من اللازم في بیان هذه الشبهة أن نری، مالمراد «بأفضلیة الرجال» في الآية الشريفة؟ وما فلسفة ذلك؟
«القوام» هو تولي تدبیر وصلاح الآخر، ومن شروط التولي والإدارة: توفر اللیاقة لتأمین وإدارة الحیاة. وینبغي الالتفات إلی أن الأسرة هي مکوّن اجتماعي صغیر. وهي کمجتمع کبیر ینبغي أن یکون لها قائد و مشرف واحد، إذ لا مفهوم لقیادة وإدارة الرجل والمرأة بالاشتراك معاً، وبالنتيجة ینبغي أن «یترأس» إدارة الأسرة رجل أو امرأة ویکون الآخر «معاوناً» وتحت إشرافه.
ویصرح القرآن الکریم هنا أن مقام القیادة والإدارة هي بيد الرجل «من أخذ بالساق»، ولا یخطأ في فهم هذا التعبیر أن المراد بهذا هو: الاستبداد و الاجحاف و التعدي، بل المراد به هو الإدارة والقیادة الواحدة والمنظمة من خلال التوجه وفهم المسئوليات و لزوم عرض الاستشارات والنصائح، فهذه المسألة هي واضحة أکثر من أي زمان آخر، فإن تشکّلت هیئة للقیام بمهمة ما مثلاً (حتى لوتشکلت من شخصین)، فسیکون أحد هذین الاثنین حتما «رئيس» و الآخر «معاون او عضو»، و إلا فستعم الفوضی في عملهم. وقیادة الرجل في الأسرة هي من هذا القبيل.
فعلینا أن نشاهد أین تکمن هذه اللیاقة والکفاءة واللیاقة في امور الأسرة او وجود المرأة، ولمعرفة هذه المسألة یلزم النظر إلی أصل خلقة الرجل والمرأة؟ نعود ونحلل وظيفة ومسئولیة الرجل والمرأة في فلسفة خلق الانسان.
الاختلاف الطبيعي بین الرجل و المرأة هي حقيقة لا یمکن إنکارها، فهناك فوارق کثیرة بين الرجل والمرأة، من الناحیة الجسمية والشکلیة، ومن الناحیة العاطفیة والنفسیة کذلك، وهذه الفوارق هي امر طبيعي، و هي لازمة وضروریة لكمال الخلقة و رفع احتیاجات النوع الانساني، وهذه الفوارق والاختلافات یمکن أن تشاهد بین الرجال أیضاً.
فعلی سبیل المثال: یتساوی کافة البشر في اصل امتلاک الاستعداد، أما في خصوصیته، فإنه خلق متفاوتاً و مختلفاً علی اساس الحكمة الالهية البالغة، لینبثق من تفتح وازدهار هذه الاستعدادات المختلفة، توفیر وتأمین الاحتیاجات الاجتماعية للانسان في مجالات متنوعة وعدیدة، فللمجتمع مثلاً احتیاجات ومتطلبلات مختلفة، کما في مجال تلبیة احتیاجات المواد الغذائية، و القطاع الصحي و البناء والإعمار أیضاً، و…
وتقتضي الحكمة البالغة للخالق، من خلال توفیر الاحتیاجات والمستلزمات، أن یخلق أناساً یمتلکون حالة من الوعي والاستعداد، إذا انبثق منها هذه الکفاءات والاستعداد، فسیتم تأمین وتوفیر ما یحتاج له المجتمع. وبناء علی هذا، فعندما یتوفر لشخص استعداد أن یصبح طبیباً، و الآخر استعداد الزراعة او الهندسة و… فکل واحد منهما یشغل مکانه المناسب حسب اختصاصه في المجتمع، ویتم توفیر جزء من الاحتیاجات الاجتماعية، و قد بین القرآن الكريم هذه الحقيقة فقال:«أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»؛.
کما أن الاختلاف موجود في خصوصية الاستعدادات، فلیس هناك سبباً لترجیح انسان علی انسان آخر؛ والخلق الطبيعي والاعتیادي للرجل و المرأة أیضاً هکذا أنهم مشترکون في اصل الانسانية، ولکنهما یختلفان من جهة طبيعة الخلق معاً، وهذا الفارق والتفاوت في خصوصية أن یکون رجلاً أو امرأة إنما هو لتكميل آلخلقة، ورفع الاحتیاجات الطبيعية في الحیاة، ووجدان الكمال في الحياة الاجتماعية، إذ الاختلاف في خصوصية الخلق، سیضمن بقاء نسل الانسان، و یمهد لايجاد وازع المحبّة في المجتمع والتحركات و السعي نحو الكمال.
ولو حصل غير هذا، لکان الخلق ناقصاً؛ و الكمال الاجتماعي هو في هذا الأمر وهو أن یکون کل من الرجل والمرأة أیضاً مشغولاً بوظائفه المناطة به، فنظام التكوين الاحسن و التشريع الرباني والإلهي یقتضي مثل هذا العرض و الصورة حول بیان دور و أهمیة الرجل و المرأة. مضافاً إلی وجود الفارق والاختلاف الجسمي والشکلي، هناك فارق من الناحیة النفسیة أیضاً، وفوارق واختلافات في خلقة کلا الجنسین، بسبب كمال الحياة الاجتماعية. و نشیر هنا في هذا الخصوص إلی نظريات بعض العلماء حول الاختلاف الجسمي و النفسي بين المرأة و الرجل.
قال «الكس كارل» العالم الفسیولوجي و الجراح الفرنسي المشهور الأخصائي في«علم البیئة»في كتاب: «الانسان کائن مجهول»: «اختلف خلق المرأة و الرجل بحسب قانون الخلقة، وهذه الفوارق و الاختلافات، یجعل من وظايف و حقوق کل منهما مختلفاً أیضاً».
و قال«جاك لوربيت» في كتاب «المرأة أمام المعلم»: «من المقطوع به أن هناك فرقاً بین المرأة والرجل من ناحیة القوی الجسمية و الدماغية والعقلیة و في المشاعر والعواطف الطبيعية، لكن لیس هذا الاختلاف دليلاً علی تنـزّل المرأة».
وقال العالم والمفکر الايطالي «مانتجازا»، الاستاد في علم وظائف الأعضاء (الفيسيولوجیا) في كتاب «فيسيولوجیا المرأة»: «یختلف کل من المرأة و الرجل في مقابل الفسيولوجیا تماماً، ولکن لیس أحد منهما أقوی من الآخر، و یعد(هذا)الاختلاف،نتيجة اختلاف الوظيفة».
اختلاف الحقوق بسبب اختلاف الوظائف
النقطة المثیرة التي یمکن مشاهدتها في كلام هذا العالم و في كلام «الكسس كارل» هي أنهما یقولان: «إن اختلاف الوظائف و الحقوق یقوم علی ضوء اختلافها الطبيعي، يعني أن کل جهاز في نظام الخلقة یتطابق وینسجم مع الوظيفة التي وضع لها في نظر الخلقة، وکان لها حقوق و وظائف، أي بمعنی أن لکل رجل وامرأة مسئولیات و وظائف في نظام الخلقة، وهي من الناحیة الجسمية والنفسیة قد خلقت مطابقة أیضاً مع تلك الوظائف».
فالرجل قد خلق أقوی من المرأة من حیث البسطة في الجسم، و کذلک من الناحیة الروحیة والنفسیة، فللرجال قوه تعقل وتفكیر أکثر من النساء. و أما النساء فإنها تمتلك قوة العاطفة و الاحساس و المحبّة أکثر من الرجال، وقد سبق الرجال النساء في الشجاعة عادة في مواجهة الأزمات والأحداث، وأصبح الرجال أبطال وشجعان میدان الحیاة، ولکن غلبت النساء الرجال في الصبر و التحمل والثبات، و کل هذا هو بسبب الفارق والاختلاف الموجود بین الرجل والمرأة في تقسیم الوظائف.
فعلی سبیل المثال، المرأة هي أساس ظهور وتواجد الانسان، وأساس تنمیة البراعم والأطفال الصغار، لأنهم یترعرعون في أحضانها، فلهذا، خلقت المرأة من الناحیة البدنیة والجسمية متناسبة مع الحمل و تربية الأطفال الصغار، أما من الناحیة النفسیة والروحية، فإن لها حصة وسهم أکبر من العواطف والمشاعر والاحاسیس، لتنمّي هذه البراعم والأبناء الصغار في ظل المحبّة و العاطفة، وتحوّل هذا الجیل الجدید إلی المجتمع.
ولشدة وثاق و رباط قانون الحیاة الذي یربط بین جنسي المرأة والرجل مع بعضهما البعض، فلا یکون تکاملهما إلا في ظل کل منهما مع الآخر، و هذا التنوع في الخلقة، لیس وحده سبباً في بقاء الأجیال البشریة وتداوم النسل الانساني فحسب، بل عاملاً لتکامل ألفة و محبة النوع أیضاً، وإنما یتضاعف هذا الکمال و الألفة فیما لو قام کل منهما بمسؤلیاته و وظائفه الخاصة المناطة بکل منهما، لیعمل بها.
ویظهر من خلال التفاوت والفارق الجسمي و النفسي الذي بین المرأة و الرجل أن لکل منهما وظائف ومسئولیات محددة ومعينة في الشئون الاجتماعیة وشئون العائلة والأسرة، فلو انعکست الوظائف والمسئولیات فأعطیت وظائف ومسئولیات الرجل إلی المرأة، وأنیطت وظائف ومسئولیات المرأة إلی الرجل، أو سووي بینهما في کافة المسئولیات والوظائف، کان هذا خلاف فطرة الخلقة والعدالة الإنسانیة، لذا علی کل منهما أن یقوم بمسئولیاته ووظائفه التي أنیطت بکل منهما، لینتفع من مزایاه الوجودیة.
والاسلام ومن خلال رعاية هذه العدالة في بعض الشئون الاجتماعية التي بحاجة إلی دقة أکثر، کإدارة كیان العائلة والأسرة وغيره، قدّم الرجل علی المرأة، و هذا التقدّم أو قیمومیة الرجل علی المرأة لیس لأجل أفضلیة الرجل علی المرأة في اصل الخلقة، بل لأجل الوظيفة الطبيعية و القابلیة والقدرة الجسدیة والجسمية للرجل، ففي المسائل الاجتماعية والشمّ الاقتصادي، یکون الرجل هو الأکفأ والأحسن في القیام بمسئولیة بذل أقصی الجهد والسعي لتوفیر الاحتیاجات والمستلزمات لادارة الحیاة بشکل أفضل وأجود، ومن هذه الناحیة، لیس الرجال هم وحدهم قادرون علی إدارة شئون الأسرة فحسب، بل هم مقدّمون في الشئون الاجتماعیة في أمر القضاء و الحرب علی النساء کذلك، «بِما فَضَّلَ اللَّهُ»، «وَ بِما أَنْفَقُوا»، و لم یقل بسبب کونهم: «قوامون على أزواجهم»، إذ إن هذه مسألة مخصصة بالزوجيّة. و لم یحدد الله عزوجل هذه الأفضلیة م بالمنزل أو البیت فقط، رغم أن بعض النساء هن الأفضل في القابلیة والقدرة البدنیة والجسمیة أو المخارج المالیة، أما في القانون و البرمجة والتخطیط، فینبغي رعایة العموم،لا ما شذ و ندر من الأشخاص.
وتظهر النتيجة في إدارة و قيمومية الرجل علی المرأة و إیداع هذه الوظيفة والمسئولیة إلی الرجال، فلیس ذلك لدليل علو واستعلاء الشخصية الانسانیة، و لا لأجل حصولهم علی ميزات في العالم الآخر، لأن هذا متعلق بأمر التقوى بشکل محض، بل لأجل الفوارق والمیزات التي وضعها الله عزوجل بینهما في الخلقة لمصلحة اقتضتها الحکمة الالهیة الربانیة، ویقول سبحانه وتعالی في موضع آخر: «الرجال قوامون علی النساء بما فضل الله بعضهم علی بعض وبما أنفقوا من أموالهم» «النساء/34». وهذه القیمومة وظیفة ومسئولیة طبیعية للرجال ولیس تفوّق امتیاز معنوي .
المراد بأفضلية الرجال على النساء في الاسلام
26 جمادی الاول 1434 الساعة 18:54
تعتقد النساء أن ما جاء في آلآیة: «الرَّجَال قَوّامون علي النِّسَاء» أن الإسلام لم یکن إلی جانبهن، ولم یتکلم لمصلحتهن، فکیف نوضح ذلك ونفسره لهن؟
الجواب :
من اللازم في بیان هذه الشبهة أن نری، مالمراد «بأفضلیة الرجال» في الآية الشريفة؟ وما فلسفة ذلك؟
«القوام» هو تولي تدبیر وصلاح الآخر، ومن شروط التولي والإدارة: توفر اللیاقة لتأمین وإدارة الحیاة. وینبغي الالتفات إلی أن الأسرة هي مکوّن اجتماعي صغیر. وهي کمجتمع کبیر ینبغي أن یکون لها قائد و مشرف واحد، إذ لا مفهوم لقیادة وإدارة الرجل والمرأة بالاشتراك معاً، وبالنتيجة ینبغي أن «یترأس» إدارة الأسرة رجل أو امرأة ویکون الآخر «معاوناً» وتحت إشرافه.
ویصرح القرآن الکریم هنا أن مقام القیادة والإدارة هي بيد الرجل «من أخذ بالساق»، ولا یخطأ في فهم هذا التعبیر أن المراد بهذا هو: الاستبداد و الاجحاف و التعدي، بل المراد به هو الإدارة والقیادة الواحدة والمنظمة من خلال التوجه وفهم المسئوليات و لزوم عرض الاستشارات والنصائح، فهذه المسألة هي واضحة أکثر من أي زمان آخر، فإن تشکّلت هیئة للقیام بمهمة ما مثلاً (حتى لوتشکلت من شخصین)، فسیکون أحد هذین الاثنین حتما «رئيس» و الآخر «معاون او عضو»، و إلا فستعم الفوضی في عملهم. وقیادة الرجل في الأسرة هي من هذا القبيل.
فعلینا أن نشاهد أین تکمن هذه اللیاقة والکفاءة واللیاقة في امور الأسرة او وجود المرأة، ولمعرفة هذه المسألة یلزم النظر إلی أصل خلقة الرجل والمرأة؟ نعود ونحلل وظيفة ومسئولیة الرجل والمرأة في فلسفة خلق الانسان.
الاختلاف الطبيعي بین الرجل و المرأة هي حقيقة لا یمکن إنکارها، فهناك فوارق کثیرة بين الرجل والمرأة، من الناحیة الجسمية والشکلیة، ومن الناحیة العاطفیة والنفسیة کذلك، وهذه الفوارق هي امر طبيعي، و هي لازمة وضروریة لكمال الخلقة و رفع احتیاجات النوع الانساني، وهذه الفوارق والاختلافات یمکن أن تشاهد بین الرجال أیضاً.
فعلی سبیل المثال: یتساوی کافة البشر في اصل امتلاک الاستعداد، أما في خصوصیته، فإنه خلق متفاوتاً و مختلفاً علی اساس الحكمة الالهية البالغة، لینبثق من تفتح وازدهار هذه الاستعدادات المختلفة، توفیر وتأمین الاحتیاجات الاجتماعية للانسان في مجالات متنوعة وعدیدة، فللمجتمع مثلاً احتیاجات ومتطلبلات مختلفة، کما في مجال تلبیة احتیاجات المواد الغذائية، و القطاع الصحي و البناء والإعمار أیضاً، و…
وتقتضي الحكمة البالغة للخالق، من خلال توفیر الاحتیاجات والمستلزمات، أن یخلق أناساً یمتلکون حالة من الوعي والاستعداد، إذا انبثق منها هذه الکفاءات والاستعداد، فسیتم تأمین وتوفیر ما یحتاج له المجتمع. وبناء علی هذا، فعندما یتوفر لشخص استعداد أن یصبح طبیباً، و الآخر استعداد الزراعة او الهندسة و… فکل واحد منهما یشغل مکانه المناسب حسب اختصاصه في المجتمع، ویتم توفیر جزء من الاحتیاجات الاجتماعية، و قد بین القرآن الكريم هذه الحقيقة فقال:«أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»؛.
کما أن الاختلاف موجود في خصوصية الاستعدادات، فلیس هناك سبباً لترجیح انسان علی انسان آخر؛ والخلق الطبيعي والاعتیادي للرجل و المرأة أیضاً هکذا أنهم مشترکون في اصل الانسانية، ولکنهما یختلفان من جهة طبيعة الخلق معاً، وهذا الفارق والتفاوت في خصوصية أن یکون رجلاً أو امرأة إنما هو لتكميل آلخلقة، ورفع الاحتیاجات الطبيعية في الحیاة، ووجدان الكمال في الحياة الاجتماعية، إذ الاختلاف في خصوصية الخلق، سیضمن بقاء نسل الانسان، و یمهد لايجاد وازع المحبّة في المجتمع والتحركات و السعي نحو الكمال.
ولو حصل غير هذا، لکان الخلق ناقصاً؛ و الكمال الاجتماعي هو في هذا الأمر وهو أن یکون کل من الرجل والمرأة أیضاً مشغولاً بوظائفه المناطة به، فنظام التكوين الاحسن و التشريع الرباني والإلهي یقتضي مثل هذا العرض و الصورة حول بیان دور و أهمیة الرجل و المرأة. مضافاً إلی وجود الفارق والاختلاف الجسمي والشکلي، هناك فارق من الناحیة النفسیة أیضاً، وفوارق واختلافات في خلقة کلا الجنسین، بسبب كمال الحياة الاجتماعية. و نشیر هنا في هذا الخصوص إلی نظريات بعض العلماء حول الاختلاف الجسمي و النفسي بين المرأة و الرجل.
قال «الكس كارل» العالم الفسیولوجي و الجراح الفرنسي المشهور الأخصائي في«علم البیئة»في كتاب: «الانسان کائن مجهول»: «اختلف خلق المرأة و الرجل بحسب قانون الخلقة، وهذه الفوارق و الاختلافات، یجعل من وظايف و حقوق کل منهما مختلفاً أیضاً».
و قال«جاك لوربيت» في كتاب «المرأة أمام المعلم»: «من المقطوع به أن هناك فرقاً بین المرأة والرجل من ناحیة القوی الجسمية و الدماغية والعقلیة و في المشاعر والعواطف الطبيعية، لكن لیس هذا الاختلاف دليلاً علی تنـزّل المرأة».
وقال العالم والمفکر الايطالي «مانتجازا»، الاستاد في علم وظائف الأعضاء (الفيسيولوجیا) في كتاب «فيسيولوجیا المرأة»: «یختلف کل من المرأة و الرجل في مقابل الفسيولوجیا تماماً، ولکن لیس أحد منهما أقوی من الآخر، و یعد(هذا)الاختلاف،نتيجة اختلاف الوظيفة».
اختلاف الحقوق بسبب اختلاف الوظائف
النقطة المثیرة التي یمکن مشاهدتها في كلام هذا العالم و في كلام «الكسس كارل» هي أنهما یقولان: «إن اختلاف الوظائف و الحقوق یقوم علی ضوء اختلافها الطبيعي، يعني أن کل جهاز في نظام الخلقة یتطابق وینسجم مع الوظيفة التي وضع لها في نظر الخلقة، وکان لها حقوق و وظائف، أي بمعنی أن لکل رجل وامرأة مسئولیات و وظائف في نظام الخلقة، وهي من الناحیة الجسمية والنفسیة قد خلقت مطابقة أیضاً مع تلك الوظائف».
فالرجل قد خلق أقوی من المرأة من حیث البسطة في الجسم، و کذلک من الناحیة الروحیة والنفسیة، فللرجال قوه تعقل وتفكیر أکثر من النساء. و أما النساء فإنها تمتلك قوة العاطفة و الاحساس و المحبّة أکثر من الرجال، وقد سبق الرجال النساء في الشجاعة عادة في مواجهة الأزمات والأحداث، وأصبح الرجال أبطال وشجعان میدان الحیاة، ولکن غلبت النساء الرجال في الصبر و التحمل والثبات، و کل هذا هو بسبب الفارق والاختلاف الموجود بین الرجل والمرأة في تقسیم الوظائف.
فعلی سبیل المثال، المرأة هي أساس ظهور وتواجد الانسان، وأساس تنمیة البراعم والأطفال الصغار، لأنهم یترعرعون في أحضانها، فلهذا، خلقت المرأة من الناحیة البدنیة والجسمية متناسبة مع الحمل و تربية الأطفال الصغار، أما من الناحیة النفسیة والروحية، فإن لها حصة وسهم أکبر من العواطف والمشاعر والاحاسیس، لتنمّي هذه البراعم والأبناء الصغار في ظل المحبّة و العاطفة، وتحوّل هذا الجیل الجدید إلی المجتمع.
ولشدة وثاق و رباط قانون الحیاة الذي یربط بین جنسي المرأة والرجل مع بعضهما البعض، فلا یکون تکاملهما إلا في ظل کل منهما مع الآخر، و هذا التنوع في الخلقة، لیس وحده سبباً في بقاء الأجیال البشریة وتداوم النسل الانساني فحسب، بل عاملاً لتکامل ألفة و محبة النوع أیضاً، وإنما یتضاعف هذا الکمال و الألفة فیما لو قام کل منهما بمسؤلیاته و وظائفه الخاصة المناطة بکل منهما، لیعمل بها.
ویظهر من خلال التفاوت والفارق الجسمي و النفسي الذي بین المرأة و الرجل أن لکل منهما وظائف ومسئولیات محددة ومعينة في الشئون الاجتماعیة وشئون العائلة والأسرة، فلو انعکست الوظائف والمسئولیات فأعطیت وظائف ومسئولیات الرجل إلی المرأة، وأنیطت وظائف ومسئولیات المرأة إلی الرجل، أو سووي بینهما في کافة المسئولیات والوظائف، کان هذا خلاف فطرة الخلقة والعدالة الإنسانیة، لذا علی کل منهما أن یقوم بمسئولیاته ووظائفه التي أنیطت بکل منهما، لینتفع من مزایاه الوجودیة.
والاسلام ومن خلال رعاية هذه العدالة في بعض الشئون الاجتماعية التي بحاجة إلی دقة أکثر، کإدارة كیان العائلة والأسرة وغيره، قدّم الرجل علی المرأة، و هذا التقدّم أو قیمومیة الرجل علی المرأة لیس لأجل أفضلیة الرجل علی المرأة في اصل الخلقة، بل لأجل الوظيفة الطبيعية و القابلیة والقدرة الجسدیة والجسمية للرجل، ففي المسائل الاجتماعية والشمّ الاقتصادي، یکون الرجل هو الأکفأ والأحسن في القیام بمسئولیة بذل أقصی الجهد والسعي لتوفیر الاحتیاجات والمستلزمات لادارة الحیاة بشکل أفضل وأجود، ومن هذه الناحیة، لیس الرجال هم وحدهم قادرون علی إدارة شئون الأسرة فحسب، بل هم مقدّمون في الشئون الاجتماعیة في أمر القضاء و الحرب علی النساء کذلك، «بِما فَضَّلَ اللَّهُ»، «وَ بِما أَنْفَقُوا»، و لم یقل بسبب کونهم: «قوامون على أزواجهم»، إذ إن هذه مسألة مخصصة بالزوجيّة. و لم یحدد الله عزوجل هذه الأفضلیة م بالمنزل أو البیت فقط، رغم أن بعض النساء هن الأفضل في القابلیة والقدرة البدنیة والجسمیة أو المخارج المالیة، أما في القانون و البرمجة والتخطیط، فینبغي رعایة العموم،لا ما شذ و ندر من الأشخاص.
وتظهر النتيجة في إدارة و قيمومية الرجل علی المرأة و إیداع هذه الوظيفة والمسئولیة إلی الرجال، فلیس ذلك لدليل علو واستعلاء الشخصية الانسانیة، و لا لأجل حصولهم علی ميزات في العالم الآخر، لأن هذا متعلق بأمر التقوى بشکل محض، بل لأجل الفوارق والمیزات التي وضعها الله عزوجل بینهما في الخلقة لمصلحة اقتضتها الحکمة الالهیة الربانیة، ویقول سبحانه وتعالی في موضع آخر: «الرجال قوامون علی النساء بما فضل الله بعضهم علی بعض وبما أنفقوا من أموالهم» «النساء/34». وهذه القیمومة وظیفة ومسئولیة طبیعية للرجال ولیس تفوّق امتیاز معنوي .
الكلمات الرئيسية :
۲,۵۰۸