السرائر في انقسام المعاصي إلى الكبائر والصغائر
۲۹ اسفند ۱۳۹۶
۲۱:۵۱
۵۴
چکیده :
وبناءً على كون التقسيم حقيقيّاً، فما هو الفرق بينهما؟ وما هي الضابطة للذنب الكبير؟ وهل المرجع في الملاك هو الشرع فقط؛ بمعنى أنّه ليس للعقل والعقلاء والعرف واللغة طريق إلى بيان الضابطة، أم انّه يمكن أن يدرك العقل والعقلاء أو العرف واللغة طريقاً إلى كون الذنب كبيراً؟
نشست های علمی
السرائر في انقسام المعاصي إلى الكبائر والصغائر
محمد جواد الفاضل اللنکراني
تمهيدتنقسم المعاصي إلى الكبائر والصغائر، وهل هذا التقسيم إضافيّ أو حقيقيّ؟
وبناءً على كون التقسيم حقيقيّاً، فما هو الفرق بينهما؟ وما هي الضابطة للذنب الكبير؟ وهل المرجع في الملاك هو الشرع فقط؛ بمعنى أنّه ليس للعقل والعقلاء والعرف واللغة طريق إلى بيان الضابطة، أم انّه يمكن أن يدرك العقل والعقلاء أو العرف واللغة طريقاً إلى كون الذنب كبيراً؟
وبناءً على كون المرجع الوحيد في الضابطة هو الشرع، فهل تستفاد الضابطة من القرآن الكريم، أو من السنّة النبويّة، أو تستفاد فقط من كلمات الأئمّة الطاهرين (عليهمالسلام)؟ وهل المستفاد من كلماتهم ضابطة واحدة أو متعدّدة؟ وهل يوجد تعارض في المقام بين الروايات أم لا؟
وهل يوجد تلازم بين ارتكاب الكبيرة والخروج عن العدالة؟ وهل يمكن أن يقال بأنّ ارتكاب الكبائر موجب للخروج عن العدالة، كما احتمله صاحب الجواهر(رحمهالله)[1]، فلا يقدح غير الأكبر إلاّ مع الإصرار عليه؟
وهل الملاك في الأكبريّة كون الذنب ممّا توعّد عليه النار؟
وهل ثمرة النزاع بين القولين ـ القول بأنّ المعاصي تنقسم إلى الكبائر والصغائر، والقول بأنّ المعاصي كلّها كبائر ـ منحصرة في مسألة القدح بالعدالة وعدمها؟
وهل النزاع بناءً على انحصار الثمرة فيها لفظيّ أم لا؟
وهل القول بأنّ المعاصي كلّها كبائر ينافي مسألة التكفير أم لا؟ فقد ذهب صاحب الجواهر(رحمهالله)[2] إلى عدم المنافاة؛ لأنّ المراد منه هو القبح، واستحقاق العقاب بمعنى أنّ كلّ ذنب مشتمل على قبح، وموضوع لاستحقاق العقاب.
وهل الكبيرة هي ما توعّد اللّه عليه العذاب في كتابه العزيز صريحا، كما نسبه صاحب الرياض(رحمهالله)[3] إلى المشهور، بل ذهب بعض إلى عدم وجود قول آخر فيه، كما عن الصيمري[4].
وهل هي عبارة عمّا نهى اللّه عنه في سورة النساء، من أوّلها إلى قوله «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ»[5]؟
وهل الملاك في الكبيرة منحصر بما توعّد اللّه عليه العذاب، أو كان الملاك كلّ ذنب رتّب عليه الشارع حدّاً، أو كلّ معصية يؤذن بقلّة اعتناء فاعلها بالدين.
أو كلّ ما علمت حرمته بالدليل القاطع، أو كلّ ما توعّد عليه توعيدا شديدا في الكتاب أو السنة؟
وهل يمكن أن يقال بعدم وجود ضابطة للكبيرة، بل لابدّ من الاكتفاء بالمصاديق التي وردت في السنّة الشريفة؟
ولتحقيق هذه الاُمور، وقبل الخوض في البحث، نقول: إنّه قد وقع التعرّض لهذا التقسيم في كلمات الفقهاء في موضعين:
الأوّل: في باب العدالة؛ أي في مبحث الاجتهاد والتقليد عند ذكر شرطيّة العدالة للفقيه؛ حيث ذهب بعض إلى أنّ العدالة يعتبر فيها الاجتناب عن الكبائر، وذهب بعض آخر إلى أنّه يعتبر فيها اجتناب جميع المعاصي.
والثاني: في موارد متعدّدة في الفقه، كمسألة أنّ ترك الصلاة أو الحجّ من الكبائر أم لا؟ وكذا في تعريف التقوى؛ من أنّه هل هي عبارة عن اجتناب الكبائر والصغائر، أم هي مجرّد ترك الكبائر؟
وكيف كان، فقد اختلف الفقهاء في هذا التقسيم، فذهب المشهور[6] إلى كونه حقيقيّاً، وقد ادّعى صاحب مجمع الفائدة والبرهان[7] أنّه إجماعيّ، وحكي عن الصيمري أيضاً ذلك[8]، وذهب صاحب الجواهر[9] إلى عدم كونه إجماعيّا؛ لأنّ في قباله جمع من الفقهاء، بل المستفاد من ابن إدريس[10] أنّ القول الثاني إجماعيّ، وذهب إليه أيضاً الشيخ المفيد[11]، والشيخ الطوسي في العدّة[12]، والقاضي ابن برّاج[13]، والطبرسي إلى كونه إضافيّاً، قائلاً بأنّ كلّ المعاصي كبير، ولكن كلّ ذنب يلاحظ مع ما دونه وما فوقه، فهو بالنسبة إلى مادونه كبير وبالنسبة إلى ما فوقه صغيرة[14].
كلام ابن إدريس(رحمهالله)
وفي السرائر:
إنّ الشيخ الطوسي(رحمهالله) ذهب في المبسوط[15] فقط إلى كون هذا التقسيم حقيقيّاً، ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا الإماميّة؛ لأنّه لا صغائر عندنا في المعاصي إلاّ بالاضافة إلى غيرها[16].
وأورد عليه والدي الاُستاذ(قدسسره) بأنّ الشرك أكبر المعاصي وليس فوقها ذنب، فما تقولون فيه؟! وكذا بالنسبة إلى أصغر الصغائر، فلابدّ من القول بأنّ الشرك كبيرة محضة، وأنّ أصغر الصغائر صغيرة محضة.
وفي مفتاح الكرامة نسب هذا التقسيم إلى قاطبة المتأخّرين[17]. وذهب إليه والدي الاُستاذ(قدسسره)[18]، خلافاً لبعض المعاصرين، كصاحب فقه الصادق(عليهالسلام)[19]؛ حيث ذهب إلى كون هذا التقسيم إضافيّاً، وفاقاً لابن إدريس(رحمهالله).
وقد حكى صاحب الجواهر(قدسسره)[20] أنّ العلاّمة الطباطبائي(رحمهالله) قد اختار مذهب المشهور، وذهب إلى أنّ الكبائر هي المعاصي التي توعّد اللّه سبحانه عليها بالنار، واستند في ذلك إلى جملة من الأخبار، وفيها الصحيح وغيره، والظاهر أنّه عمّم الوعيد بالنار إلى الصريح والضمني، وأنّه حصر الوارد في الكتاب في أربع وثلاثين:
منها: أربع عشرة ممّا صرّح فيها بخصوصها بالوعيد بالنار:
1. الكفر باللّه العظيم؛ لقوله تعالى: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»[21].
2. الإضلال عن سبيل اللّه؛ لقوله تعالى: «ثَانِىَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللّهِ لَهُ فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ»[22].
3. الكذب على اللّه تعالى والافتراء عليه؛ لقوله تعالى: «وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ»[23].
وأيضاً قوله تعالى: «قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِى الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ»[24].
4. قتل النفس التي حرّم اللّه قتلها؛ لقوله تعالى: «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً»[25].
وقال عزّ وجلّ: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً»[26].
5. الظلم: قال اللّه عزّ وجلّ: «إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً»[27].
6. الركون إلى الظالمين؛ لقوله تعالى: «وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ»[28].
7. الكبر؛ لقوله تعالى: «فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ»[29].
8. ترك الصلاة: «مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ»[30].
9. المنع من الزكاة؛ لقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ»[31].
10. التخلّف عن الجهاد؛ لقوله تعالى: «فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِى الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ»[32].
11. الفرار من الزَّحف؛ لقوله تعالى: «وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»[33].
12. أكل الربا؛ لقوله تعالى: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»[34].
13. أكل مال اليتيم ظلماً؛ لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً»[35].
14. الإسراف؛ لقوله تعالى: «وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ»[36].
وأمّا المعاصي التي وقع التصريح فيها بالعذاب دون النار فهي أربع عشرة:
1. كتمان ما أنزل اللّه؛ لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»[37].
2. الإعراض عن ذكر اللّه عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: «وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً»[38].
3. الإلحاد في بيت اللّه عزّ اسمه؛ لقوله تعالى: «وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ»[39].
4. المنع من مساجد اللّه؛ لقوله تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِى خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»[40].
5. أذيّة رسول اللّه(صلى الله عليه و آله)؛ لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِى الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً»[41].
6. الاستهزاء بالمؤمنين؛ لقوله تعالى: «الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِى الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»[42].
7 و8 . نقض العهد واليمين؛ لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِى الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»[43].
9. قطع الرحم؛ لقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»[44].
قال تعالى أيضاً: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ»[45].
وفيه أنّ أولئك في الآية الاُولى لم يعلم كونه إشارة إلى كلّ واحد من النقص والقطع والإفساد، والآية الثانية ـ مع ذلك ـ لم تشمل على وعيد بالعذاب، إلاّ أن يقال: إنّه يفهم من اللعن وما بعده[46].
10. المحاربة وقطع السبيل؛ لقوله تعالى: «إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»[47].
وفيه أنّه قد يرجع ذلك إلى الكفر والوعيد على الأمرين معا[48].
11. الغناء؛ لقوله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ»[49].
12. الزنا؛ لقوله تعالى: «وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً»[50].
13. إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا؛ لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»[51].
14. قذف المحصنات؛ لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِى الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ»[52].
وأمّا المعاصي التي يستفاد من الكتاب العزيز وعيد النار عليها ضمناً ولزوما فهي ستّة:
1. الحكم بغير ما أنزل اللّه تعالى؛ قال اللّه تعالى: «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ»[53].
2. اليأس من روح اللّه عزّ وجلّ؛ قال اللّه تعالى: «وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ»[54].
3. ترك الحجّ؛ قال اللّه تعالى: «وَللّهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللّه غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ»[55].
4. عقوق الوالدين؛ قال اللّه تعالى: «وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً»[56].
مع قوله تعالى أيضاً: «وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ»[57].
5. الفتنة؛ قال اللّه تعالى: «الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ»[58].
6. السحر؛ لقوله تعالى: «وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ» الآية[59].
هذه جملة الكبائر المستنبطة من الكتاب العزيز بناء على المختار في معنى الكبيرة، وهي أربع وثلاثون.
وقال(رحمهالله) في أثناء كلامه:
إنّه قد يتعقّب الوعيد في الآيات خصالاً شتّى وأوصافا متعدّدة لا يعلم أنّها للمجموع أو للآحاد؛ فلذلك طوينا ذكرها، وكذلك الوعيد على المعصية والخطيئة والذنب والإثم وأمثالها، وهذه أمور عامّة، وقد علمت أنّ الوعيد لا يقتضي كونها كبائر[60]، إنتهى.
وقد أورد عليه صاحب الجواهر(رحمهالله) أوّلاً: بناء على ما ذكره يلزم أن يكون ما عداها من الصغائر، ولا يقدح ما عداها في العدالة، بل لابدّ من الإصرار عليه، وبدون الإصرار تقع مكفّرة لا تحتاج بالنسبة إلى رفع العقاب بها إلى توبة، فمثل اللواط، وشرب الخمر، وترك صوم يوم من شهر رمضان، وشهادة الزور، ونحو ذلك، لابدّ أن يكون من الصغائر التي لا تقدح في العدالة، ولا تحتاج إلى توبة، بل تقع مكفّرة، ولا يثبت بها جرح، مع أنّ هذا اللازم واضح الفساد.
وثانياً: هذا البيان خلاف ما ورد في رواية ابن أبي يعفور فقال(عليهالسلام): أن تعرفوه بالستر والعفاف، وكفّ البطن والفرج واللسان...[61].
وثالثاً: في هذا البيان إغراء للناس في كثير من المعاصي؛ فإنّه قلّ من يجتنب من المعاصي من جهة استحقاق العقاب بعد معرفته أن لا عقاب عليه.
ورابعاً: قد ورد في السنّة في تعداد الكبائر ما ليس مذكورا فيما حصره مع النصّ عليه فيها بأنّه كبيرة[62].
كلام المحقّق الاصفهاني(رحمهالله)
قال المحقّق الإصفهاني(رحمهالله):
الاُولى: في إنقسام المعاصي حقيقةً إلى كبائر وصغائر، والحقّ ذلك، كما هو ظاهر القرآن ـ إلى أن قال ـ : فالقول بأنّ الكبر والصغر إضافيّان، وأنّ المعاصي كلّها كبائر سخيف جدّا، وتطويل الكلام فيه بلا طائل[63].
أدلّة القول بالتقسيم الحقيقي في المعاصي
قد استدلّ على انقسام المعاصي حقيقة إلى كبائر وصغائر بوجوه:
الأوّل: التمسّك بالقرآن الكريم والآيات المتعدّدة
منها قوله تعالى: «إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ونُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيما»[64].
وتقريب الاستدلال هو أنّ السيّئات لمّا جعلت في مقابل كبائر، فبقرينة المقابلة يعلم أنّ المراد من السيّئة في الآية الشريفة، صغائر الذنوب. نعم، قد وردت السيّئة في القرآن بالمعنى الأعمّ من الكبائر والصغائر، كقوله تعالى «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ»[65].
هذا، وقيل: إنّ «ما تنهون عنه» بيان للكبائر؛ بمعنى أنّ النهي في الكبائر أشدّ من النهي في الصغائر.
ولكن هذا ضعيف؛ لأنّ الصحيح أنّ «كبائر» اُضيف إلى ما تنهون عنه. وعنوان ما تنهون عنه شامل للصغائر والكبائر.
ثمّ اعلم أنّ للسيّئة في القرآن ثلاث معان:
الأوّل: ما يكرهه الانسان، كقوله تعالى: «وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ»[66].
الثاني: أثر الذنب ونتيجته، كقوله تعالى: «فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا»[67].
الثالث: المعصية، كقوله تعالى «وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا»[68].
فإنّ الجزاء السوء إنّما يكون في المعصية.
وكيف كان، ففي الآية المبحوث عنها قد استعملت السيّئة في معصية ليست بكبيرة، وذلك بقرينة المقابلة.
إن قلت: إنّ هذه الكلمة في قوله تعالى: «رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا»[69]، قد استعملت في مقابل الذنوب، والذنوب أعمّ من الكبائر والصغائر، وحينئذٍ نقول يمكن أن يكون المراد من السيّئة في الآية الشريفة ما ليست بذنب، فلا يدلّ على المدّعى.
قلت: لا قرينة للآية الواردة في سورة آل عمران على الآية المبحوث عنها في سورة النساء؛ فإنّها تدلّ بقرينة المقابلة على أنّ السيّئة قد استعملت في الذنب الذي ليس بكبير، ولكن في الآية في سورة آل عمران، إمّا أن تدلّ على غير الذنوب، وإمّا أن تدلّ على الذنوب الصغيرة بعد حمل الذنوب على الكبيرة.
كلام السيّد الطباطبائي(رحمهالله) في تفسير آية 31 من سورة النساء
قال العلاّمة الطباطبائي(رحمهالله):
ومنها قول بعضهم: إنّ الكبائر ما اشتملت عليه آيات سورة النساء من أول السورة إلى تمام ثلاثين آية، وكان المراد: أنّ قوله تعالى: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تَنْهَوْنَ عَنْهُ» الآية إشارة إلى المعاصي المبينّة في الآيات السابقة عليه، كقطيعة الرحم، وأكل مال اليتيم، والزنا، ونحو ذلك. وفيه أنّه ينافي إطلاق الآية[70].
وتوضيح كلامه؛ هو أنّ هذه الأعمال؛ أعني قطيعة الرحم والزنا ونحوه، كانت تطلق عليها السيّئات قبل نزول هذه الآيات، وبعد النزول صارت هذه الأعمال كبائر بملاك ورود النهي، وبعبارة اُخرى: هذه الأعمال كانت سيّئات في الاُمم السابقة، وبعد نزول هذه الآيات صارت من الكبائر.
فمعنى نكفِّر عنكم سيّئاتكم في سورة النساء؛ يعني سيّئاتكم قبل نزول الآية، فلذا قالوا في معنى الآية: إذا اجتنبتم هذه الكبائر التي ذكرناها في هذه الصورة نكفِّر عنكم ما وقع منكم في الماضي، والشاهد على ذلك قوله تعالى «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ»[71].[72]
هذا وقد أورد عليه السيّد الطباطبائي(رحمهالله) بأنّه ينافي إطلاق الآية، وأنّه على هذا اختصّت الآية بأشخاص من حضر عند النزول، وهو خلاف ظاهر الآية من العموم[73].
أقول: ويرد عليه أيضاً أنّ هذا القول مجرّد استحسان، ولا دليل عليه؛ وذلك لأنّه قد أطلق القرآن السيّئة على الذنوب حتّى بعد ورود النهي، كقوله تعالى «وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا»[74].
وبالنتيجة: أنّ قرينة المقابلة في الآية المبحوث عنها تكشف عن أنّ المراد من السيّئة خصوص الصغائر.
أضف إلى هذا، أنّه لو قلنا بأنّ المراد من الكبائر في الآية مطلق المعاصي، فحينئذٍ لم يبق موضوع للتكفير في الآية، وكأنّه يقول اللّه تعالى إن تجتنبوا كلّ المعاصي نكفِّر عنكم سيّئاتكم، والحال أنّه لم تبق معصية مع ترك الكلّ، فأيّ شيء يكفرّه اللّه تعالى؟[75]
الآية الثانية: آية 49 من سورة الكهف
واستدلّ أيضاً بقوله تعالى:
«وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ ويَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً ولاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ووَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرا ولاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدا»[76].
بيان الاستدلال واضح؛ فإنّ قول المجرمين بأنّ هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة، دليل على وجود التقسيم الحقيقي.
ولكن يستشكل بأنّ الكلام في إثبات هذا الانقسام من قبل الشارع، والحال أنّ قوله تعالى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، محكيّ قول المجرمين، وليس المقام، مقام التقرير، فلا دلالة للآية على الانقسام[77].
الآية الثالثة: آية 37 من سورة الشورى
وممّا استدلّ به للتقسيم الحقيقي، هو قوله تعالى:
«وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاْءِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ»[78].
قيل في الفرق بين الكبائر والفواحش: إنّ كلّ ذنب ختم بالنّار فهو كبير، وكلّ معصية فيها حدّ، فهي فاحشة[79].
وكيف كان، فالآية الشريفة بقرينة لفظ «كبائر» تدلّ على وجود صغائر الإثم؛ بمعنى أنّ كلّ ذنب ليس هو من الكبائر والفواحش، فهو صغير، فالذنب الصغير هو الذنب الذي ليس بكبير، وليس من الفواحش أيضاً.
الآية الرابعة: آية 32 من سورة النجم
وهي قوله تعالى:
«الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاْءِثْمِ والْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى»[80].
و «اللمم» يقال لصغائر الذنوب التي تجزى وتؤاخذ بها، فالاستثناء متّصل. فالمعنى «اللمم» من الإثم. نعم، لو قلنا بأنّ الاستثناء منقطع، فحينئذٍ لا وجه للاستدلال بها في المقام، كما لا يخفى.
وقيل «اللمم» نيّة الذنب والقصد إليه، لكن على نحو لا ينجرّ إلى ارتكابه. ولكنّه ليس بصحيح؛ لأنّ نيّة الذنب ليست بذنب[81].
وكيف كان فيمكن القول بأنّ الذنوب على ثلاثة أقسام:
1. الكبائر؛ 2. الفواحش؛ 3. اللمم.
أمّا الكبائر؛ فهو ما ختم بالنّار، وأمّا الفواحش؛ فهي ما توجب الحدّ والعقاب، وأمّا اللمم؛ فهو الصغير.
ولا يخفى أنّ بعض الذنوب، كأكل الربا ختم بالنّار، ولكن لا حدّ له في الشريعة. وبعض الذنوب كالزنا له حدّ، وكذا ختم بالنّار[82]. وبعض الذنوب لا يعاقب عليه فاعله في الآخرة، كالسرقة لو قطع يده.
هذا، ولكن يمكن أن يقال بأنّ الفواحش في الآية عطف تفسيريّ للكبائر، أو أنّ الفاحشة نوع خاصّ من الكبائر، وهذا ليس ببعيد.
الثاني: الروايات الدالّة على انقسام المعاصي إلى كبائر وصغائر
تظهر هذه الدلالة لمن رجع إلى الروايات المربوطة بالمقام بوجوه:
الأوّل: إنّا لمّا نرجع إلى هذه الرويات يظهر لنا أنّ هذا التقسيم كان مرتكزاً في نفس الرواة، ولذا كانوا يسألون الأئمّة (عليهمالسلام) عن عدد الكبائر؟
والثاني: نفس الروايات التي ذكر فيها عدد الكبائر.
والثالث: ما ذكر في بعض الروايات من الملاك والضابطة لتشخيص الكبائر، كقوله(عليهالسلام): «ما أوجب اللّه عليه النار»[83].
والرابع: أنّه قد ورد التصريح في بعض الروايات بهذا الانقسام، كقول عليّ(عليهالسلام) في نهج البلاغة: «من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه»[84].
وكذلك في مرسلة عبداللّه بن سنان، عن الصادق(عليهالسلام) إنّه قال: «لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار»[85].
وفي مرسلة من لا يحضره الفقيه عن الصادق(عليهالسلام): «من اجتنب الكبائر كفّر اللّه عنه جميع ذنوبه»[86].
كلام السيّد الإمام الخميني(قدسسره)
قال السيّد الإمام(رحمهالله) في المكاسب المحرّمة:
القول بأنّ الذنوب كلّها كبيرة، كأنّه في غير محلّه؛ لمخالفته للاعتبار والعقل والكتاب والروايات[87].
ومراده من الاعتبار؛ يعني أنّه يظهر مع أدنى تأمّل، فمثلا يظهر الفرق من حيث الشدّة وعدمها بين ذنب ترك جواب السلام وذنب قتل النفس المحترمة.
تنبيه: قد يتوهّم أنّ القول بانقسام المعاصي إلى كبائر وصغائر، وتكفير الصغائر بترك الكبائر، كما في قوله تعالى «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تَنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ»[88] موجب لترغيب النفس على ارتكاب الصغائر، وهو لا يجوز.
وقد أجاب عنه العلاّمة(رحمهالله) في تفسيره أوّلاً بالجواب الحلّي، وثانياً بالجواب النقضي، فقال[89]:
أمّا الجواب الحلّي: أنّ الآية تدعو إلى ترك الكبائر بلا شكّ، وارتكاب الصغيرة من جهة أنّها صغيرة لا يعبأ بها، والتهاون في أمرها يعود مصداقاً من مصاديق الطغيان والاستهانة بأمر اللّه سبحانه، وهذا من أكبر الكبائر، بل الآية تعدّ تكفير السيّئات من جهة أنّها سيّئات لا يخلو الإنسان المخلوق على الضعف المبنيّ على الجهالة من ارتكابها، بغلبة الجهل والهوى عليه. أقول: بقرينة مناسبة الحكم والموضوع، فإنّا نعلم من الخارج أنّه لا شكّ في أنّ استخفاف الذنوب من الكبائر، وكذا بقرينة المقابلة أعني أنّ في مقابل السيّئات، كبائر الذنوب، نكشف عن اشتراط عدم كون هذه السيّئات كبيرة، أو على حدّ تصل إلى الكبائر أو الطغيان أو الاستخفاف أو غيره. وأمّا الجواب النقضي: مساق هذه الآية مساق الآية الداعية إلى التوبة التي تعدّ غفران الذنوب، كقوله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ»[90] الآية، فكما لا يصحّ أن يقال هناك: إنّ الآية تغري إلى المعصية بفتح باب التوبة وتطييب النفوس بذلك، فكذا هاهنا، بل أمثال هذه الخطابات إحياء للقلوب الآيسة بالرجاء.
الضابطة في الكبائر
لقائل أن يقول: إنّ الشارع أراد من الكبائر معناها العرفي؛ بمعنى أنّ الكبائر هي كلّ ذنب هو كبير، وتشخيص الكبائر والصغائر بيد العرف.
وقال صاحب الجواهر(رحمهالله):
والذي يظهر أنّ الكبائر لم تثبت لها حقيقة شرعيّة، بل هي باقية على معناها اللغوي، والمراد بها هنا كلّ معصية عظيمة في نفسها، لا من جهة المعصيّ، ويعرف ذلك إمّا من ورود الأخبار بأنّه كبيرة، والذي يحصل منها ـ بعد إلغاء مفهوم العدد في بعضها، أو حمله على معنى لا ينافي المطلوب كالأكبريّة ونحوها ـ أربعون كما اعترف به العلاّمة المزبور ـ إلى أن قال ـ : وإمّا بتوعّد النار عليها في الكتاب أو السنّة صريحا أو ضمنا كما تقدّم، أو من غير توعّد، ولكن شدّد على الفعل أو الترك تشديدا أعظم من التوعّد بالنار، كالبراءة منه، ولعنه، وكونه كالزاني باُمّه مثلاً[91].
هذا، ولكنّ الظاهر أنّها حقيقة شرعيّة، فلها معنى حقيقيّ شرعي، فلابدّ من الفحص في الأدلّة، لكي نعلم ما هي الضابطة في الكبائر، وأيضاً قد حكى صاحب الجواهر(رحمهالله) عن الشيخ جعفر كاشف الغطاء(قدسسره)، أنّ الكبيرة ما عدّه أهل الشرع كبيرا عظيما وإن لم يكن كبيرا في نفسه، كسرقة ثوب ممّن لا يجد غيره مع الحاجة، والصغيرة ما لم يعدّوه كسرقته ممّن يجد[92].
ثمّ أورد عليه:
أوّلاً بأنّ لازم ذلك مخالفة هذه الضابطة لكثير ممّا جاءت به الأخبار المعتبرة أنّه كبيرة، بل بعض ما توعّد اللّه عليه بالنار.
وثانياً: إنّه إن أراد بأهل الشرع عامّتهم منهم قد يستعظمون المعلوم أنّه صغيرة في الشرع وبالعكس.
وإن أراد العلماء، فكلامهم مضطرب في الكبيرة، اللّهمّ إلاّ أن يريد أنّ العلماء والأعوام يستعظمونه مع الغفلة عن بحث الكبائر والصغائر، لكنّه على كلّ حال هو ضابط غير مضبوط؛ فإنّ الذين قد يستعظم من جهة قلّة وقوعه أو ترتّب مفاسد آخر عليه نحوه، وقد لا يستعظم من جهة تعارفه ونحوه، إنتهى كلامه[93].
والحقّ أنّها حقيقة شرعيّة، ولا يراد منها المعنى العرفي واللغوي، ولا يكون المرجع فيها أهل الشرع، بل لابدّ من استفادة الضابطة من المتون الشرعيّة، فنقول: يقع الكلام في هذه المسألة حول مقامين:
الأوّل: الروايات المبيّنة لضابطة الكبائر.
والثاني: روايات عدد الكبائر.
أمّا المقام الأوّل:
فذكر في الوسائل في باب وجوب اجتناب الكبائر، وكذا في باب تعيين الكبائر، أكثر من ثلاثين رواية فيها صحيح وموثق وضعيف، فلابدّ من ذكرها، وأخذ النتيجة منها:
1. محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
سمعته يقول: «ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرا كَثِيرا»[94] قال: معرفة الإمام واجتناب الكبائر التي أوجب اللّه عليها النّار[95].
وفي قوله(عليهالسلام) «التي أوجب...» احتمالان: الأوّل: أن يكون قيداً للكبائر، فيتّصل بما قبله؛ والمعنى: أنّ الكبائر على قسمين: أ. ما أوجب...، ب. ما لم يوجب عليها النّار.
والثاني: أن يكون تفسيراً للكبائر، فلا يتّصل بما قبله.
2. وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ونُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيما»[96] قال: الكبائر التي أوجب اللّه عزّ وجلّ عليها النّار[97].
وهذه كسابقها فسّرت الكبائر بالتي أوجب اللّه تعالى عليها النّار.
3. وفي ثواب الأعمال، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن(عليهالسلام) في قول اللّه عزّ وجلّ: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ»[98] قال:
من اجتنب الكبائر ما أوعد اللّه عليه النّار إذا كان مؤمنا كفّر اللّه عنه سيّئاته[99].
وهذه أيضاً فسّرت الكبائر بما أوعد اللّه عليها النار.
ولا يخفى أنّه لا إشكال في سند هذه الروايات الثلاثة.
4. وفي عقاب الأعمال عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عليّ بن إسماعيل، عن أحمد بن النضر، عن عبّاد بن كثير النوّاء قال: سألت أبا جعفر(عليهالسلام) عن الكبائر فقال: «كلّ ما أوعد اللّه عليه النّار»[100].
أقول هذه الرواية صريحة في الضابطة، ولا يتطرق فيه ما في الروايات السابقة من الاحتمالين.
ولا يذهب عليك أنّ الصحيح في سندها عبّاد، عن كثير النواء، وعبّاد بن كثير غلط.
تنبيهات حول هذه الروايات
التنبيه الأوّل
الضابطة الوحيدة في هذه الروايات؛ هي: كلّ ما أوعد اللّه عليه النّار. ولم نجد ضابطة اُخرى في رواياتنا. نعم، ذكر الشيخ البهائي(رحمهالله) أنّ كلّ ذنب جعل له حدّ في الشرع فهو كبير[101]، والظاهر أنّه أخذ هذه الضابطة من العامّة، وقد ذكر الشهيد الأوّل(رحمهالله)في القواعد والفوائد: كلّ معصية توجب الحدّ، وفي حاشيته: قال به البغوي من الشافعيّة[102].
التنبيه الثاني
إنّ هذه الضابطة في الروايات مطلقة، فتشمل الوعيد بالنّار ولو مع الواسطة، فمثلاً اليأس من روح اللّه من الكبائر، مع أنّها ليست ممّا أوعد اللّه عليه النّار، لكنّها عدّت من صفات الكافرين الذين أوعد اللّه عليهم بالنار[103].
وكذا الأمن من مكر اللّه؛ فإنّه من الكبائر ولم يوعّد بالنّار، لكنّه من صفات القوم الخاسرين، والخاسرين في النار[104].
وهكذا عقوق الوالدين؛ فإنّه لم يوعد عليه النّار، ولكن في الحديث: إنّ اللّه سبحانه جعل العاقّ جبّاراً شقيّاً[105]. وهو في النّار.
التنبيه الثالث
قد وردت في بعض الروايات السابقة، كلمة «أوجب» وفي بعضها «أوعد»، والظاهر إنّهما مترادفان، ولا فرق بينهما، فمعنى أوجب، أي أوعد؛ لأنّه يمكن أن يغفر اللّه تعالى في الآخرة لبعض من أوجب عليه النّار، فما قيل: من الفرق بينهما بأنّ «أوجب» يطلق على ذنب يوجب النّار على فاعله في صورة عدم التوبة، بخلاف «أوعد»، فإنّه يمكن أن يغفر له في القيامة ولو مع عدم التوبة[106]، فليس بصحيح.
التنبيه الرابع
هل أنّ هذه الضابطة عنوان مشير إلى الكبائر؛ بمعنى أنّها تشير إلى أكثر مصاديق الكبائر، أم هي ضابطة حقيقيّة؟
فعلى الأوّل لابدّ من القول بأنّ الكبائر ليست لها ضابطة أصلاً، فلذا لم يوجد هذا التحديد في كلام المتقدّمين، بل ذكروا عدد الكبائر فقط.
ويشهد لهذا القول أنّ الأئمّة(عليهمالسلام) عند السؤال عن الكبائر، ذكروا غالباً عدد الكبائر، وهذا يكشف عن أنّه لا ضابطة في البين. وأمّا ما ذكر من «كلّ ما أوعد عليها النّار» فهو عنوان مشير إلى أغلب الموارد، وليس بعنوان الضابطة.
وممّا يؤيّد هذا القول، عطف «كلّ ما أوعد عليه النّار في بعض الروايات الآتية بمصاديق الكبائر.
هذا، ولكنّ المسألة تحتاج إلى التأمّل في روايات عدد الكبائر، فلابدّ من ذكرها، فنقول:
المقام الثاني: روايات عدد الكبائر
1. صحيحة محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب قال: كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن(عليهالسلام) يسأله عن الكبائر كم هي؟ وما هي؟ فكتب:
الكبائر من اجتنب ما وعد اللّه عليه النّار كفّر عنه سيّئاته إذا كان مؤمنا، والسبع الموجبات: قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين، وأكل الرّبا، والتعرّب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم والفرار من الزّحف[107].
وفي هذه الرواية ذكر الإمام(عليهالسلام) الضابطة أوّلاً، ثمّ ذكر السبع الموجبات للنار، وهل المراد من ما وعد... خصوص ما في القرآن، أم يشمل ما ورد في الأحاديث القدسيّة وغير القدسيّة أيضاً؟
الظاهر أنّه مطلق؛ لما سيأتي من أنّ الكبائر يشمل ما توعّد النبيّ(صلى الله عليه و آله) عليها النار، خصوصاً إنّ الأئمّة (عليهمالسلام) قد استدلّوا في مواضع شتّى بقول النبيّ(صلى الله عليه و آله) على كون بعض الذنوب كبيرة، هذا مضافاً إلى أنّه ليس في الروايات قيد «في الكتاب» فتدبّر.
2. وعنهم (يعني محمّد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا) عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ، قال: حدّثني أبو جعفر الثّاني(عليهالسلام)قال:
سمعت أبي يقول: سمعت أبي موسى بن جعفر(عليهالسلام) يقول: دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد اللّه(عليهالسلام)، فلمّا سلّم وجلس تلا هذه الآية «والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاْءِثْمِ والْفَوَاحِشَ»[108] ثمّ أمسك، فقال له أبو عبد اللّه(عليهالسلام)ما أسكتك؟ قال: أحبّ أن أعرف الكبائر من كتاب اللّه عزّ وجلّ فقال: نعم، يا عمرو أكبر الكبائر الإشراك باللّه، يقول اللّه: «مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»[109]، وبعده اليأس من روح اللّه؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول:«لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ»[110]، ثمّ الأمن من مكر اللّه؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ»[111]، ومنها عقوق الوالدين؛ لأنّ اللّه سبحانه جعل العاقّ جبّارا شقيّا، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدا فِيهَا»[112] إلى آخر الآية، وقذف المحصنة؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «لُعِنُوا فِى الدُّنْيَا والاْخِرَةِ ولَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ»[113]، وأكل مال اليتيم؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرا»[114]، والفرار من الزّحف؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «ومَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزا إِلى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ ومَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وبِئْسَ الْمَصِيرُ»[115]، وأكل الرّبا؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ»[116] والسّحر؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «ولَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الاْخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ»[117] والزّنا؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاما يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهَانا»[118]، واليمين الغموس الفاجرة؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وأَيْمَانِهِمْ ثَمَنا قَلِيلاً أُولئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِى الاْخِرَةِ»[119] والغلول؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «ومَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[120]، ومنع الزّكاة المفروضة؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «فَتُكْوىَ بِهَا جِبَاهُهُمْ وجُنُوبُهُمْ وظُهُورُهُمْ»[121]، وشهادة الزّور وكتمان الشّهادة؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «ومَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ»[122]، وشرب الخمر؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ نهى عنها، كما نهى عن عبادة الأوثان، وترك الصّلاة متعمّدا، أو شيئا ممّا فرض اللّه عزّ وجلّ؛ لأنّ رسول اللّه(صلى الله عليه و آله) قال: من ترك الصّلاة متعمّدا فقد برئ من ذمّة اللّه وذمّة رسوله، ونقض العهد وقطيعة الرّحم؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «لَهُمُ اللعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»[123]، قال: فخرج عمرو وله صراخ من بكائه، وهو يقول: هلك من قال برأيه، ونازعكم في الفضل والعلم[124].
وهذه الرواية عمدة روايات عدد الكبائر، وسندها معتبر، وقد رواها الصدوق عن عبدالعظيم الحسني، وطريقه إليه معتبر. والدلالة على وجود الضابطة واضحة؛ فإنّ استدلال الإمام(عليهالسلام) بالآيات الدالّة على النار، أو بما توعّده النبيّ(صلى الله عليه و آله) على توعيد النار يدلّ على الضابطة.
تنبيهان
الأوّل: لا فرق في الوعيد بالعقاب في الكبائر بين النار وغيرها؛ لأنّه لا دليل على انحصار العقاب بالنار، نعم النار أظهر مصاديق العقاب، ومن الممكن أن يكون العقاب بطرق آخر غير النار.
الثاني: لا يبعد أن تعدّ الذنوب المستوجبة للعن من الكبائر، بل يمكن أن نقول بالملازمة بين اللعن واستحقاق النار، كقوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ والْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِى الْكِتَابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ ويَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ»[125].
الأئمّة (عليهمالسلام) هم المرجع الوحيد لبيان ضابطة الكبائر وعددها
كان في عصر الأئمّة (عليهمالسلام)عدّة من فقهاء العامّة يقولون بكون بعض الذنوب كبائر، ولكن قد ورد النصّ على انحصار بيان عدد الكبائر في أهل البيت (عليهمالسلام).
3. ففي من لا يحضره الفقيه، محمّد بن علىّ بن الحسين، بإسناده عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
إنّ الكبائر سبع، فينا أنزلت، ومنّا استحلّت[126].
هذا، ثمّ إنّه قال في ملاذ الأخيار:
أقول: «فينا نزلت» المراد به أنّها نزلت علينا وفي بيتنا، أو نزلت ابتداءً في رعاية حقوقنا، ثمّ جرت في سائر الناس[127].
ويشكل عليه بأنّ بعض هذه الكبائر السبع كان أيضاً كبيراً في الروايات السابقة، كالشرك.
لكن الذي يقتضيه إمعان النظر والتأمّل هو أن نقول ـ مضافاً إلى ضعف سندها ـ : إنّ الأئمّة (عليهمالسلام) أرادوا بها التعرّض للناس؛ حيث إنّ كلّ فرقة منهم جعلوا ضابطة للكبائر، ولذا ردّ عليهم الأئمّة (عليهمالسلام) بأنّ تعيين الضابطة للكبائر من خصائصهم (عليهمالسلام). فهذه الرواية تحمل التأويل، مع أنّه لم يرد فيها بعض كبائر السبع المشترك في أكثر الروايات، كالربا والأمن من مكر اللّه.
4. و[محمّد بن يعقوب] عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه(عليهالسلام) عن الكبائر، فقال:
هنّ في كتاب عليٍّ(عليهالسلام) سبع: الكفر باللّه، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وأكل الرّبا بعد البيّنة، وأكل مال اليتيم ظلما، والفرار من الزّحف، والتعرّب بعد الهجرة، قال: فقلت: هذا أكبر المعاصي؟ فقال: نعم، قلت: فأكل الدرهم من مال اليتيم ظلما أكبر أم ترك الصّلاة؟ قال: ترك الصّلاة، قلت: فما عددت ترك الصّلاة في الكبائر، قال: أيّ شيء أوّل ما قلت لك؟ قلت: الكفر، قال: فإنّ تارك الصّلاة كافر؛ يعني: من غير علّة[128].
وفي بعض الروايات ذكر إنّ الكبائر سبعة، وفي بعض اُخرى أنّها تسعة[129]، وهكذا، ولكن ذيل هذه الرواية يدلّ على وجه الجمع بين هذه الروايات؛ وذلك لأنّ الراوي قال هذا أكبر المعاصي؟ فأجاب الإمام(عليهالسلام) نعم. فالمعنى: أنّ الكبائر أكثر من السبع، ولكن هذه السبع أكبر من سائر المعاصي الكبيرة.
ثمّ يعترض الراوي بأنّه لماذا لم يعدّ ترك الصلاة من الكبائر، فأجاب(عليهالسلام) بأنّه من مصاديق الكفر، والكفر من الكبائر.
5. معتبرة محمّد بن مسلم: وعنه [يعني محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم] عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عبد اللّه بن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
الكبائر سبع: قتل المؤمن متعمّدا، وقذف المحصنة، والفرار من الزّحف، والتعرّب بعد الهجرة، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الرّبا بعد البيّنة، وكلّ ما أوجب اللّه عليه النّار[130].
والظاهر أنّ قوله «وكلّ ما أوجب» بيان لضابطة للكبائر، وليس من مصاديقها، كالسبعة المذكورة في الرواية، بل السبعة من مصاديق كلّ ما أوجب.
6. وفي ثواب الأعمال، عن أبيه، عن سعد، عن موسى بن جعفر بن وهب البغداديّ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عمر الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه(عليهالسلام) عن قول اللّه عزّ وجلّ «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ»[131] قال:
من اجتنب ما أوعد اللّه عليه النّار إذا كان مؤمنا كفّر عنه سيّئاته وأدخله مدخلاً كريما، والكبائر السّبع الموجبات: قتل النّفس الحرام، وعقوق الوالدين، وأكل الرّبا، والتعرّب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزّحف[132].
وفي هذه الرواية ذكر الإمام(عليهالسلام) المصاديق بعد بيان الضابطة عكس الرواية السابقة، والذي يقتضيه التأمّل هو أنّه لا وجه هنا للتمسّك بالقاعدة الأدبيّة من أنّ «الواو» يقتضي التغاير؛ وذلك لأنّ في الرواية الرابعة ذكر المصاديق قبل الضابطة، وفي الرواية الخامسة ذكر الضابطة قبل المصاديق، وهذا يدلّ على أنّ المناط في الكبائر هذه الضابطة، وأمّا الإشارة إلى بعض الكبائر فهي من باب ذكر المصاديق.
وقد حقّقنا في المكاسب المحرّمة ذيل آية «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشتَرِى لَهْوَ الحَدِيث»[133]، أنّ لهو الحديث يدخل تحت عنوان آخر؛ وهو الفساد، فكذلك نقول فيما نحن فيه إنّ اليأس من روح اللّه مثلاً، يدخل الانسان تحت عنوان آخر كالظلم أو الخسران.
7. موثّقة مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد اللّه(عليهالسلام) يقول:
الكبائر: القنوط من رحمة اللّه، واليأس من روح اللّه، والأمن من مكر اللّه، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الرّبا بعد البيّنة، والتعرّب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار بعد الزّحف الحديث[134].
ولم يذكر فيها الشرك الذي هو من أكبر الكبائر.
8. محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، عن محمّد بن المفضّل، عن الوشّاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن عبد اللّه بن أبي يعفور ومعلّى بن خنيس، عن أبي الصّامت، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
أكبر الكبائر سبع: الشّرك باللّه العظيم، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ، وأكل أموال اليتامى، وعقوق الوالدين، وقذف المحصنات، والفرار من الزّحف، وإنكار ما أنزل اللّه عزّ وجلّ، الحديث[135].
ولا يخفى ضعفه من جهة أبي الصامت المجهول، وعبدالكريم بن عمرو الواقفي.
9. وبإسناده عن أحمد بن النّضر، عن عبّاد بن كثير النوّاء قال: سألت أبا جعفر(عليهالسلام)عن الكبائر، فقال: «كلّ ما أوعد اللّه عليه النّار»[136].
10. وبإسناده عن أبي خديجة سالم بن مكرّم الجمّال، عن أبي عبداللّه(عليهالسلام) قال:
الكذب على اللّه وعلى رسوله وعلى الأوصياء (عليهمالسلام) من الكبائر[137].
11. وفي العلل والخصال، عن محمّد بن الحسن عن الصفّار، عن أيّوب بن نوح وإبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام)قال:
وجدنا في كتاب عليّ(عليهالسلام) الكبائر خمسة الشّرك، وعقوق الوالدين، وأكل الرّبا بعد البيّنة، والفرار من الزّحف، والتعرّب بعد الهجرة[138].
وقد يشكل بأنّ في هذه الرواية قال الكبائر خمسة، مع أنّه قد ذكر في بعض آخر سبعة أو تسعة، ويمكن أن نقول بأهمّية هذه الخمسة على جميع تلك السبعة. ومن المحتمل قويّاً أنّه من اشتباه الراوي، وكان الصحيح: ما يدلّ على أنّ الكبائر سبع.
12. معتبرة عبيد بن زرارة: في عقاب الأعمال، وفي العلل، وفي الخصال، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبديّ، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه(عليهالسلام)أخبرني عن الكبائر، فقال(عليهالسلام):
هنّ خمس، وهنّ ممّا أوجب اللّه عليهنّ النّار، قال اللّه تعالى: «إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ»[139] وقال: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْما إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرا»[140] وقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ»[141] إلى آخر الآية، وقال عزّ وجلّ: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وذَرُوا مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَا»[142] إلى آخر الآية ورمي المحصنات، الغافلات المؤمنات، وقتل مؤمن متعمّدا على دينه[143].
13. وفي العلل، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن السّعدآباديّ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ، عن محمّد بن عليّ، عن آبائه، عن الصّادق (عليهمالسلام) قال:
عقوق الوالدين من الكبائر؛ لأنّ اللّه جعل العاقّ عصيّا شقيّا[144].
14. وبهذا الإسناد قال:
وقتل النّفس من الكبائر؛ لأنّ اللّه يقول: «ومَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمِّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدا فِيهَا وغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ ولَعَنَهُ وأَعَدَّ لَهُ عَذَابا عَظِيما»[145].[146]
15. وبهذا الإسناد قال:
وقذف المحصنات من الكبائر؛ لأنّ اللّه يقول: «لُعِنُوا فِى الدُّنْيَا والاْخِرَةِ ولَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ»[147].[148]
أقول كلّ هذه الثلاثة من عبدالعظيم الحسني، والظاهر أنّها مقطوعة؛ لأنّها مثل الرواية السابقة من عبد العظيم الحسني.
16. وفي الخصال عن محمّد بن الحسين الدّيلميّ، عن محمّد بن يعقوب الأصمّ، عن الربيع بن سليمان، عن عبد اللّه بن وهب، عن سليمان بن بلال، عن ثور بن يزيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه(صلى الله عليه و آله) قال:
اجتنبوا السّبع الموبقات، قيل: وما هنّ؟ قال: الشّرك باللّه، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ،: وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات[149].
لكن سندها ضعيف؛ لوجود أبي هريرة.
17. وبإسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمّد(عليهالسلام)في حديث شرائع الدّين قال:
والكبائر محرّمة، وهي الشّرك باللّه، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه، وعقوق الوالدين، والفرار من الزّحف، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الرّبا بعد البيّنة، وقذف المحصنات، وبعد ذلك الزّنا واللواط والسّرقة، وأكل الميتة والدّم ولحم الخنزير، وما أهلّ لغير اللّه به من غير ضرورة، وأكل السّحت، والبخس في الميزان والمكيال، والميسر، وشهادة الزّور، واليأس من روح اللّه، والأمن من مكر اللّه، والقنوط من رحمة اللّه، وترك معاونة المظلومين، والرّكون إلى الظّالمين، واليمين الغموس، وحبس الحقوق من غير عسر، واستعمال التكبّر، والتجبّر، والكذب، والإسراف، والتّبذير، والخيانة، والاستخفاف بالحجّ، والمحاربة لأولياء اللّه، والملاهي الّتي تصدّ عن ذكر اللّه عزّ وجلّ مكروهة، كالغناء وضرب الأوتار، والإصرار على صغائر الذّنوب[150].
والكراهة في الروايات إذا استعملت بلا قرينة، فهي دالّة على الحرمة، لكن سندها ضعيف؛ لأنّ سند الصدوق(رحمهالله) إلى أعمش ضعيف؛ لوجود أشخاص فيه لا يعتمد عليهم.
18. وعن أبيه ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحكم بن مسكين، عن سليمان بن طريف، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
قلت له: ما لنا نشهد على من خالفنا بالكفر؟ وما لنا لا نشهد لأنفسنا ولأصحابنا أنّهم في الجنّة؟ فقال: من ضعفكم إن لم يكن فيكم شيء من الكبائر فاشهدوا أنّكم في الجنّة، قلت: فأيّ شيء الكبائر؟ قال: أكبر الكبائر الشّرك باللّه، وعقوق الوالدين، والتعرّب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار من الزّحف، وأكل مال اليتيم ظلما، والرّبا بعد البيّنة، وقتل المؤمن، فقلت له: الزّنا والسّرقة؟ فقال: ليسا من ذلك[151].
إن قلت: لماذا لم يعدّ الزنا فيها من الكبائر؟ مع أنّه عدّ في رواية أعمش من الكبائر؟
قلت: الوجه في ذلك أنّ الإمام(عليهالسلام) كان في هذه الرواية في مقام بيان أكبر الكبائر، وفي رواية أعمش كان في مقام بيان الكبائر مطلقاً.
19. رواية فضل بن شاذان، حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوريّ العطّار(رحمهالله) بنيسابور في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوريّ، عن الفضل بن شاذان... قال:
«الإيمان هو أداء الأمانة، واجتناب جميع الكبائر، وهو معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان» ـ إلى أن قال ـ : واجتناب الكبائر؛ وهي قتل النّفس الّتي حرّم اللّه تعالى، والزّنا، والسّرقة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، والفرار من الزّحف، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الميتة والدّم، ولحم الخنزير، وما أهلّ لغير اللّه به من غير ضرورة، وأكل الرّبا بعد البيّنة، والسّحت، والميسر وهو القمار، والبخس في المكيال والميزان، وقذف المحصنات، والزّنا، واللواط، واليأس من روح اللّه، والأمن من مكر اللّه، والقنوط من رحمة اللّه، ومعونة الظّالمين، والرّكون إليهم، واليمين الغموس، وحبس الحقوق من غير عسر، والكذب، والكبر، والإسراف، والتّبذير، والخيانة، والاستخفاف بالحجّ، والمحاربة لأولياء اللّه، والاشتغال بالملاهي، والإصرار على الذّنوب[152].
وهي معتبرة، وعدّ الاستخفاف بالحجّ من الكبائر[153]. ولا يخفى أنّ المستفاد من هذه الرواية أنّ الكبائر عددها أربع وثلاثون، ولكنّ المستفاد من مجموع الروايات أنّ الكبائر في الروايات أربعون، كما صرّح بذلك صاحب الجواهر(قدسسره)[154]، فتدبَّر.
رأي العامّة في المسألة
ثمّ إنّ بعض العامّة ذهبوا إلى أنّ كلّ ما يستحقّ فيه الحدّ فهو كبير[155]، ونسب إلى ابن عبّاس قال: كلّ ما نهى اللّه عنه فهو كبير[156].
وقد ورد في راوية عبدالعظيم الحسني «وشرب الخمر؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ نهى عنه».
هذا، ولكن قال(عليهالسلام) بعد ذلك: «كما نهى عن عبادة الأوثان»، وهذا قرينة على أنّه ليس مطلق ما نهى اللّه عنه بكبير، بل المراد ما كان نهيه في مرتبة النهي عن الشرك.
والحاصل: أنّه لا دليل على أنّ كلّ ما نهى اللّه عنه أو ورد فيه الحدّ، فهو كبير، كما أنّ الإصرار على الصغيرة ليس له حدّ ولكنّه من الكبائر، وكذا الاُفّ للوالدين، فإنّه منهي عنه، ولكن ليس من الكبائر على الأظهر. ومثله الركون إلى الذين ظلموا؛ فإنّه لا دليل على كونه من الكبائر، مع أنّه منهي عنه[157]. نعم ذهب إليه الطباطبائي(قدسسره) في مصابيحه إلى كونه من الكبائر[158]، ولكن الظاهر من الآية الشريفة أنّ النار مترتّبة على تحقّق الظلم بعد الركون على تقوية الظلم، وإلاّ فنفس الركون إذا لم يكن موجباً لتقويته أو شوكته، لا يكون من الكبائر فتأمّل.
طريق الجمع بين هذه الروايات
ثمّ إنّه قد تصدّى بعض الأصحاب للجميع بين هذه الروايات بوجوه:
الوجه الأوّل: إنّ السرّ في اختلاف عدد الكبائر يرجع إلى اختلاف درجات الكبائر، فالسبع أشدّ وأكبر من باقي الكبائر.
الوجه الثاني: إنّ لكلّ هذا السبع عنواناً مستقلاًّ، أمّا الباقي من الكبائر فيدخل تحت أحد هذا السبع الموجبات، كما مرّ في رواية عبيد بن زرارة من أنّ ترك الصلاة تدخل تحت عنوان الكفر.
الوجه الثالث: ما ذكره ابن إدريس والمفيد وكذا عدّة من الأصحاب (رضوان اللّه عليهم) من أنّ كلّ ذنب كبير بالنسبة إلى ما دونه، وصغير بالنسبة إلى ما فوقه[159]، لكن قد ذكرنا إشكال والدي الاُستاذ(قدسسره) على هذا الوجه فلا نعيده، مع أنّا لم نجد في رواياتنا أكثر من ستة وثلاثين كبيرة، وهذا يدلّ على تحديد الكبائر. وبعبارة اُخرى: إنّ هذا يرجع إلى قاعدة اُصوليّة ذهب إليها بعض المحقّقين من بقاء الدلالة الالتزامية على الحجّية عند سقوط الدلالة المطابقية عن الحجيّة عند التعارض، وهذه تجري فيما نحن فيه أيضاً؛ بمعنى أنّ الدلالة الالتزامية لهذه الروايات تقتضي أنّ الكبائر محدودة معدودة، ولو سقطت دلالتها المطابقية.
فينتج من مجموع هذه الروايات أنّه ليس كلّ ذنب بكبير.
هذا، ثمّ إنّه لا يخفى أنّ البحث عن وجه الجمع بين هذه الرويات مبنيّ على القول بمفهوم العدد، وإلاّ فلو قلنا: إنّ العدد ليس له مفهوم إلاّ عند كون المتكلّم في مقام التحديد ـ كما هو التحقيق ـ فحينئذٍ نقول: إنّ هذه الروايات ليست في مقام تحديد الكبائر، فلا مفهوم لها.
نسبة روايات ضابطة الكبائر وروايات عددها
أقول: لا تعارض بين هذه الروايات؛ لأنّه لا تنافي بين ذكر المصاديق وبين ذكر الضابطة، نعم هنا شيء وهو أنّ بعض المصاديق المذكورة في روايات العدد، كالإسراف، والإصرار على الصغيرة، وكتمان الشهادة، وحبس الحقوق من غير عسر، لا يدخل تحت الضابطة التي ذكرها الإمام(عليهالسلام)؛ أعني ما أوعد اللّه عليه النار.
وعلى هذا فلابدّ من القول بما ذهب إليه السيّد(رحمهالله) في العروة[160] من تعدّد الضابطة في الكبائر، فالكبير ما أوعد اللّه عليه النّار في الكتاب أو السنّة صريحاً أو ضمناً، أو ما نصّت عليه الروايات؛ يعني كلّ معصية ورد النصّ بكونها كبيرة، أو ورد في الكتاب أو السنة كونها أعظم من إحدى الكبائر المنصوصة «وَالفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل»[161].
والضابطة الاُخرى ما يكون عظيماً عند أهل الشرع، كضرب اليتيم فإنّه يهتزّ العرش منه[162]، ولكن لا دليل على كون مطلق الظلم كبيرة. نعم، لا دليل على هذه الضابطة في الكتاب أو السنّة إلاّ في بعض نصوص العامّة[163].
ولا يصحّ أن يقال: الكبيرفقط هو ما أوعد اللّه عليه النّار، بل الصحيح أن يقال ما أوعد اللّه عليه النّار فهو كبير، وليس له مفهوم، فلا ينتج منه أنّ كلّ ما لم يتوعّد عليه النار فهو صغير.
كلام السيّد الكلپايكاني(رحمهالله) والسيّد الحكيم(قدسسره)
قال في حاشيته على العروة:
حين نزول الآية أو عند أصحاب المعصومين (عليهمالسلام) بحيث يعلم تلقّي ذلك منهم (عليهمالسلام)[164].
وقال السيّد الحكيم(رحمهالله):
هذا إذا علم كون الارتكاز المذكور منتهيا إلى المعصومين (عليهمالسلام)، فيكون كسائر المرتكزات الشرعيّة التي تكون حجّة مؤدّياتها[165].
أقول هذا هو الصحيح، فالملاك انتهاء ارتكاز العرف إلى المعصومين، وحينئذ يكشف عن قول المعصوم(عليهالسلام)، وأمّا مطلق ما هو عظيم عند أهل الشرع، فليس في محلّه ولا دليل عليه.
تنبيه
لا شكّ في أنّ كلّ ذنب مغفور له بالتوبة، ولا ينبغي خلط روايات الكبائر مع روايات اُخرى غير الفقهيّة، كما ورد من أنّه لا تنظر إلى المعصية بل انظر إلى من عصيته[166]، وغيرها من الروايات الأخلاقيّة، فإنّه كما قلنا سابقاً[167] من قول العلاّمة الطباطبائي(رحمهالله)إنّ كلّ ذنب يلاحظ مع غيره من الذنوب، ولا يلاحظ بالنسبة إلى فاعلها أو إلى من يعصي.
أدلّة القائلين بكون جميع المعاصي كبيرة
قد استدلّوا على كون جميع المعاصي كبيرة، بوجوه:
الوجه الأوّل: موثّقة زرارة: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر(عليهالسلام)قال:
الذّنوب كلّها شديدة، وأشدّها ما نبت عليه اللّحم والدّم؛ لأنّه إمّا مرحوم، وإمّا معذّب، والجنّة لا يدخلها إلاّ طيّب[168].
قال صاحب فقه الصادق(عليهالسلام):
ويشهد لإرادة جميع المعاصي من الكبائر، ما دلّ على أنّ كلّ معصية كبيرة أو شديدة، ففي موثّق زرارة عن الباقر(عليهالسلام) «الذنوب كلّها شديدة»[169].
أقول: يلاحظ عليه أوّلاً: بأنّا لم نجد في رواياتنا ما دل على أنّ الذنوب كلّها كبيرة، نعم قد ورد: «أنّ الذنوب كلّها شديدة»، ولكن قال(عليهالسلام) بعده: «وأشدّها ما نبت...»، وهذا يدلّ على أنّ لكلّ ذنب أثر شديد على الإنسان، مع أنّ مفهوم الشديد غير مفهوم الكبير، فإنّ الكبير يطلق من حيث ترتّب العذاب واستحقاق النار، أمّا الشديد فيطلق من حيث الآثار الوضعيّة، فالرواية أجنبيّة عن المقام.
وثانياً: أنّ الرواية ليست في مقام بيان أشدّ الذنوب؛ لأنّ أشدّها الشرك، وقد قلنا سابقاً في بيان الروايات الدالّة على أفضل العبادات، إنّ الأفضليّة في العبادات غالباً نسبية. فلا يقال بأنّه لماذا لم يذكر الشرك في هذه الرواية مع أنّه أشدّ الذنوب.
وثالثاً: سلّمنا ورفعنا اليد عن إشكال عدم ذكر الشرك، لكن هذه الرواية ـ كما قال المجلسي(رحمهالله)في مرآة العقول[170] ـ معارضة مع الآيات والروايات السابقة الدالّة على انقسام المعاصي إلى كبائر وصغائر، فلابدّ من طرحها. وليس لها صلاحيّة الحكومة على تلك الروايات والآيات؛ لأنّ الأشدّ كما قلنا نسبيّ، ولا أقلّ من الشكّ، وأنت خبير بأنّ الحكومة إنّما تجري فيما كان المعنى واحداً واضحاً، وليس هنا كذلك.
إن قلت: بينهما تلازم؛ لأنّ الذنب إذا كان شديداً، كذلك كان كبيراً.
قلت: لا نسلّم ذلك؛ لأنّه من الممكن أن تكون المعصية شديدة، لكن لا يستحقّ فاعلها النّار، كالنظر إلى الأجنبيّة.
الوجه الثاني: واستدلّ أيضاً على أنّ كلّ ذنب كبير، بما ورد من التحذير على استخفاف الذنب؛ معلّلاً بأنّه قد يكون غضب اللّه فيه.
لكنّك خبير بأنّ تقسيم المعاصي إلى الكبائر والصغائر إنّما فيما لو خلّي الذنب وطبعه، وإلاّ لا شكّ في أنّ استخفاف الذنب من الكبائر.
الوجه الثالث: واستدلّ أيضاً بقوله تعالى: «ومَنْ يَعْصِ اللّهَ ورَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً»[171]. فإنّ العصيان يوجب نار جهنّم. وهذا يدلّ على أنّ كلّ معصية موضوع لاستحقاق النّار، وهو ملازم لهذا القول.
والجواب: إنّا لا نسلّم أنّ عاقبة كلّ ذنب الخلود في النّار أو الضلال المبين، كما في قوله تعالى: «ومَنْ يَعْصِ اللّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينا»[172] خصوصاً إلى الأبد.
الوجه الرابع: واستدلّوا أيضاً بما روي عن الصادق(عليهالسلام)من أنّ كلّ ذنب عظيم: عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام)، عن القنوت في الوتر، هل فيه شيء موقّت يتّبع ويقال؟ فقال:
لا، أثن على اللّه عزّ وجلّ، وصلّ على النّبيّ(صلى الله عليه و آله) واستغفر لذنبك العظيم، ثمّ قال: كلّ ذنب عظيم[173].
أقول: لا شكّ في وجود الفرق بين العظيم والكبير؛ فإنّ الكبير في ما نحن فيه ليس له معنى لغويّاً، بل هو معنى جديد شرعيّ، وهذا من ثمرات البحث عن الحقيقة الشرعيّة في الاُصول، وكيف كان فالكبير كلّ ما أوعد اللّه عليه النار، وهذا المعنى لا يوجد في كتب اللغة.
والحاصل: أنّ هذا الحديث كالرواية السابقة الدالّة على أنّ كلّ ذنب شديدة، وجوابه يظهر ممّا ذكرنا هناك، فراجع.
الوجه الخامس: واستدلّوا أيضاً بأنّ كلّ ذنب كبير؛ وذلك لأنّ الذنب عبارة عن التعدّي على حرمة اللّه عزّ وجلّ، ولا فرق في ذلك بين الصغير والكبير.
ويستشكل بأنّ الملاك في تقسيم المعاصي إلى صغائر وكبائر، ليس بقياس الانسان على اللّه عزّ وجلّ، بل الملاك قياس كلّ ذنب على ذنب اُخرى، كقياس الزنا إلى النظر بالأجنبيّة.
وبما ذكرنا يظهر وجه النظر فيما ذكره بعض من أنّ الذنب إذا صدر من العالم فهو كبير، وإذا فعله الجاهل فهو صغير، وبعبارة اُخرى: أنّ الملاك في الكبائر والصغائر إنّما هو فاعل الذنب.
وجه النظر هو أنّ هذا مبنيّ على قياس الإنسان إلى اللّه عزّ وجلّ، والحال أنّ الملاك كما قلنا قياس كلّ ذنب إلى ذنب اُخرى، وسيأتي أنّ المستفاد من هذه المقايسة، أنّ ذات كلّ ذنب تختلف عن ذات ذنب آخر من حيث ورود النهي الشديد أو التوعيد بالنارغيره، ومن ثمّ يقال: هذا كبير وهذا صغير.
الوجه السادس: اختلاف الأخبار في تعداد الكبائر اختلافاً لا يرجى جمعه، فهذا يرشد إلى كون الجميع كبائر، إلاّ أنّ بعضها أكبر من بعض.
وقد أجاب عنه صاحب الجواهر(رحمهالله) وقال:
إنّ اختلاف الأخبار غير قادح فيما علم منها جميعاً من أنّ الذنوب فيها كبائر وصغائر.[174]
فهذا الأمر هو القدر المشترك بين جميع هذه الروايات.
والأحسن في الجواب أن يقال: إنّ الاختلاف ليس على حدّ يوجب التنافي بينها، بل هو بين الأقلّ والأكثر، ويمكن حملها على وجود المراتب في الذنوب الكبيرة.
ثمّ إنّ صاحب الجواهر(رحمهالله) قد أورد على هذا القول بأنّه مستلزم لعدم وقوع العدل خارجا فقال:
لو كان جميع الذنوب كبائر لم يحصل عدل في أغلب الناس، بل سائرهم؛ ضرورة أنّه لا ينفكّ أحد من مواقعة بعض المعاصي، والعدالة محتاج إليها الناس في أكثر اُمورهم من عبادات ومعاملات[175].
ثمّ قال في جواب توهّم وقوع التوبة:
وفتح باب التوبة المقدور عليها في كلّ وقت وحين، غير مجد بعد الاحتياج إلى الاختبار؛ إذ التحقيق أنّه لا تقبل التوبة بمجرّد قوله: «تبت» من دون معرفة الندم الباطنيّ منه، بل ربما قيل بتعذّر العزم على عدم المعاودة المتوقّفة عليه التوبة أو تعسّره، وإن كان فيه جهة منع واضح؛ ضرورة تعلّق النهي من اللّه تبارك وتعالى لجميع المعاصي، إنتهى كلامه[176].
ثمّ قال في دفع هذا الإيراد:
إنّ كون الذنوب كلّها كبائر لا يقضي بأنّها كلّها قادحة في العدالة؛ إذ لا دليل على ذلك، بل القادح فيها الأكبر من المعاصي، أمّا غير الأكبر فلا يقدح إلاّ مع الإصرار؛ لأنّ العدالة المستفادة من الأخبار هي كون الرجل معروفاً بالستر والعفاف، مجتنبا للمعاصي العظيمة، حسن الظاهر، إذا سئل عنه في محلّته قيل: لا نعلم منه إلاّ خيرا، وهذا لا يقدح فيه وقوع بعض الذنوب التي ليست بتلك المكانة إلاّ مع الإصرار عليها، إنتهى[177].
أقول: وهذا عجيب منه(قدسسره)، فانّ النزاع قد وقع في أنّ العادل هو الذي يجتنب عن جميع المعاصي، كبيرة كانت أو صغيرة أم لا، بل اللازم هو الاجتناب عن الكبائر فقط؟ والظاهر عدم دلالة الأخبار على أنّ العادل هو خصوص المجتنب عن أكبر المعاصي، فتدبَّر.
ثمرة النزاع
بناءً على انقسام المعاصي إلى كبائر وصغائر، لا شكّ في أنّ القادح في العدالة إنّما هي الكبائر دون الصغائر، إلاّ مع الإصرار عليها، وأمّا بناء على كون الذنوب كلّها كبائر، فالظاهر أنّ كلّ ذنب موجب للخروج عن العدالة، كما يظهر من ابن إدريس(رحمهالله)[178]. ويستفاد من كلمات صاحب الجواهر(قدسسره)[179]: أنّ ثمرة النزاع إذا كانت منحصرة في ذلك فيرجع النزاع إلى كونه لفظيّا، وأنّ الثمرة غير منحصرة في ذلك؛ ووجه ذلك أنّ مسألة التكفير بمعنى كون ترك الكبائر كفّارة للصغائر ثمرة اُخرى.
وبالنتيجة: فللخلاف ثمرتان: الاُولى: مسألة القدح في العدالة، والثانية: مسألة التكفير.
تذييل في قاعدة الأحدثيّة
ثمّ إنّه قد ذهب بعض الأصحاب، كالصدوق، وصاحب الحدائق، والنراقي رحمهمالله إلى قبول قاعدة الأحدثيّة؛ بمعنى أنّ الملاك في العمل بالروايات المتعارضة ما وردت مؤخّراً. وبعبارة اُخرى: يعمل بالأحدث من الروايات، وعلى هذا، لمّا كان آخر ما ورد من الروايات في ما نحن فيه، حديث الإمام الجواد(عليهالسلام) من أنّ عدد الكبائر تسعة عشر[180]، فلابدّ من البحث حول هذه القاعدة، وأنّه هل يصحّ أن نأخذ بهذه الرواية وترجيحها من باب الأحدثيّة أم لا؟
فنقول: إنّ هذه القاعدة على القول بها، إنّما هي فيما ثبت التعارض بين الروايات، مع أنّه لم يثبت التعارض فيما نحن فيه؛ ضرورة أنّه لا مفهوم للعدد في هذه الروايات.
أدلّة القائلين بقاعدة الأحدثية
هذا، ثمّ إنّه قد استدلّ لاثبات هذه القاعدة بعدّة من الروايات:
1. عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن منصور بن حازم قال:
قلت لأبي عبد اللّه(عليهالسلام) ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب، ثمّ يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر، فقال: إنّا نجيب النّاس على الزّيادة والنّقصان. قال: قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول اللّه(صلى الله عليه و آله) صدقوا على محمّد(صلى الله عليه و آله) أم كذبوا، قال: بل صدقوا. قال: قلت: فما بالهم اختلفوا؟ فقال: أما تعلم أنّ الرّجل كان يأتي رسول اللّه(صلى الله عليه و آله) فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب، ثمّ يجيبه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب، فنسخت الأحاديث بعضها بعضا[181].
فعلى هذا تقدّم الأحدث على غيره إنّما هو من باب النسخ؛ بمعنى أنّ الأحدث ناسخ للحديث المتقدّم.
إن قلت: لعلّ المراد من الأحاديث في هذه الرواية، كلّ ما ورد عن النبيّ(صلى الله عليه و آله)؛ لأنّ اللام للعهد، فتنحصر هذه القاعدة في روايات النبيّ(صلى الله عليه و آله).
قلنا: سؤال الراوي كان في مورد أحاديث الإمام(عليهالسلام)فأجاب الإمام(عليهالسلام)عن سؤاله، وهذا قرينة على عدم اختصاص النسخ بروايات النبيّ(صلى الله عليه و آله)
2. عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول اللّه(صلى الله عليه و آله) لا يتّهمون بالكذب، فيجيء منكم خلافه؟ قال: إنّ الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن[182].
3. محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عمرو الكنانيّ قال: قال أبو عبد اللّه(عليهالسلام):
يا أبا عمرو أرأيت لو حدّثتك بحديث، أو أفتيتك بفتيا، ثمّ جئتني بعد ذلك، فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك، أو أفتيتك بخلاف ذلك، بأيّهما كنت تأخذ؟ قلت: بأحدثهما وأدع الآخر، فقال: قد أصبت يا أبا عمرو، أبى اللّه إلاّ أن يعبد سرّا، أما واللّه لئن فعلتم ذلك إنّه لخير لي ولكم، وأبى اللّه عزّ وجلّ لنا ولكم في دينه إلاّ التّقيّة[183].
وفي هذه الرواية تكون التقيّة وجهاً لتقدّم الأحدث على غيره. والرواية ضعيفة؛ لأنّ الكناني لم يوثّق.
4. مرسلة حسين بن مختار: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه(عليهالسلام) قال:
أ رأيتك لو حدّثتك بحديث العام، ثمّ جئتني من قابل فحدّثتك بخلافه، بأيّهما كنت تأخذ؟ قال: قلت: كنت آخذ بالأخير، فقال لي: رحمك اللّه[184].
هذه جملة ما استدلّ به من الروايات على هذه القاعدة، ويقع البحث عن هذه القاعدة حول مقامين:
المقام الأوّل: تحقيق القاعدة من باب النسخ؛
المقام الثاني: تحقيق القاعدة من باب التقيّة.
المقام الأوّل: تحقيق القاعدة من باب النسخ
كلام السيّد الخوئي(رحمهالله) حول روايات النسخ
قال في الأنوار البهيّة ـ بعد ذكر رواية محمّد بن مسلم ـ :
وأورد عليه سيّدنا الاُستاذ(قدسسره) بأنّ ضرورة المذهب قائمة على عدم جواز نسخ القرآن أو السنّة بالخبر الظنّي، فلابدّ من رفع اليد عن الحديث، وبعبارة اُخرى: الكلام في الخبر الظنّي لا في الخبر القطعي صدوراً، كما أنّه لا إشكال في تخصيص الكتاب أو السنّة بالخبر الظنّي، والكلام في النسخ. والجواب: أنّه لم يفرض في الحديث كونه مقطوع الصدور، بل مطلق من هذه الجهة، ولاجل الضرورة المدعاة نرفع اليد عن الإطلاق، مضافاً إلى أنّ الميزان بإطلاق الجواب، لا بخصوص السؤال ومقتضى إطلاق الجواب جواز النسخ على الإطلاق؛ أي أعمّ من أن يكون كلا الخبرين عن النبيّ(صلى الله عليه و آله)، أو كلاهما عن غيره من الأئمّة (عليهمالسلام)، أو بالاختلاف، وعلى جميع التقادير مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين مقطوع الصدور أو مظنونه، وبمقتضى الضرورة المدعاة نرفع اليد عن الإطلاق بمقدار قضاء الضرورة، فلا إشكال...[185]
أقول: يمكن أن يجاب بجواب أوضح ممّا أجاب؛ وهو أنّ المذكور في الحديث إنّما هو أصل النسخ، ولا يدلّ على أنّ الخبر القطعي ينسخ بالخبر الظنّي. وبعبارة اُخرى: إنّا نسلّم بأنّ ضرورة المذهب قائمة على عدم جواز نسخ القرآن أو السنّة بالخبر الظنّي، لكن لا دليل على عدم جواز نسخ الخبر الظنّي بالخبر الظنّي الآخر ولو كان المنسوخ من أحاديث النبيّ(صلى الله عليه و آله)؛ والوجه في ذلك أنّ الأئمّة (عليهمالسلام) كانوا مرجعاً ومنبعاً للشريعة، كما كان النبيّ(صلى الله عليه و آله)كذلك، ففي روايات التفويض أنّ للأئمّة (عليهمالسلام) شأن التشريع، فمثلاً جاء في القرآن «ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ»[186].
وقال النبيّ(صلى الله عليه و آله): «من قال عليّ ما لم أقل فليتبّوأ مقعده من النّار»[187].
وبعد ذلك أضاف الأئمّة (عليهمالسلام) عدم جواز الافتراء عليهم، ومن ثمّ صار الافتراء عليهم من الكبائر[188]، وموجباً لبطلان الصوم، فما قد يقال من أنّ الأئمّة (عليهمالسلام)ليس لهم شأن التشريع، وما عليهم إلاّ البيان، فكلام باطل ومخالف للعقائد الحقّة الصحيحة الإماميّة.
نعم، انقطع الوحي بعد النبيّ(صلى الله عليه و آله)، كما قال عليّ(عليهالسلام) بعد رحلة النبيّ(صلى الله عليه و آله): لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك[189]، لكن الأئمّة (عليهمالسلام) من جهة ما علّمهم اللّه، كانوا قادرين على فهم الملاكات واستكشاف الأحكام؛ فلذا ذكروا موارد متعددة، ومن ثمّ نقول: لا مانع من إمكان وقوع النسخ في الروايات عقلاً، وليس مخالفاً لضرورة المذهب، ولعلّه قد وقع.
بيان آخر لكلام السيّد الخوئي(رحمهالله)
يمكن أن يكون مراده(قدسسره) من مخالفة روايات النسخ مع ضرورة المذهب: أنّ مقتضى هاتين الروايتين أنّ الحديث ينسخ القرآن، وهو محال بالضرورة؛ لأنّه مستلزم لتحريف القرآن، وهو مخالف لما اتفق عليه الجمهور من عدم نسخ القرآن بعد النبيّ(صلى الله عليه و آله)، فالضرورة هنا ترجع إلى مسألة التحريف، وإلاّ فلا ضرورة قائمة على عدم جواز نسخ الحديث بالحديث.
أقول: لكن يلاحظ عيله بأنّ هاتين الروايتين لا ربط لهما بنسخ القرآن بالحديث، بل المراد فيهما أنّ الحديث ينسخ بالحديث، سواء كان من أحاديث النبيّ(صلى الله عليه و آله)أو الأئمّة (عليهمالسلام) .
هذا مضافاً إلى أنّ مقتضى كلامه(رحمهالله) جواز نسخ القرآن بالخبر القطعي المتواتر، والحال أنّه لم يجز أيضاً.
فرع في وجود منصب التشريع للأئمّة(عليهمالسلام)
ربما يقال بأنّ إكمال الدين تمّ في 23 سنة، ولكنّه ليس بدقيق؛ فإنّ الإسلام والأحكام تكتمل تدريجاً إلى زمان ظهور القائم(عليهالسلام).
هذا، ثمّ إنّه قد أورد بعض العامّة بأنّ القول بثبوت مقام التشريع للائمة (عليهمالسلام)ينافي ما قال النبيّ(صلى الله عليه و آله) في الغدير:
يا أيّها النّاس واللّه ما من شيء يقرّبكم من الجنّة ويباعدكم من النّار إلاّ وقد أمرتكم به، وما من شيء يقرّبكم من النّار ويباعدكم من الجنّة إلاّ وقد نهيتكم عنه[190].
ولكنّه يجاب بأنّ من مصاديق قوله(صلى الله عليه و آله) «ما من شيء إلاّ وقد أمرتكم به»، نصب الإمام ومنصب الإمامة، ومن البديهي أنّ للإمام(عليهالسلام) شؤوناً واختيارات حول منصبه.
والحاصل: أنّ كثيراً من جزئيّات الإسلام والأحكام الشرعيّة إنّما تبيّن بعد النبيّ(صلى الله عليه و آله)، كأكثر مسائل الحجّ؛ فإنّه لم يبيّن إلى زمان الباقر والصادق عليهماالسلام.
وأمّا ما ورد عن الأئمّة (عليهمالسلام) من أنّا إنّما نقول ما سمعنا من آبائنا حتّى إلى النبيّ(صلى الله عليه و آله)[191]، فهو محمول على الجدل في مقابل الخصم. وإلاّ فلا شكّ في أنّ للأئمّة (عليهمالسلام) شأن التشريع إلى زمان قيام الحجّة(عليهالسلام).
إن قلت: قد ورد: «حلال محمّد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة»[192]، فعلى هذا لا يمكن نسخ أحاديث النبيّ(صلى الله عليه و آله) بأحاديث الأئمّة (عليهمالسلام) .
قلت: مقتضى التأمّل في مجموع أدلّة هذه المسألة: أنّ المراد من الحلال والحرام في هذا الحديث إنّما هو ما لم ينسخ ولم يخصّص ولم يقيّد، كأكل الميتة عند عدم الضرورة.
وفي ما نحن فيه أيضاً نقول: أحاديث الأئمّة يعدّ من مقيّدات أو مخصّصات أحاديث النبيّ(صلى الله عليه و آله)، وهذا لا إشكال فيه.
نعم لقائل أن يقول: إنّ المشهور أعرض عن هاتين الروايتين، ولذا لايمكن العمل بهما.
وفيه: أنّه لا معنى للإعراض هنا، كما أنّه لا معنى للإعراض عن ما ورد من «أنّ حديث آل محمّد صعب مستعصب»[193]. فإنّه ليس للفقهاء الإعراض عن هذا الحديث.
والحاصل: أنّ أمثال هذه الروايات لايمكن الإعراض عنها؛ لعدم قابليّة الإعراض فيها.
المقام الثاني: تحقيق القاعدة من باب التقيّة
روايات التقيّة
وأمّا روايتا الكناني وابن المختار الدالّتان على أنّ الملاك في تقدّم الأحدث، وجود التقيّة في المتقدّم، فممّن تعرّض للبحث عنهما هو صاحب التعليقة على معالم الاُصول؛ حيث ذكر أنّ في الروايتين ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأوّل: أن نقول بأنّ الأخذ بالأحدث إنّما هو من باب التعبّد وإن لم نعلم حكمته.
الاحتمال الثاني: أن نقول بأنّ الأخذ بالأحدث إنّما هو من باب التقيّة العمليّة الراجعة إلى الراوي المخاطب، مقابل التقيّة القوليّة المخصوصة للإمام(عليهالسلام).
وهذا الاحتمال يشكل بعدم جريانه في حقّ من تأخّر عن الراوي إلى زماننا هذا، فلم يثبت مرجّحيّة الأحدثيّة مطلقاً، بل هي مرجّحة في خصوص الراوي المخاطب.
الاحتمال الثالث: أن نقول بأنّ الأخذ بالأحدث إنّما هو من باب التقيّة القوليّة، ببيان أنّ الصادر على جهة بيان الواقع من المعصوم(عليهالسلام) إنّما هو الخبر الأحدث بالنسبة إلى مخاطبه، وأنّ الخبر المتقدّم إنّما صدر على جهة التقيّة لا غير[194].
والفرق بين التقيّة العمليّة والقوليّة هو أنّ في التقيّة العمليّة يمكن حمل الرواية الاُولى على التقيّة العمليّة، وحمل الثانية على القوليّة، وكذا يمكن العكس، لكن في التقيّة القوليّة لا يمكن هذا بل يتعيّن حمل المتقدّم على التقيّة القوليّة، وأنّ الأحدث هو الواقع[195].
هذا، ثمّ إنّ ممّا يرد على صاحب التعليقة على معالم الاُصول، أنّه لم يفكّك بين روايات التقيّة والنسخ، ولذا ردّ روايات النسخ مستدلاًّ بأنّه مخالف لما ورد في روايات التقيّة من: «أبى اللّه إلاّ أن يعبد سرّاً ـ إلى قوله: ـ أبى اللّه لنا في دينه إلاّ التقيّة»[196].
وكيف كان فما اختاره من حمل المتقدّم على التقيّة القوليّة والأحدث على بيان الواقع فهو جيّد ولا إشكال فيه، إلاّ أنّه لا نسلّم أنّ مطلق ما ورد متقدّماً فهو من باب التقيّة، بل لابدّ من النظر إلى ما ورد فيه، وأنّه هل فيه قرينة على التقيّة أم لا؟
وبعبارة اُخرى: أنّ الأحدث إنّما يتعيّن العمل به فيما وافق المتقدّم مع قول العامّة، فالأحدث بما هو أحدث لا ترجيح له، كما أنّه لا وجه للقول بالاحتمال الأوّل؛ أعني أنّ الأخذ بالأحدث إنّما هو من باب التعبّد؛ وذلك لأنّ التعبّد إنّما هو فيما لم نعلم التعليل، والحال أنّ في هذه الروايات تعليلين: أحدهما: النسخ، والآخر: التقيّة. فكلّ ما يمكن النسخ فيه أو التقيّة، فيؤخذ به من باب الأحدثيّة، وإلاّ فلا وجه للترجيح من باب الأحدثيّة، وبعبارة اُخرى: إنّ مجرّد الأحدثيّة لا مدخليّة له في الترجيح، بل هو إمّا يرجع إلى النسخ، وإمّا يرجع إلى التقيّة القوليّة، وإلاّ فلا وجه للأخذ بالأحدث.
تتمّة
وممّا ورد في ترجيح الأحدث، رواية معلّى بن خنيس: وعنه، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن داود بن فرقد، عن المعلّى بن خنيس قال:
قلت لأبي عبد اللّه(عليهالسلام)إذا جاء حديث عن أوّلكم، وحديث عن آخركم، بأيّهما نأخذ؟ فقال: خذوا به حتّى يبلغكم عن الحيّ، فإن بلغكم عن الحىّ فخذوا بقوله، قال: ثمّ قال أبو عبد اللّه(عليهالسلام) إنّا واللّه لا ندخلكم إلاّ فيما يسعكم، وفي حديث آخر خذوا بالأحدث[197].
وفي هذه الرواية لا إشارة إلى النسخ أو التقيّة، ولكن يمكن أن يقال بأنّ في قوله(عليهالسلام)«فيما يسعكم» إشعار إلى التقيّة، بل هو من أدلّة التقيّة، كما لا يخفى.
والحاصل: أنّه لابدّ من إرجاع هذه الرواية وأمثالها إلى مسألة التقيّة أو النسخ.
هذا آخر ما أفاده الاُستاذ(دام ظلّه) وقد فرغ من تسويده أقلّ تلامذته أصغر بن ولي الأهري، يوم الأربعاء من شهر شعبان 1438 حامداً مصلّياً، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد. والحمد للّه ربّ العالمين.
----------------------------
[1] جواهر الكلام 13: 526 ـ 527.
[2] جواهر الكلام 13: 526.
[3] رياض المسائل 13: 249.
[4] غاية المرام 4: 277.
[5] سورة النساء 4: 31.
[6] جواهر الكلام 13: 501.
[7] مجمع الفائدة والبرهان 12: 318، وحكى عنه في جواهر الكلام 13: 501.
[8] غاية المرام 4: 277، وحكى عنه في جواهر الكلام 13: 501.
[9] جواهر الكلام 13: 501 ـ 502.
[10] السرائر 2: 117 ـ 118.
[11] أوائل المقالات سلسلة مؤلّفات المفيد 4: 83 ـ 84.
[12] العدّة في أصول الفقه 1: 139.
[13] المهذّب 2: 556.
[14] مجمع البيان 3: 67.
[15] المبسوط 8: 217، وط ج 5: 579.
[16] السرائر 2: 118.
[17] مفتاح الكرامة 8: 282.
[18] تفصيل الشريعة، الاجتهاد والتقليد: 331.
[19] فقه الصادق(عليهالسلام) 6: 271.
[20] جواهر الكلام 13: 509 وما بعدها.
[21] سورة البقرة 2: 257.
[22] سورة الحجّ 22: 9.
[23] سورة الزمر 39: 60.
[24] سورة يونس 10: 69 ـ 70.
[25] سورة النساء 4: 93.
[26] سورة النساء 4: 29 ـ 30.
[27] سورة الكهف 18: 29.
[28] سورة هود 11: 113.
[29] سورة النحل 16: 29.
[30] سورة المدّثر 74: 42 ـ 43.
[31] سورة التوبة 9: 34 ـ 35.
[32] سورة التوبة 9: 81.
[33] سورة الأنفال 8: 16.
[34] سورة البقرة 2: 275.
[35] سورة النساء 4: 10.
[36] سورة غافر 40: 43.
[37] سورة البقرة 2: 174.
[38] سورة طه 20: 99 ـ 101.
[39] سورة الحجّ 22: 25.
[40] سورة البقرة 2: 114.
[41] سورة الأحزاب 33: 57.
[42] سورة التوبة 9: 79.
[43] سورة آل عمران 3: 77.
[44] سورة الرعد 13: 25.
[45] سورة محمّد(صلى الله عليه و آله) 47: 22 ـ 23.
[46] ذكره في جواهر الكلام 13: 514.
[47] سورة المائدة 5: 33.
[48] ذكره في جواهر الكلام 13: 514.
[49] سورة لقمان 31: 6.
[50] سورة الفرقان 25: 68 ـ 69.
[51] سورة النور 24: 19.
[52] سورة النور 24: 23.
[53] سورة المائدة 5: 44.
[54] سورة يوسف 12: 87.
[55] سورة آل عمران 3: 97.
[56] سورة مريم 19: 32.
[57] سورة إبراهيم 14: 15 ـ 16.
[58] سورة البقرة 2: 191.
[59] سورة البقرة 2: 102.
[60] حكاه عنه في مفتاح الكرامة 8: 288 ـ 298، وفي جواهر الكلام 13: 509 ـ 516.
[61] الفقيه 3: 24 ح65، وعنه وسائل الشيعة 27: 391، كتاب الشهادات ب41 ح1.
[62] جواهر الكلام 13: 517.
[63] بحوث في الاُصول، الاجتهاد والتقليد: 92.
[64] سورة النساء 4: 31.
[65] سورة الجاثية 45: 21.
[66] سورة النساء 4: 79.
[67] سورة النحل 16: 34.
[68] سورة الشورى 42: 40.
[69] سورة آل عمران 3: 193.
[70] الميزان في تفسير القرآن 4: 326.
[71] سورة الأنفال 8: 38.
[72] تفسير جوامع الجامع 1: 252.
[73] الميزان في تفسير القرآن 4: 326 ـ 327.
[74] سورة الجاثية 45: 23.
[75] يمكن أن يقال بأنّ اللازم في التكفير ليس أن يكفِّر الذنوب خاصّة، بل يكفي فيه تكفير أثر الذنوب وآثار السيّئة، كما في قوله تعالى «فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا» المقرّر.
[76] سورة الكهف 18: 49.
[77] أقول الظاهر أنّ قوله تعالى «وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً»، تقرير؛ لأنّه عبارة اُخرى عن قولهم «لاَ يُغَادِرُ...»المقرّر
[78] سورة الشورى 42: 37.
[79] حكاه عن مقاتل في الجامع لأحكام القرآن 17: 106، سورة النجم، الآية 31 ـ 32.
[80] سورة النجم 53: 32.
[81] أقول هذا أوّل الكلام، ولعلّ هذه الآية صارت دليلاً على أنّ نيّة الذنب ليست بذنب. هذا، ثمّ إنّ ما ذكره الاُستاذ دام ظله لا يساعده ما ورد من أن نيّة المؤمن خير من عمله؛ لأنّه ينوى من الخير مالا يدركه، ونيّة الكافر شرّ من علمه؛ وذلك لأنّ الكافر ينوى الشرّ، ويأمل من الشر ما لا يدركه». (المحجة البيضاء 8: 330) (المقرّر)
[82] لا نسلّم ذلك، خصوصاً لو ثبت بإقراره؛ فإنّ ذلك الحدّ كفّارة لذنبه، والمسألة تحتاج إلى زيادة تأمّل. المقرّر
[83] الكافي 2: 227 ح3، وعنه وسائل الشيعة 15: 322، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح6.
[84] نهج البلاغة: 45.
[85] الكافي 2: 288 ح1، وعنه وسائل الشيعة 15: 338، كتاب الجهاد، أبواب جهاد نفس وما يناسبه ب48 ح3.
[86] الفقيه 3: 376 ح1781، وعنه وسائل الشيعة 15: 316، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب45 ح4.
[87] المكاسب المحرّمة 1: 376.
[88] سورة النساء 4: 31.
[89] الميزان في تفسير القرآن 4: 324 ـ 325.
[90] سورة الزمر 39: 53 ـ 54.
[91] جواهر الكلام 13: 523.
[92] كشف الغطاء 4: 327 ـ 328.
[93] جواهر الكلام 13: 523.
[94] سورة البقرة 2: 269.
[95] الكافي 2: 284 ح20، وعنه وسائل الشيعة 15: 315، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب45 ح1.
[96] سورة النساء 4: 31.
[97] الكافي 2: 276 ح1، وعنه وسائل الشيعة 15: 315، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب45 ح2.
[98] سورة النساء 4: 31.
[99] ثواب الأعمال: 158 ح2، وعنه وسائل الشعية 15: 316 ـ 317، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب45 ح5.
[100] عقاب الأعمال: 277 ح2، وعنه وسائل الشيعة 15: 317، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب45 ح6.
[101] راجع الأربعون حديثاً: 380 ح30، وفي النسبة نظر.
[102] القواعد والفوائد 1: 225.
[103] سورة يوسف 12: 87.
[104] سورة الأعراف 7: 99.
[105] الكافي 2: 286 ح24، وعنه وسائل الشيعة 15: 319، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح2.
[106] راجع مصابيح الظلام 1: 446.
[107] الكافي 2: 276 ح2، وعنه وسائل الشيعة 15: 318، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح1.
[108] سورة الشورى 42: 37.
[109] سورة المائدة 5: 72.
[110] سورة يوسف 12: 87.
[111] سورة الأعراف 7: 99.
[112] سورة النساء 4: 93.
[113] سورة النور 24: 23.
[114] سورة النساء 4: 10.
[115] سورة الأنفال 8: 16.
[116] سورة البقرة 2: 275.
[117] سورة البقرة 2: 102.
[118] سورة الفرقان 25: 68 ـ 69.
[119] سورة آل عمران 3: 77.
[120] سورة آل عمران 3: 161.
[121] سورة التوبة 9: 35.
[122] سورة البقرة 2: 283.
[123] سورة الرعد 13: 25.
[124] الكافي 2: 285 ح24، الفقيه 3: 367 ح1746، مجمع البيان 3: 68، عيون أخبار الرضا(عليهالسلام) 1: 285 ح33، علل الشرائع: 391 ح1، وعنها وسائل الشيعة15: 318، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح2.
[125] سورة البقرة 2: 359.
[126] الفقيه 3: 366 ح1745، الخصال: 363 ح56، علل الشرائع: 392 ح2، المقنعة: 290، وعنها وسائل الشيعة 15: 326، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح22.
[127] ملاذ الأخيار 6: 437.
[128] الكافي 2: 278 ح8، وعنه وسائل الشيعة 15: 321، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح4.
[129] لم تكن في الروايات المذكورة المبحوث عنها رواية ذكر فيها أنّ الكبائر تسعة، ولكن ذكر في كتاب معدن الجواهر: 66 ب6 رواية عن رسول اللّه(صلى الله عليه و آله) قال: الكبائر تسعة: أوّلها: الشرك....
[130] الكافي 2: 277 ح3، وعنه وسائل الشيعة 15: 322، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح6.
[131] سورة النساء 4: 31.
[132] ثواب الأعمال: 158 ح1، وعنه وسائل الشيعة 15: 329، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح32.
[133] سورة لقمان 31: 6.
[134] الكافي 2: 280 ح2، وعنه وسائل الشيعة 15: 324، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب46 ح13.
[135] تهذيب الأحكام 4: 149 ح417، وعنه وسائل الشيعة 15: 325، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح20.
[136] الفقيه 3: 373 ح1758، وعنه وسائل الشيعة 15: 327، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح24.
[137] الفقيه 3: 372 ح1755، وعنه وسائل الشيعة 15: 327، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح25.
[138] علل الشرائع: 475 ح2، الخصال: 273 ح16، وعنهما وسائل الشيعة 15: 327، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح27.
[139] سورة النساء 4: 48.
[140] سورة النساء 4: 10.
[141] سورة الأنفال 8: 15.
[142] سورة البقرة 2: 278.
[143] عقاب الأعمال: 277 ح1؛ وعلل الشرائع: 475 ح3؛ الخصال: 273 ح17 وعنها وسائل الشيعة 15: 328، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب46 ح28.
[144] علل الشرائع: 479 ح2، وعنه وسائل الشيعة 15: 328، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب 46 ح29.
[145] سورة النساء 4: 93.
[146] علل الشرائع: 479 ح2، وعنه وسائل الشيعة 15: 328، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح30.
[147] سورة النور 24: 23.
[148] علل الشرائع: 480 ح2، وعنه وسائل الشيعة 15: 328، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح31.
[149] الخصال: 364 ح57، وعنه وسائل الشيعة 15: 330، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح34.
[150] الخصال: 610، وعنه وسائل الشيعة 15: 331، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب46 ح36.
[151] الخصال: 411 ح15، وعنه وسائل الشيعة 15: 330، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب46 ح35.
[152] عيون أخبار الرضا(عليهالسلام) 2: 125 ـ 126، تحف العقول: 422، وعنهما وسائل الشيعة 15: 329، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح33.
[153] قال السيّد المحقّق الخوئي(رحمهالله): وأمّا كونه كبيرة فلم يثبت. نعم عُدَّ في خبر الفضل ابن شاذان من جملة الكبائر الاستخفاف بالحجّ، فإن أريد به الاستخفاف بأصل الحكم الإلهي في الشريعة المقدّسة، فهو وإن كان مذموما ومبغوضا في الشرع، لكنّه أجنبيّ عن الاستدلال به في المقام؛ إذ لا دلالة فيه على أن التأخير من الكبائر، ولو اُريد به الاستخفاف العملي؛ لأنّ تركه وعدم الإتيان به في العام الأوّل وتأخيره عنه نوع من الاستخفاف بالحجّ، فالدلالة تامّة، ولكن الرواية ضعيفة السند لا يمكن الاعتماد عليها. موسوعة الإمام الخوئى 26: 33
وقد بين الاُستاذ (دام ظلّه) خلال بحثه عن كتاب الحجّ، مراده من هذه العبارات أوّلاً: أنّ مطلق الاستخفاف بالذنوب من الكبائر، وثانياً: أنّ المراد من الاستخفاف في رواية ابن شاذان، الاستخفاف العملي؛ لأنّ متعلّق الاستخفاف إذا كان عمل المكلّف، يظهر منه أنّ المراد من الاسخفاف، الاستخفاف العملي، وحيث إنّ رواية ابن شاذان معتبرة عند الاُستاذ (دام ظلّه) فلا إشكال في الأخذ بها. هذا ملخّص ما أفاده ذيل هذه الرواية، ومزيد التوضيح موكول إلى محلّه. (المقرّر)
[154] جواهر الكلام 13: 521.
[155] راجع الزواجر لابن حجر 1: 9، والكبيرة والآثار المترتّبة عليها: 105 ـ 112، والقواعدد والفوائد 1: 225، ومجمع البيان 3: 67.
[156] مجمع البيان 3: 67، التفسير الكبير للفخر 10: 59، تفسير الطبري 5: 51.
[157] فيه نظر؛ لأنّ ما ورد من التهديد في الآية من مسّ النار وأنّه ليس لهم حينئذٍ أولياء من دون اللّه وأنّهم لا ينصرون، يدلّ على أهمّية هذا الذنب. المقرّر
[158] حكاه عنه في جواهر الكلام 13: 511، ومفتاح الكرامة 8: 294.
[159] راجع ص 13 وما بعدها.
[160] العروة الوثقى 3: 189 مسألة 13.
[161] سورة البقرة 2: 191.
[162] لم نعثر عليه في كتب العامّة، ولكن في الفقيه 1: 119 ح573، وروض الجنان وروح الجنان تفسير أبي الفتوح 20: 317، ومستدرك الوسائل 15: 153، كتاب النكاح، أبواب أحكام الأولاد ب44 ح1: «إذا بكى اليتيم اهتزّ العرش».
[163] كما في العروة الوثقى 3: 189 مسألة 13.
[164] العروة الوثقى 3: 190، حاشية مسألة 13.
[165] مستمسك العروة الوثقى 7: 341، مسألة 13.
[166] الدعوات للراوندي: 169 ح472، بحار الأنوار 14: 379 ح25، مستدرك الوسائل 11: 351، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب43 ح14.
[167] راجع في ص 31 ـ 32.
[168] الكافي 2: 270 ح7، وعنه وسائل الشيعة 15: 299، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب40 ح3.
[169] فقه الصادق(عليهالسلام) 6: 270 ـ 271.
[170] راجع مرآة العقول 1: 402 ذح7، ولكن ليس فيها ذلك.
[171] سورة الجنّ 72: 23.
[172] سورة الأحزاب 33: 36.
[173] الكافي 3: 450 ح31، تهذيب الأحكام 2: 130 ح502، وعنهما وسائل الشيعة 6: 277، كتاب الصلاة، أبواب القنوت ب9 ح2.
[174] جواهر الكلام 13: 507.
[175] جواهر الكلام 13: 504.
[176] جواهر الكلام 13: 504.
[177] جواهر الكلام 13: 504 ـ 505.
[178] السرائر 2: 117 ـ 118.
[179] جواهر الكلام 13: 505.
[180] تقدّم في ص 505 ـ 508 .
[181] الكافي 1: 65 ح3، وعنه وسائل الشيعة 27: 208، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي و... ب14 ح3.
[182] الكافي 1: 64 ـ 65 ح2، وعنه وسائل الشيعة 27: 208، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي و... ب14 ح2.
[183] الكافي 2: 218 ح7، وعنه وسائل الشيعة 27: 112، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي و... ب9 ح17.
[184] الكافي 1: 67 ح8، وعنه وسائل الشيعة 27: 109، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي و... ب9 ح7.
[185] الأنوار البهيّة في القواعد الفقهيّة: 336 ـ 337.
[186] سورة الأنعام 6: 21.
[187] الفقيه 3: 327 ح1756، وعنه وسائل الشيعة 15: 327، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح26.
[188] الفقيه 3: 372 ح1757، وعنه وسائل الشيعة 15: 327، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح25.
[189] نهج البلاغة: 355، كلام 235، بحار الأنوار 22: 542 ح55.
[190] الكافي 2: 74 ح2، وعنه وسائل الشيعة 17: 45، كتاب التجارة، أبواب مقدّماتها ب12 ح2.
[191] مثل ما في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(عليهالسلام): 239 ذح214.
[192] الكافي 1: 58 ح19، وعنه الفصول المهمّة 1: 64، أبواب أصول الفقه ب51 ح1.
[193] بصائر الدرجات: 20 ب11 ح1، وعنه الفصول المهمّة 1: 615، أبواب أصول الفقه، ب39 ح2.
[194] تعليقة على معالم الاُصول 7: 644 ـ 647.
[195] لم يظهر لي وجه كون صدور المتقدّم دائما من باب التقيّة، مع أنّه لم يرد في كلتا الروايتين أنّ المتقدّم صدر من باب التقيّة. فكما يمكن أن يكون الخبر المتقدّم صادراً من جهة التقيّة، يمكن أن يكون الأحدث كذلك أيضاً. وبعبارة اُخرى: لا دليل على أنّ في التقيّة القوليّة، يكون الخبر المتقدّم صادراً عن جهة التقيّة دائماً، بل من الممكن أن يكون الأحدث صادراً عن جهة التقيّة. ولعلّه لهذا ذهب الاُستاذ دام ظله إلى عدم كون مطلق الأحدثيّة ملاكاً في التقدّم. فتدبّر (المقرّر).
[196] الكافي 2: 218 ح7، وعنه وسائل الشيعة 27: 112، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي و... ب9 ح17.
[197] الكافي 1: 67 ح9، وعنه وسائل الشيعة 27: 109، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي و... ب9 ح8 و9.