حقيقة العبودية
23 رمضان 1441
01:28
۲,۷۸۶
خلاصة الخبر :
آخرین رویداد ها
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
-
من السمات الخاصة بالمعلم هي تشخيصه للبدع والانحرفات
-
السبب الرئيسي لتهديم مراقد ائمة البقيع، عدم الفهم الصحيح للدين
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله رب العالمین و صلی الله علی سیدنا و نبینا ابی القاسم محمد و علی آله الطیبین الطاهرین المعصومین و لعنة الله علی اعدائهم اجمعین
اليوم هو اليوم الثامن عشر من شهر رمضان المبارك ومن المحتمل ان تكون ليلة التاسعة عشر هي ليلة القدر نسأل الله عز وجل ان يوفقنا لادراك ليلة القدر وان يقدر لنا في هذه الليلة افضل ما يقدره لافضل اوليائه وعباده لذا يجب الاهتمام الخاص لهذه الليالي و الايام.
الموضوع الاساسي لنا هو ( عبادة وطاعة الله عز وجل) فانه لا يوجد شيء اهم واعظم من طاعة الله عز وجل، وقد ينقضي من عمر الانسان اربعين سنة او خمسين سنة او ستين سنة وهم لم يفهم شيئاً من الطاعة والعبادة.
ولو دقق الانسان وتأمل قليلا لوفق في لأداء العبادات بشكل عام كالصلاة والصيام وحتى الدروس والابحاث فانها من العبادات المهمة. ولكن من المهم ان نعرف ما هو مقدار طاعتنا وعبادتنا لله عز وجل؟
وينبغي ان نطرح على انفسنا هذا السؤال، لا سيما الذين بلغوا عمر الخمسين والستين فليسألوا انفسهم ما هو المقدار الذي ادوه من الطاعة العبادة والعبودية لله عز وجل؟ وليس المقصود كثرة الصلاة والصيام، بل ما هو مقدار العبودية والطاعة التي نتحلى بها؟ فهل كنا في جميع اعمالنا عبادا لله تعالى او لا؟ في الحالات التي نخطوا خطوات النفس و الهوى، خطوات الدنيا وتعلقاتها وحينما نتعرض لحب الدنيا ننسى فيها العبودية والطاعة لله عز وجل وندعها جانبا.
لذا نجد ان من اهم ادعية ليلة القدر هو اننا نطلب من الله عز وجل ان يأخذ بأيدينا الى طاعته لكي نكون عبادا حقيقيين، وبالطبع من الواضح، أنَّ الطريق الوحيد للوصول الى العبودية هو العمل بدقة واتقان بما امرنا الله تعالى من الصلاة والصيام والحج والوجبات المالية وغير المالية وترك المحرمات، فان هذه الاعمال هي عبادة وطاعة لله عز وجل.
فمن يزعم بانه يصل الى حقيقة العبودية من دون الصلاة والعبودية لله فهو واهم، كما نسمع ممن بعض التبجح بهذا الكلام لا حاجة الى ان الانسان يلتزم بظاهر الدين بل يجب ان نتوجه الى حقيقة الدين، وللاسف هؤلاء يريدون ان يهدموا الفقه فيقولون ان الفقه ظاهر الدين والعرفان حقيقة الدين، مع ان الانسان ما لم يذق طعم الفقه ولم يبلغ مرتبة الفقاهة، فمن المحال ان يكون عارفاً، وهو مجرد مدع للعرفان او لديه عرفان وهمي.
ما لم يعلم الانسان ما هو الواجب عليه؟ وكيفية الواجب وما هي الشرائط؟ وما لم يعلم ما هي المحرمات والاحكام الفردية و الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية وجميع الامور التي نعبر عنها بالفقه فهذا الانسان لا يمكن ان يعرف الله عز وجل.
فانهم يشبهون الفقه تشبيها خاطئا بامر ظاهري، ثم يقولون اذا وصلنا الى هذا الظاهر وتجاوزناه ووصلنا الى بواطن الدين بعد ذلك نترك الظاهر، فان الذين يتبجحون بقولهم لاحاجة الى الصلاة فليعلموا انهم ممن انكر القرآن الكريم، وانكر جميع الانبياء، ولو تاملنا القرآن الكريم لوجدنا انه ما ارسل رسول من قبل الله عز وجل الى قومه الا وكانت على في اول قائمة رسالته طاعة الله وعبادته والله عز وجل يأمر النبي (صلى الله عليه واله) بان يقول للناس اني مأمور من قبل الله عز وجل بطاعته وعبادته، قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: { قل إنما أمرت أن أعبد الله}.
واذا نظرنا الى عبادة رسول الله (صلى الله عليه واله) لوجدناها اكثر من عبادات غيره، وتوجد بعض العبادات خاص به ولا تجب على الناس بشكل عام، ولكنها واجبة على النبي (ص)، وكم يصل ائمتنا في ايام وليالي شهر رمضان ؟ وقد وردت في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام وسيرة الامام السجاد انهما كانا يصليان في الليلة الف ركعة.
والسبب في ذلك هو ان الانسان اذا انقطع عن هذه العبادات الظاهرية فانه سينقطع ارتباطه بالباطن ايضا.
فليس كما يقولون اننا نجتاز الظاهر ونصل الى الباطن، فاذا بلغنا الباطن فلا حاجة لنا بالظاهر، فان هناك ارتباط وثيق بين الظاهر والباطن، فاذا كان الانسان ولو لحظة يتوهم انه لا حاجة له بالصلاة ولو في آخر لحظة من عمره فانه فقد الباطن بشكل كامل، فان الاهتمام بالظاهر هو دعوة جميع الانبياء.
وتأملوا في هذه الاية الكريم التي جاءت في سورة هود «وَ قُلْ لِلَّذینَ لا یُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَکانَتِکُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ» فان الله عز وجل يقول للنبي صلى الله عليه واله قل للذين لم يؤمنوا اصنعوا ما شئتم وما تمكنتم من الاتيان به، ونحن نعمل اعمالنا، وانتظروا ونحن منتظرون ايضا.
ثم قال: «وَ لِلهِ غَیْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُ الْأَمْرُ کُلُّهُ»،. وهذا يعني ان غيب السماوات والارض كله عند الله عز وجل فباطن السماوات والارض وما خفي فيهما عند الله علمه، ووان كانت السماوات والارض قد سخرها الله للانسان لكن يد الانسان قاصرة عن نيل باطنهما فان ذلك بيد الله عز وجل.
قد يقال ان خفايا السماوات و الأرض وباطنهما يعني ما يتعلق بالاخرة بيد الله عز وجل واما في الدنيا فهي باختيارنا نصنع فيها ما نشاء ولكن الاخرة ليس امرها بيدنا ولا نستطيع ان نعمل فيها شيئاً فهذا احد الاحتمالات، ومن المحتمل ان يراد ان عالم الملكوت وغيب السماوات والارض هو بيد الله عز وجل، وان الغيب هو حقيقة وباطن كل امر، وهذا الاحتمال يشمل الاخرة وغير الاخرة، ثم قال الله عز وجل:{ واليه ترجع الامور} وهذه يعني ان جميع الامور وشؤون الدنيا والاخرة ترجع الى الله عز وجل.
ان النقطة التي اريد ان استفيدها هي ان كثيرا من المفسرين قد حملوا قوله تعالى: {واليه ترجع الامور} على التوحيد الافعالي فان كل فعل يرج الى الله تبارك وتعالى. والان ماذا تقولون ؟ ان هذا عجيب جداً لو تأمل الانسان نفس هذه الاية ستكون عباداته وطاعاته ذات صبغة مختلفة، نحن حصرنا عبادة الله تعالى بالتكليف وبالعبادات التي اوجبها الله تعالى علينا، وعملنا بها بنظرة التكليف لكن الاية تقول ان غيب السماوات والارض بيد الله عز وجل، وجميع الامور ترجع اليه ( فاعبده) فعليك بعبادة الله فهذه النظرة الجديد كم تعطي للانسان المعنوية؟ وكم تجعل الانسان يطمع بعبادة وطاعة الله؟ وما اجمل ان يفهم الانسان من يعبد وأي اله يعبد؟ نسأل الله تعالى ان ننال هذه المرتبة.
فلو حظينا بالطاعة والعبادة التي هي طاعة اله بيده غيب وباطن السماوات والارض وجميع الامور والشؤون ترجع اليه وكل شيء بيده، فحينئذ نعلم اننا لا شيء بمعنى اننا مسلوبي الاختيار وليس بيدنا شيء والارادة هي ارادة الله عز وجل.
فالحقيقة امر اخر: «فاعبده و توکل علیه و ما ربک بغافل عما تعملون» فالحقيقة هي ان تعبد الله تعالى وتتوكل عليه فان الله تعالى مطلع على الصغيرة والكبيرة علنيا ان نتدبر هذه الاية الكريمة.
لو كان فهم هذه الآية الكريمة من نصيبنا في شهر رمضان المبارك والعمل بها سنرى كم يبلغ الانسان مرتبة من العشق لطاعة الله عز وجل، يجب علينا ايجاد لذة الطاعة في انفسنا وفي مجتمعنا وفي اسرتنا ونستمتع بالطاعة والعبادة وهذه منزلة عظيمة جداً فان جميع العبادات من اجل بلوغ منزلة الطاعة والعبودية لله عز وجل.
العبادة تعني الطاعة والعبودية وكلما قوية هذه العبادة الظاهرية واديناها في اول وقتها بشكل تام، سيكون ارتباطنا بالحقائق الباطنية للعبادة اشد، ومن يريد طاعة الله وعبادته ابدا لا يسمح لنفسه تأخير صلاته الا اذا كان مغمى عليه او مريضا او لديه عذر موجه، فانه يسعى ان يمتثل طاعة الله تعالى على احسن وجه، نحن نصلي ولكن طائر الخيال الذهني يتنقل من مكان الى اخر من اول الصلاة حتى آخرها.
فحينما نقول الله أكبر يبدأ طائر خيالنا يتنقل في جميع العالم فنتذكر كل شيء الا حضور القلب لله عز وجل، السبب اننا لم نعرف حقيقة الطاعة والعبادة وينبغي لا نتوجه الى شيء ولا نفكر في شيء غير الله تعالى حينما نقف امامه.
فهل اتفق لنا ان نقول الله أكبر من الف الله حتى راء أكبر مخلصة لله عز وجل؟ للاسف الكثير منا ليس لديها هذه الخصلة، وهل اتقف لنا ولو مرة ان نقرأ سورة الحمد بتوجه وحضور قلب؟ او ركوعنا او سجودنا؟ يجب علينا اصلاح عبادتنا وطاعتنا.
وها هو شهر رمضان على وشك الانقضاء ولم يبق لدينا فرصة فعلينا ان نبتهل الى الله عز وجل في هذه الايام والليالي ونطلب منه ان يوفقنا الى اعلى مراتب طاعته وعبوديته ان شاء الله تعالى.