درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٣/١٠


شماره جلسه : ۱۰۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • صراع ساميّ مع المحقّق النّائینيّ

الجلسات الاخرى

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

صراع ساميّ مع المحقّق النّائینيّ

لقد اقتَبَس المحقّق النّائینيّ أصالة «الاختیار و الإرادة» عبرَ باعثیّة صیغة الأمر -لا من سائر الهیئات و الموادّ- قائلاً:

«تَمتاز هيئة «فعل الأمر» عن سائر الأفعال في اعتبار الاختياريّة و ذلك لأمرين ... الثّاني: هو أنّ نفس الأمر (و المطالَبة) يقتضى اعتبار الإرادة و الاختيار (و القدرة) مع قطع النّظر عن الحكم العقليّ، و ذلك لأنّ الأمر الشّرعيّ إنّما هو توجيه إرادة العبد نحوَ المطلوب و تحريك عَضَلاته، فالأمر هو بنفسه يقتضى اعتبار الإرادة و الاختيار، و لا يمكن أن يتعلّق بالأعمّ لأنّه بعث للإرادة و تحريك لها، و حینئذ لو قام دليل على سقوط التّكليف عند فعل متعلّقه بلا إرادة و اختيار، كان ذلك من قبيل سقوط التّكليف بفعل الغير (کما لو دَخل المتنجِّس عفویّاً إلی الماء فتَطهَّر) و هو يرجع إلى تقييد الموضوع (و مؤونة زائدة علی المولی) و (لکن) إطلاقُ الخطاب عند الشّكّ يدفع التّقييد المذكور (بالإرادة) فالأصل اللّفظيّ (الإطلاقيّ) يقتضى عدم السّقوط عند عدم الإرادة و الاختيار (فیُنتِج التّعبّدیّة نظیر بطلان عمل النّائم أثناءَ السّعي في سیّارته أو عَرَبته).»[1]

ثمّ اعترضه المحقّق الخوئيّ بثلاث إشکالیّات من مِنظاره -و سنُنازعه لاحقاً-.

· و ثمّة إشکالیّة رابعة مهزومة قد وجَّهها المتوهِّم تجاه المحقّق النّائینيّ زاعماً: بأنّ «مادّة الأمر» من زاویة «الملاک» تُعدّ مطلقة بحیث ستَصدق علی الحصّة المقدورة و غیرها، فبالتّالي حیث قد توفَّر الملاک في الحصّة العاجزة أیضاً فسیَتحقّق الامتثال حتّی بلا اختیاره و إرادته و قدرته و لهذا سیُجزئه العمل المتحقَّق تلقائیّاً -أي التّوصّلیّة-.

و کنَموذَج لتوفّر أساس «الملاک» سنُمثِّل بباب التّزاحم حیث یُقرّ المحقّق النّائیئيّ بترتّب المهمّ لدی إهمال الأهمّ نظراً لانحفاظ ملاک المهمّ واقعاً فبالتّالي قد صحَّح عبادیّةَ المهمّ -عبرَ ملاکه- و أفتی بإجزائه لدی مُغادَرة الأهمّ.

فالحصیلة: حیث قد استَخدَم المحقّق النّائینيّ عنصر «الملاک» ضمن باب التّزاحم فلیَستخدِمه أیضاً لدی التّکلیف «بغیر المقدور» فإنّه یَحظی بالملاک بحیث لو امتثَله عاجزاً أو بلا اختیار لأجزئَه، فلِمَ لم یُطبِّق الملاک هنا أیضاً؟ إذ قد استَیسَر للمحقّق النّائینيّ أن یَستخرِج الملاک بأسلوبَین:

1. إطلاق «ملاک المادّة» کالضّرب و الأکل حتّی للعاجز، فرغمَ أنّ التّخاطب «بالهیَئات و الصِّیَغ» سیَتطلَّب التّحریک و الإرادة و لکن لو لم یَتفعَّل الخطاب لَظلَّ الملاک ناشطاً للحکم حتماً فالمِقیاس الرّئیسيّ للامتثال یَکمُن في تنفیذ «ملاک المادّة» حتِّی بلا إرادة، بحیث سیَتقدَّم إطلاق المادّة علی ظهور الهیئة في لزوم الإرادة إذ قد امتُثل الملاک و انتهی موضوع العمل.

2. الدّلالة الالتزامیّة «لصیغة الأمر» حیث قد دلَّت بالمطابقة علی ثبات الحکم للمتعلَّق ثمّ أدلَت بالالتزام بتواجد ملاک واقعيّ ضمن المتعلَّق حتّی بحقّ العاجز فإنّ قاطبة الأحکام خاضعة للملاکات دوماً، فحتّی إن افتَرضنا انعدام حجیّة المطابقیّة ولکن ستَمتَدّ حجیّة الالتزامیّة إذ لا تتقوَّم حجیّة الالتزاميّة بحجیّة المطابقيّة و إنّما تَتفرّع علی «تواجد المطابقيّ» فحسب، فرغمَ أنّ المطابقيّة لا تُکلِّف العاجز إذ قد سُلبت حجیّتُها في غیر المقدور ولکنّ حجیّة الالتزاميّة فعّالة تجاهَ العاجز ملاکاً.

Ø و لکن نُحطِّم هذه الوَهمة:

- أوّلاً: رغمَ تسلّم الکبری -أي تواجد الالتزاميّة فرع تواجد المطابقيّة لا في الحجیّة- و لکنّ مقایَسة الدّلالة الالتزامیّة بحوارنا الحاليّ تعدّ خَطیئةً حضیضة إذ الحصّة غیر المقدورة عدیمة الوجود أساساً و لهذا قد اختصَّت الهیئة بالحصّة المقدورة فلم تُشرِّع حکماً لغیر المقدورة أبداً -لا أنّه یَوجَد حکم عدیم الحجیّة بالمطابقیّة- إذ القرینة اللُّبیّة المتّصلة -التّخاطب و إصدار الأمر- قد صرَفت ظهورَ هیئة الأمر إلی الحصّة المقدورة فحسب فبالتّالي قد حَجَبت ظهورها في غیر المقدورة.

فبالنّهایة یُعدّ مبحث «الالتزاميّة و المطابقيّة» أجنبيّ تماماً عن حوارنا الحاليّ.

- ثانیاً: نُخاصِم إطلاق المادّة و توفّر ملاکها تجاه غیر المقدورة إذ:

1. المحقِّقان النّائینيّ و الخوئيّ قد نَسَفا إطلاق المادّة -من حیث الإرادة و غیرها- تماماً فاعتقدا بمهملیّة المادّة من هذا البُعد حیث لیست بمقام تبیینها.

2. الصّراط الوحید للعُثور علی وجود الملاک و استشکافه هو «توفّر الأمر» فحسب ففي إطار التّشریعیّات لو لم نؤمَر بشیئ لَما استَخرَجنا ملاکها الواقعيّ بتاتاً، و لهذا قد انحرَفت الفرقة البکریّة حینما ابتَدعوا «الصّلاة التّراویح» استدلالاً بتوفّر ملاک الصّلاة فیها فشَرَّعوها بهذه الطّریقة البِدعیّة، بینما الشّیعة تَهتمّ «بصدور الأمر و عدمه» فعلی منواله لو امتَثل المهمّ -الصّلاة- تارکاً للأهمّ -الإنقاذ- لأجزَئه المهمّ وفقاً للتّرتّب نظراً لتوفّر الأمر، فبالتّالي إنّ هذا النّموذَج سیَنعکس تماماً علی الأمر بالحصّة المقدورة حیث نَفتقِد الأمر تجاه غیر المقدورة فلا ملاک فیها بل لا جامعَ ملاکيّ بینهما أساساً -مضادّاً للمحقّقَین النّائینيّ و الخوئيّ مسبَقاً- لأنّ الجامع الملاک أیضاً مرهون علی الأمر الشّرعيّ.

· و أمّا البَرهنة الثّانية الّتي استَمسَکها المحقّق النّائینيّ لتسجیل التّعبّدیّة بمعنی الاختیار و الإرادة فهي أنّ الامتثال تَرتَهن علی الحسن الفاعليّ الّذي یَفتَقر أیضاً إلی الإرادة و الاختیار فلو امتثله بلا إرادة لَما أطلِق الحّسن الفاعليّ بحقّه أساساً.

Ø و لکن نُجیبه:

- أوّلاً: بأنّا لا نَمتلک دلیلاً لکي نحصر الامتثال علی الحسن الفاعليّ إذ ربما امتَثل المکلَّف مع البغض علی مولاه فحیث سیَتحقّق الحسن الفعليّ فلا ضرورة لإناطة الامتثال بالحسن الفاعليّ حتّی نَستوجب الاختیار.

- و ثانیاً: وفقاً لتقریر المحقّق الخوئيّ لو اعتَبرنا الحسن الفاعليّ للامتثال لَتوجَّب أیضاً أن یَمتثل المکلَّف مع قصد الأمر دوماً حتّی یتحقّق الحسن الفاعليّ بینما هذا النّاتج سیَجعل کافّة الأعمال تعبّدیّة -بقصد الأمر- کي یتحقّق الامتثال و الحسن الفاعليّ، و لکنّه لازم مُزیَّف.

غیرَ أنّا نَرفُض هذه اللّازمة إذ سیَتوفَّر الحسن الفاعليّ بمجرّد عدم بغضه لمولاه، فلماذا نَحصُر الحسن الفاعليّ بقصد الأمر حتماً؟ بل لو امتَثله بلا قصد الأمر لانجلَی الحسن الفاعليّ و الانقیاد أیضاً.

---------------------------
[1] فوائد الاُصول (النائیني). Vol. 1. ص143 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .