درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٠/١٠


شماره جلسه : ۴۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • المرادُ من المخالف

  • المسألةُ التالیةُ ضمن تحریر الوسیلة

  • إضائةٌ لقاعدةِ "مَن أدرکَ"

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

المرادُ من المخالف
إنَّ الذي یُخالِفُ ولایةَ أئمةِ آلِ البیتِ علیهمُ السّلام کالخوارج و الزیدیّة و النواصب و الغُلات و الوافقیّةِ و... لو استبصرَ لاندرَجَ ضمن امتنانِ الروایاتِ الماضیة، و قد أشار لهذا التفسیرِ أیضاً السیّدُ الخوئيُّ قائلاً:

لا ريب في عموم الحكم (الامتنان بعدم القضاء) لكلّ منتحِلِ للإسلام من الفِرَق المخالفةِ حتى المحكوم عليهم بالكفر كالناصب و نحوه الذي ورد في شأنه: «إنّ اللّٰه لم يَخلُق خلقاً أنجسَ من الكلبِ، و إنّ الناصب لنا أهلَ البيت لأَنجَسُ منه»[1] فالنواصب و الخوارج و نحوهم من الفِرَق المحكوم عليهم بالكفر تشملهم النصوص المذكورة، فلا يجب عليهم القضاءُ بعد الاستبصار، بل إنّه وقع التصريح بالناصب في صحيحتي العجلي و ابن أُذينة، كما أنّ جملة من المذكورين في صحيحة الفضلاء من قبيل الناصب. فلا يختص الحكم بمن حَكَم عليه بالإسلام و طهارة البدن من فرق المخالفين.[2]

المسألةُ التالیةُ ضمن تحریر الوسیلة
لقد توصّلنا إلی تفریعاتِ بابِ القضاء، فانطلَقَ السیِّدُ الخمینيُّ إلیها قائلاً:

(مسألة ٢): لو بلغ الصبيّ‌ أو أفاق المجنون أو المغمىٰ‌ عليه في الوقت، وجب عليهم الأداء وإن لم يُدرِكوا إلّا مقدارَ ركعة مع الطهارة ولو كانت ترابيَّةً، ومع الترك يجب عليهم القضاء، وكذلك الحائضُ والنَفساءُ إذا زال عذرُهما (أثناءَ الوقت) كما أنّه لو طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مُضيِّ‌ مقدار صلاة المختار من أوّل الوقت بحسب حالهم -من السفر والحضر والوضوء والتيمّم- ولم يأتوا بالصلاة، وجب عليهم القضاءُ.[3]

وأمّا السرُّ في فعلیّةِ الوجوب علی عاتقِ هؤلاءِ:

1. فلأجل أنّ أدلةَ الأداءِ -أقیموا الصلاة- قد تفعّلت في حقِّهم في الدقائقِ الأخیرةِ التي قد ماتَ العذرُ، فاکتَمَلَتِ الشرائطُ العامّةُ للتکلیف، وقد دلت علیه الروایاتُ أیضاً، نظیرُ روایةِ‌ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ‌ عَنِ‌ الرَّجُلِ‌ يُغْمَى عَلَيْهِ‌ نَهَاراً ثُمَّ‌ يُفِيقُ‌ قَبْلَ‌ غُرُوبِ‌ الشَّمْسِ‌ فَقَالَ‌ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ مِنَ‌ اللَّيْلِ‌ إِذَا أَفَاقَ‌ قَبْلَ‌ الصُّبْحِ‌ قَضَى صَلاَةَ‌ اللَّيْلِ‌. [4] وعلی صعیدٍ مقابِل نری أنّ الأدلّةَ التي قد عذَّرتِ المکلّفَ تماماً تَخُصّ العذرَ المستوعبَ لتمام الوقت.

2. ولأجل استدلالیّةِ السیّد الحکیم أیضاً بأنُ الفوتَ یَصدُقُ علی من أهملَ الدقائقَ الوافِیةَ لأداء الصلاة وعلیه، ستَتفعّلُ أدلة القضاء في حقّهم، بینما المجنون و المغمی علیه و... ممّن استوعبَهمُ العذرُ تماماً فلا یَصدُق علیهم أنّهم قد فوَّتوا الصلاةَ.
 
إضائةٌ لقاعدةِ "مَن أدرکَ"
وأمّا السببُ في امتدادِ فعلیّةِ الصلاةِ حتی بمقدارِ رکعةٍ فلأجلِ قاعدة "من أدرک" ولهذا فلو عجزَ المکلّفُ عن تنفیذِ أربعِ رکعاتٍ تامّاتٍ ولکن أمکنه مقدارَ رکعةٍ واحدةٍ فحسب لاُجرِیَت هذه القاعدةُ، ومُستَندُها هي الروایاتُ التّالیة:

1. قَالَ‌ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: مَنْ‌ أَدْرَكَ‌ مِنَ‌ الْغَدَاةِ‌ رَكْعَةً‌ قَبْلَ‌ طُلُوعِ‌ الشَّمْسِ‌ فَقَدْ أَدْرَكَ‌ الْغَدَاةَ‌ تَامَّةً‌.

2. مُحَمَّدُ بْنُ‌ مَكِّيٍّ‌ الشَّهِيدُ فِي اَلذِّكْرَى[5] قَالَ‌ رُوِيَ‌ عَنِ‌ النَّبِيِّ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ أَنَّهُ‌ قَالَ‌: مَنْ‌ أَدْرَكَ‌ رَكْعَةً‌ مِنَ‌ الصَّلاَةِ‌ فَقَدْ أَدْرَكَ‌ الصَّلاَةَ‌.

3. قَالَ‌ وَ عَنْهُ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: مَنْ‌ أَدْرَكَ‌ رَكْعَةً‌ مِنَ‌ الْعَصْرِ قَبْلَ‌ أَنْ‌ يَغْرُبَ‌ الشَّمْسُ‌ فَقَدْ أَدْرَكَ‌ الْعَصْرَ. [6]

نعم إنّ السیّدَ الخوئيَّ قد رفضَ تمامَ روایات القاعدة إلا الروایةَ الأولی، ثمّ قالَ ببرکةِ ضمیمة "القول بعدم الفصل" بین الصلواتِ الیومیّةِ، نخضَعُ لصحةِ هذه القاعدة الشهیرةِ.

وقد استشکلَ البعضُ علی تطبیقِ القاعدة في هذه المسألةِ، فالإشکالُ قد طرَحَه السیّدُ الخوئيُّ ثم أجابَ عنه بإجابةٍ قاصرةٍ:

نعم، ربما يشكل الأمر في تطبيقها على المقام، بدعوى اختصاص الحديث بما إذا كان الوقت في حدّ ذاته واسعاً و صالحاً لتوجّه التكليف فيه سوى أنّ المكلف لم يدرك منه إلّا بمقدار ركعة لمسامحته في الامتثال أو لغير ذلك، و أمّا إذا كان الوقت في حدّ ذاته ضيّقاً لا يسع الفعل كما في المقام فإنّه قبل ارتفاع العذر لا تكليف على الفرض فلا عبرة بالسعة في ذلك، و بعد ارتفاعه لا‌ يسع الزمان لوقوع العمل لقصوره طبعاً، لا لأجل عدم إدراك المكلّف منه إلّا ذلك المقدار فلا مجال للاستناد إلى الحديث فيه، و حينئذ فيشكل الأمر في الأداء (بأربعِ رکعات) فضلًا عن القضاء، لامتناع تعلّقِ التكليف بعمل في زمان أقصرَ منه و أقلَّ فإنّه من التكليف بما لا يُطاق. (فلا موضوع للقاعدة هنا أساساً إذ القاعدةُ تَخصُّ الموردَ الذي تُحسَبُ الرکعةُ بدلاً عن الأربع، بینما في البدایةِ یجبُ أن نَفترِضَ قابلیّةِ امتثال هذه الأربعِ ثمَّ تَقعَ هذه الرکعةُ الواحدةُ عوضاً عن تلک الأربع)

و فيه أوّلًا: أنّ الإشكال لو تمَّ فإنّما يَتِمّ في (أعذارٍ) مثل الصبيّ و نحوه، دون الكافر (فلو أسلم أثناءَ الوقت لَتعفّلَت علیه العبادات الفعلیّة) بناءً على المشهور من تكليفه (الکافر) بالفروع كالأُصول، فإنَّه على هذا كان مكلّفاً بالصلاة من أوّل الزوال، و كان متمكّناً من امتثاله بالإسلام، و معلوم أنّ المقدور بالواسطة مقدور، فالوقت بالإضافة إليه يكون واسعاً في حدّ ذاته غير أنّه بسوء اختياره فوّت التكليف على نفسه حيث أسلم في آخر الوقت، فيصدق في حقّه أنّه لم يُدرك من الوقت إلّا ركعة، فليس التكليف بالإضافة إليه ممّا لا يطاق.

و ثانياً: أنّه لا يتمّ مطلقاً حتّى في مثل الصبيّ و نحوه (المجنون و المغمی علیه) و ذلك لأنّا 1. تارةً نفرُض القصور الذاتيَّ في طبيعة الوقت كما لو فرضنا أنّ بعض ِنقاط الأرض يَقصُر فيه الزمانُ الفاصل بين زوال الشمس و غروبِها بحيث لا يسع الإتيان بأربع ركعات أو أنّ ما بين الطلوعين فيه لا يَسع الإتيان بركعتين، ففي مثله يَتَّجِهُ الإشكالُ فيقالُ بامتناع تعلّق التكليف بالعمل في زمان لا يَسَعُه، فلا يصدق في حقّه حينئذ أنّ المكلّف لم يُدرك من الوقت إلّا ركعة، فإنّه (الوقت) في حدّ ذاته ليس أكثر من هذا المقدار. 2. و أُخرى نفرُضُ أنّه لا قصور في الوقت بحسب الذات لامتداده بحسب طبعه، غيرَ أنّ المكلّف لأجل بعض العوارض و الملابسات كالصِغَر و الجنون و الإغماء و الحيض و الكفر بَناءً على عدم تكليف الكافر بالفروع، حُرم من إدراك الوقت المذكور إلّا بمقدار لا يسع تمام العمل، ففي أمثال هذه الموارد إذا ارتفع العذرُ في وقت لم يسع إلّا مقدارَ ركعة يَصدُق عليه حينئذ أنّه لم يُدركِ الوقتَ كلَّه و إنّما أدرك بعضه، لأنّ المانع إنّما تحقّق من ناحية العبد لا من ناحية الوقت.[7]

فمُستَخلَصُ إجابةِ السیِّد الخوئيّ هو أنه لو قصُر الزمان عن تأدیةِ التکلیف ذاتاً کالأمصارِ البعیدةِ، فیُصبحُ التکلیفُ بما لا یُطاق فلا فعلیّةَ، بینما لو توسَّعَ زمنُ التکلیف و طرَءَ المانعُ عن تنفیذ التکلیف فلا یصبح التکلیفُ بمقدارِ رکعةٍ ممتنِعاً فهنا تجري القاعدةُ بکلِّ سُهولةٍ.

ونلاحظُ علیه:

1. أولاً: لم یَتحدّثِ المستشکِلُ عن القصورِ الذاتيِّ أو العرضيِّ بل یودُّ إثباتَ أنَّ موضوعَ القاعدة یَخُصُّ موردَ فعلیّةِ التکلیف بأربعِ رکعاتِه ثمّ اعتراه مانعٌ فأدرک رکعةً منها، ولهذا یُفترَضُ علینا أن نُناقِشَ مقولتَه هذه بالتحدید، ولهذا نطرَح النقاشَ هکذا: هل موضوعُ القاعدةُ ینحصرُ بالتکلیف المتکاملِ والذي قد توجَّهَ إلی العبد ثم عَجزَ عن بعض الرکعات أم أنّها تَنطبِقُ حتی علی التکلیف المنعدمِ للفعلیّةِ کالصبيّ و المجنون و سُکّانِ البُلدانِ البعیدة و... فرغمَ أن التکلیفَ لم یَتفعَّل في حقّهم لکنّ القاعدةَ مطلقةٌ من هذا البُعد، فتجري القاعدةُ علی الإطلاق وهو الصواب.

2. وثانیاً: لو أجرینا القاعدةَ علی کلّ من أدرک رکعةً، فوقتَئذٍ لا یختلفُ قصورُ الزمان ذاتاً أو عَرَضاً، بل حتّی لو قصُرَ الزمنُ عن تنفیذ التکلیف لأجل المانع العارضيّ لصدقَ التکلیفُ بما لا یُطاق و ظلَّ الإشکالُ سلیماً، فتفکیک السیّدِ لا یُجدي نفعاً.

3. وثالثاً: إنَّ أمثالَ الجنون و الإغماء و... من الأعذار الغالبة علی جسمِ الإنسان تقعُ موطناً لتطبیق قاعدةِ الغلبة علیها وفقاً لما أسلفنا مسبقاً، فلسنا بحاجةٍ إلی قاعدة من أدرک، إذ لا شیئَ علیهم.

--------------------------
[1] الوسائل 1: 220/ أبواب الماء المضاف ب 11 ح 5.
[2] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌16، ص: 115‌
[3] التعليقة الاستدلالية علی تحرير الوسيلة (مشکینی)، جلد: ۱، صفحه: ۴۳۸.
[4] تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، جلد: ۸، صفحه: ۲۶۳.
[5] الذكرى - ١٢٢.
[6] تفصیلُ وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، جلد: ۴، صفحه: ۲۱۸.
[7] موسوعة الإمام الخوئي، ج‌16، ص: 104‌

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .