المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
16 محرم 1446
18:53
۳۸
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
تهنئة معطرة بولادة النورين نبي الأمة وشفيعها، أبي القاسم محمد(صلى الله علیه و آله)، و حفيده الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
-
من السمات الخاصة بالمعلم هي تشخيصه للبدع والانحرفات
-
السبب الرئيسي لتهديم مراقد ائمة البقيع، عدم الفهم الصحيح للدين
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي سيدنا محمد و آله الطاهرين
الموضوع الذي اريد ان أعرضه هو الإشارة إلى آيتين من القرآن الكريم ورواية.
الآية الأولى هي الآية 96 من سورة مريم المباركة: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا»، وقد وردت عبارات مختلفة في كتب التفاسير لهذه الآية، منها ما ذكره الشيخ الطوسي (رحمة الله عليه) في تفسيره التبيان حيث قال: ان الله تعالى جعل المودة بين المؤمنين، فالمؤمن يحب المؤمن، وهذا من أعظم السرور وأعظم النعم.
ان الله تعالى في هذه الاية الكريمة يعد الذين امنوا وعملوا الصالحات ويبين سننة من سننه حيث قال:«سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا»، اي يجعل لهم في قلوب المؤمنين ودا ويحببهم اليهم.
وقال بعض المفسرين ان هذه الاية الكريمة خاصة بامير المؤمنين عليه السلام وقال في سبب نزول هذه الاية الكريمة انه ذات يوم قال النبي صلى الله عليه واله لامير المؤمنين عليه السلام اقرأ هذين الدعائين: «اللهم اجعلنی عندک عهداً واجعل لی عندک وُدّا»، وورد في بعض الروايات دعاء ثالث وهو «واجعلنی فی صدور المؤمنین مودة»،
وبعد ان بين اميرالمؤمنين عليه السلام هذه الادعية نزلت هذه الاية«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا». فالود هو منتهى الحب اي المحبة والعلاقة حينما تصل الى اعلى درجاتها حينئذ يتحقق الود بحيث لا يمكن ان يزول هذا الحب، فهذه المحبة التي بين الاب والابن او التي عند الابن تجاه الاب يمكن ان تزيد وتنقص بسبب تغيير الامور لكن الود هو اعلى درجات المحبة.
فالله عز وجل يريد ان يقول: ان سنتي أن أجعل في قلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات محبة اعلى من مجرد العلاقة بين المؤمن والمؤمن.
ان ما ذكره الشيخ الطوسي في التبیان انه قبل نزول هذه الاية الكريمة كان المؤمن يحب المؤمن «المؤمن مرآة المؤمن»، لكن الله عز وجل يريد ان يزيد هذه المحبة ويعطيها جنبة جديدة بحيث تكون هناك علاقة بين الله عز وجل وبين المؤمنين الذين يعملون الصالحات من جانب وعلاقة ومودة بين المؤمنين بعضهم البعض فيوجد علاقة عاطفية قوية فيوجد فيما بينهم علاقة قوية ويوجد علاقة بينه وبينهم. ويستفاد من بعض التعبيرات في الروايات ان الله تعالى يريد ان يوجد علاقة بين المؤمنين وبين الملائكة ايضا.
وفي رواية وردت في بعض كتب روايات أهل السنة أن الله يقول لجبريل يا جبريل ، "إني أحب فلانا"، فعليك أن تحبه، ويأمر جبريل أن یحب فلانا. وينبغي أن أحبه أيضا ويقول جبريل أيضًا إني أحبه أيضًا، فعندما يعلن جبريل صداقته وحبه له يصرخ بأن كل ملائكة الرب وكل أهل السماء وكل أهل الأرض يحبونه. وهذه من سنن الله عز وجل.
أحياناً نعتقد أن مسألة "الإيمان والعمل الصالح" لا تتعلق بالمجتمع وغيره، بل هي مسألة بين العبد وبين الله فالذي يؤمن ويعمل الصالحات تحصل له علاقه بینه وبین ربه. ولكن بموجب هذه الآية يقول الله تعالى أن من آثار الإيمان والعمل الصالح أن يكون له محبة بين المؤمنين. «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا».
والسؤال الآن، تحت هذه السماء، في هذا الكوكب، هل تعرف عملاً صالحاً أعلى من عمل الإمام الحسين (عليه السلام)؟ ولو جمعوا عبادات الناس كلها من أول الدنيا إلى آخر الدنيا لم يكن مثل نصف يوم كربلاء.
هذه الكلمات التي نقولها ليست شعارات، فعندما واجه أمير المؤمنين (ع) عمرو بن عبدود قال رسول الله (ص) لقد برز الإسلام كله ضد كل كفر، وان ضربة علي عليه السلام يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين، اي الجن والانس من أول العالم إلى آخر العالم. وليس الثقلين فقط في ذلك الوقت، بل حتى النهاية، ولكن حادثة كربلاء التي كانت أعلى بكثير من غزوة أمير المؤمنين (ع)، أعلى من ذلك بأدلة كثيرة.
لا نجد عملا صالحا افضل من عمل الامام الحسين عليه السلام واصحابه في يوم عاشوراء. فان الرواية التي تقول«إن لقتل الحسین حرارة فی قلوب المؤمنین لا تبرد أبدا»، ترجع جذورها في الحقيقة الى هذه الاية الكريمة حيث ان الله عز وجل قد جعل في قلوب المؤمنين مودة وعلاقة شديدة تجاه الحسين عليه السلام لاتبرد ابدا.
شهداؤنا الأبرار أمثلة على هذه الآية. وطبعاً هذا الوضوء له مراتب ودرجات، حتى يصل إلى من يخدم الإمام الحسين (ع)، الذي يذرف الدموع على الإمام الحسين (ع)، أساساً، إذا قارنا حالة الإمام الحسين (ع) مع بعض هذه إذا لم نطبق الآيات المركزية للقرآن، ستبقى لدينا أسئلة وشكوك كثيرة بلا إجابة.
ونقول كيف قطرة واحدة من الدموع تمحو خطيئة سبعين سنة؟
وهذا سنة الله، إن دموع أبي عبد الله (ع) أعلى درجات التوبة. ويقول بعض الجهال: هناك روايتين والخبر واحد، والخبر الواحد مفيد للشبهة ولا يعتمد عليه. وكيف يغفر لمن ذرف دمعة واحدة على الحسين (ع) ولو كان ذنبه بقدر السماوات والأرض؟ والسبب هو أن هذه الدمعة في حد ذاتها هي دمعة توبة وإنابة، أليس في القرآن كل هذه الآيات عن التوبة؟ هل يمكن لأحد أن ينكر مبدأ التوبة؟ التوبة العادية هي توبة واستغفار والله تعالى في القران الكريم يقول انه يغفر لمن تاب جميع خطاياه السابقة.
يقول الله تعالى: إني أعتبر هذه الدمعة التي تسيل على حب الإمام الحسين (ع) وإظهاراً له علامة على التوبة.
الآية الثانية: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى"؛ قال النبي الكريم (ص) الذي عانى كثيرا وتحمل الكثير من العناء، بأمر الله، المكافأة الوحيدة التي أريدها هي مودة في القربي.
المودة تختلف عن الحب، فالبعض يقول أن الحب له جانب فطري والمودة هي جانب عقلاني، والبعض يقول أن الحب يكون شديدا، فعندما يصل الحب إلى درجة عالية وشديدة تسمى العلقة مودة.
یقول الراغب الاصفهانی المودة من ود التي هي في اللغة تعني ودد واصلها وتد ثم ابدلت التاء دالا والوتد والاوتاد يعني المسمار.
المودة تعني الحب الراسخ فاذا انبتنا مسمارا في خشبتين تلتسقان تماما ولا يمكن فصلهما (ان ربي رحيم ودود) من اوصاف الله المودة فحينما تكون بيننا وبين الله عز وجل مودة وبيننا وبين اهل البيت مودة فهذا يعني اننا تبعناهم وعملنا باوامرهم فالله عز وجل اراد مودة اهل البيت عليهم السلام وابلغ رسول الله صلى الله عليه واله بذلك والمودة هي تلك المحبة الشديدة التي لا يمكن ان تقل او تزول.
احيانا يقول البعض ان المودة فيها جنبة عملية والمحبة جنبة قلبية فالمحبة هي امر في قلب الانسان اما المودة فهي تقتضي الاتباع وهو كذلك.
حينما يزداد الارتباط يبحث الانسان عن ماذا صنع الامام عليه السلام وماذا يريد منا في حياتنا الفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟ فافعل ما يريده الامام ع مني فهذا يعني المودة فاذا كنت مع الامام عليه السلام ولم اكن معه في موضع اخر فهذا يعني لا توجد مودة، فاذا تمهدت الارضية لارتكاب المعصية وغفلنا عن الله عز وجل وارتكبنا المعصية فهذا يعني انه لا توجد بيننا وبين الائمة المعصومين عليهم السلام مودة فالمودة توصل الانسان الى قمة التوحيد و التقوى وتحفظه من اركاب الذنب.
على سبيل المثال ان الرجل الذي يود زوجته او الزوجة التي تود زوجها حينما يغيب عنها لا تفعل فعلا يوجب سخطه فينبغي ان تكون مودتنا لاهل البيت عليهم السلام على هذا المنوال ينبغي ان يعقبها الاطاعة والاتباع.
قال بعض اساتذتنا وكبار العلماء في علم التفسير ان معنى هذا الاية الكريمة (في القربى) الجار والمجرور غير متعلق بالمودة وانما متعلقة بكلمة مستقر فيكون المعنى (لا اسألكم عليهم اجرا الا المودة المستقرة في القربى) فلا بد من تقدير كلمة مستقر وهذا يعني المودة المستقرة والثابتة وهذا يعني ان الثبات والاستقرار قد اشرب وامتزج بالمودة لتصبح مودة دائمية.
فالاية الاولى تقول : «إن الذین آمنوا و عملوا الصالحات سیجعل لهم الرحمن ودّا»، والاية الثانية تقول ان المودة التي يجعلها الله تعالى لعباده ينبغي ان تكون في القربى وهذه المودة هي المعيار لايمان الانسان.
ينبغي استخراج ضرورة محبة اهل البيت عليهم السلام من بطن هذه الروايات
فالرواية التي تقول «حبّ علیٍ عبادة و بغضه کفر»، «حبّ علیٍ ایمان و بغضه کفر»، مقتبسة من هذه الايات.
لا يمكن للانسان ان لا يحب امير المؤمنين عليه السلام ويكون مؤمنا، ولا يمكن ان يكون الانسان مبغضا لامير المؤمنين عليه السلام ويكون مؤمنا، وبهذا البيان وبناء على ما ذكرناه من التوضيح للايتين المتقدمتين نعرف السبب في قول امير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ( لو ضربت خيوم المؤمن بسيفي هذا ما ابغضني).
وبناء على هذا الاساس لو اعطينا جميع الدنيا الى المنافق على ان يحب عليا لما احبه ( ما احبني) وذلك لان الود يحتاج الى الجعل(سيجعل لهم الرحمن ودا) فلو قطع الانسان بالسيوف لما ترك محبة امير المؤمنين عليه السلام لان الله تعالى قد جعل هذا الحب في قلبه، والحديث المروي عن رسول الله (ص) «حبّ علیٍ ایمان و بغضه کفر» له اصول قرانية.
ينبغي ان علينا ان نعرف قدر هذه النعمة حيث اننا نسير باتجاه الايمان والعمل الصالح وفي نفس الوقت قد حبانا الله تعالى بنعمة محبة امير المؤمنين عليه السلام وقد ورثناها من ابائنا ونورثها الى ابنائنا ينبغي ان نشكر الله تعالى على هذه النعمة التي حبانا الله تعالى بها. ولا يمكن للانسان ان يكون معزيا ويقيم العزاء على سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام ويخرج عن هذه القاعدة.
وبطبيعة الحال ان اقامة العزاء يعد من علامات الايمان، المودة في القربى هو امر نحن مكلفون به وانا هنا اقول ان المودة في القربى لها اصل في القران الكريم وهي امر من اوامر الله عز وجل وينغي ان يكون عنوان صحيفة المؤمن هو مودة القربى. وعلى اساسها يمكن تشخيص الانسان المؤمن من غيره.
ولسنا بصدد البحث عن التمييز بين الشيعي والسنة وانما نركز كلامنا على ان محبة اهل البيت عليهم السلام هي تكليف من الله تعالى بصريح القران الكريم ويجب على جميع من يؤمن بالقرآن الكريم ان يدخل تحت عنوان المحب لاهل البيت عليهم السلام.
ان اية وجوب المودة تتعلق بالافراد وهي ليست مجرد حكم شخصي بل يستفاد منها ان مودة اهل البيت عليهم السلام واجبة على الجميع فيجب على الكل الالتفات الى هذا الامر من مسؤولين وغيرهم وان من لا يتصف بالمولاة لاهل البيت ومحبتهم فلا يصلح لان يتسنم منصبا او يتصدى لامر من الامور.
فالاية الكريمة تحتوي على امر فردي وامر اجتماعي.
يقول السيد قائد الثورة الاسلامية إن الأشخاص الذين يؤمنون بالجمهورية الإسلامية من أعماقهم يجب أن يكونوا مسؤولين، وهذا أحد معاييرها. فكيف يسمح المسؤول لنفسه بتجاهل هذا الموضوع وهذا المؤشر المهم جداً؟وهذا مخالف للقرآن.
المودة في القربي ينبغي أن يكون شاغلنا دائما. لقد جاء هذا المحرم، فلنجلس في خصوصيتنا ونقول كم درجة المودة لدينا في القرب؟ ذلك الشخص الذي يقف عدة ساعات في الحر الشديد ويظهر إخلاصه للإمام الحسين (ع) مع الشخص؟ الذي يجلس تحت مكيف الهواء في المنزل ويبكي، الأمر مختلف تمامًا. ولو، كلاهما قريبان من بعضهما البعض. مود في القربي هو معيار قبول الأعمال، فإذا لم يكن هناك لم يقبل العمل، ولو أراد الرياء في نظام الإمام الحسين (عليه السلام)، لأنه إذا كان هناك لا مود في القربي، فلا فائدة منه.
واليوم، للأسف، يأتي بعض الناس تحت خيمة الإمام الحسين (ع) للترويج للمنكر. فمن يفعل المنكر كيف يمكن ان يكون لديه مودة في القربى؟ والمودة تعني الطاعة العملية للإمام والأئمة المعصومين (عليهم السلام) في جميع الأمور. وكأننا نحزن على الإمام الحسين (ع)، فإن بعض الناس يسيرون في الشوارع بدون حجاب، ويضربون انفسهم بالسلاسل كيف يمكن ان نقول ان هؤلاء يقيمون العزاء على سيد الشهداء عليه السلام والحال انهم يروجون للمنكر؟
الامام الحسين عليه السلام حينما عزم على الرحيل الى كربلاء والشهادة قال (اني اريد ان امر بالمعروف وانهى عن المنكر) فهل يمكن ان نقول ان هؤلاء يقمون على العزاء على سيد الشهداء عليهم السلام وهو يروجون للمنكر.
وبطبيعة الحال ان الامام الحسين عليه السالم باب نجاة الام فان الانسان الغافل والهائم في طلب الدنيا والشيطان واتباع الهوى والشهوات حينما ياتي الى مجلس الامام الحسين عليه السلام سيترك بالتدريج تلك الاعمال.
ان اقدام هؤلاء المعزين والمقيمين للعزاء على رؤوسنا وذلك لانهم اليوم هم المقيمون للعزاء على سيد الشهداء اما اولائك الذين يروجون للمنكر فهؤلاء ليسوا منهم وما يخدعون الا انفسهم.
يجب الحذر من هذه الانحرافات وهذه الصدمات والبدع .
وهذه الرواية قد وردت في كامل الزيارات «إن الله إذا أراد بعبدٍ خیرا قذف فی قلبه حبّ الحسین(علیه السلام) و حبّ زیارته»، وهذه ايضا من فروع تلك الاية الكريمة «سیجعل لهم الرحمن ودّا».
وفي هذا الحديث خير ملموس، إذا أراد أن يجعله في منزلة والديه ويجعله في مراتب أعلى من عامة الناس، «قذف في قلبة حب الحسين (عليه السلام)»، فقد قال: ويثبت حب الحسين (ع) في قلبه "القذف" يعني أيضاً الرمي بسرعة، أي أن النتيجة هي الود، فهو يجعل بركة الإمام الحسين (ع) في قلبه، ليس فقط بركة الإمام الحسين (ع)، بل أيضاً بركة زيارة الإمام. الحسين (ع).
أرجو من الله عز وجل بحرمة هذا الشهر المحرم وصاحب هذا الشهر وهو أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) أن يجعلنا جميعاً وأبنائنا وأجيالنا نحب الإمام الحسين (ع) وأبنائه(ع) قدر المستطاع.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته