موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)
تاریخ جلسه : ١٤٠٣/١٠/٣٠
شماره جلسه : ۵۹
-
امتداد الهَجمة المَنیعة علی تفکیر «مقاصد الشَّریعة»
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
-
الجلسة ۳۵
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
-
الجلسة ۴۱
-
الجلسة ۴۲
-
الجلسة ۴۳
-
الجلسة ۴۴
-
الجلسة ۴۵
-
الجلسة ۴۶
-
الجلسة ۴۷
-
الجلسة ۴۸
-
الجلسة ۴۹
-
الجلسة ۵۰
-
الجلسة ۵۱
-
الجلسة ۵۲
-
الجلسة ۵۳
-
الجلسة ۵۴
-
الجلسة ۵۵
-
الجلسة ۵۶
-
الجلسة ۵۷
-
الجلسة ۵۸
-
الجلسة ۵۹
-
الجلسة ۶۰
-
الجلسة ۶۱
-
الجلسة ۶۲
-
الجلسة ۶۳
-
الجلسة ۶۴
-
الجلسة ۶۵
-
الجلسة ۶۶
-
الجلسة ۶۷
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين
امتداد الهَجمة المَنیعة علی تفکیر «مقاصد الشَّریعة»
لقد شرَحنا التّحقیقة الفَذَّة للمحقّق النّائینيّ حول «عدم تعلّق الأمر بالدّواعي الغَیبیّة و الملاکات الواقعیّة» ثمّ استَشهدنا ببرکة مقالته الممیَّزَة علی زَیف «مقاصد الشّریعة» أیضاً، بل و تعزیزاً لهذه النّقاط الحَصینة سنَتسایَر الآن بشکل أعمَق في بیاناته الرّصینة حیث قد فنَّد هذه الفکرَة المَهینة في حَقل آخر أیضاً قائلاً:[1]
«و توضيح ذلك يستدعى بسطاً من الكلام في المائز، بين باب الدّواعي (و الملاکات الواقعیّة) و بين باب المسبِّبات التّوليديّة، حتّى يتّضح أنّ الملاكات: هل هي من قبيل الدّواعي (بحیث لا تُعدّ علّة تامّة لتحقُّق العمل)؟ أو من قبيل المسبِّبات التّوليديّة (و الّتي تُعدّ علّة تامّة في تحقیق المطلوب بلا حاجة لتوسیط علّة أخری)؟ ......
- فنقول: إنّ المقصود الأصليّ و الغرض الأوّليّ للفاعل:
· تارةً: يكون هو بنفسه فعلاً اختياريّاً للمكلّف من دون نظر إلى ما يترتّب على ذلك الفعل من الأثر (و النَّتائج) بل إنّ نفس الفعل يكون مقصوداً بالأصالة، كما إذا كان مقصوده القيامَ أو القعود و أمثالَ ذلك.
· و أخرى: يكون المقصود الأصليّ و الغرض الأوّليّ هو الأثرَ المترتّب على ذلك الفعل الاختياريّ، بحيث يكون الفعل لمجرَّد المقدّميّة للوصول إلى ذلك الأثر (النّهائيّ) و هذا أيضاً:
Ø تارةً: يكون الفعل الاختياريّ تمامَ العلّة أو الجزءَ الأخير منها لحصول ذلك الأثر، بحيث لا يَتوسَّط بين الفعل و بين ذلك الأثر شيء آخر أصلاً (فتُسمّی المسبِّبات التّولیدیّة) كالإلقاء بالنّسبة إلى الإحراق، حيث إنّ أثر الإحراق يترتّب على الإلقاء في النّار ترتُّبَ المعلول على علّته، من دون أن يتوسَّط بين الإلقاء و الإحراق شيء أصلاً.
Ø و أخرى: يكون الفعل الاختياريّ مقدّمةً إعداديّة (و مقتضیةً) لترتّب ذلك الأثر المقصود، بحيث يَتوسّط بين الفعل الاختياريّ و بين الأثر أمورٌ أخَر (فتُسمّی دواعي تحقّق الأثر و مقتَضَیاتِه) كالزّرع، فإنّ الأثر المترتّب على الزّرع هو صيرورتُه سُنبلاً، و من المعلوم: أنّ الفعل الاختياريّ: من البذر و السّعي و الحرث، ليس علّة تامة لتحقّق السُّنبل، إذ يحتاج صيرورة الزّرع سنبلاً إلى مقدّمات أخَر متوسّطة بين ذلك و بين الفعل الاختياري، كإشراق الشّمس، و نزول الأمطار، و غير ذلك.
- فإن كان الأثر المقصود مترتّباً على الفعل الاختياريّ ترتُّبَ المعلول على علّته (و أولَد الأثرَ تماماً) من دون أن يكون هناك واسطة أصلاً (فعندئذ) أمكن تعلّق إرادة الفاعل به، نحو تعلّق إرادته بالفعل الاختياريّ الّذي هو السّبب لحصول ذلك الأثر «بداهةَ أنّ الأثر يكون مسبَّباً توليديّاً للفعل» (ففعل الإنسان هو الّذي قد ولَّد النّتاج المطلوب) و ما من شأنه ذلك يصحّ تعلّق إرادة الفاعل به، لأنّ قدرته على السّبب عينُ قدرته على المسبَّب (و الأثر) و يكون تعلّق الإرادة بكلّ منهما عينُ تعلّق الإرادة بالآخر[2] و يصحّ حمل أحدهما (السّبب و المسبَّب) على الأخر نحوَ الحمل الشّائع الصّناعيّ فيقال: الإلقاء في النّار إحراق (و بالعکس) إذ لا انفكاك بينهما في الوجود، و هذا الحمل و إن لم يكن حملاً شايعاً صناعيّاً بالعناية الأوّليّة، لأنّ ضابط الحمل الصّناعي هو الاتّحاد في الوجود، و لا يمكن اتّحاد الوجود بين العلّة و المعلول، إلاّ انّه لَمّا لم يمكن الانفكاك بينهما في الوجود و كان المعلول من رَشحات وجود العلّة صحَّ الحمل بهذه العناية (في المسبَّبات التّولیدیّة التي یَتحقّق النّتاج بنفس فعل الإنسان مباشرةً).
- و بالجملة: 1. كلَّما كان نسبة الأثر إلى الفعل الاختياريّ نسبةَ المعلول إلى العلّة التّامة أو الجزء الأخير من العلّة، يصح تعلّق إرادة الفاعل به نحو تعلِّقها بالفعل الاختياريّ. 2. و إن كان الفعل الاختياريّ من المقدّمات الإعداديّة (المقتضیة) للأثر المقصود، فلا يمكن تعلّق إرادة الفاعل به (کإرادة دواعي الشّارع و ملاکاته) لخروجه عن تحت قدرته و اختياره، و لا يمكن تعلّق الإرادة بغير المقدور، بل الإرادة الفاعليّة مقصورة التّعلّق بالفعل الاختياريّ (فحسب) و أمّا ذلك الأثر فلا يصلَح إلاّ أن يكون داعياً للفعل الاختياريّ، فمثل صيرورة الزّرع سنبلاً انّما يكون داعياً إلى الحَرث و السّقي، فظهر الفرقُ بين باب الدّواعي (الخارجة عن طاقة البشر) و بين باب المسبِّبات التّوليديّة (المُنجِبة للأثر المتَطلَّب مباشرةً کالإحراق).
- و حاصل الفرق: هو إمكان تعلّق الإرادة الفاعليّة بالمسبِّبات التّوليديّة (المستغنیة عن علّة وسیطة) دون الدّواعي (حیث لا یُتاح الأمر بها) لتوسّط أمور خارجة عن تحت القدرة بين الفعل الاختياريّ و بين الأثر المقصود، فلا يمكن تعلّق إرادة الفاعل به.
- و الضّابط الكلّيّ بين باب الدّواعي (المقتضیة) و بين باب المسبِّبات التّوليديّة، هو ما ذكرنا من أنّه إن كان الفعل الاختياريّ تمام العلّة أو الجزء الأخير منها لحصول الأثر، فهذا يكون من المسبِّبات التّوليديّة، و إن لم يكن كذلك بل كان أوّلَ المقدِّمات أو وسطَ المقدِّمات و كان حصول الأثر متوقِّفاً على مقدِّمات أخَر، فهذا يكون من الدّواعي (المقتضیة للتّأثیر).
- و حيث عرفت إمكان تعلّق إرادة الفاعل بما كان من المسبِّبات التّوليديّة، و عدم إمكان تعلّق الإرادة بما كان من الدّواعي (بحیث لا یَحقّ للمولی أن یأمر کالتّالي: «هَیِّأ المعراجیّةَ» الّتي تُعدّ داعیةَ المکلّف و ملاکاً واقعیّاً) فنقول: إنّ هناك ملازمةً بين الإرادة الآمريّة و الإرادة الفاعليّة، و إنّه كلّما صحّ تعلّق إرادة الفاعل به (و امتثاله فسوف) يصحّ تعلّق إرادة الآمر به، و كلّما لا يصحّ تعلّق إرادة الفاعل به لا يصح تعلق إرادة الآمر به، و السّر في ذلك واضح، لأنّ الإرادة الأمريّة إنّما تكون تحريكاً للإرادة الفاعليّة نحوَ الشّيء المطلوب (و الملاک الواقعيّ) فلابدّ من أن يكون ذلك الشّيء قابلاً لتعلّق إرادة الفاعل به حتّى تتعلّق به إرادة الآمر، فإذا فرض أنّه لا يمكن تعلّق إرادة الفاعل به لكونه غير مقدور له (کتحصیل الملاکات الواقعیّة) فلا يمكن تعلّق إرادة الآمر به، لأنّه يكون من طلب المحال.
- و حيث قد عرفت: أنّه لو كان نسبة الفعل الاختياريّ إلى الأثر الحاصل منه نسبةَ السّبب التّوليديّ إلى مسبَّبه التّوليديّ، كان تعلّقُ إرادة الفاعل بذلك المسبَّب بمكان من الإمكان، فيصحّ تعلّق إرادة الأمر بإيجاد ذلك المسبَّب (و الأثر) بل لا فرق في الحقيقة بين تعلّق الأمر بالسّبب أو بالمسبَّب (فسواء یأمر بالإحراق أو بإلقاء الشّیئ في النّار) لأنّ تعلّقه بالسّبب أيضاً لمكان أنّه يتولَّد منه المسبَّب (مباشرةً و بلا وسیط) و من هنا قيل: في[3] مقدّمة الواجب: إنّ البحث عن وجوب السّبب قليل الجدوى، إذ تعلّق الأمر بالمسبَّب هو عين تعلّقه بالسّبب و بالعكس ....... من غير فرق بين أن يتعلّق الأمر بالمسبَّب فيقول: أحرق الثّوب، و بين أن يتعلّق بالسّبب فيقول: ألق الثّوب في النّار، لما عرفت من أنّ الأمر بالإلقاء لا لمطلوبيّة نفس الإلقاء بما هو فعل من أفعال المكلّف، بل بما هو محصِّل للإحراق، فعند الشّك في حصول الإحراق لاحتمال دخل شيء فيه كان الّلازم فيه هو الاحتياط، و لا مجال للبراءة أصلاً، كما هو الشّأن في الشّكّ في باب المحصِّلات مطلقاً.
- هذا كلّه فيما إذا كان الأثر من المسبِّبات التّوليديّة لفعل المكلّف و أمّا إذا كان الأثر من «الدّواعي» (و الملاکات الواقعیّة) و كان الفعل من المقدِّمات الإعداديّة، فحيث لا يصحّ تعلّق إرادة الفاعل به فلا يصحّ تعلّق إرادة الأمر بإيجاده، لما عرفت من الملازمة، فمتعلّق التّكليف إنّما يكون هو الفعل الاختياريّ لا غير، و لو شكّ في اعتبار جزء أو شرط فيه تجري فيه البراءة، إذ ليس وراء الفعل شيء تعلّق التّكليف به، و المفروض أنّ الفعل المتعلَّق به التّكليف مردّد بين الأقل و الأكثر، فالبراءة العقليّة و الشّرعيّة أو خصوص الشّرعية تجري بلا مانع ........
إذا عرفت ذلك كلَّه، فنقول: إنّ باب الملاكات و علل التّشريع لا تكون من المسبِّبات التّوليديّة لأفعال العباد (و معیاراً لتکلیفهم بها) بل ليست العبادات بالنّسبة إلى الملاكات إلاّ كنسبة المقدّمات الإعداديّة (أي مقتضیة لتحقّق النّتاج إن شاء الله تعالی).
Ø و الّذي يدلّ على ذلك عدم وقوع التّكليف بها (الملاکات و المسبَّبات) في شيء من الموارد، من أوّل كتاب الطّهارة إلى آخر كتاب الدّيات. فالملاكات إنّما تكون من باب الدّواعي (المقتضیة للنّتیجة) لا المسبِّبات التّوليديّة، و ليست الصّلاة بنفسها علّةً تامّة لمعراج المؤمن و النّهى عن الفحشاء (لأنّها علّة إعدادیّة و مقتضیة لذلک الملاک و لیس أکثر) و لا الصّوم بنفسه علّة تامّة لكونه جنّةً من النّار، و لا الزّكاة بنفسها علة تامّة لنموّ المال، بل تحتاج هذه المقدّمات إلى مقدِّمات أخر، من تصفية الملائكة و غيرها حتّى تتحقّق تلك الآثار.
Ø كما يدلّ على ذلك بعض الأخبار. فإذا لم تكن الملاكات من المسبِّبات التّوليديّة (کالإحراق) فلا يصحّ تعلّق التّكليف بها، لا بنفسها، و لا بأخذها قيداً لمتعلّق التّكليف (کمختلَف الدّواعي نظیر القصد) فكما لا يصحّ التّكليف بإيجاد معراج المؤمن مثلاً، لا يصحّ التّكليف بالصّلاة المقيَّدة بكونها معراجَ المؤمن، إذ يعتبر في التّكليف أن يكون بتمام قيوده مقدوراً عليه، فإذا لم يصحّ التّكليف بوجه من الوجوه بالملاكات، لم يصحّ أن تكون هي الجامع بين الأفراد الصّحيحة للصّلاة، و لا أخذها معرِّفاً و كاشفاً عن الجامع، بداهةَ أنّه يعتبر في المعرِّف أن يكون ملازماً للمعرَّف بوجه، و بعد ما لم تكن الملاكات من المسبِّبات التوليدية لا يصحّ أخذ الجامع من ناحية الملاكات ..... بداهةَ أنّه بعد ما كانت الملاكات من باب الدّواعي و كان تخلّف الدّواعي عن الأفعال الاختياريّة بمكان من الإمكان، فكيف يصحّ أخذها معرّفاً أو قيداً للمسمَّى، فتأمل[4] جيّداً.»[5]
فرغمَ الإطناب الوسیع، إلا أنّها إجابة حکیمة و مستَحکَمةً تجاه أعوان «مقاصد الشّریعة» حیث یَعتقِدون عکسَ ما تلوناه علیک تماماً فیَضعون الأصل الأساسيّ للتّکلیف هي «الملاکات و الدّواعي» و یُرتّبون علیها الآثار الشّرعیّة و یُشرِّعون تشریعات بِدعِیّة.
فبالتّالي تَتحتَّم علینا ملاحظة «کیفیّة تحقّق الأثر النّهائيّ»:
· فلو حَقَّق لنا العنوانُ الخاصّ الأثرَ مباشرةً و بلا وسیط -بنحو العلیّة التّامة- لأصبَح «مسبِّباً تولیديّاً» بحیث سیَقدر المولی أن یأمر به تماماً، وذلک نظیر:
Ø ملاک حفظ العقل حیث قد وردت العلل المنصوصة بشأنه قائلةً: لأنّه مسکر، فحینئذ سیَتساوَی تعبیر المولی قائلاً: «لا تشرَب الخمر» -أي السّبب- أو قائلاً: «لا تَسکَر» -أي المسبَّب- فإنّ «الإسکار أو انحفاظ العقل» یُعدّ تمامَ العلّة للحکم، و حیث أصبح سبباً تولیدیّاً فأمکن تعلّق الأمر الشّرعيّ علیه أیضاً.
Ø و التّوصّلیّات حیث لا یَتفاوَت أن یُعبِّر المولی: «طهِّر ثوبک» أو یُعبِّر: «اسکُب الماءَ علیه» إذ بمجرّد أن یَتحقّق السَّبب -بأيّ نحو- فسیَتجلّی الأثر المسبَّب تلقائیّاً فیُعدّ المرء ممتثِلاً.
· و لکن لو لم یُحقِّق ذلک العنوانُ الخاصّ، الأثرَ النّهائيّ مباشرةً، لَعُدّ من «الدّواعي الباعثة و الملاکات الکامنة» لأنّه یُعتبَر جزءَ العلّة لا تمامَها، فسنَفتقِر إلی انضمام علّة أخری أیضاً کي تُنتِج أثرَها المتطلَّب، فلأجل هذه النّقطة قد عرِّفت الدّواعي و الملاکات، بالمقتضِیات و الفوائد المَزروعة في العمل، فنظراً لمجرّد داعویّتها، لم یَتعلَّق بها التّکلیف و لم نؤمَر بآثارها «کتحصیل المعراجیّة أو القربیّة أو....» و لم یَحِقّ لنا أن نَعتبرَها مصدراً تشریعیّاً کما زعمه أصحاب «مقاصد الشّریعة» لأنّها خارجة عن إدراک البشر -لنقصان عقله لإدراک أبعادها-[6] و لهذا تُعدّ مجرّدَ داع و محرِّک للمکلَّف بنحو العلّة الإعدادیّة -لا العلّیّة التّامّة للتّکلیف-.
Ø فلو رأینا المولی -صُدفة- آمِراً بالدّواعي و الملاکات، لَتوجَّب حملُه علی «تحصیل مقدِّماتها التي قد علَّمَنا» فحینما:
- أوصانا تعالی «بالذّکر الکثیر» قائلاً: «یاأیها الّذین آمنوا اذکروا الله ذکراً کثیراً» فقد نقَّح کیفیَّة هذا العنوان أیضاً بتسبیحات الزّهراء علیها السّلام و بسائر الأدعیة الشّریفة.
- و استَوجَب تعالی ملاک «التّقوی» فلم یَقصِد امتثالَه بأيّ شَکل و بنحو العلیّة التّامّة، کلا، بل قد دعا المکلّف لإعداد مقدّماته التّوقیفیّة -کالصّلاة و تجنّب المحرَّمات- فإنّها تُعدّ جزءَ العلّة للتّقوی، لأنّ «أثر التّقوی» لیس بید المکلَّف و لا یتحقّق بسرعة کالأسباب التّولیدیّة المذکورة.
- ألزَمنا بملاک «عدم الضّرر و الإضرار» فقد نَبَّهنا بأنّه داع و مقتضٍ صِرف بحیث لا یُسوِّغ لنا أنّ نُشرِّع تحریم «کلّ ضرر» کما یَصنعه أصحاب «مقاصد الشّریعة» بل «الضّرر المعتدّ به عقلائیّاً» -کالإهلاک- فهو المحرَّم جزماً لأنّه یُولِّد الأثرَ مباشرةً و بلا توسیط علّة، فیَندرج ضمن الأسباب التّولیدیّة و یَتعلّق به الحکم الشّرعيّ.
-----------------------------
[1] فوائد الأصول ج1 ص67-70.
[2] و قد علَّق المحقّق النّائینيّ هنا أیضاً قائلاً: «لا يخفى انّ باب العلة و المعلول غير باب العناوين التوليدية، فجعل الإلقاء و الإحراق من باب العلة و المعلول لا يخلو عن مسامحة، فعليك بمراجعة ما ذكرناه في أول مقدمة الواجب في ضابط البابين، و لكن لا فرق بين البابين في الجهة المبحوث عنها في المقام، فتأمل» (منه رحمه الله).
[3] و القائل هو صاحب المعالم (قدس سره)، فإنّه قد صرّح ضمن مبحث مقدّمة الواجب من المعالم قائلاً: «... فالّذي أراه ان البحث في السبب قليل الجدوى، لأن تعليق الأمر بالمسبَّب نادر، و أثر الشّكّ في وجوبه هيِّن» (معالم الأصول. ص 102).
[4] ثمّ قد علَّق المحقّق النّائینيّ هنا أیضاً قائلاً: «و كذا لا يمكن جعل الملاكات من قبيل الصور النوعيّة و الأجزاء من قبيل المواد على وجه لا يضر تبادلها ببقاء الصورة، فتكون الصلاة موضوعة بإزاء تلك الصورة القائمة بتلك المواد المتبادلة، حسب اختلاف حالات المكلّفين. و نقل ان شيخنا الأستاذ مدّ ظله كان يميل إلى هذا الوجه في الدورة السابقة، و لكن أشكل عليه في هذه الدورة بعين ما أشكل على الوجه الأول: من انّ تلك الصورة لا يمكن ان تكون متعلّق التكليف، مع انّه يلزم القول بالاشتغال، فتأمل» (منه رحمه الله).
[5] نایینی محمدحسین. فوائد الاُصول (النائیني). Vol. 1. ص72-73. قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
[6] فنظراً لقصور عقل البَشر المحدود، قد حدَّد لنا الشّارع -منذ البدایة- أسالیبَ التّقرّب و التّعبّد و التّذکّر و السّلوک الصّائب کتسبیحة الزّهراء سلام الله علیها و کأفعال الصّلاة و أعمال الصّیام و الزّکاة و الاعتکاف و... (الأستاذ المبجَّل).
نظری ثبت نشده است .