موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)
تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٨/١٤
شماره جلسه : ۲۵
خلاصة الدرس
-
النّقل المُنحَطّ لتحقیق الأصول عن المحقّق العراقيّ
-
إشکالیّة تجاه تفکیک المحقّق الاصفهانيّ
-
نَقضة تجاه «لحاظ» المحقّق العراقيّ
-
اصطناع استحالة أخری مستجدّة ثمّ القضاء علیها
الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين
النّقل المُنحَطّ لتحقیق الأصول عن المحقّق العراقيّ
لقد سرَد لنا «تحقیق الأصول» اعتراضیّة المحقّق العراقيّ -بأنّ الصّورة العلمیّة لقصد الأمر قد انفَنَی ضمن أمره الخارجيّ- تجاه مزعومة المحقّق الاصفهانيّ -لدی تشقیقه الوجود إلی العلميّ و الخارجيّ-.
بیدَ أنّ عبائر «تحقیق الأصول» قد تَضادَّت تماماً مع النّکات الرّاقیة ضمن «البدائع الأفکار» حیث إنّ المحقّق العراقيّ لم یَتفوَّه بما نقله تحقیق الأصول أساساً، إذ وفقاً لتحقیق الأصول، ستَنصبّ علی المحقّق العراقيّ إشکالیّة جلیّة أنّ محض «القصد الذّهنيّ» لا یُحرِّک المکلّف إلا لو اندمَج مع الواقع بینما هذه النّقطة مرفوضة حتماً إذ باتَ مبرَماً أنّ «الصّورة العلمیّة للقصد» بوُسعها أن تُهیِّج المکلّف نحو الامتثال حتّی لو تخیَّل «الأمر» بنحو الجهل المرکّب، حیث إنّ «الوجود العلميّ للقصد» سیَبعثه تماماً بلا افتقار لتطابقه مع الواقع، فبالتالي سیُلغی تشقیق المحقّق الاصفهانيّ ما بین الوجود العلميّ و الخارجيّ لانبعاث المکلّف و قصده الأمرَ.
فحتّی الآن قد حاوَل المحقّق العراقيّ أن یُرسِّخ استحالةَ «اتخاذ القصد في المتعلّق» و «خلفَه» حیث قد صرّح قائلاً:[1]
«فإذا أخذ جزء (کالقصد) من موضوع الأمر أو قيداً فيه (نفس الأمر) لزم ان يكون الشيء الواحد فى «اللحاظ الواحد» متقدما فى اللحاظ و متأخرا فيه و هذا سنخ معنی فى نفسه غير معقول وجدانا إما للخلف او لغيره و بملاحظة هذا الوجه يتضح حال جميع ما يتوقف تحققه على تحقق الامر و لحاظه على لحاظه:
- كالعلم بالحكم.
- و قصد الوجه.
- و التمييز.
بینما المحقّق الاصفهانيّ یتحدّث حول الملحوظ و متعلق التّصور -لا اللّحاظ- بأنّ رتبة القصد متقدّمة و رتبة الأمر متأخّرة فلو اندمَج الملحوظان لأنجَب الخُلف و لکنّ المحقّق العراقيّ قد ادّعی الوجدان بحدوث الخُلف -تقدّم المتأخّر- بسبب اتّحاد لحاظهما في آنٍ واحد -لا الملحوظ-.
مثلاً: العلم بالحكم مما يراه الانسان متأخرا عن الحكم فلو أخذ قيدا فيه او جزء لرآه متقدما كالحكم نفسه و هكذا ما هو بمنزلته مما ذكرنا فاذا صح الجواب عن الدليل الذي اقيم على امتناع أخذ العلم و نحوه في متعلقه كالدور فملاحظة هذا الوجه فى استكشاف امتناع اخذ العلم جزء أو قيدا في متعلقه تغنى عن غيره و لا يتجه أن يجاب عنه بما اجيب به عن غيره:
1. (ان قلت) ان دعوة الأمر الى ايجاد متعلقه إنما هي من آثار و شئون الأمر بوجوده الذهنيّ فى نفس المكلف لا من آثاره و شئونه بوجوده الخارجيّ (نظراً لقانون السنخیّة وفقاً لتصریح الاصفهانيّ حیث یَتوجَّب تصوّر الأمر مع قصده ذهنیّاً فالتّصویر الذّهني یُعدّ باعثَه نحو الخارج) و الأمر الذي وقع النزاع فى امكان أخذ دعوة الأمر جزء او قيدا فى متعلقه هو الأمر «بوجوده الخارجي الحقيقيّ» (للمکلّف فإنّ الخارج هو مستهدَف المولی) فلو اخذت دعوة الأمر (الذّهنیّة) جزءا و قيدا فى متعلقه لما استلزم ذلك شيئا من المحاذير المذكورة كما لا يخفى (إذ سیَقصُد المکلف الصّورة الذّهنیّة للحصّة الخاصّة ثمّ یَمتثلها ضمن الخارج فلا دور و لا خلف إذن إذ الموقوف قد غایرَ الموقوف علیه).
Ø (قلت) ما ذكرتَ إنما يجدي في دفع محذور الدور كما هو المشهور و اما المحذور (أي اجتماع لحاظین متنافِیَین -الوجود الذّهني مع الخارجيّ- ضمن آنٍ واحد فیُسبِّب معضلة تقدیم المتأخّر و عکسه) الذي اشرنا اليه فلا يكاد يجدي ما ذكر فى دفعه (الخلف) و ذلك لأن دعوة الأمر (قصد الأمر) و ان كانت من آثار العلم به (الأمر) إلا انها (نیّة الأمر) من آثار العلم الطّريقي (الذّهني للمکلّف) الى وجوده الخارجيّ فالمولى يرى في وجدانه (و یتصوّر) أن دعوة الأمر متأخرة عنه (الأمر الخارجيّ) فيمتنع عليه لحاظها جزءً أو قيداً في متعلق الامر في مقام انشائه لاستلزام ذلك التهافت فى نفس العلم (لدی تصور المولی) و التناقض في نفس اللحاظ (للمولی إذ سیتقدّم المتأخر و بالعکس) لا في المعلوم و الملحوظ (الخارجيّ) ليقال انه لا ضير في ذلك لامكان لحاظ الامور المتناقضة و تصورها.»[2]
إذن إنّ المحقّق العراقيّ قد رفض حتّی إمکانیّة «اللحاظ و التّصوّر» نظراً للخلف بینما المحقّقّ الآخوند -علی الأقلّ- قد رَحَّب بإمکانیَّتهما عقلاً رافضاً تحقّق «الملحوظ و المتصوَّر» فحسب -لا اللحاظ-.[3]
2. (ان قلت) لا ريب فى ان دعوة الامر الى ايجاد متعلقه إنما تتحقق بتحقق الامر خارجا (لا الذهني کي یدور أو یتخلّف) فيكون الامر بوجوده الخارجي متقدما على دعوته، و ما يؤخذ موضوعا للحكم إنما هي دعوة الامر بوجوده الذهني (فهو المتقدّم تصوّراً) و عليه لا يلزم ان يكون المتقدم فى اللحاظ متأخراً فيه (فلا خلف إذن).
Ø (قلت) لو كان المحذور فى المقام هو الدور لامكن دفعه بما ذكر و لكن المحذور هو التهافت و التناقض (أي الخُلف) فى نفس اللحاظ و ذلك لان الملحوظ (الخارجيّ) موضوعا ليس هو معنى الدعوة بوجوده التصوري بل هي حقيقة الدعوة بجعل معناها المتصور مرآة فانية فيها و حاكية عنها و اذا كان الملحوظ موضوعا هي حقيقة الدعوة لزم محذور التهافت و التناقض في اللحاظ (تصور المولی) كما اشرنا اليه (حیث علیه إمّا أن یَتصوّر تقدّم القصد أو تأخّره بینما لحاظ أیّهما یتفرّع علی لحاظ الآخر).
إشکالیّة تجاه تفکیک المحقّق الاصفهانيّ
لقد شعَّب المحقّق الاصفهانيّ الوجود إلی علميّ ذهنيّ و إلی ملحوظ خارجيّ ثمّ أفنَی الطّریق العلميّ في الخارجيّ إذ لا یَمتلک وجوداً مستقلاً خارجاً، فبهذا التّشعیب قد حَلَّ عُقدة الخلف -بأنّ المکلّف الخارجيّ سیَنوي التّصویر الذّهنيّ للمولی-
بینما أساس هذا التّشعیب مهزوز إذ قد لوحظ وجود الأمر مع القصد وجوداً موحَّداً -لا وجودین- و لهذا سیَنمو الخُلف مجدَّداً إذ لا یَتغایر الموقوف و الموقوف علیه فإنّ الوجود الطّریقيّ الذّهنيّ یُعدّ مرآةً تجاه الخارج دوماً فکیف نَعتبر الوجود الذّهنيّ معیاراً للبحث و لا نَعتبر الوجود الخارجيّ معیاراً بینما ثِقل الأبحاث و المقاوَلات قد ارتَکزت علی «الأمر الشّخصيّ الخارجيّ للمولی» فإنّ المفترَض أنّ المولی قد وَضع القصد ضمن شخص الأمر الخارجيّ، فبالتّالي لم یَتخطّی المحقّق الاصفهانيّ عن استحالة الخلف.[4]
نَقضة تجاه «لحاظ» المحقّق العراقيّ
و نلاحظ علی المحقّق العراقي بأنّ عنصرَيِ «التّقدم و التّأخّر» یُعدّان وصفاً للملحوظ الخارجيّ -لا للّحاظ الذّهنيّ- فهو الذي سیَتقدّم و یتأخّر بینما «عملیّة اللّحاظ» عدیمة الحرکة.
أجل لو اتَّصف اللّحاظ بالتقدّم و التّأخّر بحیث نَفترِض أنّ «عملیّة لحاظ الأمر مع قصده» ستُقدِّم الأمر تارةً و تُؤخّره تارةً -عن القصد- بآنٍ و لحاظ موحَّد، لَحسُنت مقالة المحقّق العراقيّ و لَعاد الخُلف.
بینما الحقّ أنّ الملحوظ الخارجيّ هو المتلبِّس بالتّقدّم و التّأخّر، و من هنا سنَتلائم مع مقولة الکفایة: بأنّ «لحاظ المولی للحصّة الخاصّة» معقول ضمن عالم التّصوّر و الإنشاء إذ لا یَتوقّف هناک عنصر علی عنصر آخر بلحاظ واحد[5] بل سیَتصوّر المولی ملحوظین -الأمر و القصد- معاً ببرکة لحاظ متفرِّد، بینما المحقّق العراقيّ قد أجهَد نفسَه حینما وَصَّف «اللحاظ» بالتّقدّم و التّأخّر، فتورَّط في الخلف.
اصطناع استحالة أخری مستجدّة ثمّ القضاء علیها
لقد اصطَنَعنا ضمن الدّورة الأصولیّة السّالفة استحالة أخری لدی «اتّخاذ القصد ضمن المتعلّق» فإنّه سیُفضي إلی تقارن ملحوظَین متضادَّین حین إنشاء «الأمر» إذ سیَتصوّر المولی هذه الحصّة الخاصّة «مستقلّةً و آلیّةً» معاً بنفس اللّحظة، فإنّ قیدیّة «القصد» تعدّ آلیّةً جزئیّة للمتعلّق بینما تصوّر «المتعلّق» یعدّ مستقلاً تامّاً، فلو اتّخذ «القصد الآليّ» کجزء ضمن «المتعلّق الاستقلاليّ» بلحاظ واحد، لَانجرَّ إلی امتزاج متضادَّین ضمن «أمر» واحد.
بل ستَتشدَّد الاستحالة حینما نَری المولی یَهدِف إلی بعث المکلّف نحو الامتثال، فإنّ نفس «الأمر» -المستقلّ- سیُعدّ بنفسه طریقاً آلیّاً إلی الامتثال الخارجيّ بحیث سیَستتبِع اجتماعَ ملحوظَین أي:
- لحاظ الأمر مستقلاً.
- لحاظه آليّاً لأجل الامتثال لدی زمن واحد و ضمن شیئ متفرِّد.
· و لکنّا نَطمس هذه الإشکالیّة أیضاً:
Ø أولاً: إنّا نُمیِّز ما بین اللّحاظَین، فلو اعتبر المولی «الحصّة الخاصّة» بضمّ اللّحاظین الآليّ و الاستقلاليّ معاً ضمن لحظة موحَّدة، لتَجدَّد المحذور -الخلف أو الدّور- بینما المولی یَری «الحصّة الخاصّة» أحیاناً بلحاظ استقلاليّ و أحیاناً باعتبار أنّ «الأمر» -الحکم- سیقع علیها، و من ثَمَّ ستُصبح الحصّة الخاصّة آلیّةً إلی الامتثال فیُعدّ اللحاظ طریقیّاً آلیّاً بهذه النّظرة.
Ø ثانیاً: إنّ عملیّة «التّصوّر و اللّحاظ» بوُسعها أنّ تَکتنِف العنصرَ الآليّ و الاستقلاليّ معاً بلحظة واحدة، فلا نتورَّط في أيّة استحالة إطلاقاً، کما قرّرناه ضمن نقاشات «استعمال اللّفظ بأکثر من معنی».
---------------------
[1] عراقی ضیاءالدین. بدائع الافکار في الأصول (العراقي). ص230 نجف اشرف - عراق: المطبعة العلمية.
[2] نفس المصدر.
[3] فقد صرّح به الکفایة قائلاً: «الفساد ضرورة أنه و إن كان تصورها كذلك بمكان من الإمكان إلا أنه لا يكاد يمكن الإتيان بها (خارجاً) بداعي أمرها لعدم الأمر بها» (الکفایة طبع آل البیت ص73)
[4] و لکن یَبدو أنّ المحقّق الاصفهانيّ قد أفلَح في الإجابة إذ بإمکان المکلّف الخارجيّ أن یَنوي التّصویر الذّهنيّ للمولی -أي لحاظَه- حیث بإمکان المولی أن یَلحظ وجوداً ذهنیّاً للقصد ثمّ یَلحظ تحقّقه الخارجيّ أیضاً بلحاظَین و بالتّالي سیَتحقّق الملحوظ الخارجيّ وفقاً للحاظ المولی تماماً، فلا دور و لا خلف.
[5] فإنّ عالم التّصوّر سلیس المؤونة و لا یُعاني من المحاذیر العقلیّة.
نظری ثبت نشده است .