درس بعد

اجلال وتقدير حفظة الدين

اجلال وتقدير حفظة الدين

درس بعد

موضوع: المباحث الاخلاقية


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٠٦/٣٠


شماره جلسه : ۹

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • ان سيرة الامام الصادق (عليه السلام) في مسألة (اجلال حفظة الدين) ينبغي الالتفات اليها، نرى ان الاشخاص الذين كانوا بحسب اعتقاد الامام الصادق (عليه السلام) حفظة الدين كم لهم منزلة عند الامام (عليه السلام)

الجلسات الاخرى

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطّاهرين

موضوع البحث: هو سيرة الامام الصادق(عليه السلام) في اجلال حفاظ الدين

نصادف في هذه الايام مناسبة شهادة رئيس المذهب الامام الصادق (عليه السلام)، الوجود المبارك الذي تفتخر به الحوزات العلمية، الوجود المبارك الذي تفتخر به جميع الحوزات العلمية وهذه العلوم التي تفتخر بها الشيعة اليوم انما هي ببركة الحياة القيمة للامام الصادق (عليه السلام)، وينبغي الالتفات الى كثرة الروايات التي جاءتنا عن الامام (عليه السلام)، واي اصحاب واشخاص قد رووا في جميع المسائل الفقهية والابعاد الفقهية عن هذا الامام الذي هو حجة الله تعالى.

النكتة التي نريد ان نطرحها في بضع دقائق هي عبارة عن مطلبين:

المطلب الاول:

هو ان سيرة الامام الصادق (عليه السلام) في مسألة (اجلال حفظة الدين) ينبغي الالتفات اليها، نرى ان الاشخاص الذين كانوا بحسب اعتقاد الامام الصادق (عليه السلام) حفظة الدين كم لهم منزلة عند الامام (عليه السلام).

و هذا الامر مهم جداً لنا نحن الطلبة الذين ندعي اننا نريد ان نكون من ضمن حفاظ الدين وحملته حيث يتضح لنا قيمة عملنا بصورة اكثر، وفي نفس الوقت يحمل الاخرين المسؤولية، فحينما يرى الانسان ما لحفظة الدين من الاهمية والمنزلة عند الامام الصادق (عليه السلام) فحينئذ لا ينبغي له ان يتوهم ان رجال الدين والمراجع والعلماء اناس عاديين وان قيمتهم ومنزلتهم من الناحية الدينية كسائر الناس، كلا ليس الامر كذلك وانقل لكم بعض الروايات:

يقول الفضل بن عبد الملك:

«سَمِعتُ أبَاعَبدِ الله(عليه السلام) يقول أَحَبّ ُالنَّاسِ إِلَيَّ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً أَرْبَعَةٌ بُرَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيُّ و َزُرَارَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ الْأَحْوَلُ (محمد بن النعمان البجلي مؤمن الطاق) وَهُمْ أَحَبّ ُالنَّاسِ إِلَيَّ أَحْيَاءً وَأَمْوَات». [1]

ويقول الامام في رواية جميل بن دراج: «بشر المخبتين بالجنة : بريد بن معاوية العجلي ، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة ، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه ، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست». [2]

وجاء في رواية داود بن صرحان عن الامام الصادق (ع): «إِنَّ أَصْحَابَ أَبِي(ع) كَانُوا زَيْناً أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً، أَعْنِي زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ وَ مِنْهُمْ لَيْثٌ الْمُرَادِيُّ وَ بُرَيْدٌ الْعِجْلِيُّ، هَؤُلَاءِ الْقَوَّامُونَ بِالْقِسْطِ هَؤُلَاءِ الْقَوَّالُونَ بِالصِّدْق‏ِ هَؤُلَاءِ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُون‏». [3]

وكل هذا التاكيد فيه اشارة الى ان اهمية هؤلاء الاشخاص لا تنحصر بحياتهم فقط، بل تبقى منزلتهم وشرفهم واهميتهم حتى بعد موتهم. فلو فرضنا ان شخصا كان في زمان النبي الاكرم (ص) ولكنه لم يكن متبعاً للنبي (ص) نقول حيث انه كان في زمن النبي الاكرم (ص) فهو ممن يصدق عليه عنوان (السابقون السابقون) لا ليس الامر كذلك، بل ان عنوان (السابقون السابقون) يصدق على من لديه السبق على الاخرين في حفظ الدين وبيان الدين وتقوية الدين. فليس المراد السبق الزماني فحسب حتى نقول حيث ان هذا الشخص متقدم زمانا على الاخر فيكتسب المنزلة بسبب هذا التقدم الزماني.

وايضا هناك رواية فيها تفصيل اكثر عن جميل بن دراج: «قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِاللَّهِ(ع) فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ خَارِجٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) مِنْ أَهْلِ الْكُوفَة مِنْ أَصْحَابِنَا، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِاللَّهِ(ع) قَالَ لِي لَقِيتَ الرَّجُلَ الْخَارِجَ مِنْ عِنْدِي فَقُلْتُ بَلَى هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَا قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ لَا قَدَّسَ مِثْلَهُ»، (وهذه الجملة اما ان تكون لعنة او انها من باب الدعاء الذي نذكره عادة ونقول (قدس الله نفسه) فيقول الامام ان هذا الدعاء لا يشمل مثل هذا الانسان فهي درجة اقل من اللعنة والطرد او ان هذه اللفظة هي اللعنة والبعد والطرد كما هو غير بعيد، او نقول ان الامام لم يكن في مقام اللعن على هذا الشخص بل هي درجة اقل من اللعن بمعنى ان هذا الدعاء الذي ينبغي ان يشمل الاولياء لا يشمل مثل هذا الانسان).

ثم ذكر الامام (سلام الله عليه) السبب في دعائه عليه حيث قال:  إِنَّهُ ذَكَرَ أَقْوَاماً كَانَ أَبِي(ع) ائْتَمَنَهُمْ عَلَى حَلَالِ اللَّهِ وَ حَرَامِهِ وَ كَانُوا عَيْبَةَ عِلْمِهِ وَ كَذَلِكَ الْيَوْمَ هُمْ عِنْدِي، هُمْ مُسْتَوْدَعُ سِرِّي أَصْحَابُ أَبِي(ع) حَقّاً إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ سُوءاً صَرَفَ بِهِمْ عَنْهُمُ السُّوءَ، هُمْ نُجُومُ شِيعَتِي أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً يُحْيُونَ ذِكْرَ أَبِي(ع) بِهِمْ يَكْشِفُ اللَّهُ كُلَّ بِدْعَةٍ يَنْفُونَ عَنْ هَذَا الدِّينِ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَ تَأَوُّلَ الْغَالِينَ...

وقبل ان نقرأ ذيل الرواية اذا كان حقيقة في ذلك الزمان ان زرارة ومحمد ومسلم وبريد وابو بصير الذين كانوا يتحلون بتلك الموصفات التي ذكرها الامام الصادق (عليه السلام) ولاجل ذلك لعن الامام ذلك الشخص الذي ذكرهم بالسوء الامام  ودعى عليه اذن فمن هم حفظة الدين في هذا الزمان؟ ففي زماننا هذا من هم الذين قد تصدوا لحفظ الدين؟ هم رجال الدين والحوزات العلمية والعلماء ومراجع الدين فهم حفظة الدين.

وقول الامام (عليه السلام) في ذلك الزمان (لا قدس الله مثله ولا قدس الله روحه) هو دعاء يشمل في زماننا هذا من من لا يعير الاهمية لمراجع الدين بل ويسعى لتخطئة اقوالهم وبيانتهم. فمن هم امناء الله على حلال الله وحرامه في زماننا هذا؟ فمراجعنا ينادون ويحذرون في ما يتعلق بمسالة الحجاب ويظهرون قلقهم تجاه ذلك، الا اننا نلاحظ في الاتجاه المقابل نشر واعلان الخلاف والعناد التعبيرات، والمجلات والامور التي هي دقيقاً في النقطة المقابلة لقضية الحجاب.

وفي ذيل الرواية  (ثُمَّ بَكَى) عجيب جداً الامام الصادق (عليه السلام) يتأذى ويتخذ موقفا بهذا الشكل وبعد ذلك ايضا يبكي وانه لماذا ينبغي ان تحصل مثل هذه الامور؟

ثم يقول بعد ذلك : فَقُلْتُ مَنْ هُمْ فَقَالَ مَنْ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ رَحْمَتُهُ أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً، بُرَيْدٌ الْعِجْلِيُّ وَ زُرَارَةُ وَ أَبُو بَصِيرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ...». [4]

وهذه الرواية ينبغي ان توجهنا الى اهمية عملنا، فهذه الابحاث وهذه الدروس العظيمة التي توجد في الحوزات العلمية كلها لاجل اننا نريد ان نعرف حلال الله وحرامه، ولا يوجد افتخار اعلى من هذا من ان يكون الانسان اميناً على حلال الله وحرامه واذا رأى حلالا قال حلال وان راى امراً محرماً وقف امامه ولا يخاف في الله لومة لائم، اساساً من خصوصيات امناء الله على حلاله وحرامه هو عدم الخوف فمن يرى بسبب خوفه وبسبب منزلته ومقامه انه اذا قال ان هذا حرام سوف يحاربونه او تسلب منه منزلته ولا يقول حرام خوفا على ذلك فهذا ليس اميناً! فأمناء الله في حلاله وحرامه هم اذا رأوا ان هذا الامر حلال قالوا حلال، وفيما اذا كان حراما قالوا حرام ولا يخافون احداً.

في بعض الروايات ان المنصور الدوانيقي قد كتب للامام الصادق عليه السلام كتاباً جاء فيه: «لِمَ لَا تَغْشَانَا كَمَا يَغْشَانَا سَائِرُ النَّاس( ومن هنا يعلم ان هذا الكتاب كان في بداية حكمه لانه في الاخير كانت شهادة الامام الصادق عليه السلام على يد المنصور ) فَأَجَابَهُ لَيْسَ لَنَا مَا نَخَافُكَ مِنْ أَجْلِهِ وَ لَا عِنْدَكَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ مَا نَرْجُوكَ لَهُ وَ لَا أَنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَنُهَنِّيَكَ وَ لَا تَرَاهَا نَقِمَةً فَنُعَزِّيَكَ فَمَا نَصْنَعُ عِنْدَكَ...»؛ [5]

توضيح: اننا لانخاف منك حتى لاجل خوفنا ناتيك كي نامن سخطك ولا يوجد عندك امراً مهماً يتعلق بالاخرة نترجاه فنأتيك لاجل الحصول على الثواب والتقرب الى الله تعالى، وليس انت في نعمة فناتيك لنهنئك ونبارك عليها فالنعمة عامة لجميع الناس، وطبعا ان المنصور كان قد غصب اموال الناس بغير حق وهي نقمة عليه، ولست في مصيبة حتى نعزيك عليها فما الوجه في حضورنا عندك.

لاحظوا كيف يجيب الامام(عليه السلام) فهذا من مميزات اؤلائك الذين قد ذابوا في الله تبارك وتعالى فهم لا يلاحظون هل ان الذهاب الى ذلك المكان هل فيه منفعة دنيوية او لا؟ بل ياخذون بنظر الاعتبار هل ان ذلك المكان (يذكرهم بالاخرة) او لا، فينبغي ان يكون هذا معياراً لنا، علاقاتنا مع الاشخاص تبليغنا عن الاشخاص فهذه الامور كلها ينبغي ان تكون طبقا لمعيار معين، فاذا اردنا ان نتصل بشخص ونكون علاقة معه فينبغي ان نلاحظ هل لديه معلومات من الناحية العلمية كي نستفيد منه او لا؟ وكيف هو من حيث التقوى فلا بد نبحث عن ذلك.

من جملة الموارد التي كانت من سنن الحوزات القديمة وهي للاسف الى الان موجودة ونسي مقدار منها فحسب بل تبدلت الى شيء اخر سيء، حيث انه في الحوزات السابقة كانت الحوزة تبحث حول شخص قد قضى عمره في تهذيب بنفسه، فقد افنى عمره لله في التدريس، وقد اتعب نفسه في الله تعالى، فيجدون هكذا انسان ويستفيدون منه، وهذا الامر غير موجود الان، كم منا نحن الطلبة الان في هذه الحوزة العلمية ذهب يبحث عن شخص قد افنى عمره في تهذيب النفس ليستفيد منه، ان كان هناك طبلة من هذا القبيل اذكروهم لنا، ومن جانب اخر ناتي ونبحث حول بعض الكرامات الموضوعة، واظغاث الاحلام، ونسج اموراً لا اساس لها.

مع انه ينبغي نلتفت الى ان علاقاتنا التي نريد ان نوجدها مع الاخرين تكون على اي اساس؟ وحينما نكون العلاقة مع مسؤول ما فهل علاقتنا هذه لله تعالى؟ ام لاجل دعم الثورة الاسلامية او لغير ذلك؟ فهل لدينا اغراض دنوية كي نصل الى منصب معين او منزلة معينة، فهل نحن ولا سامح الله في صدد الحصول على هذا المسائل؟

فهذه السيرة العملية للامام الصادق( عليه السلام) بالنسبة الى حفاظ الدين وبالنسبة الى من هو غير لائق للدين كالمنصور الدوانيقي، فلاحظ كيف تعامل الامام الصادق( عليه السلام) معه، وكيف اجابه جواباً سديدا فهذا المطلب.

واما المطلب الثاني:

فهو وصية عامة يوصي بها الامام الصادق (عليه السلام) ولده الامام الكاظم(سلام الله عليه) حيث يقول: «يا بُنَيَّ احفَظ وَصِيَّتي وَاحفَظ مَقالتي، فإنَّكَ إن حَفِظتَها تَعِش سَعيداً وَتَمُت حَميداً، يا بُنَيَّ إنَّهُ مَن قَنَعَ بِما قُسِمَ لَهُ استَغنى، وَمَن مَدَّ عَينَهُ إلى ما في يَدِ غَيرِهِ ماتَ فَقيراً، وَمَن لَم يَرضَ بِما قَسَمَ اللَّهُ لَهُ عزّوجلّ اتّهَمَ اللَّهَ تعالى في قَضائِهِ، وَمَن استَصغَرَ زَلّةَ نفسَهِ استَعظَمَ زَلَّةَ غَيرِهِ، وَمَن استَعظَمَ زلَّةَ نَفسِهِ استَصغَرَ زَلَّةَ غَيرِهِ، يا بُنَيَّ مَن كَشَفَ حِجابَ غَيرِهِ انكَشَفَت عَوراتُ نَفسِهِ، وَمَن سَلّ سَيفَ البَغيِ قُتِلَ بِهِ، وَمَن حَفَرَ بهِ لِأخيهِ بِئراً سَقَطَ فيها، وَمَن داخَلَ السُّفهاءَ حُقِّرَ، وَمَن خالَطَ العُلماءَ وُقِّرَ، وَمَن دَخَلَ مَداخِلَ السّوءِ اتُّهِمَ» فاذا عملت بهذه الوصية ستعيش بسعادة وستمضي من هذه الدنيا محترماً. [6]

وقد ذكر في هذه الرواية قواعد اخلاقية وتربوية كثيرة فعلى الاخوة مرجعتها.

و صلّى الله علي محمّد و آله الطّاهرين





---------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] وسائل الشيعة(قم، آل البيت، 1409ق)ج27،ص143
[2] نفس المصدر، ج27، ص142
[3] رجال الکشي(انتشارات جامعة مشهد، 1348ش)،ص238.
[4] نفس المصدر، ص137.
[5] مستدرک الوسائل، (قم،آل البيت ،1408ق)، ج12، ص307.
[6] بحارالانوار، (بيروت، مؤسسة الوفاء،1404ق)،ج75، ص201.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .