درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٢/٧


شماره جلسه : ۸۳

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تتمیم المَنهج الرّاقي للمحقّق النّائینيّ حولَ الأغراض و الدّواعي

  • نَمَط تحلیل المحقّق الخوئيّ لبیانات المحقّق الخراسانيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

تتمیم المَنهج الرّاقي للمحقّق النّائینيّ حولَ الأغراض و الدّواعي

لقد میَّز المحقّق النّائینيّ ما بین:

- بَوَّابة الأغراض و الدّواعي حیث لا تُعدّ أسباباً تولیدیّة بوزان العلیّة التّامّة إذ عدیمة اختیار المکلَّف فإنّها ربما تتحقّق و ربما لا، نظیر المصلِّي الّذي یَقتحم الفحشاء و لا تعرُج به للسّماء ولا... و إنّما الأفعال و الامتثالات تُعدّ مُعِدّات و موطِّئات لتحقّق الأغراض، و حیث إنّ أعمالنا تمهِّد السّبیلَ فقط فلا تَحدُث أیّة أکذوبة لو أخبرنا بالمقاصد و الدّواعي -نظیر إنّ الصّلاة تَنهی عن الفحشاء- إذ لا تُعدّ الطّاعات علّة تامّة لحصول المقاصد بتّاً و مباشرة، و لهذا نَجِد قوله تعالی حول الصّیام: «لعلّکم تتّقون» مُفهِماً بأنّ الصّیام سیَقتضي توفّر التّقوی و أبعادها للصّائم لا کعلّة تکوینیّة قهریّة.

- و بین بَوَّابة التّکالیف الشّرعیّة.

فبالتّالي لو شککنا في دخالة قید ضمنَ الأسباب المُولِّدة غیر الاختیاریّة لَتحتَّم الاشتغال بإتیانه، نظیر الشّکّ في باب الأغراض و الدّواعي -الّتي ربما تؤثِّر خارجاً و ربما لا- حیث یَتوجّب الاشتغال «بقصد الأمر» لأنّه اختیاريّ إفراغاً للذّمة و تنفیذاً للمُهِمّة.

و لکن رغمَ أنّ هذه المَنهجَة الرّصینة تُعدّ مُمیَّزة و حصینة و ذا ثِمار ثمینة فقهیّاً و أصولیّاً، إلا أنّ المحقّق النّائینيّ لم یَنجَح في تفسیر بیانات الکفایة قد ابتَعد کثیراً فإنّ المحقّق الآخوند قد تحدَّث حول إخراج العُهدة لدی الارتیاب في الأقلّ و الأکثر فزَهَق البرائةَ العقلیّة بأشکالها تماماً و استَوجَب الاحتیاط -بقصد الأمر- جازماً بلا مِریة، بینما المحقّق النّائینيّ لم یُلوِّح إلی هذه النّقاط إطلاقاً بل فسَّر تقریب أستاذه بأسلوب مغایر تماماً حیث قد طَرَح الفوارقَ ما بین المحصِّل الشّرعيّ و بین العقليّ ثمّ ارتَطَم في الأسباب التّولیدیّة و تشریح أبعاد حدیث الرّفع و غیرها، بینما الکفایة منذ البدایة قد باشرَ «قبح العقاب بلا بیان» ثمّ استَحضَر الاستقلال العقليّ بأنّه بیان للاشتغال الیقینيّ فلا أرضیّة للبرائة أساساً.

نَمَط تحلیل المحقّق الخوئيّ لبیانات المحقّق الخراسانيّ

و أمّا المحقّق الخوئيّ فقد حلَّل مقالة الکفایة بنَمَط آخَر قائلاً:

«و أمّا على ضوء نظريّة المحقّق صاحب الكفاية (قده) فالمرجِع هو قاعدة الاشتغال دون البراءة: و السّبب في ذلك هو أنّ أخذ قصد القربة في متعلَّق الأمر شرعاً حيث إنّه لا يمكن: لا بالأمر الأوّل و لا بالأمر الثّاني فبطبيعة الحال يكون اعتباره بحكم العقل من جهة دخله في «غرض المولى» و عليه فمتى شكّ في تحقّقه فالمرجِع هو الاشتغال دون البراءة: النّقليّة و العقليّة، و لا يخفى أنّ ما ذكره (قده) هنا يشترك مع ما ذكره (قده) في كبرى مسألة الأقلّ و الأكثر الارتباطيَّين في نقطة و يفترق عنه في نقطة أخرى:

- أمّا نقطة الاشتراك و هي أنّ العقل كما يستقلّ بوجوب تحصيل «الغرض» هناك عند الشّكّ في حصوله كذلك يستقلّ بوجوب تحصيله هنا، النّتيجة أنّ حكمه (قده) بلزوم «تحصيل الغرض» هنا يقوم على أساس ما بَنی عليه في تلك المسألة من استقلال العقل بذلك عند الشّكّ في حصوله.»[1]

- و أمّا نقطة الافتراق و هي أنّه (قده) قد التَزم بجريان البراءة الشّرعيّة هناك و لم يلتزم بجريانها في المقام، و الوجه في ذلك هو أنّ المكلَّف عند الشّكّ في اعتبار شيء في العبادة كالصّلاة مثلاً كما يَعلم إجمالاً بوجود تكليف مردَّد بين تعلّقه بالأقلّ أو بالأكثر كذلك يعلم إجمالاً بوجود غرض مردّد بين تعلقه بهذا أو ذاك (أي مع القصد أم بدونه) و حيث إنّ هذا العلم الإجماليّ لا ينحلّ إلى علم تفصيليّ و شكّ بدويّ فبطبيعة الحال مقتضاه وجوب الاحتياط -و هو الإتيان بالأكثر- و معه لا تجري أصالة البراءة العقليّة.

Ø و أمّا البراءة الشّرعيّة فلا مانع من جريانها (لدی الکفایة ضمن أبحاث الأقلّ و الأکثر) و ذلك لأنّ مقتضى أدلّة البراءة الشّرعيّة هو رفع الشّكّ عن التّقييد الزّائد المشكوك فيه فلو شككنا في جزئيّة السّورة مثلاً للصّلاة فلا مانع من الرّجوع إليها لرفع جزئيّتها، و إذا ضممنا ذلك إلى ما علمناه إجمالاً من الأجزاء و الشّرائط (المعلومة) ثبت الإطلاق ظاهراً -و هو وجوب الأقلّ- و السّرّ في جريان البراءة الشّرعيّة هناك و عدم جريانها هنا (لدی قصد الأمر) واضح و هو أنّ البراءة الشّرعيّة إنّما تجري فيما يكون قابلاً للوضع و الرّفع شرعاً، و أمّا ما لا يكون كذلك (کقصد الأمر) فلا تجري فيه، و حيث إنّ الأجزاء و الشّرائط قابلتان للجعل فلا مانع من جريان البراءة الشرعية فيهما عند الشّكّ في اعتبارهما، و هذا بخلاف قصد القربة حيث إنّ جعله شرعاً غير ممكن لا جزءً و لا شرطاً لا بالأمر الأوّل و لا بالأمر الثّاني فبطبيعة الحال لا تجري البراءة فيه عند الشّكّ في اعتباره و دخله في الغرض.

ثمّ استَأنف اعتراضَه علی الکفایة قائلاً:

«فما ذكره (قده) من التّفرقة بين مسألتنا هذه (أي قصد الأمر) و مسألة الأقلّ و الأكثر الارتباطييَّن متين على ضوء نظريّته (قده) فيهما و أمّا إذا منعنا عنها (التّفرقة) في كلتا المسألتين أو في إحداهما لم يتمّ ما أفاده (قدّه) و حيث إنّها ممنوعة و خاطئة في كلتا المسألتين فلا مناص من الالتزام بعدم التّفرقة بينهما:

- أمّا في هذه المسألة فلما عرفت من أنّه لا مانع من أخذ قصد القربة في متعلَّق الأمر، فحاله حال بقيّة الأجزاء و الشّرائط من هذه النّاحية.

- و أمّا في تلك المسألة فلِما حقّقناه هناك من أنّه على فرض تسليم حكم العقل بالاشتغال فيها و الإتيان بالأكثر فلا مجال لجريان البراءة الشّرعيّة أيضاً، و السّبب في ذلك هو أنّها لا تُثبت ترتّب الغرض على الأقلّ إلّا على القول بالأصل المثبِت حيث إنّ لازم نفي الوجوب عن الأكثر هو وجوب الأقلّ و وفائه بالغرض، و من المعلوم أنّ أصالة البراءة لا تُثبت هذا اللّازم .....

و التّحقيق في المقام أن يقال: إنّه لا مانع من جريان أصالة البراءة العقليّة و الشّرعيّة في كلتا المسألتين، و ذلك لما فصَّلناه هناك بشكل موسَّع و ملخَّصُه: هو أنّ الغرض لا يزيد على أصل التّكليف، فكما أنّ «التّكليف» ما لم يصل إلى المكلَّف لا يحكم العقل بتنجّزه و وجوب موافقته و قبح مخالفته و غير ذلك، فكذلك «الغرض» فإنّه ما لم يصل إليه لا يحكم العقل بوجوب تحصيله و استحقاق العقاب على مخالفته (مضادّاً للکفایة) بداهة أنّ العقل إنّما يستقلّ بلزوم تحصيله بالمقدار الواصل إلى المكلَّف الثّابت بالدّليل (أي الأقلّ) و أمّا الزّائد عليه فلا يحكم بوجوب تحصيله لأنّ تركه غيرُ مستنِد إلى العبد ليصحّ عقابه عليه، بل هو مستنِد إلى المولى، فإذن العقاب على تركه عقاب من دون بيان و هو قبيح عقلاً.»[2]

-----------------------------
[1] خوئی ابوالقاسم. 1410. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. قم - ایران: انصاريان.
[2] نفس الیَنبوع. ص 194-198


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .