آية الله الشيخ محمد جواد الفاضل اللنكراني: ان زاوج الولي من البنت بالتبني مكروه كراهة شديدة من الناحية الفقهية فلا ينبغي للمقنن ان يطرح الموارد النادرة بعنوان قانون عام

23 صفر 1435

18:43

۳,۸۶۱

خلاصة الخبر :
تعرض آية الله محمد جواد الفاضل اللنكراني رئيس المركز الفقهي للائمة الاطهار (عليهم السلام)، في لقاء له مع مراسل (شفقا) (الموقع الدولي لاخبار الشيعة) الى لزوم الاتيان بعمل فقهي ادق عن طريق مجلس الشورى الاسلامي، قبل تصويب قائمة الدفاع عمن لا ولي له من الاطفال والصبيان
آخرین رویداد ها

تعرض آية الله محمد جواد الفاضل اللنكراني رئيس المركز الفقهي للائمة الاطهار(عليهم السلام)، في لقاء له مع مراسل (شفقا) (الموقع الدولي لاخبار الشيعة) الى لزوم الاتيان بعمل فقهي ادق عن طريق مجلس الشورى الاسلامي، قبل تصويب قائمة الدفاع عمن لا ولي له من الاطفال والصبيان، وتعرض الى دراسة المادة الفقهية 27 وقال: صحيح ان هذه القوائم لا بد ان تطرح وتؤيد بعد المجلس في مجلس الخبراء ايضا، الا انه لاجل ان لا تطرح التسائلات بعد تصويب القائمة، فمن المناسب للجان ان تطرح هكذا موارد بين الحوزات العلمية والفقهاء كي تكون لديهم نتيجة واضحة ثم يطرحونها بعد ذلك.

زواج الولي من البنت بالتبني مكروه كراهة شديدة من الناحية الفقهية

وقال ضمن تاكيده على ان زواج الولي من البنت بالتبني مكروه كراهة شديدة من الناحية الفقهية وطبقاً لمبنى مشهور الفقهاء: ان هكذا زواج مكروه كراهة شديدة عند فقه الشيعة وربما يستفاد الحرمة من بعض الروايات النادرة والتي سنشير اليها.

ان من الموارد الواضحة والتي طرحت في الفقه وفي زمان الائمة المعصومين(عليهم السلام) على شكل سؤال وقد بين الامام حكمها، هي السؤال عن زواج المولود من القابلة التي اولدته، وقد جاء جواب الائمة (عليهم السلام) بالنفي وقد نهوا عن هذا الزواج، وقد وصل الامر الى انه ليس فقط لا يتزوج من القابلة، بل ايضا لا يتزوج من بنت القابلة.

وقد وضح هذا المجتهد الشيعي في ضمن اشارته الى مصدر هذه الرواية في وسائل الشيعة ج 20، (كتاب النكاح، ابواب ما يحرم بالمصاهرة البابع التاسع والثلاثين): قد افرد صاحب الوسائل باباً مستقلاً في كراهية زواج المولود من القابلة واورد فيه ثمانية روايات وفي الرواية الاولى من هذا الباب سئل الامام محمد الباقر (ع) عن زواج المولود من القابلة فقال: لا ثم قال لا يتزوج من بنتها ايضا.

وتحليله هو ان القابلة بمنزلة الام في الفقه، وان لم يكن لها احكام الام الا انها بمنزلة الام، فكما ان من اوضح الاحكام ان الانسان لايمكنه ان يتزوج من امه، فالزواج من القابلة التي هي بمنزلة الام لا يمكنه ان يتزوج منها، وقد حمل الشيخ الطوسي هذه الرواية على الكراهة بشرطين، ويرى الكثير من الفقهاء انه لا كراهة في التزويج من القابلة التي اولدته فحسب، واما اذا اولدته وربته ايضاً فالزواج منها مكروه كراهة شديدة.

واكد سماحته على ضرورة التوجه الى النكتة المطروحة في الروايات والفقه اي اذا كانت المرأة قد ربت الطفل وكبرته فالاسلام يرى الكراهة الشديدة في زواجها من الطفل ثم قال: في سبب وجود هذه المسالة في الاسلام انه من الممكن ان يكون للزواج من الطفل مصلحة فمن هنا لم يغلق الشارع المقدس الباب فجعله مكروهاً لا محرماً.

وقال الفاضل اللنكراني: وقد صرح في بعض الروايات مثل رواية معاوية بن عمار بالحرمة، وفي رواية اخرى طرح فيها السؤال المتعلق( بزواج القابلة من الطفل التي اولدته) على الامام الرضا (ع) فيتعجب الامام لبعد هذه المسالة عن الله تعالى وعن الدين ويقول: (سبحان الله)، فليس هذا الزواج من النكاح المستحب الذي رغب فيه الشارع، فالامام هنا يصرح بانه ليس حراماً، الا انه وفي نفس الوقت ليس مما ينبغي، وهذا الملاك الموجود في القابلة هو ايضا موجود في مفروض سؤالكم.

وقال سماحته في ضمن بيانه بان التعبديات لا يمكن التعدي فيها، واما غير التعبديات كمسألة النكاح فيمكن التعدي اذا كان الملاك واحداً: ان العلة التي اوجبت الحكم بكراهة زواج القابلة من المولود، لان هذه المرأة قد ربته، وهذا الامر يمكن تعميمه الى الابن بالتبني، وعليه فمن الناحية الفقهية اذا كان هذا النوع من الزواج جائز فهو مكروه كراهة شديدة، وقد نهى الائمة (عليهم السلام) ابناءهم من هذا النوع من الزواج، وهذه القضية مهمة جداً ومع وجود هذه الموارد في الفقه فينبغي على اللجان التخصصية ان يقفوا على الكراهة الشديدة، بحيث اذا ارادوا ان يجعلوا قانوناً يجعلونه وهم ملتفتون الى هذه الامور.

آية الله الشيخ محمد جواد الفاضل اللنكراني: ان زاوج الولي من البنت بالتبني مكروه كراهة شديدة من الناحية الفقهية فلا ينبغي للمقنن ان يطرح الموارد النادرة بعنوان قانون عام

واضاف رئيس المركز الفقهي للائمة الاطهار (عليهم السلام): الامر الاخر هو اننا لو قطعنا النظر عن الروايات ومسالة القابلة، ولم ترد هذه الروايات اصلاً فيمكن ان يستفاد من مذاق الشريعة ان هذا الزواج غير مرضي، من الواضح ان الزواج عقد مقدس وله اثاره الخاصة، واما بالنسبة الى البنت بالتبني التي تكبر وتترعرع بين ذلك الرجل والمراة، فتحصل بينهما علاقة الاب بابنه والبنت بابيها، فحينئذ لا يبقى مجال لعقد جديد وهو الزواج، الا في موارد نادرة وظروف استثنائية الا انه بشكل عام ان هذا النوع من الزواج لا يحقق الغاية الاصلية للزواج الذي تتمثل بقوله تعالى{ جعل بينكم مودة ورحمة} او قوله { لتسكنوا اليها} او قوله { هن لباس لكم وانتم لباس لهن} فهذه الامور لا يحققها هذا الزواج.

ان هذا القانون لا ينسجم مع شريعة الاسلام والامور غير اللائقة شرعاً لاينبغي ان تكون قانوناً

واضاف سماحته: بناء على هذا حتى لو لم يكن لدينا روايات الزواج من القابلة فان هذه المسالة لا تنسجم مع روح الشريعة، صحيح لا يمكن ان يستفاد الحرمة او البطلان، ولكن نفس هذا المقدار وهو عدم مرغوبية هذا الزواج عند الشارع كاف للحكم بعدم تصويب هذا القانون، لانه لا ينسجم مع روح الشريعة، وهكذا ان مثل هذه المسالة لا تتناسب مع الفقه نفسه. فلا ينبغي لاصحاب القانون في نظام الجمهورية الاسلامية ان يجعلوا الحكم المكروه فقهياً قانوناً عاماً ولو لم يكن ذلك الحكم حراماً، فكما ان الحرام بالدليل الشرعي لا ينبغي ان يصدر على خلافه قانون كذلك الحكم المكروه من الناحية الشرعية لا ينبغي ان يجعل بجوازه قانوناً كلياً.

ان المقنن لا ينبغي ان جعل الموارد النادرة قانوناً:

ووضح سماحته في ضمن بيانه الى ان الشارع قد يجعل بعض المنافذ لاجل الاتيان بعمل ما الا انها لا يحب شيوع ذلك العمل: على سبيل المثال ان الشارع قد جوز التورية وهي ان يريد المتكلم معنى مطابق للفظ، ولكن في نفس الوقت لا يريد ان يفهم المخاطب المعنى المقصود من ظهور اللفظ وانما يفهم شيئاً اخر من اللفظ، ولكن الشارع في نفس الوقت لا يحب شيوعها وانتشارها لان شيوع ذلك يؤدي الى انهدام النظام الاجتماعي، ولا يمكن ان يعرف الكاذب من الصادق، نعم قد جوز الشارع ذلك في بعض الموارد، والا انه لا ينبغي ان يشيع ذلك، فهذا الزواج ايضا فانه وان كان الزواج صحيحاً لعدم وجود العلقة النسبية او السببية بين الولي والبنت بالتبني، الا انه مع الالتفات الى الروايات التي وردت بشأن القابلة والحكم الموجودة في عقد النكاح، فلا بد ان يعلم ان هذا الزواج مكروه وقبيح، واذا جوزه الشارع فذلك في الموارد النادرة التي تقتضيها المصلحة، فلا ينبغي للمقنن ان يطرح الموارد النادرة على شكل قانون.

هذه المادة ليس منافية للاخلاق فحسب بل لا تنسجم مع الفقه ايضا

وصرح الفاضل اللنكراني: كما اثبتنا ان هذا الزواج مكروه من الناحية الفقهية وغير مطلوب ولم يرغب فيه، وليس امرا مباحاً، وكراهته شديدة، وعليه مضافا الى انه مخالف للاساليب العرفية والقيم الاخلاقية الحاكمة في المجتمع  والعقلاء فهو لا ينسجم مع الفقه نفسه.

ان الفقه والاخلاق لا يتعارضان بل الملاكات والضوابط مختلفة

وقال سماحته في ضمن تاكيده على عدم وجود التعارض بين المسائل الفقهية والاخلاقية: ان الفقه كالحقوق له ملاكات وضوابط خاصة في حين توجد في الاخلاق ضوابط وملاكات اخرى، فينبغي العلم بانفصال دائرة الفقه عن دائرة الاخلاق، على سبيل المثال انه لا يوجد حقوقي يدرس انسجام او عدم انسجام القوانين مع الخلاق، فمثلاً من باع بيته ثم لم يجد بيتاً يشتريه بقيمتها فطلب الاقالة، علم الحقوق يقول ان هذا البيت قد خرج من ملكيته ويجب عليه ان يسلمه الى المشتري، لكن الاخلاق ملاكها غير ملاك الحقوق فالاخلاق تقول ان امكنك ان تفسخ المعاملة وترجع البيت له فذلك جيد، فحيث ان ملاكات الاخلاق والفقه مختلفة لا يمكن ان نتصور التعارض بينهما.

واضاف سماحته: ان موضع البحث في الفقه والقانون هو الجواز وعدم الجواز والاباحة وعدم الاباحة، مخالفة الله وعدمها، واما في المسائل الاخلاقية فالشارع يقترح امراً يوجب عظمة الروح وتأدب الانسان، ويمكن ان يقال في دراسة ادق هناك فرق بين مسائل الفقه والاخلاق من حيث الملاك ومن حيث العنوان، فيبحث في الفقه صحة المسألة وعدمها واما الاخلاق فيبحث فيه الفضيلة وعدمها، وهذا يرجع الى نفس الاشخاص فاما ان ياخذ بعين الاعتبار الصحة او الفضيلة، مثال اخر ان حكم القصاص الذي هو من الناحية الفقهية حق لاولياء الدم، الا ان في حالة العفو يكون فضيلة ويحفز المجتمع في اغلب الموارد الى التحسين، كل من يعتقد ان بين الفقه والاخلاق تعارض فليعلم ان جميع القوانين الموجودة ايضا معارضة للاخلاق، اتخاذ الموقف يكون على اساس القانون لا الاخلاق، بل لا مجال للمسائل الاخلاقية في باب القضاء، ولا تقبل الدخول في فصل الخصومات.

يؤكد الشارع في كثير من مواد الاختلاف بين الفقه والعرف على مراعاة العرف

وقال سماحته فيما يتعلق باقتراح الفقه لاجل حل المسألة فيما اذا كان هناك شيء صحيح من الناحية الشرعية الا انه غير مقبول من الناحية العرفية: اذا كان هناك شيء من ناحية الحكم الوضعي في الفقه صحيح الا انه من الناحية العرفية غير مقبول، يمكن ان يقال ان الشارع وان صحح بعض الامور الا اكد في مثل هذه الموارد على مراعاة العرف، كي لا ينزجر العرف والمجتمع من الدين على مدى الزمان، فاذا كان تنفيذ حكم من الاحكام موجباً للتوهين من الدين فلا يؤكد على فعليته، وليس المقصود انه كلما كان الشيء غير مقبول عند العرف فلا بد للفقه ان يتنازل، احياناً اذا كان هناك حكما وقانوناً دينياً الا انه غير ضروري او يعد نادراً فيمكن الوقوف دون فعليته بسبب عدم مقبوليته لدى العرف. 

واكد سماحته اخيراً: ان الشارع المقدس قد راعى العرف من الناحية الفقهية في كثير من الموارد، وهو على حذر من الامور التي توجب اشمئزاز العرف والعقلاء، ولكنه من جوانب اخرى ليس كذلك، وهناك موارد ايضاً قد خطأ الشارع فيها العرف، فالموارد التي يخطأ الشارع العرف فيها لاجل وجود ملاك اهم في نظر الشارع، فالشارع يرى ان الربا خطر عظيم على المجتمع فيواجه العرف، وعليه فاحيانا يخطأ الشارع العرف لاجل ملاك مهم جداً، ويراعي العرف احيانا اذا لم يكن في الحكم ملاك مهم، ففي مثل هذه الموارد يقوم الحاكم الشرعي لاجل بعض الملاكات بتعليق الحكم موقتاً.

الملصقات :