تصريحات آية الله الفاضل اللنكراني (دامت برکاته) حول شخصية الامام الجواد الأئمة (عليه السلام)
15 رجب 1446
09:44
۴۰
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
تصريحات آية الله الفاضل اللنكراني (دامت برکاته) حول شخصية الامام الجواد الأئمة (عليه السلام)
-
الامام علي (عليه السلام)؛ معيار الإيمان وحقیقة القرآن
-
الوعد الصادق 2 أدخل الفرحة إلى قلوب الناس والمجاهدين وكان بلسماً لجروح جبهة المقاومة.
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
رسالة تعزية آية الله فاضل لنكراني بمناسبة استشهاد قائد المقاومة؛ السيد حسن نصر الله
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
وقد جاء في الدورة الفقهية التي ألقاها سماحته بتاريخ 2/7/93م ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم.
أيام شهادة امامنا جواد الإمام (عليه السلام)؛ وهو الإمام التاسع عند الشيعة. مع أننا بالتأكيد لا يمكننا التوفيق في فهم أي بعد من أبعاد أي من الأئمة والقيام بحقوقهم، إلا أنني سأعرض بعض الجمل فيما يتعلق بحقوقهم علينا.
أولاً: قال الإمام الرضا (ع) بعد ولادة الإمام الجواد (ع): «هَذَا الْمَوْلُودُ الَّذِي لَمْ يُولَدْ فِينَا مَوْلُودٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً عَلَى شِيعَتِنَا مِنْهُ». وهذه هي الولادة التي لها أعظم البركات عند الشيعة. ورغم أن عمر الإمام كان قصيراً إلا أنه تولى الإمامة وهو في السابعة من عمره واستشهد وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وكان كما قال الإمام الثامن (ع) " أَعْظَمُ بَرَكَةً عَلَى شِيعَتِنَا ".
ما هو سبب كون الإمام الجواد (ع) أعظم نعمة، ولماذا استعمل الإمام الثامن (ع) هذا التعبير؟
ولعل من وجوه ذلك أن الإمام الجواد (عليه السلام) كان صغير السن جداً، وكانوا صغار السن جداً. وكان العلماء والناس يتعجبون، وأحياناً يثار الشك والتردد، وكان المأمون يعقد اجتماعات، ويدعو إليها الشيوخ والفقهاء وعلماء المذاهب الأخرى والعلوم المختلفة، وفي تلك الاجتماعات كان الإمام الجواد (عليه السلام) ينتصر. عليهم، دون أن يكون هناك أي شك بالنسبة لأحد.
وحتى في حياة الإمام الجواد (عليه السلام) كان كثير من العلماء والفقهاء يلجؤون إلى مذهب الإمامية. ولعل هذا من مظاهر مباركة الإمام الجواد (ع) للشيعة. وبطبيعة الحال، مع مزيد من التحقيق، قد يتم العثور على جوانب أخرى.
وإذا تأملنا جيداً وجدنا أن علماء المذاهب المختلفة من الحنفية والمالكية والشافعية... قد اعترفوا جميعاً بعظمة الإمام الجواد (ع).
عن محمد بن الحسن بن عمار قال: دخل أبو الحسن الجواد (عليه السلام) مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: «فَوَثَبَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ بِلَا حِذَاءٍ وَ لَا رِدَاء». عم قداسته لأبيه؛ فقام علي بن جعفر، أي أن الإمام دخل في تلك السن المبكرة، فقام علي بن جعفر، وكان شيخاً ذا لحية بيضاء، ووثب من مكانه وجاء يرحب بالإمام بلا حذاء. "أو ثوباً، «فَقَبَّلَ يَدَهُ وَ عَظَّمَهُ» أي قبل يد الإمام الجواد.
فقال له الإمام الجواد (ع) باحترام: يا عم اجلس يرحمك الله. فقال علي بن جعفر: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم؟ كيف أسمح لنفسي بالجلوس وأنت إمامي واقف؟
«فَلَمَّا رَجَعَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى مَجْلِسِهِ جَعَلَ أَصْحَابُهُ يُوَبِّخُونَهُ وَ يَقُولُونَ أَنْتَ عَمُّ أَبِيهِ وَ أَنْتَ تَفْعَلُ بِهِ هَذَا الْفِعْلَ فَقَالَ اسْكُتُوا إِذَا كَانَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ لَمْ يُؤَهِّلْ هَذِهِ الشَّيْبَةَ وَ أَهَّلَ هَذَا الْفَتَى وَ وَضَعَهُ حَيْثُ وَضَعَهُ أُنْكِرُ فَضْلَهُ نَعُوذُ بِاللهِ مِمَّا تَقُولُونَ بَلْ أَنَا لَهُ عَبْدٌ»
وكان علي بن جعفر رجلاً من أهل بيته، وكان له أصحاب، فلما رجع إلى مجلسه أنكره أصحابه، وقالوا له: أنت عم أبيه، لم تفعل به هذا؟
قال: اسكت وأشار إلى لحيته وقال: إن الله تبارك وتعالى لم يجعل لحيتي البيضاء هذه أهلاً للإمامة، ولكن جعل هذا الشاب أهلاً لهذا المنصب. "موضع رفيع." والآن تقول أنني يجب أن أنكر نعمته؟
وهذا تفسير غريب، عم الإمام الثامن (ع) مع هذا الفارق الكبير في السن مقارنة بالإمام الجواد (ع) - لأن الإمام الجواد (ع) كان يتزود بالرزق أيضاً في السنوات الأخيرة من حياة الإمام الرضا (ع) وفي حياة الإمام الرضا (ع) قبل ولادته بشر الإمام الجواد (ع) بميلاده، فقال: أنا خادمه.
وأحياناً يقال على لسان بعض المثقفين أو البعيدين عن حقيقة الإمامة: إن الإمامة اليوم في زماننا مبالغ فيها إلى حد ما. نقول لماذا؟ يقولون إن هذه المقامات والدرجات التي تنسبونها للإمام (عليه السلام) مثل "العصمة" و"العلم بما كان وما يكون وما يكون" لم يكن أصحاب الأئمة يعرفونها. لدي هذه المعتقدات.
ونقول إن علي بن جعفر لم يكن من أصحاب الإمام الجواد (عليه السلام) بل كان عمه، وكان الفارق في السن كبيراً، وإنه لم يكن شخصاً عادياً من طبقة عادية. عائلة الإمام الصادق (ع) بل هو ابن الإمام الصادق (ع) ولكن مع ذلك... فهو يعبر عن ذلك بهذه الطريقة: «أنا عبده».
وهذا ما يجب أن يجعلنا ندرك أن حقيقة الإمامة هي حقيقة لا تستطيع عقولنا وأوهامنا أن تصل إليها، ليس قريباً، ولكن أبداً.
وقد ورد في الرواية أيضاً (مستدرك عالم العلوم ج 23 ص 159) أنه بعد استشهاد الإمام الثامن (ع) أُحضر الإمام الجواد (ع) إلى مسجد النبي (ص).«وَ هُوَ طِفْلٌ وَ جَاءَ إِلَى الْمِنْبَرِ وَ رَقِيَ مِنْهُ دَرَجَةً ثُمَّ نَطَقَ فَقَالَ» «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا أَنَا الْجَوَادُ أَنَا الْعَالِمُ بِأَنْسَابِ النَّاسِ فِي الْأَصْلَابِ أَنَا أَعْلَمُ بِسَرَائِرِكُمْ وَ ظَوَاهِرِكُمْ وَ مَا أَنْتُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ عِلْمٌ مَنَحَنَا بِهِ مِنْ قَبْلِ خَلْقِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَ بَعْدَ فَنَاءِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ»؛
أنا محمد بن علي جواد، أعرف نسب كل إنسان في نسبه، أعرف نفسك ونفسك، أين تريد أن تنتهي؟ أنا أعلم ذلك أيضًا، أعرف نهاية كل منكم، أي نهاية سيئة وأي نهاية جيدة، أعرف وقت وفاة كل شخص. وهذا هو العلم الذي أعطانا إياه الله قبل أن يخلق الخلق.
ثم يقول:«وَ لَوْ لَا تَظَاهُرُ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَ دَوْلَةُ أَهْلِ الضَّلَالِ وَ وُثُوبُ أَهْلِ الشَّكِّ لَقُلْتُ قَوْلًا تَعَجَّبَ مِنْهُ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الشَّرِيفَةَ عَلَى فِيهِ وَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ اصْمُتْ كَمَا صَمَتَ آبَاؤُكَ مِنْ قَبْلُ»لو لم يتظاهر أهل الباطل بالباطل، ولو لم تكن هذه الحكومة ضالة ومضلة (أي حكومة احتيالية)، ولو لم تكن هذه الشكوك من المشككين، لقلت شيئاً يستغربه الجميع، سواء من أهل العلم أو من أهل الحديث. الأول والأخير!
ثم وضع يده المباركة على فيه وقال لنفسه: يا محمد اسكت. كما صمت آباؤكم من قبل ولم يخبروا بكل الحقائق.
الحمد لله ما أسعدنا اليوم بكلام الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، فلا يمكن تصور شمولية الدين اليوم بدون كلام الأئمة. بالإضافة إلى القرآن الكريم، يجب علينا أن ندرس بعناية أقوال الأئمة الأطهار (عليهم السلام). بدون هذه الكلمات لا يمكن فهم الدين على الإطلاق، ولا يمكن ادعاء عالمية الدين، ولا يمكن القول بأننا نريد تطبيق الدين في المجتمع البشري.
لقد قلت لبعض علماء الأزهر ـ الذين جاءوا لزيارتنا في قم ـ إن حل مشاكل التكفير في العالم اليوم لا يمكن إلا بالرجوع إلى مدرسة أهل البيت، وليس هناك طريق آخر. واتفقوا، وفي الظاهر قالوا: "هذا صحيح، هكذا هو الأمر". قلت لو كان هناك محور نجتمع حوله، محور يشرح لنا بدقة معايير الكفر وعدم الكفر، فإن كل هذه المشاكل سوف تُحَل.
فسألته: ماذا فعلت بفقهك اليوم؟ لقد ابتعدت عن فقه من سبقوك، على الأقل هناك معيار للعرف، ولكنك اليوم وصلت إلى حد اعتبار زيارة القبور من ابن تيمية فصاعدا كفرا. أم تقولون أن غير ذلك كفر؟ كما أنك ابتعدت عن فقهاء سلفك.
في نهاية المطاف، من أجل فهم ما هو الخيانة وما هو نقيضها، نحن بحاجة إلى محور، وهذا المحور هو؛ إنه القرآن وأهل البيت، وليس هناك غيرهما، وإلى أن يُحسم هذا المعيار لن تُحسم قضية التكفيريين.
ومن خلال هذه الرواية يتبين لنا أن الأئمة (عليهم السلام) لم يوضحوا لنا أموراً كثيرة، فلم يكن في ذلك الوقت من يجيد لغة الأئمة، أو كان عددهم محدوداً، ولكن هذا العدد المحدود يمكن أن يستوعبه الناس. قد يكون الحل لكثير من مشاكلنا.
وأخيرا، دعوني أقرأ هذه القصة من أجل مصلحتنا. وتذكر الرواية أنه بعد استشهاد الإمام الثامن (ع) تردد الشيعة في بغداد والمدن الأخرى وقالوا إن ابن الإمام الثامن (ع) قاصر ولا يجوز أن يكون إماماً.
ثم أعد فقهاء ذلك العصر وعلماء الشيعة مجموعة من الأسئلة في موسم الحج وقالوا: نذهب إلى الإمام الجليل الجواد (عليه السلام) ونرى هل يستطيع أن يجيب على هذه الأسئلة؟
ولما وصلوا إلى المدينة دخلوا دار الإمام الصادق (عليه السلام)، وكان عبد الله بن موسى بن جعفر جالساً على رأس المجلس، والناس يسألونه. فأجاب عبد الله بن موسى بن جعفر بأجوبة زادت الناس دهشة وحيرتاً.
فقلقوا وقاموا للخروج، فرأوا الموفق خادم الإمام يدخل ويقول: هذا الرجل... قال الإمام الجواد (عليه السلام): «فقاموا إليه بالإجماع، فرحبوا به وسلموا عليه، ثم قام السائل فسأله عن مسائله، فأجابهم بصدق، ففرحوا ودعوا له». "وأثنى عليه." كلما سألوا سؤالاً أجابهم الإمام فوراً بجواب واضح ومفهوم، وكانوا يفرحون ويدعون للإمام.
فقالوا للإمام: إن عمك عبد الله أفتى ببكائك وبكائك. كل سؤال سألناه لعمك عبدالله بن موسى بن جعفر أجابه بكلمات قليلة. يعني إن كان كذا، إن كان كذا، إن كان كذا! هكذا أجابنا.
فقال: لا إله إلا الله، يا عم، عظيم عند الله أن تقف غداً بين يديه، فيقول لك: لم تفتي عبادي في ديني؟ "ما لا تعلمون، ومن في الأمة أعلم منكم؟" -والظاهر أن عبد الله بن موسى بن جعفر كان حاضراً حين قالوا ذلك-؛ لا إله إلا الله! عم! من أصعب الأمور على الإنسان الوقوف بين يدي الله يوم القيامة، ومن الأسئلة التي سيسألها الله يوم القيامة: لماذا أفتيت بغير علم؟ وأنت تعلم أن في الأمة من هو أعلم منك؟!
هذا شيء غريب جدًا أن أقوله! كلما سألنا أحد سؤالاً نقول شيئاً ولا نفكر حتى في الآخرة، فإذا بنا في يوم نقف أمام هذا الجواب ويسألنا لماذا أفتيت في غير العلم؟
ويقول الإمام أن هذا من المواقف العظيمة، ومن أصعب المواقف على الإنسان يوم القيامة. أي أنه ربما يبدو أن الجواب عن الذنوب أسهل من أن يفتي الإنسان غير العالم. إذا سألونا عن شيء لا نعرفه، يجب أن نقول: لا نعرف. ما هو الخطأ؟!
والدنا المرحوم (رضي الله عنه) بكل ما بذله من جهود علمية وفقهية، وهو بحق من أكثر علماء العصر إنتاجاً، كل هذه الكتب التي ألفها، حتى إذا رأيت خط يده يتساءل المرء عما إذا كان قد كتب مثل هذا الكتاب في حياته. هل من الطبيعي أن نقرأ مثل هذه الكتب؟ ولما بلغ السلطة، مع أنه كان له هامش في عروة، إلا أن رسالته كانت ناقصة مدة طويلة، فلم يستنبط منها موضوعات ليست في عروة، كالميراث وغيره. وظلت رسالته ناقصة مدة طويلة. حتى أضاف هذه المواضيع فيما بعد، فلاحظوها وأبدوا آراءهم.
هذه النقطة يجب أن تكون مهمة بالنسبة لنا، لأنه في يوم القيامة لا أستطيع أن أقول إنني أصدرت هذه الفتوى لأنني رأيت شخصًا مشهورًا أصدر هذه الفتوى، يجب على الشخص المشهور نفسه أن يجيب على هذا السؤال. أم أقول أنا لم أفتي بهذه الفتوى؛ لأن أعلم الناس لا يفتي بهذه الفتوى. لن يجاب عنها يوم القيامة. يجب أن نقول لماذا أصدرت هذه الفتوى، بناء على أي آية، أي رواية، أي سبب؟
لذا فهذه قضية مهمة. فيقول: فيقول لك: لِمَ تُفتِي عبادي بما لا تعلم، وفي الأمة من هو أعلم منك؟ لماذا أصدرت هذه الفتوى وكان في المجتمع من هو أعلم منك؟ الآن جاء وقت لا يوجد فيه من يجيب، وسأعطيك هذه الإجابة في الوقت الحالي، إنها كلمة، ولكن عندما يكون من يعرف أفضل موجودًا، فهذا لا يجوز.
السؤال الأساسي هو: ما مقدار المسافة والفرق بين عبد الله بن موسى بن جعفر وعلي بن جعفر الذي روينا قضيته؟ وكان قد قبل إمامة الإمام الجواد (عليه السلام) وقال: أنا خادمه، ولكن هذا العم لم يقبلها، أو لم يقبلها حتى جرى هذا البحث، وربما قبلها بعد ذلك.
ولكن مع أن الإنسان يعلم أن هناك عالماً، فإن العالم في هذه الرواية ليس هو عالم الاجتهاد والفقه الذي نتحدث عنه، فالعالم في هذه الرواية يعني أنك جاهل وأنا جاهل. "وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم هذا التفسير، ولذلك ففي الحديث عن تقليد العالم في قوله: (لقد نقضنا كثيراً من حجج السادة)، ولا يمكن أن يكون هذا الحديث دليلاً على ضرورة الرجوع إلى العالم، لأن "العالم" "والمعنى هنا: العالم، مقابل الجاهل، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: (إنك جاهل، فعليك أن ترجع في ذلك إلى أهل العلم)."
لكن؛ وهذا حديث مهم جداً لا بد أن نأخذه بعين الاعتبار في الأمور العلمية.
وأرجو من الله أن يمن علينا جميعاً بالفضل الخاص للإمام الجواد (ع).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.