ان الحكمة من وجوب اعدام المرتد في الاسلام، مع ملاحظة الامور التي بُينت في الكتب الفقهية، هي لاجل تثبيط مؤامرات اعداء الاسلام، وحفظ قوة ومناعة المجتمع الاسلامي وعزة المؤمنين.
توضيح ذلك: لاجل الوصول الى فلسفة هذا الحكم الالهي فلابد من دراسة اصل هذا الحكم من وجهة نظر القران الكريم. جاء في القران الكريم «وَ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».
قد طرح اثنا عشر من علماء يهود خيبر و مناطق اخرى خطة ذكية كي يزعزعوا بذلك ايمان بعض المؤمنين، واتفقوا على ان يقدموا على نبي الاسلام (صلى الله عليه واله) ويؤمنوا بين يديه اول النهار ظاهراً، ولكنهم يرتدوا ويرجعوا عن ايمانهم اخر النهار، فلما سئلوا عن سبب عملهم هذا قالوا: نحن رأينا صفات محمد من قريب، ولكننا لما رجعنا الى كتب ديننا واستشرنا علماءنا رأينا ان صفاته وطريقته تختلف عما جاء في كتابنا، ولاجل ذلك رجعنا، وهذا الموضوع صار سبباً لان يقول البعض ان هؤلاء هم اعلم منا بالكتب السماوية، ولعل ما قالوه صحيح، وبهذا الطريقة سيزعزعوا ايمان المسلمين. وقد كشف الله تعالى عن مكر هؤلاء الكفار واحتيالهم ووضع حد الارتداد.
فهذه الحيلة والمؤامرة لا تختص بزمان النبي الاكرم (صلى الله عليه واله)، بل هي قابلة للتنفيذ في كل زمان ومكان ولا سيما زماننا هذا. فالاسلام لما وضع هذا الحكم قد وقف امام المفاسد الاحتمالية (التي قد تحقق بعضها) وفيما يلي نشير الى بعض هذه المفاسد:
أـ ليس جميع المسلمين بمستوى عال من الناحية الاعتقادية والايمان القلبي، بل ان بعضهم ضعيفو الايمان، وهذا النحو من التبليغ يؤثر على ضعيفي الايمان ويمنعهم عن طريق الحق، ومع وجود الحد على المرتد سيكون هذا الحد مانعاً عن انحراف من هو ضعيف الايمان.
ب ـ اذا لم يقف الاسلام امام هذه العملية، فسيوجد نوع من الصراع ضد الدين، وسيتمكن الكفار بتبليغهم الشديد ضد الاسلام بالاضافة الى احباطهم المسلمين، من تثبيط عزيمة من يميل الى الاسلام.
ج : ان اهم مسألة في الارتداد الاثار السياسية والاجتماعية والثقافية.
ان المجتمع الاسلامي الذي تكون احكامه وقوانينه هي الاساس للسلوك الفردي والاجتماعي والعلاقات الاسرية وهي التي تحدد سلوك الناس بعضهم مع بعض، وتحدد القيم الاخلاقية للمجتمع إن مثل هذا المجتمع سيؤثر على سلوكه وجود اقل خلل في ايمان وعقائد الناس لا سيما مع الالتفات الى تفاوت معلوماتهم، وسيؤدي وجود ذلك الخلل الى تضعيف الالتزام بالاحكام والقوانين الدينية والاجتماعية، وسيهدد اركان المجتمع بصورة جدية.
بالاضافة الى ان انتشار الافكار المنحرفة التي سيوجدها المرتدون في المجتمع ستهدد قوى المسلمين كما وكيفاً. ومن هنا فلا يمكن للقوى الاسلامية ايجاد أي تخطيط للمجتمع.
وقد بين حكم الارتداد في الاديان السماوية ايضاً، ومن الطبيعي ان يفكر كل دين في الطرق التي توحد اتباعه وشيعته حفاظاً على كيانه.
ان لهذا الحكم في الحقيقة فلسفة مبدئية، وهو حفظ الصرح الداخلي للدولة الاسلامية، والمنع عن انهيارها ودخول الاجانب والمنافقين، لان الارتداد في الحقيقة هو نوع من الثورة ضد حكومة الدولة الاسلامية، وحكم ذلك في كثير من القوانين الجنائية في عالم اليوم هو الاعدام.
فاذا سمح للناس ان يكونوا يوما من المسلمين وغداً يرغبون في غير الاسلام فسينهار الصرح الداخلي للاسلام بسرعة، وسينفتح الطريق لدخول الاعداء وسيرجع عملاؤهم واعوانهم، وسيعم الهرج والمرج الكثير في المجتمع الاسلامي.
وبناء على هذا فالحكم المذكور هو حكم سياسي جعل للحفاظ على الحكومة والمجتمع الاسلامي ومكافحة عملاء واعوان الاجانب امر ضروري.
وبالاضافة الى ذلك، ان من يترك شريعة مثل الاسلام بعد الايمان بها، ويتوجه نحو شرائع اخرى لا يكون لمثل هذا الانسان دافع صحيح عادةً، وبناء على هذا فهو يستحق العقوبات الشديدة، واذا رأينا ان هذا الحكم خفيف بحق النساء فلاجل ان العقوبات جميعها تكون خفيفة في حق النساء. لاحظ: تفسير الامثل، ج2، ص756.
وهذه المسألة لا ربط لها في الاكراه في قبول الدين.
لان معنى (لا اكراه في الدين) هو انه لا يمكن اجبار الانسان على الاعتقاد بالدين او أي امر اخر، بل حيث ان للدين والايمان منشئاً عقائدياً فالانسان هو الذي يؤمن به، والدليل على هذا هو ذيل الاية الكريمة: (قد تبين الرشد من الغير) أي اتضح الحق من الباطل.
وبناء على هذا فمعنى الاية هو ما ذكرناه، والا لو كان المقصود هو ان كل انسان مطلق العنان في الدين، فلازم هذا المعنى وجود الهرج والمرج في المجتمع وهذا ما لا يقبله عقلاء العالم حتى من غير المسلمين ولذا نلاحظ ان أي بلاد توجد فيها قوانين غير اسلامية لايجاد النظام والامن. ويعبرون عنه بالقانون المدني، أي يجب تنفيذه في حق كل مواطن حتى في الدول التي هي اكثر حرية، وعليه فكل انسان قد اسلم، وامن بالاسلام فعليه ان يسير وفق قوانين الاسلام.
والنتيجة: ان (لا اكره في الدين) ترتبط بما قبل الاسلام ومعنى الاية: ان اصل الايمان بالدين لا اكراه فيه ولا اجبار، بل يعرض عليه طريق الحق والباطل وهو مخير في انتخاب احدهما، وقد تبين بالبرهان طريق الظلمات وطريق الخير والرشد، وعليه فكل من يؤمن بذلك فيؤمن بذلك عن اعتقاد، فان اسلموا فقد امنوا من عذاب الله، وان لم يسلموا وكفروا مع علمهم بان الاسلام هو الدين الحق فقد ابتلوا بعذاب الاخرة في زمرة الكافرين.
هل حكم اعدام المرتد بمنزلة اجبار الايمان بشريعة الاسلام
05 ذیحجه 1433 الساعة 16:42
لماذا يحكم بالاعدام من يخرج عن دين الاسلام؟ فهل هذا الحكم ليس الا بمنزلة اجبار الايمان بشريعة الاسلام؟
الجواب :
ان الحكمة من وجوب اعدام المرتد في الاسلام، مع ملاحظة الامور التي بُينت في الكتب الفقهية، هي لاجل تثبيط مؤامرات اعداء الاسلام، وحفظ قوة ومناعة المجتمع الاسلامي وعزة المؤمنين.
توضيح ذلك: لاجل الوصول الى فلسفة هذا الحكم الالهي فلابد من دراسة اصل هذا الحكم من وجهة نظر القران الكريم. جاء في القران الكريم «وَ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».
قد طرح اثنا عشر من علماء يهود خيبر و مناطق اخرى خطة ذكية كي يزعزعوا بذلك ايمان بعض المؤمنين، واتفقوا على ان يقدموا على نبي الاسلام (صلى الله عليه واله) ويؤمنوا بين يديه اول النهار ظاهراً، ولكنهم يرتدوا ويرجعوا عن ايمانهم اخر النهار، فلما سئلوا عن سبب عملهم هذا قالوا: نحن رأينا صفات محمد من قريب، ولكننا لما رجعنا الى كتب ديننا واستشرنا علماءنا رأينا ان صفاته وطريقته تختلف عما جاء في كتابنا، ولاجل ذلك رجعنا، وهذا الموضوع صار سبباً لان يقول البعض ان هؤلاء هم اعلم منا بالكتب السماوية، ولعل ما قالوه صحيح، وبهذا الطريقة سيزعزعوا ايمان المسلمين. وقد كشف الله تعالى عن مكر هؤلاء الكفار واحتيالهم ووضع حد الارتداد.
فهذه الحيلة والمؤامرة لا تختص بزمان النبي الاكرم (صلى الله عليه واله)، بل هي قابلة للتنفيذ في كل زمان ومكان ولا سيما زماننا هذا. فالاسلام لما وضع هذا الحكم قد وقف امام المفاسد الاحتمالية (التي قد تحقق بعضها) وفيما يلي نشير الى بعض هذه المفاسد:
أـ ليس جميع المسلمين بمستوى عال من الناحية الاعتقادية والايمان القلبي، بل ان بعضهم ضعيفو الايمان، وهذا النحو من التبليغ يؤثر على ضعيفي الايمان ويمنعهم عن طريق الحق، ومع وجود الحد على المرتد سيكون هذا الحد مانعاً عن انحراف من هو ضعيف الايمان.
ب ـ اذا لم يقف الاسلام امام هذه العملية، فسيوجد نوع من الصراع ضد الدين، وسيتمكن الكفار بتبليغهم الشديد ضد الاسلام بالاضافة الى احباطهم المسلمين، من تثبيط عزيمة من يميل الى الاسلام.
ج : ان اهم مسألة في الارتداد الاثار السياسية والاجتماعية والثقافية.
ان المجتمع الاسلامي الذي تكون احكامه وقوانينه هي الاساس للسلوك الفردي والاجتماعي والعلاقات الاسرية وهي التي تحدد سلوك الناس بعضهم مع بعض، وتحدد القيم الاخلاقية للمجتمع إن مثل هذا المجتمع سيؤثر على سلوكه وجود اقل خلل في ايمان وعقائد الناس لا سيما مع الالتفات الى تفاوت معلوماتهم، وسيؤدي وجود ذلك الخلل الى تضعيف الالتزام بالاحكام والقوانين الدينية والاجتماعية، وسيهدد اركان المجتمع بصورة جدية.
بالاضافة الى ان انتشار الافكار المنحرفة التي سيوجدها المرتدون في المجتمع ستهدد قوى المسلمين كما وكيفاً. ومن هنا فلا يمكن للقوى الاسلامية ايجاد أي تخطيط للمجتمع.
وقد بين حكم الارتداد في الاديان السماوية ايضاً، ومن الطبيعي ان يفكر كل دين في الطرق التي توحد اتباعه وشيعته حفاظاً على كيانه.
ان لهذا الحكم في الحقيقة فلسفة مبدئية، وهو حفظ الصرح الداخلي للدولة الاسلامية، والمنع عن انهيارها ودخول الاجانب والمنافقين، لان الارتداد في الحقيقة هو نوع من الثورة ضد حكومة الدولة الاسلامية، وحكم ذلك في كثير من القوانين الجنائية في عالم اليوم هو الاعدام.
فاذا سمح للناس ان يكونوا يوما من المسلمين وغداً يرغبون في غير الاسلام فسينهار الصرح الداخلي للاسلام بسرعة، وسينفتح الطريق لدخول الاعداء وسيرجع عملاؤهم واعوانهم، وسيعم الهرج والمرج الكثير في المجتمع الاسلامي.
وبناء على هذا فالحكم المذكور هو حكم سياسي جعل للحفاظ على الحكومة والمجتمع الاسلامي ومكافحة عملاء واعوان الاجانب امر ضروري.
وبالاضافة الى ذلك، ان من يترك شريعة مثل الاسلام بعد الايمان بها، ويتوجه نحو شرائع اخرى لا يكون لمثل هذا الانسان دافع صحيح عادةً، وبناء على هذا فهو يستحق العقوبات الشديدة، واذا رأينا ان هذا الحكم خفيف بحق النساء فلاجل ان العقوبات جميعها تكون خفيفة في حق النساء. لاحظ: تفسير الامثل، ج2، ص756.
وهذه المسألة لا ربط لها في الاكراه في قبول الدين.
لان معنى (لا اكراه في الدين) هو انه لا يمكن اجبار الانسان على الاعتقاد بالدين او أي امر اخر، بل حيث ان للدين والايمان منشئاً عقائدياً فالانسان هو الذي يؤمن به، والدليل على هذا هو ذيل الاية الكريمة: (قد تبين الرشد من الغير) أي اتضح الحق من الباطل.
وبناء على هذا فمعنى الاية هو ما ذكرناه، والا لو كان المقصود هو ان كل انسان مطلق العنان في الدين، فلازم هذا المعنى وجود الهرج والمرج في المجتمع وهذا ما لا يقبله عقلاء العالم حتى من غير المسلمين ولذا نلاحظ ان أي بلاد توجد فيها قوانين غير اسلامية لايجاد النظام والامن. ويعبرون عنه بالقانون المدني، أي يجب تنفيذه في حق كل مواطن حتى في الدول التي هي اكثر حرية، وعليه فكل انسان قد اسلم، وامن بالاسلام فعليه ان يسير وفق قوانين الاسلام.
والنتيجة: ان (لا اكره في الدين) ترتبط بما قبل الاسلام ومعنى الاية: ان اصل الايمان بالدين لا اكراه فيه ولا اجبار، بل يعرض عليه طريق الحق والباطل وهو مخير في انتخاب احدهما، وقد تبين بالبرهان طريق الظلمات وطريق الخير والرشد، وعليه فكل من يؤمن بذلك فيؤمن بذلك عن اعتقاد، فان اسلموا فقد امنوا من عذاب الله، وان لم يسلموا وكفروا مع علمهم بان الاسلام هو الدين الحق فقد ابتلوا بعذاب الاخرة في زمرة الكافرين.
الكلمات الرئيسية :
۶,۸۱۶