موضوع: الجمل الخبریة فی مقام الانشاء
تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٧/٢٤
شماره جلسه : ۱۵
خلاصة الدرس
-
مقسَم التّعبديّ و التّوصّليّ هو الواجب لا الوجوب
-
تعلیقة المحقّق الاصفهانيّ تجاه أستاذه
-
الحمایة الوافیة عن صاحب الکفایة
-
الإشکالیّة الثّانیة الضّئیلة للمحقّق الاصفهانيّ تجاه أستاذه
الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
مقسَم التّعبديّ و التّوصّليّ هو الواجب لا الوجوب
یَبدو أنّ المحقّق الآخوند قد استَخدم عبارة مسامحیّة حینما وضَع مقسَم «التّعبديّ و التّوصّليّ» هو الوجوب -أي الوجوب التّعبديّ و التّوصّليّ- فعبَّر عنهما بالأسلوب التّالي قائلاً:
«إحداها -أي الفرق بين التعبدي و التوصلي- الوجوب التوصلي هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرد حصول الواجب و يسقط بمجرد وجوده بخلاف التعبدي فإن الغرض منه لا يكاد يحصل بذلك بل لا بد -في سقوطه و حصول غرضه- من الإتيان به متقرّباً به منه تعالى.»[1]
بینما یُفترَض أنّ یَنتسب «التّعبديّ و التّوصّليّ» إلی الواجب المتغیِّر -لا الوجوب الثّابت- و سنَستجلب تعلیلة المحقّق الاصفهانيّ في هذا المسار أیضاً.
تعلیقة المحقّق الاصفهانيّ تجاه أستاذه
وقد تصدّاه المحقّق الاصفهانيّ مستشکلاً قائلاً:
«لا يخفى عليك أنّ الفرق بين التعبّدي و التوصّلي في الغرض من الواجب (المتغیِّر إلی التّعبد و غیره) لا الغرض من الوجوب (الرّاسخ فیهما علی حدّ سواء) إذ الوجوب (فیهما موحَّد بلا تغایر) -و لو في التّوصّليّ- لا يكون إلاّ لأن يكون داعياً للمكلّف إلى ما تعلّق به (فیأمره المولی کي یَتحقّق الانبعاث اللّزوميّ و الدّاعي الوجوبيّ علی أیّة حالة: بلا فرق بین التّعبدي و التّوصليّ) و منه يظهر أن الوجوب في التوصّلي لا يغاير الوجوب في التعبّدي أصلاً (فالحکم سوِيٌّ فیهما) حتّى بلحاظ الغرض الباعث للإیجاب، فتدبّر جيّداً (فبالتّالي إنّ الفارق یَتجلّی في غرض الواجب فإنّه المتشقِّق إلی شقوق، نظیر غرض المولی في الصّلاة الواجبة فإنّه قد استَهدف إتیان السّورة بینما لم یَستوجب السّورة في النّافلات لانعدام غرضه في النّافلة).»[2]
الحمایة الوافیة عن صاحب الکفایة
لقد حاول أستاذنا المعظّم الشّیخ الوحید الخراسانيّ أن یصون مقالة المحقّق الآخوند -عن إشکالیّة المحقّق الاصفهانيّ- قائلاً:
«و قد دفع الأستاذ (الشّیخ وحید الخراسانيّ) كلا الإيرادين (الواردین من جانب المحقّق الاصفهانيّ):
1. أمّا الأوّل: فبأنّ الوجوب التعبّدي و إن كان لا يختلف عن الوجوب التوصّلي ذاتاً، لأنّ الوجوب كيفما كان فمعناه واحد، و لا يختلفان كذلك من ناحية الغرض الأوّليّ للوجوب، و هو جعل الدّاعي، لكنهما مختلفان من جهة الغرض النهائي، لأن الغرض من جعل الوجوب هو جعل الداعي، و الغرض من جعل الداعي هو حصول المتعلَّق، و الغرض من حصول المتعلَّق حصول المصلحة المترتبة على المتعلَّق، فلو كانت المصلحة مقيَّدة -أي كانت قائمة بالعمل المأتي به مع قصد القربة- كان الغرض من جعل الداعي هذا العمل المقيَّد، فما لم يحصل لم يتحقّق الغرض، و متى لم يحصل جعل الداعي بهذا الغرض لم يتحقق الوجوب، فلا محالة لا يتحقق الغرض من الوجوب المجعول على الصلاة -مثلاً- إلّا بالإتيان بها بقصد القربة، فقول صاحب الكفاية: «بأنّ التعبّدي هو الذي لا يسقط الأمر فيه -أو لا يتحقق الغرض منه- إلّا إذا أتي به متقرّباً به، بخلاف التوصّلي الذي هو مطلقٌ من هذه الجهة» كلام صحيح... و لا يرد عليه الإشكال، لوجود الفرق بينهما في الغرض النهائي و هو المصلحة، و إن لم يفترقا في الغرض الأوّلي و هو جعل الداعي.
2. و أما الثاني، فإنه غفلة منه (المحقّق الاصفهانيّ) -قدّس سرّه- عن مطلبين:
Ø أحدهما: إنّ الصّيغة مركّبة من المادة و الهيئة، فقولهم: «إطلاق الصيغة» مشترك، و لذا يأتي السؤال: هل المراد إطلاق المادّة أو الهيئة؟
Ø و الثاني: لقد ذكر في «الكفاية» في الأمر الأوّل «إطلاق الصيغة» لكنه قال في الأمر الثالث «إطلاق الصيغة يقتضي التوصّلية» فلو التفت المحقق الأصفهاني إلى المطلبين لم يشكل على «الكفاية» بما ذكر.»[3]
جواب بدیل تجاه أستاذنا الکبیر -دام ظلّه-
و نلاحظ علیه:
- أوّلاً: إنّ مقالته ستُفضي إلی أنّه لا فارق بین أن نَضع المقسَم هو الواجب أو الوجوب، إذ «غرض الوجوب النّهائيّ» أیضاً -کالواجب- سیَتبدَّل حسب إرادة المولی، بینما الحقیقة هي أنّ «غرض الوجوب» موحَّد -و هو الدّاعي- فلا یَتشعَّب إلی غرض بدائيّ و نهائيّ، و لکنّ الواجبات تقع وعاءَ التّغییرات -و لهذا تَتشقّق إلی عدّة أنواع ضمن الأصول-.
- ثانیاً: بإمکاننا أن ننقُض مقالته بأنّا نری الواجب یَتنوَّع إلی: واجب بسیط و واجب ذي الأجزاء، فهل سیُقرّ القائل بأنّ الوجوب أیضاً سیَتحوّل إلی شقّین، بینما الوجوب وِترٌ و منفرِد نظیر وجوب الإمساک للصّوم و وجوب الصّلاة و وجوب الحجّ، فإنّه یَستدعي البعث و التّحریک علی الإطلاق، غیرَ أنّ الواجب هو معرَض التّغییرات و الانقسامات -کما هو شائع في الأصول- فبالتّالي إنّ «الغرض البدائيّ أو النّهائيّ» لا یُجزِّء الوجوب الموحَّد أبداً.
فالمستَخلَص، أنّا لو راجعنا مقالة الأصولیّین -بأسرهم- لرأیناهم قد تَسالموا علی أنّ «التّعبّديّ و التّوصّليّ» یقعان صفةً «للواجب» لا للوجوب، فبالتّالي لا تتوجّه إعتراضیّة «أستاذنا المبجّل» تجاه المحقّق الاصفهانيّ، ممّا یعني أنّ إشکالیّة المحقّق الاصفهانيّ وجیهة تجاه المحقّق الآخوند، إلا أنّ صاحب الکفایة قد تَسامح في تعابیره فجعل الوجوب مقسماً للتّعبّديّ و التّوصّليّ.
الإشکالیّة الثّانیة الضّئیلة للمحقّق الاصفهانيّ تجاه أستاذه
و قد استَورد المحقّق الاصفهانيّ هجمةً أخری تجاه أستاذه قائلاً:
«و الإطلاق (الذي ادّعاه صاحب الکفایة بأنّه: هل یقتضي التّعبدیّة أم التّوصّلیّة) المدّعى في المقام هو إطلاق المادّة (کالصّلاة مثلاً) دون إطلاق الوجوب و الأمر (والذي قد زعمه صاحب الکفایة، فبالتّالي إنّ إطلاق المادّة هو الذي یَستدعي التّوصّلیّة لا إطلاق الوجوب) ففي الحقيقة لا وجه لجعل هذا البحث من مباحث الصيغة.»[4]
و من الجليّ أنّ هذه الإشکالیّة تَستشکل علی أسلوب صاحب الکفایة في تنظیم الأبحاث، بحیث یَعتقد المحقّق الاصفهانيّ أنّ موطن أبحاث «التعبديّ و التّوصليّ» لا یَلیق بمبحث الصّیغ.
إلا أنّها إشکالیّة زائفة، إذ صاحب الکفایة حینما أنهی مباحث المادّة و الصّیغة تماماً، قد شرَع في دراسة سائر أبعاد «الأوامر» و طوارئها، و حیث إنّ «التعبديّ و التّوصليّ» یرتبطان بحیثیّة خاصّة من الأوامر الواجبة و المستحبّة، فلم یَطرحهما ضمن «مادّة الأمر» لانعدام ارتباطهما بالمادّة أساساً.
تحدید تعریف «التّعبديّ و التّوصليّ»
لقد أسلفنا تعریف المشهور، حیث قد استَعرضه المحقّق العراقيّ قائلاً:
«المشهور بين القدماء كون المدار:
- في توصليّة المأمور به معلوميّة الغرض الداعي على الأمر بحيث يعلم انّ المقصود للآمر أو المأمور التوصّل به إلى هذا الغرض.
- و في قباله ما لا يعلم الغرض المزبور فيسمّى تعبديّا بملاحظة انّ الإقدام به ليس إلاّ من جهة التعبّد [لمولاه] بلا قصده التوصّل به إلى شيء معلوم.»[5]
بینما نَنقُض هذا التّفکیک من قِبل المشهور:
- بأنّا قد عرَفنا الغرض من تشریع «الصّلاة التّعبدیّة» في بعض المواطن.[6]
- و علی صعید مقابل، قد جَهِلنا بعضَ «أغراض التّوصليّات» نظیر دم الحیض أو حبّة شعرة من القطّة فإنّهما تُبطِلان الصّلاة و تستَوجبان الطّهارة البدنیّة، من دون أن نعرف غرض الإیجاب و سرَّه نهائیّاً، فرغم توصّلیّتهما إلا أنّ الغرض مجهول تماماً.[7]
التّعریف الثّاني تجاه «التّعبدیّة و التّوصلیّة»
و نظراً لحزازة تعریف المشهور، فقد اصطفی الشّیخ الأعظم تعریفاً آخر قائلاً:
«هداية في تقسيم الواجب إلى التعبدي و التوصلي: قد عرفت فيما سبق أن للواجب أقساما عديدة باعتبارات مختلفة و قد عرفت الكلام في تحقيق الواجب المطلق و المشروط و ما يتفرع عليه و ينقسم باعتبار آخر إلى تعبدي و توصلي و قد يعرف الأول بما لا يعلم انحصار مصلحته في شيء و الثاني بما يعلم انحصارها في شيء و الثاني غير منعكس لخروج جملة من التوصليات التي لا يعلم وجه المصلحة فيها فضلا عن انحصارها في شيء كتوجيه الميت حال الاحتضار إلى القبلة و مواراته و نحو ذلك فالأوجه أن يعرف أن التعبدي ما يشترط فيه القربة و التوصلي ما لا يشترط فيه القربة سواء في ذلك كون الواجب من الماهيات المخترعة كالصلاة و الحج و نحوهما أو لا كالذبح و النحر و الحلق و التقصير و نحوها و بين كل من التعبدي و التوصلي و النفسي و الغيري عموم من وجه و الصور أربع و الأمثلة ظاهرة غير خارجة عن الوضوء و الصلاة و توجيه الميت إلى القبلة و غسل الثوب و منه يظهر فساد ما قد زعمه بعضهم في تحديدهما أن التوصلي ما كان الغرض من الأمر به الأمر بشيء آخر و التعبدي بخلافه فإن ذلك سهو ظاهر و كأنه تشابه الأمر عليه في إملاء التوصل بالصاد مع التوصل بالسين و هو يساوق الوجوب الغيري و إلا فكيف يعقل أن يكون تغسيل الأموات و تكفينها و دفنها من الواجبات التوصلية.
فحاصل الفرق بين القسمين أن التعبدي مشروط بالقربة و التوصلي لا يشترط فيه ذلك و قد يفرق بينهما بوجهين آخرين:
- أحدهما لزوم المباشرة في الأول بخلاف الثاني إذ يجري فيه حصول الفعل في الخارج و لو بمباشرة من غير المكلف.
- الثاني اجتماع الثاني مع الحرام بخلاف الأول إذ لا يعقل أن يكون العبادة محرمة و كلاهما فاسدان أما الأول فلأن القائل بالفرق المذكور إن أراد به أن ظاهر الأوامر التوصلية يقضي بعدم لزوم المباشرة من المخاطب بالخطابات الدالة على هذه الواجبات فهو مما لا ينبغي أن يصغى إليه ضرورة أن ظاهر الصيغ الأمرية توجه التكليف المستفاد منها إلى خصوص المخاطب بها كيف و حال الفاعل و نفس الفعل سواء فلو احتمل أن لا يكون الفاعل المخاطب مباشرا له فيحتمل أن لا يكون نفس الفعل مأمورا به أيضا و ذلك ظاهر جدّاً.
و إن أراد بذلك أن مجرد كون الواجب توصّليا يقضي بأن لا يكون المباشرة للفعل المأمور به واجبا و إن كان ظاهرا في المباشرة بحسب القواعد اللفظية فهو أوضح فسادا من سابقه إذ ليس فيها ما يقضي إذ لا نعني بالتوصلية إلا ما لا يكون قصد القربة معتبرا فيه و ذلك لا يقتضي شيئا و إن أراد بذلك أن أدلة جواز الاستنابة إنما هي حاكمة على ظاهر الأوامر الواردة في الأفعال الخاصة و هي لا تجزي في التعبديات فهو منقوض بجملة من التوصليات التي لا يجوز فيها الاستنابة كالمضاجعة و الجماع و بجملة من التعبديات التي يصح الاستنابة فيها كالحج و الزيارة و نحوهما و الوجه في ذلك أن أدلة النيابة لا اختصاص لها بواجب دون واجب ففيما يكون محله لا يفرق بين التعبدي و التوصلي فإن قلت لا ينبغي إنكار عدم لزوم المباشرة في الواجبات التوصلية ضرورة حصول الواجب فيها بفعل الغير كما في غسل الثوب إذا التزم غسله غير المكلف بل و لو حصل من دون مباشرة آدمي أيضا كان مجزيا قلت فرق ظاهر بين حصول الواجب في الخارج و بين ارتفاع موضوعه و محله في الخارج و ما يرى من الأمثلة إنما هي من قبيل الثاني كما إذا ارتفع موضوع التعبدي أيضا مثل ما إذا احترق الميت فلا يجب عليه الصلاة و بالجملة ظاهر الأمر هو المباشرة و القائل بعدم لزوم المباشرة إنما اختلط عليه الأمر بين الوجهين مع ظهور افتراقهما»[8]
وِجهة نظر المحقّقین النّائینيّ و الخوئيّ تجاه تعریفهما
و قد أشار المحقّق المحقّق الخوئيّ أیضاً إلی تشقیق الشّیخ قائلاً:
«(الجهة الرابعة) يقع الكلام في الواجب التوصلي و التعبدي و قبل بيانهما نقدم مقدمة و هي ان الواجب التوصلي يطلق على معنيين:
(الأول) ما لا يعتبر فيه قصد القربة، و ذلك كغسل الميت و كفنه و دفنه و ما شاكل ذلك حيث انها واجبات في الشريعة الإسلامية و لا يعتبر في صحتها قصد القربة و الإتيان بها مضافاً إلى اللّٰه سبحانه و تعالى، فلو أتى بها بدون ذلك سقطت عن ذمته نعم استحقاق الثواب عليها يرتكز على الإتيان بها بقصد القربة و بدونه لا يستحق، و ان حصل الاجزاء.
(و لکن نلاحظ علی مقالته القائلة «نعم استحقاق الثواب عليها يرتكز على الإتيان بها بقصد القربة و بدونه لا يستحق، و ان حصل الاجزاء» بأنّ:
1. الشّارع سیَتفضّل علی الممتثل حتماً رغم انعدام قصد القربة نظیر ردّ السّلام، فرغم أنّه توصّليّ إلا أنّ الرّادّ یُثاب، إذ أساس «إعطاء الثّواب» یُعدّ عملیّة تفضلیّة من قِبل الله تعالی -لیس أکثر- فإنّ العبد لا یَستحقّ بالذّات شیئاً علی عاتق مولی، فمهما استَلمه فهو من فضل الله یؤتیه من یشاء و الله ذو الفضل العظیم[9] و لهذا نراه تعالی ربما یُعطي بلا حساب بل أحیاناً یُضاعفه أضعافاً هائلة[10].
2. الامتثال یُعدّ موضوع المدح من الزّاویة العقلیّة أیضاً، فبالتّالي سیَحکم العقل باستحقاق الثّواب الموعود رغم انعدام نیّة المکلّف -نظیر ردّ السّلام- فحیث قد امتَثل فسوف یَمنُّ الشّارع علیه و سیراه العقل مستحقّاً للثّواب أیضاً، فلا تقولوا «بأنّ عدیم القربة هو عدیم الاستحقاق أو الثّواب».
و لا ينافي ذلك اعتبار أمور أخر في صحتها، مثلا يعتبر في صحة غسله ان يكون الغاسل بالغاً، و ان يكون مماثلا و لو كان غيره بطل الا في موارد خاصة، و ان يكون الماء مباحاً و ان تكون الأغسال الثلاثة مترتبة و غير ذلك و في مقابلة ما يعتبر فيه قصد القربة و هو المعبر عنه بالواجب التعبدي، فلو أتى به بدون ذلك لم يسقط عنه و كان كمن لم يأت به أصلا.
(التّعریف) الثاني ما لا تعتبر فيه المباشرة من المكلف بل يسقط عن ذمته بفعل الغير سواء أ كان بالتبرع أم بالاستنابة بل ربما لا يعتبر في سقوطه الالتفات و الاختيار، بل و لا إتيانه في ضمن فرد سائغ، فلو تحقق من دون التفات و بغير اختيار، أو في ضمن فرد محرم كفى. (فیعود مئال هذا التفسیم إلی الأوّل) و ان شئت قلت: ان الواجب التوصلي مرة يطلق و يراد به ما لا تعتبر فيه المباشرة من المكلف. و مرة أخرى يطلق و يراد به مالا يعتبر فيه الالتفات و الاختيار. و مرة ثالثة يطلق و يراد به مالا يعتبر فيه ان يكون في ضمن فرد سائغ. و يقابل القسم الأول ما تعتبر فيه المباشرة. و القسم الثاني ما يعتبر فيه الالتفات و الاختيار.
و القسم الثالث ما يعتبر فيه ان يكون في ضمن فرد سائغ، فلو أتى به في ضمن فرد محرم لم يسقط. ثم ان القسم الأول من الواجب التوصلي بالمعنى الثاني قد يجتمع مع الواجب التعبدي بالمعنى الأول - و هو ما يعتبر فيه قصد القربة - في عدة موارد: منها الزكاة فانها رغم كونها واجبة تعبدية يعتبر فيها قصد القربة و الامتثال تسقط عن ذمة المكلف بفعل الغير سواء أ كان بالاستنابة أم كان بالتبرع إذا كان مع الاذن، و أما لو كان بدونه فالسقوط لا يخلو عن إشكال و ان نسب إلى جماعة. و منها الصلوات الواجبة على ولى الميت، فانها تسقط عن ذمته بإتيان غيره كان بالاستنابة أم كان بالتبرع رغم كونها واجبات تعبدية. و منها صلاة الميت فانها تسقط عن ذمة المكلف بفعل الصبي المميز نائبا كان أم متبرعا، كما ذهب إليه جماعة منهم السيد (قده) في العروة و قرره على ذلك أصحاب الحواشي. و منها الحج، فانه واجب على المستطيع و لم يسقط بعجزه عن القيام بأعماله اما من ناحية ابتلائه بمرض لا يرجى زواله و اما من ناحية كهولته و شيخوخته، و لكن مع ذلك يسقط عنه بقيام غيره به رغم كونه واجباً تعبدياً و منها غير ذلك.
فالنتيجة هي انه لا ملازمة بين كون الواجب تعبدياً و عدم سقوطه بفعل الغير، فان هذه الواجبات بأجمعها واجبات تعبدية فمع ذلك تسقط بفعل الغير.
و من هنا يظهر ان النسبة بين هذا القسم من الواجب التوصلي و بين الواجب التعبدي بالمعنى الأول عموم و خصوص من وجه، حيث ينفر.
الأول عن الثاني بمثل تطهير الثياب من الخبث و ما شاكله، فانه يسقط».[11]
-----------------------
[1] آخوند خراسانی محمدکاظم بن حسین. کفایة الأصول (طبع آل البيت). قم ص72 مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[2] اصفهانی محمد حسین. نهایة الدرایة في شرح الکفایة. Vol. 1. ص319 بیروت مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[3] حسینی میلانی علی، تحقیق الأصول علی ضوء أبحاث آیة الله العظمی الوحید الخراساني مد ظله. Vol. 2. قم ص69 و 70 مرکز الحقائق الإسلامیة.
[4] نفس المصدر.
[5] عراقی ضیاءالدین. مقالات الأصول. Vol. 1. قم ص229 مجمع الفکر الإسلامي.
[6] نظیر ما ورد ضمن المأثور: إنّ الصّلاة تنهی عن الفحشاء و المنکر. و أنّ الصّلاة عمود الدّین. و أنّ لها خمس عشر فوائد دنیویّةً و أخرویّة وفقاً للرّوایات.
[7] و لهذا قد علّق علیه المحقّق العراقيّ أیضاً قائلاً: « و عند أهل العصر من أمثال زماننا كون المدار في التوصليّة على عدم احتياج حصول الغرض و المصلحة القائمة بالمأمور به إلى كون الفعل قربيّا، قبال ما إذا احتاج إلى ذلك فيسمّى تعبّديّا.» (نفس المصدر)
[8] انصاری مرتضی بن محمدامین. مطارح الأنظار / طبع قدیم. قم ص59و 60 مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[9] سورة التّحدید، الآیة 21.
[10] نظراً لقوله تعالی: للذین أحسنوا الحسنی و زیادة. (یونس الآیة 26)
[11] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. قم ص139 انصاريان.
نظری ثبت نشده است .