کنا نتناقش مع الأخوة، فعرضت مجموعة من الأسئلة، أود أن أسمع الإجابة علیها منکم، مع ذکرکم السند أیضاً (وسیساعدني ذلک کثیراً إذا کانت الأسناد مرویة من الکتب المعتبرة لاهل السنة). لماذا نسجد علی التربة؟ وهل هناک حديث أو نص قرآني یثبت ذلک؟
الجواب :
المعتبر بل
الواجب عند الشیعة إمکان السجود علی التراب أو الحصی و الحجارة أو کل شيء
من الأرض «عدا المعادن والمأکولات والمشروبات والملبوسات»، وبناء علی هذا،
لو صلی شخص في البیداء، و سجد علی التراب، فصلاته صحیحة. ویتفق أهل السنة و
الشيعة في موارد کثیرة من أحكام السجود، لانهما یجوزان معاً السجود علی
التراب، الحصی أو الحجارة، الخشب، وسائر النباتات الغیر مأکولة و الملبوسة.
فالشیعة یعتقدون بأن السجود علی غیر هذه الموارد المذکورة غیر
صحیح، إذ ینبغي أن یکون السجود علی التراب أو أحد الموارد المذکورة أعلاه.
والسبب في ذلک، هو وجود روایات کثیرة تثبت هذا المطلب.
منها: روي
عن الامام الصادق(ع) أنه قال: «لَا تَسْجُدْ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ
مَا أَنْبَتَتْهُ الْأَرْضُ إِلَّا الْقُطْنَ وَ الْكَتَّان». [1]
و
روی زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قلت له: أسجد على الزفت - يعني
القير-؟ قال: لا، ولا على الثوب الكرسف، ولا على الصوف ولا على شيء من
ثمار الأرض ولا على شيء من الحيوان ولا على شيء من الرياش». [2]
وسأل
علي بن جعفر من أخیه موسی بن جعفر علیهما السلام: «وَ سَأَلْتُهُ عَنْ
فِرَاشِ الْحَرِيرِ أَوْ مِرْفَقَةِ الْحَرِيرِ أَوْ مُصَلَّى حَرِيرٍ وَ
مِثْلِهِ مِنَ الدِّيبَاجِ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ التُّكَأَةُ عَلَيْهِ أَوْ
الصَّلَاةُ قَالَ يَفْتَرِشُهُ وَ يَقُومُ عَلَيْهِ وَ لَا يَسْجُدُ
عَلَيْهِ».[3]
وقال الشیخ
الطوسي: «لا يجوز السجود الا على الأرض، دليلنا: إجماع الفرقة، فإنهم لا
يختلفون في ذلك، و أيضا طريقة الاحتياط تقتضي أیضاً السجود علی الأرض،
ویجوز أهل السنة السجود علی القطن والکتان والشعر والصوف، ولکن نظرهم علی
خلاف الاحتیاط، ویخالف ما روي عن طریق النبي صلی الله علیه وآله و أهل
البیت علیهم السلام ».
ورد في كتاب الفقه علی المذاهب الاربعة:
«یجوز السجود علی کل شيء، حتی العصابة التي تشد حول الرأس، بشرط کونها
طاهرة، أما أتباع أبي حنیفة، فالسجود عندهم علیها مکروه إلا في حال
الاضطرار، ولکن الإمامیة: قالوا لا یجوز السجود إلا علی الأرض وما نبت
علیها، أو کان مأکولاً أو ملبوساً، أو معدنا».[4]
وبناء
علی هذا، یری أهل السنة أن السجاد والبسط و الموکیت هي کلها أرض، علماً
بأن هذا خلاف الاحتیاط، وقد کان السجود علی التراب «الأرض» معروفاً في عصر
الرسول صلی الله علیه وآله. روی رافع بن أبي رافع عن النبيّ صلّى اللّه
عليه و آله أنّه قال: «لا تتمّ صلاة أحدكم حتّى يتوضّأ كما أمره اللّه ثمّ
يسجد ممكّنا جبهته من الأرض ». [5]
و روي أیضاً عنه (ص) قال: «جعل لي الارض مسجداً و طهوراً ». [6]
وفي روایة ثالثة عنه (ص) قال: «جعلت لي الارض طهوراً و مسجداً». [7]
وروت أم سلمة عن النبي (ص) مخاطباً أحد أصابه قائلاً: «يا أفلح! ترّب وجهك». [8] وروت أم سلمه عن النبي (ص) قال:«يا رباح! ترّب وجهك». [9]
و روي عن سلمان أیضاً قال:«تمسّحوا بالأرض فإنها بكم برّه». فالأرض بمنزلة أمک، وهي تحبک. [10]
وقد کان بعض الصحابة في زمن رسول الله صلی الله علیه وآله یسجد علی الحجر والمدر، فکان جابر بن عبد اللَّه الأنصاري[11]، ومسروق بن الاجدع [12]
یفعلان ذلک، في الحضر کانا أم السفر. فلا یصح إذًاً ما قیل: بأن حمل قطعة
من التراب «التربة» شرک ویدل هذا علی مبادرة السلف من الصحابة بالمداومة
والاستمرار علی هذا الفعل کذلک.[13]
ویظهر
بالنظر التاريخي أیضاً: عندما شرّف رسول الله (ص) المدينة المنورة، وأمر
ببناء المسجد النبوي الشریف(ص)، لم یفرش المسجد بالحصیر والسجاد، بل کان
(ص) یسجد علی تراب هذا المسجد، وکذلک في زمن ابي بكر و عثمان و عمر و علي
عليه السلام. وبناء علی هذا، کان النبي (ص) یصلي کل صلاته علی الأرض، و
کانت المسلمون في الصدر الاسلامي الأول یصلون علی الأرض. فالسجود علی
التراب صحیح قطعاً، وإنما تابع الشیعة لرسول الله(ص) في السجود علی الأرض.
و اشتهر عن الشیعة أنهم یصلون علی «التربة»المعروفة:
أولاً:
لأن السجود علی التراب في المساجد و البیوت یتضمن بعض المشاکل، فعملوا من
التراب علی شکل «تربة»، لیسهل الوصول لها، و یجتنب مشکلة رعایة النظافة
والإسراف و التبذیر.
ثانیاً: شجعت الروایات السجود علی تربة سيد الشهداء(ع) و أثنت علیه.
ثالثاً:
اشترط في سجود الصلاة: طهارة محل السجود، فلا یجوز الصلاة علی الأرض
النجسة، ولهذا السبب، یحمل الشیعة قطعة من التراب الطاهرة معهم المسماة
«بالتربة» لیسجدوا علیها لا لها، إذ هم لا یعلمون أن الأرض التي یریدوا
السجود علیها طاهرة أم نجسة؟ ولهذا یختارون لأنفسهم قطعة من التراب الطاهر
«التربة» قد علموا بطهارتها، فیسجدون علیها. مضافاً إلی ذلک، السجود هو
عنوان للخشوع و التذلل أمام عظمة الخالق، فعلی المصلین أن یقدموا أفضل
أعضاء الجسم و هي الجبهة فیضعوها علی الأرض، فوضع الرأس علی التراب في حال
العبودیة و الخضوع هو نوع تذلل و دلالة أکثر علی الخضوع و الخشوع في حضرة
الله عز و جل.
--------------------------------------------------------------------------------- 1 . الشيخ الطوسي، الخلاف، المسألة 112 و 113. 2 . المصدر السابق. 3 .الفقه التطبيقي، ص 94. 4 . الفقه علي المذاهب الاربعة ، ج 1 ص 232 ج بيروت ، دار الفكر. 5 . الخلاف، المسئلة 112 و 113. 6 . بحارالأنوار، ج 16، ص 316.6. 7 . المصدر نفسه،ص308. 8 . كنزالعمال، ج7، ص460، الاحاديث 19776 و 19777 و 19778. 9. المصدر نفسه. 10. المصدر نفسه. 11. سنن البيهقي، ج 1، ص 439. 12. الطبقات الكبرى، ج 6، ص 79. 13. سيد رضا حسيني نسب، «الشیعة یجیبون»، «شيعه پاسخ ميدهد»، ص 108.
دليل سجود الشيعة على التربة
16 ذیحجه 1433 الساعة 16:42
کنا نتناقش مع الأخوة، فعرضت مجموعة من الأسئلة، أود أن أسمع الإجابة علیها منکم، مع ذکرکم السند أیضاً (وسیساعدني ذلک کثیراً إذا کانت الأسناد مرویة من الکتب المعتبرة لاهل السنة). لماذا نسجد علی التربة؟ وهل هناک حديث أو نص قرآني یثبت ذلک؟
الجواب :
المعتبر بل الواجب عند الشیعة إمکان السجود علی التراب أو الحصی و الحجارة أو کل شيء من الأرض «عدا المعادن والمأکولات والمشروبات والملبوسات»، وبناء علی هذا، لو صلی شخص في البیداء، و سجد علی التراب، فصلاته صحیحة. ویتفق أهل السنة و الشيعة في موارد کثیرة من أحكام السجود، لانهما یجوزان معاً السجود علی التراب، الحصی أو الحجارة، الخشب، وسائر النباتات الغیر مأکولة و الملبوسة.
فالشیعة یعتقدون بأن السجود علی غیر هذه الموارد المذکورة غیر صحیح، إذ ینبغي أن یکون السجود علی التراب أو أحد الموارد المذکورة أعلاه. والسبب في ذلک، هو وجود روایات کثیرة تثبت هذا المطلب.
منها: روي عن الامام الصادق(ع) أنه قال: «لَا تَسْجُدْ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا أَنْبَتَتْهُ الْأَرْضُ إِلَّا الْقُطْنَ وَ الْكَتَّان». [1]
و روی زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قلت له: أسجد على الزفت - يعني القير-؟ قال: لا، ولا على الثوب الكرسف، ولا على الصوف ولا على شيء من ثمار الأرض ولا على شيء من الحيوان ولا على شيء من الرياش». [2]
وسأل علي بن جعفر من أخیه موسی بن جعفر علیهما السلام: «وَ سَأَلْتُهُ عَنْ فِرَاشِ الْحَرِيرِ أَوْ مِرْفَقَةِ الْحَرِيرِ أَوْ مُصَلَّى حَرِيرٍ وَ مِثْلِهِ مِنَ الدِّيبَاجِ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ التُّكَأَةُ عَلَيْهِ أَوْ الصَّلَاةُ قَالَ يَفْتَرِشُهُ وَ يَقُومُ عَلَيْهِ وَ لَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ».[3]
وقال الشیخ الطوسي: «لا يجوز السجود الا على الأرض، دليلنا: إجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون في ذلك، و أيضا طريقة الاحتياط تقتضي أیضاً السجود علی الأرض، ویجوز أهل السنة السجود علی القطن والکتان والشعر والصوف، ولکن نظرهم علی خلاف الاحتیاط، ویخالف ما روي عن طریق النبي صلی الله علیه وآله و أهل البیت علیهم السلام ».
ورد في كتاب الفقه علی المذاهب الاربعة: «یجوز السجود علی کل شيء، حتی العصابة التي تشد حول الرأس، بشرط کونها طاهرة، أما أتباع أبي حنیفة، فالسجود عندهم علیها مکروه إلا في حال الاضطرار، ولکن الإمامیة: قالوا لا یجوز السجود إلا علی الأرض وما نبت علیها، أو کان مأکولاً أو ملبوساً، أو معدنا».[4]
وبناء علی هذا، یری أهل السنة أن السجاد والبسط و الموکیت هي کلها أرض، علماً بأن هذا خلاف الاحتیاط، وقد کان السجود علی التراب «الأرض» معروفاً في عصر الرسول صلی الله علیه وآله. روی رافع بن أبي رافع عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «لا تتمّ صلاة أحدكم حتّى يتوضّأ كما أمره اللّه ثمّ يسجد ممكّنا جبهته من الأرض ». [5]
و روي أیضاً عنه (ص) قال: «جعل لي الارض مسجداً و طهوراً ». [6]
وفي روایة ثالثة عنه (ص) قال: «جعلت لي الارض طهوراً و مسجداً». [7]
وروت أم سلمة عن النبي (ص) مخاطباً أحد أصابه قائلاً: «يا أفلح! ترّب وجهك». [8] وروت أم سلمه عن النبي (ص) قال:«يا رباح! ترّب وجهك». [9]
و روي عن سلمان أیضاً قال:«تمسّحوا بالأرض فإنها بكم برّه». فالأرض بمنزلة أمک، وهي تحبک. [10]
وقد کان بعض الصحابة في زمن رسول الله صلی الله علیه وآله یسجد علی الحجر والمدر، فکان جابر بن عبد اللَّه الأنصاري[11]، ومسروق بن الاجدع [12] یفعلان ذلک، في الحضر کانا أم السفر. فلا یصح إذًاً ما قیل: بأن حمل قطعة من التراب «التربة» شرک ویدل هذا علی مبادرة السلف من الصحابة بالمداومة والاستمرار علی هذا الفعل کذلک.[13]
ویظهر بالنظر التاريخي أیضاً: عندما شرّف رسول الله (ص) المدينة المنورة، وأمر ببناء المسجد النبوي الشریف(ص)، لم یفرش المسجد بالحصیر والسجاد، بل کان (ص) یسجد علی تراب هذا المسجد، وکذلک في زمن ابي بكر و عثمان و عمر و علي عليه السلام. وبناء علی هذا، کان النبي (ص) یصلي کل صلاته علی الأرض، و کانت المسلمون في الصدر الاسلامي الأول یصلون علی الأرض. فالسجود علی التراب صحیح قطعاً، وإنما تابع الشیعة لرسول الله(ص) في السجود علی الأرض.
و اشتهر عن الشیعة أنهم یصلون علی «التربة»المعروفة:
أولاً: لأن السجود علی التراب في المساجد و البیوت یتضمن بعض المشاکل، فعملوا من التراب علی شکل «تربة»، لیسهل الوصول لها، و یجتنب مشکلة رعایة النظافة والإسراف و التبذیر.
ثانیاً: شجعت الروایات السجود علی تربة سيد الشهداء(ع) و أثنت علیه.
ثالثاً: اشترط في سجود الصلاة: طهارة محل السجود، فلا یجوز الصلاة علی الأرض النجسة، ولهذا السبب، یحمل الشیعة قطعة من التراب الطاهرة معهم المسماة «بالتربة» لیسجدوا علیها لا لها، إذ هم لا یعلمون أن الأرض التي یریدوا السجود علیها طاهرة أم نجسة؟ ولهذا یختارون لأنفسهم قطعة من التراب الطاهر «التربة» قد علموا بطهارتها، فیسجدون علیها. مضافاً إلی ذلک، السجود هو عنوان للخشوع و التذلل أمام عظمة الخالق، فعلی المصلین أن یقدموا أفضل أعضاء الجسم و هي الجبهة فیضعوها علی الأرض، فوضع الرأس علی التراب في حال العبودیة و الخضوع هو نوع تذلل و دلالة أکثر علی الخضوع و الخشوع في حضرة الله عز و جل.
---------------------------------------------------------------------------------
1 . الشيخ الطوسي، الخلاف، المسألة 112 و 113.
2 . المصدر السابق.
3 .الفقه التطبيقي، ص 94.
4 . الفقه علي المذاهب الاربعة ، ج 1 ص 232 ج بيروت ، دار الفكر.
5 . الخلاف، المسئلة 112 و 113.
6 . بحارالأنوار، ج 16، ص 316.6.
7 . المصدر نفسه،ص308.
8 . كنزالعمال، ج7، ص460، الاحاديث 19776 و 19777 و 19778.
9. المصدر نفسه.
10. المصدر نفسه.
11. سنن البيهقي، ج 1، ص 439.
12. الطبقات الكبرى، ج 6، ص 79.
13. سيد رضا حسيني نسب، «الشیعة یجیبون»، «شيعه پاسخ ميدهد»، ص 108.
الكلمات الرئيسية :
۳۸,۷۹۱