درس بعد

المواسعة و المضایقة

درس قبل

المواسعة و المضایقة

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة قضاء (المواسعه و المضایقه)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/١٠/١٨


شماره جلسه : ۵۴

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • التّدقیق الحَريّ في الرّوایات المزعومة في سهو النّبيّ

  • لَملَمة الإجابات لزَعزعة هاتِ الرّوایات الموهومات

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين

التّدقیق الحَريّ في الرّوایات المزعومة في سهو النّبيّ

و بعدما حشَرنا کافّة البَراهین النّقلیّة و العقلیّة لإمحاق شبهة «سهو النبّيّ و إسهائه» هدماً لمُعتقَد بعض الأجلّاء، فسنَتکفَّل الآن الهُجوم علی «مَرویّات» سهو النّبيّ بالنّحو التّالي:

1. «بَابُ‌ مَنْ‌ تَكَلَّمَ‌ فِي صَلاَتِهِ‌ أَوِ انْصَرَفَ‌ قَبْلَ‌ أَنْ‌ يُتِمَّهَا أَوْ يَقُومُ‌ فِي مَوْضِعِ‌ الْجُلُوسِ‌: مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ عِيسَى عَنْ‌ عُثْمَانَ‌ بْنِ‌ عِيسَى عَنْ‌ سَمَاعَةَ‌ بْنِ‌ مِهْرَانَ‌ قَالَ‌ قَالَ‌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: مَنْ‌ حَفِظَ سَهْوَهُ‌ (فتأمَّلَ ثُمَّ حَلَّه) فَأَتَمَّهُ‌ فَلَيْسَ‌ عَلَيْهِ‌ سَجْدَتَا السَّهْوِ، فَإِنَّ‌ رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ صَلَّى بِالنَّاسِ‌ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ‌ ثُمَّ‌ سَهَا فَسَلَّمَ‌ فَقَالَ‌ لَهُ‌ ذُو الشِّمَالَيْنِ‌: يَا رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ أَنَزَلَ‌ فِي الصَّلاَةِ‌ شَيْ‌ءٌ‌ فَقَالَ‌: وَ مَا ذَاكَ‌ قَالَ‌: إِنَّمَا صَلَّيْتَ‌ رَكْعَتَيْنِ‌ فَقَالَ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌: أَتَقُولُونَ‌ مِثْلَ‌ قَوْلِهِ‌ قَالُوا: نَعَمْ‌، فَقَامَ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ فَأَتَمَّ‌ بِهِمُ‌ الصَّلاَةَ‌ وَ سَجَدَ بِهِم سَجْدَتَيِ‌ السَّهْوِ قَالَ‌ قُلْتُ‌: أَرَأَيْتَ‌ مَنْ‌ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ‌ وَ ظَنَّ‌ أَنَّهُمَا أَرْبَعٌ‌ فَسَلَّمَ‌ وَ انْصَرَفَ‌ ثُمَّ‌ ذَكَرَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ‌ أَنَّهُ‌ إِنَّمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ‌ قَالَ‌ يَسْتَقْبِلُ‌ الصَّلاَةَ‌ مِنْ‌ أَوَّلِهَا قَالَ‌ قُلْتُ‌ فَمَا بَالُ‌ رَسُولِ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ لَمْ‌ يَسْتَقْبِلِ‌ الصَّلاَةَ‌ وَ إِنَّمَا أَتَمَّ‌ بِهِمْ‌ مَا بَقِيَ‌ مِنْ‌ صَلاَتِهِ‌ فَقَالَ‌ إِنَّ‌ رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ لَمْ‌ يَبْرَحْ‌ مِنْ‌ مَجْلِسِهِ‌ فَإِنْ‌ كَانَ‌ لَمْ‌ يَبْرَحْ‌ مِنْ‌ مَجْلِسِهِ‌ فَلْيُتِمَّ‌ مَا نَقَصَ‌ مِنْ‌ صَلاَتِهِ‌ إِذَا كَانَ‌ قَدْ حَفِظَ الرَّكْعَتَيْنِ‌ الْأَوَّلَتَيْنِ‌.»[1]

فرغم سلامة سندها و وثاقتها، إلا أنّها تُعاني من دلالة مُشوَّهة و هزیلة إذ کیف قام النّبيّ فأتمَّ صلاته رغم المحاوَرات و المقاوَلات التي قد دارَت بینهم؟ و لهذا قد أعرَض الفقهاء النُّبلاء عن هذه الفِقرة مؤکَّداً، فلا حجیّة لها من هذا البُعد.[2]

2. «مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَحْيَى عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ عِيسَى عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ النُّعْمَانِ‌ عَنْ‌ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ‌ قَالَ‌ سَمِعْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ‌: صَلَّى رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ ثُمَّ‌ سَلَّمَ‌ فِي رَكْعَتَيْنِ‌ فَسَأَلَهُ‌ مَنْ‌ خَلْفَهُ‌ يَا رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ أَحَدَثَ‌ فِي الصَّلاَةِ‌ شَيْ‌ءٌ‌ قَالَ‌ وَ مَا ذَلِكَ‌ قَالُوا إِنَّمَا صَلَّيْتَ‌ رَكْعَتَيْنِ‌ فَقَالَ‌ أَكَذَلِكَ‌ يَا ذَا الْيَدَيْنِ‌ وَ كَانَ‌ يُدْعَى ذَا الشِّمَالَيْنِ‌ فَقَالَ‌ نَعَمْ‌ فَبَنَى عَلَى صَلاَتِهِ‌ فَأَتَمَّ‌ الصَّلاَةَ‌ أَرْبَعاً وَ قَالَ‌: إِنَّ‌ اللَّهَ‌ هُوَ الَّذِي أَنْسَاهُ‌ رَحْمَةً‌ لِلْأُمَّةِ‌ أَلاَ تَرَى لَوْ أَنَّ‌ رَجُلاً صَنَعَ‌ هَذَا لَعُيِّرَ وَ قِيلَ‌ مَا تُقْبَلُ‌ صَلاَتُكَ‌ فَمَنْ‌ دَخَلَ‌ عَلَيْهِ‌ الْيَوْمَ‌ ذَاكَ‌ قَالَ‌ قَدْ سَنَّ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ وَ صَارَتْ‌ أُسْوَةً‌ وَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ‌ (سهواً) لِمَكَانِ‌ الْكَلاَمِ‌.»[3]

و یشابه مضمون السّابق بنفس الاعتراض.

3. عِدَّةٌ‌ مِنْ‌ أَصْحَابِنَا عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ‌ عَنْ‌ مَنْصُورِ بْنِ‌ الْعَبَّاسِ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنِ‌ اَلْحَسَنِ‌ بْنِ‌ صَدَقَةَ‌ قَالَ‌: قُلْتُ‌ لِأَبِي الْحَسَنِ‌ الْأَوَّلِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: أَسَلَّمَ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ‌ الْأَوَّلَتَيْنِ‌ فَقَالَ‌ نَعَمْ‌ قُلْتُ‌ وَ حَالُهُ‌ حَالُهُ‌ (في الجلالة و التّبلیغ و العصمة) قَالَ:‌ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ أَنْ‌ يُفَقِّهَهُمْ‌ (و یعلّمهم حکمَ السّهو).»[4]

و قد تَزعزع سند هذا الحدیث بمنصور بن العبّاس الضّعیف، فلا الإکتراث به أساساً.[5]

4. ‌صحيحة جميل: «قال: سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن رجل صلّى ركعتين ثمّ‌ قام‌؟. قال: يستقبل. قلت: فما يروي الناس‌ (البکریّة)؟ -فذكر (الرّاوي) له حديثَ ذي الشّمالين- و قال عليه السلام: إنّ‌ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و سلم: لم يَبرح (و لم یتحرّک) من مكانه، و لو بَرِح استَقبل»[6].

لقد أسلفنا شبهَ هذه الحدیث، فرغمَ أنّ النّبيّ قد احتَفَظ علی الهیئة الصّلاتیّة إلا المحادَثات البشریّة ستُلغي و تَهدم الصّلاة بتاتاً و إجماعاً، فکیف قد أتمّ النّبيّ صلاتَه المَشوبة؟

و الذي یُریح الفؤاد أنّ قرینة السّؤال قد أضائَت لنا -بکلّ وضوح- أنّ روایات السّهو قد تسرَّبت من یَنابیع «البکریّة» إلی التّراث الشّیعيّ الأصیل، ممّا یَعني أنّ قضیّة ذي الشّمالین مسجَّلة لدی الفرقة البکریّة تماماً، فلا اعتناء بها إطلاقاً.

5. «و عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم قام فذهب في حاجته، قال: «يستقبل الصلاة» قلت: فما بال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله لم يستقبل حين صلى ركعتين‌؟ فقال: «إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله لم ينتقل من موضعه»[7].

6. «سَعْدٌ عَنْ‌ أَبِي الْجَوْزَاءِ‌ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ عُلْوَانَ‌ عَنْ‌ عَمْرِو بْنِ‌ خَالِدٍ عَنْ‌ زَيْدِ بْنِ‌ عَلِيٍّ‌ عَنْ‌ آبَائِهِ‌ عَنْ‌ عَلِيٍّ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ الظُّهْرَ خَمْسَ‌ رَكَعَاتٍ‌ ثُمَّ‌ انْفَتَلَ‌ فَقَالَ‌ لَهُ‌ بَعْضُ‌ الْقَوْمِ‌ يَا رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ هَلْ‌ زِيدَ فِي الصَّلاَةِ‌ شَيْ‌ءٌ‌ فَقَالَ‌ «وَ مَا ذَاكَ‌» قَالَ‌ صَلَّيْتَ‌ بِنَا خَمْسَ‌ رَكَعَاتٍ‌ قَالَ‌ فَاسْتَقْبَلَ‌ الْقِبْلَةَ‌ وَ كَبَّرَ وَ هُوَ جَالِسٌ‌ ثُمَّ‌ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ‌ لَيْسَ‌ فِيهِمَا قِرَاءَةٌ‌ وَ لاَ رُكُوعٌ‌ ثُمَّ‌ سَلَّمَ‌ وَ كَانَ‌ يَقُولُ‌ «هُمَا الْمُرْغِمَتَانِ‌ (یُرغمان أنف الشّیطان)».[8]

فرغمَ سلامة سنده، إلا أنّ دلالتها مَنبوذة إجماعاً، إذ:

1. تزوید الرّکعة بأجزائها الکثیرة -حتّی بالسّهو- سیُخرِّب أساس الصّلاة بالتّأکید –و ذلک وفقاً لتظافر الرّوایات تجاهَ المسألة-.

2. بل الفقهاء الکِرام قد أعرَضوا عنه تماماً.

7. «وَ عَنْهُ‌ عَنِ‌ اَلْحَسَنِ‌ بْنِ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ فَضَّالٍ‌ عَنْ‌ أَبِي جَمِيلَةَ‌ عَنْ‌ زَيْدٍ الشَّحَّامِ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ‌ عَنْ‌ رَجُلٍ‌ صَلَّى الْعَصْرَ سِتَّ‌ رَكَعَاتٍ‌ أَوْ خَمْسَ‌ رَكَعَاتٍ‌ قَالَ‌ إِنِ‌ اسْتَيْقَنَ‌ أَنَّهُ‌ صَلَّى خَمْساً أَوْ سِتّاً فَلْيُعِدْ إِلَى أَنْ‌ قَالَ‌: وَ إِنْ‌ هُوَ اسْتَيْقَنَ‌ أَنَّهُ‌ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ‌ أَوْ ثَلاَثاً ثُمَّ‌ انْصَرَفَ‌ فَتَكَلَّمَ‌ فَلاَ[9] يَعْلَمُ‌ أَنَّهُ‌ لَمْ‌ يُتِمَّ‌ الصَّلاَةَ‌ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ‌ أَنْ‌ يُتِمَّ‌ الصَّلاَةَ‌ مَا بَقِيَ‌ مِنْهَا فَإِنَّ‌ نَبِيَّ‌ اللَّهِ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ صَلَّى بِالنَّاسِ‌ رَكْعَتَيْنِ‌ ثُمَّ‌ نَسِيَ‌ حَتَّى انْصَرَفَ‌ فَقَالَ‌ لَهُ‌ ذُو الشِّمَالَيْنِ‌، يَا رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ أَ حَدَثَ‌ فِي الصَّلاَةِ‌ شَيْ‌ءٌ‌ فَقَالَ‌ أَيُّهَا النَّاسُ‌ أَصَدَقَ‌ ذُو الشِّمَالَيْنِ‌، فَقَالُوا نَعَمْ‌ لَمْ‌ تُصَلِّ‌ إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ‌ فَقَامَ‌ فَأَتَمَّ‌ مَا بَقِيَ‌ مِنْ‌ صَلاَتِهِ‌.»[10]

و هذه من أضعف الرّوایات إذ:

1. أوّلاً: قد خُدِش سندها لأجل أبي جمیلة الضّعیف.

2. ثانیاً: إنّ تعلیل الإمام -ضمن إجابته- بما صنعه النّبيّ لا یَرتبط أبداً مع سؤال المتسائ، فإنّ المُتسائل یَتسائل عمّن صلّی خمسَ أو ستَّ رکعات، بینما الإمام قد استَشهد بسهو النبيّ في الرّکعتَین، إذن الإجابة أجنبیّة تماماً عن التّسائل، فالتّناقض ضمن الرّوایة بیِّنة للغایة.

8. «وَ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ يَحْيَى عَنْ‌ مُوسَى بْنِ‌ عُمَرَ بْنِ‌ يَزِيدَ عَنِ‌ اِبْنِ‌ سِنَانٍ‌ عَنْ‌ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاط «قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول و هو في صلاة المكتوبة في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة‌؟ فقال عليه السّلام: إذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضّأ ثمّ‌ ينصرف إلى مصلاّه الذي كان يصلّي فيه فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم تنقض الصلاة بالكلام، قال: قلت: و إن التفت يمينا أو شمالاً، أو ولَّى عن القبلة‌؟ قال عليه السّلام: نعم كلّ‌ ذلك واسع، إنّما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة، فإنّما عليه أن يبني على صلاته، ثمّ‌ ذكر سهو النبيّ‌ صلّى اللّٰه عليه و آله».[11]

و نُزحزِحها کسابقتها:

1. إنّها مهزوزة السّند بسبب عمر بن یزید الضّعیف.

2. إنّها تُعاني من إشکالیّة دلالیّة بالغة جدّاً حیث نَقطَت «فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته» أي قد انهارَت الهیئة الصّلاتیّة فکیف یَستکملها؟ و لهذا قد عارَضت التّسالمَ الفقهيّ تماماً، و علی ضوئه أیضاً قد أعرض عنه الأصحاب أجمع.

9. «حَدَّثَنَا تَمِيمُ‌ بْنُ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ بْنِ‌ تَمِيمٍ‌ الْقُرَشِيُّ‌ قَالَ‌: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ عَلِيٍّ‌ الْأَنْصَارِيِّ‌ عَنْ‌ أَبِي الصَّلْتِ‌ الْهَرَوِيِّ‌ قَالَ‌: «قلت للرّضا عليه آلاف التحيّة و الثناء يا ابن رسول اللّه إنّ‌ في سواد الكوفة قوما يزعمون أنّ‌ النبيّ‌ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يقع عليه السهو في صلاته فقال: كذبوا لعنهم اللّه إنّ‌ الّذي لا يسهو هو اللّه الّذي لا إله إلاّ هو».[12]

و لکنّ سندها مشوب بسبب ضعف تمیم بن عبد الله بن تمیم.

و في هذا المضمار، ثمّةَ روایات متقاربة أخری أیضاً، و التي قد نَجَمت إجاباتُها من ثنایا بیاناتِنا.

 
لَملَمة الإجابات لزَعزعة هاتِ الرّوایات الموهومات

ونَحسِم الإجابة عن أضراب هذه الرّوایات المزوَّرَة عبرَ النّقاط التّالیة:

· أوّلاً: إنّ بِضعها مشوبةُ السّند و بضعَها مشوبةُ الدّلالة بحیث إمّا تَتضارَب مع الإجماع أو الإعراض أو لا یُلتزَم بها فقهیّاً -کانصراف النّبيّ عن الصّلاة ثمّ عودته إلیها- فبالتّالي ستَضمحِلّ حجّیّتها جزماً.

· ثانیاً: لو أغمَضنا البصر عن السّند و الدّلالة، لَوَجدناها تُصادِم الرّوایات المُنکِرة للسّهو نظیر: «عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع هَلْ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَطُّ؟ فَقَالَ: لَا وَ لَا يَسْجُدُهُمَا فَقِيهٌ.‌‌»[13] بل و قد انصطَدَمت مع متواتِر الرّوایات السّالفة حول العِصمة و الجلالة و المشرعیّة و التّفویض -ضمن کتاب الحجّة- بحیث ستَترجَّح تلک المتواتِرات علی هذه المنقولات المتخیَّلات.

· ثالثاً: لقد أکّدنا کِراراً أنّ الرّوایات المُضادَّة مع القرآن الکریم منعدمة الحجیّة جذریّاً -لا أنّ موافقة الکتاب تُعدّ مرجِّحة- فلا تصل النَّوبة إلی «ملاحظة موافقة العامّة».

- و أمّا الرّوایة الزّائفة التي قد استَورَدتها کتب البکریّة، نظیر:

«حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ‌، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ‌، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ؛ أَنَّهُ قَالَ‌: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‌: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ. فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ‌. فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ‌: أَ قُصِرَتْ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ‌! أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ‌» فَقَالَ‌: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ‌، يَا رَسُولَ اللَّهِ‌! فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟» فَقَالُوا: نَعَمْ‌. يَا رَسُولَ اللَّهِ‌! فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مَا بَقِيَ مِنْ الصَّلَاةِ‌. ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ‌، وَ هُوَ جَالِسٌ‌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ‌.‌»[14]

فقد ازدَهَر تزویرُها تماماً إذ أبو هریرةَ قد أسلَم السّنة السّابعة للهجرة أي تلوَ وفات ذي الشّمالَین حیث قد قُتل ضمن غزوة بَدر -السّنة الثّانیة للهجرة- فکیف نَقل لنا أبو هریرةَ محادثةَ النّبيّ مع ذي الشّمالَین المُتوفَّی قبلَه بخَمس سنین؟[15]

---------------------
[1] کلینی محمد بن یعقوب.. الکافي (اسلامیه). Vol. 3. ص355 تهران دار الکتب الإسلامیة.
[2] بل و قد اشتَعلت النّزاعات حول جوانب هذه الرّوایة المزوَّرَة، فمُعظَمهم قد حملوها على التّقيّة نظیر المجلسيَّین، بل الذي یُدهِشُني ألا أحدَ من المسلمین قد تَنبَّه لسهو النّبيّ سوی ذي الشّمالَین -و الذي یُعدّ رجلاً مجهولاً أساساً- فنَتسائل ألم یُرافق أمیر المؤمنین رسولَ الله في مختلف حیاته -سرَّاءً و ضرَّاءً- فکیف لم یَنتبه الإمام لذلک؟ و کیف قد نُقلت معظم روایات السّهو في هذا الموضوع الذي لا أثر لاسم أمیر المؤمنین علیه السّلام إطلاقاً بل ارتَکزَت علی ذي الشّمالین المجهول فحسب؟ فهذه روایات متذبذبة و متزلزلة من شتّی الجهات حقیقةً -ولاحِظ شروح الكافي و كتب الفقه-.
[3] نفس الیَنبوع ص357.
[4] کلینی محمد بن یعقوب. الکافي (اسلامیه). Vol. 3. ص356 تهران - ایران: دار الکتب الإسلامیة.
[5] و هل انحصر طریق تعلیم النّاس في أن یَسهو النّبيّ؟ ألم تتواتر الرّوایات في کیفیّة تَفقیه الأصحاب و هدایتهم و إرشادهم بالأسلوب البیانيّ و اللّسانيّ؟ بل لو فَتحنا بَوّابة «جواز السّهو أو الإسهاء» بحقّ المعصوم لَتفتَّحت للأعداء -کالبکریّة و...- مختلَف أبواب التّوجیه و التّبریر و التّأنیب حیث سیَستغِلّون فُرَصاً وافرة لتنقیص النّبيّ و إعابته لدی بقیّة الوقائع و الأحداث کما تظافَرت روایاتهم المزیَّفة ضمن صِحاحهم المُعترَفة، و سیُنجّون أنفسهم من المعاصي التي سیَرتکبونها بحیث سیُلقون العتَب علی عاتق المعصوم بکلّ وَقاحة و رَذالة.
[6] الوسائل ٣٠٨:٥ الباب ٣ من أبواب الخلل، الحديث ٧ مع اختلاف يسير.
[7] التهذيب ٣٤٦:٢-١٤٣٥، المقنع: ٣١، الوسائل ٣٠٩:٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣ ح ١٠.
[8] طوسی محمد بن حسن. تهذيب الأحكام. Vol. 2. ص349 تهران - ایران: دار الکتب الإسلامیة.
و قد بَرِع الشّیخ الطّوسيّ في الإجابة علیها قائلاً: قَالَ‌ مُحَمَّدُ بْنُ‌ الْحَسَنِ‌: هَذَا خَبَرٌ شَاذٌّ لاَ يُعْمَلُ‌ عَلَيْهِ‌ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ‌ مَنْ‌ زَادَ فِي الصَّلاَةِ‌ وَ عَلِمَ‌ ذَلِكَ‌ يَجِبُ‌ عَلَيْهِ‌ اسْتِئْنَافُ‌ الصَّلاَةِ‌ وَ إِذَا شَكَّ‌ فِي الزِّيَادَةِ‌ فَإِنَّهُ‌ يَسْجُدُ السَّجْدَتَيْنِ‌ الْمُرْغِمَتَيْنِ‌ وَ يَجُوزُ أَنْ‌ يَكُونَ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ إِنَّمَا فَعَلَ‌ ذَلِكَ‌ لِأَنَّ‌ قَوْلَ‌ وَاحِدٍ لَهُ‌ لَمْ‌ يَكُنْ‌ مِمَّا يُقْطَعُ‌ بِهِ‌ وَ يَجُوزُ أَنْ‌ يَكُونَ‌ كَانَ‌ غَلَطاً مِنْهُ‌ وَ إِنَّمَا سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ‌ احْتِيَاطاً.
[9] في نسخة - فلم (هامش المخطوط).
[10] حر عاملی محمد بن حسن. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 8. ص203 قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[11] تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 7. ص237 قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[12] عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج ۲، ص ۲۰۳
[13] تهذیب الأحکام، ج2، ص350.
ثمّ أبدی الشّیخ الطّوسيّ رأیَه المُتقَن تجاه هذه الرّوایات المُزوَّرَة قائلاً: «قالَ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ‌: اَلَّذِي أُفْتِي بِهِ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا اَلْخَبَرُ (فحسب) فَأَمَّا اَلْأَخْبَارُ اَلَّتِي قَدَّمْنَاهَا مِنْ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ سَهَا فَسَجَدَ فَإِنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْعَامَّةِ‌ وَ إِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِأَنَّ (بعضَ) مَا تَتَضَمَّنَهُ مِنَ اَلْأَحْكَامِ مَعْمُولٌ بِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ‌.»
[14] صحیح مسلم ج1، ص404.
[15] و قد تمَّ تزویر أمثال هذه الرّوایات ضمن صِحاحهم کثیراً نظیر التّالیة: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ‌، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ‌ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ‌، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ‌، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ‌: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ‌، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ‌: أَ قَصُرَتْ‌ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ‌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ‌: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَّاسُ‌: نَعَمْ‌. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ‌، فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ‌، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ‌، ثُمَّ رَفَعَ‌.» (صحیح بخاری ج2، ص341).
و نظیر ما رَوَوا أنّ النّبيّ لم یَتوضّأ تلوَ النّوم فقام و صلّی بلا وضوء -و العَیاذ بالله-: «قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‌: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ‌. ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ‌. فَأَخْلَفَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ‌. فَصَلَّى. ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ‌. ثُمَّ أَتَاهُ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ‌. فَخَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ وَ لَمْ يَتَوَضَّأْ. قَالَ سُفْيَانُ‌: وَ هَذَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ خَاصَّةً‌. لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ‌.» (صحیح مسلم، ج1، ص528 . و لاحِظ أیضاً صحیح البخاريّ ج2، ص149)



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .