دور علم الاصول في اتقان علم الكلام والعلوم الاخرى
20 جمادی الاول 1441
20:09
۲,۸۳۹
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
-
من السمات الخاصة بالمعلم هي تشخيصه للبدع والانحرفات
بسم الله الرحمن الرحیم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
موضوع بحثنا دور الاصول والقواعد الاجتهادية في علم الكلام. يبدو ان ذهن الاخوة الذين يبحثون في علوم الكلام قد انشغل بهذا البحث ان نفس الاجتهاد والاستنباط متوقف على مبنى كلامي، وهل ان الكلام يتوقف على الاجتهاد والاستنباط؟ اي ان هناك علاقة بين علم الكلام والاجتهاد علم الاصول وعلم الكلام.
ونحن نعتقد ان علم الاصول ليس لا ينحصر دوره في الاحكام الشرعية فحسب وليس هو عبارة عن وسائل وفن الاستنباط فحسب بل له دور كبير في العلوم الاخرى كعلم الحديث والتفسير وبالخصوص في علم الكلام وهذا هو مدعانا ولا بد من نشفع هذا الادعاء بالشواهد وآثار مسائل علم الاصول في علم الكلام.
بعض هذه النماذج هي من جملة مباحث الأُصول والبعض الآخر يتمتع بالجوانب المعرفية والكلامية وبعد ذكر هذه النماذج نطرح على الاخوة اقتراحا كي تتضح هوية هذا البحث ومكانته المهمة في الحوزة العلمية وفي المباحث الاصولية والكلامية.
النموذج الاول: البحث حول ملاك الاسلام والكفر الذي هو من اكثر المسائل الاعتقادية عمقا، فمن هو المسلم ومن هو الكافر؟ وما هي ضابطة الاسلام والكفر؟ من الناحية الفقهية وبناء على بعض الروايات التي المتفق عليها وقد افتى بها الفقهاء ان الملاك هو اظهار الشهادتين، الشهادة بالتوحيد والشهادة برسالة النبي (ص) وهذا الامر متفق عليه بين المتقدمين والمتأخرين وهذا الامر متفق عليه بين العامة والخاصة.
وفي الوقت الحاضر ان المحقق الخوئي(اعلی الله مقامه الشریف) استنادا الى آيات القران الكريم اضاف مسألة الايمان بالمعاد ويقول حيث قال ان اركان الاسلام هو الشهادة بالتوحيد والرسالة والايمان بالمعاد.
صحيح نحن نصنع مسلماً وكافراً من الناحية الفقهية ونصنع الكافر الفقهي او الباطني، وهذه الابحاث موجودة المباحث التفسيرية والأعتقادية، ولكن في النهاية هذا اجتهاد، و يجب أن يذكر ما إذا كنا نستطيع أن نؤمن باستخدام آيات القرآن هل يجب أن نضع القيامة كأحد اركان الإسلام؟ وهذا يعني ، يجب حل هذه المشكلة.بنفس طريقة الاجتهاد والأسلوب الاستدلالي.
وبهذه الطريقة الاصولية يمكننا توسيع دائرة الإسلام والكفر وتضييقها. هذا مثال واضح جدا. الآن إذا قالوا أن هذه المسألة لا علاقة لها بالإجتهاد ، فعندئذ نسأل أصحاب الكلام ما هو معيار الإيمان؟ كيف يريدون ان يبينوا لنا هذه الضابطة؟ فهل يمكن تبيين ضابطة الايمان من استخدام القواعد الاجتهادية والاصولية؟
نقول فی التفسیر من الممکن ان یکون الانسان بحسب الظاهر مسلماً وفي هذه الحالة يكون ماله ودمه محرم ولكنه في نفس الوقت هو كافر في الباطن، لان الشهادتين في فقه الاسلام الاقرار باللسان بالرغم من ان السامع يتيقن ان هذا الانسان لا يقبل التوحيد والرسالة ولكن من الناحية الفقهية يقال ان هذا يكفي ولو كان القائل كافر باطنا، وعلى كل حال ان المتكلم حينما يتمسك بالايات والروايات او دليل العقل لا طريق له الا ان يستفيد من الاستنباط والطريقة الاصولية.
النموذج الثاني: يوجد في موضوع علم الامام (عليه السلام) ابحاث كثيرة فهل ان دائرة علم الامام المعصوم (عليه السلام ) محدودة او لا؟ أو أنها لا تشمل الا مجال الاحكام او الموضوعات؟ ان الايات والروايات في هذا البحث كثيرة ان الايات والروايات في هذا البحث كثيرة. فهل يستطيع المتكلم بقطع النظر عن القواعد الاجتهادية ان يعطي وجهة نظره بعلم الامام؟ كلا، فمن لا يستطيع ان يعمل الضوابط الاجتهادية لا يستطيع ان يجب على ذلك! ويوجد في القران الكريم ايات كثيرة تحتاج الى دقة اصولية كبيرة كي نستطيع القول ان علم الائمة المعصومين عليهم السلام لا يمكن مقارنته بعلم البشر الاعتياديين وهو اعلى بكثير من ان يصفه البيان.
تارة نقول في بحث علم الامام من الناحية الكلامية يوجد بين العصمة والعلم ملازمة فهذا بحد ذاته يكون دليلا ولكن هذه الملازمة لا يمكنها ان توضح لنا دائرة علم الامام، وما الم نغور في الايات وا لروايات فلا يمكن ابدا ان يتضح لنا عمق علم الائمة المعصومين (عليهم السلام) والغور في القران والحديث من دون علم الاصول والاستنباط غير ميسر ابدا.
النموذج الثالث: احد الابحاث الاصولية المهمة بحث خبر الواحد، وعند اثبات حجية خبر الواحد بعد دراسة الادلة تطرح هذه المسالة هل ان الادلة تقتضي ان يكون خبر الواحد حجة في فقط في الاحكام؟ او انه في غير الاحكام ايضا حجة؟ ان مبنى المرحوم العلامة الطباطبائي(رضوان الله تعالى عليه) هو ان خبر الواحد حجة في باب الاحكام والسبب في ذلك انه يقول في تفسير الميزان في اخر مرحلة من الاستدلالات العقلية والقرانية (تفسير روائي) ثم يشير الى عدة روايات ثم يردها لان هذه الروايات لا يراها حجة في باب التفسير، لكن المحققين وكبار علماء الاصول يقولون ان الشارع قد جعل خبر الواحد حجة في الاحكام وفي تفسير الايات الكريمة وكذلك في الاعتقادات.
والثمرة في هذا البحث مهمة جدا في التحقيقات الكلامية، على سبيل المثال من باب ان المرحوم الشيخ الصدوق(قدس سره) تمسك في مسألة (سهو النبي) بحديث، وقال الشيخ في رد قول الشيخ الصدوق، ان هذا خبر الواحد وخبر الواحد لا يوجب العلم.
فهنا يقول الاصولي افهل يجب ان يكون خبر الواحد موجبا للعلم؟ خبر الواحد فيه حجية سواء اوجب العلم والاطمئنان ام لم يوجب.
اذن فالشيخ المفيد يريد ان يقول في الاعتقادات يجب ان نحصل على العلم واليقين، الكبار من امثال الشيخ الانصاري وبقية العلماء يقولون ان مباحث العقائد على اقسام منها ما يتوقف على العلم واليقين مثل الاعتقاد باصل وجود الله تعالى فانه يحتاج الى العلم واليقين، او الاعتقاد بانه واحد وتوحيد الله تعالى فانه يتوقف ايضا على العلم واليقين وكذل الاعتقاد بالرسالة والنبوة يحتاج العى لالعم واليقين، ولا يمكن اثبات ذلك بخبر الواحد لكن معنى هذا الكلام حذف خبر الواحد من دائرة الاعتقادات، مع ان الكتب التي ترتبط بالمعاد مملوئة من تفاصيل البرزخ.
لماذا لا يمكن الاعتماد في تفاصيل البرزخ على خبر الواحد؟ اذا اراد الاصولي ان يقول خبر الواحد لا يجري في غير الاحكام مطلقا فان هذا يعني انه يجب ان نترك جميع الروايات المتعلقة بالبرزخ ونطرحها جانبا وهي ليست بالشيء القليل.
وحتى في باب حجية الظواهر فانه لو حصرناها بالاحكام فاننا سنواجه مشاكل كثيرة في مسائل عديدة وهذه البحث لا ينحصر بخبر الواحد. مع انه لو قلنا ان خبر الواحد حجة في الاعتقادات التي لا تتوقف على حصول اليقين والاطمئنان.
من قبيل ما لو قلنا لا يلزم ان يحصل لنا اليقين بان منكر ونكير ياتون في الليلة الاولى من ليلة القبر ويسألوننا ففي هذه الحالة اذا دل خبر الواحد المعتبر على هذا الامر ، فهو حجة علينا ويمكننا ان نقوله للناس في شهر رمضان المبارك لانه حجة فيمكن اسناده الى المعصوم.
وهذه المسالة مطروحة في الاصول القديمة حيث انه في اصول الدين نحتاج الى اليقين وبالنتيجة ان الأدلة الظنين مثل خبر الواحد لا فائدة فيها، اما اليوم فالتحقيق هو ان اصول الدين على اقسام وطبقا لتلك الاقسام لا بد ان نعرف اي قسم منها يحتاج الى اليقين والعلم واي منها يكفي فيه الادلة الظنية من قبيل خبر الواحد. ان هذا بنفسه مثال فان المتكلم لا بد ان يكون لديه مبنى اصولي في هذا المجال فهل ان خبر الواحد حجة في الاعتقادات مطلقا ؟ او حجة في الاعتقادات التي لا تتوقف على العلم والقين ؟
النموذج الرابع، من مباحث الاصول هو عبارة عن تقسيم في علم الاصول بعنوان القضايا الحقيقية والقضايا الخارجية فنقول في هذا التقسيم ان في القضاية الحقيقة الحكم يقع على الموضوع العام سواء كان موجودا في الخارج او غير موجود حاليا واما في القضايا الخارجية فان الحكم منصب على الافراد الخارجية وهناك تفاصيل في الفرق بين القضيتين.
فسؤالنا هنا فهل يمكن طرح القضايا الحقيقة والخارجية في الايات الاعتقادية من قبيل قوله تعالى «إِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها» او ان ميدان القضاية الخارجية والحقيقية فقط في الاحكام؟ اذا استطعنا ان نوسع من هذا التقسيم في الايات والروايات المتعلقة بالمسائل الاعتقادية فانه من وجهة نظري فانه سيوجد انعطاف ويفتح بابا كبرا في فهم هذه الايات الكريمة والروايات.
النموذج الخامس: الذي يستفاد من كلمات المرحوم المحقق النائيني واني لم اجد هذا الكلام عند غيره ولعل ان الاخوة لم يعثروا عليه.
ان الاصوليين اختلفوا في العمل بالظواهر فهل ان العمل بالظاهر يجب يتمسك فيه باصالة عدم القرينة ونقول ان الله تعالى اصدر هذا الحكم ولم يورد معه قرينة اذن فاراد هذا الظاهر فحسب، او لا نحتاج الى ضميمة هذه الاصل، بل كل ظاهر من باب انه يوجب الظن النوعي فهو حجة على الاخرين.
وحينئذ فاين تظهر ثمرة هذا البحث؟ ينبغي الانتباه جيدا لان هذا المطلب مهم جدا، ففي المسائل المتعلقة بالامتثال والاطاعة والمعذرية والحجية فيما اذا امر المولى عبده فيجب على العبد الامتثال، فلا يحق له ان يقول اولا لا بد ان افحص هل اورد قرينة على خلاف ذلك ام لا؟ فان قال المولى افعل، اضرب، كل، فينبغي ان يبادر العبد لحمل هذا الكلام على الظاهر لان الظاهر هذا من باب الظن النوعي، واما فيما يجب على المخاطب ان يجد المراد الواقعي للمتكلم هنا لا بد ان يذهب الى اصالة عدم القرينة ويفحص فان لم يجد قرينة على ذلك فانه يجري هذا الاصل ويعمل بالظاهر.
فاذا اجرينا هذا المبنى الاصولي في التفسير ايضا فان ذلك يوجد نقطة عطف في علم التفسير وحينما نقرأ هذه الاية الكريمة: «إِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها» فلا يمكن مباشرة حمل الاية على ظاهرها ونقول ان كل ظاهر حجة بل لا بد من ملاحظة الايات الاخرى فهل توجد قرينة على خلافها او لا؟ وأما اذا قالت اية اخرى: «کتب علیکم الصیام» فلا بد ان يقال مباشرة سمعا وطاعة وتحمل على ظاهرها ونستفيد منه الوجوب.
فالبعض لم يقل بهذا التفصيل بل قالوا انه بالظهور مطلقا فكل ظاهر من باب الظن النوعي فهو حجة، وقال الآخرون انه لا بد من ضم اصالة عدم القرنة وهذا القول منسوب الى الشيخ الانصاري ولكن بعض العلماء الكبار مثل المرحوم النائيني فانه يقول بالتفصيل وثمرة التفصيل هو ما ذكرناه آنفا.
النموذج السادس: قال العلماء في علم الاصول ان العلل الشرعية من قبيل المعد وممهدات الحكم ليست من قبيل العلة التامة الفلسفية؟ ومقصودهم ليس في دائرة الاحكام فحسب، وان كان لها في الاحكام مصاديق كثيرة مثل «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَر»، «أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْري»،
وفي الايات الكريمة الابتعاد عن الفحشاء والمنكر وذكر الله فهو من باب المعد لا العلة لذلك فان هذا التعبير يرد كثيرا في كلمات الاصوليين «العلل الشرعیه من قبیل المعدات»، ولما ابتلت بلادنا يوما ما بحادثة الزلزال للاسف فان بعض رجال الدين قد نقلوا الى المجتمع قضايا غير صحيحة.
فهؤلاء لم يدققوا جيدا فحينما يكون لدينا هذا المبنى الاصولي فلا ينبغي ان نقول ان الذنب هو العلة التامة لوقوع الزلزال، نعم الذنب هو من قبيل المعد والمقتضي، فالذنب من الممكن ان يكون له هذا الاثر ولكن لا يمكن ان يقال بالحتم ان وقوع هذا الزلزال هو بسبب الذنب.
او بعض التعابير الاخرى التي تثير عجب الانسان وكيف يتحدث من دون تأمل، فالعالم في المسائل الكلامية والكلامي حينما يريد ان يفسر العلاقة بين الذنب والحوادث الكونية يأتي علم الاصول ليساعده على فهم ذلك فيقول له علم الاصول ان هذه الامورعبارة عن المعد والمقتضي وليست من باب العلة التامة.
وفي المواضع الأخرى فان هذا المبنى الاصولي له فائدة كبيرة فانه قيل ان قراءة سورة الواقعة او سورة اخرى لها اثر والناس يقرؤون تلك السورة ولكنهم لا يرون اثرها اذن فما هو السبب؟ فهنا يجب ان نستفيد من المباني الاصولية التي يهتم بها الفقهاء حيث طرحوا مسألة المقتضي والمعد ونعلم الناس بذلك وكذلك بالنسبة الى اثار الدعاء فانها من هذا القبيل.
النموذج السابع: من جملة المباحث المفصلة التي تطرح في علم الاصول هي عبارة عن استصحاب الشرائع السابقة فهل يمكننا ان نستصحب الحكم الذي جاء في شريعة عيسى او موسى ((علی نبينا و آله و عليهما السلام) ونحكم به في شريعتنا او لا؟ ولا يوجد لدينا وقت للتوضح ما هي الاثار التي تترتب على هذه المسألة في علم الفقه.
من اثارها مسألة اثبات القتل للمرتد الظاهري، ان ارتداد قوم موسى حكمه القتل او يستحق القتل بتصريح القران الكريم حيث قال: «فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُم»، فاذا فرضنا انه لم يوجد في الفقه وشريعة الاسلام دليل على وجوب قتل المرتد فيمكن ان نستصحب هذا الحكم وهذا الاستصحاب يمكن اجراؤه في عدة مواضع اخرى.
ومن جملة النتائج التي نستفيدها من بحث استصحاب الشرائع السابقة هذا الامر وهو يرتبط ببحث الكلام، فهل ان الشرائع السابقة تنسخ بشكل كلي بظهور الاسلام؟ او تنتهي بذلك نبوة النبي فحسب في ذلك الزمن؟ اما بالنسبة الى احكام شريعته فهي مستمرة ما لم يرد ناسخ معين لتلك الاحكام.
والعجيب ان القران الكريم يقول: «وَ الَّذينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِك» فالمسلم هو من يؤمن بالنبي الاكرم (ص) وبما انزل اليه ويؤمن ايضا بما انزل الى الانبياء السابقين من قبل النبي الاكرم (ص) وهذا يعني ان من اركان الاسلام الايمان بما انزل الى موسى عليه السلام وليس فحسب الايمان بنبوة موسى وعيسى بل يجب الايمان والاعتقاد بما انزل على الانبياء السابقين ايضا.
وايضا توجد تعابير جاءت في القران الكريم مثل المهيمن او المصدق فان نبينا ( مصدق لما بين يديه) وهذا يعني تصديق التوراة والانجيل الواقعيين وهذا يؤيد هذه النظرية،وبناء على هذه النظرية يقولون نحن لا نحتاج حتى الى الاستصحاب لانه ان تيقنا بوجود حكم من هذا القبيل في شريعة موسى فيجب علينا الان ان نعتقد به ونؤمن به وبهذا البحث نحصل على علاقة وثيقة بين علم الاصول وعلم الكلام.
واحد من أكثر الابحاث الأساسية التي أثيرت في كل من الاصول وفي علم الكلام ، ويقول البعض أن المحل الاساسي له هو الكلام ، هو مبحث الحسن والقبح العقليين. لكن وجهة النظر القائل بها الأصولين غير موجودة في علم الكلام ، والانصاف ان بحث الحسن والقبح الذي يطرح في علم الأصول والذي حققه الاصوليون اكبر بكثير مما يحقق في علم الكلام، وطبعا هذا بمقدار ما يحتاجه الاصوليون وهذه الحاجة غير موجودة في علم الكلام، ولكن هذا البحث فيه نتائج في اصل تحقيق المسالة وربما بعض المسائل الأخرى، ويطرح في بحث الحسن والقبح العقلي او الحسن والقبح الذاتي مسالة وهي انه هل يوجد ملازمة بين حكم العقل والشرع او لا يوجد؟ ان كثيرا من الأصوليين يقولون بالملازمة الا ان المعاصرين مثل السيد الامام الخميني قدس سره والسيد الخوئي قدس سره وعدة من العلماء الاعلام لا يقولون بالملازمة.
وينبغي الالتفات الى هذا الملاحظة وهي ان العلماء الذين انكروا الملازمة لا ينكرون الادراك العقلي فيقولون ان العقل يدرك ولكن ادراك العقل محدود ولا يمكنه ادراك كل شيء فمن الممكن للعقل ان يدرك الملاك والمقتضي والشرائط بشكل كامل اما الموانع فلا يمكنه ان يدركها ولذا يوجد تعبير لطيف للشيخ في الرسائل: «إن دائرة الملاك فی أحکام الشرع أوسع من دائرة الملاك في أحكام العقل» او يذكر هذا التعبير: «أحكام شرعية ألطافٌ في الاحكام العقلية»، وقد ذكر لهذا المعنى تعابير كثيرة اما المعنى المعروف هو هذا فاذا كان العقل يفهم ملاك الشرع ويدركه يحكم به لكنه لا يدركه في جميع الأحوال فاذا اصبح العقل عاجزا عن الملاك فالشارع يقول هنا يوجد ملاك وانت لا تدري.
والمسألة قد بحثت في الأصول على أساس احكام الشرع ولكن في باب الكلام الذي لا علاقة له بأحكام الشرع فهم يدركون الحسن والقبح العقلي ويقبلون به، فمع اتضاح هذا الموضوع فهل يمكن ان نتمسك بقاعدة الملازمة في جميع المباحث؟ ففي علم الأصول الذي هو موجود بين أيدينا فعلماء الأصول تقريبا انكروا وجود الملازمة في القاعدة وللمحق الاصفهاني في هذا البحث تحقيقات مفصلة ونكات بديعة وجديدة قد أوردها في علم الأصول.
ولكن الان بقطع النظر عن الاحكام الشرعية بالتالي ان المتكلم حينما يريد ان ينسب شيئاً اساسياً الى الشرع ولو كان ذلك الشيء ليس حكما كما لو كان يريد ان يؤسس قاعدة على اساس الحسن والقبح العقليين في علم الكلام وينسب ذلك الى الدين ، فهنا بالنظر الى اشكالات الاصوليين على الملازمة حيث انكروها فمن الممكن فان تتوسع دائرة نفي هذه الملازمة، فالعقل يدرك اموراً اما ان هذه الامور التي ادركها العقل هل يمكن ننسبها اىل الدين فهذا محل تأمل، وفي علم الاخلاق فانه يستفاد من قاعدة الحسن والقبح العقلي مباحث اخلاقية كثيرة استفادها علماء الاخلاق من ذلك، وهناك ايضا يطرح هذا البحث فسؤالنا كالتالي: بالتالي فما هو المقدار الذي يمكن ان ننسبه الى الدين من خلال قاعدة الحسن والقبح العقليين؟ وهذا البحث لا يمكن لاحد ان يدخل فيه ويدرسه دراسة جيدة الا اذا كان قد درس هذا الموضوع في علم الاصول جيدا.
النموذج الاخير: في باب التعارض الذي يتم علاجه بالروايات العلاجية فهل ان التعارض بين آيتين او روايتين اعتقاديتين ؟ وهنا يطرح هذا البحث هل ان حقيقة التعارض في الظاهر. نحن بحسب الظاهر لا تعارض لدينا لكن بما ان قدرة فهمنا محدودة نقول ان هذان متعارضان فلو سألنا الامام المعصوم عليه السلام لقال لا يوجد تعارض، وحينئذ فهل ان قواعد باب التعارض يمجن جريانها بين رواياتين اعتقاديتين او اياتين من الايات غير المعلقة بالاحكام او لا يمكن جريانها؟ فهذه من جملة الابحاث الاصولية التي لها دور في علم الكلام.
الا ان الاقتراح الذي اوصي به المنتدى الموقر انه يجب ان يكن لديهم ارتباط مع الاساتذة والمحققين في المنتدى الاصولى كي يحصل التلاقح العلمي جيدا.
وعليكم ان تطلبوا من اساتذة خارج الاصول تلك المباحث الاصولة التي يرون ان لها دوراً وتأثيراً في علم الكلام بعد دراستها كي يتم تحديدها من قبلهم وانتم ايضا من هذه الناحية ان كانت هناك ابحاث وموضوعات كلامية مهمة يمكنكم ان ايضا اطلاعهم عليها وتتعرفون ايضا على المواضيع ذات الصلة بها ، وبعد عدة سنوات ستلاحظون كثيراً من الملاحظات الجديدة والبديعة، وبتبع ذلك اطرح عليكم هذه الاقتراح ان تدرسوا اعتقادات الشيخ الصدوق بنحو اجتهادي.
ان الشيخ الصدوق (عليه السرحمة) ذكر في بحث (سهو النبي) يعتمد على رواية ويقول بسهو النبي ولكن كبار العلماء بعده كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي وغيرهم قد ردوا ذلك ولا يوجد شخص اخر غير الصدوق واستاذه يقول بذلك.
واني اعتقد ان نفس عقائد الشيخ الصدوق (قدس سره) ان درسناها بالطريقة الاصولي اليوم وتدرس دراسة اصولية معمقة فمن وجهة نظري سنحصل على نتائج جيدة، ولا اقل ان الاستدلالات والطرق ستتغير، ولو ان الشيخ الصدوق (عليه الرحمة) لو كان بين يديه علم الاصول الذي بين ايدينا لما قال بسهو النبي.
اتمنى ان تكون هذه المباحث نافعة للاخوة ويمكن حقيقة ان تعقد ندوات واجتماعات في ما يتعلق بالارتباط بين علم الاصول وعلم الكلام. كل واحد من هذه العناوين يمكنه ان يكون موضوعا لندوة معينة، من قبيل جريان خبر الواحد في الاعتقادات والتي قد بحثته بعض المققالات، وان شاء الله يراجعون هذه المسألة بدقة نظر وتأمل ويراجعونها ويدرسونها كي يتمكنوا من تحقيق خطوات جبارة في هذا المجال.
والسلام علیکم و رحمة الله و برکاته