موضوع: الجمل الخبریة فی مقام الانشاء
تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٧/٢١
شماره جلسه : ۱۲
خلاصة الدرس
-
إمحاء المعارَضات الواهِمات تجاه مقام «التّشریع»
الجلسات الاخرى
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۷
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
إمحاء المعارَضات الواهِمات تجاه مقام «التّشریع»
لقد أسلفنا أنّ میزة «التّشریع» قد تَناوَلت أدلّة مکثَّفَة -قرآنیّة و روائیّة- بینما البعض قد تکلَّف رفضَ منصب «التّشریع» متشبِّثاً بآیات قاصرات الدّلالات للمعارَضة، فاستدلّ بما یلي:
1. «ما ضَلَّ صاحِبُکم و ما غَوی و ما یَنطِق عن الهَوی إن هو إلّا وحيٌ یُوحَی»[1]
فقد تخیَّل المستشکل أنّ کافّة الأوامر الصّادرة عن النبيّ تُعدّ وحیاً مباشریّاً عن الله فهو مبلِّغ بحت، بینما:
· أوّلاً: قد ذَهل عن أنّ الکفّار المُعاندین حیث اتَّهموا النّبيّ «بالهوی» و «الضّلال» و «الغواء» و «ساحر» و «مجنون» و «کاهن» و... فمِن ثَمَّ قد نزلت هذه الآیات کي تُزیل خیالاتِهم -بأنّ نُطقه هویً بشريّ- إذن قد اتّضح أنّ هذه الآیات تُجیب إجابةً جدلیّة أمامَ اتّهاماتهم الهائلة، فبالتّالي لا تُلغي منصّة «التّشریع» أبداً.
· ثانیاً: -وفقاً لظهور الآیات السّابقة و اللاحقة- یَبدو جلیّاً أنّ الضّمیر -أي إن «هو» إلا وحي- یَنعطِف علی القرآن[2] لا إلی مجرّد نُطق النبيّ کما هو محتَمل أیضاً، و لهذا إنّ هذه الآیات قد تَحدّث عن النّطق القرآنيّ النّابع عن الوحي تماماً – فساکتة عن التّشریع-. فبالتّالي -وبقرینة «إن» و «إلا»- سنَستَنتج أنّ کافّة منطوقاته القرآنیّة المنزَّلة هي عین کلام الله تعالی و بلا تمایز إطلاقاً -بلا خدش بمسألة التّشریع-.
و العنصر الذي سیَدعم مقالتَنا -بأنّ الآیة لا تَضرِب مقام التّشریع- هو سبب نزول الآیة الوارد في حقّ ولایة أمیر المؤمنین علیه السّلام حیث قد سَرد «تفسیر البرهان» شأنَها قائلاً:
«حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: «لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَرَضَهُ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُ بَيْتِهِ وَ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَمَنْ لَنَا بَعْدَكَ، وَ مَنِ الْقَائِمُ فِينَا بِأَمْرِكَ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ بِجَوَابٍ، وَ سَكَتَ عَنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَعَادُوا عَلَيْهِ [الْقَوْلَ]، فَلَمْ يُجِبْهُمْ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا سَأَلُوهُ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَعَادُوا عَلَيْهِ، وَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَمَنْ لَنَا بَعْدَكَ، وَ مَنِ الْقَائِمُ فِينَا بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: إِذَا كَانَ غَدٌ هَبَطَ نَجْمٌ مِنَ السَّمَاءِ فِي دَارِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي، فَانْظُرُوا مَنْ هُوَ، فَهُوَ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي، وَ الْقَائِمُ فِيكُمْ بِأَمْرِي، وَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ هُوَ يَطْمَعُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنْتَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ جَلَسَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي حُجْرَتِهِ يَنْتَظِرُ هُبُوطَ النَّجْمِ، إِذْ انْقَضَّ نَجْمٌ مِنَ السَّمَاءِ، قَدْ غَلَبَ ضَوْؤُهُ عَلَى ضَوْءِ الدُّنْيَا حَتَّى وَقَعَ فِي حُجْرَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَهَاجَ الْقَوْمُ، وَ قَالُوا: لَقَدْ ضَلَّ هَذَا الرَّجُلُ وَ غَوَى، وَ مَا يَنْطِقُ فِي ابْنِ عَمِّهِ إِلَّا بِالْهَوَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى* ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى* وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ».[3]
فزُبدة الآیة في هذه الحالة، أنّها قد نصرَت النّبيّ -في موضوع التّکلم عن الله تعالی و عن ولایة الإمام و...- تحطیماً لشبهات الکفَرة فإنّهم قد استَنکفوا أساس النّبوّة و الوحي و... فتَصدّاهم الله تعالی عبرَ هذه الآیات المُشدِّدة علیهم فخاطَبهم قائلاً: «ما ضلَّ صاحبُکم».
أجل، عقیب ما أسلَم المرء للنّبوّة و الوحي و القرآن و المعاجز، ففي الدّرجة الثّانیة سیَتحتَّم علی عاتقه أن یُنفِّذ الآیة التّالیة: «و ما آتاکم الرّسول فخذوه و ما نهاکم عنه فانتهوا» فهذه الآیة هي التي ستُسجِّل لنا «القوّة التّشریعیّة الوسیعة» لأنّ الله تعالی قد استودَع رسولَه کافّةَ الملاکات و الأسرار الدّینیّة و -بل غیرها- ببرکة القوّة القدسیّة، بینما آیات سورة النّجم ق تعلَّقت بقَبل «ثبات النّبوة و القرآن للمخاطب» فإنّها قد واجَهت الکفّار النّاکرین ثمّ أجابتهم بإجابة جدالیّة مُسکِتة، مبیِّنةً أنّ الرّسول لیس کأمثالِکم -یَنطق بالهوی- بل کافّة یَنابیع مقالاته -علی فرض عود الضّمیر إلی النّطق- نابعة عن الله تعالی عبرَ الوحي.
2. لقد لَملَم المستشکِل آیات أخَر -قاصرات الدّلالة- کالتّالي:
Ø «فإن أعرَضُوا فما أرسلناکَ علیهم حفیظاً (أي حارساً و محافظاً) إن عَلیکَ إلا البَلاغ»[4]
Ø «و إن تُکذِّبوا فقد کَذَّب أممٌ من قَبلکُم و ما علَی الرّسول إلّا البَلاغ المُبین»[5]
Ø «ما علی الرّسول إلا البلاغ»[6]
و الإجابة الصّارمة هي:
· أوّلاً: إنّ الآیات بأسرها، تَحول حول «الإبلاغ عن الوحي القرآنيّ» بحیث تَستوجِب علی الرّسول أن یوصل العناصر الاعتقادیّة العامّة للنّاس کالتّوحید و النّبوّة و الولایة و المعاد، فلا تَتحدّث حول التّشریع والتّبدیل في الأحکام الفرعیّة -التي هي مدار الصّراع- فبالتّالي إنّها تُشجِّع الرّسول علی إبلاغ مُهمَّته الأساسیّة رغم التّکذیبات و السّخریات و... و لهذا إنّ سیاقها الظّاهر لا یَتعرَّض لمقام التّشریع بل ساکت عنه، و من جهة أخری أیضاً لا تُسجِّل أنّ الرّسول مبلِّغ فحسب -نظراً للحصر الإضافيّ- بل قد صَدرت هذه الآیات قبالَ هَجمات العدوّ و تکذیباته.
· ثانیاً: قد استَذکرنا لِلتَّوّ، أنّ أمثال هذه الآیات قد تَکفَّلت تشریح عنصرَيِ «التّوحید و النّبوّة» -أي ترسیخ الاعتقادات البدائیّة- بینما النزاع حول «التّشریع» یَتأتّی في المرحلة الثّانیة -أي قبول النّبوّة- و التي نَتحدّث فیها حول تشریعات الأحکام الفرعیّة من جانب النبيّ، و لهذا إنّ مرتبة الآیات المذکورة تَتفاوت تماماً عن الآیة التّالیة: «ما آتاکم الرّسول فخذوه» فهذه متأخّرة عن تلک الطّائفة.[7]
3. «إنّه لَقَولُ رسول کریمٍ * و ما هو بقول شاعر، قلیلاً مّا تُؤمنون * و لا بقول کاهنٍ، قلیلاً مّا تذکّرون * تنزیلٌ من رَبّ العالَمین * و لو تَقوَّل علینا بعضَ الأقاویل * لَأَخذنا منه بالیَمین * ثُمَّ لَقطَعنا منه الوَتین»[8]
لقد تَشبَّث المستشکل بالفقرة: «تقوَّل علینا بعض الأقاویل» زاعماً أنّ میزة «التّشریع» من نمط «التّقوّل» علی الله، و لکنّه قد جَهِل أنّ مغزی «التّقوّل» هو أن تَنسِب شیئاً إلی الله تعالی زیفاً و افتراءً و بلا واقع قرآنيّ و وحيّ سمائيّ، بینما الرّسول الأکرم قد نالَ قِمّة العلوم الإلهیّة و الملاکات الدّینیّة فتأهَّل إلی امتلاک «القوّة القدسیّة مؤیَّدة بروح القدس الخاصّة بالأنبیاء و الأوصیاء» -وفقاً لتَنصیص الرّوایات السّالفة-.
أجل، أحیاناً نُشاهد أنّ الرّسول کان یَنتظر الوحي فلا یُجیب، إلا أنّه صلی الله علیه و آله کان یَتعمّد ذلک، کي لا یَتصوّر أحد أبداً -غیر المسلمین- أنّ منطوقاتِه تَصدُر من تِلقاء نفسه و عبرَ هویً بشريّ.
4. «و إذا تُتلَی علیهم آیاتُنا بیِّناتٍ قالَ الّذینَ لا یَرجُون لِقائَنا ائتِ بقرآنٍ غیرِ هذا أو بَدِّله، قل ما یکون لي أن أبدِّلَه من تلقاء نفسي، إن أتَّبع إلّا ما یُوحَی إليَّ، إنّي أخافُ إن عَصیتُ رَبِّي عذابَ یوم عظیم»[9]
لقد اتَّخذ المعترِض فِقرة «قل ما یکون لي أن أبدِّلَه من تلقاء نفسي، إن أتَّبع إلّا ما یُوحَی إليَّ» بأنّ النّبيّ یَفتقد التَشریع، بینما قد سها أنّ الآیة الشّریفة تَتعلَّق بالوحي القرآنيّ -وفقاً لتَنصیص الآیة- فإنّ القرآن الکریم مقصور علی الوحي فحسب بحیث لا یُتاح للنّبيّ الأکرم أن یَتصرّف فیه و أن یَستبدله إطلاقاً، فبالتّالي، لا صلة لهذه الآیات العَقَدیّة بتشریع الأحکام الفرعیّة، إذ التّشریعات الفقهیّة لا تَرتهِن علی الوحي -وفقاً لما قَصصناه مسبقاً-.
---------------------
[1] سورة النّجم، الآیات 2-4.[2] أي أنّ نُطقه القرآنيّ قد صدر عن الوحي فلا تَنسبوا إلی النبيّ: الغواءَ و الضّلال و شتّی العناوین المنحطّة و السّخیفة.
[3] البرهان في تفسير القرآن، ج5، ص: 187
[4] سورة الشّوری، الآیة 48.
[5] سورة العنکبوت، الآیة: 18.
[6] سورة المائدة، الآیة 99.
[7] فإنّ سیاق الآیات المذکورة و ظهورها الجلّيّ هو حول المعتقَدات الأساسیّة للدّین لا مسألة تشریع النّبيّ الفرعيّ، ولهذا قد استَخدَمت الألفاظ التّالیة: «فإن أعرضوا» أو «فقد کذّب» أي قد استَنکفوا عن التّوحید و النّبوّة و التّبلیغ و سائر الأسُس الدّینیّة، فلا تَتحدّث حول الأحکام و الفروعات نهائیّاً و لا تَستنکر التّشریع إطلاقاً، و دعماً لهذه الإجابة، لاحظ أنّ هذه الآیات قد تَصدَّت لهَدم أفکارهم الزّائفة و اتّهاماتهم و سُخریّاتهم الشّاسعة، فأجابتهم بهذه الطّریقة، فبالتّالي إنّها لیست في مقام تبیین شتّی جوانب وظائف النّبيّ کي نَستَنتج أنّها تَرفُض مقام التّشریع.کلا.
[8] سورة الحاقّة، الآیات 40-46.
[9] سورة یونس، الآیة 15.
نظری ثبت نشده است .