اطرح سؤالك

23 ربیع الثانی 1434 الساعة 16:11

ما هي واقعة الحرة؟ یرجی أن تعطونا معلومات و توضیحات تاریخیة عنها رجاء.

الجواب :



«واقعه الحرّة» حدث مریر ومحزن للغایة، وأمر ثقیل جداً. حصلت هذه الواقعة في سنة 63 ه قمري، في عهد يزيد بن معاوية، بین جيش الشام وأهل المدينة المنورة وقعت العشاء.

«الحرّه»في اللغة: الأرض المحصبة وذات التضاریس الصخریة الغیر متکافئة، وتحتوي علی صخور سوداء أیضاً، واجتیازها صعب للغایة، فأخذت واقعه الحرّة من هذه التسمیة، حیث هاجم الجیش الشامي الذي یمثل حکومة یزید، للمدینة المنورة من الضلع الشرقي لها، یعني من الجهة المحصبة الملیئة بالتضاریس والصخور.

«واقعه الحرّة»: تعد حقیقة من فجائع التاریخ، و واحدة من أبشع الحوادث في عهد بني أمية. کتب عنها ابن مُسکويه قائلاً: «واقعه الحرّة من أشد وأصعب الحوادث عنفاً»، حدثت في سنة 63 ه، و بعد أن عاد ممثلو الشعب من عند یزید وقدموا تقریرهم لأهالي المدينة المنورة، أن یزید لیس مسلماً أصلاً، وشغله هو ملاعبة الکلاب، والقمار، ومعاقرة الخمر، واللعب بدین الله، ثار علیه أهل المدینة، وخرجوا عن طاعته، وأخرجوا عمالها منها، ودعا عبد الله بن حنظلة  أهل المدينة المنورة لمحاربة يزيد وبني أمیة، وقاده موقعه الاجتماعي بین الناس في دعوتهم  للالتحاق به والالتحام معه، بل وانتخابهم له حاكما على المدينة المنورة أیضاً، ومبایعته، فعزل یزید عن الخلافة، وبایعوه أهل المدينة المنورة في اليوم الأول من شهر محرم الحرام عام 63 ه، وطردوا عثمان بن محمد بن أبي سفیان، حاكم المدينة المنورة وعامل يزيد منها.

ثم ألقي القبض على بني امية وأسرهم والقریشیین المتفقین مع بني أمية، وأعدادهم تصل إلى الألف، فحبسوا في بیت مروان بن الحکم دون أي ضرر یتوجههم. ثم أرسل حاکم المدينة المنورة قميصه الممزق قطعة قطعة إلی يزيد، وبعث له برسالة کتب فیها: «استصرخنا فلقد أخرج  أهل المدينة المنورة أهلنا منها.

لما وصل هذا الخبر إلی یزید، أرسل إلی المدینة المنورة رجلاً یدعی مسلم ابن عقبة یقود جیشاً جراراً، وقد کان متعطشاً للدماء لا یرحم. وأمره بقمع الاضطرابات في المدینة المنورة، وعلی رغم أنه کان طاعناً في السن، قد ناهز عمره التسعین عاماً، إلا أنه قبل هذه المهمة، وأمرت الحکومة أن ینادی: «تعبّئوا أیها الناس لقتال أهل الحجاز وخذوا عطاءکم، فکان کل من یتعبأ ویستعد، یعطی له مائة دینار في نفس الوقت، فلم تمض إلا فترة قصيرة حتی اجتمع حوالي اثني عشر رجلاً.

 وفي روایة أخری: أنه قاد 20000 فارساً و سبعة آلاف راجلاً، وأعطی يزيد جائزة مائة دينار لكل فارس ومائة دينار لكل راجل، وأمرهم أن یلتحقوا بمسلم بن عقبة. وسایر يزيد مسلم بن العقبة وجیشه حوالي فرسخاً ونصف، ثم رجع، وکان بين الجيش من المسيحيين الشامیین أیضاً، كانوا قد استعدوا لحرب أهل المدينة المنورة. وأوصى يزيد مسلم بن عقبة في ما یخص أهل المدينة المنورة فقال: ادع القوم ثلاثا، فان رجعوا إلى الطاعة فاقبل منهم وكف عنهم، وإلا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا ظهرت عليهم، فأبح المدينة ثلاثا ،ثم أكفف عن الناس‏، وخذ البیعة من الناس، أن یکونوا عبیداً قناً لیزید ومتی ما خرجت من المدينة المنورة فاتجه نحو مكة.

انتقلت قوات مسلم بن عقبة من وادي القری متجهة نحو المدينة، وعسکروا في مكان يسمى «بالجرف» یبعد ثلاثة أمیال عن المدينة المنورة. ومن ناحية أخرى عندما علم أهل المدينة المنورة بحركة جیش الشام، كانوا على أهبة الاستعداد للقتال والدفاع عنها. و مع اقتراب جیش الشام من المدينة المنورة، دعا عبد الله بن حنظلة الناس للحضور والتواجد عند منبر النبي صلی الله علیه وآله، وطلب من كل منهم أن یبایعه بالولاء إلی حد الاستشهاد، فبایعه الناس علی ذلک، فارتقی عبد الله المنبر، فحمد الله وأثنی علیه وقال: يا أهل المدينة! إننا لم نثور إلا لأن يزيد یرتکب الزنا، ویشرب الخمر، ولا یصلي، وأن تحمل حکومته سبب  لنزول عذاب الله، وتترست قوى المدينة المنورة بخندق کان منذ زمن النبي (عليه الصلاة والسلام)، وکان من غير المحتمل أن یشن جيش الشام هجومه من الجهة الوعرة والصخرية التي تقع في الضلع الشرقي من المدينة المنورة، أو یحققوا شیئاً إن شنوا هجومهم من تلک الجهة، لكن غزو الجيش بدأ من تلک المنطقة علی أهل المدينة المنورة، وأخیراً، مني أهل المدينة المنورة بالهزیمة، وانتصر جيش مسلم بن عقبة، فدخل جیشه إلی المدينة المنورة، وأعملوا فیهم السیف، ثم قاموا بجرائم بشعة یندی منها الجبین من اغتصاب للنساء والقتل.

وفعل مسلم بن عقبة (کما أمره يزيد بن معاوية)، فبعد أن دخل جيش الشام إلی المدينة المنورة قال: لکم أن تفعلوا ما تشاءون، فأغاروا علی المدینة ثلاثة أیام و أبیحت المدينة المنورة بهذا النحو ثلاثة أیام لجیش الشام، وتعرضوا للسلب والنهب والاستغلال من جميع الأطراف، ولم يكن الرجل والمرأة في مأمن من الأذى والضرر.

فکان الناس یقتلون وتنهب وتصادر أموالهم وممتلكاتهم. والأشد و الأنکی من قتل ونهب أهل المدينة المنورة التي فیها الجيل المتبقي من صحابة النبي (ص) والمهاجرين والأنصار، هي أن هذا العسكر الجشع واللامبالي قام باغتصاب النساء وهتک نوامیس و أعراض أهل المدينة المنورة، فعند هجوم جیش أهل الشام علی بيوت مدينة النبي (عليه الصلاة والسلام)، هتکوا حرمة الآلاف من النساء، فولدن الآلاف من الأطفال لآباء غير معروفین، ولهذا أطلق علی ذریتهم  تسمیتهم «بأبناء الحرة».

وهکذا امتلئت شوارع المدينة بجثث القتلی التي وصلت دمائها  إلى مسجد النبي (ص) وحکم علی الأطفال الذین في أحضان أمهاتهم بالموت، وتعرض صحابة النبي (عليه الصلاة والسلام) للتعذيب وسوء المعاملة،وهتکت حرمتهم، وقد بلغ التدمير وشدة التجاوزات في قتل مسلم بن العقبة أنهم أسموه بعد ذلک "بمسرف بن عقبة"، وارتدوا علی قتلاهم ثیاب السواد، وکان یسمع من داخل منازلهم صوت النیاحة والبکاء لعام کامل، حزناً علی قتلاهم لم ینقطع أبداً، نقل ابن قتیبة: «أنه قتل من صحابة النبي صلی الله علیه وآله ثمانین صحابیاً، فلم یبق بعد ذلک الیوم صحابیاً بدریاً، وقتل من قریش والأنصار سبعمائة شخص، وقتل من سائر الناس من الموالي والعرب والتابعین عشرات الآلاف من القتلی»، وأغاروا علی المدینة، وافتضوا ألف بکر، «فإنَّا للهِ وَ إنَّا الَيهِ راجِعُونَ».

قال رسول الله (ص):«من اخاف أهل المدينة أخافه الله و عليه لعنة االله و الملائکة و الناس أجمعين». روى هذا الحدیث المسلم به (ثقات الرواة من أهل السنة) .

كتب ابن قتیبة: «عندما انتهی مسلم بن عقبة من الحرب والإغارة علی أهل المدينة المنورة، كتب رسالة إلى يزيد جاء فیها: السلام عليک يا أمير المؤمنين... فما صلیت الظهر إلا في مسجدهم، بعد القتل الذریع والانتهاب العظیم   ... وأوقعنا بهم السيوف،وقتلنا من أشرف لنا منهم، وأتبعنا مدبرهم، وأجهزنا على جريحهم، وانتهبناهم ثلاثاً كما قال أمير المؤمنين‏..  ».

و روی سبط ابن الجوزي عن المدائني أنه قال: «بلغ عدد قتلی الحرّة یومئذ من کبار قريش و الانصار و المهاجرین و وجوه الناس و من الموالى سبعمائة رجل، ومن العبید والإماء والرجال والنساء حتی وصل أعدادهم إلی عشرة آلاف، و وصلت الدماء إلی قبر النبي (ص) وامتلأت الروضة الشریفة  و مسجد النبي (ص)بها»، وقد عبر مجاهد عن شدة إراقة الدماء فقال: «التجأ الناس إلی حجرة رسول الله صلی الله علیه وآله ومنبره، فکانت السيوف تنزل علیهم وتحصدهم».و روی المدائني عن ابن قره،عن هشام بن حسان أنه قال: «ولدت ألف امرأة بعد وقعة الحرة من غیر زوج».

وعن غیر المدائني: «ولدت بعد وقعة الحرة أیضاً عشرة آلاف امرأة من غیر زوج»، وبعد أن استولی  مسلم بن عقبة علی أهل المدينة، استدعی بعض من الشخصيات البارزة والمؤثرة في المدينة المنورة إلی محاکمة خاصة، وحكم عليهم بالاعدام. فمن خصائص هذه المحاکمات طلبه من المحاکمین أن یکونوا عبیداً قناً  ليزيد. ومن الوجوه المعروفة التي تعرضت إلی تلک الأحداث المؤسفة هي على النحو التالي:

1 - ابوبکر بن عبد الله بن جعفر بن ابى طالب.
2 – ولدان لزينب بنت أم سلمة.
3 – ابو بکر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
4 - معقل بن سنان(أحد حاملي لواء النبي(ص) في فتح مکة)
5 - الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
6 – ابو سعيد الخدري(من صحابة النبي (ص) شارک مع النبي (ص)في اثني عشر غزوة).
7- عبد الله بن مطيع.



الكلمات الرئيسية :


۶,۵۲۴