درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٢/٢٢


شماره جلسه : ۸۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تجزِئة الأحکام إلی المولویة و الإرشادیة

  • التّمایزات الرّئیسیّة ما بین الأحکام المولويّة و الإرشاديّة

  • مقارَنة المولویة و الإرشادیة مع مختلَف المباني الأصولیّة

  • تعزیز مُعتقدنا بمقالة المحقّق الهمدانيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

تجزِئة الأحکام إلی المولویة و الإرشادیة

لقد بسطنا کافّة الأنظار المتوفّرة حول "الموضوع له لصیغة الأمر" فمن الضّروري أن نَدرس شقوق الحکم الشّرعي النابع من أوامر المولی، فإنّ المشهور قد شَعّب الحکم إلی شُعبتین:

· الحکم المولويّ نظیر أقیموا الصلاة.

· و الحکم الإرشاديّ نظیر أطیعوا الله.

ثمّ بدا التّسائل التّالي: ما هي علاقة صیغة الأمر مع هذه الأحکام؟

1. فاعتقد البعض بأن استخدام الصیغة یُعدّ أوسعَ نطاق من المولویة و الإرشادیة -الأعمّ و الأخصّ المطلق- بحیث إنّ الآمِر بإمکانه أن یَستخدم الصیغة في کلیهما بأن یَتّخذ المعنی الجامعَ للصیغة -کمطلق الأمریّة- کي یشملَهما معاً.

2. بینما البعض قد خَصّ الأوامرَ بالمولویة فحسب.

3. بینما المشهور و المحقّق الآخوند قد رفضوا أساسَ تقسیم الحکم إلی المولویة و الإرشادیّة نهائیّاً، إذ هذا التّشقیق لا یرتبط بمبحث "الموضوع له لصیغة الأمر" فإنّ الصیغة قد وضعت للطلب الحقیقيّ بینما استعمالها بداعي -وفقاً للکفایة- أو بمعنی -وفقاً للمشهور- غیر الطلب الحقیقيّ کالإرشادیّة یُعدّ استعمالاً مجازيّاً تماماً -فالمحور هو مبنی الأصوليّ في وضع الصیغة- فلو طلب منّا المولی إیجاد الفعل خارجاً بلحاظ مولویّته لأصبح مولویّاً، بینما لو أرشدنا المولی إلی مصلحة عمل محدّد نظیر «أطیعوا الله و الرسول» أو إلی مفسدته نظیر «نهی النبي عن الغرر» و «لا تصلّ في وبر ما لا یؤکل لحمه» لأصبح إرشاده إخباراً عن تلک المصالح و المفاسد المکتومة -لیس أکثر- فإنّ المولی لم یُزوِّد علی إنشائه الخارجيّ -أطِع- طلبیّةً زائدة و لهذا لا یَترتّب أيّ ثواب أو عقاب في الإرشادیات إذ تُعدّ محضَ إنباء عن أسرار العمل المُخبَّأة من دون إعمال مولویّة فائقة علی المکلّف نظیر الإرشاد إلی الشرطیة أو المانعیة أو الجزئیة، فلا تُعدّ الإرشادیّة مطلوب الآمِر به تَنفیذُها بصلاح العامل بحیث له الرّشاد لو عمل بالإرشاد، بینما الأمر المولوي یَتمیّز بمِیزة أته یقع مطلوب المولی بضمّ ثواب و عقاب.
 
التّمایزات الرّئیسیّة ما بین الأحکام المولويّة و الإرشاديّة
إنّا لازِلنا نَتدارس أبعادَ هذه الأحکام من مِنظار المشهور و المحقّق الآخوند، فإنّ المائز الأساسيّ هو:

1. أن الأمر الصّادر بلون المولویّة الشّرعیة و الطّلبیّة معاً یَندرج ضمن الأحکام المولویة، بینما الأمر الصّادر بلون الإخبار و بلا طلب حقیقيّ للآمِر سیَندرج ضمن الأحکام الإرشادیّة لأنّها تُخبِر المکلّف عن المصالح و المفاسد المستودعة في العمل المحدّد و لهذا لا تُعدّ مطلوب المولی إطلاقاً.

2. و في اتّجاههما سیتّضح أنّ الإرشادیة لا تُرتّب الثّواب و العقاب أساساً لأنّها عدیمة المولویّة و الطّلبیّة، إلا أنّ المکلف لو شاء الحصول علی المصلحة الواقعیّة و التّنحيَ عن المفسدة الواقعیّة فعلیه أن یُنفّذ تلک کالأوامر، و لهذا لا یَتوفّر أيّ بعث و تحریک تجاه الإرشادیّات -أطیعوا الله و الرسول- بینما المولویّاتُ تَتمیّز بالبعث و الإرسال و الإیقاع و الطلب خارجاً -أقیموا الصلاة- لأنّها مطلوبة المولی مع آثارها الأخرویّة و الدّنیویّة.

3. بالرّغم من أن العبد لا یُدرک أيّ ملاک في المولویّة و لکن سیَتحتّم علیه إجراءُ مُتطلّبات المولی حصولاً للثواب و درأً للعقاب لأنّهما من لوازم المولویّة، بینما العبد سیُنفّذ الأوامر الإرشادیة خِصّیصاً لاکتساب الملاکات المَخبوئة و لصالح نفسه لا لأجل مولویّة المولی -نظیر أوامر الطبیب-
 
مقارَنة المولویة و الإرشادیة مع مختلَف المباني الأصولیّة
فبالتّالي إنّ القُدامی -و حتّی الکفایة- یَرون أنّ الأمر الإرشادي مجازيٌ و بالطّبع سیُصبح صوريّاً تماماً إذ لم یَتحقّق الموضوع له -الطلب الحقیقي أو الإنشائيّ- في الإرشادیّات الإخباریّة فإنّ حقیقة الإرشاد تَتمثّل في الحکایة و الإخبار عن الملاک -أي الأمر بداعي الإخبار-.

و أما وفقاً للمحقّقین النّائیني – النّسبة الإیقاعیّة- و العراقي -الإرسالیّة- و صاحب المنتقی -الطلبیّة- و السید الحکیم -التّکوینیة الادعائیّة- فلا تَتحقّق أيةُ نسبة في الإرشادیة إذ المتکلم الآمِر لم یوقِع و لم یُرسل و لم یُکوّن و لم یَطلب أيّ عنصر من المخاطب کي تتولّد تلک النِسَب إطلاقاً.

و لکنّ الأنیق ضمن هذه المباني أنّه وفقاً لمعتقدنا و للمحقّقین الحائري و الرّشتي -و السید محمد رضا الگلپایگاني- ستَنسجم الحکایة مع الأوامر الإرشادیّة إذ الإنشائیّات -سواء المولویة أو الإرشادیة- تعدّ حکایات في الحقیقة، فلا نَتورّط في المجازیّة بل الصیغ قد استخدمت في موضوعها و موطِنها المتأصِّل -الحکایة- فالأمر ب"أطیعوا الرسول" لیس مطلوباً بلون المولویّة بل یعدّ حکایة عن إرشاد المولی، بینما "أقیموا الصلاة" یُعدّ حکایة عن مولویّة المولی في المتعلّق.

فبالتّالي نعتقد بأنّ عنصرَيِ "المولویة و الإرشادیة" هما من أقسام الحکم -لا من شقوق الأمر- بحیث لو حَکم الشّارع بحکم محدّد معتبراً علی ذمّة المکلّف لانشقَّ إلی مولوي أو ارشادي، و لهذا لا صِلة لهما بالصیغة و نوعیّة المعاني.

تعزیز مُعتقدنا بمقالة المحقّق الهمدانيّ
إنّ صاحب المنتقی قد نقلَ لنا مقالة المحقّق الهمدانيّ -حیث إنّه أیضاً قد أوحَد ما بین المولویة و الإرشادیة في الموضوع له- قائلاً:

«و إذا تبين ان جميع هذه الأمور لا تصلح للداعوية ما عدا الاستهزاء - على إشكال فيه - فلا وجه لأن يقال: ان الصيغة هنا مستعملة في معناها، و لكن لا بداعي البعث و التحريك بل بداع آخر.

فالأولى ان يقال في هذه الموارد: ان الصيغة مستعملة فيها في معناها الحقيقي و بداعي البعث و التحريك، إلا ان موضوع التكليف مقيد، فالتكليف وارد على الموضوع الخاصّ لا مطلق المكلف (کتب علیکم الصیام و أقیموا الصلاة فإنهما لمطلق المکلف) ففي مورد التعجيز يكون التكليف الحقيقي معلقاً على قدرة المكلف بناء على ادعائه، فيقال له في الحقيقة: «ان كنت قادرا على ذلك فأت به» فحيث انه لا يستطيع ذلك و لا يقدر عليه لا يكون مكلّفاً (فرغم وجود البعث و لکنه عاجز عن التکلیف) لا بلحاظ عدم كون التكليف حقيقياً (بأنه مجاز کما قاله القدامی و لا وفقَ الآخوند القائل بداعي التعجیز) بل بلحاظ انكشاف عدم توفر شرط التكليف فيه و عدم كونه مصداقا لموضوع الحكم، فموضوع الحكم هاهنا هو القادر (علی ذلک الموضوع المحدّد) لا مطلق المكلف، و هكذا يقال في التهديد فان الحكم فيه مشروط بمخالفة الأمر في مكروهة و ما لا يرضى بفعله و عدم الخوف من عقابه، فيقول له: «افعل هذا إذا كنت لا تخاف من العقاب و مصرا على فعل المكروه عندي»، فالموضوع خاص في المقام، و هكذا الكلام في البواقي.

و مثل هذا (البعث إلی الموضوع الخاص) يقال في الأوامر الواردة في أجزاء الصلاة، فان المشهور على انها أوامرُ إرشادية تتكفّل الإرشادَ إلى جزئية السورة مثلا و غيرها (فتُرشدنا إلی المصلحة المتوفّرة في العمل الخاص لا إلی مطلق التکلیف)».[1]

و من ثَمّ قد استعرضَ مقالةَ المحقّق الهمداني قائلاً:

«و لكن للفقيه الهمداني تحقيق فيها لا بأس فيه و هو: انها (إرشادیة) أوامر مولوية حقيقيّة (ففیها أیضاً البعث) إلا انها واردة على موضوع خاص، و هو من يريد الإتيان بالمركب الصلاتي كاملاً و على وجهه، فكأنه قيل لهذا الشخص: «ائت بالسورة» (ففیه الطلب و البعث إلی السورة و لکنه عمل خاص بأن لو أردت تکمیل الصلاة فقرأ السورة ضمنها أیضاً) فمن لا يريد ذلك لا يكلّف بهذا التكليف، فالامر مولوي لكن موضوعه خاص[2].

و المتحصل: انه إذا أمكن الالتزام بان الصيغة في هذه الموارد مستعملة في النسبة بداعي البعث و التحريك جدا، فلا وجه لتكلف جهة أخرى في حل الإشكال في هذه الموارد، كما تصدى لذلك صاحب الكفاية».[3]

و لکنّا قد استحضرنا نصَّ حوار المحقّق الهمدانيّ إمعاناً في بیاناته، حیث یَبتدأ قائلاً:

«فنقول: هذا القسم من الطلب هو في حدّ ذاته إلزاميّ‌، و لكن لا دلالة فيه على كون المطلوب لازما لدى المولى، فإنّ‌ هذا شيء خارج عن مدلول الصيغة، و إنّما مدلوله إلزام العبد به، أي طلبه منه على سبيل التنجيز، فيجب على العبد بحكم العقل الإتيان به، إلاّ أن يدلّ‌ دليل عقليّ‌ أو نقليّ‌ على عدم لزومه لدى المولى، و أنّه لا يؤاخذه على مخالفته.

و الحاصل: أنّ‌ الأوامر -التي يستفاد منها وجوب الفعل أو استحبابه- على قسمين: إرشاديّ‌ و مولويّ‌.

أمّا الإرشاديّ‌: فهو ما كان مسوقا لبيان لزوم الفعل أو ندبه لا بلحاظ كونه مطلوبا بهذا الطلب، بل من حيث هو بلحاظ المصلحة الكامنة فيه دنيويّة كانت أم أخرويّة، و هذا هو المنساق إلى الذهن من الأوامر المعلّلة بما يترتّب على متعلّقاتها من المصلحة، كما في قولك: «أسلم حتى تدخل الجنّة» و الأوامرُ الصادرة على سبيل الوعظ و الإرشاد و الحثّ‌ على الخروج عن عهدة التكاليف، و الأوامر المسوقة لبيان كيفيّة الأعمال من العبادات و المعاملات، و الأوامر الواردة في المستحبّات لا يبعد أن يكون أغلبها من هذا القسم، و لا تأمّل في أنّ‌ إرادة هذا المعنى (إرشاد إلی المصلحة) من صيغة «افعل» خلاف ما يقتضيه وَضعُه (للطلب).

و أمّا المولويّ‌: فهو ما كان الغرض منه بعث المأمور على الفعل، كما في قول الوالد لولده أو السيّد لعبده: «ناولني الماء» عند إرادة شربه، و هذا القسم هو محلّ‌ كلامنا، كما أنّه هو المتبادر من صيغة «افعل»

فنقول: إذا كان مقصود المولى من قوله لعبده: «اشتر الخبز و الجبن و البصل» مثلا: بعثه على شراء هذه الأشياء و إحضارها لديه، فلا نعقل فرقا فيما يريده من لفظه بين أن يكون بعض هذه الأشياء أو جميعها غير مهمّ‌ لديه بحيث لا يؤاخذه على مخالفته، أو كون جميعها مهمّا لديه، سواء طلب الجميع بأمر واحد أو بأوامر متعدّدة، فإنّ‌ مراده بلفظه على جميع التقادير ليس إلاّ بعثه على الفعل الذي تعلّق به طلبه، و صدق هذا المعنى - أي إرادة إيجاد المتعلّق في الجميع على سبيل التواطؤ و التشكيك - إنّما هو فيما بعثه على الطلب، أي المصلحة التي أحرزها في الفعل و دعته إلى الأمر بإيجاده، و بعد أن دعته المصلحة إلى الأمر بالإيجاد فلا نرى حينئذ تفاوتا فيما يريده بقوله: «اشتر» إلاّ أنّ‌ تلك المصلحة الباعثة له على الطلب قد لا تكون لديه لازمة التحصيل، فيبيّن ذلك لعبده بقرينة منفصلة، فيقول مثلا: «البصل الذي أمرتك به ليس بواجب» فيعلم من ذلك أنّ‌ أمره المتعلّق به كان على جهة الاستحباب، لا أنّ‌ مراده بتلك العبارة كان معنى غير ما فهمه من كلامه».[4]

---------------------
[1] روحانی محمد. 1413. منتقی الأصول. Vol. 1. ص398 قم - ایران: دفتر آيت الله سيد محمد حسينی روحانی.
[2] الهمداني الفقيه آغا رضا. مصباح الفقيه - ١٣٣ كتاب الصلاة - الطبعة الأولى.
[3] نفس المصدر المسبق.
[4] همدانی رضا بن محمد هادی. 1376. مصباح الفقیه. Vol. 10. ص282 قم - ایران: المؤسسة الجعفرية لاحياء التراث.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .