اطرح سؤالك

04 رمضان 1434 الساعة 16:57

سؤالي حول الخطبة 79 التي وردت في نهج ابلاغة. هل یمکن أن نقول: إن الخطبة موضوعة، و إلا، کیف توجهوها مع القرآن؟ قال علي(ع) کما ورد في الخطبه 79: «مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ فَأَمَّا نَقْصُ‏ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَ‏ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى نِصْفِ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ».

الجواب :


لا وجه لأن تکون الخطبة موضوعة، بل علینا أن نفکر جیداً في محتوی أي کلام یصدر من أي أحد، فالاستدلال الذي ذکره علیه السلام، وذکر في تعقیب الروایة، هو توجیه جید جداً لکلامه علیه السلام.

أما قوله علیه السلام:«لأنهن ناقصات الإیمان»: فهو لیس بالمعنی الذي نتصوره نحن وأنتم، لأن الله یضرب للمؤمن مثلاً في القرآن الکریم، ویضع لهم أسوة و قدوة، فیقول: «ضرب الله للمؤمنین مثلاً امرأة فرعون ـ کأسوة وقدوة ـ» والقرآن الناطق يعني اميرالمؤمنين(ع)، وهو أعلم من غیره بطرق القرآن البتة. وردت هذه الخطبه بعد رجوع عائشة من حرب الجمل، فبیّن علیه السلام نفحة من نفحات خصائص النساء. اما «نقص الايمان» بسبب طمثهن و قعودهن عن العبادة في کل شهر، ولیس معنی ذلك: أن لا إیمان لهن فترة الحیض، ویعلم ذلك من خلال القرینة التي ذکرها عليه السلام: أن غرضه علیه السلام من نقص الایمان، هو النقص في العبادات، وقد شرع ذلك رفقاً بالنساء.

الثاني: «نقص عقولهن» في المقارنة بأحاسیسهن ومشاعرهن، إذ إن عواطف ومشاعر النساء ملازمة لعواطف الأمومة والعطف، وینبغي أن تکون أکثر من الرجال، ولهذا، قد یتخذن قرارات خاطئة أحیاناً، کما فعلت عائشة في حرب الجمل. امّا «نقص حظّوظهن» فهو من الأرث والسبب في ذلك أن العبأ الأکبر في الحیاة یقع علی عاتق الرجل غالباً، وعلی هذا، أنیطت إدارة الأسرة في کل المذاهب والأدیان إلی  الرجل، بسبب الفارق والاختلاف الجسدي والبدني، وبالنتیجة: فإن ثقل أعباء المسئولیة یقع علی الرجال دون النساء، وأنتم وإن شاهدتم نماذج عن المرأة في المجتمعات الغربیة تطالب بتساوي الرجل مع المرأة، لکننا لا یمکن أن نشاهدهن في عملیة إشراکهن في اتخاذ القرارات الحاسمة والمهمة والعملیة السیاسیة برمتها، إلا في موارد قلیلة، وأکثر هذه الموارد هي تلك الموارد التي یرافقها تبعات سیئة، ویعزی هذا إلی وجود التفاوت والاختلاف في الخلقة بین الرجل والمرأة، إذ إن کل منهما خلق لهدف معین.

وکذلك مسألة قضاء و شهادة امرأتین مقابل شهادة رجل واحد، فإن اشتعال وغلیان مشاعرهن وأحاسیسهن جعلهن غیر مستعدات أن یدلین بشهادتهن أمام القضاء، لیعاقب المجرم علی ما ارتکبه، وبسبب شدة العاطفة والرأفة من قبلهن علی شخص، أنهما لو کن امرأة واحدة، فقد تشهد بعکس ذلك.
 
والخلاصة: لا فرق بین الرجل والمرأة في الرؤیة والمنظار القرآني وفي منظار الرسول الاکرم (ص) و اوصيائه علیهم السلام من الناحیة الانسانية و البشریة. وأن ما یستفاد من کلام امير المؤمنين(ع)، فهو منطبق تماماً مع علم النفس، عبر الدراسة والتحلیل الدقیق لهذه الشریحة في  المجتمع. مضافاً إلی ذلك، أراد علیه السلام أن ینبه جماعة أرادوا أن یلتحقوا برکب امرأة، ویضرموا فتیل فتنة کبری في الإسلام. وینبّه الأجیال في المستقبل أیضاً إلی أن المرأة خلقت للأمومة والحضانة والزوجیة، ولتکون مصدراً للحیاء والعفاف، ومقراً للعطف والحنان، وأن تکون مربیة ومعلمة، لکنها في نفس الوقت، قد تکون أضعف من الرجال  في بعض الموارد إما بشکل طبیعي وإلهي، أو باختیارها، وهذا من لوازم النظام الالهي الأحسن.

ومن هذه الجهة، ینبغي أن تتواجد المرأة المناسبة في المکان المناسب، ولا تترك موقعها شاغراً. ولکننا في الوقت نفسه، نکون قد تعلّمنا ذلك من معارف القرآن و النبي صلی الله علیه وآله و امير المؤمنين علیه السلام واولاده المعصومین علیهم آلاف التحیة والثناء: أن لا فرق بین الرجل والمرأة عند الله في نیل الکمالات، ویمکن لکل منهما أن یکون أسوة و قدوة للإنسان العابد والمؤمن العارف بالله عزوجل، کما ذکر سبحانه وتعالی «امرأة فرعون» في القرآن الکریم علی أنها الأسوة والقدوة للمؤمنین. 

النقطة الأخری التي ینبغي أن نلتفت النظر إلیها هي: أن عدم جعل الولایة للمرأة في باب القضاء هو لیس بمعنی أن الله عزوجل لا یرید أن یوکل هذه المسئولیة المهمة والخطیرة لها لعدم کفاءتها، بل کان تخفیفاً علیها و تسهیلاً لأمرها، مع رعایته عزوجل لجهات أخری في ذلك لصالحها، ویقتضي هذا جمیعاً عدم جعل هذه الولایة للمرأة.


الكلمات الرئيسية :


۲,۶۷۷