درس بعد

صلاة القضاء

درس قبل

صلاة القضاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة القضاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٢/١


شماره جلسه : ۷۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • معالَجة مقالةِ المحقّق الهمدانيّ تجاهَ استصحابِ التخییر

  • موقِفُ السیّد الخوئيّ تجاه استصحاب التخییر

  • الاتّجاهُ الثالث هو التفصیل في أمکنةِ القضاء

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

معالَجة مقالةِ المحقّق الهمدانيّ تجاهَ استصحابِ التخییر
لقد هاجَم المحقق الهمدانيّ علی إجراءِ استصحاب حکمِ التخییر بین القصر و التمام في مسألة القضاء، فوجَّهَ إلیه أربعَ اشکالات تالیة:

1. أولاً: إنّ الاستصحابَ لا یُطیقُ إثباتَ تخییرِ القضاءِ مطلقاً حتی في غیرِ تلک البقاع الأربع إذ التخییر في غیر البقاع الأربعة سیَستَدعي تبدّلَ الموضوع، بل قِمّةُ طاقةِ الاستصحاب أن یُسجّلَ تخییرَ القضاء في تلک البقاع فحسب لکي لا یحدُث تبدّل الموضوع -من البقاع الأربع إلی غیرها-.

2. ثانیاً: إنّ الاستصحابَ التّقدیريَّ -علی فرض انعدام أدلة التخییر- سیَسحَبُ وجوبَ القصرِ من الأداء التخییريّ إلی حالةِ القضاء في نفس أمکنةِ التخییر أیضاً -أي عدم جواز التّمام-[1].

و تحریراً أوسعَ لهذه الإشکالیة نقول بأنّ الاستصحاب یَتجَزّءُ إلی نوعین:

- تعلیقيٍّ و هو یَنصَبّ علی الحکم المُستَصحب فالحکمُ یُعدّ معلّقاً کحرمة العنب المعلَّقَة علی الغَلیان بحیث لو تَبدّل العنبُ إلی الزَّبیب فهل سیَحرُم الزبیبُ المرطوب أیضاً إذا غلی، وذلک ببرکة الاستصحاب التعلیقيّ بحث سیُسرِي حکمَ الغَلیان من العنب إلی الزبیب وفقاً للرأيِ الحَقیق.

- بینما الاستصحابُ التقدیري یَنصَبّ علی الشک بحیث نَفترِضُ حینَ القضاء بأنّا لو کنّا نَشُکّ حین الأداء حول التخییرِ -للقضاء- لأجرینا الاستصحابَ آنَذاک، إلا أنّ عدمَ إجراء الاستصحاب آنذاک قد نشأ من الغَفلة وفقاً للمثال المعروف.

فبالتّالي لو افترَضنا انعدامَ روایات التخییر أو اعتقَدنا عدمَ دلالتِها علی جواز الإتمام -نظیر الشیخ الصدوق و...- فحینَما نَرتابُ في إمکانیة التخییر في القضاء و عدمِها -علی فرض الشک تقدیراً- سیُتاحُ لنا تطبیقُ الاستصحاب التّقدیري (التّعلیقيّ) لوجوبِ القصر و نَحکُم بعدم جوازِ التّمام.[2]

أجل ربما یُطلق الاستصحاب التّقدیري علی الاستصحاب التعلیقي ضمن کلمات الفقهاء، ولا ضیرَ فیه.

3. والدلیل الثالث للمحقق الهمداني أنّ إجراءَ استصحاب التخییر في نفس البقاعِ -للقضاء- وجیهٌ تماماً، و لکنّ الاستصحابَ في غیرِ البقاع الأربع سیُفضي إلی الشکّ في المقتضي إذ نَجهَلُ توفّرَ مقتضي التخییر في سائر الأمکنة -فالمحقّق الهمداني قد انتَهَج منهجةَ الشیخ الأعظم في عدم جریان استصحاب المقتضي-.

4. بل حتی لو استَصحَبنا التّخییرَ -للقضاء- في نفس البقاعِ الأربع لاستتبَع الاستصحاب في المُقتضي أیضاً لأنّا نَحتمِل بقوّةٍ أنّ مسألةَ التّخییر بین القصر و التمام تَخُصّ حالةَ الأداء فحسب، فلا مقتضيَ للتخییرِ في فرضِ القضاء أساساً بل أساسُ التخییرِ مشکوکٌ فلا یَجري استصحاب المقتضي -بل سیَدورُ الأمر بین التعیین للقصر والتخییر للتّمام أیضاً فیُفتی بالتعیین و هو القصر-.

ونُعلّقُ علی النقطةِ الأخیرة بأنّ قد أثبتنا سلامةَ الاستحصاب مطلقاً سواءٌ في المقتصي و المانع، بلا تفصیل.

موقِفُ السیّد الخوئيّ تجاه استصحاب التخییر
و قد اعترَض علیه السیّد الخوئي باعتراضاتٍ -بعضُها مبائیّةٌ- قائلاً:

«و يرد عليه أوّلاً: المنع عن جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية (للتعارض الدائِم ما بینَ استصحابِ المجعول و بین أصالةِ عدم الجعل و هنا سیَنصدِم استصحابُ التخییر في المجعول مع استصحاب عدم التخییر في الجعل) فإنّا و إن بنينا على جريانه في الأحكام غيرِ الإلزاميّة كالإباحة و الطهارة على ما بيّناه في الأُصول[3] إلّا أنّا لا نَلتزم بجريانه في خصوص المقام (التخییر في القضاء) لأجل المعارضة التي لأجلها منعنا جريانه في الأحكام الإلزامية (لتبدل الموضوع) و ذلك لأنّ‌ الوظيفة الأوّلية المقرّرة في حقّ‌ المسافر إنّما هي القصر، و إنّما جُعِل التخيير لمن كان في إحدى الأماكن المُعيَّنة، تَخصيصاً لما تَقتضيه القاعدة الأوّلية إذن فالتخيير في المقام مجعول للشارع، و ليس كالإباحة التي لا تحتاج إلى الجعل، و على هذا فاستصحاب بقاء التخيير (للأداء) إلى ما بعد خروج الوقت معارض باستصحاب عدم جعل التخيير في خارج الوقت (للقضاء).[4]»

ونلاحظ علی التخصیص المذکور بأنّا قد أسلفنا النسبةَ ما بین دلیل القصر و دلیل التخییر حیث إنّ النّسبةَ ما بین الدلیلین -أي تخییر الأداء بین القصر و التمام في البقاع الأربع و دلیل اقض مافاتَ- لیس بعملیّةِ التّخصیص و لا بنوعِ الحکومة إطلاقاً، إذ موضوع دلیل التخییر في الأداء یُعدّ مُنفَکَّاً عن موضوع دلیل القضاء فإنّهما یُشبهانِ النسبةَ ما بینَ دلیل "أقیمِ الصلاةَ لدلولک الشَّمس" و بین دلیل "اقضِ ما فات" حیث قد بدا نیِّراً بأنّهما موضوعان مستقلّان بالکامل، فنسبة أدلة التخییر مع أدلة القضاء علی نفس الوِزانِ، بحیث قد خیّرتِ المصلّي في تلک البقاعِ أداءً فحسب

ثم یَتطرّق السیّدُ إلی إثباتُ وحدةِ المطلوب من خلال دلیل القضاء قائلاً:

«و ثانياً: أنّ‌ الاستصحاب في نفسه غير جار في المقام، لأجل تعدّد الموضوع فإنّ‌ الأمر الأوّل (الأدائيّ) الذي كان على وجه التخيير قد سَقَط بخروج الوقت جَزماً و المفروض هو وحدةُ المطلوب كما استظهرناه من الدليل حسبَما عرفت.[5]»

و لکن نلاحظ علیه:

1. أولاً: إنّکم في باب الاستصحاب قد جعلتُم المحورَ في بقاء الموضوع أو زوالِه علی الرؤیة العرفیة لا الدّقة العقلیة، فالعرفُ یری الصلاة القضائیةَ نفسَ الصلاة الأدائیةَ، بل لو لم تَکن الصلاةُ القضائیةُ نفسَ الصلاة الأدائیة لما قال الشّارع: کما فاتَ. حیث دلّنا علی السّنخیّة ما بینهما، إذن فلم یتبدّلِ الموضوع إذ موضوع القضاءُ هو نفس موضوع الأداء و هي الصلاة تخییراً، و هذه النظریّةُ العرفیّة قد تَبنّاها السید الخوئيّ ضمنَ مواطِنَ عدّة بینما قد تخلّف عنها هنا. (أجل بإمکانِ السیّد أن یَعتقِدَ بما أسلفناه بأنّ الفائتَ لا یَنطبِقُ علی عنوان التخییر کي ینجُوَ من إطلاق أدلة القضاء لعنوان التخییر)

2. ثانیاً: قد أثبَتنا مسبقاً -وفقاً لتصریح المحقّق الهمدانيّ- بأنّ الأمرَ بالقضاء یَترابَطُ عرفیّاً مع التّعدد بحیث نَستَکشِفُ أنّ المطلوبَ الأصیلَ -الصلاة- قد ظلَّ فعّالاً خارجَ الوقت أیضاً و لهذا لا یُرشِدنا نحوَ وحدةِ المطلوب.

ثم یکمل السیدُ حوارَه قائلاً:

«فالظاهر أنّ‌ من تفوته الصلاة في أماكن التخيير ينحصر الفائت في حقّة بالفريضة المقصورة فقط، فإنّ‌ العبرة في القضاء بما يفوت المكلّف في آخر الوقت، و هو زمان صدق الفوت، و لا شك في أنّه عند ضيق الوقت إلّا بمقدار أربع ركعات كما في الظهرين تنقلب الوظيفة الواقعية من التخيير إلى التقصير (لأنه مسافر) فلا يكون الفائت إلّا الصلاة قصراً (لا عنوان التخییر) و هذا الفرض متحقّق دائماً (للمسافر) فانّ‌ الفوت مسبوق لا محالة بالتضيّق المذكور (قصراً) و معه لا مجال للاستصحاب و لا لدعوى التبعية، و لا عمومِ أدلّة الفوت (للصلاة التخییري في القضاء).[6]»

و نلاحظ علیه بأنّ الفوت قد تَعلّق بما وَجب علی المکلّف بحیث یُعدّ الواجبُ هو الفائتَ سواء تعلّق الواجبُ بالقصر او التخییر إذ ربما البعضُ یَعتقِدُ بوجوبِ التخییر فسیُصبِحُ فائتُه هو التخییرَ فحسب فلم یَعُدِ القصرُ متعیِّناً کي یَنطبِقَ علیه الفائت.

الاتّجاهُ الثالث هو التفصیل في أمکنةِ القضاء
و لقد اتّجهَ صاحبُ العروة و صاحبُ التحریر إلی التّفکیک بین ما لو أرادَ القضاءَ في البقاع الأربعِ فیُصبِحُ مخیّراً، و لکن لو صمَّم علی القضاء في غیرها لَتحتَّمَ القصرُ فحسب.

و قد استدلّا بعملیّةِ استصحاب التخییر في القضاء و بإطلاقِ دلیل القضاء، بینما قد رفضناهما تماماً، ثم استَمسَکا بإطلاقِ الروایة التالیة:

«قال: «كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): أنّ‌ الرواية قد اختلفت عن آبائك في الإتمام و التقصير للصلاة في الحرمين إلى أن قال فكتب إليّ‌ (عليه السلام) بخطّه: قد علمت يرحمُك اللّٰه فضلَ الصلاة في الحرمين على غيرهما فأنا أُحِبُّ‌ لك إذا دخلتَهما أن لا تُقصّر، و تكثرَ فيهما من الصلاة»[7].»

فإنّ إطلاق الفِقرَةِ التالیة "ألا تُقصّر" یَستَبطِنُ أجواءَ الأداء و القضاء.

بینما نُعتقِدُ بأنّ قرینةَ التّسائل -عن الصلاة الأدائیّة- قد ساقتِ الروایةَ -انصرافاً أو تبادراً- إلی أنّ مقامَ المحادَثة قد جری حول الأداء فحسب و خاصّةً أن صدرَ الروایة یُشیر إلی فتوی فقهاء العامة تجاهَ الأداء، فالإجابة قد صدرت وفقاً للسّؤال بلا نظرٍ للقضاء إطلاقاً.

فسلالةُ المناقشاتِ قد استوجَبَتِ وجوبَ القصر للقضاء علی الإطلاق سواء في البقاع و غیرها، بخلاف صاحب التحریر القائلِ:

«فالظاهر التخيير في القضاء أيضاً إذا قضاها في تلك الأماكن، وتعيّن القصر على الأحوط لو قضاها في غيرها.[8]»

-------------------
[1] مصباح الفقیه (الطبّعة القدیمة) ج2 ص618
[2] و نعلّق علی مقالةِ الأستاذ المعظّم بأنّ مصطلَح الاستصحاب التقدیري هو نفس التعلیقيّ کما صرّح به المحقق الهمداني في موضع آخر بأن مراد الأستاذ الأعظم من الاستصحاب التقدیري هو التعلیقي، في قبال الشک التقدیريّ، ففي هذا الصّراع قد تعلّق وجوب القصر معلّقاً علی عدم جواز التخییر أو علی رفض روایات التخییر، فنستصحبُ وجوبَ القصرِ أیضاً لرفض إطلاق أدلة التخییر فسواءٌ في تلک البقاع أو غیرِها یجب القصر.
[3] مصباح الأُصول ٤٧:٣.
[4] خوئی سید ابوالقاسم. 1418. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[5] خوئی سید ابوالقاسم. 1418. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[6] خوئی سید ابوالقاسم. 1418. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[7] الوسائل ٥٢٥:٨ /أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ٤.
[8] تحریر الوسیلة. Vol. 1. تهران - ایران: مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمینی (قدس سره).



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .