درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٢/٢٤


شماره جلسه : ۹۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • مواصلَة الحوار حول المولویة و الإرشادیة

  • اعتراضیّة تجاه صاحب المنتقی

  • ملاحظات تجاه المحقّق الهمدانيّ

  • ردیّةٌ تجاه مقالة الأصولیّین

  • تعلیقةٌ مکمِّلَة لضابطة المحقّق العراقيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

مواصلَة الحوار حول المولویة و الإرشادیة
لازلنا نُواصل مقالةَ المحقّق الهمدانيّ حیث قد میّز ما بین المولوي و الإرشاديّ بدقّة فائقة بأنّ المطلوبیّة:

1. لو نبعت لأجل تعلق الأمر الشرعيّ بها بحیث تُعدّ العلة التامة للمطلوبیّة هو أمر المولی، لأصبحت المطلوبیّة عندئذ مولویّة تماماً.

2. لو استُودعت منذ القدیم في نفس العمل -حتّی و إن انعدم أمر المولی- بحیث تُعدّ المصلحة من ذاتیّات العمل لدی العقل أو العقلاء، لأصبحت المطلوبیّة وقتئذ إرشادیّة إذ مُستغنیة عن أمر المولی فتوفّر فیها ملاک الإرشادیّة بالکامل، و ذلک نظیر الأوامر المعلّلة الحاکیة عن المصلحة الذاتیة في الفعل، و الأوامرِ المبیّنة للأجزاء و الشرائط، و الأوامرِ الواعظة، و الأوامر المستحبّة، و الأوامر الاحتیاطیة.

بینما المشهور قد فکّک بینهما عن طریق الآثار بحیث لو رتّب المولی الثّواب و العقاب علی أمره لاستَنبطنا أنّه مولويّ حتماً و إلا فإرشاديّ، فبالتّالي إن المشهور قد فَسّروهما بعنصرین -الثواب و العقاب- خارجین عن ماهیّة المولویة و الإرشادیةإذ الثواب و العقاب یُعدّان من لوازمهما.

و لکن المحقّق الهمدانيّ قد فکّک بینهما بلحاظ ذاتَیهما لا آثارهما.

اعتراضیّة تجاه صاحب المنتقی
و نَعترض علی صاحب المنتقی حیث لم یَستوعب جیّداً مغزی مقالة المحقّق الهمدانيّ فلم یُقرّرها علی واقعها إذ قد فسّرها قائلاً:

«و لكن للفقيه الهمداني تحقيق فيها لا بأس فيه و هو: انها (إرشادیة) أوامر مولوية حقيقيّة (ففیها أیضاً البعث) إلا انها واردة على موضوع خاص، و هو من يريد الإتيان بالمركب الصلاتي كاملاً و على وجهه، فكأنه قيل لهذا الشخص: «ائت بالسورة» (ففیه الطلب و البعث إلی السورة و لکنه عمل خاص بأن لو أردت تکمیل الصلاة فقرأ السورة ضمنها أیضاً) فمن لا يريد ذلك لا يكلّف بهذا التكليف، فالامر مولوي لكن موضوعه خاص».[1]

بینما قد استحضرنا مقالة المحقّق الهمداني لِلتَّوّ فإنّه لم یَتفوّه بهذه المطلب إطلاقاً حیث لم یَتحدّث حول الموضوع الخاصّ و المکلّف الخاص -و أنّ المولی لم یُکلّف کافّة المکلّفین بل حدّد التکلیف لمن یُصمّم امتثال المرکّب التامّ الصلاتيّ فهو المکلف الخاصّ- و لا ندري من أین جاء بهذه المَحامل فإنّها لا تُستفاد من کلمات المحقّق الهمداني نهائیّاً.

ملاحظات تجاه المحقّق الهمدانيّ
و بالرّغم من جَودة مقالة المحقّق الهمداني إجمالاً إلا أنّا نَعترض علیه:

1. أولاً: لا نَمتلک ضابطاً عامّاً بأنّ کافّة الإرشاديّات تَتمتّع بمصلحة ذاتیّة کامنة في العمل -بغضّ النظر عن أمر المولی- فإنّ "وجوب التعلّم" لو افترضناه إرشاديّاً نظراً لطریقیّته إلی امتثال العمل -وفقاً للمحقق العراقيّ و الخمینيّ- لَما استتبع وجود مصلحة ذاتیّة في ذات العمل، إذ:

- نَمتلک نَماذج وافرةً -إرشادیة و بلا أمر للمولی- لم تَتحقّق المطلوبیّة الذاتیّة في ذات العمل نظیر التّعلم فإنّ آیة النفر[2] هي التي قد حثَّتنا نحوَ التّفقّه فلولاها لَما استَوعَبنا المطلوبیّة إطلاقاً.

- و في الجهة المقابلة نَمتلک أیضاً نَماذجَ عِدّة قد توفّرت المطلوبیّة الذاتیة في الفعل و لکنّها مولویّة أیضاً کالعدالة فإنّ الله تعالی -رغم إدراک العقل لحسنها- قد أعمَل مولویَّته حین الأمر أیضاً حیث أعلن قائلاً: «إنّ الله یأمر بالعدل و الإحسان و إیتاء ذي القربی»[3] و قد أشرَب مولویّتَه في حقل آخر أیضاً قائلاً: «اعدوا هو أقرب للتقوی».[4]

أجل من اعتقد بأنّ التّعلم واجب أو مستحبّ شرعيّ -نظراً لامتلاکه أمراً مولويّاً بحیث إنّ إهمال التعلم و التفقه یُعدّ محرّماً- لَخرج هذا المورد عن محل النّزاع –و قد آلَ تحقیقُنا مسبقاً بأنّ التعلم مستحبّ نفسيّ-.

فبالتّالي إنّا لم نَتحصّل علی ضابط عامّ بأنّ کافّة الإرشادیّات قد نالت المصلحة الذاتیة في نفس الفعل، نعم إنّ مسألة "إطاعة الله" قد زُرعت فیها المصلحة الذاتیة المکنونة -لتواجد القرینة علیها- فأرشدنا إلیها المولی و أخبرنا بها.

2. ثانیاً: لقد صرّح المحقّق الهمدانيّ بأنّ الأوامر المعلَّلة تعدّ إرشادیةً بأکملها، بینما نلاحظ علیه بأنّ محض ذکر العلة العقلائیة أو العقلیة -لعلکم تتّقون- لا یُنجِبُ الإرشادیة المحضة فحسب إذ بإمکان المولی أن یُعمِل مولویّتَه ضمن الأوامر الإرشادیّة أیضاً و یُلبِسها ثوب الأمر الموليّ أیضاً بحیث لا یُعدّ إخباراً و إرشاداً بحتاً فحسب، و ذلک نظیر:

- إعمال المولویة في عدالة القاضي حیث لو أغفَل القاضي العدالةَ لسَقط عن منصَبه القضائيّ إذ المولی قد أضاف المولویة في آثار العدالة أیضاً -إضافة علی وجوبها العقليّ- و رتّبَ العقاب علی إهمال العدالة و کذا قد رتّب المَثوبة لو أدّها تماماً، و هذا النّموذج یُعدّ أجلی دلیل علی إمکانیّة ولوج المولویة في الإرشادیّة.

- أمر الوالد لولده بشرب الدّواء فرغم أنّ الولدَ یَعي لزومَ شرب الدّواء عقلاً -إذ العلاج من المستقلات العقلیّة- إلا أنّ الوالد بواسطة ولایته سیَتدخّل هنا کي یُرغِمه علی الشرب و یؤکّد الملاک اللزوميّ بدرجة أنّه لو عصی لأدّبه أیضاً -إضافة إلی تضرّره بترک الدّواء تکوینیّاً-.

و من المستغرب أن صاحب المنتقی -الذي قد طرح مقالة المحقّق الهمدانيّ- لم یُرکّز علی هذه النّقاط و لم یُشر إلی الفَوارق نهائیّاً.

ردیّةٌ تجاه مقالة الأصولیّین
لقد اتّضح أنّ بإمکان المولی أن یُدرج مولویّته ضمن الأوامر الإرشادیّة أیضاً نظیر العدالة و وجوب التّعلم و... و ببرکة هذا النّمط من التّفکیر ستَتلألأ إشکالیة مقالة کثیر من الأصولیّین حیث قد فکّکوا ما بین المولویّة و الإرشادیّة بأنّ أمر المولی:

- لو تعلّق بالمستقلات العقلیة لأصبح إرشاديّاً نظیر قبح الظّلم و حسن العدالة.

- و لو تعلّق بغیر المستقلات لانصبَغ صِبغة المولویّة.

بینما قد أکّدنا لِلتّوّ بأنّ الظلم و العدالة حتّی ولو اندرجا ضمن المستقلات إلا أنّه یُتاح للمولی أن یُشرب مولویّتَه فیها أیضاً فیُحرّضَ المکلّف -و یؤکّد الملاک- علی حرمةِ الظلم و الکذب و وجوب العدالة -رغم توفّر الإدراک العقلي للملاک تماماً- لکي یُرتّب علیهما العقاب الأخرويّ أیضاً، و لا ضیر في ذلک إطلاقاً، إذ مِحورُ الأوامر الشّرعیّة یحول حول کیفیّة إعمال المولی تجاه شریعته، فاندراج بعض العناوین -کالظلم و العدل- ضمن المستقلات لا یَکبَح المولی کي یُضیف مولویّته إلیها أیضاً بل هو معقول ثبوتاً و إثباتاً، بینما أغلبیّة الأصولیّین کالمحقّق الهمداني قد حذفوا العقاب الأخرويّ منهما -وفقاً لتصریحه آنفاً-.

فبالتّالي لا یُعدّ کلُّ مستقلّ عقليّ إرشادیّاً محضاً و کذا لا یُعدّ کلُّ غیر مستقلّ عقليّ مولویّاً فحسب إذ لم یَتوفّر ضابط کليّ ضمن الشریعة، و دعماً لمُعتقدنا قد صرّح المحقّق الخوئي أیضاً بأنّ الأصل الأوليّ هو أنّ کلّ أمر وارد سیُحمل علی المولویّة إلا لو استَتبع الاستحالة نظیر "أطیعوا الله" -حیث نظراً لاستحالة الدّور قد ضَممناه ضمن الإرشادیّات- و لکن لا تَستحیل المولویّة في قوله تعالی «إنّ الله یأمر بالعدل».

تعلیقةٌ مکمِّلَة لضابطة المحقّق العراقيّ
إنّ بعض خُبراء الأصول -نظیر المحقّق العراقيّ- قد میّز ما بین المولویة و الإرشادیة بإبداعة بارِعة قائلاً:

«إنّ إحدی الممیِّزات الرّئیسیّة ما بینهما هي أنّ الأحکام المولویّة ربما یَعتریها الخطأ بحیث سیَلتبس علی الفقیه بأنّ هذا الحکم هل هو وجوبيّ أم استحبابيّ؟ بینما الأوامر الإرشادیة لا یتطرّقُها الخطأ نهائیّاً إذ تُعدّ مُشرقةً لدی الجمیع -کحسن العدل و قبح الظلم- و واقعیّةً حتماً و بلا شِجار.»

و نُعلّق علیه بأنّ سرّ هذا التّشقیق یعود إلی أنّ المستقلات العقلیّة نزیهةٌ عن الاشتباهات تماماً لبَداهتها بینما غیر المستقلات قد تَتعرّض للأخطاء، و هذه نقطة جلیّة تماماً.[5]

-----------------------
[1] الهمداني الفقيه آغا رضا. مصباح الفقيه - ١٣٣ كتاب الصلاة - الطبعة الأولى.
[2] و ما کان المؤمنون لینفروا کافة، فلولا نفر من کل فرقة منهم طائفة لیتفقّهوا في الدین و لینذروا قومهم إذا رجعوا إلیهم لعلهم یحذرون. (سورة التوبة الآیة 122)
[3] سورة النحل الآیة 90.
[4] سورة المائدة الآیة 8.
[5] و لکن نلاحظ علیه بأن الأستاذ قد اتّخذ مبنی المحقق الحائري و الرّشتي بأن کافة الصیغ حاکیة و إخباریة و إبرازیة، فعلی أساسه لا یتفاوت الأمر المولوي عن الأمر الإرشاديّ أبداً إذ المتکلم یُنبأ عن الحقائق أو الإرادات، فسواء أعمل المولویة أم أرشدنا فبالتّالي یعدّ حکایة عن مولویته و حکایة عن إرشادیته إلی المنافع، لیس أکثر.
بل وفقاً لمبنی الأستاذ لا طلب في الصیغة أساساً لأن الصیغ قد وضعت للحکایة سواء في المولویة أم الإرشادیة، فیَتحتّم أن یُقرّرهما بأن المولی إما یحکي عن المولویة أو یحکي عن المنافع الدنیویة و یُنبأ عن الحقائق المرادة أو الوقائق الخارجیّة.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .