
ولكن للاسف بسبب عدم وجود العلاقات المناسبة بين البلدان لحد الان لا يوجد اطلاع من قبل المراكز العلمية في العالم عن هذه الموسوعة في حين ان مسألة الطفل وحقوقه بحث عالمي يتعلق بجميع البشر.
و على اي حال هناك العديد من هذه التحقيقات والتأليفات التي تم كتابتها ولا مجال لنا اليوم ان نشير الى جميعها.
وبالتأكيد ان هذا الفراغ موجود ويجب على المسؤولين من شتى الدول رفع الموانع التي تمنع عن ذلك لا سيما الخبراء والنخب، فانه اذا اراد العالم العراقي او استاذ الجامعة في العراق ان يسافر الى ايران او بالعكس لا ينبغي ان نقول له يجب عليك اخذ التأشيرة، ولا يفرق في ذلك بين الاستاذ والعالم، وبين من يقصد السياحة، فيجب ان تزال هذه الموانع ويجب ان تكون العلاقة مع الجامعات قوية جداً، ان رسالة هذا المؤتمر يجب ان تكون عبارة عن توطيد وتوثيق العلاقة بين الحوزة العلمية في قم و حوزة النجف، و الجامعات في العراق.
ان الانتاج العلمي لحوزة قم لم يصل الى النجف، فاني ذات يوم سافرت الى العراق ذهبت الى مكتبات النجف الاشرف فوجدت اكثرها خالية من كتب وتأليفات الحوزة العلمية في قم، لماذا؟ ومن جانب اخر قد جاءني احد علماء الازهر الى قم فدعوته فقلت انظر الى مكتبة المركز الفقهي للائمة الاطهار(ع) فان اخر الكتب والرسائل العلمية التي طبعت في هذه السنة الجديدة تجدونها في هذا المركز الفقهي، ولكن للاسف لا نجد اهل السنة يهتمون بكتب الشيعة.
اني قلت لذلك العالم من جامعة الازهر ما هو مقدار الكتب التي توجد في مكتباتكم من ايران ومن كبار الحوزات العلمية في قم والنجف؟
فتأسف وقال لا اعلم، فيجب ان تكون رسالة هذا المؤتمر بالاضافة الى توطيد العلاقة بين علماء قم والنجف هي ان نوصل الانتاج العلمي لهذين البلدين الى العالم الاسلامي، وانا اعتقد ان ايران والعراق لو تمكنوا من احياء تلك الاخوة التي كانت بينهما منذ قديم الايام و تمكنوا من احياء تلك العلاقات والتأريخ الادبي والثقافية المشتركة بينهما، فسيكونا بذلك محوراً وقطباً للعالم الاسلامي ونحن نأمل تحقق هذا اليوم ان شاء الله تعالى.
اتقدم بالشكر الجزيل الى الاخوة و الاخوات الذين تحملوا واستمعوا الى كلماتي و اسال الله تعالى ان يشملهم بعناياته والطافه ان شاء الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.