البحث عن الله ومعرفته مرتکز في أعماق فطرة الإنسان، یعني اعتقاد کل إنسان ذاتاً بوجود الله، وهو یرید أن یتعرف علیه دائماً، لکنه وبعد أن تعرف علی إلهه بالدلائل والبراهین القاطعة بشکل صحیح، فسیتجه صوب الوحدانیة والتوحید، أما إذا لم یعرف ربه بصورة صحیحة، و لم تتضح له الحقیقة، استجاب لنداء خالقه و ربه، أو یختار طریق الإفراط و التفریط.
وعلی أثر هذه الرغبة، و القوة العالیة والشدیدة، والشعور بالتبعیة الزائدة عن حد الاعتدال، وقع متأثراً بالخیال، مضافاً إلی حجم معلوماته القلیلة، ووجود عوامل أخری کحالات القلق والخوف، والشعور بفقدان الأمن، واصطنع لنفسه أسلوب و طریق الوثنیة والشرک، وعبادة کائنات و وجودات أخری، کعبادة الشمس و القمر، و... . أو علی أثر التفریط: استجاب لنداء التوحید الباطني المرافق للجهل و عدم المعرفة،و سار في طریق الإلحاد والشرک.
أما في نظر الإسلام: بإمکان الإنسان أن یتحدث مع الله و یحاوره، ویتلفظ و یقول له: «أنت»، فیفضي له ما یکمن في صدره، ویطلب منه العون و المساعدة، فالله حاضر معنا في حیاتنا، یسمع نداءنا و أصواتنا، و یری مشاکلنا و همومنا، وهو وحده القادر علی حلّها.
ولا یمکن مشاهدة الله بعین الجوارح أو العین المجردة، بل بالتصدیق به و مشاهدته بعین القلب، فیثبت وجوده بدلائل عقولنا، ونعرفه بصفاته وحدها، فنسمیه الخالق لأنه خلقنا، والرازق لأنه یهیئ لنا أسباب رزقنا، ویسمع ویصغي لکلامنا، ویسمعنا کلما خاطبناه بألسنتنا أو ناجیناه بقلوبنا، فنسمیه «السمیع»، والعالم کله محضر وجوده، یشهد فیه کل عمل یصدر منا، ظاهره وباطنه، فسمیناه: «البصیر»، و«القادر» لأنه علی کل شيء قدیر، و له القدرة الواسعة التي لا تحد بحد، و لیس لها أمد و نهایة، و نسمیه «العالم» لأنه بنفسه مخزن أسرار علومه کلها، و من کان له علم، فعلمه من علم الله، و نسمیه: «الحي» لأنه هو صانع الحیاة وموهب وملهم الحیاة للمخلوقات.
أننا ندرک بعض صفاته من خلال معرفة المخلوقات، کالخالقية و الرازقية و... وصفات أخری، فالنظر والدقة فیها و في خصائصه المحصورة، تدلنا و ترشدنا إلیها، کالحیاة والعلم و... ، فالله خالق رحمن رحیم، عالم قدیر، محي ممیت، یثیب من عمل صالحاً، ویعاقب من عمل سیئاً، وهو أقرب إلینا من حبل الورید، یحیط بنا ولا نحیط به، ولا نملک من أمرنا شیئاً، ولا یمکن الخروج من حکومته. خلق الکون و أسسه، وأجری الحیاة في ربوع العالم، وقضی علی الظلمات، وهو جمیل یحب الجمال، وکل جمیل من صبغته، وهو وجود مطلق، ووجود یفتقد العدم أبداً، ولا محل للعدم فیه، وهو موجود کامل، فلا موطن للنقص في مستودعه، إذا أردنا أن نشبهه في هذه الدنیا بشيء، فعلینا أن نقول عنه: هو نور مطلق یشرق علی کل شيء فیستضاء بنوره، و کل ما اصطبغت فیه صبغة الضوء و الإشراق، فهو من نوره و ضیائه، وصفه القرآن الکریم «بالله الصمد» في سورة التوحید، وفي آیات أخری من القرآن الکریم، إذ عرف نفسه: «بالعلیم » المطلق، و«القادر» المطلق. وعرّف عن ذاته الربوبیة في سورة النور، فقال: «الله نور السموات و الارض مثل نوره كمشكاه فيها مصباح...».
معنی النور: النور هو کل ما یظهر ویشرق من ذاته، وأما أثره وظاهره الخارجي: فهو مظهر ومضيء للغیر، ولهذا المفهوم مصادیق عدیدة، یتفاوت في شدة وضعف مفادها علیها، فنطلق علی الشمس لفظ «النور»، وکذلک علی المصباح، وذلک لأن الشمس و المصباح کلاهما ظاهران مشرقان في ذاتیهما، و مصدرا إشراق لغیرهم أیضاً، ولکن أین نور إشراق الشمس من نور إشراق المصباح؟ یصور الإمام الصادق علیه السلام حقیقة نور الذات الإلهیة، بروایة عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قال: «ذَاكَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فِيمَا يَرْوُونَ مِنَ الرُّؤْيَةِ،فَقَالَ: الشَّمْسُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْكُرْسِيِّ، وَالْكُرْسِيُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْعَرْشِ، وَالْعَرْشُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْحِجَابِ، وَالْحِجَابُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ السِّتْرِ، فَإِنْ كَانُوا صَادِقِينَ، فَلْيَمْلَئُوا أَعْيُنَهُمْ مِنَ الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَاب».
أدلة وبراهين معرفة الله:
الف) برهان النظم
ب) برهان الوجوب والامکان(الفقر و الغنا)
ج) التغيير و الحرکة
د) برهان العلة و المعلول
ه) برهان الصدّيقين
و) طریق الفطرة و السير الباطني.
لمعرفة کل من هذه الأدلة والبراهین،علیکم بالرجوع إلی الکتب العقائدیة حول التوحید. و لکننا نشیر هنا إلی برهانین منها:
1. برهان النظم
استدل الموحدون لإثبات خالق الکون بأدلة عدیدة، أوضحها وأقنعها حجة هو دلیل برهان النظم، لأن هذا الدلیل یرضي و یقنع العقل و الوجدان، ولهذا کان هذا الدلیل دائماً محط أنظار واهتمام العلماء والفلاسفة الإلهیین.
المحاور الاساسیة في برهان النظم: یعتمد برهان النظم محورین أساسیین:
1- یمکن مشاهدة علامات النظم، الحساب، القانون، والهدف في کافة أنحاء العالم.
2- في کل مجموعة توجد فیها آثار النظم، الحساب، القانون، والهدف، فهو مؤشر وعلامة علی أن صانعه یمتلک العلم والعقل.
و إلیک توضیح و بیان هذین المحورین أعلاه:
نشاهد في کافة ربوع العالم الوسیع أجهزة ومؤسسات ومنظمات منظّمة ومنسجمة، مع أن الذي یحکم فیها هي البرامج، الحساب و القانون، حتی علی أصغر أجزائها. و الموجودات و الکائنات المختلفة و المتنوعة في العالم، هي کالجیش الجرار، المنقسم إلی عدة فرق، بصفوف منظمة و تنسیق و تعاون عجیب و مدهش، لها قائد واحد، وهي یتحرک نحو هدف محدد.
وبعبارة أخری: عالم الخلقة، لیس مشوشاً ومضطرب، بل إن علی الکائنات والمخلوقات أن تتحرک في مسیر منسجم ومنظّم، لتصل في النتیجة إلی هدفها الأخیر الذي حددته لها ید التقدیر الإلهي والرباني. وبعبارة ثالثة: أن یکون هناک نوع ارتباط خاص و تعاون و انسجام بین کافة أجزاء وحلقات عالم الوجود، لنتوجه إلیه ونعرفه في النظرة الأولی.
2- برهان الوجوب والإمکان (الفقر و الغنی)
أحد البراهین التي تدل علی وجود الله: هو «برهان الوجوب» أو «الامکان» أو «الفقر و الغنی»، ویمکن للجمیع أن یفهموا هذا البرهان.
إن وجود الله هو وجود غني مطلق، و وجود المخلوقات هو وجود فقير و محتاج. فلو نظرنا إلی وجودنا نحن مثلاًً، فإننا نری أن وجودنا کله محتاج، في أصل الوجود، وفي استمراره أیضاً، وکذلک نحن محتاجون أیضاً في رفع احتیاجنا في الحیاة، ولکي نرفع العوز والاحتیاج، علینا أن نمد أیدینا إلی خارج الوجود و نستمد منه.
أن کل من نمد یدنا إلیه من الکائنات المادیة، نراه هو أیضاً فقیر معوز، و کافة ربوع عالم الإمکان متاخم للفقر و الإعواز و الحاجة. و بمشاهدة هذه الاحتیاجات، نصل و بإلهام باطني إلی هنا، وهو: أن لهذا العالم مصدر من الغنی وعدم الاعواز والفقر والحاجة، فتمتد إلیه کل الأیدي تضرعاً و حاجة، و هذا هو الذي نسمیه: «الله»، کان منذ الأزل و سیبقی إلی الأبد.
إذاً عرض هذا البرهان في قالب البحث الفلسفي و بحث عنه بصورة الإمکان والوجوب، بهذا البیان: أن الوجود علی قسمین:
الوجود الواجب و الوجود الممکن. وینشأ وجود الممکنات من خارج ذواتها. و لکن وجود واجب الوجود فهو من نفسه. ومع أن الوجودات في موجودات عالم الامکان هي وجودات امکانية، وأن کل ممکن ینبغي أن یصل إلی الوجوب، لیکون وجوده من نفسه، لتتمکن من أن توصل وجودات إلی الوجودات الممکنة، فیسأل مثلاً: من هو منشأ وجود زید؟
فیجاب عنه: أبوه وأمه: و هما عمر و...و لو سأل نفس السؤال بالنسبة إلی عمر، فسیستمر هذا السؤال الی ما لا نهایة، ویختم بالوجود، وواجب الوجود، إذ وجوده عین الذات، وهو منشأ کافة وجودات العالم، وأیضاً بما أن وجودات عالم الإمکان حادثة، یعني لم تکن مسبقاً، ومن ثم خلقت، ونحن نعلم أن السماء والأرض والمخلوقات بینهما، وعالم المجرات و الکواکب العدیدة و المنظومات المختلفة الموجودة أیضاً، هي کلها حادثة، عندما نفکر بها، یتبادر لنا هذا السؤال: من الذي خلقها و أوجدها؟ فإن قنا: إنها موجود حادث بنفسه، قد خلقها وأبدع صنعها، یطرح نفس السؤال بحقه مرة أخری، وإن قلنا: أنه خلقت بید الصدفة نفسها بنفسها، فهذا خلاف العقل و المنطق، وأمر غیر ممکن و مستحیل، أن یوجد شيء من دون علة، فإذا وصل الکلام إلی هنا، فمن اللازم أن نجد علة للموجودات و الکائنات: أن لا یکون حادثاً و أزلیاًً، لتکون کافة المجودات و الکائنات جمیلة و رائعة، وهذا الوجود الأزلي و واجب الوجود هو الله، کان منذ الأزل، و سیبقی إلی الأبد، و أما کیف هي حقیقة و کنه ذات الله؟ و کیف تکون أزلیته؟ یعني کیف کان منذ الأزل؟ فهي مسألة لا یدرکها العقل المحدود البشري، لذا ورد المنع في الروایات: من التفکیر بحقیقة ذات الله.
معرفة صفات الله
25 ذیقعده 1433 الساعة 14:56
أنني معتقد بکل شيء إلا أنني أرید أن أطلع أکثر علی الله، فمن هو الله؟ وأي شيء هو؟ من أین جاء؟ و....
الجواب :
البحث عن الله ومعرفته مرتکز في أعماق فطرة الإنسان، یعني اعتقاد کل إنسان ذاتاً بوجود الله، وهو یرید أن یتعرف علیه دائماً، لکنه وبعد أن تعرف علی إلهه بالدلائل والبراهین القاطعة بشکل صحیح، فسیتجه صوب الوحدانیة والتوحید، أما إذا لم یعرف ربه بصورة صحیحة، و لم تتضح له الحقیقة، استجاب لنداء خالقه و ربه، أو یختار طریق الإفراط و التفریط.
وعلی أثر هذه الرغبة، و القوة العالیة والشدیدة، والشعور بالتبعیة الزائدة عن حد الاعتدال، وقع متأثراً بالخیال، مضافاً إلی حجم معلوماته القلیلة، ووجود عوامل أخری کحالات القلق والخوف، والشعور بفقدان الأمن، واصطنع لنفسه أسلوب و طریق الوثنیة والشرک، وعبادة کائنات و وجودات أخری، کعبادة الشمس و القمر، و... . أو علی أثر التفریط: استجاب لنداء التوحید الباطني المرافق للجهل و عدم المعرفة،و سار في طریق الإلحاد والشرک.
أما في نظر الإسلام: بإمکان الإنسان أن یتحدث مع الله و یحاوره، ویتلفظ و یقول له: «أنت»، فیفضي له ما یکمن في صدره، ویطلب منه العون و المساعدة، فالله حاضر معنا في حیاتنا، یسمع نداءنا و أصواتنا، و یری مشاکلنا و همومنا، وهو وحده القادر علی حلّها.
ولا یمکن مشاهدة الله بعین الجوارح أو العین المجردة، بل بالتصدیق به و مشاهدته بعین القلب، فیثبت وجوده بدلائل عقولنا، ونعرفه بصفاته وحدها، فنسمیه الخالق لأنه خلقنا، والرازق لأنه یهیئ لنا أسباب رزقنا، ویسمع ویصغي لکلامنا، ویسمعنا کلما خاطبناه بألسنتنا أو ناجیناه بقلوبنا، فنسمیه «السمیع»، والعالم کله محضر وجوده، یشهد فیه کل عمل یصدر منا، ظاهره وباطنه، فسمیناه: «البصیر»، و«القادر» لأنه علی کل شيء قدیر، و له القدرة الواسعة التي لا تحد بحد، و لیس لها أمد و نهایة، و نسمیه «العالم» لأنه بنفسه مخزن أسرار علومه کلها، و من کان له علم، فعلمه من علم الله، و نسمیه: «الحي» لأنه هو صانع الحیاة وموهب وملهم الحیاة للمخلوقات.
أننا ندرک بعض صفاته من خلال معرفة المخلوقات، کالخالقية و الرازقية و... وصفات أخری، فالنظر والدقة فیها و في خصائصه المحصورة، تدلنا و ترشدنا إلیها، کالحیاة والعلم و... ، فالله خالق رحمن رحیم، عالم قدیر، محي ممیت، یثیب من عمل صالحاً، ویعاقب من عمل سیئاً، وهو أقرب إلینا من حبل الورید، یحیط بنا ولا نحیط به، ولا نملک من أمرنا شیئاً، ولا یمکن الخروج من حکومته. خلق الکون و أسسه، وأجری الحیاة في ربوع العالم، وقضی علی الظلمات، وهو جمیل یحب الجمال، وکل جمیل من صبغته، وهو وجود مطلق، ووجود یفتقد العدم أبداً، ولا محل للعدم فیه، وهو موجود کامل، فلا موطن للنقص في مستودعه، إذا أردنا أن نشبهه في هذه الدنیا بشيء، فعلینا أن نقول عنه: هو نور مطلق یشرق علی کل شيء فیستضاء بنوره، و کل ما اصطبغت فیه صبغة الضوء و الإشراق، فهو من نوره و ضیائه، وصفه القرآن الکریم «بالله الصمد» في سورة التوحید، وفي آیات أخری من القرآن الکریم، إذ عرف نفسه: «بالعلیم » المطلق، و«القادر» المطلق. وعرّف عن ذاته الربوبیة في سورة النور، فقال: «الله نور السموات و الارض مثل نوره كمشكاه فيها مصباح...».
معنی النور: النور هو کل ما یظهر ویشرق من ذاته، وأما أثره وظاهره الخارجي: فهو مظهر ومضيء للغیر، ولهذا المفهوم مصادیق عدیدة، یتفاوت في شدة وضعف مفادها علیها، فنطلق علی الشمس لفظ «النور»، وکذلک علی المصباح، وذلک لأن الشمس و المصباح کلاهما ظاهران مشرقان في ذاتیهما، و مصدرا إشراق لغیرهم أیضاً، ولکن أین نور إشراق الشمس من نور إشراق المصباح؟ یصور الإمام الصادق علیه السلام حقیقة نور الذات الإلهیة، بروایة عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قال: «ذَاكَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فِيمَا يَرْوُونَ مِنَ الرُّؤْيَةِ،فَقَالَ: الشَّمْسُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْكُرْسِيِّ، وَالْكُرْسِيُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْعَرْشِ، وَالْعَرْشُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْحِجَابِ، وَالْحِجَابُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ السِّتْرِ، فَإِنْ كَانُوا صَادِقِينَ، فَلْيَمْلَئُوا أَعْيُنَهُمْ مِنَ الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَاب».
أدلة وبراهين معرفة الله:
الف) برهان النظم
ب) برهان الوجوب والامکان(الفقر و الغنا)
ج) التغيير و الحرکة
د) برهان العلة و المعلول
ه) برهان الصدّيقين
و) طریق الفطرة و السير الباطني.
لمعرفة کل من هذه الأدلة والبراهین،علیکم بالرجوع إلی الکتب العقائدیة حول التوحید. و لکننا نشیر هنا إلی برهانین منها:
1. برهان النظم
استدل الموحدون لإثبات خالق الکون بأدلة عدیدة، أوضحها وأقنعها حجة هو دلیل برهان النظم، لأن هذا الدلیل یرضي و یقنع العقل و الوجدان، ولهذا کان هذا الدلیل دائماً محط أنظار واهتمام العلماء والفلاسفة الإلهیین.
المحاور الاساسیة في برهان النظم: یعتمد برهان النظم محورین أساسیین:
1- یمکن مشاهدة علامات النظم، الحساب، القانون، والهدف في کافة أنحاء العالم.
2- في کل مجموعة توجد فیها آثار النظم، الحساب، القانون، والهدف، فهو مؤشر وعلامة علی أن صانعه یمتلک العلم والعقل.
و إلیک توضیح و بیان هذین المحورین أعلاه:
نشاهد في کافة ربوع العالم الوسیع أجهزة ومؤسسات ومنظمات منظّمة ومنسجمة، مع أن الذي یحکم فیها هي البرامج، الحساب و القانون، حتی علی أصغر أجزائها. و الموجودات و الکائنات المختلفة و المتنوعة في العالم، هي کالجیش الجرار، المنقسم إلی عدة فرق، بصفوف منظمة و تنسیق و تعاون عجیب و مدهش، لها قائد واحد، وهي یتحرک نحو هدف محدد.
وبعبارة أخری: عالم الخلقة، لیس مشوشاً ومضطرب، بل إن علی الکائنات والمخلوقات أن تتحرک في مسیر منسجم ومنظّم، لتصل في النتیجة إلی هدفها الأخیر الذي حددته لها ید التقدیر الإلهي والرباني. وبعبارة ثالثة: أن یکون هناک نوع ارتباط خاص و تعاون و انسجام بین کافة أجزاء وحلقات عالم الوجود، لنتوجه إلیه ونعرفه في النظرة الأولی.
2- برهان الوجوب والإمکان (الفقر و الغنی)
أحد البراهین التي تدل علی وجود الله: هو «برهان الوجوب» أو «الامکان» أو «الفقر و الغنی»، ویمکن للجمیع أن یفهموا هذا البرهان.
إن وجود الله هو وجود غني مطلق، و وجود المخلوقات هو وجود فقير و محتاج. فلو نظرنا إلی وجودنا نحن مثلاًً، فإننا نری أن وجودنا کله محتاج، في أصل الوجود، وفي استمراره أیضاً، وکذلک نحن محتاجون أیضاً في رفع احتیاجنا في الحیاة، ولکي نرفع العوز والاحتیاج، علینا أن نمد أیدینا إلی خارج الوجود و نستمد منه.
أن کل من نمد یدنا إلیه من الکائنات المادیة، نراه هو أیضاً فقیر معوز، و کافة ربوع عالم الإمکان متاخم للفقر و الإعواز و الحاجة. و بمشاهدة هذه الاحتیاجات، نصل و بإلهام باطني إلی هنا، وهو: أن لهذا العالم مصدر من الغنی وعدم الاعواز والفقر والحاجة، فتمتد إلیه کل الأیدي تضرعاً و حاجة، و هذا هو الذي نسمیه: «الله»، کان منذ الأزل و سیبقی إلی الأبد.
إذاً عرض هذا البرهان في قالب البحث الفلسفي و بحث عنه بصورة الإمکان والوجوب، بهذا البیان: أن الوجود علی قسمین:
الوجود الواجب و الوجود الممکن. وینشأ وجود الممکنات من خارج ذواتها. و لکن وجود واجب الوجود فهو من نفسه. ومع أن الوجودات في موجودات عالم الامکان هي وجودات امکانية، وأن کل ممکن ینبغي أن یصل إلی الوجوب، لیکون وجوده من نفسه، لتتمکن من أن توصل وجودات إلی الوجودات الممکنة، فیسأل مثلاً: من هو منشأ وجود زید؟
فیجاب عنه: أبوه وأمه: و هما عمر و...و لو سأل نفس السؤال بالنسبة إلی عمر، فسیستمر هذا السؤال الی ما لا نهایة، ویختم بالوجود، وواجب الوجود، إذ وجوده عین الذات، وهو منشأ کافة وجودات العالم، وأیضاً بما أن وجودات عالم الإمکان حادثة، یعني لم تکن مسبقاً، ومن ثم خلقت، ونحن نعلم أن السماء والأرض والمخلوقات بینهما، وعالم المجرات و الکواکب العدیدة و المنظومات المختلفة الموجودة أیضاً، هي کلها حادثة، عندما نفکر بها، یتبادر لنا هذا السؤال: من الذي خلقها و أوجدها؟ فإن قنا: إنها موجود حادث بنفسه، قد خلقها وأبدع صنعها، یطرح نفس السؤال بحقه مرة أخری، وإن قلنا: أنه خلقت بید الصدفة نفسها بنفسها، فهذا خلاف العقل و المنطق، وأمر غیر ممکن و مستحیل، أن یوجد شيء من دون علة، فإذا وصل الکلام إلی هنا، فمن اللازم أن نجد علة للموجودات و الکائنات: أن لا یکون حادثاً و أزلیاًً، لتکون کافة المجودات و الکائنات جمیلة و رائعة، وهذا الوجود الأزلي و واجب الوجود هو الله، کان منذ الأزل، و سیبقی إلی الأبد، و أما کیف هي حقیقة و کنه ذات الله؟ و کیف تکون أزلیته؟ یعني کیف کان منذ الأزل؟ فهي مسألة لا یدرکها العقل المحدود البشري، لذا ورد المنع في الروایات: من التفکیر بحقیقة ذات الله.
الكلمات الرئيسية :
۲,۶۱۱