كلمة سماحة الاستاذ آية الله الحاج الشيخ محمد جواد الفاضل اللنكراني (مد ظله) بمناسبة شهادة الامام جعفر الصادق( عليه السلام)
24 شوال 1432
17:18
۵,۴۸۵
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
يوم السبت هو اليوم المصادف لشهادة رائد مذهب التشيع، الامام الصادق(عليه السلام)، الامام الذي تفتخر وتتباهى به الشيعة في الوقت الحاضر، ان هذه العلوم الاسلامية التي تفتخر بها الحوزة العلمية والشيعة وتتباهى بها انما هي ببركة الحياة الثمينة للامام الصادق(عليه السلام)، لاحظوا كم لدينا من الروايات التي وردت عن الامام الصادق(عليه السلام)، وقد روى عنه الاصحاب والرواة الكبار في شتى مسائل الفقه وابعاده وجهاته.
ان الملاحظة التي اريد ان اشير اليها في هذه الدقائق المعدودة عبارة عن مطلبين:
احدهما: هو عبارة سيرة الامام الصادق(عليه السلام) في مسالة تكريم حفاظ الدين، وهذا الامر يستحق الانتباه. فلا بد ان نلاحظ ان اولائك الذين يحملون عقيدة الامام الصادق وهم حفاظ الدين كم لهم من الاهمية عند الامام الصادق(عليه السلام)؟، ومعرفة هذا الامر بالنسبة الينا نحن طلاب الحوزة الذين نريد ان نكون من ضمن حفاظ وحملة الدين مهمة جداً، كي تتضح لنا اهمية عملنا وقميته، وحينئذ تتضح مدى عظم مسؤولية الاخرين تجاه رجال الدين، فحينما يعلم الانسان مقدار اهمية حفاظ وحملة الدين عند الامام الصادق (عليه السلام)، فحينئذ لا ينبغي ان يتوهم ان رجال الدين والمراجع هم اناس عاديون، وقيمتهم واهميتهم من الناحية الدينية هي كسائر الفئات كلا ليس الامر هكذا، واذكر لكم بعض الروايات.
يقول الفضل بن عبد الملك: «سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً أَرْبَعَةٌ بُرَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيُّ وَ زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ الْأَحْوَلُ وَ هُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً» احب الناس عندي سواء كانوا امواتا ام احياء اربعة: بريد وزرارة ومحمد بن مسلم والاحول.
يقول الامام في رواية جميل بن دراج: « بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ بِالْجَنَّةِ بُرَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيُّ وَ أَبُو بَصِيرٍ لَيْثُ بْنُ الْبَخْتَرِيِّ الْمُرَادِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ زُرَارَةُ أَرْبَعَةٌ نُجَبَاءُ أُمَنَاءُ اللَّهِ عَلَى حَلَالِهِ وَ حَرَامِهِ لَوْ لَا هَؤُلَاءِ انْقَطَعَتْ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ انْدَرَسَتْ» وقد ذكر الامام (عليه السلام)النجباء الاربعة ثم قال: لو لم يكن هؤلاء لاندرست اثار النبوة وهم بريد ومحمد بن مسلم وزرارة وابو بصير ليبث بن البحتري المرادي.
روى داود بن سرحان عن الامام الصادق(عليه السلام): «إنّه قال إنّ أصحاب أبي كانوا زيناً أحياءاً و امواتاً» أي: انه قال الامام الصادق(عليه السلام): ان اصحاب ابي الامام محمد الباقر(عليه السلام) زينة للدين والناس احياءً وامواتاً. وهذا التاكيد اشارة الى ان اهمية هؤلاء الاشخاص لا تنحصر في زمان حياتهم، فتبقى اهمية هؤلاء ووزنهم حتى بعد موتهم ، ثم ذكر الامام اصحاب ابيه وهم زرارة ومحمد بن مسلم وابو بصير وبريد ثم قال: «هولاء القوامون بالقسط، هولاء القوالون بالصدق» وهذا اشارة الى القائمين بالقسط الذين وردوا في القران الكريم، (والسابقون السابقون اولائك المقربون) فهؤلاء هم السابقون، لو ان انسان كان في زمن النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) ولكنه لم يسر على طبق ما امره النبي، فلا يمكن ان نقول حقيقة ان هذا حيث كان في زمان النبي (صلى الله عليه واله) اذن (فينطق عليه عنوان السابقون السابقون) فليس الامر كذلك، السابقون هم اؤلائك الذين قد سبقوا الاخرين في حفظ الدين و اقامته وتوضيح مفاهيمه، فليس المراد هو السبق الزماني، كي يقال ان هذا الفرد حيث انه متقدم زمانا على الاخر فهو يكسب الاهمية من تقدمه الزماني فحسب.
وايضا هناك رواية اخرى فيها تفصيل اكثر، يقول جميل بن دراج دخلت ذات يوم على الامام الصادق ( عليه السلام) وكان هناك رجل قد خرج من عند الامام الصادق(عليه السلام) فقال الامام لي،«لقيت الرجل الخارج من عندي» هل رأيت الرجل الذي خرج من عندي؟ «فقلت بلى هو رجلٌ من اصحابنا من أهل الكوفه» قال الامام(علیه السلام) «لا قدّس الله روحه و لا قدّس مثله» وهذا الكلام اما لعن وطرد او هو من قبيل الادعية التي ندعو بها ( قدس الله نفسه) فاما ان يكون مراد الامام ان هذا الدعاء( قدس الله روحه) لا يشمل هذا الشخص و حينئذ يكون اقل درجة من اللعن او يصدق عليه عنوان اللعن كما هو ليس ببعيد، او نقول انه اذا لم يكن الامام في مقام اللعن على هذه الشخص لا اقل من القول ان هذا الدعاء هو اقل من اللعن بدرجة، أي ان هذا الدعاء الذي ينبغي ان يشمل الاولياء والعلماء لا يشمل هذا الرجل. ثم ذكر الامام السببب الذي لاجله لعنه وابعده فقال وذلك: «إنّه ذكر اقواماً» بالعيب والطعن«كان أبي ائتمنهم علي حلال الله و حرامه وكانوا عيبة علمه» أي كانوا مخزن وحفاظ علم ابي«وكذلك اليوم هم مستودع سرّي» وضعت اسراري وديعة عندهم، و نقلت جمع اسرار الدين اليهم ثم قال «اصحاب أبي حقّاً إذا أراد الله لأهل الأرض سوءاً صرف بهم عنهم السوء» فهؤلاء هم اناس اذا اراد الله تبارك وتعالى ان ينزل العذاب على جميع اهل الارض فيرفع الله العذاب ببركة هؤلاء الثلاثة او الاربعة رجال.«هم نجوم شيعتي احياءاً و امواتاً» «يحيون ذكر أبي» فؤلاء قد احيوا ذكر ابي واجدادي، «بهم يكشف الله كلّ بدعةٍ» أي ان البدع التي يبتدعها المبطلون في الدين يكشفها الله تعالى بهؤلاء فهم الذين يدفعون الشبهات والبدع عن الدين «ينفون عن هذا الدين إنتحال المبطلين و تعوّل الغالين» أي انهم ينفون عن هذا الدين اولائك المبطلين الذين ينسبون انفسهم للدين من دون أي معيار وملاك في حين انهم ليسوا من الدين حقيقة.
والان وقبل ان نقرأ بقية الرواية فالامام (عليه السلام) في زمانه هكذا يبين خصوصيات زرارة ومحمد بن مسلم وبريد و لاجل هذه الخصوصيات الموجودة في هؤلاء الاربعة لعن الامام ذلك الشخص الذي طعن عليهم، واما في زماننا هذا فمن هم حفاظ الدين؟ فما هي المراكز المؤسسات المتصدية لحفظ الدين ؟ هم رجال الدين والحوزة العلمية، فالعلماء ومراجع الدين هم حفاظ الدين وذلك االدعاء الذي قاله الامام الصادق (عليه السلام) في ذلك الحين«لا قدّس الله مثله و لا قدّس الله روحه» يكون شاملاً في زماننا هذا لمن لا يعير الاهمية للمراجع بل يسعى لاتخطئة ما يقولها العلماء والمراجع، فمن هم اليوم امناء الله على الحلال والحرام؟ فكل هذا التحذير والنداء واظهار القلق من قبل المراجع بشان مسالة الحجاب الا اننا مع ذلك كله نجد المخالفات والاشتباكات والتعبيرات من الجانب الاخر ونلاحظ نشر المجلات التي تقف تماما امام مسالة الحجاب.
يقول في ذيل الرواية «ثم بكي» عجيب جدا، هكذا يتألم ويتاثر ويبكي الامام الصادق(عليه السلام) لاجل ان شخصاً قد طعن على زرارة و عاب على محمد بن مسلم وبريد.
يقول الامام في ذيل الرواية: «عليهم صلوات الله و رحمته أحياءاً و امواتاً» فهذا الكلام ينبغي ان ينبهنا على عظيم واهمية عملنا فجميع هذه البحوث الدروس الكثيرة في الحوزة العلمية كلها لاجل ان نعرف الحلال من الحرام، وليس هناك افتخار اكبر من ان يجعل الانسان نفسه امينا على حلال الله وحرامه وحافظا لحلال الله( عز وجله) وحرامه، فاذا رأى امرا حلالا يقول هذا حلال، وان راى امرا حراماً فيقف دون ذلك الحرام ولا يخاف، اساساً من جملة الخصوصيات البارزة لامناء الحلال والحرام هو ان لا يخافوا، فمن يخاف انه لو قال ان الشيء الفلاني حرام يقفون امامه او يتعضون اليه او تذهب منزلته الاجمتاعية فمثل هذا الانسان ليس اميناً على حلال الله وحرامه. فامناء الله في الحلال والحرام هم من اذا كان الشيء حراما قالوا هذا حرام وان كان الشيء حلال قالوا هذا حلال ولا تاخذهم في الله لومة لائم.
يذكر المؤرخون ان المنصور الدوانيقي قال ذات يوم للامام الصادق (عليه السلام) «لم لا تغشانا كما يغشانا ساير الناس؟» ، يقول: ان سائر ان الناس يهابونا وهم اتباع لنا وهم الى جانبنا ويتبعوننا فلماذا لا تتبعنا وتهابنا كما يهابنا الناس، ويعلم ان كلامه هذا في اوئل حكمه، واما اوخر حكمه فقد قام بقتل الامام (عليه السلام) فقال الامام الصادق( عليه السلام) في جوابه: تعبير وجواب مناسب جدا ، يقول ليس عندنا شيء نخاف عليه منك ونحن لا نخاف بحيث نكون الى جنبك لاجل حفظ انفسنا «ليس لنا ما نخافك من اجله» «ولا عندك من أمر الأخرة ما نرجوك له» وليس لديك من الناحية الاخروية شيء مهم ومفيد لامر اخرتنا «ولا أنت في نعمةٍ فنهنّيك عليها» ولا انت في نعيم كي ناتيك لنهنئك عليها، فان الجميع يتمتع بنعم الله التي شملت الكل، وان كان قد قصب اموال الناس بغير الحق بحيث صارت عليه نقمة، فليست هذه نعمة حتى نهنئك عليها، «ولا تراها نقمةٌ فنعزيك» ولم تكن في مصيبة حتى نعزيك عليها، ولاحظوا كيف يجبه الامام الصادق (عليه السلام) ان هذا الجواب من خصوصيات اولائك الذين فنوا في الله تعبارك وتعالى، فالامام (عليه السلام) لم يكن يفكر في ان الذهاب الى هؤلاء هل فيه نفع دنيوي او لا؟ بل المعيار عنده هو ان الذهاب الى هذا المكان هل يذكره بالله تعالى او لا؟ وينبغي ان يكون المعيار عندنا ايضا هو ذلك فارتباطنا بالافراد وتبليغنا للافراد يبنغي ان يكون على الاساس هذا الملاك والمعيار، فلو اردنا ان نرتبط باحد فنلاحظ هل ان ذلك الشخص غني من الجهة العلمية حتى نستفيد منه او لا؟ ونلاحظه ايضا من جهة التقوى فينبغي علينا ان نلاحظ هذه القضية، ان من جملة الموارد التي كانت في الحوزة العلمية و التي ليست قد نسيت تماما فحسب، بل تبدلت الى امر سيء جداً، كانت الحوزة العلمية تهتم بان تجد شخصا قد افنى عمره في تهذيب النفس وافنى عمره في التدريس قربة لله تعالى، وقد اتعب نفسه لله تعالى وتستفيد وترتزق من انفاسه المعنوية، وهذا الامر تقريباً غير موجود حالياً، فكم من طلاب الحوزة الان قد ذهبوا يبحثون حول انسان مهذب قد قضى عمره في تهذيب النفس كي يدرسون عنده وينهلون من اخلاقه المعنوي؟ ومن هم هؤلاء الطلاب؟! فان كان يوجد طلبه من هذا القبل فاذكروا لنا؟ فمن جانب ناتي بالكرامات التي لا اصل لها، او الاحلام الخيالية ومن جانب ننسج امورا لا اساس لها، فنحن نسعى وراء هذه الامور ونهتم بها، فينبغي ان نهتم حقيقة باننا اذا اردنا ان نرتبط بشخص معين فارتباطنا به يكون على اساس أي معيار ومحور؟ فاذا اردنا ان نرتبط بمسؤول معين فلا بد ان نسال انفسنا اولاً هل ان ارتباطنا بهذا المسؤول كان لله تعالى ولاجل تقوية الثورة الاسلامية ؟ او لا بحيث كان عندنا اهداف دنيوية نريد ان نصل الى المنصب والمقام والجاه بعد برهة من الزمن ونحن نسعى وراء هذه السمائل لا سامح الله!
فهذه هي سيرة الامام الصادق ( عليه السلام) بالنسبة الى حفظ وحملة الدين وسيرته بالنسبة الى اؤلائك الطغاة الجفاة مثل المنصور الدوانيقي، ولاحظتم كيف اجابه الامام وباي شكل تعامل معه وكيف اجابه جوابا حاسماً هذا هو المطلب الاول.
المطلب الثاني: هو عبارة عن وصية جامعة للامام الصادق(عليه السلام) يوصي بها ولده الامام الكاظم(عليه السلام) حيث يقول: «يا بنيّ» ان عملت بوصيتي هذه«تعيش سعيدا و تموت حميدا» وانتم راجعوا هذه الوصية حيث يقول: «يا بنيّ إقبل وصيّتي و احفظ مقالتي فإنّك إن حفظتها تعيش سعيدا و تموت حميدا، يا بنيّ من رضي بما قسّم له استغني، من مدّ عينه إلي ما في يد غيره مات فقيرا» فان في هذه الوصية مسائل اخلاقية وتربوية جيدة فعلى الاخوة مراجة هذه الوصية.
و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين
30 / شهريور / 1390، الموافق ليوم الاربعاء 23 شوال المكرم سنة1432 هـ ق