موضوع: الجمل الخبریة فی مقام الانشاء
تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٦/٢٥
شماره جلسه : ۱
خلاصة الدرس
-
البَدء بموضوع النّقاش
-
الحوار حولَ الجمل الماضیة
-
النّقاش حولَ الجمل الاسمیّة
-
رفضُ استخدام الجمل الخبریّة في شتّی الدّواعي
الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
و مَیمنةً لبدایة المحفِل الدراسيّ لهذه السَّنة، سنَستَأنف الأبحاثَ الأصولیّة عبرَ روایة معطَّرة عن آل البیت علیهم السّلام، حیث قد ورد ضمن الکافي الشّریف:
«بَابُ الْبِدَعِ وَ الرَّأْيِ وَ الْمَقَايِيسِ:
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اِبْنِ فَضَّالٍ جَمِيعاً عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ النَّاسَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ يَتَوَلَّى فِيهَا رِجَالٌ رِجَالاً فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ لَمْ يَخْفَ عَلَى ذِي حِجًى وَ لَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ لَمْ يَكُنِ اخْتِلاَفٌ، وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ [1]وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَيَجِيئَانِ مَعاً فَهُنَالِكَ اسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ نَجَا الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى.»[2]
و أمّا شاهد المقال حول
البدعة و الفتَن فهي الفقرة القائلة: «إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ
الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ
فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ يَتَوَلَّى فِيهَا رِجَالٌ رِجَالاً».
في السَّنة الماضیة قد أشبَعنا الکلام حول الجمل الخبریّة التي تَتأتّی ضمن مقام الإنشاء و الطّلب و الإیجاد، نظیر الإخبارات الواردة ضمن صحیحة زرارةَ -في باب الاستصحاب- قائلةً: یعید صلاتَه. و أضراب هذه التّعابیر الخبریّة، فرغمَ أنّ ظاهرَ التّعبیر هو الإنباء و الإخبار عن حادثة جاریة إلا أنّ واقعَه الأصیل یَئول إلی «مُطالَبة الإمام بالإعادة و الأمر بها وجوبیّاً».
فوِفقَ هذا المِنوال قد انطرَح التّسائل التّالي: هل هذه الهیئة الخاصّة -الخبر في مقام الإنشاء- تدلُّنا علی الوجوب بوِزان صیغة الأمر تماماً أم لا تدلّ علی الوجوب کمبنی المحقّقَین الکرکيّ و النّراقيّ.
و سنُجیب لاحقاً عن هذا التّسائل إن شاء الله.
الحوار حولَ الجمل الماضیة
و أمّا توطئةً لهذه الأبحاث، علینا أن نؤکِّد بأنّ الجمل الخبریّة «المضارَعة» قد استُعملت لمقام الإنشاء لدی العرب ولا شبهةَ في ذلک، غیرَ أنّ النّقاش قد انصَبّ علی الجمل «الماضیة» فنَتسائل: هل استُعملت في مقام الطّلب و الإنشاء أم لا؟
و قد أذعَن المحقّقان النّائینيّ و الخوئيّ بأنّ «الجملة الماضیة» لا تُستخدم لمقام الإنشاء إلا لو وقعت جزاءً للشّرط نظیر: «من تَکلّم في صلاته، أعادَها» أي تجب الإعادة، و لهذا -لدی العرب- لا تُستعمل الجمل الماضیة لإبراز الإنشاء في غیر سیاق الشّرط.[3] بینما الشّهید الصّدر قد نَقضَ مقالتَهما بالعبارة التّالیة: «غفر الله لنا و لکم» فإنّها تُعدّ جملة ماضویّةً ضمن مقام الإنشاء الطّلبيّ الدّعائيّ رغمَ أنّها تَفتقِد الشّرطَ و الجزاء، فبالتّالي إنّ إجابة الشّهید هي الصّائبة.
النّقاش حولَ الجمل الاسمیّة
و عقیب الجمل الفعلیّة، قد بدا التّسائل التّالي: هل استُعملت الجمل الاسمیّة الخبریّة بداعي الإنشاء و الإیجاد أیضاً أم لا؟
و قد استَنکر أغلبُ الأصولیّین هذا النَّمط من الاستعمال، بیدَ أنّ المحقّق الإیروانيّ ضمن حاشیة الکفایة قد أقرَّه مُستشهِداً له بالرّوایة التّالیة: «المؤمنون عند شروطهم» و نحن نَدعَمه بالنّماذج التّالیة أیضاً: «فلا رَفثَ و لا فسوقَ و لا جدالَ في الحجّ»[4] «لا ضررَ و لا ضرارَ في الإسلام» و... فإنّ «لا» تُعدّ نافیةً أدبیّاً إلا أنّ مئالها هو النّهي الإنشائيّ عن هذه العناصر حتماً، و بإمکان الباحث أن یَعثُر علی جُمل اسمیّة وافرةٍ -ضمن المنابع الدّینیّة- بحیث قد أطلَعتنا علی إنشاء الشّارع بهذا الأسلوب -الجملیّة الاسمیّة بداعي الإنشاء- و لکنّه یُعدّ أسلوباً سماعيّاً عدیمَ الضّابطة أدبیّاً، إذ العَرب لا یَستخدمه في کافّة المجالات نظیر: «زید قائم» فلا یَقصد منه: «قُم یا زید» أبداً لأنّه مُمحّضٌ في الإخبار فحسب، فلو استَهدَف الإنشاء لصاغه صیغةً إنشائیّة کالمتداوَل، فبالتّالي إنّ أضراب هذا المثال عالقةٌ علی نوعیّة استعمال العرب تجاه موارد الجمل الاسمیّة فلا تَتأتّی وفقَ القاعدة العامّة.
رفضُ استخدام الجمل الخبریّة في شتّی الدّواعي
لقد أثبَتنا أنّ بإمکان الجمل الخبریّة -الفعلیّة أو الاسمیّة- أن تُنشئ و توجد الحکم الشّرعيّ مجازیّاً -دون الإخبار البَحت- إلا أنّه لا یُمکنها أن تُصاغَ بداعي التّهدید أوالتّعجیز أو الاستهزاء أو... و لهذا لا یُتاح للمُتکلّم أن یُخبرنا عن قضیّة بداعي التّهدید أو التّعجیز أو...
فرغمَ أنّه واقعٌ معقول، ولکنّ المحقّق الاصفهانيّ قد نصَّ علی أنّ حقیقةَ «الإخبار» بالوقوع تَتلازم مع تحقّقه الخارجيّ أو إنشاء طلبه -وفقاً لما أسلفنا- فکیف یَتلائم الإخبار مع التّهدید و التّعجیز و... فإنّهما یُخالفان التّحقّقَ الخارجيّ إذ التّهدید یُضادّ الوقوع تماماً.[5]
و بین یدیک الآن، النّکتةُ اللّامعة للمحقّق الاصفهانيّ حول الإخبار بسائر الدّواعي:
«قوله قدس سره: (بل يكون أظهر من الصيغة....) لا يخفى أن النكتة الآتية في كلامه - مد ظله - من أن إظهار الطلب بعنوان الإخبار بوقوع المطلوب يدلّ على أنه لا يرضى بتركه حتى أخبر بوقوعه، يمكن الخدشة فيها: بأن الإخبار بالوقوع يناسب إرادته، لا الإخبار بسائر الدواعي الجارية في الصيغة من التهديد و التعجيز و غيرهما، فان هذه الدواعي لا تناسب الإخبار بالوقوع. بخلاف ما إذا كان الغرض وقوعه في الخارج فإنه يناسبه الإخبار بوقوعه، فكأنّ وقوعه مفروغ عنه. و أما أن إرادة وقوعه على وجه عدم الرضا بتركه أولا؟ فلا شهادة لمضمون الجملة الخبرية عليه كما لا يخفى.
إلاّ أن يقال: إن الملازمة بين الأخبار بالوقوع و إظهار إرادة الوقوع لا بدّ من أن تكون للملازمة بين الوقوع و طلب الوقوع، و من البيّن أن الوقوع من المنقاد لازم لطلبه منه، فالبعث نحو[6] المنقاد ملزوم لوقوع المبعوث إليه[7] منه في الخارج، فلذا أخبر عن اللازم إظهارا لتحقق ملزومه. و من الواضح أن البعث الذي لا ينفكّ عن الوقوع من المنقاد هو البعث الحتمي، و إلا فالبعث الندبي - و لو إلى المنقاد - لا يلازم الوقوع، بل ربما يكون، و ربما لا يكون.
و أما استفادة ذلك بملاحظة أن الوقوع لا يكون إلا مع ضرورة الوجود، فالمراد إظهار لا بدّيّة الوقوع بالإخبار عن الوقوع المستلزم لضرورة الوجود، فبعيدة في الغاية عن أذهان العامّة في مقام المحاورة.»[8]
و أما محادثات المحقّق العراقيّ حول الإخبار بداعي الإنشاء و غیره، فهي کالتّالي:
«الجهة الثالثة إذا وردت جملة خبرية في مقام بيان الحكم الشّرعي من نحو قوله: تغتسل، و تعيد الصّلاة، و يتوضّأ، و قوله عليه السلام: إذا حال الحول اخرج زكاته، و نحو ذلك فلا إشكال في انّه ليس المراد منها هو الاخبار عن وقوع الفعل من المكلّف كما في غيره من موارد الاخبار، بل و ان المراد منها انما هو الطلب و البعث نحو الفعل و العمل، و انّما الكلام و الإشكال في انها له كانت مستعملة في الطلب أو الإرسال بما هو مفاد الصيغة مجازا؟ أو انّها مستعملة في معناها الّذي تستعمل فيه في مقام الاخبار و هو النسبة الإيقاعية لكنّه بداعي إفادة ملزومة و هو الطلب و البعث؟ نظير باب الكنايات كما في قولك: زيد كثير الرّماد، مريدا به إفادة ملزومه الّذي هو جوده و سخاؤه، حيث انّ استعمالك ذلك كان في معناه الحقيقي لكنّ الدّاعي على هذا الاستعمال هو الاعلام بملزومه الّذي هو جوده و سخاؤه ففي المقام أيضا كانت الجملة الخبريّة مستعملة في معناها الّذي تستعمل في مقام الاخبار و لكن الدّاعي على الاستعمال المزبور هو إفادة ملزومه الّذي هو البعث و الطلب، أو لا هذا و لا ذاك؟ بل كان استعمالها في معناها الحقيقي الإخباري و كان الغرض و الداعي من الاستعمال أيضا هو الاعلام و الاخبار دون الطلب و البعث و الإرسال كما هو قضيّة الوجه الثاني، و لكن إعلامه بتحقّق الفعل من المكلف انّما كان بلحاظ تحقّق مقتضية و علّته و هو الإرادة و الطلب كما هو الشأن في غير المقام من موارد الاخبار بوجود المقتضى (بالفتح) عند تحقق مقتضية، و منها باب اخبار علماء النجوم بمجيء المطر و برودة الهواء أو حرارته فيما بعد حسب ما عندهم من الأمارات الخاصة من نحو تقابل الكوكبين و تقارنهما الّذي يرونه سببا لتلك الانقلابات. ففي المقام أيضا نقول: بان المولى لما كان مريدا للفعل من المكلّف و المأمور و كان طلبه و إرادته للفعل علّة لصدوره من المكلف و لو بمعونة حكم عقله بوجوب الإطاعة و الامتثال، فلا جرم فيما يرى طلبه متحققا يرى كأنه وجود المقتضى (بالفتح) و هو العمل في الخارج، فمن هذه الجهة يخبر بوقوعه من المكلّف بمثل قوله: تعيد الصّلاة و تغتسل. فهذه وجوه ثلاثة».[9]
------------------
[1] بالكسر قبضة من حشيش مختلط فيها الرطب باليابس.[2] کلینی محمد بن یعقوب. الکافي (اسلامیه). Vol. 1. ص73 تهران - ایران: دار الکتب الإسلامیة.
[3] لم أعثر علی منبع هذه المقالة.
[4] سورة البقرة الآیة: 197.
[5] و نلاحظ علیه بأنّا نمتلک جملاً خبریّة نافیة بحیث ستُنتِج لنا معنی التهدید نظیر: أنتَ لا تفعل ذلک -بلحن التهدید- أو التعجیز نظیر: أنتم لا تقدورن -بلحن التّعجیز- أو الاستهزاء نظیر: أنت مجنون. و سائر الدّواعي و المعاني التي تُصاغ بصِبغة الخبر بداعٍ آخر، فلیس الأمر بسماعيّ إطلاقاً حیث لم یُعبِّر الأدباء الخبراء بسماعیّة هذه الاستعمالات أساساً.
[6] كذا في الأصل، و الأصوب: فالبعث المتوجّه نحو المنقاد...
[7] إضافة يقتضيها السياق.
[8] نهایة الدرایة في شرح الکفایة، جلد: ۱، صفحه: ۳۱۲، ه.ق.، ص312 بیروت - لبنان، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث
[9] عراقی ضیاءالدین. نهایة الأفکار. Vol. 1. ص180 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
نظری ثبت نشده است .