دراسة فقهيّة لمسألة «التناسل والتنظيم السكّاني» والقوانين الخاصة بتحديد النسل وتنظيم الاُسرة

۲۷ تیر ۱۴۰۰

۱۷:۵۷

۵۸

چکیده :
دراسة فقهيّة لمسألة «التناسل والتنظيم السكّاني» والقوانين الخاصة بتحديد النسل وتنظيم الاُسرة
نشست های علمی
دراسة فقهيّة لمسألة «التناسل والتنظيم السكّاني» والقوانين الخاصة بتحديد النسل وتنظيم الاُسرة[1]
محمد جواد الفاضل اللنکراني


النقطة الاُولى (الحكم الأوّلي لزيادة النسل)

تعدّ زيادة الأولاد والذُريّة بين المسلمين ـ بحسب الآيات والروايات ـ أمراً مستحبّاً، وقد تمّ الحثّ والتشجيع عليه في النصوص الإسلامية كثيراً:

أ ـ فمن آيات القرآن الكريم:

قوله تعالى: «وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَال وَبَنِينَ»[2]. يُستفاد من هذه الآية أنّ كثرة الأولاد مثل كثرة الأموال، مصدر قوّة واعتزاز الفرد والمجتمع، وهذا من مظاهر وتجلّيات عناية اللّه‏ سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: «يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً»[3]. يمكن أن يستفاد منه إنّ نزول المطر من السماء من الأفعال الإلهيّة الهامّة التي أنعم بها اللّه‏ على الإنسان مترتباً على كثرة الأموال والبنين، فتأمّل.

يُستفاد من مجموع آيات القرآن الكريم أنّ المجتمع إذا اتّجه نحو التقوى والاستغفار والإصلاح، فإنّ اللّه‏ سبحانه وتعالى سيمدّهم بزيادة الأمطار وكثرة الأموال والبنين، وإنّ هذه الوفرة والزيادة من آثار التقوى في المجتمع.

ب ـ يُستفاد من الروايات الكثيرة الواردة في أبواب النكاح والزواج أنّ الإسلام يؤكّد على الإنجاب وزيادة الأولاد والإكثار من النسل، بوصفه واحداً من المستحبّات المؤكّدة.

يمكن تقسيم هذه الروايات من حيث المضمون والتعبير إلى عدّة طوائف:

الطائفة الاُولى: الروايات الدالّة على أنّ كثرة الأولاد وزيادة النسل بين المسلمين مورد مباهاة النبيّ الأكرم(صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله) يوم القيامة، ومن بينها:

1 . عن الصدوق باسناده عن عليّ بن رئاب [بسند صحيح] يرويه عن محمّد بن مسلم، أنّ أبا عبد اللّه‏(عليه‏‌‌السلام) قال:

إنّ رسول اللّه‏(صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله) قال: تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الاُمم غداً في القيامة[4].

2 . عن أبي عبد اللّه‏(عليه‏‌‌السلام) قال:

قال رسول اللّه‏(صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله) : أكثروا الولد أكاثر بكم الاُمم غداً[5].

الطائفة الثانية: الروايات التي تحثّ على طلب الذريّة، مثل الحديث أدناه:

عن أمير المؤمنين علي(عليه‏‌‌السلام) ـ في حديث الأربعمائة ـ قال:

تزوّجوا فإنّ التزويج سنّة رسول اللّه‏(صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله)، فإنّه كان يقول: من كان يحبّ أن يتّبع سنّتي، فإنّ من سنّتي التزويج، واطلبوا الولد، فانّي مكاثر بكم الاُمم غداً[6].

ففي هذه الرواية تمّ الحثّ على طلب الولد، والظاهر منها هو طلب الزيادة والكثرة.

الطائفة الثالثة: بعض الروايات الدالّة على استحباب الزواج من المرأة الولود. والولود [على وزن فعول] وهي صيغة تدلّ على المبالغة، وهي هنا بمعنى المرأة التي تنجب الكثير من الأولاد.

عن أبي جعفر الباقر(عليه‏‌‌السلام) قال:

قال رسول اللّه‏(صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله): تزوّجوا بكراً ولوداً، ولا تزوّجوا حسناء جميلة عاقراً؛ فإنّي اُباهي بكم الاُمم يوم القيامة[7].

الطائفة الرابعة: بعض الروايات الدالّة على الترغيب والحثّ على الزواج من غير الجميلات[8]، وقد ورد التعليل في ذلك بأنّهنّ أكثر إنجاباً.

شكا رجل إلى الإمام جعفر الصادق(عليه‏‌‌السلام) من قلّة الولد؛ فقال له:

إذا أتيت العراق فتزوّج امرأة، ولا عليك أن تكون سؤاء، قلت: جعلت فداك، وما السؤاء؟ قال: امرأة فيها قبح، فإنّهنّ أكثر أولاداً[9].

الطائفة الخامسة: جاء في بعض الروايات أنّ من الخصائص والصفات الممدوحة في المرأة للزواج أن تكون «ربيع مربع». ففي المأثور عن الإمام الصادق(عليه‏‌‌السلام)، قال: «النساء أربعة أصناف: فمنهنّ ربيع مربع...»[10] والمراد من المرأة الربيع المربع هي التي في حجرها ولد، وفي بطنها آخر.

الطائفة السادسة: ورد في بعض الروايات أنّ الزواج يوجب كثرة الرزق، فإنّ كثرة الأولاد في سُنّة اللّه‏ تبارك وتعالى تستتبع مثل هذا الأثر أيضاً[11].

الطائفة السابعة: ورد في بعض الروايات أنّ من بين الأسباب الداعية إلى كثرة الأولاد، أن الأرض تزداد ثقلاً كلّما قالت نسمة: «لا إله إلا اللّه‏». فقد روى الإمام الباقر(عليه‏‌‌السلام) عن النبيّ الأكرم(صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله)، أنّه قال:

ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلاً؟ لعلّ اللّه‏ يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلاّ اللّه‏[12].

وعليه لا بدّ في مسألة كثرة الأولاد من ملاحظة هذه الجهات الدينية والمعنوية أيضاً.

الاستنتاج

يتّضح من مجموع هذه الروايات والتعابير والجهات التي تمّت الإشارة إليها، أنّ هناك اهتماماً كبيراً من قبل الإسلام وأهل بيت العصمة الأطهار عليهم‏السلام بكثرة الأولاد في جميع الأزمنة والعصور، وأنّ هذا الاهتمام لم يكن خاصّاً بزمان يكون فيه المسلمون قلّة فقط؛ إذ أنّ التعابير الواردة في هذه الروايات تلقى بوصفها قضيّة حقيقيّة تعبّر عن سياسة دائمة وثابتة إلى الأبد.

ومن هنا فإنّه من ناحيّة الحكم الأوّلي، حيث تمّ التأكيد والأمر من قبل النبيّ الأكرم(صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله) والأئمّة الأطهار عليهم‏السلام بكثرة الأولاد وزيادة النسل والوصيّة بذلك كثيراً، يمكن القول باستحبابه المؤكّد.

الجواب عن شبهة وسؤال

يمكن هنا الإشارة إلى التعبير الوارد في بعض الروايات التي تقول: «قلّة العيال أحد اليسارين»[13]؛ أفلا يدلّ هذا التعبير على استحباب قلّة الأولاد وعدم الإكثار منهم؟

الجواب: إنّ هذا التعبير لا يمكن أن نستفيد منه الاستحباب أبداً؛ لأنّه وارد في مقام الحكاية عن قضيّة خارجيّة فقط. لا شكّ في أنّ الذي لديه القليل من الأولاد أقلّ إنفاقاً من الشخص الذي لديه الكثير من الأولاد. إلاّ أنّ هذه الرواية ليست في مقام بيان استحباب قلّة الأولاد وتفضيل ذلك على كثرة الأولاد. كما أنّ الشخص الذي لديه زوجة واحدة أقلّ نفقة من الذي لديه زوجتان أو أكثر، إلاّ أنّ هذا لا يدلّ على عدم استحباب الزواج ثانية وثالثة.

النقطة الثانية (الحكم الثانوي لزيادة النسل)

ما ذكرناه في النقطة الاُولى إنّما يرد بعنوان الحكم الشرعي الأوّلي. ولكن لا شكّ في أنّ الولي الفقيه والمجتهد الجامع للشرائط يستطيع في ظلّ بعض الظروف والحالات الخاصّة أن يمنع هذا الأمر. وبعبارة اُخرى: لو تزاحم هذا الأمر مع اُمور اُخرى أهمّ منه، فإنّه على فرض التزاحم يمكن للفقيه رعاية للأمر الأهمّ أن يمنع من إكثار النسل بشكل مؤقّت. إلاّ أنّه لا بدّ من الالتفات إلى أنّ مجرّد الرفاه والدعة أو الخوف من الفقر وأمثال ذلك لا يمكن أن يوجد مثل هذا التزاحم أبداً. وإنّ الفقيه لا يستطيع أن يمنع الناس من كثرة النسل من أجل توفير الرفاه والراحة أو ما يصطلح عليه حالياً بالحياة الأفضل.

وبعبارة اُخرى: إنّ على الفقيه ابتداء أن يدعو المجتمع إلى هذا الحكم الاستحبابي المؤكّد، كما هي مسؤوليّته بالنسبة إلى سائر أحكام الدين. حتّى إذا توقّف ذلك على إيجاد آليّات لتنظيم هذا الأمر (من قبيل الحثّ والتشجيع على العمل والنشاط، ورفض البطالة والكسل والخمول، أو توظيف الثروات الوطنية، من قبيل: الأنفال أو المساعدة من بيت المال)؛ فيجب عليه القيام بهذه الاُمور؛ فإذا أمكن للحاكم الإسلامي ـ مثلاً ـ أن يشجّع على كثرة النسل من خلال تقديم المساعدات المالية، أمكنه أخذ هذه الأموال من بيت المال. وأمّا إذا أدّى هذا الحكم في بعض الحالات إلى ظهور بعض المشاكل والمعضلات، بحيث يمكن للمجتمع أن يتحمّلها، أمكن للولي الفقيه منعها في مثل هذه الحالة بشكل مؤقّت.

أحكام قوانين تحديد النسل والتنظيم السُكّاني

لقد ظهرت نتيجة هذه النقطة في وضع القوانين وجعل المحدوديّات التي وردت ـ للأسف الشديد ـ في قوانين التنظيم السُكّاني لعام 1372ش (1993م)؛ حيث تمّ بموجبه حرمان الكثير من الأشخاص من حقّ الضمان الاجتماعي وسائر الامتيازات الاُخرى، أو إجبار الكثير من الوزارات على المشاركة في مشروع تحديد النسل. وهي اُمور مخالفة للضوابط الفقهيّة والشرعيّة، ولا يمكن أن يكون لها وجه من الصحّة إلاّ في حالات الاضطرار أو التزاحم. وباعتراف الخبراء لم يتحقّق مثل هذا الاضطرار والتزاحم حتّى الآن.

النقطة الثالثة

هل يجوز للأشخاص من الرجال والنساء أن يعملوا ـ بغضّ النظر عن سياسة وقانون الدولة ـ على اصطناع العُقم بشكل مؤقّت أو بشكل دائم؟

إذا كان هذا الأمر حراماً، هل يجوز للدولة أن تشجع الناس على هذا الأمر المحرّم، وتعدّ المؤسّسات الحكومية في هذا الشأن؟

الجواب عن السؤال الأوّل: إنّ من بين العناوين التي تقع متعلّقاً للحرمة في الفقه، عنوان «الإضرار بالنفس»، بمعنى أنّ الإنسان لا يحقّ له أن يُلحق الضرر بنفسه وجسده، فإنّ هذا أمر محرّم. ويتمّ التمسّك في الغالب لهذا الحكم ببعض الروايات والأدلّة اللفظية، وقد تعرّضت هذه الأدلّة في مجالها إلى الإشكال والمناقشة.

ومن هذه الناحية يبدو من الضروري سلوك طريق آخر، وهو أنّ هناك غرضاً عقلياً قطعياً وبحتاً، وإنّ تحصيل ذلك الغرض واجب بالحكم العقلي القطعي. وفي هذه الموارد لا شكّ في وجود ملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع. أجل، لو كان هناك في بعض الموارد غرض شرعي ومولوي، لا يكون تحصيله واجباً، ويجب امتثال ذلك الفعل الذي جعله اللّه‏ متعلّقاً لأمره ونهيه.

ومن هنا، فإنّ مسألة الحفاظ على النفس من الأغراض والمقاصد العقلية القطعية. ولذلك يحكم العقل بلزوم حفظ النفس، وحيث توجد هناك ملازمة في هذا الشأن، يجب القول بأنّ الشارع المقدّس قد أوجب الحفاظ على النفس أيضاً، وإنّ الذي يتنافى مع هذا الأمر ويستلزم الإضرار به فهو محرّم. وعليه فمن ناحية الكبرى لا إشكال في وجوب الحفاظ على النفس وحرمة الإضرار بها.

إنّما النقطة الهامّة تكمن في الصغرى من القضيّة وهي: هل اصطناع العُقم من مصاديق الإضرار بالنفس أم لا؟ يبدو أنّ هناك فرقاً بين العُقم المؤقّت والعُقم الدائم؛ فالعُرف يرى في اصطناع العُقم الدائم نقصاً واضراراً بالجسد، ولكنّه لا يرى ذلك بالنسبة إلى اصطناع العُقم المؤقّت. إنّ للضرر مفهوماً عرفياً، والعُرف يعبّر بالضرر في المورد الذي ينطوي على نقص في المال أو النفس، ولا يمكن تداركه بأمر آخر. وفيما يتعلّق باصطناع العُقم الدائمي لا يوجد مثل هذا النفع، فهو قطعاً من مصاديق الإضرار بالنفس. لا بدّ من الالتفات إلى أنّ الذي يُعتبر منافياً لهذا الأمر يمكن تحقيقه من طرق اُخرى غير اصطناع العُقم أيضاً، ولا ينحصر بهذا الطريق.

والنتيجة هي أنّ المسألة واضحة على مستوى المقدّمة الكبرى والمقدّمة الصغرى أيضاً، بمعنى إنّ الإضرار بالنفس محرّم بشكل عامّ، وكذلك لا شكّ في أنّ هناك ضرراً في اصطناع العقم الدائم، وهذا الأمر محرّم على كلّ شخص سواء في ذلك الرجال والنساء.

وأمّا الجواب عن السؤال الثاني: من الواضح أنّ هذا الأمر إذا كان حراماً، لا يجوز للدولة والدوائر التنفيذية فيها أن تشجّع الناس عليه، وربما أمكن القول بأنّ الناس لو قاموا بهذا الفعل بسبب تشجيع الدولة عليه، كانت الدولة ضامنة لهذا النقص؛ وذلك لأنّ السبب في هذه الموارد أقوى من المباشر. ومن هنا يجب على الدولة الإسلاميّة أن تعمل على توعية الناس بشأن هذا الفعل المحرّم، وعليها أن تدعوهم وتشجّعهم على تركه.

النقطة الرابعة (وجوب التثقيف على الإكثار من النسل)

وجوب التثقيف على مسألة الإكثار من النسل والذريّة، وبعبارة اُخرى: لا يمكن اليوم الترويج لهذه الثقافة في المجتمع دون توفير الظروف المناسبة لذلك. فلو أراد حاكم الشرع أو الدولة الإسلاميّة العمل على إشاعة هذا الأمر في المجتمع، وجب عليه إعداد الظروف المناسبة والشرائط والإمكانات اللازمة لذلك أيضاً. وعليه أن يهتمّ بالمسائل الخاصّة بالعلاج والحفاظ على سلامة الآباء والاُمّهات والأولاد، وكذلك المساعدة في نفقاتهم.

اهتمام الإسلام بأسباب وعوامل تقوية ودعم زيادة السُكّان

لا شكّ في أنّ بعض الأحكام الإسلاميّة مرتبطة ببعض الأحكام الاُخرى بشكل كامل؛ فإذا كان هناك حثّ وتشجيع في التعاليم الإسلاميّة على زيادة النسل، فهذا لا يعني أنّ الشارع قد اكتفى بهذا المقدار فقط، وتجاهل سائر الاُمور المرتبطة بهذه المسألة. فقد أكّد اللّه‏ سبحانه وتعالى على وجوب العمل والنشاط على الناس بشدّة. وأمر كثيراً بطلب الكسب الحلال والعمل على الإنتاج، كما أوصى بضرورة ممارسة العمل للإنسان إلى آخر لحظة من حياته.

وقد صدرت بعض التعاليم والأحكام بوجوب تربية الأولاد والاهتمام بالاُسرة ومساعدتهم ومراقبتهم. بل صدرت التعاليم في مورد الطفل إلى الوالدين على جهات مختلفة حتّى قبل ولادته بسنة. وتمّ بيان الاُمور التي تؤدّي إلى الفقر بشكل كامل، وتمّ تشجيع الناس على القناعة وعدم النظر إلى ما في أيدي الآخرين. وعليه فإنّ الإسلام لم يكتف بالدعوة والتشجيع على الإكثار من النسل فقط، وإنّما نظر إلى الجهات الاُخرى المرتبطة بهذا الأمر أيضاً، ولم يغفل عنها.

وبالإضافة إلى الوالدين يجب الاهتمام بهذه المسألة من قبل الدولة الإسلامية بشكل مؤكّد أيضاً. فالدولة ملزمة ببيان وتنفيذ جميع الأحكام الإسلامية الأعمّ من الفقهيّة والأخلاقية وما إلى ذلك. ولو عمل الإنسان والمجتمع على التعاطي مع الدين بوصفه مجموعة متكاملة في تنظيم شؤون الحياة، سوف يدرك أنّ الأحكام الإسلاميّة تنطوي بأجمعها على ملاكات ومصالح.

موارد الاستثناء من الحكم الأوّلي

إنّ النتيجة المترتّبة على هذه النقطة هي أنّ الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة ويحتملون بنسبة كبيرة أنّ عدوى المرض سوف تنتقل إلى أولادهم، يتمّ استثناؤهم من قانون استحباب الإكثار من النسل. وكذلك الرجال الذين يوقنون بأنّ أطفالهم الذين سيولّدون سوف يتعرّضون إلى التلف بسبب الجوع أو الاُمور الاُخرى، يُستثنون من هذا القانون أيضاً. وإنّ الذي يعبّر عنه هذا القانون ويهدف إلى تحقيقه هو أنّه في الظروف الطبيعيّة لا يجب للخوف على الرزق والخشية من المجاعة أنّ تشكّل مانعاً يحول دون القيام بهذا العمل المستحب.

النقطة الخامسة (حرمة القوانين التي تحرم المواليد)

لو افترضنا القبول بتحديد النسل بسبب بعض الحالات الطارئة، لابدّ من الالتفات إلى أنّه لو حدث هذا الأمر لا يمكن من الناحية الشرعيّة والعقليّة والعرفيّة حرمان الطفل الذي يولد. وعليه، فإنّ حرمان الولد الرابع ومن يولد بعده من حقوق الضمان الاجتماعي ـ كما وقع في زماننا هذا ـ يعدّ ظلماً واضحاً وفاحشاً في حقه.

النقطة السادسة

يستفاد من الأدلّة الكثيرة في الفقه أنّ الاستيلاد واحد من حقوق الرجل. وفي هذا الفرض لابدّ من الالتفات إلى هذه الجهة؛ وهي أنّ الرجل إنّما يمكنه الاستفادة من هذا الحقّ في حدود عدم إلحاق الضرر بالمرأة، وإلاّ كان هذا الحقّ منتفياً. وعليه، يمكن القول بأنّ الروايات التي تشتمل على استحباب الإكثار من النسل والذريّة، مقيّدة بأجمعها بعدم الإضرار بالمرأة على المستوى الجسدي والنفسي، سواء في ذلك لو اعتبرنا الاستيلاد حقّاً خاصّاً للرجل، أو اعتبرناه من الحقوق المشتركة بين الزوج والزوجة.

محمّدجواد الفاضل اللنكراني
قم المقدّسة
27 تير 1390ش الموافق لـ 27 شعبان المعظم 1433ق

------------------------------
[1] من رسالة إلى مركز الأبحاث الإسلامية لمجلس الشورى الإسلامي، وحوار مع صحيفة جوان.

[2] سورة نوح 71: 12.

[3] سورة نوح 71: 11.

[4] الفقيه 3: 241 ح1139، معاني الأخبار: 291 ح1، وعنهما وسائل الشيعة 20: 14، كتاب النكاح، أبواب النكاح وآدابه ب1 ح2.

[5] الكافي 6: 2 ح3، وعنه وسائل الشيعة 21: 357، كتاب النكاح، أبواب أحكام الأولاد ب1 ح8.

[6] الخصال: 614، وعنه وسائل الشيعة 20: 15، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ب1 ح6.

[7] الكافي 5: 333 ح2، وعنه وسائل الشيعة 20: 54، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ب15.

[8] وسائل الشيعة 20: 53، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ب15.

[9] الكافي 5: 333 ح3، وعنه وسائل الشيعة 20: 55، كتاب النكاح، أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب16 ح3.

[10] وسائل الشيعة 20: 31 ـ 32، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ب7 ح9 و پ11 و 13 و 15..

[11] راجع وسائل الشيعة 20: 43 ـ 44، كتاب النكاح، أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب10 و 11 ح4 و 4.

[12] الفقيه 3: 241 ح1139، وعنه وسائل الشيعة 20: 14، كتاب النكاح، أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ب1 ح3.

[13] الفقيه 4: 298 ح900، بحار الأنوار 74: 121 ح15، و ص385 ح10.


برچسب ها :