اطرح سؤالك

29 ذیحجه 1433 الساعة 14:49

أنا طالب جامعي في العام الثاني من مراحل الدراسة الجامعیة، أدرس في أحد الجامعات الحکومیة، لي من العمر 20عاماً لا أکثر، فبحسب الظاهر أنا مسلم، إلا أنني لا أعرف الله جیداً، ولا دیني، فمنذ ولدت، لقنت بذلک أنني مسلم، ولکني لا أعرف شیئاً سوی أنني مسلم، فلا أعرف بماذا أجیب لو سئلت عن الله، ولا أعلم أصلاً ما هو الله؟ بدأت أصلّي منذ عام واحد فقط لا لشيء إلا لأنني مسلم، وأنا أصوم هذا العام لأول مرة، فإنا مهمّش تماماً، لکنني لا أعرف دیني، إذ لم یترکوا لي حق الاختیار لأقرر وأختار دیني بنفسي، وکلما نطقت بذکر أسماء الأدیان الأخری هجم عليّ من هم في الظاهر مسلمون، وقالوا: ألست مسلماً؟! لکن المثیر في الأمر أن هؤلاء لا یعرفون شيئاً عن الإسلام بل محض دعوی منهم أنهم مسلمون. أتصور أحیاناً أن عليّ أن أصلي، لأن الذي خلقني و اسمه «الله» له من القدرة ما لا یعد ولا یحصی، وهي أکثر من قدرتي و قوتي، امتلک في هذه الحیاة أشیاء أخاف أن یسلبها مني، أو یعذبني في في عالم لا أدري هل هو موجود أم لا؟ لأنني رأیت بأم عیني أنني مهما قمت بعمل، ولم اذکر اسم الله علیه، لم أصل إلی نتیجة، وأفشل، وقد تذرو الریاح بعملي، ویضیع حاصل عمري، حتی أتذکر أنني وصلت إلی المشارف، وعندما نسیت الله، وقعت من شاهق فارتطمت بالأرض، فهذه الحقیقة تثیر عنندي هذا السؤال و هو: أن الله الذي نتحدث عنه، والذي خلقني و خلق الکثیرین مثلي، لا حاجة له لعبادتي و لا عبادة الآخرین، فلماذا کلما نسیناه، یسلب منا حیاتنا؟ و لماذا لا یتعرض لمن یتحدثون عن الإسلام فقط و یغتابون و یکذبون، و...بسوء؟! آمل أن لا تبقی هذه التساؤلات المکررة بلماذا بلا جواب لأنني کلما سألت أحداً لا یجیبني، أطلب منکم أن تساعدوني لتتغیر نظرتي بالنسبة إلی الله، وأتعرف علی الإسلام أکثر، لأری ما هو الإسلام؟ وماذا یقول؟ أشکرکم إن ساعدتموني، وأشکرکم کثیراً إن تفضلتم أن تعرّفوا لي الله بدایة بدون أخذ الإسلام بنظر الاعتبار؟

الجواب :



سؤالکم عام و کلي جداً، ولا یمکن حصر الإجابة علی هذا السؤال في قالب رسالة، بل هذا بحاجة منکم إلی أن تقوموا بمطالعة اعتقادیة عمیقة لمعرفة حقیقة الإسلام  والحقیقة الإلهیة، لتتعرف علی الله کما هو، وکذلک حقیقة الإسلام. لکنني أبین جواب سؤالک بصورة عامة وکلیة:

الاسلام دين یقوم علی أساس العقل و الفطرة، ومکمل لمن سبقه من الأدیان السماویة، کدين عيسی وموسی وابراهيم علیهم السلام. تأسست و ابتنت قوانین الإسلام علی أساس مصالح و مفاسد البشر، و قد جعل الله حقیقة وجود الإسلام قائماً علی نوعین من الصفات تحت عنوان: «الصفات الثبوتیة والصفات السلبیة».

أما الصفات الثبوتیة: فهي ترسم صورة ناصعة للإسلام علی أنه أزلي، کان و سیبقی خالداً إلی الأبد، وکذلک الله، هو قادر مطلق، له الکمال المطلق والعالم المطلق. ویحرک الله العالم-بفتح اللام- بکافة الکائنات بنظام منسجم وبعظمة کاملة بإرادته، فیدار هذا العالم إثر قدرة إرادته، ولو غفلت ید الرحمة عنه آناً واحداً، فسیتعرض کله إلی الفناء و الزوال، ویتهاوی نظام الکاننات.

أما في خصوص مورد الصفات السلبية؛ فالاسلام یدفع کافة العيوب عن الله، ویعرض نفسه عز وجل علی أنه غني عن العالمین. ویدفع الشریک عنه أیضاً، فهو واحد لا شریک له في العالم بعظمته، خلق الکائنات و أدار أمرها، فخلق الملایین، بأعداد لا تعد و لا تحصی، وأوصل لها أرزاقها. أما التوحید: فمعناه وحدانیة الله الواحد الأحد، فلا یحده عدد، ولا یمده أمد، بل هو بمعنی من لا نظیر له في الخلق، هذا هو المعتقد الإسلامي.

1. للتوحید هذه المراتب:

ألف) توحید الذات: یعني أن ذاته واحدة، لا ند له و لا مثل.

ب) توحید الصفات: یعني أن کافة صفاته وخصاله تعود إلی حقیقة واحدة، فصفاته عین ذاته.

ج) توحید العبادة: یعني أن العبادة لا تلیق إلا بذاته الطاهرة المقدسة وحده.  

د) توحید الأفعال: یعني أنه منشأ الخلقة، فالکون ونظام عالم الله، وکل عمل و کل حرکة في هذا العالم هو من فیض وجود الله و ذات أحدیته القدسية.

أما التوحید الأفعالي، فله تفریعات أیضآً، مثل:
واحد: توحید الخالقیة، یعني الخلق منه وحده.
اثنان: توحید الربوبیة، یعني تدبیر الکائنات والخلق منه وحده.
ثلاثة: توحید المالکیة والحاکمیة التکوینیة.
أربعة: توحید الحاکمیة التشریعیة و سنّ القوانین.
خمسة: توحید الإطاعة، یعني حصر الطاعة له وحده أو من أمر  بطاعتهم.

2. هناک ستة طرق لمعرفة الله، خمسة منها عقلیة، و واحد منها  فطري.

الف) برهان النظم.

ب) التغيير و الحرکة.

ج) برهان الوجوب و الامکان(الفقر و الغنی).

د) برهان العلة و المعلول.

هـ) برهان الصدّيقين.

و) طریق الفطرة و السير الباطني.

لمعرفة کل من هذه الطرق علیکم بالرجوع إلی الکتب العقائدیة في خصوص التوحید.

3. طرق معرفة الأنبیاء:

ألف) الإعجاز، إن أول دلیل و طریق لمعرفة الله، هو امتلاک الأنبیاء للمعجزة، یعني القیام بأعمال خارقة للعادة، یعجز الآخرون عن فعلها، وحتی السحرة إن ادعوا النبوة، کشق القمر، الذي فعله النبي (ص).

ب) دراسة محتوی دعوة الأنبیاء.

ج) جمع القرائن و الشواهد علی صحة رسالة النبي .

د) تصدیق الکتب السماویة النازلة قبل هذا النبي، وشهادة الأنبیاء السلف له: أرسلت الشرائع السماویة بواسطة أنبیاء الله لهدایة البشر، وهم متساوون جمیعاً في الأصول والأهداف، فکل نبي سابق یبشر بنبي لاحق من بعده، وکل نبي لاحق هو مصدق للنبي الذي سبقه، وبناء علی هذا، الکتب السماویة کالأنجیل والتوراة کانا قد بشرا ببعثة نبي الإسلام محمد المصطفی(ص).

4. طرق معرفة الإمام:

ألف) آيات القرآن المجيد: أثبت القرآن الکريم الإمامة و الولاية العامة في بعض آياته الساطعة المشرقة ؛ کآية الإنذار(سوره الرعد: الآیة7) وآية أولي الأمر(سوره النساء: الآیة59).

ب) الروایات: تواترت الروایات بل استفاضت في اثبات الإمامة، وهي بصورة عامة عبارة عن: «حديث الثقلين»، «حديث السفينة»، «حديث النجوم»، «حديث الأئمة الاثني عشر».

و قد وردت روایات منقولة عن نبي الاسلام(ص): أن الائمة من قریش12 إماماً کل منهم خلیفة وامام وقائد و زعیم للأمة، وقد بلغت  هذه الروایات أیضاً حد الاستفاضة في مسانید و کتب الحدیث لأهل السنة. فهي وإن لم یرد فیها لفظة« الإمام»، ولکن وردت روایات عن رسول الله صلی الله علیه وآله أن قیادة وهدایة الأمة بعد النبي صلی الله علیه وآله قد فوضت لهؤلاء الأئمة الاثني عشر، وهذا بنفسه إثباتاً لمسألة الإمامة.

أما السؤال:لماذا نصلي؟ وما حاجة الله لصلاتنا؟

أقول: إن علینا أن نعلم أن لا حاجة لله إلی صلاتنا و نسکنا، لکننا نحن بحاجة إلی الصلاة، وذلک: لأن الله خلق البشر لیصلوا إلی الکمال، والوصول إلی الکمال بحاجة إلی الارتباط الخالص به وعبادته وطاعته، أما الصلاة: فهي أفضل وسیلة للارتباط بالله، وهي العبادة الأخلص والأکثر خشوعاً و تواضعاً لله، وکذلک سائر العبادات، فهي تمهد لإیجاد الکمال عند الانسان، ولهذا السبب، یحتاج  الإنسان إلی الصلاة، مضافاً إلی ذلک، منّ الله سبحانه و تعالی بنعم کثیرة، لا تعد ولا تحصی، فوجب الشکر علی هذه النعم، وقد ذم العقل والعقلاء من لا یشکر ولي النعمة، وصلاة الشکر تعد من النعم الالهیة أیضاً. مضافاً إلی کل ما ذکر: الصلاة هي وسیلة ارتباط الإنسان بالله، وحدیث و کلام مع الله ،فکل إنسان في الحیاة بحاجة إلی سند و وثیقة یثق بها و یعتمد علیها، والله عز و جل هو أفضل سند و وثیقة یثق بها الإنسان و یعتمد علیها، فالصلاة إذاً استناد و اعتماد في الحقیقة علی القدرة الإلهیة اللامتناهیة.


الكلمات الرئيسية :


۲,۵۲۸