موضوع: المباحث الاخلاقية
تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٨/٢٦
شماره جلسه : ۵
خلاصة الدرس
-
ذكر الموت من الامور العبادية المستحبة التي لها اثار اخلاقية
الجلسات الاخرى
قد طرح بعض الاخوة اقتراحاً وذلك الاقتراح هو: ان لا باس ان يكون لدينا ايام الاربعاء ـ وطبعا ان هذا الاقتراح كان يختلج في ذهني ايضاًـ بحثاً تفسيرياً ، وان في ذهني مطلبا وذلك المطلب هو: انه اذا وافق الاخوة ان يكون لدينا ايام الاربعاء في ضمن دروس الفقه والاصول بحثا تفسيرياً في بعض مجلدات تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي(رحمه الله) فنبحثه مع تعليقاتنا، ففي ضمن درس الفقه نبحث في مجلد وفي ضمن درس الاصول نبحث مجلداً اخرا، ونتقدم شيئاً شيئاً كي نرى مقدار توفيقنا وارتباطنا بالتفسير، و لا مانع عندي ومن ناحيتي، فان كان الاخوة يوافقون على ذلك بالمقدار الذي لا يؤثر على الدرس فليعلمونا بذلك، وسيكون درس التفسير ايام الاربعاء ففي النصف الثاني من درس الاصول نشرع بالقران، الا انه حیث ان بحث التفسیر يمكن طرحه بطرق مختلفة، واحيانا يمكن ان نبحث سنة كاملة في اية واحدة، فيمكن الكلام فيما يتعلق بتفسير القران الكريم بصور مختلفة وكثيرة، لكننا سنبحث بشكل متوسط بحيث يمكن ان يكون للبحث بداية ونهاية.
وسنشرع في درس الاصول من الملجد الاول من تفسير الميزان وفي درس الفقه سيتم الشروع من المجلد الخامس عشر منه، و في كل سنة ان شاء الله يمكننا ان نبحث نصف من أي مجلد وهكذا نستمر وبنظر ي سيكون هذا البحث مفيدا، فاذا وافق الاخوة على الامر فلیبلغونا کی نتهيأ لذلك.
ذكر الموت من الامور العبادية المستحبة التي لها اثار اخلاقية
احد الامور الموجودة في الروايات التي سمعناها كثيرا وسمعتموها ايضاً، ولكنه مهما سمع الانسان ذلك الامر وتيقن منه مع ذلك يغفل عنه في مقام العمل وذلك الامر هو ( ذكر الموت) الذي هو احد الامور المستحبة. فليس لذكر الموت اثر اخلاقي فحسب، بل هو من العبادات والمستحبات بل ورد التاكيد عليه في بعض الروايات، «افضل العبادة ذكر الموت» وافضل من ذلك «كثرة ذكر الموت» وقد اكدت الروايات بشكل كبير على ان يكون الانسان متذكرا للموت دائما.
الامام الصادق(عليه السلام): من اثار كثرة ذكر الموت الزهد في الدنيا
«مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع حَدِّثْنِي بِمَا أَنْتَفِعُ بِهِ فَقَالَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَمْ يُكْثِرْ إِنْسَانٌ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِلَّا زَهِدَ فِي الدُّنْيَا»(وسائلالشيعة/ج2ص 434)
يقول ابي عبيدة الحذاء وهو احد الرواة ذات يوم قلت للامام الصادق(عليه السلام) يا ابا جعفر حدثني بشيء انتفع به، فقال الامام (عليه السلام): (يَا أَبَا عُبَيْدَةَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ)، ولكن للاسف تمضي الشهور والايام والانسان لم يفكر ولو لمرة واحدة انه لو مات ماذا سيحصل؟، و ماذا سيكون في المستقبل؟ وكلمة (اكثر) تعني تكرار ذكر الموت في كل يوم «فَإِنَّهُ لَمْ يُكْثِرْ إِنْسَانٌ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِلَّا زَهِدَ فِي الدُّنْيَا» أي انه من جملة اثار كثرة ذكر الموت الزهد في الدنيا، فمن لم يكن عنده زهد وعدم رغبة في الدنيا فاعلم انه لم يذكر الموت، فمن كان يسعى للحصول على منصب او جاه او يسعى للحصول على المال، فاعلموا ان مثل هذا الانسان لا يوجد عنده ذكر للموت.
امير المؤمنين (عليه السلام) يوصي بكثرة ذكر الموت بعد تقوى الله تعالى.
قال امير المؤمنين عليه السلام في خطبة له خطبها بعد صلاة العيد«أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا» (منلايحضرهالفقيه/شیخ صدوق(ره) ج1 ص51) اي ان مسالة كثرة ذكر الموت بعد تقوى الله تعالى.
النبي الاكرم(صلى الله عليه واله): ان افضل الزهد العبادة والتفكر وكثرة ذكر الموت
جاء في هذه الرواية التي صدرت من النبي(صلى الله عليه واله) انه قال: «أَفْضَلُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ أَفْضَلُ التَّفَكُّرِ ذِكْرُ الْمَوْتِ فَمَنْ أَثْقَلَهُ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَجَدَ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ»(جامع الاخبار/ تاج الدین شعیری/ ص165) فمن يشعر بالثقل الكبير عند تذكر الموت فهذه ايضاً ملاحظة اخرى، فحينما يتذكر الانسان الموت ويعلم انه في يوم من الايام سيرحل عن هذه الدنيا، فيعلم ان المراد هو ذكر الموت الذي يوجب الشعور بثقل واعباء تلك الحادثة على عاتقه فهذه هي كثرة ذكر الموت، وقد عقد صاحب الوسائل بابا في كتابه( وسائل الشيعة) اسماه«بَابُ اسْتِحْبَابِ كَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ مَا بَعْدَهُ وَ الِاسْتِعْدَادِ لِذَلِک» وفيه روايات كثيرة ترتبط بكثرة ذكر الموت لاحظ: (وسائلالشيعةج2ص434).
الامام الصادق(عليه السلام): ذكر الموت يميت الشهوات ويطفئ نار الحرص .
هناك رواية مفصلة في كتاب ( مصباح الشريعة) مروية عن الامام الصادق(عليه السلام) فيها ملاحظات هامة حيث قال الصادق( عليه السلام): «ذِكْرُ الْمَوْتِ يُمِيتُ الشَّهَوَاتِ فِي النَّفْسِ وَ يَقْطَعُ مَنَابِتَ الْغَفْلَةِ وَ يُقَوِّي النَّفْسَ بِمَوَاعِدِ اللَّهِ وَ يُرِقُّ الطَّبْعَ وَ يَكْسِرُ أَعْلَامَ الْهَوَى وَ يُطْفِئُ نَارَ الْحِرْصِ وَ يُحَقِّرُ الدُّنْيَا وَ هُوَ مَعْنَى مَا قَالَ النَّبِيُّ ص فِكْرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ وَ ذَلِكَ عِنْدَ مَا يَحُلُّ أَطْنَابَ خِيَامِ الدُّنْيَا وَ يَشُدُّهَا فِي الْآخِرَةِ وَ لَا تَسْكُنْ بِزَوَالِ الرَّحْمَةِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْتِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَ مَنْ لَا يَعْتَبِرْ بِالْمَوْتِ وَ قِلَّةِ حِيلَتِهِ وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ وَ طُولِ مُقَامِهِ فِي الْقَبْرِ وَ تَحَيُّرِهِ فِي الْقِيَامَةِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ قَالَ النَّبِيُّ ص اذْكُرُوا هَادِمَ اللَّذَّاتِ قِيلَ وَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْمَوْتُ فَمَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي سَعَةٍ إِلَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَ لَا فِي شِدَّةٍ إِلَّا اتَّسَعَتْ عَلَيْهِ وَ الْمَوْتُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَ آخِرُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الدُّنْيَا فَطُوبَى لِمَنْ أُكْرِمَ عِنْدَ النُّزُولِ بِأَوَّلِهَا وَ طُوبَى لِمَنْ أُحْسِنَ مُشَايَعَتُهُ فِي آخِرِهَا وَ الْمَوْتُ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَ هُوَ يَعُدُّهُ أَبْعَدَ فَمَا أَجْرَأَ الْإِنْسَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَا أَضْعَفَهُ مِنْ خَلْقٍ وَ فِي الْمَوْتِ نَجَاةُ الْمُخْلِصِينَ وَ هَلَاكُ الْمُجْرِمِينَ وَ لِذَلِكَ اشْتَاقَ مَنِ اشْتَاقَ الْمَوْتَ وَ كَرِهَ مَنْ كَرِهَ قَالَ النَّبِيُّ ص مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَ مَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» (مِصْبَاحُ الشَّرِيعَةِ/ امام صادق(ع)/ ص171)
«ذِكْرُ الْمَوْتِ يُمِيتُ الشَّهَوَاتِ فِي النَّفْسِ»،أي: انه اذا اراد الانسان ان يميت الامال والشهوات والاهواء النفسية فيمكنه ان يميتها بذكر الموت، «وَ يَقْطَعُ مَنَابِتَ الْغَفْلَةِ» فالموت يقطع تلك المنافذ التي تكون سبباً لغفلة الانسان عن الله تعالى، «وَ يُقَوِّي النَّفْسَ بِمَوَاعِدِ اللَّهِ وَ يُرِقُّ الطَّبْعَ» فالموت يقوي النفوس ويرقق الطباع «وَ يَكْسِرُ أَعْلَامَ الْهَوَى» أي يحطم اهواء النفس العظيمة «وَ يُطْفِئُ نَارَ الْحِرْصِ» «وَ يُحَقِّرُ الدُّنْيَا» و الموت يصغر الدنيا في عين الانسان «وَ هُوَ مَعْنَى مَا قَالَ النَّبِيُّ ص فِكْرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ»؛ (لاحظ: مستدركالوسائل/المحدث نوری/ ج11ص 183) فالامام الصادق يقول ان المراد من تفكر ساعة خير من عبادة سنة هو هذا أي ذكر الموت «وَ ذَلِكَ عِنْدَ مَا يَحُلُّ أَطْنَابَ خِيَامِ الدُّنْيَا وَ يَشُدُّهَا فِي الْآخِرَة» فالانسان انما يحل حبال خيام الدنيا عندما يذكر الموت و يشد تلك الحبال يوم القيامة «وَ لَا تَسْكُنْ بِزَوَالِ الرَّحْمَةِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْتِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَ مَنْ لَا يَعْتَبِرْ بِالْمَوْتِ وَ قِلَّةِ حِيلَتِهِ وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ وَ طُولِ مُقَامِهِ فِي الْقَبْرِ وَ تَحَيُّرِهِ فِي الْقِيَامَةِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ» ومن لا يعتبر الموت سببا لقلة حيلته وكثرة عجزه، فلا خير في مثل هذا الانسان أي انه لا يكون سعيدا وموفقاً.
ثم يروي الامام الصادق (عليه السلام) عن جده رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال: «اذْكُرُوا هَادِمَ اللَّذَّاتِ قِيلَ وَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْمَوْتُ فَمَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي سَعَةٍ إِلَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا» فمن كان ذا سعة في دنياه اذا تذكر الموت تضيق عليها الدنيا باسرها، ومن كان في شدة في هذه الدنيا فحينما يذكر الموت تهون عليها الدنيا «الْمَوْتُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَ آخِرُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الدُّنْيَا فَطُوبَى لِمَنْ أُكْرِمَ عِنْدَ النُّزُولِ بِأَوَّلِهَا» فذكر الموت بهذا المعنى ان الانسان يفكر في انه لو انتقل من هذه الدنيا الى اول منزل من عالم الاخرة فهل يكرم ويحترم في اول منزل من ذلك العالم اولا؟ ويفكر ماذا سيحصل له في ذلك العالم، «وَ طُوبَى لِمَنْ أُحْسِنَ مُشَايَعَتُهُ فِي آخِرِهَا وَ الْمَوْتُ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ مِنْ بَنِي آدَمَ» ان اقرب شيء للانسان هو الموت «وَ هُوَ يَعُدُّهُ أَبْعَدَ فَمَا أَجْرَأَ الْإِنْسَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَا أَضْعَفَهُ مِنْ خَلْقٍ وَ فِي الْمَوْتِ نَجَاةُ الْمُخْلِصِينَ وَ هَلَاكُ الْمُجْرِمِينَ وَ لِذَلِكَ اشْتَاقَ مَنِ اشْتَاقَ الْمَوْتَ وَ كَرِهَ مَنْ كَرِهَ» لان الموت نجاة للمخلصين فهم يشتاقون اليه، وهو هلاك للمذنبين فهم يكرهونه.
و الملاحظة الاساسية التي ينبغي التاكيد عليها هي قول الامام( عليه السلام): «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ» فجميع الحق في هذه العبارة وجميع الصعاب وجمیع اللطافة في هذه العبارة، فالموت لقاء الله ومن احب لقاء الله فلا يكره الموت، وطبعاً يمكن الجمع بين الشعور بثقل الموت وبين الشوق الى لقاء الله، الا انه هل ان الله تعالى يفرح بلقاء الانسان او لا؟ فاي شيء ليس لقاءً لله، فان لقاء الله في الدنيا لا يتحقق، وان كنا من الناحية العرفانية في محضر الله تعالى، فالعالم محضر الله، وليس هناك شيئ بعيد عن الله(ونحن أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ) (سورة ق، الاية 16) الا ان اللقاء الواقعي لا يمكن ان يتذوقه الانسان ما لم يمت، فالموت هو بيت الملاقاة مع الله تعالى، فان وصل الانسان الى هذه المرحلة والى هذا البيت فهل ان الله يحب لقاءه اولا؟ قد جاء في الرواية «وَ مَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» ومعنى انه يكره الموت انه يقول: يا ليتني ابقى مدى الدهر في هذه الدنيا، واحيانا يصدر الخير من الانسان غفلةً، بحيث يقول ليتنا نبقى في هذه الدنيا 70 سنة بدلا عن 50 سنة او 100 سنة بدلا عن 70، احيانا يكون هذا مقدمة لان يعبد الانسان ربه اكثر ويخدم الدين اكثر فهذا امر اخر ، انما الطامة الكبرى اذا اراد الانسان ان يبقى في هذه الدنيا للدنيا.
نظری ثبت نشده است .