الحكومة الدينية امر بديهي في القرآن

30 ذیقعده 1443

11:00

۳۶۰

خلاصة الخبر :
تصريحات اية الله فاضل اللنكراني في جمع من المسؤولين في مؤسسة ( المستقبل الزاهر)
آخرین رویداد ها
بسم الله الرحمن الرحیم

اشكر الحضور الكرام والفضلاء والمحققين في ميدان المهدوية وأقدم شكري الخاص الى التعرض الى موضوع المهدوية الذي كان يعد فراغا في الحوزة العلمية. وأظن انه لولا مؤسستكم لم يكن لدينا الان كلام جديد وفكرة جديدة لكي نقدمها الى العالم، سوى انه لدينا الموعود العالمي، ولكن بحمد الله فان الاجتماعات المهدوية التي تقام في كل عام والأبحاث الجديدة التي تنشر على شكل كتاب او مجلة فهو عمل عظيم ورائع.

واليوم من اجل استمرار مدرسة التشيع او حتى بقاء الثورة الإسلامية لا يوجد خدمة اعظم من هذه الخدمة بحيث اننا نستطيع ان نفهم ونوضح ابعاد القضية المهدوية بصورة اكبر الى المجتمعات البشرية.

هذه القضية كبيرة ومهمة لدرجة أنه على الرغم من الجهود التي بذلتموها، خلال هذه السنوات الـ 43 التي مرت منذ الثورة وتأسيس الحكومة الإسلامية ، لم يتم التطرق إلى جوانبها الأساسية ، على سبيل المثال ولاية الفقيه وقد بحثها الفقهاء وقد كتبوا كتبًا في هذا المجال  ، لكن لم يتم التطرق الى موضوع أن الحكومة الدينية هي هدف النبوة ورسالة جميع الأنبياء والمرسلين وإنزال جميع الكتب السماوية. فان مقتضى قوله تعالى: «هو الذي ارسل رسوله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين كله» هو تشكيل الحكومة. أنا سعيد جدًا لأنكم ذكرتم انكم تتناولون هذا الموضوع.

أولا يجب ان نوضح ما هو عدد الايات التي وردت في حكومة الدين؟ لأنّ بعض الاتجاهات تقول ان الدين لا حكومة فيه أصلا، والدين لا ربط له بالسياسة فهو امر فردي وشخصي الناقض لهذا الاتجاه هو حكومة الامام المهدي (عج) العالمية، فاذا لم يكن للدين حكومة فلا ينبغي ان تكون له حكومة في زمن من الازمان مع ان جميع كلامنا اليوم وفي المستقبل هو اننا ننتظر حكومة دينية عالمية. أي ان الدين هو عبارة عن حكومة عالمية ليس فحسب في هذا البلد بل في جميع البلدان الإسلامية وغير الإسلامية فحكومة المصلح العالمي من بديهيات الأديان.

ونرى في القرآن الكريم بدقة هذه المسألة قد بينت في عدة مراحل المرحلة الأولى ارسال الرسل وانزال الكتب التي هي المصدر للدين. المرحلة الثانية: تبيين الدين «لتبين للناس» المرحلة الثالثة إقامة الدين والمرحلة الرابعة آثار إقامة الدين في المجتمع. وآيات القرآن تدل على هذا المعنى بوضوح فان الله انما ارسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى من أجل إقامة الدين.

وفي الاية المباركة 13 من سورة الشورى تم التصريح بهذا حيث يقول: « شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا» إن إقامة الدين ليس المراد منه بيان الدين و ليس نفس الدين. ان اثار الدين والبركات الإلهية تكون في ضل إقامة الدين في المجتمع «ولو انهم اقاموا التوراة والانجيل و ما انزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم و من تحت ارجلهم» فاقامة الدين لا تعني شيء سوى الحكومة الدينية. إذن فالقرآن الكريم يبين لنا نفس الدين واقامة الدين واثار اقامة الدين.

لو راجعنا آيات القرآن الكريم نرى تكرارا ومرارا يركز على من له الحق في الحكم ومن ليس له حق في الحكم ويأمر المسلمين ان لا يجعلوا اليهود والنصارى حكاما لهم«يا ايها الذين آمنوا لا تتخذو اليهود والنصاري اولياء» ثم يقول ايضاً: «إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا» فالذين يجب ان يكونوا حكاما على المسلمين هم الرسول (ص) وأهل بيته (عليهم السلام) لقد ذكر القرآن كل هذه الأمور لنا ، آثار الحكومة وإقامة الدين ، فمن يجب أن يكون الحاكم وما هو حكم انتهاك هذه الحكومة؟ والغريب في الأمر أنه إذا حصل نزاع بين شخصين وجب عليهما جعل النبي هو الحكم بنهما وقبول كلمته لحل الخلاف.

عدم قبول الحكومة الدينية ورسول الله يعادل عدم الإيمان . «فلا و ربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليماً»هذه الآية ليست مقتصرة على الحكم والقضاء! إذا قلنا المراد هو القضاء فالقضاء احد شؤون الحكومة ولا يمكن القضاء ان يتم من دون حكومة. فاذا كانت الآية فلا وربك لايؤمنون صادقة في القضاء فهي صادقة في الحكومة بطريق اولى. 
هذا البحث حقاً جيد جداً ، في هذا المجال لا أدري ، وإذا علمتم أعطوني هذا الخبر السار ... لم أر أي شخص أو مؤسسة تذكر الآيات المتعلقة بالحكومة ومراحل الدين في القرآن.
الآيات المتعلقة ب 1 - إنزال الكتب وإرسال الرسل. 2- الآيات التفسيرية. لتبين للناس. 3- آيات اقامة الدين. 4- آثار إقامة الدين ، ثم الآيات المتعلقة بالحاكم الديني، والذي يجب أن  نخضع حكمه ، ومن لا يجب أن نخضع لحكمه.

تعطينا هذه الآيات نظام الحكومة الدينية، ومن الغريب إهمال هذا الأمر المهم خلال أربعة عشر مائة عام ، وخاصة في المئة عام الماضية. قلت في بعض خطبي ان من الظلم ان نقول ان السيد الإمام الخميني رحمه الله قام بثورة على أساس مقبولية عمر بن حنظلة ، حتى ياتي بعض العلماء ويناقش في سندها  وفي دلالتها فهذه الاشكالات ناتجة عن الجهل.

في الأساس أقول إنه إذا أراد أحد أن يقول إن السيد الإمام قام بالثورة على أساس الاجتهاد ، فهو مخطئ! قام السيد الإمام بثورة على اساس مبنى قرآني ، فالقرآن يقول أن الله هو ولي البشرية وحاكمها. (فانه هو الولي) ولا ينبغي أن يكون حاكم البشرية غير الله ورسوله(صلى الله عليه واله) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) ، وبناءً على أدلة ولاية الفقيه، فالفقهاء الذين عينوا من  قبل الأئمة (عليهم السلام) وهذا امر بين من الضروريات القرآنية، والمتأمل في القرآن الكريم المتدبر فيه يفهم  يمكنه التوصل إلى هذه المسألة. فلم يكن السيد الامام قدس سره قد اجتهد في هذهالمسالة حتى يمكن القول إن المجتهد قد يخطئ أيضًا.

فالقران الكريم حينما يقول: «و ما ارسلنا من رسولٍ الا ليطاع باذن الله» وهذه الطاعة على افتراض الحكومة ، فهي تقول بشكل عام أن كل رسول جاء للحكم ، وبعضهم جاء للحكم في مساحة صغيرة ، وبعضهم جاء في منطقة أكبر حتى وصل الامر إلى خاتم الأنبياء  (صلى الله عليه واله) فاصبحت حكومته عالمية وكذلك سيكون الامر بالنسبة الى خاتم الاوصياء، وبهذا تصبح حكومته عالمية.

والآية الشريفة«وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله»، فالله عز وجل يرسل الرسول لكي يطاع وهكذا الاية الكريمة«و من يطع الرسول فقد اطاع الله» وهذا يعني ان الرسول (ص) اذا امر بالحرب او قال اقيموا مسجدا هنا او افعلوا هذا الفعل في المجتمع فيجب ان يطاع. فان تلك الأوامر التي يامر بها النبي (ص) طاعتها طاعة لله مباشرة، واما اطاعة رسول الله صلى الله عليه واله فهي تكون في الاوامر الحكومية والاجتماعية باذن من الله عز وجل.

اليوم يعد بيان الجذور القرانية للحكومة الدينية من الضروريات التي ينبغي لمحققين في الحوزة العلمية التعرض لها. وقد تحدثنا في دروسنا حول الفقه السياسي في العام الماضي وكانت عبارة عن 16 درسا وتناولنا فيها ما يتعلق بالجذور الفقهية والقرآنية للحكومة الدينية وان السيد الامام الخميني قال: (الاسلام هو الحكومة). وقد قال السيد الامام قبل انتصار الثورة في كتابه البيع: > الاسلام هو الحكومة< ثم يقول ان الاحكام مطلوبة بالعرض فلماذا يقول السيد الامام ان الحكومة الاسلامية من الاحكام الاولية للإسلام؟ ما هو المستند الفقهي لذلك؟ المستند الفقهي لذلك هو تلك الايات القرانية التي اشرنا الى بعضها.

وبحسب اعتقادي فإن جميع الآيات المتعلقة بالحرب مبنية على تولي الحكومة ، وفي بعض الأحيان يشككون فيقولون إن النبي ص جاء إلى المدينة المنورة ولم يشكل حكومة ، نسأل هل الحرب ممكنة بدون حكومة؟ جميع الآيات الـ 16 الأولى من سورة البراءة ، والتي ترتبط بالجهاد الابتدائي ، كلها مبنية على افتراض الحكومة. 

الحرب غير ممكنة بدون الحكومة ، ولا يصح القول إن الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال للناس مثل أن يخوضوا الحرب بما هو شخص عادي وليس حاكما، ! فالرسول في السنوات العشر التي قضاها في المدينة المنورة قد اسس حكومة اسلامية. يريد البعض أن ينكر هذا الأمر الواضح ويقول إن الرسول لم يحكم ، فكل هذه الحروب وكل الآيات القرآنية المتعلقة بالحرب لا يمكن أن توجد بدون حكومة.

يجب أن نرى كيف أصبح السيد الإمام الخميني قائداً. في رأيي ، السر الرئيسي في ذلك هو الإنسانية والتفكير في القرآن. عمل السيد الإمام كثيرا مع القرآن. عندما كنت أتحدث عن أسرار الصلاة ، رأيت كتاب أسرار صلاة السيد الإمام ، وفي مكان واحد رأيت صفحتين أو ثلاث من المواد الجديدة حول آية لم أرها في أي تعليق في ذلك الوقت. هناك أشياء كثيرة في ذهني لدرجة أنني إذا أردت أن أكتب شيئًا عن هذه الآية ، فسيصبح كتابًا ، وهذا كثير! إنها ليست كذبة أو مبالغة. اتضح أن الإمام قد فكر كثيرًا في القرآن.

فيجب علينا ان نبذل الجهد ونسعى الى بيان ادلة الحكومة الدينية من منظور القران الكريم فهل للدين حكومة او لا؟ البعض يقول ان الله تعالى قال لرسول الله (ص): «و ما عليك الا البلاغ» فالجواب ان اقامة الدين ايضا واجبة كالبلاغ ولاجل اقامة الدين لا بد من الحكومة الاسلامية. وهذه هي الوظيفة الاولى للدين وهي اقامة الحكومة الاسلامية. 

رأيي أن كل إمام من الائمة المعصومين عليه السلام أكد على أن الحكومة حق له.  فلا يوجد امام من الائمة المعصومين عليهم السلام الا وكان لديه تاكيد على هذا الامر ، يأتي الإمام الحسن (عليه السلام) إلى المسجد ويخبر الناس بحضور معاوية ، لو أعطيتم الخلافة لابي بعد وفاة النبي(ص) و الذي بلغه رسول الله (ص) لكم لعشتم حياة سعيدة،  ويستدل بآيات من القرآن الكريم. يجب أن نستخرج جذور الحكومة الدينية من آيات القرآن وأقوال الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وشرحها للناس.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الملصقات :

القران الكريم الحكومة الدينية ولاية الفقيه