درس بعد

الجمل الخبریة فی مقام الانشاء

درس قبل

الجمل الخبریة فی مقام الانشاء

درس بعد

درس قبل

موضوع: الجمل الخبریة فی مقام الانشاء


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٧/١٥


شماره جلسه : ۹

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • ترسیخ شأنیّة «التّشریع» للمعصومین

  • البَرهنة علی التّشریع عبرَ الرّوایة و القرآن الکریم

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

ترسیخ شأنیّة «التّشریع» للمعصومین

و الیوم سنُرسِّخ مبنی «التّشریع» ضمن النِّقاط التّالیة:

· لقد ارتَقینا عن منزلة «تبیین الدّین» و سجَّلنا مکانة «التّشریع» للمعصومین علیهم السّلام بحیث لا تَنجلي «إرشادیّة أوامرهم» أبداً -رفضاً للمحقّق البروجرديّ- إذ لمّا افترَضنا منصب «التّشریع» فبالتّالي ستَتلبّس أوامرهم صِبغة «المولویّة و الموضوعیّة» تماماً لا محض «إنباء و حکایة» عن الواقع فحسب کي تَتولّد معضلة «إرشادیّة أوامرهم» -زعماً من المحقّق البروجرديّ-.

· إنّ «التّشریع» لا یُنتِج الاستقلالیّة البحتة بل یُشرِّع المعصوم بإذنه تعالی طولیّاً لا عرضیّاً -کي یُنجِب الشّرک في التّشریع- لأنّه تعالی قد أعطاهم المنبع العلميّ اللّدنيّ المخبَّأ لدیه و هو یَستبطِن قاطبةَ «الملاکات و الأسرار» الکَونیّة و التّشریعیّة -وفقاً للعدلیّة المُقِرّة باللّوح المحفوظ- فبالتّالي قد حاز المعصوم ذاک العلم الأصیل فنالَ أیضاً تلک «القوّة القدسیّة الملکوتیّة» بإذنه تعالی ثمّ فُوِّض إلیه مَناخ «التّشریع» تماماً -وفقاً لتَنصیص الرّوایات اللّاحقة- بحیث إنّ المعصوم رغمَ معرفته بالملاکات اللّزومیّة -ووجوب العمل- ربما لا یَستوجبها علی العباد نظراً لرؤیته القدسیّة للأوضاع و المصالح، إذ مشیئات «المفوَّض إلیه» تَنطبق علی مشیئات «المفوِّض» بالکامل، فلا یَشاء شیئاً إلا أن یشاءه الله أیضاً و لا یُصدر بیاناً إلا ما أمر و نهی الله تعالی أیضاً بحیث «لو کان الله یرید ذلک التّشریع لَشرَّعه علی نسق تشریع المعصوم حَذواً بحَذو» فإنّ الذي قد حظِي لأنّهم بالولایة التّکوینیّة و التّشریعیّة معاً فسیُتاح له أن یَتدخَّل -أحیاناً مّا- في أفق التّکوین و التّشریع مباشرةً و ذلک ببرکة «الرّوح القدسیّة» -المطروحة ضمن الرّوایات الآتیة- و بلا افتقار للوحي السّمائيّ إطلاقاً إذ قد ترابَطَت «القوّة القدسیّة» مع «التّفویض التّامّ الإلهيّ» فلا وسیطَ في البَین.

· لقد مَنح الله تعالی هذه النِّحلة -التّشریع- للمعصوم من خلال «التّفویض التّامّ» بحیث لم یَهب هذه الموهبة الملکوتیّة لأيّ فقیه بتاتاً -حتّی وفق مبنی «الولایة المطلقة للفقیه»- إذ المعصوم قد امتاز «بالقوّة القدسیّة الخاصّة» و «بالولایة التّکوینیّة» أیضاً، بینما الفقیه یَفتقِدهما، و بالتّالي إنّ هاتین الخصلَتین قد میَّزَتا ما بین منصَب الإمام و الفقیه تماماً، فإنّا قد بیَّنا مسبقاً منصّة «التّفویض» أي منفتِحَ الید لدی التّدخّل في إطار الأحکام، و لکنّ البشر المُفتقِد لهذه المِیزة تراه قد یُورِّط نفسَه بالقیاس و الرّأي و الاستحسان و السّد الذّرائع و ... بینما هذه العملیّات الفاشلة ستُفرِزه عن جادّة التّشریع تماماً -و هو لا یَشعر-.

· و ممّا یُعزِّز هذه النّظریّة الرّائعة هي تصریحات الشّیخ المظفّر أیضاً بشأنیّة «التّشریع» قائلاً:

«قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام «علّمني رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم ألف باب من العلم ينفتح لي من كلّ باب ألف باب»[1] وعليه، فليس بيانهم للأحكام من نوع رواية السنّة و حكايتها، و لا من نوع الاجتهاد في الرأي و الاستنباط من مصادر التشريع، بل هم أنفسهم مصدر للتشريع، فقولهم سنّةٌ لا حكاية السنّة.».[2]

 
البَرهنة علی التّشریع عبرَ الرّوایة و القرآن الکریم

و سنُبرهِن الآن بنَمطین من الأدلّة -القرآنیّة و الرّوائیّة- علی تحقّق التّشریع:

1. کافّة الآیات المؤکِّدة علی «إطاعة النّبيّ» حیث قد أعلَنها الله قائلاً: «و أطیعوا الرّسول»[3] فإنّ تکریر الإطاعة بتصویر مستقلّ سیَستدعي إطاعته «الاستقلالیّة المولویّة» بضرس قاطع، فقد استَخدَم القرآن هذه الصّیاغة المتکرّرة کي یُفهمنا بأنّ المعصوم یَمتلک قِمّة الهیمَنة و السّیطرة التّامّة علی تبدیل جزئیّات «التّشریع» فإنّه تعالی قد عمَد إلی التّکریر إیصالاً للمولویّة القُصوی -لا محض تکرّر و تأکید- أي أطیعوا المعصوم باعتباره آمراً و ناهیاً لا باعتباره ناقلاً عن الله تعالی -فحسب- فلو أبیتَ ذلک لَاستَمسکنا بالقدر المتیقّن حینئذ و هو الإطلاق -أطِعه مولویّاً سواء أمرَک من قِبل نفسه أو من الله تعالی- فبالتّالي ستَتحتَّم کافّة الإطاعات النّبویّة بلون «المولویّة» إذ إطاعة الله تُعدّ إرشادیّة في الآیة -دفعاً لتسلسل الأوامر- و لکنّ إطاعة الرّسول تُعدّ مولویّة تماماً -لورود الأمر المولويّ لها و التّفویض و...- فهذا التّفکیک قد نَبع عن القرینة.

2. لقد أناطَ تعالی إطاعته علی مسایرة الرّسول بصیاغة إطلاقیّة قائلاً: «من یُطِعِ الرّسول فقد أطاع الله و من تولّی فما أرسلناک علیهم حفیظاً»[4] فلو افترَضنا أن بیانات النّبيّ -من قبَل الله- قد انَطَبعت انطباع «الإخبار» فحسب -وبلا مولویّة- لَلغا «اختصاص الإطاعة بالنّبيّ» فإنّه تعالی قد خَصّها بالنّبيّ خصّیصاً له فحسب.

3. لقد صرَخت الآیة التّالیة «باتّباع النّبيّ» تحدیداً: قل إن کنتم تُحبّونَ الله فاتّبعوني یُحبِبکم الله و یَغفِر لکم ذنوبکم»[5] فإنّه تعالی لم یُعبِّر: «فاتّبعوا أمر الله» ممّا یُؤکّد فکرة «التّشریع المستقلّ» في طول إرادته و علمه تعالی بلا تخلّف عن المنظومة الدّینیّة المطلوبة لله تعالی، إذن، إنّا لا نَتجمَّد علی منهجة «الحکایة و الإخبار الإرشاديّ».

4. و قد أشارت الآیة التّالیة إلی اختصاص المعصوم بالتّشریع: ««وَ كَذٰلِكَ‌ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ‌ رُوحاً مِنْ‌ أَمْرِنٰا مٰا كُنْتَ‌ تَدْرِي مَا الْكِتٰابُ‌ وَ لاَ الْإِيمٰانُ‌[6]» إلا أنّ غُموضها سیَنحلّ ببرکة الرّوایات اللاحقة المصرِّحة بذلک.

5. لقد هَتَف الإمام الصّادق علیه السّلام ضمن الصّحیحة التّالیة قائلاً:

«إنّ اللّٰه عزوجلّ أدّب نبيّه علىٰ محبّته فقال: «وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ‌» ثم فوّض إليه فقال عزّ و جل: «مٰا آتٰاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» و قال عز و جل: «مَنْ يُطِعِ اَلرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اَللّٰهَ‌». و إنّ نبي اللّٰه فوّض إلى عليّ و ائتَمَنَه، فسلّم و جحَد الناس»[7].

فإنّ عظمة الأخلاق لا تَنحصر في السّلوکیّات و التّعاملات الاجتماعیّة و الفردیّة فحسب -زعماً من البعض- بل وفقاً لهِتاف بعض الرّوایات إنّ النّبيّ قد بلغَ ذَروة المعنویّات و الوعاء القدسيّ الإلهيّ العظیم، فعلی منواله قد استَورد عليّ بن إبراهیم عن أبي الجارود عن أبي جعفر علیه السّلام قائلاً: «قوله: و إنّک لعلَی خُلق عظیم، أي علی دین عظیم».[8] فلحاظاً لهذا الوعاء العظیم قد أطاق صلی الله علیه و آله تحمّل «منصب التّفویض و التّشریع».

و أمّا عملیّة «التّأدیب» فتَعني أنّ النّبيّ الأکرم حیث قد أحبَّ ربَّه تعالی فأدّبه الله علی محبّته أیضاً ثمّ وهبَه تلک «القوّة القدسیّة العظیمة» عبرَ التّأدیب و التّعلیم -لا أنّ الله تعالی هو الّذي قد أعطاه محبّتَه فسار فیه النّبيّ الأکرم-.

6. و قد انَسَکبت «منصّة التّفویض» علی الأئمّة الطّاهرین أیضاً حیث یقول صلی الله علیه و آله: «أنا مدينة العلم، و عليّ بابها، فمن أراد العلم فليقتبسه من عليّ‌»[9] ممّا یَعني أنّه صلی الله علیه و آله لم یُحدّد أمیر المؤمنین علی نقطة التّبلیغ و النّطق الرّسميّ و الإرشادیّة البحتة.

7. بل قد تَضافرت الرّوایات بهذا الشّأن أیضاً: «فَقَالَ‌ لِي يَا اِبْنَ‌ أَشْيَمَ‌ إِنَّ‌ اللَّهَ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ فَوَّضَ‌ إِلَى سُلَيْمَانَ‌ بْنِ‌ دَاوُدَ فَقَالَ‌ «هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ‌ أَوْ أَمْسِكْ‌ بِغَيْرِ حِسٰابٍ‌» وَ فَوَّضَ‌ إِلَى نَبِيِّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ فَقَالَ‌: «مٰا آتٰاكُمُ‌ الرَّسُولُ‌ فَخُذُوهُ‌ وَ مٰا نَهٰاكُمْ‌ عَنْهُ‌ فَانْتَهُوا» فَمَا فَوَّضَ‌ إِلَى رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ فَقَدْ فَوَّضَهُ‌ إِلَيْنَا.»[10]

8. «عَنْ‌ زُرَارَةَ‌ قَالَ‌ سَمِعْتُ‌ أَبَا جَعْفَرٍ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ يَقُولاَنِ‌: إِنَّ‌ اللَّهَ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ فَوَّضَ‌ إِلَى نَبِيِّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ أَمْرَ خَلْقِهِ‌ لِيَنْظُرَ كَيْفَ‌ طَاعَتُهُمْ‌ ثُمَّ‌ تَلاَ هَذِهِ‌ الْآيَةَ‌: «مٰا آتٰاكُمُ‌ الرَّسُولُ‌ فَخُذُوهُ‌ وَ مٰا نَهٰاكُمْ‌ عَنْهُ‌ فَانْتَهُوا».

9. «عَنِ‌ اِبْنِ‌ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ‌ عُمَرَ بْنِ‌ أُذَيْنَةَ‌ عَنْ‌ فُضَيْلِ‌ بْنِ‌ يَسَارٍ قَالَ‌ سَمِعْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ‌ لِبَعْضِ‌ أَصْحَابِ‌ قَيْسٍ‌ الْمَاصِرِ: إِنَّ‌ اللَّهَ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ أَدَّبَ‌ نَبِيَّهُ‌ فَأَحْسَنَ‌ أَدَبَهُ‌ فَلَمَّا أَكْمَلَ‌ لَهُ‌ الْأَدَبَ‌ قَالَ‌: «إِنَّكَ‌ لَعَلىٰ‌ خُلُقٍ‌ عَظِيمٍ‌» ثُمَّ‌ فَوَّضَ‌ إِلَيْهِ‌ أَمْرَ الدِّينِ‌ وَ الْأُمَّةِ‌ لِيَسُوسَ‌ عِبَادَهُ‌ فَقَالَ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌: «مٰا آتٰاكُمُ‌ الرَّسُولُ‌ فَخُذُوهُ‌ وَ مٰا نَهٰاكُمْ‌ عَنْهُ‌ فَانْتَهُوا» وَ إِنَّ‌ رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ كَانَ‌ مُسَدَّداً مُوَفَّقاً مُؤَيَّداً بِرُوحِ‌ الْقُدُسِ‌ لاَ يَزِلُّ‌ وَ لاَ يُخْطِئُ‌ فِي شَيْ‌ءٍ‌ مِمَّا يَسُوسُ‌ بِهِ‌ الْخَلْقَ‌ فَتَأَدَّبَ‌ بِآدَابِ‌ اللَّهِ‌ ثُمَّ‌ إِنَّ‌ اللَّهَ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ فَرَضَ‌ الصَّلاَةَ‌ رَكْعَتَيْنِ‌ رَكْعَتَيْنِ‌ عَشْرَ رَكَعَاتٍ‌ فَأَضَافَ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ‌ رَكْعَتَيْنِ‌ وَ إِلَى الْمَغْرِبِ‌ رَكْعَةً‌ فَصَارَتْ‌ عَدِيلَ‌ الْفَرِيضَةِ‌ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهُنَّ‌ إِلاَّ فِي سَفَرٍ وَ أَفْرَدَ الرَّكْعَةَ‌ فِي الْمَغْرِبِ‌ فَتَرَكَهَا قَائِمَةً‌ فِي السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ فَأَجَازَ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ لَهُ‌ ذَلِكَ‌ كُلَّهُ‌ فَصَارَتِ‌ الْفَرِيضَةُ‌ سَبْعَ‌ عَشْرَةَ‌ رَكْعَةً‌ ثُمَّ‌ سَنَّ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ النَّوَافِلَ‌ أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ‌ رَكْعَةً‌ مِثْلَيِ‌ الْفَرِيضَةِ‌ فَأَجَازَ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ لَهُ‌ ذَلِكَ‌ وَ الْفَرِيضَةُ‌ وَ النَّافِلَةُ‌ إِحْدَى وَ خَمْسُونَ‌ رَكْعَةً‌ مِنْهَا رَكْعَتَانِ‌ بَعْدَ الْعَتَمَةِ‌ جَالِساً تُعَدُّ بِرَكْعَةٍ‌ مَكَانَ‌ الْوَتْرِ وَ فَرَضَ‌ اللَّهُ‌ فِي السَّنَةِ‌ صَوْمَ‌ شَهْرِ رَمَضَانَ‌ وَ سَنَّ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ صَوْمَ‌ شَعْبَانَ‌ وَ ثَلاَثَةَ‌ أَيَّامٍ‌ فِي كُلِّ‌ شَهْرٍ مِثْلَيِ‌ الْفَرِيضَةِ‌ فَأَجَازَ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ لَهُ‌ ذَلِكَ‌ وَ حَرَّمَ‌ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ الْخَمْرَ بِعَيْنِهَا وَ حَرَّمَ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ الْمُسْكِرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ شَرَابٍ‌ فَأَجَازَ اللَّهُ‌ لَهُ‌ ذَلِكَ‌ كُلَّهُ‌ وَ عَافَ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ أَشْيَاءَ‌ وَ كَرِهَهَا وَ لَمْ‌ يَنْهَ‌ عَنْهَا نَهْيَ‌ حَرَامٍ‌ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا نَهْيَ‌ إِعَافَةٍ‌ وَ كَرَاهَةٍ‌ ثُمَّ‌ رَخَّصَ‌ فِيهَا فَصَارَ الْأَخْذُ بِرُخَصِهِ‌[11]وَاجِباً عَلَى الْعِبَادِ كَوُجُوبِ‌ مَا يَأْخُذُونَ‌ بِنَهْيِهِ‌ وَ عَزَائِمِهِ‌ وَ لَمْ‌ يُرَخِّصْ‌ لَهُمْ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ فِيمَا نَهَاهُمْ‌ عَنْهُ‌ نَهْيَ‌ حَرَامٍ‌ وَ لاَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ‌ أَمْرَ فَرْضٍ‌ لاَزِمٍ‌ فَكَثِيرُ الْمُسْكِرِ مِنَ‌ الْأَشْرِبَةِ‌ نَهَاهُمْ‌ عَنْهُ‌ نَهْيَ‌ حَرَامٍ‌ لَمْ‌ يُرَخِّصْ‌ فِيهِ‌ لِأَحَدٍ وَ لَمْ‌ يُرَخِّصْ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ لِأَحَدٍ تَقْصِيرَ الرَّكْعَتَيْنِ‌ اللَّتَيْنِ‌ ضَمَّهُمَا إِلَى مَا فَرَضَ‌ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ بَلْ‌ أَلْزَمَهُمْ‌ ذَلِكَ‌ إِلْزَاماً وَاجِباً لَمْ‌ يُرَخِّصْ‌ لِأَحَدٍ فِي شَيْ‌ءٍ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ إِلاَّ لِلْمُسَافِرِ وَ لَيْسَ‌ لِأَحَدٍ أَنْ‌ يُرَخِّصَ‌ شَيْئاً مَا لَمْ‌ يُرَخِّصْهُ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ فَوَافَقَ‌ أَمْرُ رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ أَمْرَ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ وَ نَهْيُهُ‌ نَهْيَ‌ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ وَ وَجَبَ‌ عَلَى الْعِبَادِ التَّسْلِيمُ‌ لَهُ‌ كَالتَّسْلِيمِ‌ لِلَّهِ‌ تَبَارَكَ‌ وَ تَعَالَى.»[12]

فنَستَنتج من ظهور الرّوایات العَطرة أنّ الأمر في «فخذوه» و «انتَهوا» ذو صِبغة مولويّة مستقّلة من قِبَل نفس النّبيّ الأکرم بالتّحدید -لا بوصفه مبلِّغاً و ناطقاً رسمیّاً فحسب کي یُعدّ إرشادیّاً- رغم أنّه في طول إرادته تعالی أیضاً.

بل قد أفرَد الکافي الشّریف باباً یَخُصّ نقاشنا الحاليّ، قائلاً:

«بَابُ‌ الرُّوحِ‌ الَّتِي يُسَدِّدُ اللَّهُ‌ بِهَا اَلْأَئِمَّةَ‌ عَلَيهِمُ‌ السَّلاَمُ‌»:

10.«عَنْ‌ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ قَوْلِ‌ اللَّهِ‌ تَبَارَكَ‌ وَ تَعَالَى: «وَ كَذٰلِكَ‌ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ‌ رُوحاً مِنْ‌ أَمْرِنٰا مٰا كُنْتَ‌ تَدْرِي مَا الْكِتٰابُ‌ وَ لاَ الْإِيمٰانُ‌[13]» قَالَ‌ خَلْقٌ‌ مِنْ‌ خَلْقِ‌ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ أَعْظَمُ‌ مِنْ‌ جَبْرَئِيلَ‌ وَ مِيكَائِيلَ‌ كَانَ‌ مَعَ‌ رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ يُخْبِرُهُ‌ وَ يُسَدِّدُهُ‌ وَ هُوَ مَعَ‌ اَلْأَئِمَّةِ‌ مِنْ‌ بَعْدِهِ‌.»[14]

11.«عَنْ‌ أَبِي حَمْزَةَ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنِ‌ الْعِلْمِ‌ أَ هُوَ عِلْمٌ‌ يَتَعَلَّمُهُ‌ الْعَالِمُ‌ مِنْ‌ أَفْوَاهِ‌ الرِّجَالِ‌ أَمْ‌ فِي الْكِتَابِ‌ عِنْدَكُمْ‌ تَقْرَءُونَهُ‌ فَتَعْلَمُونَ‌ مِنْهُ‌ قَالَ‌ الْأَمْرُ أَعْظَمُ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ وَ أَوْجَبُ‌ أَ مَا سَمِعْتَ‌ قَوْلَ‌ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌: «وَ كَذٰلِكَ‌ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ‌ رُوحاً مِنْ‌ أَمْرِنٰا مٰا كُنْتَ‌ تَدْرِي مَا الْكِتٰابُ‌ وَ لاَ الْإِيمٰانُ‌» ثُمَّ‌ قَالَ‌ أَيَّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ يَقُولُ‌ أَصْحَابُكُمْ‌ فِي هَذِهِ‌ الْآيَةِ‌ أَ يُقِرُّونَ‌ أَنَّهُ‌ كَانَ‌ فِي حَالٍ‌ لاَ يَدْرِي مَا الْكِتَابُ‌ وَ لاَ الْإِيمَانُ‌ فَقُلْتُ‌ لاَ أَدْرِي جُعِلْتُ‌ فِدَاكَ‌ مَا يَقُولُونَ‌ فَقَالَ‌ لِي بَلَى قَدْ كَانَ‌ فِي حَالٍ‌ لاَ يَدْرِي مَا الْكِتَابُ‌ وَ لاَ الْإِيمَانُ‌ حَتَّى بَعَثَ‌ اللَّهُ‌ تَعَالَى الرُّوحَ‌ الَّتِي ذُكِرَ فِي اَلْكِتَابِ‌ فَلَمَّا أَوْحَاهَا إِلَيْهِ‌ عَلَّمَ‌ بِهَا الْعِلْمَ‌ وَ الْفَهْمَ‌ وَ هِيَ‌ الرُّوحُ‌ الَّتِي يُعْطِيهَا اللَّهُ‌ تَعَالَى مَنْ‌ شَاءَ‌ فَإِذَا أَعْطَاهَا عَبْداً عَلَّمَهُ‌ الْفَهْمَ‌.»[15]

و لُبّ الرّوایة أنّ الله تعالی حینما أنزل القرآن الکریم علی قلب النّبيّ دَفعة واحدة نظراً للآیات التّالیة: «و إنّه لَتنزیل ربّ العالمین، نَزل به الرّوح الأمین، علی قلبک لِتَکونَ من المنذِرینَ»[16] فبالتّالي إنّ هذا الإنزال قد کوَّن للنّبيّ تلک «الرّوح الإلهيّة و النّور القدسيّ» و لهذا قد بَلغت روحُه منتهی الدّرجات الرّفیعة و نال مقام التّفویض و التّشریع.

12. «عَنِ‌ اِبْنِ‌ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ‌ أَبِي أَيُّوبَ‌ اَلْخَزَّازِ عَنْ‌ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ‌ سَمِعْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ‌: «يَسْئَلُونَكَ‌ عَنِ‌ الرُّوحِ‌ قُلِ‌ الرُّوحُ‌ مِنْ‌ أَمْرِ رَبِّي» قَالَ‌ خَلْقٌ‌ أَعْظَمُ‌ مِنْ‌ جَبْرَئِيلَ‌ وَ مِيكَائِيلَ‌ لَمْ‌ يَكُنْ‌ مَعَ‌ أَحَدٍ مِمَّنْ‌ مَضَى غَيْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ وَ هُوَ مَعَ‌ الْأَئِمَّةِ‌ يُسَدِّدُهُمْ‌ وَ لَيْسَ‌ كُلُّ‌ مَا طُلِبَ‌ وُجِدَ.»[17]

فوفقاً لتَصریح الرّوایة إنّ هذه الرّوح تَتمتّع باستقلالیّة في الوجود -إضافة إلی روح الّتي نَفَخ تعالی في کافّة البشر- و قَهَرت مرتبة الملائکة المقرّبین تماماً، إذ قد صرّحت الآیة الشّریفة: «روحاً من أمرنا» أي روح خصّیص للنّبيّ فحسب -فلا تُضاهي أرواح البشر السّاذَجة-.

· فإمعاناً في کافّة الأدلّة المزبورة، سیَستبین لک أنّ روایات «ازدیاد علمهم من الله تعالی» قد رکَّزت علی جهات أخَر کاستئصال شبهة الألوهیّة من المعصوم و کافتقارهم إلی ربّهم و... بل وفقاً لظهور شتّی الرّوایات في حقّهم، إنّ التّزوید الإلهيّ یَستَهدِف تقویة روحهم القدسيّة و نورهم الإلهيّ، و ذلک نظیر مناجاتهم و أدعیَتهم حیث لا تَضرّ کمالَهم و لا تَمسّ عصمتَهم التّامّة، بل عبرَ نجواهم ستَترّقی مکانتُهم العلمیّة و المعنویّة -إلی الّلاحدود-.[18]

· و أمّا الآیة التّالیة: «و ما یَنطِق عن الهَوی إن هو إلّا وَحيٌ یوحَی»[19] فتَنعطِف علی الآیة السّالفة: «و کذلک أوحینا إلیک روحاً من أمرنا» فإنّه تعالی حینما أوحی إلیه الرّوح الخاصّة و النّور العظیم فبالتّالي ستُحسَب کافّة أقاویل المعصومین من نمط الوحي إذ قد عُجِنَت طِینَتُهم أزلیّاً بالنّور الإلهيّ و القوّة القدسیّة -منذ الأساس- بحیث أینَما یَتَّجهون و مهما یَتفوَّهون به فإنّما هو نفس اتّجاه الوحي بالضّبط فیُعدّ تشریعاً أصیلاً بلا تکثّر الوحي و الوسیط.

· و حسماً للحوار، إنّ شبهة المحقّق البروجرديّ ستَتلاشی ببرکة منهجة «التّشریع» إذ ستُصبح أوامرهم عینَ المولویّة و الموضوعیّة بلا إرشادیّة إطلاقاً، بینما وفقاً للمشهور -الإمام مبیّن فحسب- ستَظلّ «شبهة الإرشادیّة» راسخة.

------------------------
[1] بحار الأنوار: ج ٢٦ ص ٢٩ ح ٣٦، بلفظ: لقد علّمني رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ألفَ بابٍ يفتح كلُّ بابٍ ألفَ باب.
[2] مظفر محمد رضا. أصول الفقه (المظفر ج3. ص65 جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
[3] فإنّ إطاعة الرّسول قد تواجَدت سبعَ مرّات ضمن القرآن الکریم کالتّالي: سورة النّساء الآیة 59و80و64. و سورة المائدة الآیة 92. و سورة النّور الآیة 56. و سورة محمّد الآیة33. وسورة التّغابن الآیة 12.
[4] سورة النّساء الآیة 80.
[5] سورة آل عمران، الآیة التّالیة: 31.
[6] الشورى: ٥٢
[7] الكافي ٢٦٥/١.
[8] تفسیر البرهان، سورة القلم، ج5 ص455.
[9] ارشاد مفيد، ج ١، ص ٣٣.
[10] کلینی محمد بن یعقوب. الکافي (اسلامیه). Vol. 1. ص269-270 تهران - ایران: دار الکتب الإسلامیة.
[11] في بعض النسخ [برخصته].
[12] کلینی محمد بن یعقوب. الکافي (اسلامیه). Vol. 1. ص270 تهران - ایران: دار الکتب الإسلامیة.
[13] الشورى: ٥٢
[14] کلینی محمد بن یعقوب. الکافي (اسلامیه). Vol. 1. ص272 -273 تهران - ایران: دار الکتب الإسلامیة.
[15] نفس المصدر.
[16] سورة الشّعراء، الآیات: 192-194.
[17] نفس المصدر، و کذا ورد: «عَلِيُّ‌ بْنُ‌ إِبْرَاهِيمَ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ عِيسَى عَنْ‌ يُونُسَ‌ عَنْ‌ حُسَيْنِ‌ بْنِ‌ الْمُنْذِرِ عَنْ‌ عُمَرَ بْنِ‌ قَيْسٍ‌ عَنْ‌ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌ سَمِعْتُهُ‌ يَقُولُ‌: إِنَّ‌ اللَّهَ‌ تَبَارَكَ‌ وَ تَعَالَى لَمْ‌ يَدَعْ‌ شَيْئاً يَحْتَاجُ‌ إِلَيْهِ‌ الْأُمَّةُ‌ إِلاَّ أَنْزَلَهُ‌ فِي كِتَابِهِ‌ وَ بَيَّنَهُ‌ لِرَسُولِهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيهِ‌ وَ آلِهِ‌ وَ جَعَلَ‌ لِكُلِّ‌ شَيْ‌ءٍ‌ حَدّاً وَ جَعَلَ‌ عَلَيْهِ‌ دَلِيلاً يَدُلُّ‌ عَلَيْهِ‌ وَ جَعَلَ‌ عَلَى مَنْ‌ تَعَدَّى ذَلِكَ‌ الْحَدَّ حَدّاً» (الکافي (اسلامیه). Vol. 1. ص59 تهران، دار الکتب الإسلامیة.)
[18] حیث قد عبَّر سبحانه ضمن سورة المجادلة الآیة التّالیة: 11: یَرفع الله الذین آمنوا منکم و الذین أوتوا العلم درجات. فإنّ القدر المتیقّن من المؤمنین هم المعصومون علیهم السّلام بتّاً، و هذا الازدیاد و الارتفاع یُلائم مقام الله تعالی الذي لا حد.ود له، فإمکانه تعالی أن یَرفعهم إلی أعلی فالأعلی إذ لا تُتصوّر نهایة أبداً، حیث یقول تعالی عن لسان النبيّ الأکرم: و قل ربّ زدني علماً.
[19] سورة النّجم، الآیة 3و4.




الملصقات :


نظری ثبت نشده است .