اطرح سؤالك

10 ذیقعده 1433 الساعة 16:09

منذ مدة شككت في جميع عقائدي، وطبعاً جميع عقائدي فطرية وليست قائمة على اساس علمي، ولكني اشعر انني قد ضللت، فالرجاء ان تساعدوني كي اصل الى الحقيقة. 1ـ هل اشير في القران الكريم صريحاً الى مسألة الامامة؟ واذا لم يتعرض القران لذلك فلماذا لم يتعرض لهذه المسألة المهمة؟ 2ـ اذا كانت مسالة الامامة واردة في الاحاديث، والى الان لم تثبت امامة امام فكيف يمكن اثبات الامامة. 3ـ ان كانت واقعة الغدير صحيحة فلماذا نسيها الناس بعد شهرين وعشر ايام ولماذا لم يذكرها ذلك الجمع الكثير؟ وهل اشارت السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) في خطبتها الى واقعة الغدير؟

الجواب :



جواب السؤال 1:

وان مسالة امامة الائمة وان لم تبين في القران الكريم بصورة صريحة الا انه قد اشير اليها في عدة ايات من جملتها:

1ـ اية التبليغ: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}( المائدة: 67) أي يا ايها النبي بلغ الناس بجميع ما نزل اليك من ربك وان لم تفعل ذلك فلم تلبغ الرسالة، و الله تعالى سيحفظك من اخطار الناس واضرارهم و الله لا يهدي القوم الكافرين.

قد جاء في كتب كثيرة من علماء اهل السنة (وجميع كتب الشيعة المشهورة) من كتب التفسير والحديث والتاريخ ان الآية المتقدمة نزلت بشان علي(عليه السلام). وقد روى هذه الراويات عدد غفير من الصحابة من جملتهم ابو سعيد الخدري، و زيد بن ارقم، وجابر بن عبد الله الانصاري، وابن عباس، وبراء بن عازب، وحذيفة، وابو هريرة، وابن مسعود، وعامر بن ليلى وقد جاء في رواياتهم ان هذه الاية نزلت بشان علي وقصة يوم الغدير.

من جملة العلماء المشهورين الذين اوردوا هذه الروايات في كتبهم ( بشكل مفصل او مجمل) ما يلي:
1ـ الحافظ ابو نعيم الاصفهاني، في كتاب: ( ما نزل من القران في علي، نقلاً عن الخصائص، ص29)
2ـ ابو الحسن الواحدي، النيشابوري، في ( اسباب النزول، صفحة 150)
3ـ ابن عساكر الشافعي، نقلاً عن الدر المنثور المجلد 2، صفحة 298.
4ـ الفخر الرازي في ( التفسير الكبير، ج3، صفحة 626)
5ـ ابو اسحاق الحمويني في ( فرائد السبطين) (مخطوط)
6ـ ابن صباغ المالكي في (الفصول المهمة، صفحة 27)
7ـ جلال الدين السيوطي في ( الدر المنثور، المجلد2، صفحة 298)
8ـ القاضي الشوكاني في (فتح القدير، المجلد3، صحفحة57)
9ـ شهاب الدين الالوسي الشافعي، في ( روح المعاني، المجلد 6، الصفحة 172)
10ـ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي، في (ينابيع المودة، صفحة120)
11ـ بدر الدين الحنفي في ( عمدة القاري في شرح صحيح البخاري)، مجلد 8 صفحة584)
12ـ الشيخ محمد عبده المصري في (تفسير المنار، مجلد6، صفحة463)
وذكر ذلك جماعة اخرى كثيرة من العلماء.

2ـ اية الولاية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ( المائدة 55) معنى الاية: انما وليكم وقائدكم هو الله ورسول واولائك الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة في حال ركوعهم.

ذكر كثير من المفسرين والمحدثين في شان نزول هذه الاية الشريفة: ان هذه الاية نزلت في حق علي(عليه السلام). من جملتهم السيوطي في (الدر المنثور) في ذيل هذه الاية عن ابن عباس: ان علياً كان يصلي وفي حال الركوع فجاء سائل وطلب المساعدة فاعطاه علي(عليه السلام) خاتمه. فساله النبي الاكرم من تصدق عليك بالخاتم فاشار السائل الى علي(عليه السلام) وقال: ذلك الرجل الراكع، عندئذ نزلت اية {انما وليكم الله ورسوله}.

وقد جاء في نفس الكتاب عدة روايات اخرى بهذا المضمون مروية عن( ابن عباس) و(سلمة بن كهيل) ونفس الامام علي(عليه السلام). وروي نفس هذا المعنى في كتاب (اسباب النزول) للواحدي عن (جابر بن عبد الله) وايضاً عن (ابن عباس).

وروى نفس هذا المعنى الزمخشري في تفسير الكشاف والفخر الرازي في التفسير الكبير. وذكر الطبري ايضا في تفسيره في ذيل الاية وشان نزولها ان اكثرهم يقول ان الاية نازلة بشأن علي(عليه السلام).

وقد اورد طائفة اخرى هذه الرواية في حق علي(عليه السلام) بعبارات مختلفة من جملتهم ابو الفتح في (كنز العمال) والحاكم الحسكاني في ( شواهد التنزيل).

و نقل العلامة الاميني(رحمه الله) في كتابه (الغدير) الحديث المتقدم ونزول هذه الاية بشأن علي(عليه السلام) عن كثير من كتب اهل السنة( ما يقرب من عشرين كتاب مع ذكر ادلتها ومصادرها).

3ـ اية اولي الامر{َا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}( النساء : 59 ) فالله تعالى يامر في هذه الاية الذين امنوا بالله ورسوله بان يطيعوا الله ويطيعوا الرسول ايضاً ويطيعوا اولي الامر منهم.

روى الحاكم الحسكاني الحنفي النيشابوري في ( شواهد التنزيل)  في ذيل هذه الاية خمسة احاديث وقد طبق عنوان (ولي الامر) في جميع تلك الروايات على علي (عليه السلام) بعنوانه المصداق الاكمل.

ونقل ابو حيان الاندلسي المغربي في التفسير المحيط من بين الاقوال المروية في معنى اولي الامر عن ثلاثة نفر من المفسرين ان المقصود من اولي الامر ائمة اهل البيت(عليهم السلام).

و هنا (اولو الامر) صيغة جمع وهي تشمل بمفهومها جميع الائمة المعصومين (عليهم السلام).

وورد في تفسير البرهان عشرات الروايات من مصادر اهل البيت(عليهم السلام) في ذيل هذه الاية حيث يقول: ان الاية نازلة في حق علي او في حقه وسائر الائمة المعصومين (عليهم السلام) وجاء في بعض تلك الروايات اسماء الائمة الاثني عشر من اهل البيت(عليهم السلام) واحدا تلوا الاخر.

4ـ ان افضل اية يمكن الاستدلال بها للجواب عن السؤال الاية التي اخبر الله تعالى فيها ابراهيم تنصيبه للامامة، وطلب ابراهيم في تلك الاية ان يجعل تلك الامامة في اولاده وذريته ايضاً فقال الله تعالى في جوابه: { لا ينال عهدي الظالمين} حيث بين الله تعالى في هذه الاية المعنى الكلي لمفهوم الامامة في القران، وهكذا الاية التي نزلت بحق بني اسرائيل حيث قال: (وجعلنا منهم ائمة).

الجواب على السؤال 2:

ان مسالة الامامة قد طرحت في الاحاديث الواردة عن نبي الاسلام وهي ثابتة بايات القران الكريم واحاديث النبي الاكرم(صلى الله عليه واله). وقد وردت الروايات الكثيرة من مصادر العامة والخاصة ان النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) قد بين خلفاءه والائمة من بعده وذكر اسماءهم.

روى جابر بن عبد الله الانصاري انه لما نزلت الاية الكريمة{ اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) قلت قد عرفنا الله ورسوله ولكن من هم اولي الامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعة الرسول ؟ قال النبي الاكرم(صلى الله عليه واله): هم الائمة من بعدي اولهم علي بن ابي طالب وبعده الحسن والحسين وعلي بن الحسين و.. ويذكر النبي الاكرم اسامي الائمة الى الامام الثاني عشر، ويمكن مراجعة كتاب ينابيع المودة، ج2، باب38، ص134، نشر الشريف الرضي، الطبعة الاولى تأليف الشيخ سليمان القندوزي، الحنفي المذهب.

جواب السؤال3:

احتجاج فاطمة الزهراء(سلام الله عليها) بيوم الغدير:

ان مسألة يوم الغدير من ناحية المصادر التاريخية والروائية كالشمس في رابعة النهار، واورد العلامة الاميني في كتابه الشريف (الغدير) فيما يتعلق بهذه الامر عشرات المصادر المعتبرة من مصادر اهل السنة المعتبرة مع قطع النظر عن مصادر الشيعة.

الا انه كما تعلمون ان القوة والتزوير وان استطاعا تحريف الحقائق ولو موقتاً وان الحيلة والبدعة باسم القداسة والصحابة بالاضافة الى الرعب والتهديد والظلم كل ذلك وان تمكن من غصب اصل الحق، الا انه لم يستطع ان يمحي تاريخ هذه المسألة، بل بقيت عدة سنين في اذهان الناس الذين شهدوا هذه الحادثة وبعد ذلك جعلوا يتناقلونها في طيات التاريخ جيل بعد جيل.

وهذه المسالة كانت من الوضوح بحيث كان الكل يعلم بها بل وحتى لم تحتج الى الاشارة ايضاً، ولكن مع ذلك كان الامام علي(عليه السلام) وفاطمة (سلام الله عليها) يذكرونها، ولكنهم كانوا يقنعون الناس بنحو واخر. بالقوة والتزوير والغصب والتبريرات والتحريفات الذكية.

وقد ذكرت السيدة فاطمة الزهراء(سلام الله عليها) في امور مختلفة وفي الفرص المناسبة مسالة الغدير. من جملة الموارد التي اشارت فيها فاطمة الزهراء الى مسالة الغدير هو ذلك اليوم الذي هجموا فيه على دار الزهراء واحرقوا دارها.

وبناء على ما صرح به ابن قتبية من علماء اهل السنة في كتابه الامامة والسياسة وغيره من المؤرخين: ان عمراً أمر باحضار الحطب والنار، واقسم انه اذا لم يخرج علي(عليه السلام) من الدار احرق الدار، فاعترض جملة منهم عليه بان في الدار فاطمة ابنة رسول الله(صلى الله عليه واله) والحسن والحسين فكيف تحرق هذه الدار؟ فلما سمع عمر اعتراضهم قال: هل صدقتم باني اعمل هكذا عمل؟ وانما غاية من ذلك هو التهديد عند ذلك جاءت فاطمة (عليها السلام) ووقفت خلف باب الدار وخاطبت اولئك المجتمعين امام الدار:

«لا عهد لي بقوم أسوأ محضرا منكم تركتم رسول الله جنازة بين أيدينا وقطعتم امركم فيما بينكم ولم تؤمرونا ولم تروا لنا حقا ، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم ، والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة». أنسيتم يوم الغدير؟

في ايام الغربة وبعد وفاة النبي الاكرم( صلى الله عليه واله) التي كانت مرافقة لتضييق الخناق ايضاً، من جملة الاماكن التي كان الناس يتمكن من رؤية الزهراء فيها ويطرحون اسئلتهم خارج المدينة هي مقبرة شهداء احد وحمزة سيد الشهداء. من جملة الاشخاص الذين التقوا بالزهراء(عليها السلام) في مقبرة شهداء احد هو محمود بن لبيد او اسيد قال: رأيت الزهراء (عليها السلام ) بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه واله) وهي عند قبر حمزة في احد، وهي متغيرة الحال باكية العين، فصبرت حتى سكنت عند ذلك مثلت بين يديها فقلت: يا سيدتي قد اعترضنا سؤال اريد ان اطرحه عليك؟ فقالت: سل.

فقلت هل صرح رسول الله (صلى الله عليه واله) قبل وفاته بامامة علي (عليه السلام) ؟ وهل عندك نص في هذا الامر؟ قالت: (واعجباه انسيتم يوم غدير خم)؟ فقلت: اعلم بيوم الغدير وهو امر لا ينكر، ولكني اريد ان تعلميني من تلك الاسرار التي قالها لكم رسول الله(صلى الله عليه واله) فقالت: (اشهد الله لقد سمعته يقول: علي خير من أخلفه فيكم، وهو الإمام والخليفة بعدي، وسبطاي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار، لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين، ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة.

قلت : يا سيدتي فما باله قعد عن حقه؟ قالت : يا أبا عمر لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مثل الإمام مثل الكعبة إذ تؤتى ولا يأتي - أو قالت : مثل علي - ثم قالت : أما والله لو تركوا الحق على أهله واتبعوا عترة نبيه لما اختلف في الله تعالى اثنان، ولورثها سلف عن سلف وخلف بعد خلف حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين، ولكن قدموا من أخره الله وأخروا من قدمه الله، حتى إذا ألحد المبعوث وأوذعوه الحدث المحدوث واختاروا بشهوتهم وعملوا بآرائهم، تبا لهم أوَ لم يسمعوا الله يقول: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} بل سمعوا ولكنهم كما قال الله سبحانه {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}، هيهات بسطوا في الدنيا آمالهم ونسوا آجالهم، فتعسا لهم وأضل أعمالهم، أعوذ بك يا رب من الجور بعد الكور.

والخلاصة: ان الزهراء (سلام الله عليها) كانت تذكر حادثة الغدير كلما سنحت الفرصة المناسبة. في مسجد المدينة عند جملة من المهاجرين والانصار، في جمع من النساء عند عيادتهن لها. في قبال اولائك الذين انخدعوا وهجموا على دار اهل بيت النبي(صلى الله عليه واله وسلم)، في بحث ومناظرة مع لا مبالاة اهل المدينة (بعد انقلاب السقيفة الفضيع)، وفي تعبة الناس لاجل الدفاع عن ولاية امير المؤمنين(عليه السلام)، وفي كل مكان كانت تذكر بملحمة الغدير وتعرفها للناس، وكانت تدرس ابعادها وجوانبها، وتتحدث عن اهدافها وثمراتها وتتم الحجة عليهم.

وكانت تعد هذه الاعذار التي هي اقبل من الفعل للامبالات، وذرائع صمت الخائفين، والادلة الفارغة و الكاذبة والضعيفة مردودة  بواقعة الغدير، وكانت تثبت تفاهة افكارهم بحيث غسلوا ايديهم من الدفاع عن الحق وتقول: (فما جعل الله لاحد بعد غدير خم من حجة ولا عذر).


الكلمات الرئيسية :


۳,۱۴۶