رسالة في فروع في العلم الاجمالي من كتاب تحرير الوسيلة
۰۹ شهریور ۱۳۹۰
۱۰:۰۴
۴۰
چکیده :
نشست های علمی
-
یکی از نکاتی که اصحاب رسانه باید به آن توجه کنند حفظ حدود اشخاص است
-
شهادت به توحید و نبوت پیامبر اکرم(ص)؛ ملاک اسلام و مسلمانی
-
تحلیلی نو بر مبنای فقهی امام خمینی(قده) در انقلاب و قیام علیه حکومت پهلوی
-
فقه انتخابات (جلسه دوم)
-
ظرفيتهای فقه برای نظامسازی
-
حوزههای علمیه اگر بخواهند حقیقت فقه را بچشند باید با فقه امام ارتباط داشته باشند
رسالة في فروع في العلم الاجمالي
من كتاب تحرير الوسيلة
من كتاب تحرير الوسيلة
محمد جواد الفاضل اللنکراني
بسم اللّه الرحمن الرحيم
مسألة ۱ ـ لو شكّ في أنّ ما بيده ظهرٌ أو عصر؛ فإن كان قد صلّى الظهر بطل ما بيده، وإن كان لم يصلِّها أو شكَّ في أنّه صلاّها أو لا؛ فإن كان لم يصلِّ العصر وكان في الوقت المشترك عدل به إلى الظهر، وكذا إن كان في الوقت المختصّ بالعصر لو كان الوقت واسعاً لإتيان بقيّة الظهر وإدراك ركعة من العصر. ومع عدم السِّعة، فإن كان الوقت واسعاً لإدراك ركعة من العصر ترك ما بيده وصلّى العصر ويقضي الظهر، وإلاّ فالأحوط إتمامه عصراً وقضاء الظهر والعصر خارج الوقت؛ وإن كان جواز رفع اليد عنه لا يخلو من وجه، وفي المسألة صورٌ كثيرة ربما تبلغ ستّاً وثلاثين.
وممّا ذكر ظهر حال ما إذا شكّ في أنّ ما بيده مغرب أو عشاء. نعم، موضع جواز العدول هاهنا فيما إذا لم يدخل في ركوع الرابعة(۱).
۱ ـ لا يذهب عليك أنّ التقسيم الذي ذكره السيّد الإمام الماتن(قدسسره)يكون أوسع ممّا ذكره السيّد اليزدي(رحمهالله) في العروة[۱] من جهات:
الاُولى: أنّ المفروض في كلام السيّد(رحمهالله) عدم إتيان العصر، والسيّد الإمام(رحمهالله)يجعل الفروض من هذه الجهة أثلاثاً: اليقين بإتيان العصر، واليقين بعدمه، والشكّ فيه.
الثانية: أنّ السيّد(رحمهالله) في العروة لم يفرّق بين الوقت المشترك والوقت المختصّ، بخلاف السيّد الإمام(رحمهالله) وبعض آخر من المعلّقين[۲] على العروة.
الثالثة: أنّ السيّد الإمام(رحمهالله) قد فرّق بين وقوع الصلاة المشكوكة في الوقت المختصّ بالظهر، وبين وقوعه في الوقت المختصّ بالعصر.
الرابعة: أنّه(قدسسره) قد فصّل في الوقت المختصّ بالعصر بين أن يكون الوقت واسعاً لقطع الصلاة المشكوكة وإدراك ركعة من العصر، وبين أن لا يكون الوقت واسعاً لقطع الصلاة المشكوكة وإدراك ركعة من العصر، وبين أن لا يكون الوقت متّسعاً. وقد تعرّض الماتن(قدسسره) في هذه المسألة لفرعين:
الفرع الأوّل
ما إذا كان الشكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر، وفيه فروض عديدة:
الفرض الأوّل: الشكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر مع اليقين بإتيان الظهر، واليقين بعدم إتيان العصر.
وقبل التعرّض لحكم هذا الفرض لابدّ من مقدّمة؛ وهي:
أنّ المستفاد من الروايات الدالّة على الترتيب بين صلاة الظهر والعصر ـ وأيضاً ممّا ذهب إليه المشهور من الوقت المختصّ للظهر والعصر، وأيضاً ممّا ورد من لزوم العدول إلى الظهر إذا دخل في الصلاة بعنوان العصر سهواً ـ: أنّ الصلوات الخمس حقائق متباينة وليست متماثلة، والتباين يتحقّق من قصد عنوان الظهر والعصر كسائر الأفعال القصديّة من التعظيم والتوهين، فالفاعل يقصد عنوان الظهر ويوجد الظهر في وعاء الاعتبار الشرعي.
وبعبارة اُخرى: إنّ قصد عنوان الظهر كسائر الأجزاء والشرائط له دَخَلٌ في تحصيل الملاك والمصلحة الموجبة لوجوب الصلاة، ومن دون تحقّق هذا القصد لا مجال لتحقّق الملاك الموجود في الصلاة، ولأجل هذا لو صلّى أربع ركعات من دون أن يقصد الظهر أو العصر فصلاته باطلة.
وبعد هذه المقدّمة نقول: إنّ الأقوال في هذا الفرض سبعة بحسب إحصائنا:
۱. بطلان الصلاة وجواز قطعها وعدم لزوم استمرارها. ذهب إليه الماتن(قدسسره)تبعاً للسيّد وجمع كثير[۳] من محشّي العروة، كالشيخ المحقّق الوالد رضوان اللّه تعالى عليه.
۲. صحّة الصلاة مطلقاً؛ بمعنى وقوعها عصراً من دون أيّ قيد. ذهب إليه جمع، كالشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء(رحمهالله) في حاشيته على العروة[۴]، والشيخ مرتضى الحائري(رحمهالله) في كتابه الخلل[۵].
۳. الإتمام احتياطاً ثمّ الإعادة والاستئناف. ذهب إليه المحقّق العراقي(قدسسره)[۶]، وتبعه السيّد الخوانساري(رحمهالله) في حاشيته على العروة.
۴. صحّة الصلاة فيما إذا كان حين الشروع عازماً على أداء التكليف الفعلي وامتثال ما في ذمّته، فصلاته صحيحة وإن نوى ظهراً. ذهب إليه المحقّق المؤسّس الحائري(قدسسره)[۷].
۵. صحّة الصلاة فيما إذا كان قاصداً لإتيان العصر قبل شروع الصلاة[۸].
۶. صحّة الصلاة فيما إذا رأى نفسه في صلاة العصر فعلاً وشكّ في نيّته لها من الأوّل. ذهب إليه المحقّق الخوئي(قدسسره)[۹].
۷. صحّة الصلاة، ولكن اللاّزم العدول إلى العصر. ذهب إليه الشيخ عليّ بن الشيخ باقر بن الشيخ محمّد حسن الجواهري(رحمهالله) في حاشيته على العروة[۱۰].
القول الأوّل: صحّة الصلاة مطلقاً
وقد استدلّ لها باُمور:
الأوّل: التمسّك بأصالة الصحّة
بمعنى: جريانها بالنسبة إلى ما مضى من الصلاة، والحكم بصحّتها ولزوم استمرارها عصراً[۱۱].
وقد اُورد عليه بوجوه:
الوجه الأوّل: أنّ هذا الأصل إنّما يجري بالنسبة إلى عمل الغير، ولا يجري في عمل المكلّف نفسه[۱۲].
وفيه: أنّا قد حقّقنا في محلّه[۱۳] أنّ هذا الأصل عامّ بالنسبة إلى عمل الغير وعمل المكلّف نفسه، ولا يختصّ جريانه في عمل الغير.
الوجه الثاني: أنّ هذا الأصل مثبت؛ وذلك من أجل أنّ اللاّزم في المقام صدور الأجزاء والشرائط عن قصد العصريّة، مع أنّ هذا الأصل لا يدلّ على نشو الأجزاء عن قصد العصريّة إلاّ على القول بالأصل المثبت[۱۴].
وفيه: أنّ اللاّزم إثبات الصحّة، وإثبات أصل وجود قصد العصريّة بهذا الأصل، ولا دليل على اعتبار شيء أزيد من ذلك.
وبعبارة اُخرى: ما ذهب إليه المحقّق العراقي(رحمهالله) من أنّ الشرط عبارة عن نشو الأجزاء عن قصد العصريّة ممّا لا دليل عليه. هذا، مضافاً إلى أنّه لو سلّمنا أنّ المعتبر هو ذاك الشرط لنقول نحن: بهذا الأصل نحرز هذا النشو؛ بمعنى: أنّه إذا قلنا بأنّ الأصل مفاده الصحّة، ولازم الصحّة صدور الأجزاء عن قصد العصريّة، فيوجد الإشكال من جهة الأصل المثبت.
وأمّا إذا أجرينا الأصل في نفس هذا العنوان؛ أي كون الأجزاء ناشئة عن قصد العصريّة، فلا إشكال حينئذٍ، فتدبَّر.
الوجه الثالث ـ وهو المهمّ ـ: أنّ جريان هذا الأصل متوقّفٌ على إحراز العنوان والموضوع، ومع عدمه لا مجال للجريان[۱۵].
وتوضيح ذلك: أنّا إذا أحرزنا أنّ شخصاً يُصلّي على الميّت، فإذا شككنا في أنّ هذه الصلاة صحيحة وموجبة لسقوطها عن الباقين، فتجري أصالة الصحّة. أمّا إذا لم يحرز أنّ هذا الشخص هل يصلّي أم لا، بل يحتمل أنّه يستغفر له؟ فلا تجري أصالة الصحّة، وفيما نحن فيه بما أنّا لم نحرز قصد العصريّة وعنوانها، فلا مجال لجريانها.
لا يُقال: إنّ قصد العصريّة شرط كسائر الشرائط ولا فرق بينهما، فكما أنّا إذا علمنا بوقوع نكاح وشككنا في وجود قصد الإنشاء، أو سائر الشرائط فنجري أصالة الصحّة، وأيضاً إذا علمنا بوقوع الصلاة وشككنا في وجود قصد القربة وعدمه، فنجري أصالة الصحّة، فليكن الأمر في قصد العصريّة هكذا.
لأنّا نقول: فرقٌ واضح بين قصد العصريّة، وسائر الشروط؛ فإنّه مقوّم لحقيقة الصلاة، كعنوان الفريضة والنافلة، بخلاف قصد القُربة؛ فإنّه ليس مقوّماً لحقيقة الصلاة. وقد مرّ[۱۶] أنّ الصلوات حقائق متبائنة، فحقيقة صلاة العصر مختلفة في عالم اعتبار الشارع عن حقيقة صلاة الظهر، والفرق بينهما كالفرق بين البيع والإجارة.
وعلى هذا في مفروض المسألة لا يصحّ جريان أصالة الصحّة؛ لعدم إحراز كون الصلاة من أوّل الأمر ظهراً أو عصراً، فتدبّر.
الثاني: التمسّك بقاعدة التجاوز
وبيان ذلك: أنّا حين الشكّ في أثناء الصلاة لا نعلم أنّ الصلاة من أوّل الأمر تكون ظهراً حتّى تقع باطلة، أو عصراً حتّى تقع صحيحة. وقاعدة التجاوز تدلّ على صحّة ما وقع من الصلاة من أوّل الأمر، وقد استدلّ بها المحقّق الإيرواني(رحمهالله)، والشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء(رحمهالله) في حاشيته على العروة[۱۷].
وقد اُورد عليه بوجوه:
الوجه الأوّل: أنّ هذه القاعدة إنّما هي جارية فيما إذا كان الشكّ في وجود جزء أو شرط، بخلاف قاعدة الفراغ؛ فإنّها تجري فيما إذا كان الشكّ في صحّة الموجود، وما نحن فيه ليس من القسم الأوّل، بل من الثاني. وعليه: لا مجال لجريانها[۱۸].
وفيه: أنّا قد أثبتنا في محلّه[۱۹] أنّ الفرق بين قاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ ليس هو ما ذهب إليه المشهور[۲۰]، بل الفرق بينهما إنّما هو في أنّ قاعدة التجاوز إنّما تجري فيما إذا كان الشكّ في أثناء العمل؛ من دون فرق بين أن يكون الشكّ في الوجود أو في الصحّة، وقاعدة الفراغ إنّما تجري فيما إذا كان الشكّ بعد تماميّة العمل.
وعليه: ففي ما نحن فيه لا إشكال لجريان قاعدة التجاوز من هذه الجهة.
الوجه الثاني: ما ذكره المحقّق العراقي(رحمهالله) في روائعه؛ من أنّ المعتبر في النيّة ليس مجرّد قصد العصريّة، بل اللاّزم نشو جميع الأجزاء عن هذا القصد، فلو قلنا بجريان قاعدة التجاوز في المقام لما كان صحيحاً إلاّ على القول بالأصل المثبت، وقد ثبت في محلّه عدم حجيّة مثبتات الاُصول العمليّة[۲۱].
ويرد عليه:
أوّلاً: لا دليل على اعتبار هذا الشرط في الصلاة، بل اللاّزم كون الصلاة مقرونة بقصد العصريّة، والزائد على ذلك لا دليل عليه.
وثانياً: الظاهر أنّ قاعدة التجاوز من الأمارات، والدليل على ذلك هي التعبيرات الواردة في أدلّة القاعدة.
وثالثاً: أنّا نجري القاعدة لا في الصحّة ولا في قصد العصريّة، بل في نشو الأجزاء عن قصد العصريّة، وبالنسبة إليه لا يكون أصلاً مثبتاً[۲۲].
الوجه الثالث: أنّ القاعدة تثبت الصحّة فقط، ولا تثبت وجود قصد العصريّة، واللاّزم في الصلاة إحراز كون الصلاة مقرونة بقصد العصريّة[۲۳].
وفيه: ما مرّ من أنّ القاعدة من الأمارات، وبها يثبت قصد العصريّة أيضاً. وبعبارة اُخرى: بهذه القاعدة يثبت كلّ جزء مشكوك أو شرط مشكوك، والروايات الواردة في قاعدة التجاوز تدلّ على أنّ الشاك في السجدة بالنسبة إلى الركوع قد ركع.
الوجه الرابع: أنّ اللاّزم في الصلاة ليس مجرّد قصد العصريّة، بل اللاّزم تشخّص الموجود بهذا العنوان، والقاعدة لا تصلح لإثباته[۲۴].
وفيه: أنّه لا دليل على اعتبار التشخّص، بل اللاّزم وجود قصد العصريّة. هذا، مضافاً إلى رجوع هذا الوجه إلى الوجه الثالث، فتدبّر[۲۵].
الوجه الخامس: ما ذكره المحقّق الخوئي(رحمهالله) في مستند العروة، كما ذكره في الدرر الغوالي وإن كان بينهما فرقٌ وتغاير؛ فقد صرّح في الأوّل بأنّ محلّ النيّة ليس خصوص ابتداء الصلاة، بل محلّها مجموع الأجزاء، فلا معنى للتجاوز، فقال في شرحه على العروة في وجه عدم جريان القاعدة:
ضرورة عدم كون النيّة من الأجزاء التي لها محلّ معيّن لتجري فيها القاعدة...، بل هي من أجل كونها ممّا به الامتياز، ومن قبيل الفصول المنوّعة للماهيّة ـ كما عرفت ـ منطبقة على تمام الأجزاء بالأسر انطباق العنوان على المعنون، والطبيعي على الفرد، فمحلّها مجموع الأجزاء، لا خصوص الابتداء وحالة الشروع في الصلاة كي يصدق التجاوز عنه[۲۶].
وقال أيضاً في الدرر الغوالي:
التحقيق في وجه البطلان أن يُقال: إنّه حيث يعتبر في جريان القاعدة صدق المضيّ والتجاوز عن المشكوك فيه، وهذا لا يتحقّق إلاّ بالدخول في الغير المترتّب، وليس الدخول في مطلق الغير كافياً في ذلك. ضرورة أنّ قوله(عليهالسلام): «إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء»، يدلّ على أنّه ليس الخروج عن المشكوك فيه إلاّ باعتبار التجاوز والخروج عن محلّه، وإلاّ فلا معنى للخروج عن نفسه بعد فرض الشكّ فيه، فلا يصدق الخروج عن المحلّ إلاّ بالدخول فيما هو مترتّبٌ عليه، وأن يكون له محلّ شرعاً، فما لم يكن للغير ـ الذي دخل فيه ـ محلّ شرعاً لا يكون خارجاً عن محلّ المشكوك فيه. فإذا عرفت ذلك فنقول: إنّ نيّة العصر والظهر كما يعتبر حدوثاً، كذلك يعتبر بقاءً بمعنى: لزوم اقتران تمام الأجزاء بها، فالشكّ في نيّة العصر مع عدم إتيانه بالجزء الذي شكّ فيه بتلك النيّة شكّ في المحلّ بالنسبة إليه، فليس مجرى للقاعدة[۲۷]، إنتهى كلامه.
والفرق بين التقريرين واضح؛ فإنّه في الأوّل يمنع عن جريان قاعدة التجاوز؛ من أجل أنّ قصد العصريّة ليس له محلّ معيّن، بل هو شرطٌ في جميع الأجزاء، وفي الثاني يمنع من أجل عدم صدق التجاوز والمضيّ، ومع عدم إتيان الجزء الذي شكّ فيه بنيّة العصريّة، فلا تجاوز ولا مضيّ ولا خروج عن المحلّ، بل من موارد الشكّ في المحلّ، فتدبَّر.
ونلاحظ فيه:
أوّلاً: أنّ قصد العصريّة له محلّ؛ وهو ابتداء الصلاة. نعم، يعتبر استمراره إلى آخر الصلاة، فما ذكره من عدم وجود المحلّ له ليس بتامّ.
وثانياً: لا يبعد أن يقال: إنّ اعتبار هذا الشرط ـ أي شرطيّة التجاوز عن المحلّ ـ إنّما هو بالنسبة إلى مورد الشكّ في الوجود. وأمّا مورد الشكّ في الصحّة، فلا يعتبر فيه هذا الشرط، وقد مرّ[۲۸] أنّ التحقيق جريان القاعدة في الشكّ في الوجود والصحّة معاً، ولا يختصّ بالشكّ في الوجود، كما عليه المشهور.
الوجه السادس: ما ذكره السيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره) من أنّ عدم جريان القاعدة من جهة عدم إحراز العنوان، وما لم يحرز عنوان العمل لا معنى لإلغاء الشكّ فيه، فما لم يحرز عنوان العصريّة لم يكن مجال للقاعدة، وإذا أردنا إحراز العنوان بالقاعدة، فلا يمكن إلاّ على وجه دائر[۲۹].
وتوضيح ذلك: أنّه كما يعتبر في جريان أصالة الصحّة إحراز العنوان، ويجب أن تحرز عنوان الصلاة على الميّت حتّى تجري أصالة الصحّة، كذلك يعتبر في جريان قاعدة التجاوز إحراز عنوان العصر، وإلاّ فلا معنى لجريانها، وفي ما نحن فيه نيّة العصريّة من مقوّمات الصلاة، ومن دون إحرازها لا صلاة أصلاً، وقلنا سابقاً[۳۰] بوجود الفرق بين نيّة العصريّة، وسائر الشرائط والأجزاء التي هي غير دخيلة في قوام الموضوع.
وهذا الإشكال متين قويٌّ جدّاً، وبذلك يثبت عدم جريان قاعدة التجاوز في هذا الفرض.
الثالث: التمسّك ببعض الروايات[۳۱]
فقد وردت روايات تدلّ بظاهرها على أنّ الصلاة وقعت على ما قام إليها، أو التي نوى لها، وأنّ قصد الخلاف لغوٌ لا يعتنى به، وهذه الروايات هي:
۱. محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة قال: في كتاب حريز أنّه قال: إنّي نسيتُ أنّي في صلاة فريضة حتّى ركعت وأنا أنويها تطوّعاً، قال: فقال(عليهالسلام):
هي التي قمت فيها، إن كنت قمتَ وأنت تنوي فريضة ثمّ دخلك الشكّ فأنت في الفريضة، وإن كنت دخلت في نافلة فنويتها فريضة فأنت في النافلة، وإن كنتَ دَخَلْتَ في فريضة ثمّ ذكرت نافلة كانت عليك، فامضِ في الفريضة[۳۲].
والرواية صحيحة، وإن كان الفرق موجوداً بين النقل عن نفس حريز الذي هو عن حسّ، والنقل عن كتاب حريز الذي هو عن حَدس. وقيل: إنّ كتاب حريز مشحون بفتاويه. ثمّ إنّ الرواية مضمرة، وليس حريز في الاعتبار على حَدّ زرارة حتّى يقال بحجيّة مضمراته، وأنّه لا ينقل إلاّ عن المعصوم(عليهالسلام)، وإضافة تعبير «عليه السلام» إنّما هو في نقل الوسائل فقط، ولم يؤت بها في الكافي والتهذيب.
۲. محمّد بن الحسن بإسناده عن العيّاشي، عن جعفر بن أحمد، عن عليّ بن الحسن، وعليّ بن محمّد جميعاً، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية قال:
سألتُ أبا عبد اللّه(عليهالسلام) عن رجلٍ قام في الصلاة المكتوبة فَسَها فظنَّ أ نّها نافلة، أو قام في النافلة فظنَّ أ نّها مكتوبة؟ قال: «هي على ما افتتح الصلاة عليه»[۳۳].
والرواية غير معتبرة، من جهة أنّ طريق الشيخ(رحمهالله) إلى العيّاشي فيه ضعف.
۳. محمّد بن الحسن بإسناده عن العيّاشي، عن حمدويه، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
سألته عن رجلٍ قام في صلاة فريضة فصلّى ركعة وهو ينوي أنّها نافلة، فقال: «هي التي قمت فيها ولها». وقال: «إذا قمت وأنت تنوي الفريضة فدخَلَكَ الشكّ بعدُ فأنتَ في الفريضة على الذي قمت له، وإن كنت دخلتَ فيها وأنت تنوي نافلة ثمّ إنّك تنويها بعدُ فريضة فأنت في النافلة، وإنّما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أوّل صلاته»[۳۴].
بيان الاستدلال
وجه الاستدلال: أنّ المستفاد من هذه الروايات أنّ الملاك في الصلاة هي النيّة التي قام إليها، وأنّ نيّة الخلاف ليست قادحة للصلاة، ففيما نحن فيه تيقّن بإتيان الظهر قبلاً وقام فعلاً للعصر، فإذا وقع له السهو في أثناء الصلاة فلا يضرّ، بل الملاك إنّما هي التي قام إليها.
ويرد عليه:
أوّلاً: أنّ مقتضى هذه الروايات أنّ الناوي للظهر في مفروض الكلام والبحث تصحّ صلاته عصراً؛ من أجل أنّ التي قام لها هي صلاة العصر وإن نوى ظهراً حين الشروع، مع أنّ هذا خلاف ما اتّفق عليه الفقهاء من بطلان الصلاة في هذا الفرض.
وثانياً: لا يستفاد من الروايات أنّ الملاك هي التي قام لها، بل قد صرّح فيها أنّ المراد ممّا قام لها هي التي نوى لها، فلذا قال في الرواية الاُولى: «إن كنت قمت وأنت تنوي فريضة». كما أنّه قد صرّح في الرواية الثالثة بأنّه «إنّما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أوّل صلاته».
الاستدلال بحديث «لا يعيد»
وقد استدلّ الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء(رحمهالله) في حاشيته على العروة بحديث «لا يعيد».
وهو ما ذكره الشيخ الطوسي(رحمهالله) عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر، عن حمّاد، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
سألته عن رجلٍ لم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثاً؟ قال: «يعيد»، قلت: أليس يقال: لا يعيد الصلاة فقيه، الحديث[۳۵].
والمستفاد من الرواية أنّ الإمام(عليهالسلام) قد تسلّم أصل الكبرى ولم يردّه، وبناءً عليه نتمسّك بإطلاق الكبرى في المقام ونقول بأنّه لا يصحّ إبطالها وإعادتها.
وبعبارة اُخرى: الإمام(عليهالسلام) إنّما صرّح بعدم جريانها في الشكّ في الركعات بين الاثنين والثلاث، والمفهوم منه جريانها في سائر الموارد، ومنها ما نحن فيه، ولا يبعد أيضاً إلغاء الخصوصيّة من الصلاة؛ بمعنى: أنّ المستفاد من الرواية أنّ الفقيه العارف بالأحكام لا يُعيد عمله؛ صلاةً كانت أو وضوءاً أو شيئاً آخر، كالحجّ وأمثاله، فتدبّر.
ونلاحظ فيه:
أوّلاً: أنّ التمسّك بالحديث في المقام من قبيل التمسّك بالعام في الشُّبهة المصداقيّة؛ لأنّه في المقام لا نعلم بأنّ هذه صلاة، أم لا.
وتوضيح ذلك: أنّه إذا كان ناوياً للعصر في الواقع فالعمل يقع بعنوان الصلاة الصحيحة، وإذا كان ناوياً للظهر فالعمل باطل ولا يصدق عليه الصلاة، فمع الشكّ لا نعلم أنّه صلاة، أم لا.
وثانياً: أنّ ذيل الرواية يدلّ على أنّ الاحتيال والتدبير فيه موجب لصحّة الصلاة[۳۶]، والمقصود أنّه ليس يحتال فيه من قِبَل نفسه، بل المقصود الاحتيال من خصوص الطرق الشرعيّة المذكورة، فمعنى الحديث: أنّ العالم بالأحكام الشرعيّة لا يُبطِل صلاته، بل يصحّحها من إحدى الطرق الشرعيّة.
فتبيّن من جميع ذلك عدم وجود مستند صحيح للقول بالصحّة مطلقاً، ولا يصحّ الالتزام بهذا القول جدّاً.
القول الثاني: وهو: أنّه إذا كان حال الدخول في الصلاة عازماً لأداء التكليف الفعلي فيصحّ وإن نوى خلافه، كما ذهب إليه السيّد عبد الهادي الشيرازي والمحقّق الحائري، فقالا: هذه الصلاة باطلة إلاّ أن يعلم من حاله أنّه حال دخوله في الصلاة كان عازماً لأداء ما في الذمّة، فيصحّ ما بيده مطلقاً وإن قصد ظهراً في نفس الأمر؛ لأنّه من باب الخطأ في التطبيق[۳۷].
وفيه:
أوّلاً: أنّ هذا القول خلاف المفروض؛ لأنّ المفروض أنّه لم يعلم حاله حال الدخول في الصلاة، ولم يكن بانياً على أداء التكليف الفعلي، وإلاّ فلا إشكال في صحّته في هذا الفرض.
وثانياً: أنّ المقام أجنبيّ عن باب الخطأ في التطبيق.
وتوضيح ذلك: أنّ هذا الباب فيما إذا كان أصل الامتثال أمراً محرزاً واشتبه لنا بعض الاُمور الخارجيّة، كالاقتداء إلى إمام عادل وتخيّل أنّه زيد فبانَ أنّه عمرو، وكمَنْ صامَ يوماً بعنوان يوم الجمعة فبانَ أنّه يوم السبت؛ فإنّ الامتثال في هذه الموارد يتحقّق وإن كان الخطأ واقعاً في تطبيق الامتثال على عنوان خارجيّ، فباب الخطأ في التطبيق إنّما هو في الاشتباه في الاُمور الخارجيّة التي لا دَخل لها في تحقّق الامتثال.
ولكن الاُمور التي تكون دخيلة في تحقّق الامتثال وعدمه خارجة عن مسألة الخطأ في التطبيق، وما نحن فيه من هذا القبيل؛ فإنّ قصد العصريّة من المقوّمات لتحقّق الامتثال، ومن دونه لا يتحقّق الامتثال.
ومن هذا البيان يظهر الخلَل في ما ورد في كلمات بعض الأعاظم من أنّ الروايات الواردة في باب النيّة ظاهرة في أنّ الصلاة على ما افتتح عليها، وأنّ المجعول هو الحكم بأنّ الصلاة المقصود بها عنوان من العناوين ـ من العصريّة والظهريّة والنافلة والفريضة ـ على ما افتتح عليها ولو قطع بقصد غيرها واحتمل الخطأ في التطبيق[۳۸]، إنتهى كلامه.
وأمّا وجه الخلل: أنّ الروايات آبية عن مسألة الخطأ في التطبيق، بل ظاهرة في أنّ قصد الخلاف ليس قادحاً للصلاة، بل هي على ما افتتح عليها وابتدأ بها.
القول الثالث: ما ذهب إليه السيّد المحقّق الخوئي(رحمهالله) من الصحّة فيما إذا رأى نفسه فعلاً في صلاة العصر، بخلاف ما إذا كان شاكّاً فعلاً، فلا تصحّ[۳۹]، والظاهر أنّ السيّد(قدسسره)قد سبقه في هذه الفتوى فقال:
لو شكّ فيما في يده أنّه عيّنها ظهراً أو عصراً مثلاً، قيل: بنى على التي قام إليها، وهو مشكل، فالأحوط الإتمام والإعادة، نعم، لو رأى نفسه في صلاة معيّنة وشكّ في أنّه من الأوّل نواها أو نوى غيرها، بنى على أنّه نواها وإن لم يكن ممّا قام إليه؛ لأ نّه يرجع إلى الشكّ بعد تجاوز المحلّ[۴۰].
فقال السيّد الخوئي(رحمهالله):
نعم، يتّجه الحكم بالصحّة استناداً إلى القاعدة المذكورة (قاعدة التجاوز) في صورة خاصّة؛ وهي: ما لو رأى نفسه فعلاً في صلاة العصر وشكّ في نيّته لها من الأوّل، فكان محرزاً لعنوان الجزء الذي بيده، وشاكّاً في عنوان الأجزاء السابقة؛ فإنّه يبني على وقوعها عصراً بمقتضى قاعدة التجاوز... فيرجع بالأخرة إلى الشكّ في وقوع ذات الجزء، وحيث قد تجاوز عن محلّه بالدخول في الجزء المترتّب؛ ـ وهو الذي بيده ـ فيبني ببركة القاعدة على الوقوع. وبعبارة اُخرى: الشكّ في اتّصاف الأجزاء السابقة بنيّة العصر لا ينقص عن الشكّ في أصل الإتيان الذي هو مورد لقاعدة التجاوز[۴۱]، إنتهى كلامه.
وملخّص مراده: أنّ الشكّ في صحّة الأجزاء السابقة بعنوان العصريّة يرجع إلى الشكّ في أصل الوجود؛ وهو مورد القاعدة.
ولكن يرد عليه: أنّه قد مرّ[۴۲] منه(قدسسره) أنّ نيّة العصريّة ليست لها محلّ معيّن، ولا معنى للتجاوز فيها، فنسأل أنّه إذا رأى نفسه فعلاً في حال العصر كيف يصحّح وجود محلّ معيّن للنيّة؟!
وبعبارة اُخرى: إذا لم يكن للنيّة محلّ معيّن، فلا فرق بين أن يرى نفسه فعلاً في حال العصر، أو لا يرى.
هذا، ولكن بعد المراجعة إلى كلامه في ذيل المسألة التاسعة عشرة[۴۳] يظهر أنّه(قدسسره)قد فرّق بين إجراء القاعدة في نيّة العصريّة، وبين إجرائها في الأجزاء السابقة، فيقول: إنّا إذا بنينا على إجرائها في أصل النيّة فلا مجال لها؛ لعدم وجود محلّ معيّن لها، ولكن إذا بنينا على إجرائها في الأجزاء السابقة، فيصحّ أن يفرّق بين ما إذا رأى نفسه فعلاً في صلاة العصر، وما إذا لم ير ذلك، فإذا شكّ في صحّة الأجزاء السابقة على هذا الجزء الذي يأتي بعنوان العصريّة، فتجري القاعدة من جهة رجوع الشكّ في الصحّة إلى الشكّ في أصل الوجود والإتيان.
ونلاحظ فيه:
أوّلاً: قد مرَّ منّا[۴۴] وجود إشكال سادس في جريان القاعدة، وكلام السيّد الخوئي(قدسسره) وإن كان يرتفع به إشكال المحلّ، ولكن لا يرتفع به الإشكال السادس؛ من أنّ قاعدة التجاوز كأصالة الصحّة تحتاج إلى إحراز عنوان الموضوع، فقبل إحراز عنوان العصريّة لا يمكن لنا إجراء القاعدة.
وثانياً: قد أثبتنا في محلّه[۴۵] بطلان إرجاع الشكّ في الصحّة إلى الشكّ في الوجود، فراجع.
القول الرابع: ما ذكره المحقّق العراقي وتبعه السيّد أحمد الخوانساري[۴۶] من لزوم الاحتياط في المقام، وهو يحصل إمّا بإتمام الصلاة والإعادة والاستئناف، فلا يجوز قطعها، بل اللاّزم الإتمام ثمّ الإتيان بالعصر. وإمّا بإعادة الأجزاء السابقة ثانياً بعنوان العصر قبل الإتيان بالمنافي وإتمامها عصراً، بناءً على جواز إقحام صلاة في صلاة من جهة السلام الذي هو كلام الآدميّين.
و استدلّ على ذلك بوجود علم إجماليّ بأحد الخطابين ـ أي الخطاب بحرمة قطع الصلاة إن كانت عصراً، والخطاب بلزوم الإعادة إن كانت ظهراً ـ وهذا العلم الإجمالي يقتضي الاحتياط.
وقد أورد عليه في متن كتاب الروائع:
بأنّ العلم الإجمالي إذا كان في أحد طرفيه أصلٌ مثبت للتكليف، وفي الطرف الآخر أصلٌ نافٍ له ينحلّ، والمقام كذلك؛ فإنّ أصالة الاشتغال تدلّ على لزوم الإعادة، وأصالة البراءة تدلّ على جواز القطع، فينحلّ العلم الإجمالي، فيجوز القطع وتجب الإعادة. ولكن ذهب في حاشية الكتاب إلى عدم الانحلال، واستدلّ بأنّه في ظرف جريان الاشتغال لا مجال للبراءة، كما أنّه في ظرف جريان البراءة لا مجال للاشتغال.
توضيح ذلك: أنّ أصالة الاشتغال تجري في مورد عدم قطع الصلاة، وإلاّ فمع القطع يعلم بوجود خطاب العصر ولا مجال للشكّ، ففرض الشكّ لجريان الاشتغال يتصوّر في مورد عدم قطع الصلاة. وأمّا البراءة، فهي تجري في فرض قطع الصلاة، وإلاّ فمع عدم القطع لا معنى للبراءة؛ حيث إنّها تجري فيما إذا توجد وتتصوّر مخالفة للتكليف الواقعي.
فبالنتيجة: فرض الاشتغال هو فرض عدم قطع الصلاة، وفرض البراءة هو فرض قطع الصلاة، فمورد الفرضين مختلف، فلا معنى لانحلال العلم الإجمالي؛ لأنّه في ظرف حلّ العلم لا معنى للبراءة، وفي ظرف لها معنى لم تجرِ قاعدة الاشتغال كي ينحلّ العلم، فلا مَحيص من الاحتياط بضمّ ركعتين وإتمامه عصراً، بناءً على جواز الصلاة في الصلاة من غير جهة السلام الذي هو كلام الآدمي، وإلاّ فلابدّ من الإتمام والتمام، فتدبّر[۴۷]. إنتهى كلامه.
والسيّد المحقّق الخوئي(رحمهالله) قد ذكر أمرين بالنسبة إلى ما في المتن:
الأوّل: أنّ هذا العلم الإجمالي غير منجّز؛ من أجل وجود الأصل المثبت للتكليف في أحد طرفيه، والأصل النافي للتكليف في الطرف الآخر.
الثاني: أنّ الدليل على حرمة قطع الصلاة هو الإجماع، والقَدر المتيقّن منه هي الصلاة التي تصلح لأنْ تكون مصداقاً للامتثال. وأمّا الصلاة التي تكون مشكوكة من هذه الجهة، فلا دليل على حرمة قطعها[۴۸].
وقد أورد المحقّق الخوئي والمحقّق الحائري بالنسبة إلى ما في الحاشية بإيرادات متعدّدة بعضها مشترك بينهما:
الإيراد الأوّل
أنّه لا مجال للبراءة في المقام، بل الأصل الجاري الموجِب لانحلال العلم الإجمالي إنّما هو استصحاب عدم قصد العصريّة، الذي لازمه الشرعي هو بطلان الصلاة، ولازمه أيضاً جواز قطعها ولزوم الاستئناف، فليس في البين أصلان حتّى يختلف مقتضاهما[۴۹].
وهذا الإيراد متينٌ جدّاً، ووجهه: أنّ الشكّ في جواز القطع وعدمه مسبّب عن الشكّ في وجود نيّة العصر وعدمه، ومع جريان الأصل في السبب لا مجال لجريانه في المسبِّب.
الإيراد الثاني
عدم وجود العلم الإجمالي في المقام؛ فإنّه يتصوّر فيما إذا قلنا بحرمة قطع الصلاة مطلقاً، مع أنّه لا دليل على حرمة القطع مطلقاً.
وبعبارة اُخرى: أنّ حرمة القطع موجودة فيما إذا تيقّن بقصد العصريّة، ومع عدم العلم لا وجه للحرمة.
وقال المحقّق الحائري(رحمهالله):
إنّ القدر المسلّم من وجود الدليل هو قطع الصلاة التي يمكن احتسابها في مقام الامتثال، لا مطلقاً[۵۰].
وهذا الإيراد غير وارد؛ لأنّه وإن كانت الحرمة منحصرة فيما إذا كانت الصلاة صحيحة، ولكن في تحقّق العلم الإجمالي لا يلزم وجود العلم بالصحّة، بل بحسب الواقع إن كانت الصلاة عصراً فلا يجوز قطعها، وإن كانت ظهراً تجب الإعادة، فالعلم الإجمالي بأحد التكليفين موجود في المقام.
الإيراد الثالث
ما ذكره المحقّق الحائري(رحمهالله) من عدم لزوم اتّحاد الفرضين لانحلال العلم الإجمالي، بل يكفي جريانهما في الانحلال ولو مع اختلاف الفرضين[۵۱].
وتوضيح ذلك: أنّ الملاك اتّحاد المورد وإن كان الفرضان في هذا المورد مختلفين، ففي أثناء الصلاة يشكّ في أنّها على ظهر أو عصر، فتجري الاشتغال في هذا المورد في فرض عدم القطع، وتجري البراءة في هذا المورد في فرض القطع.
ثمّ إنّه أمرَ بالتأمّل في كلامه، ووجهه ظاهراً من جهة أنّه مع وجود الاختلاف لا معنى لتقابلهما، ولا وجه لإيجاد العلم الإجمالي، ولا مجال للانحلال أيضاً.
الإيراد الرابع
ما ذكره أيضاً من أنّ الأصلين الَّذين يكونان مرجعاً في المقام هو استصحاب بقاء التكليف بالعصر، واستصحاب جواز فعل المنافي من الاستدبار والكلام وأمثالهما، وليس أحد الأصلين هو البراءة، والآخر هو الاشتغال.
الإيراد الخامس
ما ذكره السيّد المحقّق الخوئي(قدسسره) من عدم ارتباط المقام بمسألة جواز إقحام الصلاة في الصلاة؛ فإنّها في مورد يكون عنوان الظرف مستقلاًّ عن عنوان المظروف، كمَن اشتغل بصلاة الآيات في ضيق وقت اليوميّة، فيأتي باليوميّة في أثناء الآيات ثمّ يسلِّم، ثمّ يأتي ببقيّة الآيات، وفيما نحن فيه لم يكن عنوان الظرف مستقلاًّ، بل إذا لم ينوِ العصريّة من الأوّل تكون الأجزاء السابقة لغواً[۵۲].
فتبيّن من جميع ذلك عدم صحّة ما ذهب إليه العراقي(رحمهالله)، وظهر أيضاً إلى هنا بطلان القول بالصحّة مطلقاً، والقول بالصحّة مقيّداً.
رأي السيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره)
ففي التعليقة على العروة لم يعلِّق على كلام السيّد(رحمهالله) في هذا الفرض، وظاهره التسليم بالنسبة إلى البطلان، ولكن في كتاب الرسائل العشرة قد فصل بين الوقت المشترك والمختصّ، فذهب إلى البطلان في الوقت المشترك، ولكن في الوقت المختصّ بالعصر له صورتان.
وقد صرّح بأنّ الصور في المسألة ستّ وثلاثون؛ لأنّه لا يخلو إمّا أن يعلم أنّه صلّى الظهر، أو يعلم أنّه لم يصلِّ، أو يشكّ في ذلك. وعلى أيّ حال، إمّا أن يعلم أنّه لم يصلِّ العصر، أو يعلم أنّه صلّى، أو يشكّ فيه، وعلى أيّ حال، إمّا أن يحدث الشكّ بأنّ ما بيده ظهر، أو عصر في الوقت المختصّ بالظهر، أو العصر، أو في الوقت المشترك، وعلى فرض الحدوث في المختصّ بالعصر، إمّا يكون في وقت إذا ترك ما في يده يدرك ركعة من الوقت، أو لا.
ففي ما إذا علم بإتيان الظهر، ويشكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر، ويعلم بعدم إتيان العصر، ففي الوقت المختصّ بالعصر إذا كان الوقت متّسعاً، ويكون قادراً على ترك الصلاة وإتيان ركعة بعنوان العصر يجب القطع عقلاً والشروع بالعصر ولو ركعة واحدة؛ لأنّ من أدرك ركعة فقد أدرك الوقت جميعاً.
و أمّا إذا لم يكن الوقت متّسعاً، فالقاعدة تقتضي جواز قطع الصلاة؛ لأنّه لا يعلم أنّها مصداق الصلاة الصحيحة أم لا، ولكن في مقابلها يوجد أمران مانعان عن التمسّك بهذه القاعدة:
المانع الأوّل: وهو المانع العقلي؛ بمعنى: أنّ العقل يلزم إتيان الموافقة الاحتماليّة فيما إذا لم يمكن الموافقة اليقينيّة.
وتوضيح ذلك: أنّ الأمر متعلّق بطبيعة الصلاة في الوقت، واشتغلت ذمّة المكلّف بهذا العنوان، ولابدّ من البراءة اليقينيّة، ومع عدم إمكانها يحكم العقل بلزوم البراءة الاحتماليّة؛ لأنّ العقل لا يعذر العبد مع إمكان الموافقة الاحتماليّة للتكليف المنجّز.
ثمّ قال في آخر كلامه: ولا يبعد أن يكون أمثاله من قبيل الشكّ في القدرة ممّا يحكم العقل بلزوم الاحتياط.
المانع الثاني: وجود العلم الإجمالي بأنّه إمّا يجب عليه إتمام ما في يده، أو يجب القضاء عليه؛ فإنّ ما في يده إمّا صلاة العصر، فيجب إتمامها من غير توقّف على القول بحرمة القطع؛ فإنّ المصداق الذي بعدمه يفوت الوقت لا يجوز رفع اليد عنه عقلاً؛ سواء كان القطع حراماً أم لا، وإمّا صلاة الظهر، ففات وقت العصر بواسطة ضيق الوقت بمقدار عدم إدراك ركعة منه، فيجب عليه القضاء.
ثمّ إنّه(قدسسره) قد ضعّف الثاني بوجود الاستصحاب؛ فإنّ استصحاب عدم إتيان العصر يوجب الانحلال في العلم الإجمالي. وهذا مبنيّ على ما مرّ[۵۳] من أنّ أحد طرفي العلم الإجمالي إذا كان الأصل الجاري فيه مثبتاً للتكليف، والأصل الجاري في الطرف الآخر نافياً فينحلّ العلم الإجمالي.
ثمّ إنّه أجاب عن إشكال، وهو: أنّ موضوع القضاء هو الفوت، ومع استصحاب عدم الإتيان لا يثبت الفوت إلاّ على القول بالأصل المثبت.
فأجاب(قدسسره) بأنّ موضوع القضاء حسب ما يستفاد من الروايات ليس هو الفوت، بل هو عدم إتيان الصلاة في الوقت، مضافاً إلى عدم الفرق بينهما، وبالجملة: مع هذا الاستصحاب ينحلّ العلم الإجمالي، فيبقى المانع العقلي[۵۴].
ونلاحظ فيه:
أنّه مع جريان الاستصحاب لا مجال أيضاً لهذا المانع العقلي؛ فإنّ موضوع حكم العقل بلزوم إتيان الموافقة الاحتماليّة يكون فيما إذا لم يدلّ دليل على عدم اعتباره، ولم تقم حجّة عليه. وأمّا مع قيام الحجّة على عدم اعتبار الموافقة الاحتماليّة، فلا أثر لحكم العقل.
وبالنتيجة: ما ذهب إليه(قدسسره) من التفصيل بين كون المشكوك في الوقت المشترك، وبين كونه في الوقت المختصّ صحيح، ولكن ما ذكره من أنّه في الوقت المختصّ إذا كان الوقت غير واسع لإدراك ركعة، يجب عليه الإتمام من جهة لزوم الموافقة الاحتماليّة، غير تامّ، بل الاستصحاب حاكم ويدلّ على عدم إتيان العصر، فلا يجب الإتمام، بل يجوز قطعه.
إلى هنا قد تمّ الكلام في ما إذا تيقّن بإتيان الظهر.
الفرض الثاني: ما إذا كان متيقّناً بعدم إتيان الظهر أو شاكّاً في ذلك
وأمّا إذا كان متيقّناً بعدم إتيان الظهر، أو كان شاكّاً في ذلك، فما هو الحكم؟
واللاّزم البحث في الفرضين:
الفرض الأوّل: ما إذا كان متيقّناً بعدم إتيان الظهر، وفيه ثلاثة أقوال:
الأولى: لزوم العدول إلى الظهر، كما صرّح به السيّد(رحمهالله) في العروة وكثير من المحشّين[۵۵].
الثانية: التفصيل بين الوقت المشترك والمختصّ، ففي الأوّل: يجب العدول إلى الظهر، وفي الثاني: تكون الصلاة باطلة، واللاّزم الإتيان بقضاء الظهر وقضاء العصر، ذهب إليه الشيخ محمّد رضا آل ياسين(رحمهالله) في حاشيته على العروة[۵۶].
الثالثة: نفس القول السابق مضافاً إلى التفصيل في الوقت المختصّ بين أن يكون الوقت واسعاً لإتمام الظهر وإدراك ركعة، فيجب إتمامه ظهراً ثمّ الإتيان بالعصر، وإذا كان واسعاً لإتيان ركعة فقط يجب قطعها وإتيان العصر أداءً. وأمّا إذا لم يكن واسعاً لإدراك ركعة، فالاحتياط يقتضي الإتمام وفقاً لحكم العقل، ويأتي بالظهر والعصر قضاءً وإن كان رفع اليد مطلقاً ليس خالياً عن الوجه، ذهب إليه السيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره)[۵۷].
كلام المحقّق العراقي(رحمهالله) في المقام
ذهب المحقّق العراقي(رحمهالله) إلى أنّه لا بأس بالعدول إذا قلنا بعدم حرمة قطع الصلاة. وأمّا إذا قلنا بحرمة قطعها، فيجب العدول عدولاً رجائيّاً[۵۸]، وتبعه في هذا التعبير السيّد الحكيم(رحمهالله) في مستمسكه[۵۹]، وقد عبّر السيّد الخوئي(رحمهالله) بالعدول التقديري[۶۰].
والمراد من هذه التعابير: أنّ العدول الواقعي والحقيقي متصوّر فيما إذا كان عنوان المعدول عنه محرزاً، وفيما نحن فيه يكون مشكوكاً، ولكن بما أنّه لم يخرج عن أحد أمرين: إمّا أن يكون ناوياً للعصر في أوّل الصلاة، فيتحقّق العدول في الواقع. وإمّا أن يكون ناوياً للظهر من أوّل الأمر، فلا يتحقّق العدول.
الدليل على لزوم العدول
فقد صرّح المحقّق العراقي(رحمهالله) بأنّ المستند في المقام ما ورد من النصوص[۶۱] في باب العدول من اللاّحقة إلى السابقة، ومن الفريضة إلى النافلة، وهذه الروايات كاشفة عن كفاية قصد عنوان الظهريّة مثلاً في اختتام الصلاة وإتمامها ولو في هذه الموارد المخصوصة، فالمستفاد من هذه الروايات عدم اعتبار النيّة الابتدائية، بل الملاك هي النيّة الانتهائيّة، فإذا كان قاصداً للنافلة في السجدة الثانية من الركعة الثانية فيحسب نافلة وإن كان ناوياً للفريضة من أوّل الصلاة.
ثمّ إنّه ذكر أنّ قضيّة الروايات التي تدلّ على أنّ الصلاة على ما افتتحت أوّلاً، وظاهرة في أنّ الصلاة لابدّ وأن تقع على عنوان قصديّ حين افتتاحها، هي عدم كفاية القصد في إتمامها، ومن أجل ذلك لابدّ أن نلتزم بأنّ العدول خلاف هذه الروايات، وخلاف القاعدة المستفادة منها، ولذا يقتصر على العدول حين العمل. وأمّا بعده وإن كان بعض النصوص دالّة على جوازه، ولكنّه من جهة إعراض الأصحاب عنه غير موثوقٌ به.
ثمّ قال في آخر كلامه:
نعم، لولا الإطلاق السابق بضميمة إطلاق كلمات الأصحاب في قصديّة الصلوات بتمامها، لكان الأصل وافياً لإثبات كفاية مجرّد قصد عنوانها ولو إتماماً، ومقتضاه كون الأصل على جواز العدول إلاّ ما خرج، ولكن لا يكاد انتهاء النوبة إلى هذا الأصل، كما هو ظاهر[۶۲]. إنتهى كلامه.
أقول:
أوّلاً: إذا كان المستند في العدول هي الروايات الدالّة على العدول، فيلزم أن يكون العدول حقيقيّاً لا رجائيّاً. وعليه: فلا وجه لما ذكره من العدول الرجائي إلاّ أن يكون مراده من العدول هو العدول التقديري.
ولا يذهب عليك أنّ عنوان العدول ليس له خصوصيّة وموضوعيّة، ولا يستفاد من الروايات الواردة لزوم قصد العدول، ولأجل ذلك لا يلزم قصد العدول، بل اللاّزم أن يجعل الباقي ظهراً، وبذلك يتحقّق العدول، ولعلّه المراد من العدول الرجائي أو التقديري.
وثانياً: يمكن أن يقال بأنّ الروايات دالّة على خصوص العدول الحقيقي، ولا تشمل العدول التقديري؛ وذلك من جهة أنّ العدول على خلاف الأصل والقاعدة، فيجب الاقتصار على مورده؛ وهي الصلاة التي يكون الشخص عالماً بشروعها بنيّة اللاّحقة مثلاً، وفي الأثناء يتذكّر بعدم إتيان السابقة، وهذا بخلاف ما نحن فيه؛ فإنّ المصلّي من أوّل العصر لا يعلم بأيّة نيّة شرعها، ونحن لا نعلم أنّ العدول في هذه الصورة أيضاً مشروع، أم لا.
وثالثاً: أنّ ما ذكره من أنّا نستفيد من الروايات التي تدلّ على أنّ الصلاة على ما افتتحت، أنّ العدول على خلاف الأصل، غير تامّ جدّاً؛ فإنّ هذه الروايات أجنبيّة عن العدول وعدمه، وموردها فيما إذا كان الشخص ناوياً للفريضة مثلاً من ابتداء الصلاة، وفي أثناء الصلاة يتخيّل أنّه نوى النافلة فيجعلها نافلة، فتدلّ الروايات على لغويّة القصد الثاني، وأين هذا من العدول؟! وأين الإطلاق الدالّ على المقام؟!
ورابعاً: أنّ ما ذكره من أنّ المستفاد من روايات العدول هو: أنّ الملاك اعتبار القصد في إتمام الصلاة، ليس على ما ينبغي، ولا يمكن الالتزام باستفادة هذا الملاك من هذه الروايات.
ومع ذلك كلّه فالظاهر أنّه لا ريب في لزوم العدول في المقام وعدم جواز قطع الصلاة، والمستند هي الروايات الواردة في العدول، والمقام من مصاديقها على بعض الفروض، ففي فرض أنّه نوى في الواقع عصراً إذا جعلها ظهراً يتحقّق العدول واقعاً، وهذا المقدار يكفي في الاستدلال بهذه الروايات.
كلام السيّد المحقّق الفذّ الإمام الخميني(قدسسره)
ثمّ إنّه قد فصّل في المقام بين وقوع الصلاة في الوقت المشترك، فصرّح فيه بلزوم العدول، وبين وقوعها في الوقت المختصّ بالظهر، فذهب إلى بطلان العدول إذا قلنا بأنّ الإتيان بصلاة اُخرى في الوقت المختصّ، بمعنى وقوعها في خارج الوقت. وأمّا إنْ قلنا بأنّه مع دخول الوقت، فقد دخل وقت الصلاتين، فوقوع العصر في الوقت المختصّ ليس بمعنى وقوعها خارج الوقت، ويمكن تصحيحها بالعدول إلى الظهر.
وبين وقوعها في الوقت المختصّ بالعصر، فلا يجوز العدول بلا إشكال؛ لتقدّم حقّ العصر على الظهر، فحينئذٍ إنْ أمكَن إدراك ركعة من الوقت لو رفع اليد عمّا في يده، يجب، وإن لم يمكن فالاحتياط يقتضي الإتمام ثمّ الإتيان بقضاء الظهر وقضاء العصر معاً[۶۳].
ونلاحظ فيه بالنسبة إلى الفرض الثاني: أنّه مع فرض جواز العدول يجعل الصلاة في الوقت. نعم، فيما لا مجال للعدول ـ كمَن يعلم بعدم إتيان الظهر ونوى العصر عمداً في الوقت المختصّ ـ لا يجوز العدول في هذا الفرض، ولكن إذا قلنا بإمكان العدول فنفس العدول يجعله داخل الوقت.
وبعبارة اُخرى: إنّ أدلّة العدول ليست مختصّة بإتيان الصلاة في الوقت المشترك، بل إطلاقها يشمل ما إذا أتى بصلاة العصر في الوقت المختصّ.
فما ذكره(قدسسره) صحيح بالنسبة إلى الوقت المشترك والوقت المختصّ بالعصر. وأمّا ما ذكره بالنسبة إلى الوقت المختصّ بالظهر، فليس بتامّ.
جواز البناء على ما قصده أوّلاً، وعدمه
ثمّ إنّ في المقام احتمالاً آخر غير العدول؛ وهو القصد على ما قصده أوّلاً من دون أن يجعله ظهراً؛ فإنّه بناءً على هذا القصد أيضاً إذا قصد في الواقع من أوّل الأمر عنوان الظهر، فالباقي أيضاً يوجد بهذا العنوان.
ولكن لا يخفى ما فيه من عدم حصول البراءة اليقينيّة من هذا الطريق.
عدم جريان قاعدة التجاوز في فرض الشكّ في إتيان الظهر
ولا يذهب عليك أنّه لا تجري قاعدة التجاوز لإثبات أنّ ما سبقه من الأجزاء يكون ظهراً، كما أنّه في الفرض الذي تيقّن بإتيان الظهر لا تجري القاعدة، ففي هذا الفرض أيضاً هكذا. والدليل ما مرّ[۶۴] من عدم جريان القاعدة في العناوين المقوّمة، فتدبّر.
هذا، مضافاً إلى أنّه لو سلّمنا جريان القاعدة، فهي مفيدة للصحّة بالنسبة إلى ما سبق. وأمّا بالنسبة إلى الأجزاء الآتية، فلا تكون مفيدة، بل يجب العدول إلى الظهر لكي تقع ظهراً، فأدلّة العدول كما أنّها مصحّحة للسابق، كذلك مصحّحة للأجزاء الآتية.
ثمّ إنّ في مورد الشكّ في إتيان الظهر يجري استصحاب عدم إتيان الظهر، وهذا من جهة الحكم في المقام نظير اليقين بعدم إتيان الظهر، فمع الاستصحاب يصحّ القول بالعدول في المقام إلى الظهر.
المناقشة في الاستصحاب
وقد أورد المحقّق الشيخ مرتضى الحائري(قدسسره)على جريان الاستصحاب بإيرادات:
الإيراد الأوّل: أنّ مقتضى الاستصحاب لزوم العدول، مع أنّ في المقام أصلاً آخر وهو الاحتياط، وهو لا يوجب العدول في المقام، بل المحصّل منه الإتيان رجاءً بما هو مطلوب عند اللّه؛ فإنّ المحتمل بحسب الواقع ثلاثة:
الأوّل: أنّه في الواقع لم يأت بالظهر، ومع هذه النيّة الرجائيّة يستمرّ الظهر واقعاً.
الثاني: أنّه قد أتى بالظهر، وهذه الصلاة إذا كانت قد نوى من أوّل الأمر ظهراً يكون باطلاً من حيث إنّه ظهر بعد الظهر.
الثالث: أنّه قد أتى بالظهر بحسب الواقع، وفي هذه الصلاة قد أتى بحسب الواقع من أوّل الأمر بنيّة العصر، فيستمرّ عصراً.
والجمع بين هذه الاحتمالات الثلاثة أن يأتي رجاءً بهذه الصلاة المشكوكة بنيّة ما هو مطلوب عند اللّه، فبناءً على هذا الإيراد يكون الاحتياط ممكناً في المقام ولا ينافي الاستصحاب.
الإيراد الثاني: لزوم الاحتياط في المقام بمقتضى العلم الإجمالي؛ فإنّه يعلم إجمالاً إمّا بوجوب قصد الظهر أو قصد العصر، أو القطع والإتيان بالعصر، ومقتضى منجّزيّة العلم الإجمالي أن يأتي بهذه الصلاة برجاء ما هو مطلوب عند اللّه.
ولا يقال: إنّ استصحاب عدم إتيان الظهر موجب لانحلال العلم الإجمالي؛ من جهة أنّ هذا الأصل مثبت للتكليف.
لأنّا نقول: إنّ الاستصحاب محكومٌ لقاعدة التجاوز، ومع جريان القاعدة في أثناء الصلاة وإثبات أنّه عصر لا مجال للاستصحاب، وتوضيح جريان القاعدة: أنّه يحتمل في الواقع أن يكون قد نوى عصراً، فلو قصد العصر من أوّل الأمر وشكّ في إتيان الظهر قبلها لتجري قاعدة التجاوز، وهي حاكمة على استصحاب عدم إتيان الظهر.
نعم، التحقيق يقتضي عدم جريان هذه القاعدة؛ لأنّ دليل الحاكم يجب أن يكون محرزاً، وفي المقام جريان القاعدة مبنيّ على الاحتمال؛ وهو احتمال نيّة العصر من أوّل الصلاة، ومع عدم هذه النيّة بحسب الواقع لا تجري القاعدة[۶۵].
ملاحظة على الإيرادين
وهي: أنّه مع إمكان العدول إلى الظهر بنحوٍ معيّن لا يصحّ أن ينوي نيّة اُخرى حتّى نيّة ما هو المطلوب عند اللّه، أو برجاء ما هو المطلوب عند اللّه. وقد تأمّل بعض أعاظم المحقّقين في صحّة النيّة الرجائيّة في العبادات في مباحثه العلميّة؛ وإن كان قد أفتى بصحّتها في تعليقته على العروة، كالمحقّق النائيني(رحمهالله)[۶۶]، والظاهر أيضاً من روايات العدول عدم جواز نيّة اُخرى حتّى النيّة المطلقة المطلوبة.
التقسيم الذي بيّنه السيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره) في المقام
وقد ذكر تقسيماً في المقام لم يُرَ في سائر الكلمات؛ وهو: أنّ هذا الشاكّ إمّا أن يعلم بوقوع صلاة العصر، أو يعلم بعدمه، أو يشكّ[۶۷]. وما ذكره السيّد في العروة إنّما هو في فرض العلم بعدم وقوع صلاة العصر، ومع قطع النظر عن هذا الفرض ينحصر البحث في الفرضين الآخرين:
الفرض الأوّل: أن يعلم بتحقّق الظهر ويشكّ فيما هو بيده أنّه ظهر أو عصر، مع الشكّ في وقوع العصر وعدمه، فقد ذكر(قدسسره) أنّه لا مجال للعدول في المقام؛ لوقوع الظهر يقيناً، ومعه لا معنى لعدوله إلى الظهر، كما أنّه لا يمكن تصحيح هذه الصلاة بعنوان العصر؛ لعدم جريان قاعدة التجاوز في المقام.
نعم، في ضوء ما ذكره السيّد الخوئي من أنّه إذا رأى نفسه في صلاة العصر فعلاً تجري القاعدة[۶۸]، تصحّ بعنوان صلاة العصر، كما أنّه في ضوء ما ذكره الشيخ المحقّق المؤسِّس الحائري(قدسسره) من أنّه إذا كان قد نوى في أوّل الصلاة أن يأتي بوظيفته الفعليّة فيصحّ من جهة الخطأ في التطبيق، تصحّ أيضاً صلاته[۶۹]، ولكن قد سبق[۷۰] منّا بطلان كلا المَبْنَيَيْن، فهذه الصلاة لا تقع بعنوان العصر، فتبطل إذا كان في الوقت المشترك. وأمّا بالنسبة إلى وقوعه في الوقت المختصّ، فيجري ما تقدّم سابقاً، فراجع[۷۱].
الفرض الثالث: أن يعلم بعدم تحقّق الظهر، ويشكّ فيما هو بيده أنّه ظهر أو عصر مع الشكّ في تحقّق العصر وعدمه؛ فقد ذكر السيّد الإمام الخميني(قدسسره) أنّ اللاّزم العدول إلى الظهر من جهة استصحاب عدم إتيان العصر، الذي هو موجبٌ لتحقّق موضوع العدول، فهنا أمران: وجدانيّ وتعبّدي، أمّا الوجداني، فهو العلم بعدم وقوع الظهر. وأمّا التعبّدي، فمن ناحية استصحاب عدم إتيان العصر. وبهذين الأمرين يتشكّل موضوع العدول.
ومن هذا الفرض يظهر الحكم في الفرض الثالث؛ وهو فيما إذا كان بالنسبة إلى إتيان الظهر شاكّاً، فهو موجد لموضوع العدول بأمرين تعبّديّين: وهما استصحاب عدم إتيان الظهر، واستصحاب عدم إتيان العصر[۷۲].
الفرض الرابع: مَنْ تيقّن بإتيان العصر، فهو أيضاً على ثلاثة أقسام:
الأوّل: مَنْ تيقّن بالعصر وأيضاً تيقّن بالظهر، فالصلاة المشكوكة في هذا الفرض باطل بلا إشكال.
الثاني: مَنْ تيقّن بالعصر مع الشكّ في إتيان الظهر، فالصلاة المشكوكة لا مجال للعدول فيها؛ لأنّ موضوع العدول هو الورود في الصلاة الصحيحة عصراً، ومَن تيقّن بالعصر لا مجال له؛ للورود الصحيح عصراً في هذه الصلاة المشكوكة، فلا مورد للعدول، كما أنّه لا مجال للتصحيح ظهراً[۷۳].
وما ذكره(قدسسره) من القسمين في هذا الفرض متين جدّاً، وإن تأمّلنا في مجلس البحث والتدريس من جهة أنّه يمكن أن يقال: إنّ التصحيح ظهراً لا يتوقّف على العدول، ويمكن تصحيحه من جهة الظهر التقديري، فتدبّر وتأمّل. والإنصاف: صحّة ما ذهب إليه.
هذا تمام الكلام في الفرع الأوّل من الفروع؛ وهو الشكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر.
الفرع الثاني
ما إذا كان الشكّ في أنّ ما بيده مغرب أو عشاء، فقال السيّد الماتن في المتن تبعاً للسيّد في عروته[۷۴]:
إنّ هذا أيضاً ملحق بالفرع السابق، إلاّ أنّ مورد جواز العدول هو فيما إذا لم يدخل في ركوع الرابعة. وأمّا إذا دخل في الرابعة فقد بطلت صلاته.
وقد حقّقنا في الفرع السابق[۷۵] أنّه لا فرق بين ما إذا رأى نفسه فعلاً في صلاة العشاء وعدمه، وبين ما إذا نوى في أوّل الصلاة الإتيان بوظيفته الفعليّة وما هو في ذمّته، وعدمه.
وقد ذهب إليه المحقّق العراقي(رحمهالله) في روائعه، فقال:
إنّه بعد الدخول في الركعة الرابعة لا مجال للعدول إلى المغرب، كما أنّه لا مجال لتصحيحه عشاءً[۷۶].
كما أنّ المحقّق الإيرواني(رحمهالله) قد استشكل في وقوعه عشاءً[۷۷].
هذا، ولكن المحقّق النائيني(رحمهالله)[۷۸] قد خالفهم في هذا الفرض فيما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة، بناءً على ما سلكه في مورد آخر، من أنّه إذا نوى من أوّل الأمر نيّة العشاء، وتذكّر بعد ركوع الرابعة بأنّه لم يأتِ بالمغرب، فيسقط لزوم الترتيب في هذا الفرض، ويصحّ تتميمه عشاءً، ثمّ يأتي بالمغرب؛ فإنّ المضرّ بصحّة الصلاة هو الإخلال في الترتيب عمداً.
وأمّا الإخلال السهوي، فلا يضرّ من جهة حديث «لا تعاد»[۷۹]، ففي المقام يصحّ جريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الأجزاء السابقة وجعلها عشاءً، وبالنسبة إلى البقيّة يتمّم عشاءً ويسقط الترتيب في هذا الفرض.
وقد خالفه السيّد المحقّق الخوئي(قدسسره) بأنّ المستفاد من أدلّة الترتيب لزوم رعاية الترتيب في جميع الأجزاء لا في بعضها.
وبعبارة اُخرى: يجب أن يوجد الظهر تماماً من أوّله إلى آخره قبل العصر؛ والمستفاد من قوله(عليهالسلام): «إلاّ أنّ هذه قبل هذه»[۸۰] ذلك. وحديث «لا تعاد» وإن كان موجباً لسقوط الترتيب بالنسبة إلى الأجزاء السابقة قبل الشكّ، ولكن بالنسبة إلى الأجزاء الآتية لا دَخل له؛ لسقوط الترتيب فيها؛ فإنّ الإخلال بالنسبة إلى الباقي إخلالٌ عمدي.
وبالجملة: في قِبال أدلّة الترتيب يكون حديث «لا تعاد» حاكماً بالنسبة إلى الأجزاء السابقة، بخلاف بقيّة الأجزاء[۸۱].
والسيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره) قد وافق المحقّق النائيني(رحمهالله) في المقام، وقال:
ولو قلنا بأنّ الترتيب بعد الدخول في الرابعة ساقط لحديث «لا تعاد» كان له وجه؛ وذلك لأنّ قوله(عليهالسلام) في إفادة الترتيب: «إنّ هذه قَبلَ هذه» ظاهر في أنّ الترتيب لُوحِظ بين الماهيّتين لا أجزائهما، ومع الدخول في المتأخّر سهواً يمضي زمان الإتيان بالترتيب[۸۲]. إنتهى كلامه.
أقول: موافقته(قدسسره) مع النائيني(رحمهالله) في المقام صحيحة جدّاً، وإن كان ما ذكره من أنّ الترتيب لوحظ بين الماهيّتين لا أجزائهما قابلاً للمناقشة؛ فإنّ الظاهر العرفي والمتفاهم منه أنّ كلّ جزء من أجزاء الظهر مثلاً لابدّ أن يوجد قبل كلّ جزء من أجزاء العصر، فما استظهره السيّد الخوئي(رحمهالله) صحيح، ولكن ما ذكره من التفكيك في المقام بأنّ حديث «لا تعاد» إنّما يصحّح الأجزاء السابقة لا اللاّحقة ركيكٌ جدّاً.
وبعبارة اُخرى: هذا الحديث إمّا أن يجري في هذه الصلاة، فيحكم بسقوط الترتيب في مجموع الصلاة. وإمّا أن لا يجري، فلا تعرّض له حتّى بالنسبة إلى الأجزاء السابقة، فتدبّر.
مسألة ۲ ـ لو علم بعد الصلاة أنّه ترك سجدتين من ركعتين ـ سواء كانتا في الأوّلتين أو الأخيرتين ـ صحّت، وعليه قضاؤهما وسجدتا السهو مرّتين، وكذا إن لم يدر أنّهما من أيّ الركعات بعد العلم بأنّهما من ركعتين، وكذا إن علم في أثنائها بعد فوت محلّ التدارك.
۱ ـ لو علم في أثناء الصلاة بعد الورود في الركعة الاُخرى وتحقّق الركوع، أنّه ترك السجدتين من ركعة واحدة، فلا إشكال في بطلان الصلاة، إنّما الكلام فيما لو علم بترك سجدتين ولكن لا من ركعة واحدة بل من ركعتين، وهما إمّا أن تكونا من الأوّلتين أو الأخيرتين أو مختلفتين أو غير معلومتين، كما أنّ حدوث العلم إمّا أن يكون بعد الصلاة، أو يكون في أثنائها، وأيضاً حدوث العلم إمّا أن يكون بعد وقوع المنافي العمدي أو السهوي أو قبله، فللمسألة فروض متعدّدة لابدّ من البحث عنها:
الفرض الأوّل: إذا علم بعد الصلاة بترك سجدتين، وعلم بأنّ كلتيهما من غير الركعة الأخيرة مع عدم وقوع المنافي. والماتن ـ قدّس سرّه الشريف ـ تبعاً للسيّد اليزدي(رحمهالله) في العروة[۸۳] قد أفتى باُمور ثلاثة: الصحّة، ولزوم القضاء، ولزوم سجدتي السهو مرّتين.
أقول: لا ريب في صحّة الصلاة في هذه الصورة تمسّكاً بقاعدة «لا تعاد»؛ فإنّ المستفاد منها أنّ لزوم الإعادة إنّما هو في الخمسة، وما نحن فيه ـ أي ترك سجدتين من ركعتين ـ ليس منها، بل المراد من السجود في الخمسة المذكورة في الرواية[۸۴] هي مجموع السجدتين من ركعة واحدة، كما هو واضح في محلّه.
ويمكن أن يستدلّ للصحّة بالروايات[۸۵] التي تدلّ على أنّ السجدة الواحدة المنسيّة يجب القضاء فيها بعد الصلاة، والروايات وإن كان موردها هي السجدة الواحدة، ولكن يستفاد منها عدم الفرق بينها وبين سجدتين بل سجدات ثلاثة؛ فمن نسي السجدة الواحدة حتّى يركع في الركعة الثانية ثمّ نسي السجدة الأخيرة من الركعة الثانية حتّى يركع في الثالثة ثمّ نسي السجدة الأخيرة من الثالثة حتّى يركع في الرابعة يجب عليه قضاء ثلاثة سجدات.
ومن الروايات صحيحة أبي بصير؛ وهي ما رواه الصدوق بإسناده عن ابن مسكان[۸۶]، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه(عليهالسلام) عمّن نسي أن يسجد واحدة فذكرها وهو قائم؟ قال:
يسجُدها إذا ذكرها ما لم يركع، فإن كان قد ركع فليمضِ على صلاته، فإذا انصرف قضاها وليس عليه سهو[۸۷].
فهذه الرواية تدلّ على أنّ نسيان السجدة الواحدة في ركعة من الركعات لا يكون موجباً للبطلان، والظاهر عدم وجود خصوصيّة للسجدة الواحدة، بل الملاك والضابط أنّ المصلّي إذا ذكرها ما لم يركع في الركعة الاُخرى يجب عليه العود والسجدة، وإذا ركع فليمضِ على صلاته ويجب القضاء بعد الصلاة.
هذا بالنسبة إلى صحّة الصلاة، وأمّا لزوم القضاء، فأيضاً مستفاد من الرواية المذكورة وسائر الروايات التي تدلّ على لزوم القضاء في السجدة المنسيّة.
ثمّ إنّ الظاهر عدم الفرق بين وقوع المنافي بعد الصلاة وعدمه، كما هو المستفاد من العروة[۸۸]، وأيضاً من المتن. نعم، قد يحتمل أنّ نسيان السجدة في الصلاة موجبٌ لأنْ يصير قضاؤها متمّماً للصلاة، وفي هذا الفرض لا يكون السلام محلّلاً، بل المخرج والمحلِّل هي السجدة المقضيّة، وبناءً على ذلك يكون المنافي واقعاً في أثناء الصلاة، وإذا كان صادراً عن عَمد فهو موجب لبطلانها.
هذا، ولكن هذا الاحتمال لا يخرج عن حَدّ الاحتمال، ولا يعتنى به أبداً، ويدفعه الأدلّة الدالّة على أنّ السلام محلِّل مطلقاً[۸۹]، كما أنّ الأدلّة الدالّة على قضاء السجدة[۹۰] تدلّ على إتيانها قضاءً؛ بمعنى: أنّها ليست جزءاً حقيقيّاً للصلاة.
وأمّا سجدتي السهو مرّتين، فمبنيّ على لزوم سجدتي السهو في السجدة المنسيّة؛ بمعنى: أن نلتزم بأنّ السجدة المنسيّة من الأسباب التي توجب سجدتي السهو، كما ذهب إليه المشهور[۹۱]، وحيث إنّ مستند المشهور غير نقيّ من الإشكال سنداً ودلالةً، بل الإطلاق المقامي في صحيحة أبي بصير المتقدّمة[۹۲] يدلّ على عدم وجوبهما، فالظاهر عدم الدليل على الوجوب، كما مالَ إليه السيّد الخوئي(رحمهالله)[۹۳].
نعم، لم يستدلّ بالإطلاق المقامي، بل استدلّ عليه ـ مضافاً إلى أصالة البراءة عن الوجوب ـ بقوله(عليهالسلام): «وليس عليه سهو».
وقال: وقد حملها الشيخ على أنّ المراد أنّ هذا خارج عن حَدّ السهو؛ لأنّه قد ذكر السجدة الفائتة وقضاها، فلا ينافي الحكم بوجوب سجدة السهو[۹۴].
ثمّ ناقشه وقال: وهو كما ترى؛ ضرورة أنّ كلمة «عليه» في قوله(عليهالسلام): «وليس عليه سهو»، ظاهرة في التكليف، فيكون مفادها أنّه ليس على عهدته شيء، ومقتضاه نفي سجود السهو، فكيف يجتمع مع وجوبه؟ فلا ينبغي التأمّل في صراحة الصحيحة في المطلوب، إنتهى كلامه[۹۵].
أقول: الظاهر أنّ تعبيره(عليهالسلام) «ليس عليه سهو» كناية عن عدم الخلل والنقص في الصلاة؛ بمعنى: أنّ المصلّي بعد قضاء السجدة لم تكُن صلاته ناقصة، ولم يكن فيها خلل أو نقص، بل أتى بجميع أجزائها وخصوصيّاتها، فهو بعد القضاء آت بالصلاة من حيث الأجزاء والشرائط، ولكن لا ينافي هذا لزوم الإتيان بسجدتي السهو، والظاهر أنّ مراد الشيخ الطوسي(رحمهالله) هو ما ذكرناه.
والدليل على ذلك أنّ ما ذكره السيّد الخوئي(رحمهالله) مساوق لاستعمال كلمة «السهو» في مفهوم عامّ؛ وهو مفهوم الشيء؛ بمعنى: أنّه ليس عليه شيء من الإعادة وسجدتي السهو، مع أنّه لا قرينة على هذا الاستعمال. نعم، استعمال كلمة «السهو» في النقص والخلل شائع في الروايات، فتدبّر جدّاً.
والنتيجة: أنّ الرواية تدلّ من جهة الإطلاق المقامي على عدم وجوب سجدتي السهو، ولكن من حيث إنّ المشهور ذهبوا إلى وجوبهما، فالاحتياط يقتضي الإتيان.
الفرض الثاني: إذا علم بعد الصلاة بأنّ إحدى السجدتين المنسيّتين من الركعة الأخيرة، فلم يفرّق الماتن(قدسسره) بينها، وبين الصورة السابقة، بل أفتى بالصحّة ولزوم القضاء، ولزوم إتيان سجدتي السهو مرّتين، كما أنّ السيّد اليزدي(رحمهالله) في العروة[۹۶] لم يفرّق بينهما، والظاهر أنّه موافق للمشهور.
وفي قِبالهم المحقّق العراقي(رحمهالله) في روائعه[۹۷]، فذكر أنّ السلام في هذه الصورة وقع في غير محلّه، فلا يكون مخرجاً مع عدم تحقّق المنافي، بل يجب تدارك السجدة الأخيرة أوّلاً بعنوان الجزئيّة للصلاة، ثمّ يتشهّد ويسلِّم، ثمّ بعد ذلك يقضي السجدة المنسيّة من الركعة غير الأخيرة، فالإتيان أوّلاً بالسجدة ليس بعنوان القضاء. وأمّا مع تحقّق المنافي فالصلاة باطلة.
نعم، عدل عن ذلك في تعليقته على العروة[۹۸]، فحكم بالصحّة حتّى مع تحقّق المنافي، ولكن في هذا الفرض يأتي بالسجدتين قضاءً، ولكن مع عدم المنافي يأتي بالسجدة الأخيرة أداءً أوّلاً، ثمّ يتشهّد ويسلِّم، ثمّ يأتي بقضاء السجدة المنسيّة.
ونظير هذا القول ما ذكره بعض المحشّين على العروة، كالسيّد الگلبايگاني(قدسسره)؛ فإنّه قد احتاط وقال بإتيان السجدة الأخيرة من دون قصد الأداء والقضاء. وقال:
إن تذكّر بعد السلام قبل المنافي أنّه ترك سجدة من الركعة الأخيرة وسجدة من غيرها، فالأحوط الإتيان بسجدة من دون قصد الأداء والقضاء، ثمّ الإتيان بالتشهّد والتسليم مع قضاء سجدة واحدة وسجدتي السهو، مرّة لنسيان سجدة واحدة، واُخرى لما في ذمّته من نسيان السجدة أو السلام الواقع في غير المحلّ، إنتهى[۹۹].
هذا، والتحقيق: أنّه متوقّف على كون السلام في هذه الصورة هل هو مخرج عن الصلاة، أم لا؟
والمشهور[۱۰۰] ذهبوا إلى الأوّل، والمستفاد من كلام العراقي في روائعه[۱۰۱]، والسيّد البروجردي[۱۰۲] والسيّد الخوئي رحمهمالله[۱۰۳] أنّ السلام في مفروض البحث ليس في محلّه، فلا يكون محلّلاً ولا مخرجاً.
فقال السيّد البروجردي(رحمهالله):
وكون السلام محلّلاً ومخرجاً للمصلّي عنها، وموجباً لحلّية ما حرّمته تكبيرة الإحرام، التي هي افتتاح للصلاة، لا يوجب المنع عن العود؛ لأنّ هذا الحكم إنّما هو فيما إذا وقع السلام صحيحاً لا مطلقاً، وصحّته متوقّفة على وقوع السجدتين قبله.
وقال أيضاً بالنسبة إلى السجدة في الركعة الأخيرة:
وأمّا فيها فلا إشكال في وجوب الرجوع وتدارك السجدة الواحدة أو السجدتين ما لم يسلِّم[۱۰۴]. إنتهى كلامه.
وقد يستدلّ للمشهور بصحيحة الحلبي؛ وهي ما رواها محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه(عليهالسلام):
كلّ ما ذكرت اللّه عزّ وجلّ به والنبيّ صلىاللهعليهوآله فهو من الصلاة، وإن قلت: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، فقد انصرفت[۱۰۵].
وجه الاستدلال: أنّها تدلّ على أنّ السلام مُخرِج ومُوجِب للانصراف عن الصلاة؛ سواء وقع في التشهّد الأوّل، أو وقع في التشهّد الأخير؛ وسواء وقع عن عَمد، أو وقع عن سهو. نعم، قد ذهب الشيخ المؤسِّس الحائري(قدسسره) إلى أنّ هذه الرواية محمولة على صورة العمد، جمعاً بينها وبين الروايات[۱۰۶] الدالّة على أنّ السلام السهوي ليس مُخرِجاً عن الصلاة[۱۰۷].
وقد أورد عليه السيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره) وقال:
والذي يقوى في النظر أنّ صحيحة الحلبي ناظرة إلى ما لدى العامّة من بنائهم على قول: «السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين» في التشهّد الأوّل[۱۰۸]، فالرواية ناظرة إلى أنّ كلّما ذكرت اللّه ونبيّه في التشهّد الأوّل فهو من الصلاة. وأمّا إن قلت: «السلام علينا...» إلى آخره عمداً فهو انصراف[۱۰۹].
وقد سبقه في ذلك السيّد البروجردي(قدسسره) وقال:
إنّ المقصود من الأخبار المتقدّمة هو الرّد عليهم[۱۱۰].
ثمّ استشهد السيّد الإمام الخميني(قدسسره) على ذلك بخمسة وجوه:
الأوّل: مجرّد الاقتصار على «السلام علينا» من دون تعرّض للتعبير الآخر؛ وهو «السلام عليكم»، مع أنّه صيغة انصراف بلا إشكال، فعدم تعرّضه(عليهالسلام) لهذا التعبير والتعرّض لقولهم: «السلام علينا» شاهدٌ على أنّ الإمام في هذه الرواية بصدد ردّ العامّة وفعلهم في الصلاة.
الثاني: رواية أبي كهمس؛ وهي ما رواه محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن يعقوب الهاشمي، عن مروان بن مسلم، عن أبي كهمس، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
سألته عن الركعتين الأولتين إذا جلست فيهما للتشهّد فقلتُ وأنا جالس: السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته، إنصرافٌ هو؟ قال: «لا، ولكن إذا قلت: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين فهو الانصراف»[۱۱۱].
هذه الرواية أيضاً ناظرة إلى ما فعله العامّة في صلاتهم، ويكون الإمام الصادق(عليهالسلام)في مقام الردّ على فعلهم.
الثالث: صحيحة مُيَسّر، عن أبي جعفر(عليهالسلام)؛ وهي ما رواه محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن مُيَسّر، عن أبي جعفر(عليهالسلام) قال:
شيئان يفسد الناس بها صلاتهم: قول الرجل: تبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك، وإنّما هو شيء قالته الجنّ بجهالة، فحكى اللّه عنهم. وقول الرجل: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين[۱۱۲].
الرابع: مرسلة الصدوق قال: قال الصادق(عليهالسلام):
أفسد ابن مسعود على الناس صلاتهم بشيئين؛ بقوله: تبارك اسمك، وتعالى جدّك، وهذا شيء قالته الجِنّ بجهالة، فحكاه اللّه تعالى عنها، وبقوله: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين؛ يعني في التشهد الأوّل[۱۱۳].
الخامس: صحيحة فضل بن شاذان، عن الرّضا(عليهالسلام) في رسالته إلى المأمون قال:
ولا يجوز أن تقول في التشهّد الأوّل: السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين؛ لأنّ تحليل الصلاة التسليم، فإذا قلت هذا فقد سلَّمْت[۱۱۴].
فهذه الروايات شواهد على أنّ الإمام(عليهالسلام) في صحيحة الحلبي إنّما هو في مقام الرّد على العامّة، فلا يصحّ أن يتمسّك بإطلاقها، ولا يستفاد منها أنّ السلام في الركعة الأخيرة مع السجدة المنسيّة موجبٌ للخروج عن الصلاة.
نعم، لا يبعد أن يستفاد من التعليل الوارد في صحيحة فضل بن شاذان أنّ السلام أينما وقع يكون موجباً للتحليل والخروج عن الصلاة[۱۱۵]. إنتهى ملخّص كلام الإمام الخميني(قدسسره).
لا يُقال: نتمسّك بالأولويّة في المقام؛ فإنّ السلام إذا كان مخرجاً عقيب التشهّد الأوّل فهو مخرج عقيب التشهّد الثاني بطريقٍ أولى.
لأنّا نقول: لا مجال للأولويّة؛ فإنّ مفروض كلام الإمام المعصوم(عليهالسلام)في السلام الذي هو عقيب الأجزاء الكاملة، مع أنّ محلّ البحث في السلام في الركعة الرابعة مع نسيان سجدة واحدة، فبينهما فرقٌ واضح.
ويمكن أن يقال: لا منافاة بين كون الروايات في مقام الردّ عليهم، وبين أن يستفاد منها أنّ السلام في الصلاة ـ سواء وقع في الركعة الثانية أو الرابعة أو الثالثة ـ يكون مخرجاً عن الصلاة إذا صدر عن عمد.
وبعبارة اُخرى: إنّ الردّ عليهم إنّما يتحقّق بسبب الضابطة المسلّمة الفقهيّة المقبولة عند الأئمّة عليهمالسلام، وهو: أنّ السلام العمدي أينما تحقّق يوجب الخروج عن الصلاة.
وعليه: فما ذكره السيّد الإمام الخميني(قدسسره) بأنّه مع الشواهد المذكورة لا يبقى وثوق بإطلاق صحيحة الحلبي، ليس في محلّه، كما هو واضح.
ولا يخفى أنّ حمل الصحيحة على السلام العمدي إنّما هو من جهة الجمع بينها، وبين ما دلّ على أنّ السلام السهوي لا يكون محلِّلاً ومخرجاً، كما صرّح بذلك الشيخ المؤسّس الحائري(قدسسره)[۱۱۶].
و بالجملة: يستفاد من صحيحة الحلبي وسائر الروايات ـ سيّما صحيحة فضل بن شاذان من جهة التعليل الوارد فيها ـ أنّ السلام العمدي أينما تحقّق يوجب الخروج عن الصلاة، وفي ما نحن فيه من الواضح: أنّ وقوع السلام يكون عن عمد والتفات، ولا يكون من مصاديق السهو، فتدبّر.
ثمّ إنّ السيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره) بعد أن لم يقبل الاستدلال بصحيحة الحلبي في المقام استدلّ للمخرجيّة بأمرين: الأوّل ارتكاز المتشرّعة، الثاني جملة من الروايات؛ وهي خمسة:
الاُولى: صحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهّد حتّى ينصرف، فقال:
إن كان قريباً رجع إلى مكانه فتشهّد، وإلاّ طلب مكاناً نظيفاً فتشهّد فيه، وقال: إنّما التشهّد سُنّة في الصلاة[۱۱۷].
إن قلت: مورد الرواية إنّما هو نسيان التشهّد، والحال أنّ النزاع في نسيان السجدة الأخيرة؟
قلت: العرف يحكم بإلغاء الخصوصيّة بعدم الفرق بين التشهّد والسجدة.
وجه الاستدلال: أنّه لا ريب في أنّ المراد من الإتيان بالتشهّد هو قضاء التشهّد لا التدارك وأداؤه. ومن الواضح: أنّ التشهّد في الموردين ـ فيما إذا كان قريباً، وفيما إذا لم يكن ـ على نهج واحد، وبما أنّ الثاني قضاء فالأوّل أيضاً هكذا. فالرواية تدلّ على وجوب القضاء على نحو الإطلاق؛ بمعنى: أنّه قضاء حتّى مع عدم المنافي، فتدلّ على أنّ السلام في مفروض الرواية ـ وهو نسيان التشهّد ـ مخرج، وبالنتيجة: السلام في الركعة الأخيرة موجب للانصراف والخروج.
الثانية: فقد نفى البُعد عن دلالة «حديث لا تعاد»[۱۱۸] على مخرجيّة السلام في الركعة الأخيرة.
وتوضيح ذلك: أنّ العرف يفهم من انضمام الاُمور الثلاثة ذلك؛ وهو: أنّ مورد الإعادة إنّما هي الاُمور الخمسة، مضافاً إلى قوله(عليهالسلام) في هذا الحديث: «القراءة سُنّة والتشهّد سُنّة، ولا تنقض السُنّة الفريضة»، وإلى معهوديّة كون ابتداء الصلاة التكبير، واختتامها التسليم.
فمن مجموع ذلك يفهم العرف أنّ التشهّد إذا ترك سهواً في الصلاة لا يضرّ بها، ولا إشكال في أنّ التارك للتشهّد بعد السلام يكون بنظر العرف غير آتٍ بالتشهّد فقط، لا غير آتٍ بالتشهّد والسلام معاً، بل هو آتٍ بالسلام بنظر العرف وغير آت بالتشهّد فقط، كما أنّه لو أحدث بعد السلام يرى العرف أنّ المنافي حصل بعد الصلاة.
الثالثة: موثّقة أبي بصير؛ وهي ما رواه محمّد بن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألته عن الرجل ينسى أن يتشهّد؟ قال: «يسجد سجدتين يتشهّد فيهما»[۱۱۹].
وهذه الرواية تدلّ بإطلاقها على أنّ التارك للتشهّد الأخير لا يصحّ له الرجوع والتدارك، بل بالسلام يخرج عن الصلاة، ويكون عليه سجدتا السهو، فلا محالة يكون السلام انصرافاً؛ سواء بقي وقت التدارك أم لا، وسواء أتى بالمنافي أم لا.
الرابعة: صحيحة حكم بن حُكَيم قال:
سألت أبا عبد اللّه(عليهالسلام) عن رجلٍ ينسى من صلاته ركعة، أو سجدة، أو الشيء منها، ثمّ يذكر بعد ذلك، فقال: «يقضي ذلك بعينه». فقلت: أيُعيد الصلاة؟ فقال: «لا»[۱۲۰].
وفي بعض النسخ بدل «بعينه» قوله: «يغنيه»، والظاهر أنّ الصحيح هو الأوّل.
وهذه الرواية أيضاً تدلّ على قضاء ما تركه بعينه، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين الركعة الأخيرة وغيرها. نعم، لابدّ من رفع اليد عن الركعة، كما هو واضح، ولكنّه لا يضرّ بالمقصود.
الخامسة: صحيحة منصور بن حازم؛ وهي ما رواه محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد، عن أبي جعفر، عن عليّ بن الحكم، عن أبان ابن عثمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
سألته عن رجل صَلّى فذكر أنّه زاد سجدة؟ قال: «لا يعيد صلاة من سجدة ويعيدها من ركعة»[۱۲۱].
فقد ذكر السيّد الإمام الخميني(قدسسره) أنّ السؤال في هذه الرواية وإن كان عن زيادة السجدة، لكن الإمام المعصوم(عليهالسلام) في مقام إفادة ضابطة كلّية؛ وهي: أنّ الصلاة لا تُعاد من قبل سجدة واحدة زادت أو نقصت، وهذا المضمون مطلق؛ بمعنى أنّه لا فرق بين وقوع المنافي وعدمه[۱۲۲].
والحاصل: أنّ مجموع هذه الروايات يدلّ على أنّ السلام في الركعة الأخيرة ولو قبل التشهّد أو السجدة موجب للخروج والانصراف، والإنصاف: أنّ ما ذكره السيّد الإمام(قدسسره) تامّ لا شبهة فيه.
وبالجملة: المستفاد من الروايات أنّ السلام العمدي موجب للخروج والانصراف، وبناءً عليه لا فرق بين وقوع المنافي وعدمه، فصلاته صحيحة ويجب عليه قضاء السجدتين، وهذا ما ذهب إليه المشهور[۱۲۳]، والسيّد في العروة[۱۲۴]، والسيّد الماتن أيضاً، خلافاً للمحقّق العراقي[۱۲۵]، والسيّد البروجردي[۱۲۶]، والخوئي(قدسسره)م[۱۲۷]؛ فإنّهم ذهبوا إلى أنّ السلام وقع في غير محلّه، فلا يكون محلِّلاً ومخرجاً، وبناءً عليه يوجد الفرق بين وقوع المنافي وعدمه.
فعلى الأوّل: قد تحقّق المنافي في أثناء الصلاة، فتكون صلاته باطلة. وبعبارة اُخرى: قد فات محلّ السجدة الأخيرة مع الدخول في المنافي، وهذا الفوت متأخّر رتبةً عن المنافي، ففي هذه المرتبة لم تسقط جزئيّتها.
وعلى الثاني: يجب الرجوع والتدارك ثمّ التشهّد والتسليم.
ولابدّ من التعرّض لكلام المحقّق العراقي(رحمهالله) في متن روائعه، ثمّ نقل كلامه في التعليقة؛ فإنّه في المتن يستدلّ على مذهبه من الفرق بين وقوع المنافي وعدمه أوّلاً، ثمّ يدفع توهّماً في المقام ثانياً، وفي مرتبة ثالثة يناقش في فتوى السيّد اليزدي[۱۲۸] وصاحب الجواهر[۱۲۹].
أمّا الأوّل: فقال: وإن كانتا في الأخيرتين، فتارةً: يكون تذكّره للفوت بعد الدخول في المنافي عمديّاً وسهويّاً، واُخرى: قبله، فعلى الأوّل: لابدّ من بطلان صلاته؛ لأنّ فوت محلّ السجدة الأخيرة إنّما هو بالدخول في المنافي المزبور، ولا جرم يكون هذا الفوت في رتبة متأخّرة عن وجود المُبطِل، ففي هذه المرتبة لم تسقط جزئيّتها، فوقع المنافي المزبور في صلاته فتبطل. وعلى الأخير: يجب تدارك ما أمكن تداركه من السجدة الأخيرة؛ لوقوع «السلام» بمقتضى دليل الترتيب في غير محلّه، فلا يصلح لأنْ يكون سلامه هذا فراغاً من صلاته[۱۳۰]. إنتهى.
وهذه العبارة صريحة في أنّه مع عدم المنافي لم يفت محلّ السجدة الأخيرة؛ لأنّ مقتضى أدلّة الترتيب بين السجدة والتشهّد والسلام، أنّ السلام في مفروض الكلام قد وقع في غير محلّه، كما أنّ التشهّد أيضاً قد وقع في غير محلّه، فيجب الرجوع والتدارك.
وأمّا الثاني: فقد توهّم متوهّم أنّ دليل الترتيب ـ كموثّقة إسحاق بن عمّار ـ لا يشمل مفروض الكلام، بل منصرف إلى التذكّر حين الصلاة.
والرواية هي: أنّه قال إسحاق بن عمّار:
سألتُ أبا إبراهيم(عليهالسلام) عن الرجل ينسى أن يركع؟ قال: «يستقبل حتّى يضع كلّ شيء من ذلك موضعه»[۱۳۱].
فهذه الرواية منصرفة إلى التذكّر حين الصلاة ولزوم حفظ الترتيب حينها. وأمّا التذكّر بعد الصلاة، فلا ترتيب في البين، ولازم ذلك وقوع «السلام» في محلّه إذا تذكّر بعد الصلاة. وبالجملة: أدلّة الترتيب منصرفة عن مورد التذكّر بعد الصلاة.
فقد أجاب المحقّق العراقي(قدسسره) عن هذا التوهّم بممنوعيّة الانصراف، بل الإطلاق يدلّ على أنّه مع عدم رعاية الترتيب يكون المصلّي داخلاً في الصلاة حتّى مع التشهّد والتسليم، فإذا لم يقع الترتيب بين السجدة والتشهّد والسلام، يكون المصلّي داخلاً في الصلاة ولم يخرج منها. نعم، في هذا الفرض يكون المخرج وقوع المنافي، فالرواية في مقام لزوم رعاية الترتيب بين الأجزاء، وأنّه مع الإخلال بالترتيب لا تكون الصلاة باطلة إذا أمكن الرجوع والتدارك.
نعم، لولا عموم «لا تعاد»[۱۳۲] لقلنا بأنّه مع فوت الترتيب السهوي تبطل الصلاة وتجب الإعادة[۱۳۳].
أمّا الثالث: فقد يناقش السيّد اليزدي وصاحب الجواهر، وقال: وحينئذٍ فما في العروة من الحكم بقضاء السجدتين مطلقاً حتّى ما لو كان من الأخيرتين[۱۳۴]، بل والتزامه في مقام آخر ببطلان الصلاة عند تذكّر فوت السجدتين ولو من الركعة الأخيرة بعد السلام، ولو قبل صدور المنافي[۱۳۵]، منظورٌ فيه؛ إذ هو مبنيّ على مفرّغيّة مثل هذا السلام، ولقد عرفت ما فيه.
وأعجب منه ما في نجاة العباد[۱۳۶] من التفصيل بين تذكّر فوت السجدتين قبل المنافي سهويّاً أم بعده، حيث حكم ببطلان الصلاة في الأخير دون الأوّل، ومع ذلك التزم أيضاً بقضاء فوت سجدة واحدة بعد السلام ولو قبل المنافي؛ إذ السلام إن كان فراغاً فيقتضي المصير إلى بطلان الصلاة بفوت السجدتين من الركعة الأخيرة ولو تذكّر قبل المنافي بعد السلام، كما أفاده سيّد الأساطين[۱۳۷]، وإلاّ فلا وجه لصيرورة السجدة الواحدة بعد السلام قضاءً، بل يجب حينئذٍ تداركه في محلّه وضمّ ما بعده كما هو ظاهر[۱۳۸]، إنتهى كلامه.
فالمناقشة بالنسبة إلى كلام السيّد(رحمهالله) كبروية؛ وهي: أنّه لِمَ جعل السلام مخرجاً مطلقاً من دون فرق بين وقوع المنافي وعدمه، مع أنّ السلام في مفروض الكلام قد وقع في غير محلّه وليس مخرجاً.
وأمّا مع صاحب الجواهر(رحمهالله)، فيقول: إنّ ما ذهب إليه من لزوم التفصيل بين المنافي وعدمه صحيح، ولكن لِمَ حكم بقضاء السجدة الواحدة مع عدم المنافي؛ فإنّه في هذا الفرض لم يخرج المصلّي من الصلاة، بل يجب عليه الرجوع والتدارك، ولا يصحّ بعنوان القضاء؛ فإنّه لو قلنا بأنّ السلام حتّى مع عدم المنافي مخرج عن الصلاة تكون الصلاة باطلة فيما إذا فات منه السجدتان من الركعة الأخيرة، وفيما إذا فات سجدة واحدة يجب عليه القضاء لا الرجوع.
ولو قلنا بأنّ السلام مع عدم المنافي لا يكون مخرجاً عن الصلاة، ففي فوت السجدتين أو السجدة الواحدة يجب الرجوع.
وبالجملة: خلاصة مذهب العراقي(رحمهالله) في متن كتابه:
أوّلاً: لزوم الفرق بين المنافي وعدمه.
وثانياً: في صورة نسيان السجدة الواحدة من الركعة الأخيرة، فمع المنافي تكون الصلاة باطلة، ومع عدمه تكون صحيحة ويجب الرجوع والتدارك.
وثالثاً: في صورة نسيان السجدتين من الركعة الأخيرة، فمع المنافي تكون الصلاة باطلة، ومع عدمه تكون الصلاة صحيحة؛ لأجل عدم مخرجيّة السلام.
فمع عدم المنافي تصحّ الصلاة من دون فرق بين فوت السجدة الواحدة، أو فوت السجدتين.
كلام المحقّق العراقي(رحمهالله) في حاشيته على الروائع
ذهب(قدسسره) إلى ما ذكره في المتن في فرض عدم المنافي. وأمّا في صورة المنافي، فذهب إلى التفصيل، فالصلاة باطلة في فرض فوت السجدتين، وصحيحة في فرض فوت السجدة الواحدة ويجب عليه القضاء، وهذه عبارته:
هذا ما كتبته سابقاً، والآن أقول: الأقوى التفصيل بين تذكّر الفوت قبل المنافي سهويّاً أم بعده، بالصحّة ولزوم إعادة السجود وما بعده مطلقاً في الأوّل، وبالبطلان في السجدتين والصحّة في الواحدة مع قضائها في الثاني؛ لأنّ دليل «يستقبل» لمّا كان في مقام تصحيح الصلاة لا يكاد يجري في المقام، كما لا يجري عند الدخول في الركن؛ لأنّه يلزم من تطبيقه إفساد الصلاة، فلا جرم لابدّ أن يصدق عليه الفوت في المحلّ، فيكشف ذلك عن سقوط الجزء عن الجزئيّة، ولازمه وقوع الركن والسلام في محلّه، فلا يجب حينئذٍ إلاّ القضاء. وهذا بخلاف التذكّر قبل المنافي سهويّاً؛ فإنّه لا قصور في شمول العام للمورد، ويستكشف منه وقوع السلام في غير محلّه، فيعيد السجود وما بعده، كما لا يخفى، فتدبّر[۱۳۹]. إنتهى كلامه في التعليقة.
وخلاصة ما ذهب إليه في التعليقة أنّ رواية إسحاق[۱۴۰] تدلّ على صحّة الصلاة ولزوم حفظ الترتيب في صورة عدم المنافي. وأمّا في صورة المنافي، فلا موضوع للترتيب، فلا يصحّ أن يقال: إنّ السلام وقع في غير محلّه، بل واقع في محلّه، فيجب القضاء دون الرجوع فيما إذا فاتت منه سجدة واحدة، وتبطل الصلاة في هذه الصورة فيما إذا فاتت منه السجدتان من الركعة الأخيرة.
وبعبارة اُخرى: في صورة عدم المنافي لم تسقط السجدة أو السجدتان عن الجزئيّة، ولكن في صورة المنافي قد سقطت عن الجزئيّة فيجب قضاؤها.
هذا، ويرد عليه إيرادات أربعة:
الأوّل: ما أورده الإمام الخميني(قدسسره)
أورد السيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره) عليه بأنّ رواية إسحاق لا تكون في مقام تصحيح الصلاة، كما أنّه ليس في مقام لزوم حفظ الترتيب وعدمه، والتعبير بقوله(عليهالسلام): «يستقبل» كناية عن بطلان الصلاة ولزوم الإعادة، والرواية واردة بالنسبة إلى مَن تذكّر الركوع بعد الصلاة، فتدلّ على بطلان الصلاة، فهي بصدد إبطالها لا تصحيحها، كما أنّها لا تدلّ على أنّ السلام وقع في محلّه أو غير محلّه.
فلسان هذه الرواية ليس إلاّ كرواية أبي بصير؛ حيث قال: سألت أبا جعفر(عليهالسلام)عن رجلٍ نسي أن يركع؟ قال: «عليه الإعادة»[۱۴۱].
ثمّ استدرك(قدسسره) وقال:
نعم، يستفاد منها أنّ الترتيب معتبر في الأجزاء في الجملة. وأمّا أنّ السلام مخرج أو ليس بمخرج فلا يستفاد منها، ولا إطلاق لها من هذه الجهة؛ لأنّها بصدد بيان استقبال الصلاة، لا بيان الترتيب حتّى يؤخذ بإطلاقها. إنتهى كلامه[۱۴۲].
والمناقشة صحيحة جدّاً إلاّ ما استدركه أخيراً؛ فإنّ الإنصاف: أنّ الرواية ليست في مقام رعاية الترتيب بين الأجزاء حتّى في الجملة، فتدبّر.
الإيراد الثاني على المحقّق العراقي(رحمهالله)
ويرد عليه أيضاً نفس الإيراد الذي أورده على صاحب الجواهر(قدسسره)[۱۴۳].
وتوضيح ذلك: أنّ السلام في الركعة الأخيرة إذا صدر عن عمد والتفات، إمّا أن يكون مخرجاً، فيجب أن يكون مخرجاً بنفسه في جميع الموارد؛ من غير فرق بين المنافي وعدمه، أو لا يكون قابلاً للمخرجيّة بنفسه، فلا فرق أيضاً بين المنافي وعدمه.
وبعبارة اُخرى: ما ذكره العراقي(قدسسره) من أنّه في صورة المنافي يتحقّق الخروج عن الصلاة بنفس الإقدام على المنافي لا دليل عليه، بل مجرّد دعوى.
كما أنّ ما ذكره السيّد الخوئي(قدسسره)[۱۴۴] من أنّ المنافي كاشف عن أنّ السلام يكون مخرجاً، أيضاً كلامٌ لا دليل عليه، وكيف يكون المنافي كاشفاً عن أنّ السلام مخرج؟ وإذا كان السلام بنفسه غير قابل للمخرجيّة، فلا ينقلب عمّا هو عليه.
كما أنّ ما ذكره السيّد البروجردي(رحمهالله) من أنّه مع عدم المنافي، الظاهر الصحّة ولزوم التدارك ـ من أجل أنّ السلام المتّصف بالمخرجيّة هو السلام الواقع صحيحاً، وفي مفروض الكلام لم يقع السلام صحيحاً[۱۴۵] ـ غير تامّ أيضاً؛ فإنّ عدم المنافي كيف يدلّ على عدم صحّة السلام؟ ووقوع المنافي كيف يدلّ على صحّة السلام؟ فتدبّر.
والظاهر أنّه(قدسسره) لم يعتقد بجزئيّة السلام، بل يرى أنّه خارج عن حقيقة الصلاة، فقال:
إنّ السلام لا يكون من الصلاة حقيقةً؛ لأنّ معناها إنّما هو الخضوع والخشوع في مقابل المعبود. ومن المعلوم أنّ التسليم على الأنفس، وعلى العباد الصالحين، وعلى المأمومين مثلاً خارج عن حقيقة الخضوع، بل حقيقة التسليم كما في بعض الأخبار هو إذن الإمام للمأمومين في الخروج عن الصلاة[۱۴۶].
نعم، له كلام في موضع آخر[۱۴۷] لعلّه مخالف لما ذكره في هذا المقام، فراجع.
الإيراد الثالث
إنّ المستفاد من حديث «لا تعاد»[۱۴۸] عدم وجوب الإعادة في نسيان السجدة الواحدة مطلقاً؛ من دون فرق بين وقوع المنافي وعدمه، فالحديث يدلّ على عدم لزوم الإعادة، وهو يلازم كون السلام مخرجاً؛ من دون فرق بين وقوع المنافي وعدمه.
كما أنّ المستفاد من المستثنى لزوم الإعادة في السجدتين من غير فرق بين المنافي وعدمه، فما ذهب إليه العراقي والبروجردي والخوئي رحمهمالله[۱۴۹] من أنّه في فرض نسيان السجدتين يجب الرجوع والتدارك مع عدم المنافي، مخالف لحديث «لا تعاد» من جهة الاستثناء، فهو يدلّ على لزوم الإعادة من غير فرق بين المنافي وعدمه.
وبالجملة: المستفاد من الحديث في صورة الإعادة وعدمها عدم الفرق بين وقوع المنافي وعدمه، فتدبّر واغتنم.
فما ذهب إليه السيّد(رحمهالله) في العروة[۱۵۰] من لزوم الإعادة في نسيان السجدتين حتّى مع عدم المنافي صحيح؛ لأجل الإطلاق المستفاد من حديث «لا تعاد».
الإيراد الرابع
إنّ المستفاد أيضاً من صحيحة منصور بن حازم أنّ السلام في صورة نسيان السجدة الواحدة مخرج حتّى مع عدم المنافي.
والصحيحة ما رواه الصدوق بإسناده عن منصور بن حازم ـ وطريق الصدوق إليه صحيح ـ عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
سألته عن رجلٍ صَلّى فذكر أنّه زاد سجدة؟ قال(عليهالسلام): «لا يعيد صلاة من سجدة، ويعيدها من ركعة»[۱۵۱].
والسؤال فيها وإن كان عن زيادة السجدة، ولكن ما أجابه الإمام(عليهالسلام) مطلق؛ بمعنى: أنّ الصلاة لا تعاد من سجدة؛ سواء زادت أم نقصت، والمقصود أنّ الصلاة لا تعاد من أجل السجدة الواحدة؛ سواء زادت أم نقصت، ولازم ذلك أنّ السلام الواقع في هذه الصلاة مُخرج ويجب القضاء بعدها، كما أنّ المستفاد منها أيضاً لزوم الإعادة في السجدتين؛ سواء وقع المنافي، أم لا.
محصّل المختار
أنّه لا فرق بين وقوع المنافي وعدمه، ويجب القضاء بعد الصلاة فيما إذا فات منه سجدة واحدة، كما أنّ الصلاة باطلة فيما إذا فات منه السجدتان؛ من دون فرق بين وقوع المنافي وعدمه، واللّه العالم.
الفرض الثالث: إذا شكّ في أنّ السجدتين المنسيّتين هل هما من الأوّلتين، أو من الأخيرتين؟ فبناءً على ما حقّقناه في الصورة الاُولى والثانية تكون النتيجة وجوب قضاء السجدتين، ولا مجال للبحث عن مسألة الرجوع والتدارك، ولا فرق بين وقوع المنافي وعدمه.
وأمّا بناءً على مذهب العراقي والبروجردي والخوئي(قدسسره)م، يجب التفصيل بين وقوع المنافي فيجب القضاء، وعدم وقوعه فيجب تدارك السجدة الأخيرة في محلّه، وقضاء السجدتين مع سجدات السهو لهما ولما فات فيهما، ولابدّ هنا من التعرّض لكلام العَلَمَيْن: العراقي والخوئي والبحث حولهما:
كلام المحقّق العراقي(رحمهالله)
لابدّ أوّلاً من ذكر عبارته؛ فإنّه قال: ولو شكّ أنّهما من الاُوليين أو الأخيرتين، فلابدّ بمقتضى المبنى السابق من التفصيل بين صدور ما يبطل ولو سهويّاً وعدمه، فعلى الأوّل: فلا شبهة في أنّ قاعدة التجاوز في الأخيرتين جارية بلا معارض؛ للجزم بعدم وقوع السجدتين في الاُوليين على وفق أمرهما؛ لأنّه بينما لم يؤت بهما، وبينما أتى بهما المستلزم لفوت الأخيرتين، المستتبع لوقوع المنافي في الصلاة فتبطل من الأوّل.
وعلى الثاني: فلا شبهة في تعارض قاعدة التجاوز في الطرفين فيتساقطان، فيجب بمقتضى الاستصحاب تدارك السجدة الأخيرة في محلّه، وقضاء السجدتين مع سجدات السهو لهما ولما فات فيهما[۱۵۲]، إنتهى كلامه.
ومحصّل مرامه
أوّلاً: في صورة وقوع المنافي تجري قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الأخيرتين بلا معارض؛ لعدم وقوع السجدتين على وفق الأمر المتعلّق بهما؛ لأنّه أتى بهما؛ وذلك من جهة الجزم اليقيني بعدم وقوع السجدتين في الاُوليين على وفق الأمر المتعلّق بهما؛ لأنّه في الواقع لا يخرج عن أحد الأمرين، إمّا أنّه في الواقع لم يأت بهما، أو أنّه أتى بهما، فيتحقّق الفوت في الأخيرتين، ويستتبع ذلك وقوع المنافي في أثناء الصلاة فتبطل من الأوّل.
وبالجملة: وقوع المنافي كاشف عن عدم تحقّق السجدتين في الاُوليين على وفق الأمر المتعلّق بهما. وعليه: فجريان قاعدة التجاوز في الأخيرتين بلا معارض؛ لعدم جريان القاعدة في الاُوليين بعد الجزم بعدم وقوعهما فيهما على وجه المأمور به، وجريان القاعدة في الأخيرتين تثبت وقوعهما فيهما، فالسلام يقع في محلّه، فالواجب هو القضاء دون الرجوع والتدارك.
وثانياً: في صورة عدم وقوع المنافي يكون جريان قاعدة التجاوز في الأخيرتين معارضاً بمثله في الاُوليين، فيتساقطان وتصل النوبَة إلى استصحاب عدم إتيان السجدة في الأخيرة، واستصحاب ثان وهو استصحاب عدم الإتيان في غير الأخيرة، فبمقتضى الأوّل يجب التدارك، كما أنّه بمقتضى الثاني يجب القضاء.
ولكن بما أنّ استصحاب عدم الإتيان في الأخيرة ينطبق على الركعتين، فيجب بمقتضى هذا قضاء السجدتين مضافاً إلى سجدات السهو لهما ولما فات فيهما. ففي المجموع يقتضي الاستصحاب الإتيان بثلاث سجدات: إحداها رجوعاً، وثنتان منهما قضاءً.
كلام السيّد الخوئي(رحمهالله)
وقد صرّح السيّد الخوئي(قدسسره) بعين ما ذكره العراقي(قدسسره) من لزوم التدارك وقضاء السجدتين في فرض عدم المنافي، وفي فرض التنافي وجوب قضاء السجدتين.
ثمّ إنّه أضاف واستدرك وقال:
نعم، يجوز له الاقتصار على سجدتين؛ بأن يسجد أوّلاً بقصد ما في الذمّة، الجامع بين الرجوع والقضاء؛ حيث إنّ الظاهر أنّ المأمور به هو الإتيان بذات السجدة؛ من دون أن تكون معنونة بعنوان الرجوع وعدمه، ثمّ يتشهّد ويسلِّم احتياطاً، ويأتي بعد ذلك بسجدة اُخرى قضاءً، وبذلك يقطع ببراءة الذمّة... فلا حاجة إلى سجدة ثالثة[۱۵۳]، إنتهى كلامه.
والمستفاد من كلمات السيّد الخوئي(رحمهالله) جريان الاستصحاب بالنسبة إلى ثلاث ركعات؛ بمعنى: أنّ المُصلّي في هذا الفرض أوّلاً يجري استصحاب عدم إتيان السجدة في الأخيرة، ثمّ ثانياً يجري استصحاب عدم السجدة في غير الأخيرة.
وهذا الاستصحاب في الحقيقة يرجع إلى استصحابين؛ لأنّه على فرض الإتيان في الركعة الأخيرة يكون محلّ النسيان في غير الأخيرة بالنسبة إلى الركعتين، فالقاعدة من جهة جريان الاستصحاب في الموارد الثلاثة وجوب ثلاث سجدات، ولكن يمكن الجمع في مقام الامتثال بالإتيان بالسجدتين بالنحو الذي نقلناه.
هذا، ولكن المحقّق العراقي(رحمهالله) قد صرّح بعدم جريان الاستصحابات الثلاثة، وذكر أنّه في المقام لا يجري الاستصحاب زائداً على موردين؛ لأنّ الاستصحاب كسائر الاُصول التعبّديّة يجري في مورد الشكّ لترتّب الأثر تعبّداً، وفيما يكون الأثر موجوداً يقيناً، أو منفيّاً يقيناً لا يجري البتّة.
وفي المقام قد فات من المصلّي سجدتان، فلو كان مقتضى الاستصحاب الإتيان بثلاث سجدات لكان من المعلوم بطلان واحد من الاستصحابات الثلاثة، كما أنّه في فرض توهّم جريان الاستصحابات الأربعة نعلم جزماً بعدم جريان اثنين منها؛ لعدم ترتّب الأثر التعبّدي عليهما، وإليك نصّ عبارته:
وتوهّم أنّ مقتضى الاستصحاب قضاء الثلاث الباقية غير السجدة الأخيرة، مدفوع بأنّ الاُصول التعبّديّة غير جارية بالنسبة إلى الآثار الجزميّة العدم أو الوجود؛ إذ النظر فيها إلى التعبّد بآثارها في ظرف الشكّ فيها، ومع الجزم بعدم الأثر لا مجال للتعبّد المزبور...، فلا يصلح للجريان من الاُصول الثلاثة إلاّ اثنان منهما، كما لا يخفى[۱۵۴]. إنتهى كلامه.
والنتيجة: أنّ السيّد الخوئي(رحمهالله) يرى جريان الاستصحابات الثلاثة من جهة الصناعة العلميّة، مع أنّ العراقي أنكرها من هذه الجهة.
ولكن يرد على العراقي(رحمهالله) أنّه مع ذهابه إلى عدم جريان الاُصول الثلاثة، كيف أفتى في المقام بلزوم التدارك وقضاء السجدتين، مع أنّا نعلم بعدم لزوم زائد على السجدتين؟
وأمّا سجدة السهو في هذه الصورة، فإنّها بناءً على المشهور[۱۵۵] تجب سجدتا السهو لكلّ واحدٍ من السجدتين، ولا فرق بين وقوع المنافي وعدمه، وبناءً على المختار من أنّ نسيان السجدة ليس من موجبات سجدتي السهو فهو واضح أيضاً، ولا فرق بين المنافي وعدمه.
وأمّا بناءً على مذهبهما: فقد صرّح العراقي(رحمهالله) بلزوم سجدات السهو لهما ولما فات فيهما.
وذهب السيّد الخوئي(رحمهالله) إلى أنّه لا يجب سجود السهو بناءً على مسلك المشهور من أنّ قضاء السجدة ليست جزءاً حقيقيّاً للصلاة؛ لأنّ استصحاب عدم الإتيان في الركعة الأخيرة لا يثبت أنّ السلام وقع في غير محلّه، فلا تجب سجدة السهو، وقال: لا يجب عليه سجود السهو من أجل السلام الأوّل؛ لعدم الجزم بزيادته بعد احتمال أن تكون السجدتان المنسيّتان كلتاهما ممّا عدا الركعة الأخيرة.
ومعلوم أنّ استصحاب عدم الإتيان بسجدة الركعة الأخيرة لا يثبت اتّصاف السلام بعنوان الزيادة ليجب سجود السهو من أجله.
ثمّ استدرك وقال:
نعم، بناءً على ما قدّمناه في محلّه من أنّ السجدة المقضيّة جزء حقيقة قد تغيّر ظرفه وتبدّل محلّه، فتأخّر عن موطنه إلى ما بعد السلام، وما لم يأت بها لم يتحقّق الخروج عن الصلاة، ولذا قلنا: إنّه لو أخلّ بها عمداً بطلت صلاته، فعليه يعلم في المقام إجمالاً بزيادة السلام؛ فإنّ السجدة المنسيّة إن كانت من الركعة الأخيرة، فالسلام الأوّل زائد، وإلاّ فالسلام الثاني المأتيّ به احتياطاً؛ لما عرفت من أنّ السجدة المقضيّة جزءٌ حقيقيّ. فما لم يفرغ عن قضاء السجدتين لم يتحقّق الخروج عن الصلاة، فلا محالة يكون السلام الثاني واقعاً في الأثناء ومتّصفاً بالزيادة، إذن يجب عليه سجود السهو لأحد السلامين المعلوم زيادته إجمالاً، بل وكذا للتشهّد بناءً على وجوبه لكلّ زيادة ونقيصة[۱۵۶]، إنتهى كلامه.
الفرض الرابع: إذا علم المصلّي في أثناء الصلاة بفوت السجدتين في أثناء الصلاة، فالمشهور ومنهم السيّد اليزدي[۱۵۷] والسيّد الماتنلزوم قضاء السجدتين بعد الصلاة إذا حدث العلم بعد فوت المحلّ. ولتحقيق البحث لابدّ من ذِكر الفروع المتعدّدة، وقبل التعرّض لها ينبغي ذكر التقسيم الموجود في المقام في الكلمات؛ حيث يوجد تقسيمان:
التقسيم الأوّل: ما جاء في كلمات جمع، كالسيّد المحقّق الخوئي(قدسسره) من أنّ المصلّي في هذا الفرض إمّا أن يكون قد دخلَ في الركن، كما لو علم وهو في ركوع الثالثة بفوات السجدتين من الاُوليين، أو لم يدخُل.
وعلى الثاني: إمّا أن يحتمل أنّ السجدة المنسيّة من الركعة التي بيده، أو لم يحتمل فوت السجدة من الركعة التي هو فيها، أو قام عنها، كما لو قام إلى الرابعة فعلم بفوت سجدتين من الاُوليين، أو رفع رأسه من السجدة الأخيرة وعلم بترك سجدتين من الركعات السابقة.
وعلى الأوّل: ـ أي فيما إذا احتمل ـ إمّا أن يكون داخلاً في جزء مترتّب، أو لا يكون داخلاً في جزء مترتّب[۱۵۸].
التقسيم الثاني: ما جاء في كلمات السيّد المحقّق الإمام الخميني(قدسسره)، فقد ذكر أنّه إمّا أن يعلم أنّ السجدة الثانية المنسيّة من أيّ الركعات، أو لا.
فعلى الأوّل: إمّا أن يكون داخلاً في الرُّكن، أو لم يكن.
وعلى الثاني: إمّا أن يحتمل أنّ السجدة المنسيّة الثانية من الركعة التي بيده، أو لا يحتمل.
وعلى الأوّل: إمّا أن يكون في المحلّ الشكّي ولم يتجاوز عنه، أو كان متجاوزاً عن المحلّ الشكّي، وباقياً في المحلّ الذكري[۱۵۹].
والفرق بين التقسيمين واضح؛ فإنّ المقسم حسب التقسيم الثاني بالنسبة إلى احتمال كون السجدة من الركعة التي هو فيها، وعدم الاحتمال هو: ما إذا لم يعلم بأنّ فوت السجدة الثانية من أيّ الركعات، مع أنّ المقسم فيهما بناءً على التقسيم الأوّل هو ما إذا لم يكن داخلاً في الركن.
وكيف كان، لابدّ من ذكر الفروع وأحكامها:
الفرع الأوّل: ما إذا علم بفوت سجدتين بعد الدخول في الركن، أو علم بأنّهما من أيّ الركعات ودخل في الركن، كما لو علم بفوتهما بعد الركوع في الركعة الثالثة، فلا ريب في لزوم قضائهما بعد الصلاة ولا اختلاف فيه.
الفرع الثاني: ما إذا علم بأنّهما من أيّ الركعات ولم يدخل في الركن، ففي هذا المورد يجب الرجوع والإتيان بالسجدة وقضاء سجدة اُخرى بعد الصلاة.
الفرع الثالث: ما إذا لم يعلم بأنّهما من أيّ الركعات، ولم يحتمل أنّ السجدة المنسيّة من الركعة التي هو فيها، والظاهر في هذا الفرع لزوم قضاء السجدتين أيضاً.
الفرع الرابع: ما إذا لم يعلم بأنّهما من أيّ الركعات، واحتمل أيضاً أنّ السجدة المنسيّة من الركعة التي هو فيها، ولم يتجاوز عن المحلّ الشكّي، كما أنّه في الركعة الثالثة قبل القيام، أو كان في الرابعة قبل الشروع في التشهّد.
ففي هذا الفرع لا ريب في وجوب القضاء بالنسبة إلى إحدى السجدتين المنسيّتين. وأمّا بالنسبة إلى السجدة الثانية التي احتمل أن تكون من الركعة التي هو فيها، ولم يتجاوز عن المحلّ الشكّي، فقاعدة لزوم الاعتناء بالشكّ في المحلّ تحكم بلزوم الرجوع والتدارك.
وبعبارة اُخرى: أدلّة التجاوز تحكم بعدم اللزوم بالنسبة إلى الركعة السابقة، وقاعدة الشكّ في المحلّ تحكم بلزوم الإتيان بهذه الركعة، فالعلم الإجمالي منحلّ بهاتين القاعدتين. وبالنتيجة: يجب عليه الرجوع والتدارك ثمّ قضاء السجدة بعد الصلاة، ثمّ سجدتي السهو على الاختلاف الموجود فيهما.
الفرع الخامس ـ وهو العمدة ـ: وهو: ما إذا لم يعلم بأنّ السجدة الثانية من أيّ الركعات، واحتمل أنّها من الركعة التي هو فيها، ولكن تجاوز عن المحلّ الشكّي ولم يتجاوز عن المحلّ الذكري، كمثال الفرع الرابع، ولكنّه بعد الدخول في التشهّد.
ففي هذا الفرع لا ريب في لزوم قضاء السجدة الاُولى. وأمّا بالنسبة إلى السجدة الثانية، فبما أنّه دخل في الجزء المترتّب، فقاعدة التجاوز تحكم بالصحّة، وأنّه أتى بها في هذه الركعة، ولكنّها معارضة بجريانها بالنسبة إلى الركعة غير الأخيرة فتتساقطان، وقاعدة الشكّ في المحلّ أيضاً لا تجري كما هو واضح، فبعد عدم جريان الأمارات ـ كقاعدة التجاوز ـ تصل النوبة إلى الاُصول العمليّة، وهي متصوّرة في الاستصحاب والاشتغال والبراءة:
أمّا الاستصحاب: ففي جريانه في أطراف العلم الإجمالي خلاف، فعلى المشهور ومنهم الشيخ الأعظم الأنصاري(قدسسره)[۱۶۰] لا يجري. وعليه: فالمصلّي في مفروض الكلام إمّا مكلّف بالرجوع، وإمّا مكلّف بالقضاء، وقاعدة الاشتغال تحكم بلزوم الرجوع والتدارك، ومن جهة اُخرى: قاعدة البراءة تدلّ على براءة الذمّة عن القضاء بعد الصلاة، وبذلك ينحلّ العلم الإجمالي؛ فإنّه إذا كان الأصل الجاري في أحد طرفيه مثبتاً، والأصل الآخر في الطرف الآخر نافياً، يصير العلم الإجمالي منحلاًّ.
والحاصل: أنّه على فرض عدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي يجب عليه السجدتان:
الاُولى: الرجوع والتدارك.
الثانية: قضاء السجدة الاُولى بعد الصلاة.
وأمّا بناءً على جريانه في أطراف العلم الإجمالي، كما ذهب إليه المحقّق الخوئي(رحمهالله)، فيجب عليه ثلاث سجدات:
الاُولى: السجدة الاُولى التي تكون منسيّة وجداناً، فيجب قضاؤها.
الثانية: السجدة الثانية بمقتضى استصحاب عدم إتيانها في غير الركعة الأخيرة.
الثالثة: السجدة الرجوعيّة والتداركيّة في الركعة الأخيرة بمقتضى استصحاب عدم إتيانها أيضاً.
فواحد منها رجوعيّ وثنتان قضائيّ[۱۶۱]، ذهب إليه المحقّق العراقي(رحمهالله) أيضاً وقال في متن الروائع:
لا شبهة في تعارض قاعدة التجاوز في الطرفين فيتساقطان، فيجب بمقتضى الاستصحاب تدارك السجدة الأخيرة في محلّه وقضاء السجدتين[۱۶۲].
ولكن يرد عليهما أنّه مع العلم بعدم وجوب الزائد عن السجدتين كيف يصحّ الالتزام بلزوم ثلاث سجدات بمقتضى الاستصحاب؟
وبعبارة اُخرى: نعلم وجداناً ببطلان أحد الاستصحابين، فتدبّر.
ثمّ إنّ المحقّق العراقي قد أورد إيراداً على جريان الاستصحاب في حاشية الروائع، وقال:
إنّ الاستصحاب إنّما يجري على تقدير ترتّب الأثر على الترك في الصلاة الصحيحة، أو على الترك المقيّد بعدم كونه عمديّاً، بناءً على جريان الاستصحاب في الأعدام الأزليّة، وإلاّ فلو ترتّب الأثر على الترك المقيّد بكونه سهويّاً فلا مجال للاستصحاب المزبور، وحينئذٍ فمقتضى ما ذكرنا وجوب القضاء لهما بلا احتياج إلى الاستصحاب. نعم، لو كان المنافي سهويّاً تجري قاعدة الاشتغال، ويثبت بها وجوب إعادة السجدة، وتجري البراءة عمّا زاد من السجدة الواحدة في قضائه، فيقضي سجدة واحدة ويُعيد الاُخرى في محلّها[۱۶۳].
ومحصّل كلامه: أنّ الأثر الشرعي في المقام ـ وهو وجوب القضاء ـ لم يكن مترتّباً على مطلق الترك، أو على الترك المقيّد بعدم كونه عمديّاً، بل هو ترتّب في الروايات على الترك المقيّد بكونه سهويّاً، واستصحاب عدم الإتيان وإن كان دالاًّ على عدم تحقّق السجدة، ولكنّه لا يثبت أنّ الترك كان سهويّاً حتّى يترتّب عليه وجوب القضاء.
وبعبارة اُخرى: إذا كان المستصحب الترك المطلق، أو الترك المقيّد بعدم كونه عمديّاً، فالاستصحاب يجري؛ وهو من مصاديق استصحاب العدم الأزلي، ولكن لا يترتّب عليه أثر شرعاً، فلا ينفع. وأمّا الذي يترتّب عليه الأثر، فهو ما إذا كان الترك سهويّاً، مع أنّ الاستصحاب لا يثبت ذلك، فلا يجري.
فبناءً على ذلك لا يجري الاستصحابان، ويجب العمل بمقتضى العلم الإجمالي، وبمعنى الإتيان بقضاء السجدتين بعد الصلاة من دون الاحتياج إلى الاستصحاب، فتجب ثلاث سجدات. نعم، في فرض عدم وقوع المنافي تصل النوبة إلى قاعدة الاشتغال بالنسبة إلى الركعة التي هو فيها، وقاعدة البراءة بالنسبة إلى وجوب القضاء بعد الصلاة، كما مرّ[۱۶۴] في توضيح كلام الشيخ الأنصاري(قدسسره).
الموضوع في وجوب القضاء
وبعد نقل كلام العراقي(رحمهالله) وتوضيحه يجب البحث في أنّه هل الموضوع في لزوم القضاء هو مطلق الترك، كما يستفاد من كلمات السيّد المحقّق الخوئي(رحمهالله)، أم الموضوع هو الترك السهوي، كما ذهب إليه المحقّق العراقي[۱۶۵] وتبعه السيّد المحقّق الإمام الخميني[۱۶۶]؟
قال السيّد الخوئي(رحمهالله): الظاهر أنّ الموضوع للقضاء ليس هو الترك السهوي ليورد بعدم ثبوت هذا العنوان باستصحاب عدم الإتيان، بل المستفاد من الأدلّة أنّ السجدة المتروكة في محلّها محكومة بالتدارك مع الإمكان وإلاّ فبالقضاء، ثمّ استدرك وقال:
نعم، الترك العمدي موجبٌ للبطلان، وهذا لا يستوجب تقيّد موضوع القضاء بعنوان الترك السهوي، كما لا يخفى، إنتهى[۱۶۷].
ويرد عليه:
أوّلاً: أنّ الأدلّة ظاهرة في أنّ الموضوع هو الترك السهوي، وقد ورد التصريح بالنسيان في بعض الروايات، وهو ظاهر بل صريح في السهو، كما لا يخفى.
منها: ما رواه أبو بصير عن الصادق(عليهالسلام) قال:
سألته عمّن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم؟ قال: «يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع، فإن كان قد ركع فليمضِ على صلاته، فإذا انصرف قضاه وليس عليه سهو»[۱۶۸].
فهذه الرواية صريحة في أنّ موضوع القضاء هو النسيان والسهو.
وقد ورد التعبير بالترك في بعض آخر من الروايات، وهو أيضاً محمول على الترك السهوي بقرينة ما دلّ على أنّ الترك العمدي موجب للبطلان.
وثانياً: ما ذكره في الذيل بعنوان الاستدراك غريب جدّاً؛ فإنّ ما دلّ على أنّ الترك العمدي موجبٌ للبطلان فهو موجبٌ لتقييد موضوع القضاء بالترك السهوي، وهذا واضح.
كلام المحقّق الإمام الخميني(قدسسره)
ذهب السيّد الإمام إلى أنّ الأدلّة ظاهرة في كون الموضوع في وجوب القضاء هو الترك السهوي، ومع عدم الالتزام به غاية ما يمكن الالتزام به أنّ الموضوع عنوان أعمّ؛ وهو الترك غير العمدي، والظاهر أنّ هذا المطلب من جهة أنّ الدليل على أنّ الترك العمدي يوجب البطلان، يقتضي أنّ الترك غير العمدي لا يوجب البطلان، وهذا العنوان ـ أي الترك غير العمدي ـ أعمّ من الترك السهوي.
فقال:
وظاهر الأدلّة هو الترتّب على الترك السهوي، وغاية ما يمكن أن يدّعى هو ترتّبه على عنوان أعمّ منه؛ وهو الترك غير العمدي بنحو الإيجاب العدولي، أو الترك الذي ليس بعمد بنحو الموجبة السالبة المحمول. وعلى أيّ تقدير لا يمكن إحراز الموضوع بالأصل[۱۶۹].
ومحصّل مرامه
وثانياً: على فرض عدم الالتزام بذلك تكون الأدلّة ظاهرة في عنوان أعمّ؛ وهو الترك غير العمدي على نحو الإيجاب العدولي، أو الموجبة السالبة المحمول، لا على نحو السالبة المحصّلة.
وتوضيح ذلك: أنّ الترك غير العمدي يتصوّر على أنحاء ثلاثة:
أ: على نحو السلب التحصيلي، ونتيجته هي: أنّه ليس الترك عمديّاً.
ب: على نحو الموجبة السالبة المحمول، ونتيجته هي: أنّ الترك ليس بعمدي.
ج: على نحو الموجبة المعدولة المحمول، ونتيجته هي: الترك غير العمدي، أو الترك اللاّ عمدي.
فعلى الأوّل: تكون الحالة السابقة للمستصحب موجودة على نحو العدم الأزلي، ففي زمان لم تكن صلاة ولم يكن ترك يصدق عليه أنّه ليس الترك عمديّاً. وبعبارة اُخرى: السالبة المحصّلة تصدق مع فرض انتفاء الموضوع أيضاً، كما أنّه يصدق مع فرض انتفاء المحمول، ولكنّه خارج عن موضوع القضاء.
وعلى الثاني والثالث: لا يوجد حالة سابقة؛ لأنّ الموضوع فيهما يعتبر فيه صدق عنوان الترك. إمّا على نحو الموجبة السالبة المحمول؛ أي الترك الذي يكون متّصفاً بكونه غير عمدي، أو على نحو المعدولة؛ أي الترك غير العمدي.
والمستفاد من أدلّة وجوب القضاء هو الترك غير العمدي على أحد النحوين الأخيرين، والمعتبر فيه صدق عنوان الترك، ووجود الترك سابقاً متّصفاً بهذا العنوان، ومن هذه الجهة لا يصحّ الاستصحاب من جهة عدم وجود الحالة السابقة.
وبعبارة اُخرى: نقطع بأنّ الموضوع في أدلّة السهو ليس السلب بعنوان السلب التحصيلي الصادق مع عدم الصلاة أصلاً، كما أنّه صادق مع عدم السهو أصلاً، بل الموضوع لابدّ وأن يكون على نحو الموجبة السالبة المحمول، أو المعدولة الغير الصادقتين إلاّ على وجود الموضوع؛ وهو الترك الموصوف مع أنّه لم تكن له حالة سابقة.
فما كان له حالة سابقة ويصحّ فيه الاستصحاب هو الترك على نحو السلب التحصيلي، ولكنّه خارج عن موضوع القضاء، وما كان داخلاً في موضوع القضاء ويصحّ فيه الاستصحاب ليس له حالة سابقة.
والحاصل: أنّ السيّد الإمام الخميني(قدسسره) ذهب إلى عدم جريان استصحاب عدم السجدة؛ فإنّه لا يصحّ لا لإثبات القضاء، ولا لإثبات التدارك والرجوع؛ من جهة عدم وجود الحالة السابقة لو قلنا بأنّ الموضوع في أدلّة السهو عنوان عامّ.
وأمّا لو قلنا بأنّ الموضوع هو الترك المقيّد بكونه سهويّاً، فجريان الاستصحاب لا يصحّ من جهة المثبتيّة، وبعد عدم جريان الاستصحاب لابدّ من العمل بمقتضى العلم الإجمالي، ومقتضاه الرجوع والإتيان بالسجدة وقضاء سجدة اُخرى بعد الصلاة؛ للعلم الإجمالي بأنّه إمّا يجب عليه الرجوع والتدارك، أو يجب عليه المضيّ والقضاء.
أقول: المستفاد من كلامه(قدسسره) لزوم الإتيان بثلاث سجدات، وهذا غير تامّ؛ لأنّ العلم الإجمالي يصير منحلاًّ من جهة جريان قاعدة الاشتغال بالنسبة إلى الرجوع والتدارك، وجريان قاعدة البراءة بالنسبة إلى القضاء، فاللاّزم عليه الإتيان بسجدتين: سجدة رجوعيّة، وسجدة قضائيّة فقط.
مسألة ۳ ـ لو كان في الركعة الرابعة مثلاً وشكّ في أنّ شكّه السابق بين الاثنتين والثلاث، كان قبل إكمال السجدتين أو بعده، فالأحوط الجمع بين البناء وعمل الشكّ وإعادة الصلاة، وكذلك إذا شكّ بعد الصلاة(۱).
۱ ـ لو علم بوجود شكّ بين الاثنتين والثلاث، ولكنّه لم يعلم أنّ هذا الشكّ كان حدوثه قبل إكمال السجدتين حتّى تبطل الصلاة، أو بعد إكمالهما حتّى تصحّ الصلاة، وهذا يفرض في موردين:
الأوّل: في أثناء الصلاة.
والثاني: بعد الصلاة.
أمّا المورد الأوّل: فالاحتمالات فيه أربعة:
الاحتمال الأوّل: أن يبني على أنّ حدوث الشكّ بعد إكمال السجدتين، والصلاة صحيحة ويجب عليه ركعة الاحتياط، ذهب إليه السيّد اليزدي والخوئي[۱۷۰].
الاحتمال الثاني: أن يعمل بمقتضى العلم الإجمالي، فهذا الشخص إمّا أن يكون مكلّفاً بخطاب إتمام الصلاة والإتيان بركعة الاحتياط، أو يكون مكلّفاً بخطاب أعِد صلاتك، واللاّزم عليه إتمام الصلاة والإتيان بركعة الاحتياط، ثمّ إعادة الصلاة مرّةً اُخرى، ذهب إليه كثير من محشّي العروة[۱۷۱]، إمّا على نحو الفتوى، أو على نحو الاحتياط.
الاحتمال الثالث: القول بأنّ الصلاة باطلة ويجوز قطعها ورفع اليد عنها، ثمّ يجب عليه الإعادة، والظاهر عدم وجود قائل بهذا الاحتمال.
الاحتمال الرابع: التفصيل بين الذي يعلم حكم الشكّ ولكن احتمل المضيّ والبناء على الثلاث قبل إكمال السجدتين سهواً، وبين الذي لا يعلم حكم الشكّ، فعلى الأوّل: لا يعتني بشكّه، وعلى الثاني: يعتني، ذهب إليه المحقّق المؤسِّس الحائري(رحمهالله) في صلاته[۱۷۲].
وبعد هذه الاحتمالات الأربعة نشرع من الاحتمال الثالث:
فنقول: إنّ المستند فيه أنّه قد مرّ[۱۷۳] في المباحث السابقة أنّ حرمة قطع الصلاة ليست مستندة إلى دليل لفظيّ، بل مدركها ليس إلاّ الإجماع وهو دليل لُبّي، والقدر المتيقّن منه هو ما إذا كانت الصلاة قابلة للامتثال بحيث تصير مصداقاً له، وفيما نحن فيه نشكّ في أنّ هذه الصلاة هل كانت قابلة للامتثال أم لا؟ فيجوز قطع الصلاة.
والجواب عن هذا الاستدلال: أنّ أدلّة الشكوك وأحكامها ظاهرة في العزيمة لا الرخصة.
وتوضيح ذلك: أنّ المستفاد من أدلّة الشكوك هي العزيمة؛ بمعنى عدم جواز قطع الصلاة، ولزوم العمل على طبق قانون الشكّ والحكم الوارد فيه، فمثلاً في الشكّ بين الثالثة والرابعة يجب البناء على الأكثر، ولا يجوز قطع الصلاة بمجرّد حدوث الشكّ، بل اللاّزم العمل على حكمه والبناء على الأكثر، ومقتضى العزيمة انقلاب التكليف من الركعة الرابعة المتّصلة إلى الركعة المنفصلة.
وأمّا بناءً على الرخصة، فيجوز قطع الصلاة والعمل على طبق حكم الشكّ، وبما أنّ الأدلّة ظاهرة في العزيمة، فلا يجوز في المقام قطع الصلاة لو كان الحكم الواقعي هو البناء على الأكثر.
وبعد بطلان هذا الاحتمال نعقد البحث في مقامين:
المقام الأوّل: في جريان الاُصول العمليّة، كالاستصحاب والتمسّك بقاعدة التجاوز.
المقام الثاني: في مقتضى الروايات الموجودة في المقام.
أمّا المقام الأوّل:
فهل يجري في المقام استصحاب عدم حدوث الشكّ قبل إكمال السجدتين، أو استصحاب عدم السهو والنسيان؟
وفيه:
أوّلاً: أنّ هذا الاستصحاب لا يثبت أنّ الشكّ متأخّر عن السجدتين، وما يكون موضوعاً للصحّة هو حدوث الشكّ بعد إكمال السجدتين، فهذا الاستصحاب مثبت، والأصل المثبت ليس بحجّة.
وقد أشار إلى هذا الإيراد المحقّق الإيرواني(رحمهالله)، فذكر أنّ هذا الاستصحاب لا يثبت تأخّر الشكّ، فضلاً عن أن يثبت أنّ حدوث الشكّ الموجود كان متأخّراً[۱۷۴]. والفرق بينهما: أنّ الموضوع للصحّة هو كون هذا الشكّ الموجود كان متأخّراً، لا العنوان الكلّي؛ وهو كلّي تأخّر الشكّ؛ فإنّ هذا العنوان ليس موضوعاً لحكم؛ فإنّ تأخّر الشكّ الكلّي ليس موضوعاً، بل الموضوع هو مصداق الشكّ، وهو: أنّ نفس هذا الشكّ الموجود كان متأخّراً.
وثانياً: أنّ هذا الاستصحاب على فرض جريانه معارض لاستصحاب آخر، وهو استصحاب عدم إكمال السجدتين قبل حدوث الشكّ، فيتعارضان ويتساقطان[۱۷۵].
وأمّا جريان قاعدة التجاوز وعدمه:
فوجه الاستدلال: أنّ المصلّي في الركعة الرابعة لا يعلم أنّ الركعتين الأولتين هل وقعتا على نحو الصحّة أم لا؟ فتجري قاعدة التجاوز بناءً على جريانها في أثناء الصلاة مطلقاً؛ سواء كان الشكّ في الصحّة أم كان في الوجود، بناءً على ما حقّقناه في محلّه[۱۷۶] من أنّ الفرق بين قاعدة التجاوز، وقاعدة الفراغ إنّما هو في أنّ الأوّل مورده هو الشكّ في الأثناء، والثاني مورده هو الشكّ بعد الفراغ عن العمل.
وأمّا بناءً على ما ذهب إليه المشهور[۱۷۷] من أنّ الفرق بينهما إنّما هو في أنّ الأوّل مورده هو الشكّ في الوجود، والثاني مورده هو الشكّ في الصحّة، فلا يصحّ الاستدلال بها.
هذا، والاستدلال بها أيضاً مبنيّ على كون القاعدة من الأمارات حتّى تثبت لوازمها غير الشرعيّة. وأمّا بناءً على كونها من الاُصول العمليّة، فلا يصحّ الاستدلال بها كما هو واضح.
وقد أورد عليه السيّد الخميني[۱۷۸] والميرزا الإيرواني بأنّها وإن كانت من الأمارات، ولكنّها لا تثبت أنّ حدوث الشكّ كان بعد إكمال السجدتين.
وقد ذكر الإيرواني(رحمهالله) أنّه لا فرق بين الاُصول العمليّة والأمارات من جهة المثبتات، بل اللاّزم النظر إلى دليل حجيّتهما، فإن كان الدليل دالاًّ على اعتبار اللّوازم فنأخذ به، وإن لم يكن دالاًّ فلا يصحّ[۱۷۹].
وفيه أوّلاً: أنّ الاستدلال بالقاعدة مبنيّ على حجيّة لوازمها غير الشرعيّة، فلا مجال لهذا الإشكال، وبعبارة اُخرى: الإشكال مبنائيّ.
وثانياً: ما أورده السيّد الإمام الخميني(قدسسره) من أنّ قاعدة التجاوز ولو سلّمنا كونها أصلاً محرزاً، ولكن تكون محرزاً حيثيّاً لا محرزاً مطلقاً[۱۸۰]؛ بمعنى: أنّ القاعدة نافعة بالنسبة إلى ما مضى، فهي مفيدة لصحّة الصلاة بالمقدار الذي مضى، ولكن من حيثيّة اُخرى، كإثبات كون الشكّ حادثاً بعد إكمال السجدتين فلا تفيد، كما أنّ الشكّ في الطهارة بعد الفراغ من الصلاة موضوع للتعبّد بالصحّة في هذه القاعدة من حيث الصلاة التي فرغ منها، ولكنّها لا تفيد بالنسبة إلى صلاة اُخرى، ولا تدلّ على كونه على طهارة.
وفيه: أنّ قاعدة التجاوز مع وجود الفرق بينها، وبين قاعدة الفراغ ـ كما بيّناه في محلّه[۱۸۱] ـ تدلّ على صحّة ما مضى، ولازمه غير الشرعي حدوث الشكّ بعد إكمال السجدتين. نعم، بناءً على وحدة القاعدتين كما هو مختار السيّد الإمام الخميني(قدسسره)[۱۸۲]، لا تنفع بالنسبة إلى الأعمال الآتية، ولكنّها نافعة بالنسبة إلى ما مضى فقط، فتأمّل.
وثالثاً: ما ذكره المحقّق الشيخ باقر الزنجاني[۱۸۳]؛ وهو مبنيّ على تصوير المقام من باب الشرط المتأخّر، وعدم جريان قاعدة التجاوز في الشرط المتأخّر.
وتوضيح ذلك: أنّ القاعدة جارية بالنسبة إلى الأجزاء التي مضى محلّها من حيث الوجود والعدم. وأمّا إذا كان العمل مشروطاً بشرط متأخّر من حيث الصحّة فلا تجري، وقد ذكر لذلك مثالين:
المثال الأوّل: إذا شكّ المصلّي بعد الفراغ من الصلاة في أنّ الرِّياء المُفْسِد للعمل هل صار عارضاً وملحقاً بالصلاة أم لا؟ بناءً على أنّ الرِّياء بعد العمل مفسداً للعمل، فلا تجري قاعدة التجاوز لإثبات الصحّة.
المثال الثاني: في صوم المستحاضة، الذي هو مشروط بالغسل في اللّيل على نحو الشرط المتأخّر، إذا شكّت المستحاضة في أنّه هل صدر منها الغسل أم لا؟ أو شكّت في أنّ غسلها هل هو صحيح أم لا؟ فلا تجري قاعدة التجاوز.
وبالجملة: لا تجري قاعدة التجاوز لإثبات الصحّة في ما هو مشروط بالشرط المتأخّر، بل القاعدة إنّما هي جارية بالنسبة إلى الأجزاء التي مضى محلّها من حيث الوجود والعدم.
وفي المقام تكون الصحّة في الركعتين الأولتين مشروطة بعدم حدوث الشكّ قبل إكمال السجدتين، فلو كان المصلّي جاهلاً بأنّ الشكّ هل هو حادث قبل إكمال السجدتين أم لا؟ فلا يمكن له إجراء هذه القاعدة للصحّة.
وفيه: أنّ هذا الكلام صحيح كبرويّاً، ولكن من حيث الصغرى غير تامّ؛ فإنّ تصوير المقام من باب الشرط المتأخّر غير صحيح وغير مطابق لظاهر الأدلّة، وغاية ما يقال: إنّ حدوث الشكّ قبل إكمال السجدتين يكون مبطلاً للصلاة، وليس هذا بمعنى: أنّ عدم الحدوث شرعاً شرط للصحّة.
نعم، لازمه العقلي ذلك ولكنّه لا ينفع، كما أنّ القهقهة مُبطلة للصلاة، ولكن عدمها ليس شرطاً للصحّة، كما هو واضح، فتدبّر.
الإيراد الرابع: وهو ما يخطر بالبال؛ وهو عدم تطبيق التعابير الواردة في القاعدة على المقام؛ فإنّ القاعدة متوقّفة على التجاوز عن المحلّ والدخول في الغير، والحال أنّ من لم يعلم أنّ الشكّ هل هو حادث قبل إكمال السجدتين أو بعده؟ فهو لا يعلم أنّ التجاوز عن المحلّ هل هو واقع أم لا؟ فصدق التجاوز مشكوك، كما أنّ صدق الدخول في الغير أيضاً مشكوك.
الإيراد الخامس: وهو أيضاً يخطر بالبال؛ وهو: أنّه ما هي النسبة بين قاعدة التجاوز، وبين قاعدة أنّ الشكّ قبل إكمال السجدتين مبطل للصلاة؟ فهل الثاني يكون مخصّصاً للأوّل؛ بمعنى: أنّ التجاوز عن المحلّ يكون سبباً شرعاً للصحّة إلاّ إذا كان الشكّ حادثاً قبل إكمال السجدتين، وبناءً عليه: يكون التمسّك بالقاعدة في المقام من باب التمسّك بالعامّ في الشُّبهة المصداقيّة.
أو يكون خارجاً عن قاعدة التجاوز تخصّصاً؛ بمعنى: أنّ قاعدة التجاوز موردها مقتضٍ للصحّة، ولكن القاعدة الثانية موردها مقتضٍ للبطلان؟ كما أنّ القهقهة مثلاً مبطلة للصلاة؛ فإنّ الشكّ في حدوثها يكون مورداً لأصالة عدم حدوث المبطِل، ولا يكون مورداً لقاعدة التجاوز، فمن شكّ في حدوثها في الصلاة، فلا يصحّ أن يقول بالصحّة تمسّكاً بقاعدة التجاوز.
الظاهر أنّ مورد الثاني مغاير للأوّل ولا ربط بينهما؛ فإنّ قاعدة التجاوز إنّما هي في مقام تصحيح الصلاة، مع أنّ القاعدة الثانية إنّما هي في مقام إبطال الصلاة.
ونتيجة ذلك: وقوع التعارض بينهما في ما نحن فيه، فيتساقطان.
وبالجملة: يصحّ أن يُقال: إنّ تطبيق القاعدة في المقام مشكوك، فلا يصحّ التمسّك بها.
هذا تمام الكلام في جريان قاعدة التجاوز. وأمّا أصالة عدم عروض المبطل، كما تمسّك بها السيّد الخوئي(قدسسره)[۱۸۴]، وأصالة الصحّة، كما يستفاد من كلمات المحقّق الحائري(قدسسره)[۱۸۵]، فلا يصحّ الاستدلال بهما أيضاً من جهة المثبتيّة.
وأمّا المقام الثاني:
إنّ في البين طائفتين من الروايات:
الطائفة الاُولى: ما يدلّ بنحو العموم على لزوم البناء على الأكثر في مطلق السهو والشكّ في الركعات.
مثل ما رواه عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) أنّه قال له:
يا عمّار أجمع لك السهو كلّه في كلمتين؛ متى ما شككت فخُذ بالأكثر، فإذا سلّمت فأتم ما ظننت أنّك نقصت»[۱۸۶].
الطائفة الثانية: ما يدلّ على أنّ السهو والشكّ في الأوليتين موجبٌ للبطلان والإعادة، وأنّ أحكام الشكّ والبناء على الأكثر إنّما هو في الأخيرتين.
مثل: صحيحة أو حسنة حسن بن علي الوشّاء قال:
قال لي أبو الحسن الرِّضا(عليهالسلام): «الإعادة في الركعتين الأوليتين، والسهو في الركعتين الأخيرتين»[۱۸۷].
ما هي النسبة بين الطائفتين
هل النسبة بينهما نسبة العامّ والخاصّ؛ بمعنى: أنّ الطائفة الثانية مخصّصة للاُولى، ويقال: إنّ العام بعد التخصيص لا ينعقد له عنوان آخر، ولا يتبدّل فيه العنوان، بل يبقى على العنوان السابق، كما أنّه يبقى على الحجيّة، فيتمسّك به في المورد المشكوك فيما نحن فيه، فنأخذ به ونبني على الأكثر.
ولكن يرد عليه أوّلاً: أنّ هذا تمسّك بالعام في الشُّبهة المصداقيّة.
وثانياً: أنّ رواية حسن بن عليّ الوشّاء لا تدلّ فقط على عدم حدوث الشكّ في الأوليتين حتّى يقال: إنّ رواية عمّار تدلّ على البناء على الأكثر بنحو العموم، وهذه الرواية تدلّ على عدم البناء، فما كان الشكّ في الأوّلتين تكون مخصّصاً من دون حدوث عنوان جديد.
بل الظاهر أنّها دالّة على لزوم كون المصلّي حافظاً بالنسبة إلى الأوليتين. وعليه: تكون مفسّرة وحاكمة على الطائفة الاُولى. ونتيجة ذلك حدوث عنوان جديد للاُولى؛ وهو: أنّ المراد من السهو في الطائفة الاُولى هو السهو في الأخيرتين.
والحاصل: أنّ الموضوع للبناء على الأكثر هو حدوث السهو في الأخيرتين.
والظاهر أنّ الحكومة واضحة بينهما، كما صرّح بذلك السيّد الإمام المحقّق الخميني(قدسسره)[۱۸۸]، ولا يذهب عليك أنّ المستفاد من كلمات السيّد المحقّق الخوئي(قدسسره)[۱۸۹] هي الحكومة، ولكن الاختلاف بين السيّدين إنّما هو في نتيجة الحكومة؛ فالسيّد الإمام الخميني(رحمهالله) صرّح بأنّ النتيجة هي كون حدوث الشكّ في الأخيرتين موضوعاً للبناء على الأكثر، بخلاف السيّد الخوئي(رحمهالله)؛ فإنّه صرّح بأنّ الموضوع للبناء عدم حدوث الشكّ في الأخيرتين.
والإنصاف: أنّ ما استنبطه السيّد الإمام الخميني(رحمهالله) موافق لظاهر الروايات؛ فإنّ التعبير في الطائفة الثانية بأنّ السهو في الركعتين الأخيرتين ظاهر في تفسير كلمة «السهو»، الواردة في رواية عمّار في قوله(عليهالسلام): «أجمع لك السهو في كلمتين»، ونتيجة ذلك أنّ السهو الذي هو موضوع للبناء على الأكثر هو السهو الحادث في الأخيرتين.
ثمّ إنّ السيّد الإمام الخميني(قدسسره) قال ـ تأييداً للتفسيريّة والحكومة ـ:
ويؤيّد ذلك صحيحة زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام في حديثٍ قال: قلتُ له: رجلٌ لم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثاً؟ فقال(عليهالسلام): «إنْ دخلَهُ الشكّ بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة، ثمّ صلّى الاُخرى ولا شيء عليه ويسلِّم»[۱۹۰].
بناءً على أنّ المراد من «الثالثة» هي التي يشكّ في أنّها ثالثة أو رابعة، والمراد بالمضيّ فيها هو إتمامها بالبناء على الثالثة؛ أي فيما يشكّ فيه، بقرينة قوله(عليهالسلام): «ثمّ صلّى الاُخرى»؛ فإنّ التمام المستفاد من كلمة «ثمّ»، وقوله: «صلّى الاُخرى» يوجبان ظهورها في الصلاة المستقلّة المفصولة، فهي وإن لم يبعد أن يكون بناؤها على الإجمال، وبيان الحكم بنحو الإبهام، لكن يفهم منها أنّ الميزان في البناء هو حدوث الشكّ بعد الدخول في الركعة التالية[۱۹۱]، إنتهى كلامه.
ونلاحظ فيه:
أوّلاً: أنّ التعبير والتصريح بأنّه يسلِّم قرينة على أنّ المراد من قوله(عليهالسلام): «صلّى الاُخرى» ليست صلاة مستقلّة، بل المراد منها هي الركعة الرابعة، فبعد المضيّ والبناء على الثالثة يضيف ركعة اُخرى؛ وهي الركعة الرابعة، ثمّ يسلِّم ولا شيء عليه.
وثانياً: أنّ احتمال كون الإمام(عليهالسلام) في هذه الرواية بصدد الإجمال أو الإبهام في غاية الضعف والبُعد، ومع غضّ النظر عن هذين الإشكالين فالإنصاف: أنّ قوله(عليهالسلام): «إن دخله الشكّ في الثالثة» ظاهر في لزوم كون حدوث الشكّ في الثالثة، وتعبير آخر عن إكمال السجدتين، فتدبّر.
وكيف كان؛ فإنّ الاحتمالات في نتيجة الحكومة بين رواية حسن بن عليّ الوشّاء، ورواية عمّار سبعة:
۱. الموضوع في البناء على الأكثر هو عدم حدوث الشكّ في الأوليتين، ذهب إليه المحقّق العراقي[۱۹۲]، ويستفاد من كلمات السيّد الخوئي[۱۹۳].
۲. الموضوع فيه هو عدم حدوثه قبل الإكمال، صرّح به المحقّق المؤسِّس الحائري(قدسسره)[۱۹۴].
۳. الموضوع فيه كون المصلّي حافظاً للأوليتين، صرّح به السيّد البروجردي على ما في نهاية التقرير للشيخ المحقّق الوالد الراحل[۱۹۵].
۴. الموضوع فيه هي صحّة الصلاة؛ بمعنى: أنّ البناء على الأكثر إنّما هو في الصلاة الصحيحة.
وقد صرّح السيّد الإمام الخميني(قدسسره) بأنّ هذه الاحتمالات الأربعة مضافاً إلى أنّها تخرّص، مخالفة لظاهر الروايات الواردة في المقام؛ فإنّ التعبير بـ «أنّ السهو في الأخيرتين» ظاهر في أنّ حدوثه فيهما[۱۹۶].
۵. الموضوع فيه هو حدوث الشكّ في الأخيرتين مع تماميّة الركعتين الأوليتين.
۶. الموضوع فيه هو حدوث الشكّ مع كون المُصلّي حافظاً للأوليتين.
۷. الموضوع فيه هو حدوث الشكّ حين دخل في الثالثة.
والظاهر لزوم حمل الروايات على إحدى الثلاثة الأخيرة.
ثمّ إنّ السيّد الخوئي(رحمهالله) ـ بعد أن استنبط من انضمام الروايات أنّ الموضوع في البناء على الأكثر هو عدم حدوث الشكّ في الأوليتين ـ ذكر أنّ هذا الموضوع يحرز بعضه وجداناً، وبعضه الآخر بطريق الأصل؛ فإنّ المصلّي الشاكّ في الرابعة يكون حافظاً بالنسبة إلى الأوليتين بالفعل (حين الرابعة)؛ فإنّه وإن كان في الرابعة البنائيّة، ولكنّه إذا كان واقعاً في الثالثة فهو أيضاً حافظ بالنسبة إلى الأوليتين، فهذا محرز له وجداناً. وأمّا عدم حدوث الشكّ قبل إكمال السجدتين، فهو محرز بالأصل؛ فإنّ الأصل عدم عروض المبطل[۱۹۷].
ويرد عليه:
أوّلاً: أنّ الملاك في إجراء أحكام الشكّ إنّما هو حدوث الشكّ وزمن حدوثه، لا ما يكون بالفعل موجوداً فيه، فمثلاً الشاكّ بين الاثنين والثلاث يسري شكّه إلى الثلاث والأربع، ولكنّه يجب إجراء حكم الأوّل دون الثاني.
كما أنّ الشاك بين الثلاث والأربع يسري حكمه إلى الاثنين والثلاث، ولكن يجب عليه إجراء حكم الأوّل دون الثاني، وفي المقام زمان حدوث الشكّ إنّما هو بين الاثنين والثلاث، واللاّزم إجراء أحكام الشكّ في هذا الزمان، وبالنسبة إلى هذا الزمان لا يكون حافظاً وجداناً، بل وجداناً شاكّ، كما هو واضح.
وثانياً: أنّ عدم عروض المُبْطِل لا يثبت حدوث الشكّ بعد إكمال السجدتين، كما هو واضح.
وبالجملة: فما ذهب إليه السيّد الخوئي(قدسسره) غير تامّ جدّاً، والصحيح ما ذهب إليه السيّد الإمام الخميني(قدسسره).
ثمّ إنّ السيّد الإمام الخميني(رحمهالله) قد دقّق النظر وصرّح بأنّه لا يصحّ أن يتوهّم أنّ الموضوع المستفاد في المقام هو العدم على نحو السالبة المحصّلة حتّى يصحّ إحرازه عن طريق استصحاب العدم الأزلي؛ فإنّ السلب التحصيلي لا يستفاد من الروايات[۱۹۸].
هذا تمام الكلام في هذه المسألة، وظهر أنّ الحقّ هو ما ذكره في المتن من الاحتياط ولزوم الإتمام، وإتيان ركعة الاحتياط ثمّ الإعادة، واللّه العالم.
قد تمّ في شوّال المكرّم في يوم العيد / ۱۴۳۲ق
--------------------------------------
[۱] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲.[۲] مثل آل ياسين وكاشف الغطاء، العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ ـ ۳۲۳ تعليقه ۳.
[۳] العروة الوثقى مع تعليقات الفاضل اللنكراني(قدسسره) ۱: ۶۵۲ مسألة ۲۱۳۴، والعروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲.
[۴] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة كاشف الغطاء.
[۵] خلل الصلاة وأحكامه: ۶۷۳ ـ ۶۷۵.
[۶] روائع الأمالي: ۷.
[۷] كتاب الصلاة للحائري المؤسّس: ۴۲۱، العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲.
[۸] حكاه عن بعض في الدرر الغوالي: ۹.
[۹] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲، الدرر الغوالي: ۵.
[۱۰] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲.
[۱۱] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲ من كاشف الغطاء.
[۱۲] الدرر الغوالي: ۸.
[۱۳] قاعدة الفراغ والتجاوز للمؤلّف حفظه اللّه: ۲۹.
[۱۴] روائع الأمالي: ۷.
[۱۵] الدرر الغوالي: ۸.
[۱۶] في ص ۱۰ ـ ۱۱.
[۱۷] عقد اللآلي: ۲ ـ ۳، العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲.
[۱۸] الدرر الغوالي: ۳.
[۱۹] قاعدة الفراغ والتجاوز للمؤلّف مدّ ظلّه: ۱۱۷ ـ ۱۲۱.
[۲۰] استنبطه المؤلّف مدّ ظلّه في قاعدة الفراغ والتجاوز: ۱۱۷ ـ ۱۲۱. من فحوى فتاوى الفقهاء(قدسسرهم).
[۲۱] روائع الأمالي: ۷.
[۲۲] كما في خلل الصلاة وأحكامه: ۶۷۳ ـ ۶۷۵، والدرر الغوالي: ۴.
[۲۳] روائع الأمالي: ۷.
[۲۴]، ۳ الإشكال والجواب كلاهما مذكور في خلل الصلاة وأحكامه: ۶۷۳ ـ ۶۷۵.
[۲۵]
[۲۶] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۰۷ ـ ۱۰۸.
[۲۷] الدرر الغوالي: ۴ ـ ۵.
[۲۸] في ص ۵۶ ـ ۵۷.
[۲۹] الرسائل العشرة: ۱۰۰ ـ ۱۰۲.
[۳۰] في ص ۵۶.
[۳۱] وهو منسوب إلى غير واحد من الأصحاب، كما في مستمسك العروة الوثقى ۶: ۴۲، وخلل الصلاة وأحكامه: ۶۷۵.
[۳۲] الكافي ۳: ۳۶۳ ح۵، تهذيب الأحكام ۲: ۳۴۲ ح۱۴۱۸، وعنهما وسائل الشيعة ۶: ۶، كتاب الصلاة، أبواب النيّة ب۲ ح۱.
[۳۳] تهذيب الأحكام ۲: ۱۹۷ ح۷۷۶، و۳۴۳ ح۱۴۱۹، وعنه وسائل الشيعة ۶: ۶، كتاب الصلاة، أبواب النيّة ب۲ ح۲.
[۳۴] تهذيب الأحكام ۲: ۳۴۳ ح۱۴۲۰، وعنه وسائل الشيعة ۶: ۷، كتاب الصلاة، أبواب النيّة ب۲ ح۳.
[۳۵] تهذيب الأحكام ۲: ۱۹۳ ح۷۶۰، الاستبصار ۱: ۳۷۵ ح۱۴۲۴، ورواه في المقنع: ۱۰۱ ـ ۱۰۲ مرسلاً، وعنها وسائل الشيعة ۸: ۲۱۵، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب۹ ح۳.
[۳۶] كما يدلّ عليه قوله(عليهالسلام) في تهذيب الأحكام ۲: ۳۵۱ ح۱۴۵۵، والفقيه ۱: ۲۲۵ ح۹۹۳: ما أعاد الصلاة فقيه قطّ يحتال لها ويدبّرها حتّى لا يعيدها، وعنهما وسائل الشيعة ۸: ۲۴۸، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب۲۹ ح۱.
[۳۷] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲، كتاب الصلاة للحائري المؤسس: ۴۲۱.
[۳۸] خلل الصلاة وأحكامه: ۶۷۴ ـ ۶۷۵.
[۳۹] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲، الدرر الغوالي: ۵، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۰۸.
[۴۰] العروة الوثقى ۲: ۴۵۱ ـ ۴۵۳ مسألة ۱۹.
[۴۱] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۰۸.
[۴۲] في ص ۵۹.
[۴۳] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۴: ۵۹ ـ ۶۳.
[۴۴] في ص ۶۰.
[۴۵] قاعدة الفراغ والتجاوز للمؤلّف مدّ ظلّه: ۱۰۳ ـ ۱۰۶.
[۴۶] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ تعليقة ۲.
[۴۷] روائع الأمالي: ۷ ـ ۸.
[۴۸] الدرر الغوالي: ۶.
[۴۹] الدرر الغوالي: ۷.
[۵۰] خلل الصلاة وأحكامه: ۶۷۳.
[۵۱]، ۲ خلل الصلاة وأحكامه: ۶۷۳.
[۵۲] الدرر الغوالي: ۷ ـ ۸.
[۵۳] في ص ۶۸.
[۵۴] الرسائل العشرة: ۹۹ ـ ۱۰۷.
[۵۵] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ ـ ۳۲۳.
[۵۶] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ ـ ۳۲۳.
[۵۷] العروة الوثقى ۳: ۳۲۲ ـ ۳۲۳ تعليقة الإمام الخميني(قدسسره)، الرسائل العشرة: ۱۰۶ـ ۱۰۷.
[۵۸] روائع الأمالي: ۸.
[۵۹] مستمسك العروة الوثقى ۷: ۵۹۶.
[۶۰] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۰۹.
[۶۱] وسائل الشيعة ۶: ۶ ـ ۸، كتاب الصلاة، أبواب النيّة ب۲ و۳، وغيرها.
[۶۲] روائع الأمالي: ۸.
[۶۳] الرسائل العشرة: ۱۰۶.
[۶۴] في ص ۵۵ ـ ۵۶ و ۶۰.
[۶۵] خلل الصلاة وأحكامه: ۶۷۷ ـ ۶۸۸.
[۶۶] راجع فوائد الأصول ۳: ۷۳، وأجود التقريرات ۳: ۸۲ وما بعدها، وما حكى عن استاذه في التنقيح في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱: ۴۹ ـ ۵۰، والعروة الوثقى ۲: ۴۵۲ تعليقة النائيني، وج۳: ۳۲۲ ـ ۳۲۳.
[۶۷] الرسائل العشرة: ۹۹ و۱۰۶ ـ ۱۰۷.
[۶۸] تقدّم كلامه في ص ۶۶.
[۶۹] تقدّم كلامه في ص ۵۲ و۶۴.
[۷۰] في ص ۶۴ ـ ۶۵ و ۶۶ ـ ۶۷.
[۷۱] في ص ۷۲ ـ ۷۴ و ۷۸.
[۷۲] الرسائل العشرة: ۱۰۷.
[۷۳] الرسائل العشرة: ۱۰۷.
[۷۴] العروة الوثقى ۳: ۳۲۳.
[۷۵] في ص ۶۷ و ۸۰ ـ ۸۱.
[۷۶] روائع الأمالي: ۸ ـ ۹.
[۷۷] عقد اللآلي: ۳.
[۷۸] كتاب الصلاة، تقريرات المحقّق النائيني للآملي ۱: ۷۲ ـ ۷۳.
[۷۹] الفقيه ۱: ۲۲۵ ح۹۹۱، تهذيب الأحكام ۲: ۱۵۲ ح۵۹۷، وعنهما وسائل الشيعة ۱: ۳۷۲، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء ب۳ ح۸، وج۷ ص۲۳، كتاب الصلاة، أبواب قواطع الصلاة ب۱ ح۴.
[۸۰] تهذيب الأحكام ۲: ۱۹ ح۵۳، وص۲۶۰ ح۱۰۳۷، الاستبصار ۱: ۲۷۰ ح۹۷۶، الكافي ۳: ۲۸۱ ح۱۶، وعنها وسائل الشيعة ۴: ۱۲۶ و۱۳۰، أبواب المواقيت ب۴ ح۵ و۲۰.
[۸۱] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۱.
[۸۲] الرسائل العشرة: ۱۰۸.
[۸۳] العروة الوثقى ۳: ۳۲۳ ـ ۳۲۴.
[۸۴] تقدّم تخريجه في ص ۸۴.
[۸۵] وسائل الشيعة ۶: ۳۶۴ ـ ۳۶۷، كتاب الصلاة، أبواب السجود ب۱۴.
[۸۶] قال في مشيخة الفقيه ۴: ۵۸: وما كان فيه عن عبد اللّه بن مسكان فقد رويته عن أبي ومحمّد ابن الحسن ـ رضي اللّه عنهما ـ عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صفوان بن يحيى، عن عبد اللّه بن مسكان. وهذا الطريق صحيح. نعم، قد رواها الشيخ الطوسي عن ابن مسكان، وطريقه إليه ضعيف بمحمّد بن سنان منه مدّ ظله.
[۸۷] الفقيه ۱: ۲۲۸ ح۱۰۰۸، تهذيب الأحكام ۲: ۱۵۲ ح۵۹۸، الاستبصار ۱: ۳۵۸ ح۱۳۶۰، وعنها وسائل الشيعة ۶: ۳۶۵، كتاب الصلاة، أبواب السجود ب۱۴ ح۴.
[۸۸] العروة الوثقى ۳: ۳۲۳ ـ ۳۲۴.
[۸۹] وسائل الشيعة ۶: ۴۱۵ ـ ۴۱۸، كتاب الصلاة، أبواب التسليم ب۱.
[۹۰] وسائل الشيعة ۶: ۳۶۴ ـ ۳۶۷، كتاب الصلاة، أبواب السجود ب۱۴.
[۹۱] روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان ۲: ۹۲۴، ذخيرة المعاد: ۳۷۳ س۱۲، مفاتيح الشرائع ۱: ۱۴۱ مفتاح ۱۶۱، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۸: ۳۵۳.
[۹۲] في الصفحة السابقة.
[۹۳] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۸: ۳۵۳ ـ ۳۵۶، وج۱۹: ۱۱۳.
[۹۴] تهذيب الأحكام ۲: ۱۵۵ ذح۶۰۸.
[۹۵] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۸: ۳۵۶.
[۹۶] العروة الوثقى ۳: ۳۲۳ ـ ۳۲۴.
[۹۷] روائع الأمالي: ۹ ـ ۱۰.
[۹۸] العروة الوثقى ۳: ۳۲۴ تعليقة ۲.
[۹۹] العروة الوثقى ۳: ۳۲۴.
[۱۰۰] المهذّب البارع ۱: ۳۸۸، مصابيح الظلام ۲: ۱۸۷.
[۱۰۱] روائع الأمالي: ۹ ـ ۱۰.
[۱۰۲] نهاية التقرير ۲: ۳۰۸.
[۱۰۳] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۳.
[۱۰۴] نهاية التقرير ۲: ۳۰۸.
[۱۰۵] تهذيب الأحكام ۲: ۳۱۶ ح۱۲۹۳، والكافي ۳: ۳۳۷ ح۶، وعنهما وسائل الشيعة ۶: ۴۲۶، كتاب الصلاة، أبواب التسليم ب۴ ح۱.
[۱۰۶] وسائل الشيعة ۸: ۱۹۸ ـ ۲۰۵، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب۳.
[۱۰۷] كتاب الصلاة للحائري المؤسّس: ۲۶۳.
[۱۰۸] بداية المجتهد ۱: ۱۳۲، الفقه على المذاهب الأربعة ۱: ۲۳۶، المجموع ۳: ۴۱۷ ـ ۴۲۲، الاُمّ ۱: ۱۱۷، تذكرة الفقهاء ۳: ۲۳۱ مسألة ۲۹۲.
[۱۰۹] الرسائل العشرة: ۱۱۲ ـ ۱۱۳.
[۱۱۰] نهاية التقرير ۲: ۳۴۵.
[۱۱۱] تهذيب الأحكام ۲: ۳۱۶ ح۱۲۹۲، الفقيه ۱: ۲۲۹ ح۱۰۱۴، مستطرفات السرائر: ۹۷ ح۱۶، وعنها وسائل الشيعة ۶: ۴۲۶، كتاب الصلاة، أبواب التسليم ب۴ ح۲.
[۱۱۲] تهذيب الأحكام ۲: ۳۱۶ ح۱۲۹۰، الخصال: ۵۰ ح۵۹، وعنهما وسائل الشيعة ۶: ۴۰۹، كتاب الصلاة، أبواب التشهّد ب۱۲ ح۱.
[۱۱۳] الفقيه ۱: ۲۶۱ ح۱۱۹۰، وعنه وسائل الشيعة ۶: ۴۱۰، كتاب الصلاة، أبواب التشهد ب۱۲ ح۲.
[۱۱۴] عيون أخبار الرضا(عليهالسلام) ۲: ۱۲۳، وعنه وسائل الشيعة ۶: ۴۱۰، كتاب الصلاة، أبواب التشهد ب۱۲ ح۳.
[۱۱۵] الرسائل العشرة: ۱۱۳ ـ ۱۱۵.
[۱۱۶] كتاب الصلاة للحائري المؤسّس: ۲۶۳.
[۱۱۷] تهذيب الأحكام ۲: ۱۵۷ ح۶۱۷، وعنه وسائل الشيعة ۶: ۴۰۲ كتاب الصلاة، أبواب التشهّد ب۷ ح۲.
[۱۱۸] تقدّم تخريجه في ص ۸۴.
[۱۱۹] تهذيب الأحكام ۲: ۱۵۸ ح۶۲۱، وعنه وسائل الشيعة ۶: ۴۰۳، كتاب الصلاة، أبواب التشهّد، ب۷ ح۶.
[۱۲۰] تهذيب الأحكام ۲: ۱۵۰ ح۵۸۸، وعنه وسائل الشيعة ۸: ۲۰۰، كتاب الصلاة، أبواب الخلل، ب۳ ح۶.
[۱۲۱] تهذيب الأحكام ۲: ۱۵۶ ح۶۱۰، الفقيه ۱: ۲۲۸ ح۱۰۰۹، وعنهما وسائل الشيعة ۶: ۳۱۹، كتاب الصلاة، أبواب الركوع، ب۱۴ ح۲.
[۱۲۲] الرسائل العشرة: ۱۱۵ ـ ۱۱۹.
[۱۲۳] تقدّم تخريجهم في ص ۹۱.
[۱۲۴] تقدّم تخريجهم في ص ۹۱.
[۱۲۵]تقدّم تخريجهم في ص ۹۱.
[۱۲۶]تقدّم تخريجهم في ص ۹۱.
[۱۲۷]تقدّم تخريجهم في ص ۹۱.
[۱۲۸] العروة الوثقى ۳: ۳۲۳ ـ ۳۲۴.
[۱۲۹] نجاة العباد ۱: ۱۲۷، ويأتي في ص ۱۰۱، أيضاً.
[۱۳۰] روائع الأمالي: ۹.
[۱۳۱] تهذيب الأحكام ۲: ۱۴۹ ح۵۸۳، الاستبصار ۱: ۳۵۶ ح۱۳۴۷، وعنهما وسائل الشيعة ۶: ۳۱۳، كتاب الصلاة، أبواب الركوع ب۱۰ ح۲.
[۱۳۲] تقدّم تخريجه في ص ۸۴.
[۱۳۳] روائع الأمالي: ۹.
[۱۳۴] العروة الوثقى ۳: ۳۲۳ ـ ۳۲۴.
[۱۳۵] العروة الوثقى ۳: ۲۱۶ مسألة ۱۵.
[۱۳۶] راجع نجاة العباد ۱: ۱۲۷.
[۱۳۷] راجع نجاة العباد ۱: ۱۲۷، تعليقة ميرزا.
[۱۳۸] روائع الأمالي: ۹ ـ ۱۰.
[۱۳۹] روائع الأمالي: ۱۰.
[۱۴۰] تقدّمت في ص ۹۹ ـ ۱۰۰.
[۱۴۱] تهذيب الأحكام ۲: ۱۴۹ ح۵۸۴، الاستبصار ۱: ۳۵۶ ح۱۳۴۶، وعنهما وسائل الشيعة ۶: ۳۱۳، كتاب الصلاة، أبواب الركوع ب۱۰ ح۴.
[۱۴۲] الرسائل العشرة: ۱۲۱ ـ ۱۲۲.
[۱۴۳] تقدّم في ص ۱۰۱.
[۱۴۴] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة السيّد الخوئي ۱۹: ۱۱۴.
[۱۴۵] نهاية التقرير ۲: ۳۰۸ ـ ۳۰۹.
[۱۴۶] نهاية التقرير ۲: ۳۰۸ ـ ۳۰۹.
[۱۴۷] راجع نهاية التقرير ۲: ۳۳۷ ـ ۳۳۹، و۳۵۲ ـ ۳۵۴.
[۱۴۸] تقدّم تخريجه في ص ۸۴.
[۱۴۹] كما تقدّم في ص ۹۱ و۹۸.
[۱۵۰] العروة الوثقى ۳: ۲۱۶ مسألة ۱۵.
[۱۵۱] تقدّمت في ص ۹۶ ـ ۹۷.
[۱۵۲] روائع الأمالي: ۱۰ ـ ۱۲.
[۱۵۳] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۵.
[۱۵۴] روائع الأمالي: ۱۲.
[۱۵۵] تقدّم تخريجه في ص ۸۸.
[۱۵۶] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۵.
[۱۵۷] العروة الوثقى ۳: ۳۲۳ ـ ۳۲۴.
[۱۵۸] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۵ ـ ۱۶.
[۱۵۹] الرسائل العشرة: ۱۲۲.
[۱۶۰] فرائد الاُصول، تراث الشيخ الأعظم ۳: ۴۰۹ ـ ۴۱۳.
[۱۶۱] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۷ ـ ۱۱۸، مصباح الاُصول ۳: ۲۵۷ ـ ۲۶۲.
[۱۶۲] روائع الأمالي: ۱۱ ـ ۱۲.
[۱۶۳] روائع الأمالي: ۱۱.
[۱۶۴] في ص ۱۱۴.
[۱۶۵] تقدّم كلامه في الصفحتين السابقتين.
[۱۶۶] يأتي كلامه في الصفحة الآتية.
[۱۶۷] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۷ ـ ۱۱۸.
[۱۶۸] تهذيب الأحكام ۲: ۱۵۲ ح۵۹۸، الاستبصار ۱: ۳۵۸ ح۱۳۶۰، الفقيه ۱: ۲۲۸ ح۱۰۰۸، وعنها وسائل الشيعة ۶: ۳۶۵، كتاب الصلاة، أبواب السجود ب۱۴ ح۴.
[۱۶۹] الرسائل العشرة: ۱۲۳.
[۱۷۰] العروة الوثقى ۳: ۳۲۵، المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۹.
[۱۷۱] العروة الوثقى والتعليقات عليها ۹: ۱۳۰ ـ ۱۳۲، مؤسّسة السبطين عليهماالسلام.
[۱۷۲] كتاب الصلاة للمحقّق الحائري: ۴۲۱.
[۱۷۳] في ص ۶۹.
[۱۷۴] عقد اللآلي: ۴.
[۱۷۵] كما في عقد اللآلي: ۴.
[۱۷۶] تقدّم في ص ۵۶ ـ ۵۷.
[۱۷۷] تقدّم تخريجه في ص ۵۷.
[۱۷۸] الرسائل العشرة: ۱۳۱.
[۱۷۹] عقد اللآلي: ۴ ـ ۵.
[۱۸۰] الرسائل العشرة: ۱۳۱.
[۱۸۱] قاعدة الفراغ والتجاوز للمؤلّف مدّ ظلّه: ۶۸ وما بعدها.
[۱۸۲] الاستصحاب للإمام الخميني: ۳۱۵ ـ ۳۲۵.
[۱۸۳] رسالة في فروع العلم الإجمالي: ۸۲ ـ ۸۴.
[۱۸۴] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۲۰ ـ ۱۲۲.
[۱۸۵] راجع كتاب الصلاة للمحقّق الحائري: ۴۲۱، وخلل الصلاة وأحكامه: ۶۹۲ ـ ۶۹۷.
[۱۸۶] الفقيه ۱: ۲۲۵ ح۹۹۲، وعنه وسائل الشيعة ۸: ۲۱۲، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب۸ ح۱.
[۱۸۷] الكافي ۳: ۳۵۰ ح۴، تهذيب الأحكام ۲: ۱۷۷ ح۷۰۹، الاستبصار ۱: ۳۶۴ ح۱۳۸۶، وعنها وسائل الشيعة ۸: ۱۹۰، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب۱ ح۱۰.
[۱۸۸] الرسائل العشرة: ۱۲۷.
[۱۸۹] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۹ ـ ۱۲۲.
[۱۹۰] الكافي ۳: ۳۵۰ ح۳، تهذيب الأحكام ۲: ۱۹۲ ح۷۵۹، الاستبصار ۱: ۳۷۵ ح۱۴۲۳، وعنها وسائل الشيعة ۸: ۲۱۴، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب۹ ح۱.
[۱۹۱] الرسائل العشرة: ۱۲۹.
[۱۹۲] روائع الأمالي: ۱۹ ـ ۲۰.
[۱۹۳] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۱۹ ـ ۱۲۰.
[۱۹۴] كتاب الصلاة للمحقّق الحائري: ۴۲۱.
[۱۹۵] نهاية التقرير ۳: ۱۳۸ ـ ۱۴۳.
[۱۹۶] الرسائل العشرة: ۱۳۰.
[۱۹۷] المستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي ۱۹: ۱۲۰.
[۱۹۸] الرسالة العشرة: ۱۳۰.