فقه النظام وهم أم حقيقة؟
17 شعبان 1440
21:40
۴,۲۰۷
خلاصة الخبر :
وقد كان بيان سماحته كالتالي:
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
اهتمام الحوزة الخاص بالذكاء الاصطناعي / واجب رجال الدين الاهتمام بتدين الناس
-
البدعة في الدين منشا الفتن
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
بسم الله الرحمن الرحیم الحمدلله رب العالمین و صلی الله علی سیدنا محمد و آله الطاهرین
و لعنة الله علی اعدائهم اجمعین من الآن إلی قیام یوم الدین.
و لعنة الله علی اعدائهم اجمعین من الآن إلی قیام یوم الدین.
تحدثنا في الاسبوع الماضي عن فقه الانظمة، ولكن بسبب ضيق الوقت واهمية المطلب طرح الاخوة بعض الاسئلة، لذا سنفتح هذا البحث في جلسة اليوم لتبيين وجهة نظرنا بهذا الخصوص.
بلا شك وببركة الثورة الاسلامية حصل تحول ملحوظ في فقهنا، وقد جاء الفقه او الدين بشكل عام الى حياة البشرية لأدارة المجتمع، وهذا احدى ثمرات التوفيق الاجباري للثورة الاسلامية، ومن الممكن القول انه احد اهم اهداف النظام، وكل ما يقال انه امر تم وقوعه.
المنظومة الدينية جائت الى المجتمع واخذت على عاتقها ادارة حياته، حيث ان الدين له حكومة بل ان الحكومة هي اساس الدين، وكما عبر عنه بالروايات «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الصَّوْمِ وَ الْوَلَايَةِ وَ لَمْ تُنَادَ بِشَيْءٍ مَا نُودِيَ بِالْوَلَايَة»، ولقد اعتبر الاخرين ان الولاية هي الولاية المعنوية لأمير المؤمنين واولاده الطاهرين عليهم السلام، وهي الولاية الباطنية المفروضة من الله تعالى، ولكن بنظرنا فقد بين الامام الراحل(ره) والروايات وحتى الولاية المطروحة في واقعة الغدير ان الولاية بمعنى حكومة الدين او حكم الدين.
وهذا المطلب من ابتكارات وابداعات الامام الخميني رضوان الله عليه، الفقيه البارز، وقد لاحظ العلماء في مباحث الاصول في بحث الخارج قبل 20 عام مبانيه، وكم هي رصينة وابتكارات قوية تستحق الذكر.
فقد فسر الولاية على انها امر معنوي وامر اعتقادي الا انه اعتبرها(الولاية) بمعنى الحكومة، طبعا لم يكن يقصد الغاء المعنى المعنوي الاعتقادي لا قدر الله، بل انه امر مسلم وحاصل قبل واقعة الغدير، وانما ما حصل في الغدير هو الاعلان الرسمي لحكومة امير المؤمنين عليه السلام، وذكرت قرائن كثيرة في تعابير واقوال الرسول ص في طياة الخطبة كانت تثبت هذا التبني الصريح.
ويطرح الامام(ره) تعابير مختلفة للحكومة فيذكر في كتاب البيع «الاسلام هو الحكومة بشؤونها» وهذا بحد ذاته تثبيت البنية الرصينة للدين وليس للفقه.
ومن هذه الافكار هي اننا لا يصح ان نجعل الاحكام الدينية في مقابل الحكومة، ولا نقول ان الاسلام له اجزاء وان الحكومة جزء والصلاة مثلا او الصوم او الجهاد او... جزء، فانه(ره) يرى ان الروايات وحقيقة الغدير المربوطة بالولاية هي الحكومة، والاحكام الدينية هي ادوات للدين، وهذا شئ من افكاره ذات المباني العميقة.
ويصفون الحكومة في بعض الاحيان بأنها الفلسفة العملية للفقه، او ان الفقه فكر الحكومة او الفقه فكر لادارة حياة الانسان من المهد الى اللحد، وكلها تعابير واوصاف يترتب عليها الشئ المهم و الكثير، فقد كان الامام(ره) وخصوصا في اواخر عمره الشريف يؤكد على ان الحكومة ليست في مقابل باقي الاحكام، وهذه واحدة من نقاط الافتراق بين الامام الراحل والشهيد الصدر(رضوان الله تعالی علیه) حيث يجعل الشهيد الصدر منطقة الفراغ هذه للفقيه في اطار الحكم الاسلامي، الا ان الامام يرى العكس حيث ان الحكم الاسلامي يقع في اطار الحكومة، فيوسع دائرة الحكومة.
وهذا البحث مهم جدا ومن المؤسف ان لا يتم التوجه فيه الى مبنى الامام(ره) بالشكل المطلوب في الحوزات العلمية، في حين ان هذه المسألة تشكل جوهر وحقيقة النظام، وما لم يحل هذا المبنى لا تحل مسألة ولاية الفقيه، ولا يمكن التحدث عن ولاية الفقيه ما لم نقل بان الاسلام له حكومة وان الاسلام هو عين وذات الحكومة، وحينما نقول ان الاسلام يعني الحكومة ونقول بان الرسول(ص) كان هو الحاكم ومن بعدة امير المؤمنين والائمة المعصومين(عليهم السلام)، ثم نقول ان الاسلام ماذا اتخذ من تدابير في زمن الغيبة؟، هل في زمن الغيبة يوجد اسلام ام لا؟ فاذا قلنا نعم وجبت الحكومة لانها ملازمة ذاتيا له، والا فلا معنى للاسلام حينذاك ويبقى الاسلام بالاسم فقط، وعلى مبنى الامام فأن الاسلام بدون الحكومة هو اسم لفظي صوري وغير واقعي.
ان بنية وجوهر الدين هي الحكومة، وهذا من بركات النظام وبركات الافكار العالية للامام رضوان الله تعالی علیه، حيث وجد الدين منفذا للمشهد الاجتماعي.
ونحن ممن يتبنى هذه النظرية بشدة ونعتقد ان الفقه لا ينحصر بالاحكام والمسائل الفردية، فالفقه له ابعاد مختلفة وواسعة، ولأجل طرح مباني الامام(ره) طرح في الحوزات باب الحكومة بطء الفقه السياسي، ثم طرح قياس توسيع احتياجات النظام الاسلامي واضافة الفقه، وحصلت النتيجة ان الاساس بوجود الفقه الفردي يجاوره الفقه الاجتماعي، وموضوع الفقه الاجتماعي مختلف عن الفردي، فالاجتماعي له قواعد خاصة ووآثار مترتبة اخرى.
وقد دونوا مقالة خاصة لأفكارنا في باب الفقه الاجتماعي في هذا المركز(المركز الفقهي للائمة الاطهار) ع، ولا يوجد ترديد في ان يكون الفقيه تذوق طعم الفقه ولا يعتقد بوجود الفقه الاجتماعي، فموضوع الفقه الاجتماعي هو المجتمع وليس الفرد، وواحد من مصاديق الفقه الاجتماعي الفقه الحكومي وهو الاحكام التي تحتااجها الحكومة، وهذه واحدة من متبنيات الامام الراحل(ره) في الاجتهاد، وقد اكد عليها كثيرا، حيث اقيمت ندوة بعد رحيله من اجل تبيين نظرية الفقه الحكومي، وكانت احدى التوفيقات التي حضيت بها هي تقديم مقال حول تأثير عنصر الزمان والمكان في الاجتهاد وقد طبعت في حينها.
فقد طرح الامام نظرية عنصر الزمان والمكان في الاجتهاد ولكن للاسف كل المقالات المطروحة كانت في بعد عنها، ولم يلتفتو الى هذا المطلب، وقد ابلغت من اقام الندوة وهو المرحوم السيد احمد الخميني نجل السيد الامام الخميني بهذا الموضوع، واخبرته بان الكثير من المقالات لم تكن بعيدة عن ترسيخ نظرية الامام فحسب، بل بعضها كانت بالضد منها.
وبالنظر الى الفقيه الذي تذوق طعم الفقه وله نظرة عميقة للفقه يجد الدين كمجموعة شاملة، وحينما نقول ان الدين هو خاتم الاديان فيستلزم ان يكون شاملا كاملا، وجامعية الدين تعني تلبية كل حاجات البشر الاجتماعية والحكومية والسياسية والقضائية، وله دستور شامل وهذا معنى جامعية الدين، اما الخاتمية للدين فهي مساوقة للجامعية.
والان على الفقيه الذي يمتلك تلك النظرة ان يلتفت الى مسائل الزمان والمكان في عصره، واستخراج المصادر والمباني والاحكام المناسبة لزمانه من تلك المتون والمصادر، لذا بعد الثورة الاسلامية تم الالتفات الى الفقه، وانشئ المركز الفقهي للائمة الاطهار بلطف المولى القدير ليضاف الى مؤسسي الفقه.
ومنذ اليوم الذي ثبت والدنا رحمة الله عليه هذا الطرح البديع في المركز الفقهي ونحن نرى ان الفقه في حال توسع، واصبح لزاما ان يكون على الفقهاء الذين وصلوا الى درجة الاجتهاد ان يسلكوا مسلك التخصص في الفقه السياسي او الفقه الطبي او الاقتصادي او الامني او...
طبعا ان مقصودنا من النظام الذي نتحدث عنه وننكره ليس هو الحكومة ولا ينبغي الخلط في ذلك فليس مقصودنا ان الاسلام ليس لديه كلام حو مسائل الاجتماع والحكومة، بل غاية كلامنا هو انه لا يوجد لدينا فقه تحت عنوان فقه النظام، ولا بأس بان اذكر هذا الامر وهو ان رئيس القوة القضائية المحترم قد استشكل والظاهر انه لم يتضح له ما ذكرناه والا فهو عالم فاضل فاذا سألناه هل لدينا وراء الفقه المتوفر لدينا فقها اخر تحت عنوان فقه النظام او فقه نظام القضاء؟ استبعد ان يقول بذلك.
نعم قد نقول في بعض الأحيان ان هذا الموضوع اصبحت قيوده تزيد وتنقص ويختلف حكمه ونحن نسلم بذلك ونقول به، ولكن الذين يدعون فقه النظام دعواهم الاولى هي ان جميع موضوعات ومسائل الفقه ينبغي ان توضع في مكان واحد، ان المجموعة التي تعتبرونها من تلك المجموعات هي مجموعة فيها حكم جديد، ولكن نحن لا نقبل بهذه الدعوى ومهما درسنا في الفقه لم نعثر على هذا الامر واذا انتم تدعون ذلك فعليكم بابراز الدليل.
ان القائلين بفقه النظامات لديهم هذه الدعوى، لاحظوا المقالات التي الفوها بهذا الصدد، حيث يقولون ان الموضوعات في الفقه المتوفر لدينا فردية وجزئية.
واما في فقه النظامات جميع الموضوعات يمكن تنظيمها، وما معنى تنظيمها ؟ يقولون تنظيمها يعني يمكن ان نجعل منها امرا كليا ومركبا.
وقد جاؤا بشيء مبهم وللاسف ربطوه بنظرية الشهيد الصدر قدس سره والحال اننا بالمقدار الذي طالعناه في كتاب اقتصادنا وكتب الشهيد الصدر الاخرى لم نجد انه يدعي هكذا دعوى.
يقولون لدينا في الاقتصاد عدة مواضيع الملكية الخاص والبيع والربا والمكاسب المحرمة و... واذا جمعنا هذه الامور يمكن ان تصل الى مائة موضوع وقد درس الفقه المتوفر لدينا هذه المواضيع كل واحد على حدة ولذا يقولون ان هذه الامور فقه الموضوعات وهذا التعبير بحد نفسه جفاء للفقه المتوفر لدينا.
واما بالنسبة الى فقه النظامات فجميع هذه الموضوعات يمكن اعتبارها في كلي واحد، وقد قالوا بترابط الموضوعات ويلزم على الفقيه على اساس هذا الربط يجعل جميع الموضوعات تحت عنوان اعتباري واحد مركب ويسمى ذلك العنوان فقه النظام الاقتصادي او فقه النظام القضائي او... واحيانا يقال فقه الحكومة وهذا ما قال به السيد الامام الخميني قدس سره.
وعين عبارته التي كتبتها كالتالي: الموضوع في فقه النظامات يبتني على منطق بلحاظ المجموعة بحيث يسعى لجعل موضوعات النظام متراطبة ويلاحظ العلاقة بينهما ومقوماتها وينتهي في الاخير الى ترتيب منسجم ومن خلال جميع ذلك يصل الى كلي منسجم والموضوع في فقه الموضوعات جزئي وفي الفقه النظامات عام وكلي.
طبقاً للنظرة الجامعية ان كل موضوع في نظام له مجموعة من الترابطات الزمانية والمكانية وبواسطة ذلك يمكن ارتباطه ببقية الموضوعات ويتضح من خلال ذلك مكانه ومحله في النظام بالنحو الذي تكون ماهيته وعمل ذلك الموضوع متقوما بالموضوعات الاخرى.
ثم قالوا وعليه فنحن لا يمكننا في فقه النظام، ان نجعل موضوعات الربا والبيع والممتلكات موضوعا واحداً، بل يجب أن نجمع كل القضايا معًا ونخلق كلياً اعتبارياً، وعلينا أن نجعل ذلك الكلي الاعتباري موضوعاً. ثم يقولون إن الذي اوجد ضرورة النظرة المنهجية للموضوعات هو ظهور حضارة كاملة حديثة، قبل عصر النهضة، بسبب بساطة العلاقاتها ومناسبات الحاكمة عليها، يمكن التعرف عليها على شكل موضوعا ت جزئية، ولكن مع التحولات الاجتماعية الناجمة عن الحداثة والتجدد لقد برز ت سنخ جديد من المواضيع ذو أبعاد ومكونات واسعة النطاق، ويرتبط بمجموعة واسعة من الناس.
والعجيب ان كلماتهم غامضة جدا وهي عبارة ان الغاز في الغاز فهم يقولون انه يتم في الفقه المتعارف دراسة الموضوعات كل موضوع على حدة وهنا يتحقق التزاحم الاتفاقي حيث ان المرأة الاجنبية التي على وشك الغرق يقال(انقذ الغريق) ويجب انقاذ حياتها، ومن جانب اخر يقال يحرم مس المرأة الاجنبية فيجب الاجتناب عن تلك المرأة الاجنبية الغريقة ومن هنا يجب اجراء قانون التزاحم الا انه لا يوجد في فقه النظام امر من هذا القبيل فلا يوجد تزاحم اتفاقي بل يوجد بين الموضوعات تزاحم دائمي.
ثم قالوا فی بیان هذه النظرية ان الموضوع في الفقه الفردي واضح من حيث الانطباق وعدم الانطباق على الخارج فحينما نقول( الخمر حرام) فالخمر ينطبق على هذا المائع الخارجي، واما في فقه النظام فليس متعلق الحكم له افراد مستقلة في الخارج والمكلفين يطبقون العنوان الكلي على تلك الافراد.
وعلى كل حال حينما نقول هذا موضوع مركب اعتباري وكلي فاين هذا الموضوع في العالم الخارجي؟ ففي الموضوعات المستقلة من الواضح اننا نقول الخمر الربا البيع، ولكن حينما يكون مركبا فهنا يقعون في معضلة فيقولون لا يوجد موضوع كالموضوعات الفقهية بل يجب ايجاد نظام في ارضية اجتماعية معينة بحيث تيكون هنا مناسبات وعلاقات بين مجموعة من العناصر والمكونات الموجودة وفي هذه الحالة لا يمكن ان تكون المواضيع له مصداق مستقل في الخارج وهي غير منوطة بالاخر بل لا بد من وجود شبكة من الموضوعات منظمة وتظهر على اساس وارضية المجتمع.
وهنا يطرح السؤال التالي من الذي يعتبر هذا الكلي ؟ واذا اعتبره الشارع فاين اعتبره؟ وان قلنا ان الفقيه يعتبره فهل للفقيه حقا ان يعتبر هكذا كلي؟ اهل يجوز ان يكون الامر الاعتباري الانتزاعي موضوعا لمسالة شرعية؟ وكيف يمكن اعتباره هكذا كلي؟ وكلما فكرت في ماهية هذا النوع من الاعتبار لم احصل على شيء، وانا الان لست بصدد الاتيان قرأة كل ما كتبه من عبارتهم ان شاء الله حينما تسنح الفرصة المناسبة في ندوة علمية معينة ان شاء الله حتى نطرح مدعانا وكلماتنا ونوضحها جيدا.
في فقه النظام يوجد شيء يثير التعجب جدا وهو انه في الفقه المتوفر ان الواجبات اما عينية او كفائية والحال ما هو حكم هذه الموضوعات من حيث المجموع في فقه النظام ؟ فانهم يقولون لا عيني ولا كفائي مع ان الحصر بين العينية والكفائية حصر عقلي ومسلم، فالواجب اما عيني او كفائي، لكنهم يقولون لا عيني ولا كفائي، وحينما نسألهم من هو المكلف في فقه النظام؟ يجيبون ان المكلف هو النظام. فما معنى هذا الكلام؟
نحن نرى ان الافراد هم المكلفون في الفقه الفردي والمجتمع هو المكلف في الفقه الاجتماعي فان كثير من الايات توجه خطابها الى المجتمع واما ما يقاف في فقه النظام من ان النظام هو المكلف فما معنى هذا الكلام؟ لان هذا النظام الذي يقولون به هو نفس النظام الذي استخرج من اعتبار مجموعة موضوعات. والاعجب انهم يقولون ان الاجر والثواب في فقه النظام يختلف عن الاجر والثواب في الفقه المتعارف. فانهم ذكروا ان هناك خمسة فروق بين فقه النظام والفقه المتعارف فهناك فرق في الموضوع والمكلف وسنخ الحكم، وطريقة الاستنباط والثواب والعقاب، فهنا نسأل اذا وجب شيء بعنوان فقه النظام فهل هذا الواجب عيني او كفائي؟ فانهم يجيبون لا عيني ولا كفائي بل هو شيء اخر، ففي فقه النظام سنخ من التكاليف يشترك فيه جميع المكلفين وفي هذا النوع من التكليف مجموعة كبيرة من الناس مكلفون بالاتيان بفعل مركب وذلك الفعل هو تنتيجة جميعهم بنحو مشاع.
وهذا الكلام ايضا من العجائب فنحن لدينا ملك مشاع وليس لدينا فعل مشاع! فان الفعل اما فردي او جمعي والفرد هو عضو من اعضاء ذلك الجمع وهذا غير الفعل المشاع، ثم صرحوا ان سنخ الحكم في فقه النظام شبيه بالواجب العيني الذي يكون فيه جميع الافراد مكلفون بالاتيان بذلك الفعل لا الواجب الكفائي الذي حينما يأتي به شخص يسقط عن الاخرين، وانما هو مجموعة افعال منسجمة فيما بينها ومتقوم احدها بالاخر، واما بالنسبة الى طريقة الاستنباط فهم يقولون بانها مختلفة.
بناء على منهج فقه النظام ان استناد حكم مجموعة او نظام الى الشارع غير حكم عناصره، فمثلا ان البنك موضوع مركب ففيه المضاربة والمزارعة والقرض فانتم تجزؤن هذه العناصر كل واحد على حدة ثم تبينون حكمها، واما في فقه النظام فلا يمكن تفكيك هذه المواضيع بل لا بد ان نستنبط حكمها ونبينه من حيث المجموع.
ثم يقولون في النهاية: ان هذه الامور تختلف من حيث الثواب والعقاب ففي الواجب الكفائي حينما يعمل به احد يسقط عن الاخرين والذين ادوه يحصلون على الثواب اما في فقه النظام بسبب ترابط الافعال احدها في الاخر فجميع المكلفين شركاء في الثواب والعقاب.
هذه نظريتهم وقد بينتها بشكل مجمل وعليكم بمراجعة مقالة الفقه الحكومي من وجهة نظر السيد الشهيد الصدر قدس سره وللاسف قد افتروا على المرحوم الشهيد الصدر(قدس سره) وجعلوه المبدع لفقه النظام وقد راجعنا كتب الشهيد فلم نفهم من كلامه فقه النظام هذا، وما ذكره الشهيد الصدر غير ما طرحه هؤلاء من فقه النظام وبطبيعة الحال انهم يدعون ان اصل فكرة فقه النظام ذكرها الشهيد الصدر قدس سره ونحن قد بينا تفاصيلها.
وعلى اية حال اننا بحثنا في مؤلفات الشهيد الصدر قدس سره فلم نجد فقه بعنوان فقه النظام، ان المرحوم الشهيد الصدر قدس سره قال في كتابه اقتصادنا ان الاقتصاد الاسلامي يعتمد على ثلاثة اصول: اصل الملكية المزدوجة: اصل الحرية في نطاق محدود، اصل العدالة الاجتماعية، ثم ذكر للعدالة الاجتماعية ركنين ثم ذكر خصلتين لمجموع الاقتصاد الاسلامي.
الشهيد الصدر رحمة الله تعالى عليه ذكر ما حاصله انه لا يحق لاحد ان يحكم على الاسلام من خلال النظر الى مسألة معينة من دون ملاحظة بقية المسائل، على سبيل المثال بالنسبة الى المسائل الاقتصادية ينبغي ان ننظر اليها مع ملاحظة المسائل الاعتقادية والرؤية الكونية والعواطف والسياسات المالية والنظام السياسي للاسلام، وعند ذلك نستطيع ان نحكم على الاقتصاد الاسلامي وحتى بالنسبة الى المسائل الاخرى مثل الجهاد لا بد ان نلاحظه ضمن بقية اجزاء الاسلام فمدعى السيد الشهيد الصدر هو انه لا ينبغي ان نحكم على الاسلام من خلال مسألة معينة نستقطعها وننظر اليها بمعزل عن بقية مسائل الاسلام.
ولكننا لم نجد ولا عبارة للشهيد الصدر قدس سره انه يجمع كل الموضوعات الاقتصادية ويستخرج من تلك المجموعة موضوعا جديدا تحت عنوان فقه النظام الاقتصادي انا لم ارى هذا الامر وعلى من وجد ذلك فليأتني به.
فمدعى الشهيد الصدر(رضوان الله تعالى عليه) هو: انه ضرب مثال الاسير حيث انهم يشكلون على الاسلام بقضية الاسير حيث ان الاسلام من جانب يخالف العبودية الا انه من جانب اخر يفسح المجال للعبودية واسترقاق الاسير والحال ان الاسلام اولا: قال ان هذا الامر تشخيصه يكون عند حاكم المسلمين فيمكنه ان يعفو عنهم او يأخذ الدية او يأخذ الاسير، فالشهيد الصدر يقول انه يجب عند الحكم ان تكون لدى الحاكم نظرية كلية على الاسلام لا نظرية جزئية ومن زاوية معينة.
او الاشکالات التی تطرح حول مسائل النساء، فلو قال شخص ان الاسلام يقول لا يجوز للمرأة ان تخرج من دون اذن زوجها، ثم يقول هذا اي اسلام واي دين؟ والحال ان هذه الحكم لا بد من ملاحظته الى جانب الاحكام الاخرى المتعلقة بالنساء ثم نحكم على الاسلام فهل هذا الحكم صحيح؟ ولكن لا يقال في هذا المجال ان هذا الموضوع لا بد ان نضعه مع بقية الموضوعات ثم نخلق منه موضوعا كليا نحكم عليه ثم اربطه بيوم القيامة وقل ان لذلك الموضوع ثواب وعقاب منفصل، ان الشهيد الصدر لم يقل هذا الكلام.
ان ما ننكره هو هذا الكلام نحن نقدم شكرنا الى اعزائنا في طهران حيث تلطفوا علينا وابرزوا محبتهم لنا وقد قلنا في نقدهم انتم الذين تقولون لا يمكن استخراج فقه النظام القضائي وهذا يعني ان موضوعاته غير مترابطة وهذا يعني ان الشريعة لا نظم فيها وهذا يعني ان شريعة الله تبارك وتعالى لا حكمة فها؟ ثم قالوا انه كما يوجد في التكوين نظم كذلك لا بد ان يكون هناك نظم في التشريع.
نقول له: اولاً: انه لم يتضح مدعانا عندكم فمتى ورد في مدعانا عدم الارتباط؟ ان جميع موضوعات الشريعة الاسلامة مشتركة في اهداف معينة فان الله تعالى قد جاء بهذه الشريعة الاسلامية لسعادة البشرية في الدنيا والاخرى، ولا احد ينكر هذه الكلام ولا يوجد احد يدعي ان هذه الاحكام لا ملاك فيها ان قلنا ان هذه الاحكام لا ملاك فيها فان نتيجتة ذلك تكون ان عمل الله تعالى من دون حكمة والعياذ بالله ونحن لا ندعي هذا الادعاء، ان مدعانا هو هل يوجد في مجموع هذه الموضوعات كلي اعتباري تحت عنوان فقه النظام؟ فنحن ننكر هذا الكلام.
ثانياً: اذا كان في التكوين بين هذا الموضوع وذاك الموضوع وبين السماء والارض والليل والنهار والبحر والبر وجميع هذه الامور ارتباط تكويني وبنص القران الكريم( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) فهل هذا يعد دليلا على نقول بترابط موضوعات الشريعة؟ نحن لدينا في الشريعة موضوع بعنوان الغرر، حينما يكون في البيع غرر يطبل البيع، وحينما يكون في الصلح الغرر فيقولون لا اشكال في ذلك، انتم قولوا ما هو الارتباط الحكيم هنا؟ ان اردت ان اتي بنماذج من هذه القواعد الفقهية في العبادات والمعاملات التي لا ربط لها بالاخرى لاتيت بكثير من هذه النماذج.
مثلا قاعدة لا تعاد مع ارتباطها بقاعدة تلف المبيع قبل قبضه من كيس البائع؟ فهذان موضوعان واعتباران مختلفان ومن قال انه لا بد ان من وجود الترابط المنطقي في الاعتبارات كالترابط المنطقي في التكوينيات؟
واساسا لو افترضنا وجود هذه القضية لما تحققت الاعتبارايات، فلو اخذنا الاحكام العقلائية التي يضعها اصحاب القانون، فهل يوجد ارتباط بين القوانين التي تسن لجامعة وبين القوانين التي تسن لصنف القصابين ؟ كلا لا يوجد، فان هذا موضوع وله ملاكات ونتائج وذلك موضوع اخر ايضا له ملاكات ونتائج، فهل يسوغ لأحد ان يقول ان الحكمة تقتضي ان يوجد ارتباط بين هذه المواضيع؟
ان الذين لديهم اطلاع على الافكار الاصولية والفقهية للسيد الامام الخميني قدس سره يعلمون جيدا ان احد المباني الاساسية للسيد الامام عدم الخلط بين التشريع والتكوين.
ان القواعد الموجودة في التكوين لا يمكن تطبيقها على القواعد التشريعية ولا علاقة لنظم في التكوينة بالتشريع فان التشريع على وزان الامور العقلائية كما ان للعقلاء احكاما. ونحن ننصح هذا الرجل الكريم ان يرجع الى مباني السيد الامام الخميني قدس سره، فان قواعد العلة والمعلول والاغراض والارتباطات وما هو موجود في عالم التكوين لا علاقة له ابدا بالتشريع فان للتشريع غاية، وحكمة الله هي ان هذه الاحكام لا يمكن ان تكون لغواً ولها مقاصد ومصالح ولو اننا نعتقد ان تلك المقاصد لا يمكن للفقيه ان يستفيد منها في الاستنباط.
واني اقدم احترامي وتقديري لجميع الاخوة المحترمين الذين قد تحملوا عناء النقد والاشكال، فانهم تلطفوا علي وانا اشكرهم حيثما نقدوا واستشكلوا، لكن من المهم ان لا نجيب بسرعة ما لم نفهم الامر بصورة صحيحة، وكان من الانسب طرح السؤال حول كنه النظرية وحقيقتها.
وعلى اي حال نحن نعتقد انه لا يوجد شي تحت عنوان فقه النظام بالمعنى الاصطلاحي الذي يقول به الاخوة، وهذا لا علاقة له بما قاله امير المؤمنين عليه السلام للحسن والحسين عليه السلام: «أوصیكما بنظم أمركم»
فما هو ربط وصية الامام عليه السلام بهذا البحث نحن نقول فقه النظام بهذا المعنى الاصطلاحي الذي يذكره الاخوة وطرحوه في حوزة قم لا وجود له، وان دعواهم هذه ليس فيه خدمة للفقه وليست فيها تبيين لنظرية السيد الامام في فقه الحكومة، ولس لها علاقة بنظرية الشهيد الصدر قدس سره، بل ان هذه الدعوى موجبة لتوقف الفقه.
ونتيجة هذه الكلام اننا لا نتمكن من اعتبار هكذا موضوع، ومن الذي يتمكن ان يعتبر كليا لجميع هذه الموضوعات من حيث المجموع، ومن اين نأتي بطريقة ذلك؟ ان الذين ادعو فقه النظام قد جاؤوا بفقه لا يمكن تطبيقه ابدا، وغدا سيقول لنا الاكاديميون واصحاب الجامعات وغيرهم انكم اتيت بدعوى لا تستطيعون اثباتها.
واني اطلب من الاخوة ان هذه الابحاث القيمة لا يلوثوها بالعناوين السياسية، جاء رجل من طهران الى قم وذكر كلاما باطلا في مدرسة الفيضية وقد اصدم معه المراجع العظام، واما طالب الحوزة فلا ينبغي ان يأتي بهذه التعابير ويستخدم هذه الكلمات، فان البحث ينبغي ان يكون بمستواه العلمي، فان تلوينه وزخرفته بالسياسية واطلائه بالخطابة والشعارات العامية فان هذه الامور تبعد البحث عن حقيقته.
فان كنا حقيقة نريد ان نوجد تغييرا في الفقه، وان كنا نريد حقيقة ان ننظر في الحوزة العلمية فلا ينبغي ان نتكلم بهذا الكلام، وطبعا ان هكذا كلمات لا تاثر فيَّ قيد انملة، فنحن كنا ثوريين ولا زلنا وسنبقى كذلك الى النهاية بلطفه ان شاء الله تعالى.
اني من اكثر الناس معرفة بالمبانية الفقهية والاصولية التي اسسها السيد الامام(قدس سره) لما كنت ادرس المكاسب كان كتاب البيع معي، رحمة الله على الشيخ باياني الذي كنت احضر عنده درسا خاصا لمكاسب الشيخ احيانا كنت اقول له لم افهم هذه العدة سطور في عبارة السيد الامام نعم كنت أريد ان ندقق اكثر حول مباني السيد الامام(ع) وأنتم انظروا هؤلاء كانوا حقيقة اساتذة، في ذلك الوقت حينما كنت طالبا صغيرا كان يقول لي مولاي اترك هذا البحث لغد، ثم قال لي بعد ذلك، ان الدرس العام لا استفيد منه شيء وانما استفيد من الدرس الخاص وكنا ثلاثة طلاب او اثنان لدينا اطلاع واسع بافكار السيد الامام الخميني قدس سره ثم بعد الثورة كان والدنا من الاقطاب المهمة في الثورة، وبحسب قوله حينما كلنا نسأله كم تهتم للثورة الاسلامية كان يجيبنا اني نذرت عمري لهذه الثورة الاسلامية وبعد ارتحال السيد الامام الخميني قدس سره كان له تأثير كبير في تشخيص قائد الثورة الاسلامية بعد السيد الامام والشواهد على هذا الامر كثيرة.
والان نحن على هذا التيار والخط فؤلائك الذين تكلموا بكلام غير نزيه ولم يهتدوا ولم يتقوا ويسعون الى تحقيق اهدافهم فيرفعون احدا ويضعون الاخر فان هذه الاعمال بعيدة عن التقوى فيقصون هؤلاء ويقربون هؤلاء ينبغي لنا تقوية كل انسان ثوري ويسير على خط وفكر السيد الامام الخميني(قدس سره) وان هذا المركز الفقهي قد اسس لهذا الغرض، والحمد لله ان منشورات وتحقيقات هذا المركز شاهد حي على صحة هذا المدعى.
وبناء على هذا فتعالوا نثبت ونحكم ذلك الامر الذي يركز عليه السيد الامام قدس سره والسيد القائد حفظه الله ونترك الاضافات التي يمكن ان تذهب بالاصل.
والسلام علیكم و رحمة الله و بركاته