افادات سماحة الاستاذ الكبير اية الله الحاج الشيخ محمد جواد فاضل اللنكراني(حفظه الله)بمناسبة شهادة الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام
28 شوال 1432
19:30
۵,۳۱۶
خلاصة الخبر :
-
مدونة بخط اية الله الفاضل اللنكراني في مذكرات شهيد الفخر والجهاد قائد حزب الله لبنان
-
المعيار في قبول الاعمال هو المودة في القربى
-
السبيل الوحيد لسير المجتمع في الاتجاه الصحيح الارتباط برجال الدين
-
رجال الدين صمام أمان للدين وامتداد لطريق ألائمة(ع)
-
من السمات الخاصة بالمعلم هي تشخيصه للبدع والانحرفات
-
السبب الرئيسي لتهديم مراقد ائمة البقيع، عدم الفهم الصحيح للدين
افادات سماحة الاستاذ الكبير اية الله الحاج الشيخ محمد جواد فاضل اللنكراني(حفظه الل) بمناسبة شهادة الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام بعد انتهاء درس خارج الاصول السنة الدراسية 89ـ 1388
بسم الله
الرحمن الرحیم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا ابي القاسم محمد(ص) وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.
اقامة العزاء في ايام الفاطمية
نصادف في هذه الايام مناسبة ايام الفاطمية وايام مصيبة الاسلام العظمى الا وهي شهادة السيدة والصديقة الكبرى فاطمة الزهراء، وقد لاحظنا منذ سنين ـ ولله الحمد ـ انه قد حصل في بلادنا وبين اوساط الناس وطلاب الحوزة العلمية اهتمام بالغ باقامة العزاء والماتم في هذه الايام، بالرغم من ان قضية الفاطمية كانت موجودة بين العلماء الاعلام منذ قديم الزمان حيث يقيمون العزاء في هذه المناسبة.
فقد اقيمت مجالس عزاء الفاطمية في دارنا ما يربو على الستين عاما، كما انها اقيمت في بيوت العلماء الاعلام والمراجع العظام امثال: اية الله العظمى البروجردي والسيد الامام الخميني والسيد العلامة الطباطبائي(تغمدهم الله برحمته) وهكذا سائر العلماء والمراجع الذين عزموا على المشاركة في مجالس عزاء السيدة فاطمة الزهراء(سلام الله علیها).
حقيقة فاطمة (ع) والسبب في تسميتها بالزهراء
ان اول امر ينبغي الالتفات اليه، الذي لو التفت اليه الانسان المسلم شيعيا كان او سنيا لارتفعت عنه كثير من الشبهات و لاجيبت له كثير من التساولات، وذلك الامر هو: من هي فاطمة وما هي حقيقتها؟
اننا لو اردنا ان نقتصر في معرفتها على انها إبنة النبي الاكرم ص فحسب، كأي انسانة عادية فيكون لهذا الاقتصار نتائجه، اما لو لم نقصر النظر على ذلك بل امعنا النظر ولاحظنا كم لهذه السيدة من المنزلة والمرتبة عند الله؟ و بالتالي كم لها من المنزلة والمرتبة عند النبي الاكرم(ص)؟ لتوصلنا الى نتائج اخرى تختلف عن تلك النتائج، وحينئذ ستنحل كثير من المسائل الاعتقادية والتاريخية.
هناك رواية موجودة في الكتب الروائية قد رويت عن جابر عن الامام الصادق (علیه السلام)” قال قلت لم سميت الزهراء زهراء “فالراوي يسال من الامام لماذا سميت الزهراء بالزهراء؟ وبالمناسبة ان للزهراء(سلام الله علیها) عند الله ـ عز وجل ـ تسعة اسماء وهذا الامر بحد ذاته في غاية الاهمية الا ان السؤال هو انه لماذا كان احد تلك الاسماء (زهراء)؟
وقد اجاب الامام (علیه السلام) عن ذلك حيث قال: “ لان الله خلقها من نور عظمته) فالله تبارك وتعالى قد خلق الزهراء(سلام الله علیها) من نور عظمته.
وقد ورد بشان النبي(ص) وامير المؤمنين(علیه السلام) تعابير من هذا القبيل وان الله تعالى قد خلقهما من نوره.
ان هذا التعبير يدل على ان الزهراء قد امتازت من اول خلقها عن سائر البشر الاعتياديين فان سائر البشر لم يخلقوا من نور الله، ولو كان كل البشر مخلوقا من نور الله لما عصى الله على وجه الارض.
فالزهراء خلقت من نور الله عز وجل بل من نور عظمة الله أي ان هذا الجنبة وهي عظمة الله تعالى ـ التي هي في غاية الاهمية بل فريدة من نوعها ـ تعني ان هذا المخلوق عظيم لانه خلق من عظمة الله عز وجل.
“فلما اشرقت اضاءت السماوات والارض بنورها” فصارت السماوت والارض مشرقة بنور الزهراء(سلام الله علیها).
وقد جاء في ذيل الرواية ان الله تعالى قال للملائكة: “هذا نور من نوري واسكنته في سمائي خلقته من عظمتي “
على الانسان ان يلتفت الى هذه الحقيقة وهي ان الزهراء ع كيف خلقت ومن أي شيء خلقت وباي تجل خلقت؟
فان الزهراء ع قد امتازت بخلقتها عن سائر الناس، فلا يوجد ولا زوجة من ازواج النبي قد خلقت من نور عظمة الله، بل ليس هناك احد يتمتع بهذه الخصلة وهي ان يكون مخلوقا من نور عظمة الله غير الزهراء، بالرغم من وجود جملة من النساء اللاتي اختصصن من بين نساء العالم بالكمال والفضل مثل مريم بنت عمران واسية بنت مزاحم الا انه مع اتصافهن بتلك الكمالات لم يتصفن بهذه الصفة، وهي ان يكون خلقهن من نور عظمة الله تعالى.
تكريم واحترام النبي ص للصديقة الزهراء:
هناك رواية موجودة في سفينة البحار مروية عن ابي بكر حيث قال:
“ان فاطمة سلام الله علیها يوما دخلت على ابيها” دخلت الزهراء في يوم من الايام على النبي الاكرم “فاستقبلها” فقام النبي ص لفاطمة واستقبلها “وقبل يديها” فاخذ يديها وقبلهما”ثم لما ودعت ومشت” ولما ارادت السيدة الزهراء ان تودع ابيها وتذهب” شيعها النبي” و مشى معها قليلا “ وقبل يديها” وقام بتقبيل يديها مرة اخرى فاعترض ابو بكر على ذلك فقال: “ فقلت يا رسول الله ما رأيت مثل هذا في احد من النساء” اني لم ار مثل هذا الفعل الذي فعلته في أي واحدة من النساء اللاتي في بيتك، فاعترض ابو بكر على رسول الله بانك لماذا تفعل هذا العمل مع ابنتك فاطمة، ولعل مراده ان الانسان الاعتيادي لا يفعل هذا بالنسبة الى ابنته فلماذا انت تفعله “ ولا يناسب لمثلك” فاراد النبيص ان يردع ابا بكر عن ظنه الباطل بجملة مهمة جدا حيث قالص “ ما فعلته الا بامر ربي” اني لم افعل فعلا الا بامر الله تعالى.
وحينئذ يستطيع المرء ان يستفيد ويقول: ان هذا التكريم والتبجيل والاحترام لم يكن ناشئا عن العاطفة الموجودة بين الاب وابنته، ولم يكن ناشئا عن ان السيدة فاطمة طاهرة ومطهرة فحسب، بل ان هذا الاحترام والتكريم لاجل امر اعلى من ذلك وهو ان الله قد امر بهذا التكريم.
ان النبي (ص) الذي هو اشرف المخلوقات يتعامل مع هذا الموجود الذي خلق من نور عظمة الله بهذه التعامل ويكرمها بهذا النوع من التكريم وامام الناس.
هذا الواقع يفرض علينا ان نتامل اكثر في ان فاطمة سلام الله علیها أي شخصية كانت؟
علينا ان نستانف البحث حول حقيقة الزهراء في دراساتنا ومطالعاتنا. فانه قد وردت بشان السيدة الزهراء سلام الله عليها روايات كثيرة كل واحدة من تلك الروايات تحتاج ان يؤلف بشانها بحوث بل كتب.
علينا في هذه الايام حقيقة ان نبين على المنابر ما يتعلق بعظمة الزهراء ع والالطاف الالهية المتعلقة بهذا الموجود العظيم.
بقي هناك مطلبان لا بد من الاشارة اليهما:
1ـ غصب فدك
احدهما: القضية التاريخية لغصب فدك التي حصلت بعد ارتحال النبي الاكرم ص، ارض فدك التي كانت في زمن رسول الله تحت اختيار فاطمة الزهراءسلام الله علیها ولمدة ثلاث سنين، والتي قد عينت الزهراء فيها بعض العمال ليعملوا فيها، فهي تحت تصرفها. هذه الارض قد صودرت بحديث واحد موضوع لم يعهد به احد من صحابة النبي ص الى ذلك الحين وهو (نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة) والذي قد اورد عليه في البحوث الروائية والتاريخية اشكالات كثيرة جدا، فهذا الحديث من الاحاديث المخالفة والمباينة للقران الكريم ولصريح اياته. وانا لا اريد ان ادخل في هذا البحث .
وانما الذي اريد ان اذكره هو اهذا هو جزاء الزهراء ع التي كان النبي ص يتعامل معها بهذا النوع من الاحترام والتقدير وامامالناس؟ فابو بكر راى اجلال النبي ص واحترامه لفاطمة بام عينه بل هو الذي روي هذا المشهد وهذا الاحترام والتقدير لها الذي كان بامر من الله عز وجل.
ان جميع التساؤلات تكمن في انه لما قالت الزهراء ع لابي بكر ان ارض فدك قد وصلتني من رسول الله فهي ملكي فلماذا طلب ابو بكر من الزهراء شاهدا؟، هذا الامر فيه كثير من التساؤلات، ففاطمة التي قد خلقت من نورع عظمة الله والتي كانت تحضى بكل انواع الاحترام والتقدير والاجلال من قبل رسول الله فهي صديقة ليس لها في الصدق نظير بين النساء، لماذا لا يجب قبول كلامها؟. لماذا لابد ان يقال لها ااتي بشاهد؟ ولماذا لم يعترض على بقية نساء النبي الاتي بقين في بيت النبي وتصرفن في امواله ردحا طويلا من الزمن؟ فلماذا لم يخرجوهن بعنوان ان النبي لا يورث شيئا؟.
وهناك نكتة فقهية لم يختلف فيها المسلمون شيعة وسنة وهي انه يكفي في ثبوت ملكية الشخص للمال شاهد واحد وقسم، فلو ادعى ان هذا المال له واتى بشاهد واحد واقسم يثبت المال له. فامير المؤمنين والحسن والحسين شهدوا ولكنه لم يقبل شهادتهم ، امير المؤمنين الذي قد سمع الصحابة باذنهم من النبي انه قال” اقضاكم علي” فليس هناك افضل من امير المؤمنين ع في القضاء.
قالامير المؤمنين(علیه السلام) لابي بكر لو كان بيد المسلمينمالا وادعيتهلي فهل تطلبالبينة مني او ممنبيده المال؟ فقال: اطلبها منك، فقال(علیه السلام): فان فدكا في يد فاطمة وكانت تحت اختيارها ثلاث سنين، وكان هناك اشخاصاً يعملون في هذه الارض باذنها، و البينة على من يدعي ان الارض ليس لها، فتوقف ابو بكر، وطبعا في الاخير قد ثبت ان فدكاً للزهراء فكتب لفاطمة بها كتابا، ولكن جاء الاخر واخذ ذلك الكتاب ومزقه.
2ـ شهادة الزهراء ع
علينا ان نتعرف على السيدة فاطمةع، ان اصحاب النبي ص في زمانه لم يعرفوا فاطمة، فان السبب الرئيسي في هذه المصائب والبلايا التي جرت على السيدة الزهراء هو عدم معرفة الصحابة بمنزلة الزهراء، ولو كانوا قد عرفوا منزلتها لم يصنعوا هذه الويلات والمصائب التي ادت الى شهادة فاطمة الزهراء عليها السلام، شهادة السيدة فاطمة امر تاريخي مسلم ومما لا ريب فيه. فمن لاحظ كتب المؤرخين من اهل السنة يجد الاحداث المرتبطة بشهادة السيدة الزهراء قد رويت ونقلت بصور متعددة، فيحصل له اليقين بهذه الواقعة الا اذا اراد عدم الانصاف والجدال وانكار هذه المسالة.
وفي الحقيقة انه قد ورد في الروايات عن المعصومين ع التاكيد الشديد على كلمتين احدهما (الصديقة) والاخرى الشهيدة حيث ورد التعبير بـ ( ان فاطمة صديقة شهيدة)، فهذه هي جميعالمناقب والمقامات العالية التي وصلتنا من النبي ص بشان فاطمة، وكتب اهل السنة والشيعة مليئة بهذه الامور.
تقول عائشة : “ان فاطمة كانت اذا دخلت على رسول الله قام لها من مجلسه”فعائشة التي هي زوجة النبي ص رأت انه كلما جاءت فاطمةوقف رسول الله اجلالا لها “ وقبل راسها واجلسها مجلسه” فراى هؤلاء ان النبي يجلسها في مجلسه ويعتني بهذا الموجود العزيز اعتناء عجيبا.
وقد جاء في بعض الروايات الاخرى أنه: “ خرج النبي‘ وهو اخذ بيد فاطمة”في يوم من الايام اخذ النبي ص بيد فاطمة فخرج” وقال من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد‘“ أي ان النبي يقول كل شخص يعرف فاطمة فهو يعرفها، واما الشخص الذي لا يعرفها فاليعلم ان هذه فاطمة ابنتي” وهي بضعة مني” فهي قلبي وروحي “ فمن اذاها فقد اذاني ومن اذاني فقد اذى الله” فكل من يؤذي فاطمة فقد اذى رسول الله وكل من يؤذي رسول الله فقد اذى الله عز وجل.فلماذا كل هذه التاكيد من النبي ص على هذا الامر؟
ان النبي ص كما في بعض الروايات كان اذا راى فاطمة احيانا بكى وتحادرت دموعه على خديه، فيقال له يا رسول الله لم اذا رايت فاطمة جرت دموعك. فقال: لما يجري عليها بعدي من الظلم، ولغصب حقها من بعدي،ولهجوم القوم علي دارها من بعدي. فهذه الامور قد اخبر بها رسول الله في حياته، ولذايوكد النبي ص مرارا ( من اذاها فقد اذاني) اما انه ياتري كيف نسى المسلمون كل هذه الامور؟ وكيف وصلت القضية الى هذه الحد؟ نحن عندما نراجع كتب اهل السنة، نجد انهم رووا هذه القضية في الامامة والخلافة حيث يقول: “ ارسل ابا بكر عمرا وقنفذا وجماعة الى دار علي وفاطمة” فابوا بكر يامر عمر وقنفذ وجماعة ان يذهبوا الى بيت علي وفاطمة ذلك البيت الذي طالما كان ياتي اليه النبي ص ويسلم على اهل ذلك البيت وسلام النبي سلام الله، وقد هجموا على اهل ذلك البيت الذي طالما كان يسلم عليه الله ورسوله، ان نفس هؤلاء الذين غصبوا خلافة النبي كانوا قد سمعوا تاكيد النبي ص على انه من سلام على الزهراء جعله الله بجواري في الجنة، فهؤلاء ارادوا ان يؤدوا حق رسول الله ولذا ذهبوا الى بيت فاطمة ع ليسلموا عليها، على الانسان حينما يصل الى هذا المقطع من التاريخ ان يسكب الدموع ساعات، دار النبي!، دار فاطمة! دار اهل البيت!، ما هي الذكريات التي خلفها هذا البيت عند الناس؟، الا ان ابا بكر يرسل عمر وقنفذ مع جماعة ليهجموا على دار علي، “وجمع عمر الحطب على دار فاطمة واحرق بابها ولما جائت فاطمة خلف الباب” عندما رائت فاطمة النيران في باب الدار لاذت خلف الباب “ تعد عمر واصحابه واثر عمر فاطمة خلف الباب” فعلم عمر ان فاطمة خلف الباب فعصر عمر فاطمة بين الحائط والباب” حتى اسقطت جنينها ونبت مسمار الباب في صدرها وسقطت مريضة حتى ماتت” وقد وقعت هذه الفاجعة بعد ايام قلائل من وفاة رسول الله وكانت هذه الحادثة هي السبب في شهادتها. { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
«املؤا الارض بمراسم العزاء و تشكيل المواكب وهيئات الحزن في يوم شهادة السيدة فاطمة الزهراء(ع)وحولوا هذا اليوم الى عاشوراء ثانية»
مقطع من كلام المرجع الفقيد:
سماحة اية الله العظمى فاضل النكراني(قدس سره)